قراءات سياسية » دراسة المفاوضات النووية: إيران بعد الـ 100 يوم الأولى من حكم روحاني


مارك دوبويتز (المدير التنفيذي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات) ـ جلسة استماع أمام لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية
واشنطن ـ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013


أدلى المدير التنفيذي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مارك دوبويتز بشهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول الملف النووي الإيراني والاوضاع في إيران بعد 100 يوم على حكم الرئيس الإيراني الشيخ الدكتور حسن روحاني، وجاء فيها:

' الرئيس رويس، أصحاب المعالي إنجل، وأعضاء اللجنة المحترمين، نيابة عن 'مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات'، أتقدم بالشكر لكم على دعوتي للادلاء بشهادتي اليوم حول هذا الموضوع الهام.

مقدمة
بعد الـ 100 يوم الأولى للرئيس الايراني حسن روحاني في منصبه، لا تزال الجمهورية الإسلامية تقمع مواطنيها، وتساهم في ذبح المدنيين السوريين. في حين لم يحقق روحاني سوى وعد واحد فقط من وعوده الـ 46 في حملته الصريحة، إعادة فتح دار السينما الايرانية (سينما خانه)، وقد يفي بعد بوعده الأهم: تخفيف العقوبات الاقتصادية من دون تقديم تنازلات نووية ذات مغزى النووية للغرب.
لكن لولا التدخل الفرنسي في اللحظة الأخيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكان الرئيس الإيراني الجديد قد سجل انتصاراً كبيراً في جنيف. لقد بدا أن الإدارة الأمريكية على استعداد لتقديم عشرات المليارات من الدولارات في مجال التخفيف من العقوبات التي لا رجعة فيها، بالإضافة إلى تخفيف العقوبات من جانب واحد عن طريق منع فرض عقوبات جديدة في الكونغرس، في مقابل وعد بتنازلات نووية قابلة للانعكاس والتي لا تعيد أو تجمد ما يكفي من عناصر البنية التحتية العسكرية النووية الايرانية الحساسة. بعبارة أخرى، لقد وفى روحاني تقريباً بتعهده لنائب المفاوض النووي عباس أراقشي بعدم 'السماح حتى لغرام واحد من اليورانيوم بالخروج من البلاد'. وقد دافع تقريباً عن النائب الايراني المحافظ علي مطهري الذي أعلن قائلاً، 'إن المفاوضات لا تتطلب التنازل، بل إن المفاوضات أداة لتمكيننا من الحصول على تنازلات'.
سوف تستأنف مفاوضات جنيف في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني. وليس هناك ما يشير إلى أن إدارة أوباما سوف تعزز تأثيرها التفاوضي من خلال إنهاء معارضتها لفرض عقوبات جديدة في الكونغرس. إن مثل هذا النهج قد يؤدي في نهاية المطاف إلى السلاح النووي الإيراني.

1. ' أزمة حقوق الإنسان المعمقة' في إيران
وفقاً للدكتور أحمد شهيد، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بوضع حقوق الإنسان في إيران، وتقريره بعد مائة يوم من رئاسة روحاني، هناك 'أزمة حقوق إنسان معمقة ' في إيران. ويقول الشهيد في تقريره: 'إن وضع حقوق الإنسان في إيران لا يزال يتسم بالانتهاكات النظامية والمنهجية للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية '.
يستمر الترهيب والانتهاكات ضد المعارضة السياسية في إيران. ففي الشهر الماضي فقط، ضرب عملاء الاستخبارات بنات المرشح الرئاسي في عام 2009 وزعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوي، الذي لا يزال قيد الإقامة الجبرية، عندما كن يزرن والدهن.
في الواقع، ومنذ تولى روحاني منصبه، تسارع معدل الإعدام. وقد ذكر هادي قائمي، المدير التنفيذي للحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران بأنه: 'منذ تولي روحاني منصبه، يتم  إرسال عدد متزايد من السجناء إلى حبل المشنقة' عقب محاكمات جائرة. فخلال فترة الأسبوعين في ايلول/ سبتمبر التي تزامنت مع رحلة روحاني الى الأمم المتحدة، حصل عدد قياسي من عمليات الإعدام.
خلال حملته الرئاسية، قال روحاني إن ايران ستبدأ بـ ' احترام الأقليات والسماح لأفرادها بممارسة شعائرهم الدينية ' وأضاف، ' ينبغي لكل الشعب الإيراني أن يشعر بوجود عدالة. العدالة تعني المساواة في الفرص. إن جميع الأعراق، جميع الأديان، وحتى الأقليات الدينية، يجب أن تشعر بوجود العدالة. فلتحيَ  حقوق المواطنة ! '.  مع ذلك، تضطهد إدارة روحاني الأقليات الدينية.
وفي أوائل تشرين أول/ أكتوبر، على سبيل المثال ، حُكم على أربعة مسيحيين إيرانيين بـ 80 جلدة لكل منهم لشربهم الخمر أثناء تناولهم القربان ولامتلاكهم هوائي الأقمار الصناعية. وتواصل وكالات الاستخبارات الإيرانية سجن المتحولين إلى المسيحية بسبب معتقداتهم الدينية.
في الوقت نفسه، لا تزال الطائفة البهائية  تعاني أيضاً ـ المجتمع الذي يفتقر إلى الحماية بموجب القانون الإيراني. وكما تشير وكالة أخبار العالم البهائية:
... تشير تقارير مكتبنا، في الواقع، إلى  تفاقم الحالة التي يواجهها البهائيون في إيران. ... وتبقى الطائفة البهائية في إيران، على غرار العديد من الأقليات الأخرى في ذلك البلد، محرومة من حقوقها الأساسية ، بما في ذلك، في النهاية، الحق في الوجود كمجتمع قابل للحياة. يجب تحميل الحكومة الايرانية المسؤولية عن هذا النفاق والكيل بمكيالين .
بالإضافة إلى ذلك، وبدلاً من أن تكون جادة في ' إحياء جمعية الصحفيين الإيرانيين ،' لا تزال إدارة روحاني  منخرطة على نطاق واسع في رقابة شبكة الانترنت وإغلاق ما يصل إلى أكثر من 5 ملايين موقع على الشبكة. وبدلاً من اطلاق سراح 40 صحفيا على الأقل و 29 مدوِّنا يقضون حالياً عقوبة بالسجن في إيران ، ضاعف النظام من قمعه، فحظر صحيفة ' بهار' اليومية الاصلاحية . واتهم أيضاً محمود علوي، وزير الاستخبارات في حكومة روحاني، صحفيين مستقلين في تفكيرهم بأنهم عملاء للأجانب، وهو تهديد مبطن يشجع على الرقابة الذاتية.

2 . دعم إيران لنظام الأسد
توفر الإجراءات التي تتخذها إيران في سوريا ودعمها أيضاً للرئيس الأسد نافذة على روح النظام ورئيسه الجديد . فلو أن روحاني كان يريد استخدام نفوذه ورأسماله السياسي خلال الـ 100 يوم الأولى من ولايته الأولى لإثبات أنه يسعى إلى اتجاه جديد لإيران، فقد كان بإمكانه التقليل من دعم إيران الكامل والمكثف للنظام السوري في ذبح شعبه.
حتى الآن، لم نشهد سوى العكس. وفي حفل تنصيبه، قال روحاني لرئيس الوزراء السوري وائل حلقي، 'لا قوة في العالم يمكنها أن تهز العلاقات المتينة والاستراتيجية والتاريخية التي تربط البلدين برابط الصداقة. ... إن العلاقات السورية الإيرانية تستند على التفاهم والمصير المشترك '.
وبشكل ينم عن الكثير من الأمور، وخلال السنة الأولى من حملة الأسد الوحشية المتزايدة ضد شعبه، عمل روحاني كممثل لخامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي. وتعهد مراراً وعلناً بدعمه لنظام الأسد ضد ما يسميه ، وبشكل مثير للسخرية، 'التدخل الأجنبي' و'الأعداء في المنطقة، وخاصة النظام الصهيوني'.
في الوقت نفسه، وبينما يدعي روحاني أن الشعب الإيراني يعاني في ظل العقوبات، لا تزال الحكومة روحاني توفر لنظام الأسد خط ائتمان بقيمة 3.6 مليار $، ناهيك عن كبار المستشارين العسكريين والاستخبارات للمساعدة في قمع المتمردين وقتل المدنيين السوريين. ويواصل الحرس الثوري الإسلامي (الحرس الثوري الإيراني) تدريب الآلاف من رجال الميليشيات والمتطوعين للقتال في سوريا. وبتوجيه من طهران، ينخرط مقاتلو حزب الله اللبناني والمتطوعون العراقيون الشيعة، والقوات البرية في الحرس الثوري في الحرب وذلك بالاشتباك العسكري المباشر مع المتمردين. وقد خاض المستشارون العسكريون في الحرس الثوري أيضاً الحرب في معارك رئيسة.
خلاصة القول، إن إيران هي سبب كبير لسقوط القتلى في سوريا والبالغ عددهم أكثر من 120000 قتيل.

3. ' صفقة نووية سيئة أفضل من لا صفقة'

قبل كل شيء، لقد جعل روحاني الأولوية لديه التخفيف من ضغط العقوبات على إيران لردعها عن برنامجها النووي غير المشروع. في الواقع، لقد راهن بمستقبله السياسي من أجل تخفيف العقوبات مع الحفاظ على العناصر الأساسية لبرنامج الأسلحة النووية. وكان هذا عاملا محفزاً لهجومه الساحر الدبلوماسي، الذي تمخض فعلاً عن نتائج مثيرة للإعجاب.
لقد استجابت مجموعة الدول 5+1 لمبادرات روحاني الدبلوماسية مع العملية الدبلوماسية في جنيف. وعلى الرغم من بياناتهم المعاكسة لذلك، يبدو أن المفاوضين الأمريكيين يعتقدون بأن 'الاتفاق السيئ أفضل من عدم وجود اتفاق'. وقد قلصت إدارة أوباما من تأثيرها التفاوضي بالفعل من خلال تخليها عن فرض عقوبات اقتصادية إضافية كوسيلة لاقناع طهران بتفكيك برنامجها النووي- العسكري بطريقة قابلة للتحقق من ذلك، بما في ذلك تعليق كل عمليات التخصيب وإعادة المعالجة، كما تشترط قرارات متعددة صادرة عن مجلس الأمن الدولي.
قوضت إدارة أوباما أيضاً التأثير الرادع للخيار العسكري الأميركي. وحذر مسؤولون كبار في الادارة الامريكية مراراً وتكراراً من وجود مخاطر جسيمة للضربات العسكرية الاستباقية الأميركية أو الإسرائيلية. إن الرسالة الفاشلة والقرار النهائي بالانكماش والابتعاد عن التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد نظام الأسد في سوريا في سبتمبر/ أيلول قد قلصت المصداقية الأميركية أيضاً. ومع تعزيز التدابير الاقتصادية وسحب الخيار العسكري من على الطاولة، تأمل إدارة أوباما الآن بأن يكون بإمكانها الآن الحد من الطموحات النووية للجمهورية الإسلامية عن طريق الدبلوماسية وحدها، وأن يؤدي ذلك إلى نظام تحقق وتفتيش مبني على الثقة مع القيادة الإيرانية التي لديها سجل حافل من الكذب المطلق على مدى ثلاثة عقود طويلة.
لجعل هذا القرار منطقياً لأجل إبرام اتفاق نووي مؤقت لا يرقى فعلاً حتى إلى الحد الأدنى من المتطلبات التي أوصى بها خبراء نوويون، تراهن إدارة أوباماعلى أمل أن يكون روحاني ' براغماتيا ' حقيقيا. ويشار الى ان نظرية المفاوضات في البيت الأبيض تفترض أن يؤدي تخفيف العقوبات ومطالب الحد الأدنى النووية إلى تهميش المتشددين في الحرس الثوري وإعطاء روحاني المجال السياسي لتسويق صفقة نووية أكثر شمولا لدى رئيسه، المرشد الأعلى علي خامنئي.
تاريخياً، إن التعويل على 'البراغماتية' الإيرانية لم يعط ثماره أبدا. فـ'البراغماتية' لا تجعل القادة الإيرانيين أقل التزاماً بالسلاح النووي، أو أقل مناهضة للولايات المتحدة، أو أكثر معارضة لاعتبار الإرهاب فن حكم. كان جميع اللاعبين الرئيسيين في برنامج الأسلحة النووية في إيران، بما في ذلك راعي روحاني علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الدومو الرئيس السابق لرجل الدين السياسي وأب البرنامج النووي الايراني، المرشد الأعلى علي خامنئي، وحتى المتشدد محمود أحمدي نجاد، واقعيين سياسياً عندما كانت الظروف تتطلب ذلك. وكالآخرين، يريد روحاني كل من القنبلة وتخفيف العقوبات.

صفقة جنيف المقترحة لن تمنع النووي الإيراني
ذهب القادة الإيرانيون إلى جنيف الأسبوع الماضي لسبب واحد: لاختبار همة باراك أوباما. فلو تم التوقيع في نهاية الأسبوع الماضي، لكان اتفاق جنيف تجاهل تاريخ إيران من الخداع النووي وسمح لطهران بالإبقاء على العناصر الأساسية لبرنامجها القديم للأسلحة النووية.
يعرف المسؤولون في إدارة أوباما أن روحاني يكذب عندما يقول ان الجمهورية الاسلامية لم يكن لديها قط أي نية لبناء سلاح نووي. وقال مهندسون نوويون إيرانيون منشقون لمسؤولين أميركيين في أواخر الثمانينات بأن برنامج الملالي، الخفي آنذاك، قد صُمم خصيصاً لمثل هذه الأسلحة. وإن الـ 19000 جهاز طرد مركزي، مصنع الماء الثقيل، برنامج الصواريخ البالستية القوي، والاختبار المزعوم لاطلاق التكنولوجيا النووية – كل شيء تعقبته أجهزة الاستخبارات الغربية منذ ذلك الحين- تتطابق مع تلك الأمور التي تم الكشف عنها مبكراً.
وبالتالي، لا يبدو أن مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات تقوم على توقع الصدق من الإيرانيين. فلو كان ذلك، لما كان الرئيس أوباما يرسل وزير الخارجية جون كيري إلى جنيف قبل أن تصبح طهران نظيفة من خداعها الماضي. حتى أن سلوك حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا – ذات الشفافية الكاملة بشأن عسكرة برنامجها النووي- ليس متوقعاً من إيران.
إن توقعاتنا المتدنية نابعة من الخوف. فواشنطن ليست على استعداد للذهاب إلى الحرب مرة أخرى في الشرق الأوسط، حتى للدفاع عن أمننا القومي، والايرانيون يعرفون ذلك. ويواصل البيت الأبيض التحذير من أنه إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها 'متطرفين' في مطالبهم، فإن المحادثات سوف تفشل. إطلبوا أموراً كثيرة - تعليق كل عمليات التخصيب وإعادة المعالجة كما تطالب خمسة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي –  وسيبتعد الإيرانيون عن طاولة المفاوضات. المشكلة هي أن الإدارة ليست على استعداد حتى لاقتراح ما يدعوه الخبير النووي ديفيد أولبرايت شروط 'الحد الأدنى غير القابلة للاختزال' - شروط الحد الأدنى الخمسة المطلوبة لتأخير مسار إيران الثنائي لانتاج قنابل اليورانيوم والبلوتونيوم، والتقليل من مخاطر السرية الإيرانية لمرافق تخصيب اليورانيوم. وتشمل تلك الشروط:
1 ) يجب على إيران وقف كل تركيب لأجهزة الطرد المركزي وتعطيل وحدات الطرد المركزي التي تتجاوز الثلاثة الممسكة بـ 9000 جهاز IR- 1 للطرد المركزي .
2 ) يجب على إيران وقف كل إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20٪ وتحويل جميع اليورانيوم المخصب بنسبة 20 ٪  إلى أوكسيد أو شحنه إلى خارج البلاد .
3 ) يجب على إيران وقف بناء مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل .
4 ) يجب على إيران القبول بمتطلبات التفتيش / المراقبة الجديدة، بما في ذلك وجود الكاميرات في جميع مواقع محطات الطرد المركزي أو عمليات التفتيش اليومية.
5 ) يجب على إيران تجميد تصنيع أجهزة الطرد المركزي على الفور.
خلافا لاتفاق أولبرايت غير القابل للاختزال، يقال بأن اتفاق جنيف لم يطالب إيران بإزالة أو تعطيل أي من أجهزة الطرد المركزي الأخرى. لم يُطلب من إيران معالجة تصنيع أجهزة الطرد المركزي، الإنتاج الجاري للآلاف من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والأكثر كفاءة، ( عنصر أساسي لبرنامج إيران للتخصيب السرية )؛ وكما أوضح الاعتراض الفرنسي، فإن إيران لم تتراجع عن مسار البلوتونيوم النووي، عوضاً عن السماح باستمرار البناء في اراك. في الواقع، إن صفقة جنيف المقترحة كانت لتسمح لإيران بالحفاظ على قدرة اختراق اليورانيوم التي لا تزال خطرة مع وجود ما يكفي من أجهزة الطرد المركزي لهذه الخطوة، في الوقت الذي تختاره ، لعسكرة برنامج اليورانيوم. ببساطة،  كان يمكن لكل تنازل نووي إيراني العودة والتراجع عنه بسهولة في فترة زمنية قصيرة جداً .
بعبارة أخرى، لقد قدمت إدارة أوباما لإيران اتفاق ' من المستحيل قول لا ' بدلا من استخدام نفوذها وتأثير عقوباتها الواسعة النطاق للمطالبة بوقف جميع عمليات التخصيب وإعادة المعالجة على النحو الذي طالبت به خمس قرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي.

الضربات الاستباقية لسياسة العقوبات الأمريكية
إن التخفيف الكبير للعقوبات المقدم للايرانيين في هذه المرحلة هو خطأ. فنظام العقوبات الموجود حالياً يعمل لأن شركات الطاقة، المؤسسات المالية، شركات التأمين وشركات الشحن، وغيرها، قد قطعت العلاقات التجارية مع إيران لأنها تعتقد بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات ضد المخالفين. وإذا ما سمحت الولايات المتحدة للأنشطة المعرضة للعقوبات بالحدوث، فإن ذلك يمكن أن يفتح باب الطوفان على مصراعيه. فالشركات التي اختارت وقف النشاط في إيران بدلاً من المخاطرة بتصرف أميركي ما ضدها ستعاود الدخول إلى سوق الطاقة والشحن والقطاعات المالية الإيرانية. وهذا من شأنه أن يحقق مكاسب مالية ضخمة غير متوقعة لإيران.
ولطالما اعتمدت فعالية العقوبات على استراتيجية التصعيد، حيث جعلت شبكة من القيود الآخذة في التوسع المشاريع الأجنبية التي تريد الاستثمار في إيران تشعر بالخوف. أما الشركات المنتهكة للعقوبات، التي يوجد منها أكثر من تلك التي قامت الإدارة بمعاقبتها، فليست بالأمر المهم حقاً، لأن واشنطن ( الكونغرس في الواقع ) خلقت انطباعاً بأنها تعتزم تطويق إيران بحقل من الألغام الاقتصادية.
لقد كان تأثير العقوبات نفسياً بقدر ما كان قانونياً. لذلك، وعندما تبدأ الادارة بتخفيض العقوبات مقابل القليل في المقابل، فإن الانطباع العام في الخارج – الذي تعززه الاعتراضات الفرنسية للموقف الأمريكي اللين في جنيف - هو أن إرادة البيت الأبيض آخذة في الانحدار. يجب على الإدارة، خاصة الآن، أن تعاقب الشركات الأجنبية، حتى تلك التي لحلفائنا الأوروبيين، للحفاظ على الديناميكية النفسية من الانقلاب الى العكس. فضلاً عن ذلك، سيكون على الإدارة أيضاً أن تزيد حتى، وبشكل كبير، من إشرافها على قنوات التجارة الإنسانية المشروعة مع إيران، لمنع إساءة استخدام هذه الممرات.
أما طهران، في الوقت نفسه، فتشعر بأن نظام العقوبات يتداعى. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن إدارة أوباما قد عرضت بالفعل تخفيفاً واسعاً للعقوبات قبل بدء جولتيْ المفاوضات في جينيف. وتحسباً لتمهيد الطريق لفرض عقوبات، يشجع النظام الإيراني الآن الشركات على العودة إلى إيران، مع بدء عدد منها مناقشاتها بشأن صفقات تجارية جديدة.
وقد بدأت الإدارة بالفعل، ومن نواح كثيرة، في تفكيك نظام العقوبات. إذ خففت الادارة من الضغط على إيران من خلال ابطاء وتيرة التسميات منذ انتخاب روحاني. ومنعت الإدارة أيضا التشريع في مجلس الشيوخ، كان هناك تشريع جديد وقاس يقبع في أدراج اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ منذ شهور، على الرغم من إقرار 'قانون منع النووي الإيراني ' بأغلبية أصوات بلغت  400-20 في شهر تموز/ يوليو من قبل مجلس النواب.
بدأ المشرعون يشعرون بالقلق. انهم يعرفون أن الإدارة قاومت بعض أفضل الأفكار لديهم بشأن العقوبات في الماضي، بما في ذلك تلك التي خفضت صادرات النفط الإيراني إلى النصف. ويدرك الكونغرس أيضاً بأن قرار عدم تعزيز العقوبات يعادل الرغبة بالتقليل منها.
الحقيقة هي أن العقوبات تتطلب التحديث المستمر والإنفاذ القوي. فمن دون تشريعات جديدة تسد الثغرات وتوقف تقنيات التحايل الإيراني الجديد، سوف تواصل إيران إنشاء شركات وهمية وتلفيق مخططات خرق العقوبات، وبذلك تكون إيران أقرب بكثير إلى القنبلة. وهذا يتضمن مبيعات النفط في السوق السوداء والتي تقدر بـ 150000-200000 برميل يومياً، إخفاء المعاملات المالية غير المشروعة بصفتها مشتريات إنسانية، دمج البنوك الإيرانية مثل ' بنك مير' في ولايات قضائية صديقة مثل روسيا، وقلب العقوبات الأوروبية من قبل محاكم تطالب بالحصول على معلومات سرية. وهذه ليست سوى أمثلة قليلة أخيرة.

قيمة الدولار بالنسبة للعقوبات المخففة المقترحة في جنيف

بالإضافة إلى قرار الإدارة بالامتناع عن فرض عقوبات جديدة، فإن حزمة تخفيف العقوبات المعروضة في جنيف، إذا ما تمت الموافقة عليها في نهاية المطاف، سوف تنقذ الاقتصاد الإيراني المتعثر. واستناداً إلى التقارير من مصدر مفتوح، وإلى تحليل 'مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات'، فإن قيمة الدولار لتخفيف العقوبات المقترحة في جنيف سوف تسفر، بالحد الأدنى، عن 20 مليار دولار أو أكثر بالنسبة لإيران عند إعادة الأصول الإيرانية المجمدة، نقل الذهب إلى إيران في مقابل مبيعاتها من النفط و الغاز الطبيعي، الصادرات البتروكيماويات، ورفع العقوبات المفروضة على قطاع السيارات الإيرانية. إن توفير 20 مليار دولار وإعادتهم نقداً إلى النظام لا يمكن اعتباره ' متواضعاً '، كما وصفه البعض.
تخفيف العقوبات المالية: عرضت إدارة أوباما ما وصف بأنه ' تخفيف محدود ومؤقت للعقوبات يمكن الرجوع عنه ' والذي لا يقوض ' بناء العقوبات الأساسية '، والذي يمكن ' تشغيله أو إيقافه' بسرعة.
هذا الأمر يعتبر إعادة دفعة واحدة للأصول الإيرانية التي تمت محاصرتها في الخارج نتيجة للعقوبات المالية. وبحسب ما قيل، فقد شملت صفقة جنيف المقترحة عرضاً للافراج عن 3 مليار $ من هذه الأصول واعادتها إلى إيران. وأشارت المصادر العامة الأخرى إلى أن  مجموعة الدول 5+1 تفكر في الإفراج عن أموال النفط المحاصرة والبالغة قيمتها أكثر من 50 مليار دولار من خلال التقسيط، الأمر الذي يمكن أن يشكل إضافة كبيرة لهذا المبلغ .
تخفيف عقوبات الذهب: منحت الصفقة التي على الطاولة بحسب ما قيل، القدرة لإيران على استئناف تصدير المعادن الثمينة. واستناداً إلى بيانات التجارة التي جمعتها 'مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ' و'مرقب روبيني للاقتصاد العالمي'، فقد وصلت واردات الذهب من تركيا إلى إيران في عام 2012 الى 1.6 مليار دولار شهرياً. وباستخدام هذا الرقم كدليل، وإذا ما تم تخفيف عقوبات الذهب عن إيران لمدة ستة أشهر في الفترة التي تسبق أي اتفاق نووي نهائي محتمل، فسيكون لدى إيران القدرة على الاحتفاظ بجيبها بما قيمته 9.6 مليار دولار على الأقل من مبيعات الذهب.
تخفيف عقوبات البتروكيماويات: وفقاً لتقرير ' بيزنس مونيتور الدولي' الأخير، فقد صدَّرت إيران ما قيمته 11.2 مليار $ في العام الماضي من المنتجات البتروكيماوية ومشاريع بزيادة مليار دولار أخرى في العام التالي. وإذا ما حصل تخفيف لعقوبات البتروكيماويات، وباستخدام هذه الأرقام كدليل، يمكن لإيران أن تتمتع بكسب مفاجئ ما بين 5-6 مليار دولار على مدى ستة أشهر.
تخفيف العقوبات عن السيارات: بظل العقوبات الأمريكية منذ يونيو/ حزيران 2013، يرتبط قطاع السيارات في إيران ارتباطاً وثيقاً بالبرنامج النووي الايراني بسبب تورطه مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي وشبكات المشتريات الايرانية والتهرب من العقوبات. وخلال فترة سبعة أشهر من عام 2012، وقبل فرض العقوبات، صدَّرت إيران حوالي 1.4 مليار دولار لصالح قطاع صناعة السيارات الموجود لديها. وبالتالي، وإذا ما قدمت الإدارة تخفيفاً للعقوبات عن السيارات، فإن هذا يمكن أن يساوي ما قيمته نحو 1.3 مليار دولار بالنسبة لإيران على مدى فترة ستة أشهر.

الخلاصة : لدى إيران حالياً ما يقرب من 80 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي. ومن تلك الأموال، هناك 10 مليارات دولار مجمدة، 20 مليار $ متوفرة تماماً، و 50 مليار دولار في المتناول جزئياً لغرض تجارة المقايضة في حسابات الضمان في الصين، الهند ، اليابان ، كوريا الجنوبية وتركيا. إن صفقة تقدم 3 مليارات دولار نقداً، بالإضافة إلى 16 – 17 مليار دولار أخرى، أي ما مجموعه 20 مليار دولار في شكل التخفيف من العقوبات، من شأنها أن تعطي زيادة بنسبة 25 في المئة من إجمالي احتياطيات إيران من النقد الأجنبي ، ليصل هذا العدد إلى 100 مليار دولار.
ومن شأن ذلك أيضاً مضاعفة كمية احتياطيات النقد الأجنبي التي يمكن الوصول اليها المتوفرة حالياً، من 20 دولار إلى 40 مليار دولار. وإذا ما مضت مجموعة الدول 5+1 في سبيلها أكثر وأفرجت عن مزيد من أموال النفط المحاصرة والبالغة قيمتها أكثر من 50 مليار دولار من خلال التقسيط، فإن من شأن ذلك زيادة احتياطيات ايران التي يمكن الوصول اليها بشكل كامل من 20 مليار دولار إلى 70 مليار دولار، وهذا رقم مذهل.
ان المكسب الضخم المفاجئ الناتج عن تخفيف العقوبات والبالغ 20 مليار دولار أو أكثر، الممنوح لإيران في مقابل تنازلات نووية يمكن الرجوع عنها لا تقدم شيئا يذكر لجهة تفكيك البنية التحتية العسكرية النووية الإيرانية، هو بالضبط ما سوف تحتاجه إيران لتخفيف ضغط العقوبات وتعزيز نفوذها التفاوضي في الفترة التي تسبق أي اتفاق نهائي.

توصيات
بعد الـ 100 يوم الأولى له في منصبه،  لم نر أي دليل على أن سياسات الرئيس روحاني على جبهة حقوق الإنسان، أو في السياسة السورية ، أو بشأن الملف النووي تمثل تحولاً استراتيجياً من جانب النظام الإيراني. فإذا كان هناك من أي شيء، فهو أن حكومته الجديدة قد غيرت لهجتها من دون أي تغيير في الجوهر، وبأنها، بدلا من ذلك، قد عادت إلى الخداع النووي تماشياً مع سجل روحاني الحافل بذلك.
ولهذه الغاية، أقدم التوصيات التالية:
تصعيد العقوبات: إن الصفقة المقترحة في جنيف كانت لتشكل انتصاراً كبيراً للرئيس الإيراني الجديد وكانت لتشكل نكسة لهدف إدارة أوباما بوقف طموحات ايران بامتلاك السلاح النووي. وبدلا من عقوبات مريحة، يجب علينا أن نطابق، وباستمرار، النشاط النووي الايراني مع استمرار جهود العقوبات لممارسة المزيد من الضغوط على إيران. يجب على التشريع الجديد في الكونغرس أن يسد الثغرات ويعمل على اغلاق تقنيات التحايل الايراني الجديد لمنع طهران من التهرب من العقوبات ودفع عجلة برنامجها النووي قدماً، في آن معاً.
ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسستي، مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومرصد روبيني للاقتصاد العالمي، وفي حين كان لا يزال للعقوبات تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، فإن احتياطيات النقد الأجنبي في إيران والأصول ' خارج الحجز' لا تزال على مستويات كافية لتمكين إيران من تدبر أمرها خلال مدة 12 شهرا على الأقل، إن لم يكن لفترة أطول.
ينبغي للولايات المتحدة المضي قدماً في فرض عقوبات مالية جديدة لحبس جميع احتياطيات إيران بالعملة الصعبة الموجودة في الخارج، بشكل فعال - نحو 80 مليار دولار، وعائدات النفط الموجودة في إيران، المقدرة بمبلغ إضافي هو 3.4 مليار $ في الشهر. إن هذه العقوبات من شأنها أن تستخدم التهديد بفرض عقوبات مالية أميركية لإقناع البنوك الأجنبية بمنع وصول الإيرانيين - أو استخدامهم – لاحتياطياتهم المالية في الخارج لأي غرض باستثناء ما هو مسموح في مجال التجارة الإنسانية، ما يؤدي عملياً إلى غلق الأبواب تماماً أمام الواردات غير الانسانية وربما حتى إلى انهيار الريال.
يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها، على وجه الخصوص، اتخاذ الإجراءات التالية لوضع المزيد من الضغوط على احتياطيات النقد الأجنبي لإيران وميزان مدفوعاتها :
1) فرض العقوبات على أي مؤسسة مالية توفر امكانية الوصول الإيرانية إلى الاحتياطيات الخارجية أو استخدامها. يجب على الولايات المتحدة أن تعيد بند العقوبات خلال العملية التشريعية بحيث، وبغض النظر عن زمن توقيع الرئيس على القانون النهائي، لا تتخذ المؤسسات المالية خطواتها قبل التمرير النهائي للتشريعات لتزويد إيران بالقدرة على الوصول إلى الاحتياطيات النقدية المجمدة؛
2 ) خفض الواردات المسموح بها لمنتجات الخام الإيراني بشكل كبير ( خصوصا مع استمرار زيادة إيران لمبيعاتها في السوق السوداء المتمثلة في النفط الخام والمنتجات الأخرى )؛
3 ) الطلب من الدول التي تشتري النفط الخام الإيراني تخفيض صادراتها، وبشكل كبير، من السلع التجارية غير الإنسانية إلى إيران ؛
4 ) اشتراط أن تنفق نسبة محددة من أموال الضمان الإيرانية على السلع الإنسانية فقط (على سبيل المثال ، بعض المواد الغذائية، الأدوية، والأجهزة الطبية ) ؛
5 ) وضع قطاعات إضافية للاقتصاد الإيراني التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة الإيرانية و / أو الحرس الثوري على القائمة السوداء، بما في ذلك قطاعات التعدين والهندسة والبناء؛
6 ) فرض عقوبات قوية على الذهب لحرمان إيران من الحصول على الذهب لتجديد احتياطي العملات الأجنبية فيها؛
7) فرض عقوبات أكثر صرامة على الصادرات التجارية الإيرانية غير النفطية؛
8) توسيع تعريف عقوبات النفط الخام لتشمل جميع المنتجات النفطية؛
9) فرض عقوبات إضافية ضد حيازات البونياد ( bonyads) الإيرانية وصناديق الاستثمار، والكيانات التي تملكها و/أو يسيطر عليها الحرس الثوري، وفيلق القدس، المرشد الأعلى، وغيرها من الكيانات التي لا تزال تشارك في انتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة الإرهابية المعادية للمصالح والقيم  الأميركية.
اشتراط تنازلات نووية ايرانية ذات مغزى: كما أظهرت جنيف، هناك خطر كبير في الانخراط في عملية مؤقتة مع ايران حيث تمنح تنازلات كبيرة عن العقوبات ـ من خلال منع الادارة فرض عقوبات جديدة وتوفير 20 مليار دولار أو أكثر من العملة الصعبة في التخفيف من العقوبات- في مقابل تنازلات نووية لا ترجع برنامج الأسلحة النووية الإيراني الى الوراء بشكل كاف. إن أي اتفاق مؤقت يجب أن يطالب إيران، على الأقل بـ :
1 ) وقف جميع عمليات تخصيب وإعادة المعالجة كما هو مطلوب في القرارات المتعددة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي؛
2 ) تعطيل كافة أجهزة الطرد المركزي الحالية، الكف عن تصنيع جميع أجهزة الطرد المركزي وتنفيذ نظام التفتيش لجميع مواقع تصنيع أجهزة الطرد المركزي. من دون هذه التنازلات، سوف يحتفظ النظام بقدرة اختراق خطيرة وسيكون بامكانه، وبسهولة، بناء منشآت سرية مع أجهزة طرد مركزي متقدمة يصعب كشفها؛
3 ) وقف جميع أعمال البناء والعمل في مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل: ينبغي لأي اتفاق أن يحظر على إيران مواصلة العمل في مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل. فمن خلال السماح لإيران بمواصلة بناء مفاعل اراك على مدى الأشهر الستة المقبلة، سوف تكسب طهران ستة أشهر اضافية لتطوير القدرة على إنتاج قنبلة البلوتونيوم؛
4 ) تصدير مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 20 في المئة ؛
5 ) تقديم كشف كامل عن جميع ابحاث التسليح الماضية، التنفيذ الكامل للبروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، واتفاقية لتفتيش أي موقع عسكري أو تابع للحرس الثوري يشتبه في أنه يخفي ابحاثاً نووية.
تقديم  تخفيف ذكي لعقوبات مالية غير حكومية: لقد قدم تخفيف العقوبات الذي عرض الاسبوع الماضي في جنيف أكثر من اللازم. لم يكن التخفيف قابلاً للانعكاس. لم يكن هذا التخفيف قابلاً للانعكاس. لم يكن لديه آلية لمعاقبة ايران اذا ما غشت. في الواقع، لقد قلصت الاتفاقية، وبشكل كبير، النفوذ الاقتصادي الأمريكي، مما وضع إدارة أوباما في وضع أسوأ للتفاوض حول اتفاق شامل ونهائي مقبول. في الواقع، كان الجزء الوحيد الذي لا رجعة فيه في تخفيف العقوبات الموجود على الطاولة هو الضرر الذي كانت ستلحقه هذه الصفقة بالجهود الدولية لكبح النشاط الاقتصادي الإيراني غير المشروع.
هناك مقاربة أفضل من شأنها أن تعزز تأثير المفاوضات الغربية، في الوقت الذي تكون لا تزال توفر تخفيفاً للعقوبات إذا ما فككت إيران برنامجها العسكري النووي بشكل لا رجعة فيه ويمكن التحقق منه.
أولاً، ومع الابقاء على جميع العقوبات الحالية على وضعها، ينبغي اعطاء إيران مهلة: (1) تجميد جميع انشطة تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو - حيث يقدر الخبراء أن إيران النووية لا تبعد أكثر من ثمانية أشهر عن تحقيق الاختراق النووي الذي لا يمكن الكشف عنه، و(2) تعليق كل العمل الجاري في مفاعل الماء الثقيل في آراك، حيث لا تزال وكالة الطاقة الذرية قلقة من قدرة إيران على اعادة معالجة البلوتونيوم قريباً وصنع قنبلة. في مقابل هذه التحركات الإيرانية، يمكن للولايات المتحدة تجميد تنفيذ عقوبات إضافية. وإذا رفضت إيران هذا 'التجميد مقابل التجميد '، فإنه ينبغي أن تواجه عقوبات جديدة فورية ومعوقة .
ينبغي لهذه العقوبات الجديدة أن تشجع البنوك الأجنبية على تجميد جميع الأموال الايرانية في الخارج، المقدرة بنحو 80 مليار دولار، ومنع عائدات النفط الإيراني الحالية، المقدرة بمبلغ إضافي هو 3.4 مليار دولار في الشهر. ومن شأن هذه العقوبات أن يكون لها تأثير مدمر على الاقتصاد الإيراني، وقطع الأموال التي تحتاجها إيران لدفع ثمن وارداتها ودعم عملتها .
ليس هناك من حاجة لأن  تكون هذه الاجراءات الجديدة دائمة. ينبغي أن تكون إيران قادرة على إنهاء عزلتها المالية - لكن فقط في مقابل تنازلات نووية لا رجعة فيها تفكك البرنامج العسكري النووي بالكامل.
في كل الأحوال، إن الافراج غير المشروط عن الاصول الايرانية فكرة سيئة، لا سيما إذا كان يمكن لإيران أن تستخدم تلك الأموال للانتشار والإرهاب. هذا هو السبب الذي لأجله ينبغي السماح لطهران فقط بتحويل الأموال من حسابات الضمان في الصين  إلى حسابات الضمان في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، على سبيل المثال. فلدى طهران ما يقدر بـ 20 مليار دولار في حساباتها في الصين ولكن لا يمكنها أن تجد ما يكفي من السلع الصينية غير الخاضعة للعقوبات للشراء. في المقابل، تحب طهران التسوق في ألمانيا.
إذا ما غشت إيران، ولم تقم بتفكيك برنامجها النووي العسكري بطريقة يمكن التحقق منها، بما في ذلك تنظيف صفحتها مع وكالة الطاقة الذرية، أو إذا ما استخدمت إيران أموال الضمان الألمانية لشراء السلع الخاضعة للعقوبات، فإنه يجب ارجاع هذه الأموال، كشريط مطاطي، ليتم حظرها مرة أخرى.
يجب أن تبقى جميع العقوبات الأساسية موجودة في مكانها، في حال خرج النظام الإيراني عن خط الامتثال النووي، كما فعل في الماضي ، وفقط حتى يتوضح أن النظام يتصرف بحسن نية. هذه آلية إنفاذ اقتصادية لدعم أي نظام تحقق وتفتيش يمكن استخدامها بشكل متكرر أكثر من التهديد بتوجيه ضربات عسكرية لمعاقبة ايران على عدم امتثالها. وقد تم بالفعل تقليص مصداقية الضربات العسكرية الأمريكية كآلية إنفاذ نتيجة للسياسة السورية لدى إدارة أوباما وتحذيراتها المتكررة من القيام بضربات أميركية أو إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية وبأن ذلك قد يكون له عواقب وخيمة على المصالح الأمنية للولايات المتحدة .
نظراً لكذبه السابق بشأن المسألة النووية ، ينبغي توقع الغش من المرشد الأعلى علي خامنئي. وهذا هو السبب في أن التجميد، والعصا الغليظة، والجزرة المرتبطة معا بشريط مطاطي، تعتبر استراتيجية تفاوضية أفضل من تخفيف العقوبات من جانب واحد في مقابل تنازلات نووية لا معنى لها أو المساومة مع الملاليين على السعر حول كل تسوية إيرانية طفيفة.
أتقدم بالشكر لكم على دعوتكم لي للادلاء بشهادتي اليوم. وإنني أتطلع إلى طرح أسئلتكم'.

(*) ترجمة إيمان سويد ـ خاص موقع مجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية