صوفيا ــ جورج حداد
ان جميع التوصيفات القانونية، السياسية، الاخلاقية والانسانية لتعابير: جريمة حرب، جريمة ضد الانسانية، إبادة جماعية (Genocide)، فاشية، نازية وصهيونازية، تنطبق على الممارسات الوحشية منقطعة النظير ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة خصوصا، التي تقوم بها عصابات "شعب الله المختار" من أكَلَة لحوم البشر (Cannibals)، مصاصي الدماء (Vampires) وقَتَلَة الاطفال (Child killers)، الذين تمولهم وتسلحهم وتسيّرهم الامبريالية الاميركية، وتشجعهم وتدعمهم دول "الدمقراطيات الغربية" التي تتشدق بحقوق الانسان (اي انسان؟)، ولا تكاد تراهم "العين الالهية!" الساهرة لدولة الفاتيكان!
وقد لطخت هذه المجزرة "اليهودية" ــ الاميركية ضد الفلسطينيين العرب وجه القرن الـ21، تماما كما لطخت وجه القرن الـ20 المجازر التركية ــ الكردية ضد الارمن والاشوريين والسريان واليونانيين، والمجازر النازية ضد الشعب الروسي خصوصا والشعوب السوفياتية والاوروبية عموما (بمن فيها اليهود الشيوعيين واللاصهيونيين).
وكان من الطبيعي ان تثور موجة من الغضب الشعبي العام ضد هذه المجازر، في لبنان والعالم العربي ــ الاسلامي والعالم اجمع.
ولكن في خضم هذه الموجة وفوقها، طفت ايضا موجة من الانتقادات والمطالبات والمزايدات والتعليقات الاستفزازية، الموجهة الى المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله في لبنان، وانتقاد "تقصير" او "امتناع" الحزب عن الدخول في معركة شاملة مع العدو الاسرائيلي. وتنقسم هذه الموجة "الانتقادية" الى فئتين، تختلفان جذريا احداهما عن الاخرى، ونقتصر في ما يلي على الرد على:
الفئة الاولى ــ التي تنتسب الى الاعداء المعروفين تاريخيا للشعب الفلسطيني ولحركة التحرر الوطني العربية عموما، وللمقاومة الفلسطينية واللبنانية والعربية، في الوقت الحاضر، خصوصا.
وتتصف تعليقات هذه الفئة بالمزايدات الاستفزازية والفارغة، والهزء والشماتة المبطنة او المكشوفة، التي تتحدى حزب الله وتدعوه الى استخدام صواريخه وقواته لشن الحرب الشاملة ضد "اسرائيل"، بدءا بقصف تل ابيب وتدميرها بعشرات الوف الصواريخ التي اعلن حزب الله عن امتلاكها.
وطبعا ان هذه الفئة، العميلة تاريخيا لـ"اسرائيل"، واميركا وللغرب الامبريالي عموما، وللسعودية وزعانفها، لا تريد تدمير "اسرائيل"، بل بالعكس. واي تحليل وافعي وموضوعي يقودنا الى الاستنتاج ان ما تريده هذه الفئة العميلة والخائنة هو احد امرين:
1 ــ ان يبادر حزب الله الى شن حرب مركزية شاملة ضد "اسرائيل"، مما بعطيها "الحق في "الدفاع عن نفسها" (حسب تعبير المجرم الاكبر الاميركي جو بايدن)، وذلك بموجب ما يسمى "الشرعية الدولية" التي تسيطر عليها اميركا وتديرها وتستخدمها كمما تشاء؛ وهذا ما يعطي بالتالي اميركا وحلفاءعا الدوليين بمن فيهم "عرب التطبيع مع اسرائيل" "الحق" في شن حرب ابادة كاملة للبيئة الحاضنة للمقاومة في لبنان، بمساعدة "الطابور الخامس" و"الجيش الداعشي" الكامن سرا فيه، ومن ثم اقتطاع الجنوب والبقاع وضمهما الى الاراضي "الاسرائيلية"، واحيرا تشكيل "لبنان جديد" يكون لا اكثر من محمية اسرائيلية يحكمها الطابور الخامس الذي تنتسب اليه هذه الفئة الخائنة من "المنتقدين" والمزايدين على حزب الله.
2 ــ اذا ادت المعركة الى تدمير كل لبنان، ان تأتي اميركا واسرائيل والسعودية بهذا الطابور الخامس ليجلس فوق الانقاض "اللبنانية" ويحكم هذا "اللبنان الجديد" المجتزأ، طبعا برعاية مشتركة، اميركية ــ اسرائيلية ــ سعودية، ولاحقا ان يتم مد هذا"الحكم الجديد" في "لبنان الجديد" بالاموال الملطخة بدماء الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين وكل العرب المظلومين، لـ"إعادة الإعمار"، ومنح هذا "الشرف" لـ"الطابور الخامس" ذاته، على غرار ما جرى في الحرب "الاهلية" اللبنانية، التي تم خلالها التدمير الممنهج للاسواق الشعبية في الوسط التجاري السابق لبيروت، ثم جاءت "اوجيه سعودي" التي اعادوا تسميتها "اوجيه ليبان" لتبنى مكان الاسواق الشعبية المدمرة شركة سوليدار، تحت شعارات "التنمية" و"اعادة الإعمار" التي رفعتها "الحريرية السياسية"، التي كبلت لاحقا الدولة اللبنانية بدين 100 مليار دولار، ودشنت مرحلة سوق الشعب اللبناني المظلوم الى مرحلة البؤس الحالية ووضعه على حافة المجاعة بالمعنى الحرفي للكلمة.
اي بحث او دراسة ملموسة يمكن اجراؤها، ستكشف وجود دراسات ومخططات وتصاميم ومشاريع، اميركية ــ اوروبية ــ يهودية عالمية ــ سعودية وعربونفطية، لسحق المشاكسين الشيعة في لبنان، بالتعاون مع الطابور الخامس، وتهجير غالبية السنة الى البلدان العربية "الشقيقة"، وغالبية المسيحيين الى اوروبا الغربية والشمالية واميركا وكندا واوستراليا، وتحويل ما يتبقى من "لبنان"، بما يتبقى من سكانه، الى مرفآ لليخوت السياحية والخاصة بالامراء وشيوخ النفط العرب وزعماء الماقيات الدولية وبارونات الطغمة المالية اليهودية العليا، وكازينوهات القمار و"الدعارة الراقية"، وسلسلة مطاعم وفنادق ومنتجعات سبع نجوم، وملاهي ونوادي ليلية تضيئها المصابيح الحمراء، وملاعب لرياضات "الكبار"، وميادين لسباقات السيارات والخيل والنوق، للتأكيد على "الانفتاح العالمي" و"الانتماء "العربي" للبنان. وطبعا لن ينسى اصحاب هذا المشروع الإعماري "اللبناني الجديد" ان يبنوا في وسط كل مدينة وبلدة "لبنانية جديدة" كنيسة وجامعا وربما كنيسا، بأحدث وأفخم وأجمل طراز معماري، للتأكيد على "رسالة لبنان" للعالم (اي عالم؟) بوصفه بلد "التعابش الوطني" وتآخي الاديان "الابراهيمية".
ان الشيخ بيار الجميل، مؤسس حزب الكتائب اللبنانية للخيانة الوطنية، لم يكن يعرف جيدا اللغة العربية (الفصحى)، ولكنه كان يعرف جيدا ماذا يريد، هو واسياده. وكان الشيخ بيار يردد دائما في خطبه "شعارين مركزيين" كتائبيين، من نظم وتلحين زمرته الخيانية، هما: "لبنان قوته في ضعفه" و "لبنان لنا".
وفي المراحل السابقة كانت جميع كتل "الطابور الخامس" اللبناني تأمل ان ينتصر المشروع الداعشي في سوريا، وان يزحف الدواعش الى لبنان للوقوف بوجه المقاومة وضربها بمشاركة الطابور الخامس "اللبناني"؛ ثم كانوا يأملون، بل عملوا المستحيل لاستدراج حزب الله الى فتنة طائفية اسلامية ــ مسيحية او مذهبية سنية ــ شيعية، لتكون مدخلا لطلب التدخل العسكري "الاممي" و"العربي" والدولي، ايضا بهدف ضرب المقاومة في لبنان، وتسليم الحكم فيه للطابور الخامس القائم على ""الوفاق الوطني" الاسلامي ــ المسيحي (السنيوري ــ الجعجعي مثلا). ولكنهم ايضا فشلوا، بفضل حكمة وصلابة وقوة المقاومة بقيادة حزب الله.
وبعد كل ما جرى في السابق أثبت التاريخ:
1 ــ ان "لبنان قوته في قوة مقاومته الشعبية الوطنية والاسلامية".
2 ــ ان لبنان لن يكون للقطاء "عرّاب دولة لبنان الكبير" الجنرال هنري غورو، وهم انفسهم العملاء والخونة الذين ساروا في ركاب الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982 وشاركوه في حصار بيروت "الغربية" وقطعوا عنها الكهرباء والماء والغذاء والدواء في صيف 1982، وهم يشاركون الان في دفن "لبنانهم" ذاته، على امل تحريض الجماهير الشعبية اللبنانية ضد المقاومة.
و 3 ــ ان لبنان سيكون (عاجلا ام آجلا: بالكامل!) للشهداء والمجاهدين والجماهير الشعبية الوطنية، اي للذين حرروا لبنان من الاحتلال الاسرائيلي والخطر الداعشي.
والان، فإن الرد المناسب الوحيد على هذه الفئة من "المزايدين المشبوهين" على حزب الله هو:
ــ إخرسوا! خسئتم!
لقد تجاوزكم التاريخ الى الابد!
ولستم انتم من يقول للمقاومة ماذا تفعل او لا تفعل!
ولم يكن لبنان الشعبي ما كنتم تريدون في الماضي، ولن يكون ابدا في الحاضر والمستقبل!
لقد كنتم عملاء وخونة، ولا زلتم، وستموتون بغيظكم كعملاء وخونة!
وسيبقى لبنان ــ لكل شعبه وبكل تلاوينه الطوائفيه ــ وطنيا عربيا شرقيا موحدا، حرا وقويا، وشوكة في حلق الامبريالية الاميركية والغربية واليهودية العالمية!
وهذا هو البحر امامكم فابتلعوه!
واذهبوا الى الجحيم!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل