قراءات سياسية » وصول البقرات الخمس: اكتمال التحضيرات لبناء الهيكل وتأريخ المنطقة من جديد؟

عبير بسّام
منذ حزيران/ يونيو الماضي انتشر نبأ وصول البقرات الحمر إلى فلسطين المحتلة، واستقبلها الصهاينة استقبال الفاتحين في مطار بن غوريون بلجنة خاصة من الحاخامات الذين انحنوا لهن وقرأت في حضرتهن التبريكات، ولو تحدثنا عما تعنيه هذه البقرات من تداعيات على الساحة الفلسطينية لاعتبر الأمر ضرباً من الخرافة حول ما يمكن أن يقوم به سكان الكيان المارق، ولاعتبر الأمر معاداة للسامية. ولكن ماذا يريد هؤلاء من البقرات الخمس؟

البقرات الخمس الحمر، اللواتي جئن من تكساس، باتت في عهدة الكيان وعلى الكيان اليوم الإنتظار حتى تبلغ البقرات سن الثانية للتأكد من أنها أصيلة وتحمل المواصفات المطلوبة. لأنه في الحقيقة يجب أن تتوافر مجموعة من الصفات فيها، بحسب ما نشر في العديد من المواقع الإخبارية والدينية والصحف الصهيونية. فهذه بقرات بكر، لم تلد ولم تحلب، ولم يوضع النير في رقبتها، وولدت بشكل طبيعي دون مضاعفات، وينتظر وصولها لسن الثانية حتى يتم التأكد من أنها خالية من أية شعرة من لون مختلف أبيض أو أسود، خالية من العيوب والأمراض، ومن العلامات البشرية. في الواقع نحن نبحث من ملكة جمال للبقر دون منازع. وملكات الجمال هؤلاء في قدومهن، وفي حال ثبتت الرؤيا حولهن، يجب أن يشهد المسجد الأقصى حالة من الإشتباكات والإجتياحات من قبل المصلين اليهود من أجل وضع اليد عليه بشكل نهائي.

بالنسبة لليهود المتدينين يجب أن تكون هذه البقرات قد ولدن من خلال عملية طبيعية دون اللعب بالجينات. في جميع الأحوال وبحسب يديعوت أحرنوت، أنه عند وصول البقرات من تكساس من بلاد العم سام، كان في استقبالها 300 شخص. ووصلت في طائرة للركاب وبالتأكيد دون أن يقوم أحد بربطها أو الإتكاء عليها. وعدم ظهور البقرات حتى هذا العام كان المانع الوحيد للإقتحام الجماعي للأقصى من قبل الصهاينة، فأوان ذلك لم يحن بعد بانتظار وصول البقرات الخمس سن الثالثة حتى يتم التأكد من أهم خاصية تتعلق بهن ألا وهي صفاء اللون. وقد شهد المسجد الأقصى، وفي عيد الغفران قبل أسبوعبن اجتياح تجريبي غير مسبوق من قبل المصلين من الصهاينة، وما حدث يومي 5-6  تشرين الأول/ أكتوبر قبل عملية طوفان الأقصى كان تجربة وتحضيراً لما هو آت، وقبل أن تبلغ "اسرائيل" سن الثمانين.

ويفترض بعد أن تصل البقرات إلى عامها الثالث، أن يقوم الكهنة بحرقها بخشب الأرز مع مواد أخرى، على جبل الزيتون حتى تصبح رماداً ومن ثم يقوم الكاهن الذي سيؤدي هذه الطقوس بالتطهر بالخليط الذي نتج ثم سينثر رماد البقرات فوق بقايا المسجد الأقصى بهدف بناء الهيكل المزعوم إيذاناً بنزول المسيح من جديد، وذلك بحسب سفر الإصحاح الآية 19.

وبالتأكيد لن يدخل الهيكل إلا المتطهرون برماد البقرات لأن اليهود يعتبرون أنفسهم في حالة من النجاسة حتى يتم التطهير. وعملية التطهير هذه مهمة جداً بالنسبة لليهود المتدينين والذين ينتمون لمنظمات متطرفة، ومنهم الحريديم والذين ما إن تحصل عملية التطهير حتى يتم اقتحام الأقصى بعشرات الآلاف من اليهود، وفي الحقيقة أن ما شهدناه حتى اليوم لا يشبه شيء من الفظاعة الصهيونية التي يحضر لها، بعد عملية الحرق.

الجميل، أن البقرات المطابقة لما جاء في الشريعة اليهودية، هي هدية تبرع بها مزارعو الماشية الإنجيليون المسيحيون في تكساس، والذين تتطابق معتقداتهم مع المعتقدات اليهودية، والذين ينتظرون عودة المسيح/ عليه السلام/. وحتى يحين موعد حرق البقرات، وضعت البقرات في مزرعة غير معروفة في بيسان وتحاط البقرات بكاميرات المراقبة حتى لا تتعرض لما سيدنس قدسيتها، وسيصبح المكان في الوقت الراهن مركز حج يأمه السياح الإنجيليون من أنحاء العالم، بحسب يديعوت أحرنوت. إذن الإنجيليون المتدينون الأميركيون هم جزء من هذا المعتقد.

نشر موقع روسيا اليوم https://ar.rt.com/vwvb، فيلم فيديو استقصائي إخباري في 23 آب/ أوغسطس، غايته البحث عن أخبار وصول البقرات في نهاية شهر تموز/ يوليو وما وراءها، لأن وصول البقرات يقلق الصهاينة العلمانييين المحتلين في فلسطين لأن هذا معناه أن بناء الهيكل قد اقترب.  وبالنسبة لهم يمثل الهيكل محكمة افتاء وتحكم. وأكد المعلقون في الوثائقي أن الحكومة، أي حكومة بنيامين نتنياهو تدعم وتمول تحول دولة إسرائيل إلى دولة شريعة يهودية، ويقومون بالتحضير لحكم الملك، والذي لن يحكم بطريقة ديمقراطية. وتدخل الحكومة، ووزرة الزراعة بالتحديد حد السماح بدخول البقرات الخمس، التي رافقها بيطري خاص، دون ثقب أذنها، كعلامة لتأكيد سلامتها الصحية ومصدرها. فحسب التلمود، لا يمكن للبقرات أن تخضع لأي من قوانين البشر أو تحمل علامات من صنعهم.

وبحسب سبوتنيك، في آب/ أغسطس من العام 2018، بحسب ما أعلن معهد تمبل والذي توافق مع أيلول 5778، بحسب التاريخ اليهودي، ولدت أول بقرة حمراء في "أرض الميعاد"، وأن هذه الولادة تبشر بقدوم نبي، ويعتقد الإنجيليون في الغرب انه قبل هذا المجيء يجب بناء الهيكل الثالث ومعه ستأتي بداية الخلاص. ولكن البقرة لم تكن بحسب المواصفات المطلوبة لوجود ثلاث شعرات بيض متقاربة فيها، ولذلك عندما جاءت البقرات الخمس المنشودات من تكساس في هذا العام كانت حدثاً عظيماً. وفي هذا السياق نشر موقع صدى البلد والذي نقل ما جاء به "موقع ماكور راشون" الإخباري الإسرائيلي، بأن الإعلام العبري ضج لأيام بخبر وصول البقرات. وبحسب ما قاله الدكتور أيمن الرقب، وهو خبير العلوم السياسية جامعة القدس، لموقع صدى البلد، فإن القمة الطارئة التي عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مدينة العلمين الجديدة في منطقة مرسى مطروح، في 14 آب/ أغسطس، كان من أجل بحث المستجدات وجاءت في "ظروف في غاية التعقيد بعد أن قام المتطرفوب بجلب خمس بقرات تنحر إحداها قريباً في الحوض المقدس ثم ينثر رمادها على اليهود" في إطار "مبادرة اليهود المتطرفين لخدم المسجد وبناء الهيكل، وفق خرافاتهم".

في الواقع لم يبق الأمر في إطار الخرافات فبحسب الفيديو العبري الذي نشرته روسيا اليوم، هناك منظمتان عبريتان تهتمان بالموضوع وهما منظمة "بونا اسرائيل" أو "نبني اسرائيل"، وهي تضم مبشرين مسيحيين إنجيليين من الولايات المتحدة وعناصر من اليمين المتطرف الصهيوني، برئاسة تساحي ميمو. والثانية هي "معهد الهيكل"، ورئيسها يسرائيل أراييل، والذي يعد الحاخام الروحي لوزير الحرب الصهيوني إيتمار بن غفير، وغفير هو الشخصية الثانية في حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة برئاسة مئير كاهانا. أراييل، هو الذي قام بشراء قطعة أرض في جبل الزيتون من أجل تحويلها إلى منتزه، وهذا المنتزه هو جزء من المخطط للقيام بعملية الحرق والذي يرعاه مدير عام وزارة القدس، نتائيل إيزاك، الذي كان في استقبال البقرات الخمس، كما قامت وزارة القدس بوضع المخططات للمنتزه، والذي يثبت أن الحكومة الإسرائيلية بوزاراءها هم ضالعون في الأمر وبحسب الفيديو فقد رصدت ملايين الشواكل لتمويل العملية من قدوم البقرات وحتى إتمام الحرق. وبحسب أحد المتحدثين في الفيديو حول البحث عن البقرات، وهو من سكان مستعمرة ميجرون، فإن آرييل هو المسؤول الأول عن أحداث القدس ومحاولة تهجير أهالي حي الشيخ الجراح في القدس، وهي القضية التي أثارت عملية سيف القدس.

أما هدم المسجد الأقصى، فيجب أن لا يكون بيد المصلين الصهاينة، من أميركيين أو يهود. بل سيكون لأسباب طبيعية، أو مؤثرات غير طبيعية، تقوم بالتسبب بالقيام بزلازل أو تسونامي آخر في المنطقة، كما حدث في ليبيا منذ شهر تقريباً، وهو تسونامي لم تشهده منطقتنا من قبل، ولذا فأمر حدوثه كان شيئاً مستحيل التوقع. وبما أن المسجد الأقصى ومنذ العام 1948، يقع فوق سلسلة من الأنفاق التي حفرها الصهاينة بحثاً عن الهيكل المزعوم، والذي أثبت العديد من المؤرخين وعلماء الآثار وأهمهم شلومو ساند، أستاذ التاريخ في جامعة تل ابيب، الذي تحدث عن ذلك في كتابه "اختراع الشعب اليهودي"، بأن لا وجود للهيكل في مدينة القدس، وأن مدينة القدس كانت عبارة عن قرية صغيرة في أيام النبي سليمان عليه السلام. وهذه الأنفاق التي حفرت ستتسبب بإنهيار المسجد بحال تعرض المنطقة لزلزال ما ضمن سلسلة الزلازل التي تعرضت لها تركيا وشمال سوريا ووصلت اتداداتها إلى لبنان وشمال فلسطين، ومن ثم المغرب وليبيا دون الجزائر وتونس، واللتان تقعان بينهما، والتي قيل أن جميعها مفتعلة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية