لم يكد يبدأ «دونالد ترامب» ولايته الرئاسية بعد رحيل أوباما، حتى انفجرت في وجهه فضيحة سياسية، أربكت الأجهزة الحكومية الأمريكية، وأثارت جدلًا محتدمًا في الرأي العام الأمريكي والدولي.
ويبدو أن ما تخشاه منظومة الحكم في أمريكا، من خلال هذه الفضيحة، هو هشاشة الجدران الأمريكية ضد اختراق الدب الروسي، الذي يسعى جاهدًا للتغلغل داخل أروقة صنع القرار في أمريكا.
روسيا وتأثيرها على السياسة الأمريكية
في السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) 2016، نشر موقع منظمة «ويكيليكس» آلاف الرسائل الإلكترونية من بريد مدير حملة «هيلاري كلينتون»، «دون بودستا»، تظهر خطابات ألقتها مقابل أجر لصالح مؤسسات مالية، ودول بين 2013 و2015، مما دفع ترامب آنذاك إلى تقديمها «كمرتشية غير جديرة بالتصويت لصالحها».
وفي أوج الحملة الانتخابية للحزب الديموقراطي، اضطر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) إلى استدعاء المرشحة الرئاسية، كلينتون، للتحقيق معها فيما يخص التسريبات المتعلقة بها.
وبالرغم من أن «FBI» لم تثبت أية مخالفة قانونية على كلينتون في آخر الأمر، إلا أن تأثير وقع فضيحة التسريبات على الرأي العام الأمريكي، كان له دور كبير في حرمان كلينتون من كثير من الأصوات الناخبة.
وهو ما جعل حينها مدير الحملة الانتخابية، للمرشحة الرئاسية الديمقراطية الخاسرة، «روبي موك»، يتهم روسيا بقرصنة هذه الرسائل لتغيير مسار الانتخابات الأمريكية، التي كان مُرَجحًا أن تفوز بها هيلاري كلينتون وفق استطلاعات الرأي المتواترة، قبل أن تحدث المفاجأة المدوية وفوز ترامب.
وسارت الاستخبارات الأمريكية في هذا الاتجاه، حيث نشرت في السادي من نوفبمر (كانون الثاني) الماضي، تقريرًا يشير إلى أن هدف «حملة التضليل الروسية والقرصنة هو نسف العملية الديموقراطية الأميركية وإضعاف رئاسة محتملة لهيلاري كلينتون وزيادة فرص فوز ترامب».
لتصبح واشنطن بعد هذه الواقعة أكثر توجسًا من تأثير موسكو على السياسىة الأمريكية، من خلال عمليات القرصنة وابتزاز كبار مسؤولي الدولة بواسطة معلومات حساسة مرتبطة بهم.
وفي هذا السياق اعتبر مدير الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر، أن كشف التسريبات المتعلقة بالفضائح الجنسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو إضرار بالأمن القومي، ونفى صحة هذه المعلومات المسربة، مؤكدًا أن «هذه الوثيقة ليست منتجًا للاستخبارات الأميركية. ولا أعتقد أن هذه التسريبات مصدرها قطاع الاستخبارات».
بيد أنه في نفس الوقت، يبدو المسؤولون الأمريكيون أكثر اهتمامًا بهذه التسريبات، إذ وزعت على كبار رجال الدولة وثيقة هذه المعلومات المسربة، التي تزعم امتلاك موسكو معلومات حساسة عن الرئيس ترامب بقصد الابتزاز السياسي، كما نقلت «سي إن إن».
وكان رئيس جهاز المخابرات السابق، «مايكل مور»، قد صرح بأنه اطلع على الملف المسرب كاملًا، قائلًا «تحتوي تلك التسريبات على بعض المعلومات الصحيحة التي سبق لي أن اطلعت عليها، وبعضها خاطئ، مثلما تحتوي على بعض المعلومات المتناقضة وغير المنطقية».
<p style="\\"text-align:" center;\\"="">جدران أمريكا تتهاوى أمام الاختراق الروسي
أثار كل من تسريبات كلينتون وترامب، التي تتهم روسيا بالوقوف وراءها، دهشة المراقبين من سهولة التأثير الروسي على السياسة الأمريكية، حيث لعبت هذه التسريبات دورًا هامًا في حسم الانتخابات الأمريكية.
وبالرغم من امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية أقوى مؤسسات أمنية على وجه الأرض وأكثرها فعالية، وهي ممثلة بالأساس في الأخطبوط الضخم لأجهزة الاستخبارات الخارجية، بالإضافة إلى مكتب التحقيقات الفيديرالي، علاوة على قدرات الجيش الأمنية، فإنها فشلت في التصدي للاختراق الروسي للساحة الأمريكية.
لكن هذا التأثير الروسي في الشأن الأمريكي السياسي، لا يعود إلى هشاشة المؤسسات الأمنية أو اختراقها من الداخل، بقدر ما يرتبط بنوع من الأساليب البسيطة وغير المكلفة في التأثير على الدول، بحيث يكفي قرصنة معلومات حساسة عن مسؤولين كبار في الدولة أو مرشحين رئاسيين، واستخدامها بطريقة ابتزازية نحو المصالح المراد تحقيقها، للتأثير السياسي، ولاسيما مع تلهف مكتب التحقيقات ووسائل الإعلام لتلقف الفضائح القانونية.
ويثير دونالد ترامب قلق الاستخبارات الأمريكية من تقربه نحو موسكو، الأمر الذي دفعه إلى اتهام الجهاز بنشر هذه التسريبات، لحثه على التراجع في علاقاته الجيدة مع بوتين، إلا أن جهاز الاستخبارات الأمريكي، كان يملك بالفعل، كما تقول سي إن إن، هذه التسريبات منذ الحملة الانتخابية، ولم تظهر إلى العلن، كما حصل الأمر مع كلينتون.
هذا وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحد من نفوذ اللوبيات الأجنبية في مراكز القرار الأمريكية، من خلال اقتراح مجموعة من القوانين لدى الكونجرس الأمريكي.
http://www.sasapost.com