في قمة مالطا، محاطون بالبحر الأزرق العميق، حيث يموت آلاف اللاجئين سنويًّا، انصب اهتمام القادة الأوروبيين على الشيطان المنتخب الرئيس الأمريكي.
بهذه الكلمات استهل تقرير نشره موقع «ذا دايلي بيست» الأمريكي رصده لردود فعل القادة الأوروبيين، الذين اجتمعوا في جزيرة مالطا قبل يوم واحد لمناقشة التحديات التي تواجه القارة العجوز، والتي تتأرجح بين رئيس أمريكي يتعهد بحظر دخول اللاجئين وقوارب محملة بآلاف من اللاجئين، لا تكاد تصل إلى الشاطئ الإيطالي قبل أن تغرق في مياه البحر العميق.
التقرير وصف مالطا بتلك الجزيرة الأوروبية الخلابة، التي غالبًا ما تُنسى، والتي تقع على ساحل البحر المتوسط ما بين صقلية وسواحل شمال أفريقيا. فيها التقى «ونستون تشرشل» و«فرانكلين روزفلت» خلال الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
بين الاجتماعات والتقاط الصور التذكارية، استقل زعماء أوروبا، الذين يتواجدون هناك لحضور القمة، قوارب حول الميناء، حيث يصل الآلاف من المهاجرين واللاجئين سنويًا من ليبيا، على بعد 200 ميل.
بحسب التقرير، كان من المفترض أن تتصدر أزمة المهاجرين واللاجئين في أوروبا جدول أعمال الاجتماع الذي استمر يومًا واحدًا. ولكن سرعان ما كان من الصعب تحديد أي تهديد يعتبر الأكبر ، المهاجرون أم «دونالد ترامب».
اتفاق لوقف اللاجئين
أشار التقرير إلى الاتفاق الذي توصلت إليه كل من إيطاليا وليبيا قبل يوم واحد من عقد القمة الأوروبية بشأن اللاجئين. وقال التقرير إن الاتفاق في حال تنفيذه، سيكون رادعًا قويًّا.
تدعو الخطة الجديدة القوات الأوروبية والليبية للقيام بدوريات في المياه الليبية أقرب إلى الشاطئ، حتى يتمكنوا من إجبار سفن المهاجرين على العودة بعد فترة وجيزة من إبحارهم وإجبارهم على العودة إلى ساحل شمال أفريقيا.
وفي المقابل، ستقوم إيطاليا، بدعم من أوروبا، باستثمار 200 مليون يورو (216 مليون دولار) في مخيمات داخل ليبيا، حيث يمكن معالجة أوضاع اللاجئين أو إعادة إرسالهم إلى أوطانهم دون الحاجة إلى تعريض حياتهم للخطر القاتل في رحلتهم إلى أوروبا.
في عام 2016، لقي 5083 شخصًا حتفهم خلال عبورهم إلى أوروبا. عدد لا يحصى من اللاجئين الآخرين قد يكون قد هلك من دون أن يعلم أحد.
ردود فعل قوية وانتقادات لترامب
التقرير رصد ردود فعل بعض القادة الأوروبيين حول الاتفاق وحول قرار الإدارة الأمريكية بحظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية إسلامية إلى الولايات المتحدة، ومن بينها اليمن وسوريا والسودان وإيران.
رئيس الوزراء الإيطالي «باولو جينتيلوني» قال: «إنه اتفاق يعزز التعاون بين إيطاليا وليبيا في العديد من المجالات. هناك حاجة إلى التنمية والاستقرار وإعادة الإعمار، ولادة جديدة للوحدة. على الجانب الآخر يلزم الاتفاق إيطاليا بدعم ليبيا بقوة».
لكن وبينما كان القادة الأوروبيون يتفقون على وقف المهاجرين واللاجئين، والذي -وفقًا لوكالات المعونة- من شأنه أن يضع المهاجرين واللاجئين في خطر أكبر في مخيمات ليبية يحتمل أن تكون خارجة عن القانون، فقد كانوا أيضًا ينتقدون الرئيس الأمريكي «ترامب» بشأن خطته لبناء جدار لإبعاد المهاجرين المكسيكيين، وحظره للمسلمين من العديد من البلدان، وتدخله في الشؤون الأوروبية، التي تشهد بالفعل نوعًا من الفوضوية، كما وصف التقرير.
عرضت رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» أن تكون «جسرًا» للمساعدة في تمهيد الطريق بين أوروبا وأمريكا، وهو ما قوبل بفتور، ليس أقله بسبب أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) يعني بالتأكيد أن أولوية «ماي» ستكون تمهيد الأمور لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
وقالت رئيسة ليتوانيا «داليا غريباوسكايتي» لموقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: «لا أعتقد أن هناك ضرورة لوجود جسر للتواصل. نتواصل مع الأمريكيين على تويتر».
فيما عبر الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته «فرانسوا هولاند» بكلمات أقل رقة لدعم الرئيس الأمريكي لبريكست والتنبؤ بنهاية الاتحاد الأوروبي.
وقال «هولاند»: «إن مصير الاتحاد الأوروبي على المحك. من غير المقبول أن يكون هناك، من خلال عدد من تصريحات الرئيس الأمريكي، ضغط حول ما ينبغي أن تكون عليه أوروبا أو ما لا ينبغي أن تكون عليه».
وشدد «هولاند» على حاجة أوروبا للتأكد من أن لديها سياسات الدفاع المشترك الخاصة بها «في إطار» منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقال بصراحة: «يجب علينا أن نحمي مصالحنا التجارية عندما تصبح عرضة لتهديد».
المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» دعت أوروبا إلى الاستمرار في التركيز على الوحدة. «سبق أن قلت إن مصير أوروبا في يدها»، هكذا قالت للصحفيين لدى وصولها إلى مالطا.
قادة آخرون، مثل «كريستيان كيرن» من النمسا، وصف حظر «ترامب» لسفر بعض الجنسيات بأنه «مشكلة كبيرة» ، وأضاف «كيرن»: « مما لا شك فيه أن أمريكا تتحمل مسؤولية مشتركة عن تدفق المهاجرين، عن طريق الأسلوب الذي يجري به التدخل العسكري».
وردد رئيس الوزراء المالطي «جوزيف مسقط»، رئيس الدولة المضيفة لقمة الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي، المخاوف حول «القرارات» و «المواقف» التي اتخذتها إدارة «ترامب»، ولكنه قال إنه لا يوجد هناك كراهية للولايات المتحدة ككل. الرسالة الأساسية للأمريكيين: نحن لا نكرهكم، نحن فقط نكره رئيسكم.
وقال: «من الواضح أن هناك قلقًا لدى قادة الاتحاد الأوروبي الـ 28 بشأن بعض القرارات التي اتُخذت من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، وبعض المواقف التي تُتبين من قبل الإدارة. ومع ذلك، لم يكن هناك شعور بالعداء لأمريكا».
التقرير اختتم بقوله إن «ترامب» نجح فيما فشلت في تحقيقه عقود من مؤتمرات القمة ومحاولات الوحدة. أوروبا تبدو، لأول مرة ربما أكثر من أي وقت مضى، متحدة في نهاية المطاف. ولكن ليس بسبب الحدود أو المعاهدات. أوروبا تتوحد في عزمها على الوقوف في وجه «ترامب».
مترجم عنNow Europeus Trying to Wall Itself Off From Migrants — And Trump للكاتب Barbie Latza Nadeau