الكاتب: آندرو كوريبكو - 14-1-2017
ملخص
مع إستمرار إنكشاف التحولات في نمط التفكير الجيوستراتيجي وإعادة الترتيبات السياسية غير التقليدية في أنحاء العالم، تمضي الولايات المتحدة قُدمًا في حملتها على شن الحروب الهجينة ضد المشاريع الصينية: حزام واحد - طريق واحد (طريق الحرير الجديد)، في حين أنّ رئاسة ترامب تُعد من أعظم المنعطفات المجهولة التي يمكن أن تُعيد تشكيل الوضع الدولي بطرق غير متوقعة تمامًا.
إعادة الترتيب العظمى
أطلقت الحرب الباردة الجديدة إعادة ترتيب شراكات عالمية خفية المدى والنطاق من أي وقت مضى. ولتعداد أبزر الشراكات التي تحدث بالتزامن، هي:
- الشراكة الشاملة و الأقرب من أي وقت مضى على الإطلاق بين روسيا والصين.
- الثلاثية الروسية والإيرانية والتركية.
- الشراكة العسكرية الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند.
- يتم إعداد الملف الأوكراني قسرًا على نار هادئة من قبل الولايات المتحدة من الأراضي الروسية (وبدء الحرب الباردة الجديدة).
- التقارب الروسي من اليابان.
- التقارب الروسي من باكستان.
- توجه مصر نحو روسيا، وبعيدًا عن الولايات المتحدة والممالك الخليجية.
- خضوع السوق المشترك لبلدان المخروط الجنوبي ( Mercosur) تحت سيطرة القطب الواحد في حين يصبح تحالف المحيط الهادئ متعدد الأقطاب.
- الصين لديها القدرة على ربط كل التكتلات التجارية في أمريكا الجنوبية من خلال TORR.
- الصين والمكسيك تشق طريقهما في العلاقات الثنائية بين البلدين للتحضير لمواجهة ترامب.
- الهند تحول ضد النيبال وتدفع بها نحو الصين للمرة الأولى على الإطلاق.
- تهاوي محور الولايات المتحدة أمام آسيا بسبب المكاسب الصينية في تايلاند، والفلبين، وماليزيا.
- تحول سو كي عمليًا تجاه الصين.
ستستمر الترتيبات الجيوسياسية المذكورة أعلاه خلال العامين المقبلين حتى يستقر الوضع الدولي نسبيًا. ما يحدث الآن هو أنّ العالم كله في حالة تغير مستمر بسبب إنعدام الإستقرار العالمي الذي أطلقت عنانه الولايات المتحدة عبر تأخير التقدم الحتمي من عالم أحادي القطب نحو نظام متعدد الأقطاب. فمن المحتمل تغير بعض هذه الشراكات المذكورة أعلاه خلال هذه الأوقات العصيبة، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، من المحتمل للعديد منهم أن يظّل على طول مسارهم جديد، ولن يُعاد توجيههم بواسطة مؤامرات الولايات المتحدة، على الرغم من أنّ ذلك بالتأكيد لن يكون لقلة محاولة واشنطن.
الحرب الهجينة على حزام واحد - طريق واحد (OBOR)
وفي سياق الإتجاه المذكور أعلاه، فإنه يمكن توقع أنّ الولايات المتحدة لن تُبطئ في شن حروبها الهجينة المتنوعة ضد مشاريع الصين حزام واحد -طريق واحدة (طريق الحرير الجديد) في جميع أنحاء العالم. وكان الكاتب بصدد إصدار أقساط أسبوعية حول هذا الموضوع لموقع المراجعة الشرقية "oriental review" خلال العام الماضي، ولكن كل ذلك يتلخص أساسًا في "قانون الحروب الهجينة"، والنسخة المعدلة والموسعة التي تنص على ما يلي:
"الهدف الأكبر وراء كل حرب هجينة هو التعطيل والسيطرة، أو التأثير على مشاريع الربط، المتعددة الأقطاب، العابرة للحدود الوطنية من خلال إثارة أزمات الهوية (عرقية أو دينية أو إقليمية أو سياسية، الخ) الناتجة عن تحريض خارجي، داخل دولة المرور العابر (transit) المستهدفة لغرض التغيير والتبديل في النظام، تغيير النظام ، و / أو إعادة التشغيل النظام.
إستقراءًا من هذا المبدأ التوجيهي، من الممكن تنبؤ عدة ساحات معركة للحروب الهجينة التي ستبقى في الطليعة خلال السنوات القادمة. ومن دون أي ترتيب معين، هي:
- CPEC الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني.
- TORR بين البرازيل وبوليفيا، وبيرو.
- مشاريع الصينية للسكك الحديدية العابرة لأفريقيا (للإطلاع مطولًا حول الموضوع في مدونة الكاتب على موقع المراجعة الشرقية "oriental review" دراسات تحليلية حول أفريقيا)؛
- طريق الحرير البلقاني، سكك حديدية عالية السرعة بين بودابست وبيرايوس.
- طريق الحرير لرابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN)، سكك حديدية عالية السرعة بين الصين، لاوس، تايلاند، ماليزيا وسنغافورة.
- وعبر خط آسيا الوسطى المحتمل للسكك الحديدية عالية السرعة بين الصين وإيران.
- وقناة نيكاراغوا.
لذلك، في حين أن أسلوب محدد من الحرب الهجينة قد لا يكون قد تمّ كشفه، هناك أسباب إستراتيجية ثابتة للإعتقاد بأنّ الولايات المتحدة سوف تطلق العنان في نهاية المطاف لزعزعة الأمن والإستقرار غير المتكافئ ضد كل من الدول المعنية، وهذا يعني أن على جميع المحللين المستشرفين نحو المستقبل الحفاظ على اليقظة والعين الساهرة على هذه المساحات الإقليمية.
لغز ترامب
وأخيرًا، فإنّ آخر إتجاه رئيسي من المتوقع أن يحدد عام 2017 هو لغز الرئيس ترامب، حيث لا أحد في العالم يعرف حقًا كيف سيتصرف الرئيس المنتخب في منصبه سوى الرجل نفسه. لقد كان بالفعل صريحًا جدًا حول النهوض ببعض الأسس الرئيسية لمنصة السياسة الخارجية، وبالتحديد التلميح حول رغبته في إنفراج جديدة مع روسيا في الحرب الباردة الجديدة، عزمه على إعادة التفاوض أو إلغاء الإتفاق النووي الإيراني والتقارب الكوبي، الموقف الحاد وعالي اللهجة تجاه التجارة الصينية والسياسات النقدية، ومعارضته لإتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) ولملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين غزوا الولايات المتحدة من أمريكا اللاتينية (وبالأخص أولئك الذين إرتكبوا أعمال العنف خلال إقامتهم في البلاد). مصحوبًا بنهج ترامب المائل أكثر لرجل الأعمال صوب حلف الشمال الأطلسي والشراكات العسكرية التقليدية للولايات المتحدة، فضلًا عن الخلافاته الأيديولوجية مع الليبرالية المفرطة للإتحاد الأوروبي، يمكن للمرء أن يتوقع بالفعل أنه سيتم تعريف رئاسة ترامب من قبل العديد بالتقلبات المثيرة والمنعطفات غير المسبوقة في حين تحاول الولايات المتحدة أن تتكيف بشكل مؤلم ومتأخر مع نظام عالمي متعدد الأقطاب لا مفر منه.