برنيار ليا ـ Middle East Policy / Winter 2016
الدكتور برينجار ليا (Brynjar Lia) أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوسلو (1) ـ ترجمة : إيمان سويد
واحدة من أكثر التطورات المحيرة منذ الحدث الفاصل في 11/9 وبداية الحرب العالمية التى تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب (GWOT: الحرب العالمية على الإرهاب) هو توسع الحركة الجهادية في العالم العربي. حدث ذلك على الرغم من الجهود المبذولة لمنع حصوله. وشملت الاستثمارات الهائلة في مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد من قبل ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين، طائفة كاملة من الأدوات المتاحة في "عدة الشغل " لدى الدولة. على الرغم من هذه الحملة الواسعة والمكلفة، فقد شهدت السنوات الـ 15 الماضية نموا وتطورا ملحوظا في الجهاد كعقيدة تمرد، هي قوة حرب العصابات العسكرية والتهديد الارهابي العالمي. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كان تنظيم"الدولة الإسلامية" يخسر الأرض في معقل الحركة في سوريا والعراق وفي محافظتها الإقليمية الرئيسية في ليبيا. ومع ذلك، فقد أثبتت المنظمة قدرتها على تنسيق واذكاء حملة غير مسبوقة من العنف الإرهابي الدولي (خارج العراق وسوريا)، متسببة بسقوط أكثر من 1200 ضحية في القارات الخمس ما بين سبتمبر/ أيلول 2014 ويوليو/ تموز 2016 (2).
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فإن نظرة خاطفة على المؤشرات الرئيسية لقوة الجهاديين في المنطقة على مدى العقد الماضي تؤكد بالمثل وجود اتجاه تصاعدي مشؤوم (انظر الرسوم).
على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح واضحا إلى حد مؤلم أن الجهود الدولية في مكافحة الجهادية قد اثبتت فشلها الهائل (3).
فبدلا من اضعاف القوة العسكرية للحركة الجهادية العالمية، وتقويض جاذبيتها الأيديولوجية، وتقليص قاعدة التجنيد لديها وتجفيف مصادر تمويلها، قامت الجهود الغربية والعربية لمكافحة الإرهاب بفعل العكس تماما. ومن الصحيح القول بأن التدابير الفردية والحملات التكتيكية كانت قد سجلت نجاحات على المدى القصير، مثل الحملة الاميركية لزيادة القوات في العراق في العقد الأخير من القرن الماضي، وبرامج إزالة التطرف في مصر في أواخر التسعينات، وفي ليبيا والمملكة العربية السعودية في العقد الأخير من القرن الماضي (4).
بيد أن هذا التقدم المتقطع انحسر بسبب التطورات التي حدثت في وقت لاحق. ولم يتحقق الهدف المتمثل في خفض الجهادية من مستوى القلق الاستراتيجي العالمي إلى مجرد مصدر إزعاج أمني طفيف.
على العموم، أدت حملة
مكافحة الإرهاب إلى نتائج عكسية. ومع حكمة الادراك المتأخر، لا نستطيع أن نهرب من الاستنتاج بأن التأثير المشترك للجهادية منذ عام 2001 مع استراتيجية "حركية" في المقام الأول ـ وهي كناية شائعة مشتركة للقوة العسكرية الفتاكة والأساليب القسرية ـ قد وضع الأساس لطفرة التجنيد للجهاد.
على الرغم من النداءات المتكررة لتحويل التركيز العالمي على مكافحة الإرهاب نحو القوة الناعمة وزيادة الاعتماد على أساليب تنفيذ القانون، ظلت الوسائل العسكرية مهيمنة، على الرغم من أنها تعمل بالتعارض مع أغراض جهود مكافحة الأصولية والتطرف العنفي (5).
شهدت الفترة بعد عام 2011 تدخلات عسكرية ـ تجلى ذلك في مظاهر الآثار الصغيرة والكبيرة على حد سواء ـ في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن والصومال ومالي وبلدان أخرى كثيرة. فبعد تشكيل قيادة العمليات الخاصة المشتركة ( Joint Special Operations Command ) السرية للغاية في البداية، قادت الحكومة الأميركية حملة واسعة من عمليات الاغتيال في عشرات البلدان في جميع أنحاء العالم، زاد منها حرب الطائرات بدون طيار، التي توسعت خارج منطقة "أفباك" (AfPak) وصولا إلى مسارح في أفريقيا والشرق الأوسط (6).
وقد ترافقت الحملات العسكرية مع إنشاء أرخبيل عالمي لمراكز اعتقال سرية، حيث أساليب الاستجواب الوحشية تحاذي التعذيب.
لا يزال من السابق لأوانه القياس بدقة التأثيرات على المدى الطويل للحرب العالمية على الإرهاب، ولكن من الواضح بشكل جلي أن التداعيات السلبية كانت كبيرة، وخاصة انتشار النسخ المحلية للحرب العالمية على الإرهاب (GWOT). ففي فترة ما بعد عام 2001 وخاصة بعد ثورات الربيع العربي، قام عدد من دول الشرق الأوسط بصنع سردياتهم الخاصة لـ "الحرب على الإرهاب" (GWOT)، وذلك بالتدخل عسكريا في البلدان المجاورة بهدف معلن هو اقتلاع جذور الإرهاب (7).
والأمثلة كثيرة: الحملة المستمرة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، والغارات الجوية المصرية على ليبيا، قصف الأردن لأهداف تنظيم الدولة الاسلامية/ داعش (ISIS) في سوريا، وأخيرا وليس آخرا، نشر حزب الله التابع لإيران، وعلى نطاق واسع، لوحداته الشيعية المقاتلة في الحرب الأهلية السورية.
خسارة القلوب والعقول
كما ناقشنا بإسهاب في مكان آخر، العامل الذي جعل استراتيجية الحرب العالمية على الإرهاب (GWOT) تأتي بنتائج عكسية هو: أن العمل العسكري والأساليب القسرية باسم مكافحة الإرهاب تسببت في كثير من الأحيان بخسائر بشرية وانتهاكات مدنية، الأمر الذي جعل من السهل على أصحاب البروباغندا الجهادية إقناع جمهورهم بأنهم يشهدون حربا على الإسلام. وفي حين أنه غالبا ما يتم تقديم هذا الادعاء، إلا أن المرء بحاجة للحفر بشكل أعمق لدراسة التأثير الفعلي للحرب العالمية على الإرهاب (GWOT) على "قلوب وعقول" السكان العاديين في منطقة الشرق الأوسط. واستنادا إلى استطلاعات الرأي المتاحة بعد عام 2003، يبدو واضحا تماما أن محاولات كسب التأييد الشعبي في المعركة ضد تنظيم القاعدة قد انخفضت إلى حد أنها لا تلقى آذانا صاغية بشكل كبير. وتظهر استطلاعات عديدة في المنطقة مستوى عال وملحوظ من الدعم للجهاد (انظر الشكلين 1 و 2). وحتى بعد صعود تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش)، الوجه الأكثر عنفا ووحشية للجهادية المعاصرة، لا يزال هذا الفكر الايديولوجي يثير تعاطف الملايين من الناس في المنطقة.
على الرغم من أن الأرقام الإجمالية انخفضت عن المستويات العالية للغاية للقاعدة عقب غزو العراق في عام 2003 (8)، لا يزال هناك كتلة كبيرة من الدعم للجهادية. ففي العديد من البلدان في المنطقة، وخاصة مصر والأردن وفلسطين وتونس، يمثل المستطلعون ذوي الآراء "المستحسنة جدا" أو "المستحسنة إلى حد ما" لتنظيم القاعدة نسبة مئوية من رقمين. بيد أن التعاطف مع تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) أقل؛ ولكن، حتى هنا، فإن هناك ما بين 2 و 10 في المئة من المستطلعين في فلسطين، الجزائر، موريتانيا، السودان، مصر والمغرب ممن يعبِّرون عن آراء "ايجابية جدا" عن داعش. أما المجموع الكلي في المنطقة ككل فهو 3 في المئة، في حين أن الرقم يصل إلى 7 في المئة عند ضم العينة من ذوي "الرأي الإيجابي إلى حد ما" بمنظمة جهادية هي الأكثر فتكا في العالم. فمن أصل ما يقدر بـ 355 مليون نسمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشير استطلاعات الرأي إلى أن عدة ملايين من الناس قد يكونوا داعمين جدا لداعش و/ أو تنظيم القاعدة.
لبنان عبارة عن استثناء ملحوظ في هذا المجال، إذ لديه نسبة منخفضة جدا من الدعم لـ"داعش" و"القاعدة". وهذا يشير إلى وجود علاقة بين المسلم السني والهوية العربية القومية ودعم الجهاد. وبالنظر إلى أن المتعاطفين يميلون إلى التجمع والتركز في بعض أحياء ومناطق المدن، فإن هذه الأرقام المرتفعة تشير بقوة إلى أن الأساس الشعبي للجهاد هو أكثر من كاف للسماح للمتمردين بالعمل كـ " السمكة في المياه "، بحسب أدبيات حرب العصابات الماوية (9).
إذ أن مستوى الدعم الشعبي هو من القدر بحيث أن السكان المحليين في مناطق معينة على استعداد، وبشدة إلى حد ما، لتقديم العون، والتحريض وحتى تمجيد "المجاهدين" الذين يختبئون في وسطهم. وبعيدا عن كونها حركة إرهابية سرية معزولة أو متطرفة هامشية صغيرة، مكروهة ومهانة من قبل السكان المحيطين بها، تمكنت الحركة الجهادية من كسب موطئ قدم لها بين الجماهير (10).
التوسع بعد عام 2011
كان تنامي وانتشار الجماعات الجهادية أكثر وضوحا في أعقاب الثورات الشعبية العربية في عام 2011، وحملة الثورة المضادة اللاحقة بقيادة السعودية وبداية الحروب الأهلية في سوريا وليبيا واليمن. فالتوسع الإقليمي لدى المنتمين الى تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعود إلى ما قبل الربيع العربي بفترة طويلة، بدءا من المملكة العربية السعودية مع تشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب) (AQAP)، الذي كان نشطا بين عاميْ 2003 و 2006. وتشكلت فروعا أخرى للقاعدة في العراق في العام 2004 ( تنظيم القاعدة في العراق ( AQI) التي أعيد تسميتها بالدولة الاسلامية في العراق (ISI)، ولتتحول بعد ذلك إلى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) ISIS) ) ثم الى تنظيم الدولة الاسلامية (IS))، وفي الجزائر في العام 2006-2007 (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM)، الذي وسع عملياته بسرعة وصولا إلى معظم مناطق شمال أفريقيا) وأخيرا في اليمن (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP)، الناشط منذ عام 2009) (11).
____________________________________________________________
الشكل 1: نسبة المستطلعين الذين عبروا عن آرائهم بتنظيم القاعدة إما بـ " الاستحسان جدا" أو " الاستحسان إلى حد ما" وذلك في دول عربية مختارة.
تظهر الارقام حصة إجمالية من المشاركين الذين اختاروا " الاستحسان جدا " و "الاستحسان إلى حد ما " للسؤال: أخبرنا من فضلك إذا كان لديك رأي مستحسن جدا، أو مستحسن إلى حد ما، أو غير مستحسن نوعا ما أو غير مستحسن أبدا عن تنظيم القاعدة" ( بالنسبة المئوية). ملاحظة: البيانات غير متوفرة بالنسبة لفلسطين في عاميْ 2010 و 2012، وتونس لعاميْ 2010 و 2011. المصدر: "المخاوف بشأن ازدياد التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط،" مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center)، يوليو/ تموز 2014.
______________________________________________________________________
الشكل 2: نسبة المستطلعين الذين عبروا عن آرائهم بتنظيم الدولة الاسلامية إما بـ " إيجابي جدا"، أو "ايجاب الى حد ما"، أو " محايد"، أو "سلبي إلى حد ما"، أو " سلبي جدا"
المصدر: " مؤشر الرأي العام العربي 2015 "، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عام 2015، www.dohainstitute.org.
الجماعات المتمردة الجهادية لديها تاريخ طويل في منطقة الشرق الأوسط، وتمثل في بعض الأحيان تحديات خطيرة على الأنظمة القائمة. فقد هز تمرد اسلامي طال أمده نظام حافظ الأسد في سوريا بدءا من أواخر السبعينات حتى عام 1982 (12).
ومن أواخر الثمانينات حتى عام 1997، شن المسلحون الجهاديون المصريون حملة تمرد منخفضة الحدة ضد نظام مبارك (13).
وبعد الانقلاب العسكري الجزائري في يناير/ كانون الثاني عام 1992، حمل عدد كبير من الجماعات المتمردة الاسلامية السلاح، لتغرق البلاد في أتون حرب أهلية مدمرة اودت بحياة اكثر من 100 ألف شخص (14).
بيد أنه بحلول وقت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001، تراجع التشدد الجهادي كتحد أمني كبير يشكل خطرا على الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي، وسعت جماعات اسلامية متشددة إلى ملجأ لها في مكان آخر (15).
لذلك، لم يكن من قبيل الصدفة أن هجمات 11/9 لم يكن منشأها في الشرق الأوسط، وإنما في أفغانستان، التي أصبحت في نهاية التسعينات ملاذا آمنا للمتشددين الاسلاميين. وفي الفترة الأولى ما بعد هجمات 11/9، كانت الحرب على الارهاب بقيادة الولايات المتحدة تركز في المقام الأول على أفغانستان وباكستان. بيد أن حرب العراق في مارس/ آذار 2003 أثبتت بأنها نقطة تحول، مما مهد الطريق لتشكيل أول فرع لتنظيم القاعدة في العالم العربي، في بلد بالكاد سجل تواجدا للجهاديين على أرضه، مع استثناء ملحوظ لجيوب صغيرة في الشمال الذي يسيطر عليه الأكراد (16).
أما الإنشاء اللاحق لامتيازات تنظيم القاعدة في اليمن، شمال أفريقيا والصومال فكان عبارة عن منتج لإعادة تسمية وإعادة هيكلة جماعات اسلامية متشددة موجودة مسبقا أكثر منه تشكيلا لتنظيمات جديدة تماما (17).
كانت تبعية هذه التنظيمات لاسم تنظيم القاعدة، وسردياتها وطريقة عملها، وإن كان بشكل متفاوت ولا يخلو من تعديلات محلية كبيرة، كانت حاسمة في تطويرها. فقد مثل هذا الأمر اتجاها نحو توحيد الحركات الاسلامية المتشددة حول أجندة الجهاد العالمي.
انطلاقا من الخطاب المنشور من قبل منظرين رسميين ومتعاطفين عشوائيين على حد سواء خلال العقد الأخير من القرن الماضي، كانت القوة الدافعة وراء هذا التبني التدريجي لأجندة القاعدة ونظرتها الى العالم الواقع الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط: فرض الاحتلال العسكري للأراضي العربية والإسلامية بقيادة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من صياغتها بلغة دينية واضحة، كانت الدعوة إلى المقاومة ضد الاحتلال حاضرة بشكل كلي في الخطاب الجهادي. وقد يقول قائل بأن القومية – التي تجلت تاريخيا في العديد من المظاهر المختلفة في المنطقة، سواء على الصعيد المحلي، أو القومية العربية أو الاسلامية عموما- هي التي دفعت بالشباب إلى أيدي الجهاديين، وليس الحماس الديني والتعصب وكراهية الأجانب.
وكانت هذه الصلة مع المشاعر القومية هي التي مكنت الحركة الجهادية من التوسع من حركة سرية لتصبح جزءا لا يتجزأ من تمرد اجتماعي.
في أعقاب الانتفاضات العربية في عام 2011، شهدت المنطقة تزايدا حادا، ولكن متفاوتا جدا، في العنف السياسي. وكما يتبين من الجداول أدناه، تظهر البيانات الصادرة عن قاعدة بيانات الإرهاب العالمي (Global Terrorism Database) تزايدا في العنف السياسي في معظم البلدان، مع استثناء ملحوظ في المغرب والجزائر. وهذه الزيادة تعتبر مثيرة في بلدان تأثرت بشدة بثورات الربيع العربي، بما في ذلك مصر، ليبيا، سوريا، تونس واليمن. وكانت التغييرات بعد عام 2011 أقل وضوحا بكثير في الحكومات الملكية المحافظة في الأردن والمغرب والمملكة العربية السعودية، وهي البلدان التي أخمدت احتجاجات المتظاهرين في الشوارع بمجموعة من الزيادات في استحقاقات ومزايا الرعاية الاجتماعية والمرتبات والأساليب القسرية ووعود الإصلاح السياسي (18).
الشكل 3: أعمال الإرهاب في الشرق الأوسط 1999-2014، استنادا إلى البيانات المقتطعة من قاعدة بيانات الإرهاب العالمي (GTD)
يتم جمع البيانات من قاعدة بيانات الإرهاب العالمي (www.start.umd.edu/gtd)، أكثر قواعد البيانات المفتوحة القائمة التي يمكن الوصول اليها حول الإرهاب شمولا واعترافا بصحتها. إن معايير البحث المستخدمة لجمع البيانات هي كما يلي: تم استبعاد جميع الحالات الغامضة وبالمثل، كانت الهجمات الفاشلة والمؤامرات مستبعدة. لم يصدر أي محاولة للتمييز بين الأشكال الجهادية وغير الجهادية للإرهاب. وبما أن الجماعات المتمردة الجهادية هي المرتكب الرئيس للعنف الإرهابي خارج مناطق الحرب الأهلية في سوريا، العراق، ليبيا واليمن، وأيضا بين الفصائل المتمردة الأبرز في جميع البلدان مع أعمال التمرد، فإن الإحصاءات هي على الأرجح مرآة جيدة نسبيا تعكس صورة اختلافات العنف الجهادي.
أما مستوى العنف في تونس، البلد العربي الوحيد الذي نجحت فيه الثورات في تحقيق الانتقال إلى حكم ديمقراطي، فقد تم احتوائه، على الرغم من وجود إرهاب سري لديه قواعد دعم في ليبيا البلد المجاور (19).
وحيث فشلت الثورات بإزاحة الأنظمة القائمة، أفسحت الانتفاضات الشعبية الطريق لأعمال تمرد طويلة ترافقت مع قمع متطرف معادي للثورة (مصر) (20)، أو انزلق الوضع إلى حروب أهلية واسعة النطاق (سوريا وليبيا واليمن). وكانت النتيجة الإجمالية مستويات عالية وغير مسبوقة من العنف مع أثر كبير انتشر إلى الدول المجاورة (لبنان والأردن والمملكة العربية السعودية) (21).
وشهد حتى العراق، الذي كان يعاني بالفعل من مستويات عالية جدا من العنف من منتصف وحتى أواخر العقد الأخير من القرن الماضي، تصاعدا في العنف بعد عام 2011، وذلك كحصيلة ثانوية للحرب الأهلية السورية وصعود داعش ( تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام)، أما البلد الاستثنائي من هذا الاتجاه العام الصاعد فكان الجزائر، البلد الذي عانى من مستويات عالية جدا من العنف الجهادي في منتصف التسعينات، أعقبه انخفاض في هذا العنف معظم الفترة الممتدة من العقد الأخير من القرن الماضي.
لم تقدم البيانات العددية إلا عملا متواضعا في نقل الصورة الكاملة للتحول الجهادي في حقبة ما بعد عام 2011. فالبعد الكمي ليس سوى جزء من هذا التحول. وخلال ثورات الربيع العربي، برز مشهد جهادي أكثر تنوعا بكثير. وخرج المحاربون الجهاديون المخضرمون، الذين لم يعودو محصورين في خلايا سرية وشبكات غامضة، وكذلك المتعاطفون معهم الى العلن وبدؤوا العمل في مجموعة متنوعة من المجالات، بدءا من التبشير (الدعوة) والعمل الخيري وصولا إلى أنشطة الشوارع وحفظ النظام في الأحياء في إنفاذهم للشريعة التي نصبوا أنفسهم أوصياء عليها. لقد خلق ضعف الأنظمة القائمة في تونس وليبيا ومصر واليمن مساحة للجهاديين لإنشاء تنظيمات لها مكاتب عامة، والانخراط في النشاط السياسي، بما في ذلك الاعتصامات والمظاهرات العامة. وبرز عدد من الجماعات السلفية المتشددة، تحت مسمى جماعة أنصار الشريعة في كثير من الأحيان، التي كان يخفف من دعوتها إلى الكفاح المسلح مزيج من النشاط الاجتماعي ودرجة البراغماتية العقائدية لديها بما يخص متى وأين ومتى يكون الجهاد المسلح واجبا وله الأولوية.
هذا التطور كان أكثر وضوحا في تونس وليبيا، إلا أن الحظر اللاحق لجماعة أنصار الشريعة في تونس أدى إلى انكماش نشاطها الاجتماعي والتركيز بوضوح أكثر على العمل العسكري (22).
في حالة اليمن، كانت جماعة "أنصار الشريعة" مرتبطة أيضا بفرع القاعدة القائم وأدت دورها كواجهة علنية لها. وبدا أن مشهد الجهادية الأكثر تنوعا يقدم الإمكانية مستقبلا لتسييس وترويض الجهادية. هذا الاحتمال لم يستند على افتراضات ساذجة. فبعد كل شيء، كانت المنطقة بحلول عام 2011 قد شهدت بالفعل سلسلة من المبادرات الناجحة للتقليل من التطرف (deradicalisation: هو الهدف من هذه البرامج الحد من هذه الوصمة، الحد من عدد الناس المعتقلين، منع تورط السلطات الأمنية، مساعدة المتطرفين السابقين على الاندماج، ومساعدتهم على أن يصبحوا أصواتا قوية ضد التطرف في المجتمعات المحلية) التي تم استقطابها من قبل عدد من الجماعات والفصائل الاسلامية المسلحة والمنظرين الأصوليين في المغرب، الجزائر، ليبيا، مصر، المملكة العربية السعودية، اليمن ولبنان، وفي بعض الحالات وافق هؤلاء أيضا على إعادة النظر في برامجهم الأيديولوجية (23).
كان تزايد انخراط الجماعات الجهادية في الأنشطة غير العسكرية بعد الربيع العربي يشير إلى أن حتى الجماعات المنتمية للقاعدة قد تكون عرضة للتحول والانتقال إلى الحياة المدنية. وفي هذا الصدد، كان تشكيل المنظمات الأمامية من قبل القاعدة في جزيرة العرب (AQAP)، إحدى أهم الفروع الإقليمية لتنظيم القاعدة، عبارة عن تطور هام، يدل على الطموح إلى التوسع من تنظيم يقوم بحرب عصابات له شبكة سرية إرهابية إلى لاعب سياسي. ولم يكن تشكيل القاعدة في جزيرة العرب (AQAP) لجماعة "أنصار الشريعة" والتفاعل المتزايد مع المجتمع على مستوى منخفض في جنوب اليمن تطورا معزولا. في الواقع، شهدت فترة ما بعد عام 2011 التحول التدريجي لعدد من الحركات الجهادية في المنطقة من جماعات سرية ارهابية إلى "جماعات متمردة تشكل جزءا لا يتجزأ من المجتمع" يُطلب لها التعبئة والدعم الشعبي بنشاط (24).
ولم تكن مغازلة القاعدة الجماهيرية شعبية شيئا جديدا في الخطاب الإيديولوجي الجهادي (25).
بيد أن الأمر الجديد هو الفرص المتاحة بممارسة الجهاد بصفتها جهات فاعلة مناطقية (اقليمية) على الأرض وتجاوز رتابة الدعوات للكفاح المسلح وحده. ومن ثم، انتقل الجيل الجهادي في مرحلة ما بعد الربيع العربي إلى مرحلة تشكيل "الإمارات" أو شبه دول (proto-states) على نطاق غير مسبوق. وفي فترة السنوات الخمس الممتدة ما بين عامي 2011 و 2016، أنشأ الجهاديون شبه دول (proto-states) إقليمية أكثر مما فعلواعلى مدى أكثر من 20 عاما وذلك منذ تأسيس تنظيم القاعدة في عام 1988 (26).
هذا التطور هو جزء من التوسع الحاصل في الحركة الجهادية نحو العالم المدني ووكذلك من تحولها، الذي ألمح إليه أعلاه، من حركة ارهابية سرية إلى حركة تمرد راسخة اجتماعيا. وهذا يقدم فرصا جديدة للجماعات الجهادية المحلية من أجل تسويق نفسها لدى الجماهير المحلية والعالمية. فمن خلال السيطرة على الأراضي والتظاهر بأنهم الحكام، يبذل الجهاديون، بدءا من "إمارة زنجبار" الصغيرة في اليمن وصولا إلى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) التي تسيطر على الرقة والموصل، الجهود لحكم النظام القائم " من خارج الحكم" ، وليس مجرد إثبات الاجتهاد في فرض التفسيرات المتطرفة للشريعة الاسلامية ومظاهر محاربة الشرك والكفر. كما يروِّج هؤلاء لأنفسهم في المجالات الدنيوية من خلال فرض النظام العام، محاربة الجريمة، وتوفير الخدمات العامة وإظهار أسلوب حكمهم البيروقراطي غير الفاسد.
أما الواقع القاسي لحكم داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) فقد وصفه شهود العيان في العديد من الروايات بشكل واضح، ولا ينبغي التشكيك بها. مع ذلك، وفي منطقة مدنية ـ حربية، فإن أي تنظيم يمكنه توفير الحد الأدنى من السلامة من هجمات الحكومة والانغماس في عمليات القتل التي تمارسها الميليشيات العرقية الطائفية سوف يكسب في الغالب بعض الدعم المشروط من السكان المحليين (27).
بالاضافة الى ذلك غالبا ما تعتمد جماعات التمرد الجهادية بشدة على دعم الشبكات الخارجية التي تقوم بضخ الأموال والمقاتلين الأجانب إلى منطقة الحرب، مع كون المقاتل في داعش المجند الجهادي الأكثر نجاحا من بين المتطوعين من خارج منطقة الصراع.
الجدول 1. انتشار الدول الأولية الجهادية في العالم العربي بعد عام 2011
وبحكم نجاحه في احتلال أراضي واسعة في سوريا والعراق وادعاء الخلافة لنفسه، سوَّق تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) لنفسه لدى الشتات الجهادي العالمي، ليس فقط باعتباره الجبهة الجهادية المباركة أكثر من غيرها، ولكن أيضا بوصفها المدينة الفاضلة ( اليوتوبيا)، الدولة الإسلامية الفاضلة التي تحقق الرؤى التي طال انتظارها عن المعارك الأخيرة للإسلام على أبواب القدس في نهاية الزمان. واستنادا إلى نذر الشؤم عن نهاية الأزمان، والى قوته العسكرية التي لا يمكن إنكارها على أرض المعركة، كان تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) أكثر نجاحا من أي جماعة تمرد جهادية في جذب المتعاطفين من جميع أنحاء العالم. وخلال فترة لا تتجاوز بضع سنوات، تمكن تنظيم داعش من إقناع عشرات الآلاف من المتطوعين الأجانب بالشروع بـ"الهجرة الواجبة" لـ "العيش في ظل الخلافة" والقتال مع مجاهدي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) (28). هذا النجاح ملحوظ بشكل أكبر حتى نظرا لارتفاع معدل الإصابات بين المتطوعين الأجانب، الذين غالبا ما يتم نشرهم في المقدمة كمقاتلين مستهلكين في مواجهة نيران العدو وكانتحاريين.
الأسباب الكامنة
تركز النقاش حول التوسع الملحوظ للجهادية في العالم العربي بعد عام 2011 على مجموعة من العوامل. وحيث أن المناقشة الشاملة لهذه المناقشات أمر يتخطى نطاق هذه الدراسة، يكفي هنا اجراء مسح لبعض أكثر التفسيرات شيوعا. إذ كثيرا ما ينظر إلى انسحاب الجيش الاميركي السابق لأوانه من العراق عشية الربيع العربي، وتفاقم السياسات الطائفية لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وابعاد الجهات السنية عن الحكم، على أنها العوامل الرئيسة وراء إعادة توليد الحركة الجهادية في العراق بعد هزائمها العسكرية الساحقة في أواخر العقد الأخير من القرن الماضي. كما أن اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في نفس الوقت تقريبا، والذي جعل النظام يسحب قواته تدريجيا ويتخلي عن السيطرة على شمال شرق سوريا، مهد الطريق لتأسيس ملاذ آمن سوري لحركة كانت حتى ذلك الحين عبارة عن حركة جهادية يهيمن عليها عراقيون في معظمها.
انهيار الدول العربية
بشكل عام، سهَّل ضعف أو انهيار سلطة الدولة في أعقاب ثورات الربيع العربي عن غير قصد نمو الجماعات الجهادية، ليس فقط في سوريا، ولكن أيضا في شمال أفريقيا واليمن. ففي منطقة المغرب العربي، أدى انهيار نظام القذافي إلى نهب مستودعات السلاح الضخمة للحكومة. وكانت التداعيات المأساوية لهذه الخصخصة الهائلة للأسلحة التقليدية في جميع أنحاء المنطقة هي أنها أدت إلى طفرة كبيرة في أنشطة المتمردين الجهادية، والذي تجلى بوضوح في " أميناس" في الجزائر، حيث استولى الجهاديون على منشأة نفطية محمية بشكل جيد واحتلوا مساحات شاسعة وضخمة من الأراضي في شمال مالي في عام 2012. وفي اليمن، وبالمثل، تخلت القوات الحكومية المحاصرة عن السيطرة على أجزاء واسعة من جنوب اليمن، مما سمح لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP) وأنصاره بالاندماج وإعادة تنظيم قواته. كما أن انزلاق اليمن إلى حرب أهلية والذي أدى الى انضمام قوات الدكتاتور الرئيس علي عبد الله صالح الى المتمردين الحوثيين ضد النظام الجديد المدعوم من السعودية خلق وضعا تجنب فيه المسلحون الجهاديون من الانحياز الى أي جانب من الجانبين. وركز هؤلاء بدلا من ذلك على إعادة بناء قواعدهم الإقليمية ببطء في الجنوب وحازوا على درجة من الشرعية المحلية من خلال تحالفاتهم مع الجماعات القبلية والنخب المدنية المحلية.
أما في ليبيا، فقد تلا ذلك حرب أهلية معقدة مربكة قامت بها الجهتان الفاعلتان المهيمنتان وهما تحالف "الكرامة" في شرق البلاد بقيادة الجنرال حفتر ( خليفة بلقاسم حفتر) وائتلاف "الفجر"، ومقره في طرابلس ومصراتة، بهدر طاقاتهما في محاربة بعضهما البعض اكثر بكثير مما فعلا في مواجهة التهديد الناشئ من الجماعات المنحازة الى داعش في بنغازي، درنة، وسرت. وبالمثل، وفي سوريا، كان نظام الأسد، وعلى الدوام، يركز الموارد العسكرية على قوى المعارضة الثورية، وليس على داعش أو الجيوب الكردية في شمال شرق البلاد، معتبرا الأولى ( المعارضة السورية) عدوه الأخطر. وبالتالي، تم تسهيل توسع الجهاديين في سوريا بما يشبه تحالف الأمر الواقع بين الأسد وتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) بما يخص قسما كبيرا من المراحل الأولى للحرب الأهلية.
غموض حول دور الولايات المتحدة
من العوامل الرئيسة التي تنطوي عليها النهضة الجهادية في المنطقة الغموض الجديد الذي يحيط بدور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في عهد الرئيس باراك أوباما. ففي دول الخليج خصوصا، أخذت النخبة الحاكمة علما بالسهولة التي رضخت فيها الولايات المتحدة، بل وحتى صفقت، لسقوط حسني مبارك، الذي، وبعد كل شيء، كان الحليف القوي للولايات المتحدة لعقود والمستفيد من برامج مساعدات بمليارات الدولارات سنويا منذ السبعينات. كما أن الاتفاق النووي مع ايران، وبالمثل، أثار الشكوك العربية تجاه واشنطن لجهة أنها بدأت تتعامل بفتور مع حلفائها العرب في الخليج. وكانت السياسات الأميركية في الشرق الأوسط مبنية على ثلاثة مبادئ رئيسة هي: أمن إسرائيل، الوصول إلى النفط، والإرهاب (29).
أثارت الانتفاضات العربية والرد الأميركي شبح تغيير النظام المزعج، مما دفع الأنظمة العربية إلى إعادة صنع المنطقة بشكل أكثر استباقية ومن دون توجيه الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، تبع ذلك سياسة خارجية جديدة ذات نزعة مباشرة، كان على رأسها نظاميْ الحكم في السعودية والإمارات العربية المتحدة (30).
وكان هناك اثنان من الأجندات السياسية الرئيسية على درجة قصوى من الأهمية: القضاء على التيار الإسلامي بشكل عام، وحركة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، باعتباره الفاعل السياسي الشرعي في المنطقة وحشد الرأي العام العربي وراء إعادة التأكيد الهجومي على الهيمنة السنية في مقابل الخطر الشيعي الايراني.
في هذه اللعبة الجديدة من الثورة المضادة والتعبئة المذهبية، لم يكن الجهاد أولوية رئيسة، على الرغم من التأكيدات والدعوات الرسمية المتكررة حول ضرورة شن حرب على تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) والقاعدة. في الواقع، ومن خلال السعي لحظر جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة وبتمويل سخي من المجلس العسكري الجديد في مصر من عام 2013 فصاعدا، ساعدت المملكة السعودية وحلفاؤها على إحداث التهميش للبديل الإسلامي السياسي الأقوى للحركة الجهادية. وفي حملتهم للثورة المضادة ضد الخيار الإسلامي البرلماني، مول النظام الملكي السعودي وحليفه في الإمارات العربية المتحدة، وبسخاء، النظام الأكثر قمعا في مصر في العصر الحديث. وكان التأثير كما هو متوقع (31).
فمع اغلاق جميع القنوات السياسية، قُتل الآلاف من المتظاهرين الاسلاميين وأصبح هناك عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وتضخمت صفوف الجماعات الجهادية المصرية مع انضمام المنشقين من الجماعات الإسلامية غير العنفية (32).
وتواجه مصر في ظل دكتاتورية السيسي أخطر تمرد جهادي في مصر في فترة ما بعد الاستقلال، ويتجاوز إلى حد كبير مستوى العنف الذي كان خلال فترة الصراع المستعر أوائل التسعينات (33).
مرونة حركات التمرد العابرة للحدود هناك سبب آخر وربما أكثر جوهرية للمرونة الملحوظة للجهادية المتشددة في المنطقة وهو طبيعته العابرة للحدود. إذ على عكس الثورات العرقية والقومية أو النضال الثوري ضد السلطات الوطنية، الجهاديون ليسوا ملزمين عقائديا بالقتال في بلد واحد فقط أو ضد نظام وطني معين فحسب. فالكفاح المسلح لتنظيم القاعدة ( "الجهاد العالمي") هو لعموم الإسلاميين، يهدف إلى تحرير جميع الأراضي الإسلامية، وضد تحالف الدول الغربية المتحالفة مع الدول العميلة العربية والإسلامية. فالعالم كله منطقة مشروعة للعمليات الجهادية، وعلى مدى السنوات الـ 25 الماضية، قاتلت الجماعات المسلحة التي تشارك تنظيم القاعدة أيديولوجيته مع حركات التمرد، بدءا من آسيا والشرق الأوسط وصولا إلى المغرب العربي والساحل وشرق أفريقيا. بالتالي، وعلى المستوى الأيديولوجي، ما كان يمكن أن يكون هزيمة عسكرية ساحقة لجماعة تمرد عرقية - قومية هو مجرد نكسة تكتيكية محدودة بالنسبة للجهاديين. إن عدم وجود "نقاط الجاذبية" الجغرافية الحاسمة يضمن البقاء على المدى الطويل للحركة العالمية على الرغم من الهزائم العسكرية المتكررة وتدمير المجموعات المحلية.
يصح القول بأن العديد من الجماعات المتمردة التي تقع تحت تسمية التنظيمات الجهادية لها جذور محلية قوية ويتم تزويدها على وجه الحصر تقريبا بالمجندين المحليين؛و ينبغي عدم التقليل من شأن الطابع المحلي للمتمردين الذين يزعمون بأنهم جهاديون عالميون (34).
مع ذلك، إن المتمردين الجهاديين، وخلافا للمتمردين المسلمين المحليين، يتفاعلون مع شبكة واسعة من الجماعات ذات التفكير المماثل، التي تعمل تحت قيادة القاعدة (أو تنظيم الدولة الاسلامية : داعش) وبدعم من شبكة منتشرة جغرافيا من المتعاطفين المتفانين في جميع أنحاء العالم. وعلى مدى العقود الماضية، عززت هذه الدائرة من المناصرين قدرتها على حشد الأموال، وتشغيل قنوات الدعاية على الانترنت وتجنيد وإرسال المقاتلين الأجانب. والصعود الصاروخي في عدد المقاتلين الأجانب الداخلين إلى سوريا والعراق على مدى السنوات القليلة الماضية لهو مثال على ذلك. فقد تم تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين المتطوعين من عشرات البلدان في جميع أنحاء العالم، وهذا تذكير واقعي بقدرة الحركة الجهادية على التعبئة العسكرية وارسال المجندين إلى جبهات تعتبر أولوية. خلاصة القول، وعلى الرغم من أن العديد من الجماعات الجهادية لا تزال في غالبتها ذات تعبئة محلية - مع كون داعش في سوريا والعراق وليبيا استثناءات مهمة – إلا أن ترابطها مع بنك الموارد العالمية هذا، هو أحد الأصول الحيوية الذي يمنح الجماعات المتمردة الجهادية مرونة فريدة من نوعها.
أما التفسير آخر للقدرة على اتحمل المكتسبة من كونها حركة تمرد عابرة للحدود فهو رأس مالها من الموارد البشرية. فالجماعات الجهادية المرنة تستفيد عادة من مجموعة أساسية من المحاربين المخضرمين الذين قاتلوا في مختلف جبهات الحرب على مدى العقود الماضية، بل أن بعضهم كان قد شارك في حرب التحرير الأفغانية في الثمانينات. وتتشاطر الجماعات الجهادية هذه الخبرة المتراكمة من حرب العصابات ويتم توثيقها ونقلها عبر مكتبة ضخمة ومتنامية على الانترنت من المذكرات والكتيبات والمحاضرات المسموعة على أشرطة تسجيل ومواد الفيديو. فضلا عن ذلك، فإن الممارسة الفعلية لحرب العصابات في مختلف مسارح الصراعات على مدى فترة طويلة أيضا هي بمثابة عملية "داروينية" لاختيار المحاربين المخضرمين القادرين جدا. وحالة الجبهة العراقية تدل على ذلك بوضوح. فمع اكتسابهم أول موطئ قدم لهم في المنطقة في مرحلة ما بعد غزو العراق، واجه المتمردون الجهاديون خصما عسكريا هائلا في ساحة المعركة. فمن خلال القتال في حرب تمرد طال أمدها ضد القوات القتالية الأميركية، تكبد تنظيم القاعدة في العراق (AQI)، التنظيم السلف لداعش ( تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام)، خسائر فادحة وعانى من انشقاقات داخل صفوفه في منتصف وأواخر العقد الأخير من القرن العشرين، بما في ذلك كبار القادة. مع ذلك فإن النواة الصلبة من الجهاديين ، ومقرهم العراق، نجت وتمكن هؤلاء من إعادة تنظيم قواتهم في تنظيم متماسك مع نهاية العقد. وعندما قاتل هذا التنظيم تحت لواء داعش ( تنظيم الدولة الاسلامية) الجديد، أثبت براعته العسكرية بتسجيله الانتصارات اللافتة في ساحات المعارك ما بين عاميْ 2013-2015 .
تقارير الحرب الجهادية
من أجل توضيح أكبر وتام للطابع العابر للحدود للحركة الجهادية المعاصرة، تقدم هذه الدراسة أدلة تجريبية جديدة بناء على تقاريرها الحربية. والمواضع الجيدة لاستكشاف أولويات القضايا العقائدية والسياسية والعسكرية الجهادية هي منتديات الإنترنت الجهادية. فقد كانت هذه المنتديات هي الساحات الأيديولوجية الأساسية، وأماكن الاجتماع وقنوات الاتصال / البروباغندا بالنسبة للجهاديين منذ أوائل العقد الأخير من القرن الماضي وصولا الى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، التويتر على وجه الخصوص، قبل أن تبدأ مكانتهم بالتآكل في عام 2012- 2013 (35).
يكشف تحليل للبلاغات الرسمية المنشورة على مواقع جهادية من الدرجة الاولى بين عامي 2005 و 2013 عن نمط مماثل لافت للنظر لذاك الذي لحركات التضامن العالمية، الذي تتغير فيه بؤرة نضال النشطاء على مر الزمن من منطقة إلى أخرى، والخبر السار من احدى الجبهات يعوض عن النكسات في غيرها من الجبهات.
ظل العراق وأفغانستان بؤرة التركيز البارزة في الحركة الجهادية حتى الربيع العربي في عام 2011، مع تصور الصومال كجبهة أمامية ثالثة، أكثر جبهة كان يرد ذكرها في التقارير خلال نفس الفترة. وليس صدفة أن تكون جميع الدول الثلاث قد شهدت فترات طويلة من الاحتلال العسكري الكامل، إما عن طريق قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة أو قوات متحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة (36).
إن التركيز الصريح لتقارير الحرب الجهادية عن أنشطة المتمردين في الأقطار الاسلامية الموجودة تحت الاحتلال يؤكد مرة أخرى على الحجم الكبير لموضوع المقاومة للحكم الأجنبي الذي يحتل حيزا في أيديولوجية الحركة.
ولا تمثل التقارير من مناطق أخرى عن نشاط المتمردين الجهاديين سوى جزء صغير من التقارير الواردة من العراق، أفغانستان، والصومال. مع ذلك، فإن البلاغات الرسمية عن الحرب الجهادية من المغرب العربي والشيشان وشبه الجزيرة العربية لا تزال حاضرة طوال الفترة بأكملها، مما يعزز الصورة عن وجود حركة تمرد عالمية ومتعددة الجبهات حقا. وإن غياب جبهة واحدة مهيمنة هو أيضا سمة بارزة، مع عمل الجبهة الأكثر نشاطا بالتناوب ما بين العراق (2005-2007، 2011) وأفغانستان (2008-2010 )، الصومال (2012)، وسوريا (2013). وهذا يؤكد الطبيعة الديناميكية لهذه الحملة العابرة للحدود. وربما تكون هناك مركزية إثنية عربية معينة واضحة في نهاية هذه الفترة، عندما تختفي التقارير الحربية الواردة عن حركة تمرد طالبان في أفغانستان (37).
بدلا من ذلك، أصبحت الإحصاءات تسودها تطورات متسارعة بسبب الجماعات المتمردة الجديدة في سوريا. بيد أن النشر المستمر لأعداد كبيرة من البلاغات الاعلامية لحركة "الشباب" في عام 2012 و 2013، يبين أن المشرفين الجهاديين على منتديات شبكة الإنترنت لا زالوا يأخذون حيزا كبيرا من الاهتمام في الفرع الجديد لتنظيم القاعدة في منطقة القرن الأفريقي، حتى في خضم أحداث الربيع العربي الدرامية.
نحو تحالف كبير
ما يعزز الأساس الأيديولوجي للتمرد الجهادي العابر للحدود، كما يتضح من البيانات الإحصائية أعلاه، هو المزيد من التطورات التنظيمية على امتداد العقد الأخير من القرن الماضي نحو تلاحم تدريجي للجماعات المسلحة المحلية والإقليمية تحت مظلة تنظيم القاعدة. ويصح القول أن هناك العديد من الأمثلة عن التنافس الحاصل بين الجماعات الجهادية، لكن الفكرة عن أن هذه المنافسة داخل الجهادية تقلل من حرية الحركة الى صدفة خاوية، وأنه ليس هناك حركة جهادية هي فكرة مبالغ بها (38).
والأمثلة على التعاون والاندماج كثيرة: اندماج حركة الجهاد الإسلامي المصرية مع تنظيم القاعدة في عام 2001؛ امتصاص مجموعة التوحيد والجهاد ( عباءة الزرقاوي) في تنظيم القاعدة في عام 2004؛ تحول الجماعة السلفية الجزائرية (GSPC) إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM) وتحولها إلى حركة تمرد إقليمية في عام 2006-2007. تلاحم المسلحين المتشددين الجهاديين اليمنيين والسعوديين في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في عام 2009؛ الدخول الرسمي لحركة "الشباب" في تنظيم القاعدة في عام 2012؛ وأخيرا، جبهة النصرة، واحدة من أقوى فصائل المتمردين في سوريا، مشددة على مكانتها باعتبارها الفرع السوري لتنظيم القاعدة (39).
وثمة اتجاه مماثل وواضح تحت مظلة داعش في فترة ما بعد عام 2011: استيعاب داعش ( تنظيم الدولة الاسلامية) لتنظيم "أنصار الإسلام"، واحدة من الجماعات المتمردة الأكثر فتكا في العراق طوال العقد الأخير من القرن الماضي؛ تحول جماعة أنصار بيت المقدس ومقرها مصر إلى فرع لداعش ( " محافظة سيناء") في عام 2014؛ وتعهدات أخرى عديدة بالولاء لقائد داعش "الخليفة إبراهيم" من قبل جماعات متمردة هامة مثل "بوكو حرام"، ومقرها في شمال نيجيريا، وحركة أوزبكستان الاسلامية، ومعاقلها في المنطقة الواقعة على الحدود بين أفغانستان وباكستان.
لقد أريق الكثير من الحبر للكتابة عن التنافس الموجود بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية. وتتراوح التقديرات من سيناريو متفائل أكثر من اللازم بزوال الجهادية نتيجة لهذه الحرب الأهلية إلى نظرة متشائمة تقول بأن هذا التنافس يوضح ليس فقط الحيوية الجديدة للجهادية المعاصرة، بل ويشجع أيضا المتنافسين على العمل باستمرار على تحسين عملياتهم الفتاكة من أجل كسب أنصار جدد (40).
وحتى الآن، لم يحطم تحدي داعش ( تنظيم الدولة الاسلامية) التحالفات الاقليمية لتنظيم القاعدة بشكل جدي. في الواقع، لم تنشق الفروع الإقليمية الأكثر أهمية لتنضم إلى تنظيم داعش، وتمكن تنظيم القاعدة حتى من تكوين فروع لتنظيمات إقليمية جديدة منذ عام 2011 (41). ولم تنضم إلى داعش سوى الجماعات ذات الانتماء الفضفاض لتنظيم القاعدة (الحركة الإسلامية في أوزبكستان، إمارة القوقاز، وبوكو حرام)، وكذلك العديد من الجهاديين الصغارالوافدين بعد عام 2011. ولم تنضم الى داعش حركة طالبان الأفغانية، وهي واحدة من حلفاء تنظيم القاعدة الأكثر أهمية منذ أواخر التسعينات، والتي اختارت بدلا من ذلك شن حرب شعواء لاستئصال كل وجود لداعش في أفغانستان (42).
وفي حين يبرهن تنظيم داعش عن نجاح كبير في موضوع " الخلافة"، شبه الدولة (proto-state) في سوريا والعراق، يجدر بنا أن نتذكر أن تنظيم القاعدة، ومن خلال فروعه في العالم العربي، قام بانشاء وادارة عدد من الولايات شبه الدولة (proto-state ) في الفترة ما بعد عام 2011، أكثرها وضوحا في اليمن وشمال مالي. ( في هذا الصدد، إن الفكرة المقبولة بأن "القاعدة لم تظهر الكثير من الاهتمام في أخذ أو الامساك بالارض من اجل اقامة دولة اسلامية وحكمها" لا تصمد عند التدقيق بها) (43).
وبالمثل، استطاع تنظيم داعش تشكيل شبه دولة (proto-state) جديدة واحدة فقط خارج سوريا، تقتصر في معظمها على جيوب مدينة في ليبيا عدد سكانها وأسس ايراداتها أقل من بكثير بالمقارنة مع منظمته الأم (44).
أيديولوجية التمرد المهيمنة
زوال الجهادية على المدى القريب كعقيدة تمرد أو كعقيدة للقاعدة كمنظمة لا أساس له بشكل واضح. بيد أن ما يشير له التنافس المستمر بين القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، هو أن الجهاديين يتمتعون الآن بمكانة لا مثيل لها كفكر أيديولوجي هو الأكثر شعبية في أوساط متمردين متشددين في منطقة الشرق الأوسط اليوم. هذه المكانة المهيمنة تمتد إلى العديد من البلدان المسلمة بغالبيتها. ولم يحدث أبدا في الماضي القريب أن سعى العديد من الجماعات المتمردة والمسلحة المحلية في هذه البلدان الى تثبيت شعار واسم الجهاد بهدف مفترض هو الفوز بالدعم الخارجي أو اكتساب مزايا يتفوقون بها على المنافسين المحليين كما هو حاصل اليوم. هذا التطور يشبه الى حد ما التنافس بين الماركسية والماوية والجماعات المتمردة في العالم الثالث، بدءا من الستينات وحتى نهاية الحرب الباردة. إلا أن اختلافا كبيرا يبرز هنا. ففي كان بامكان المتمردين الماركسيين الاعتماد على الدعم المادي والايديولوجي من جانب الكتلة الشيوعية، فإنه لم يكن للتنظيمات الجهادية المعاصرة دول راعية مخصصة. إنها تضطر إلى الاعتماد على شبكات دعم خاصة غامضة. وقد أصبحت هذه الرعاية أكثر فعالية بكثير اليوم مما كانت عليه في الماضي بسبب التأثير المشترك للاتصال بشبكة الإنترنت والهجرة ونمو مجتمعات الشتات المسلمة في الدول ذات الدخل المرتفع (45).
دخول الشباب
مع ذلك هناك سمة بارزة أخرى للجهادية المعاصرة قد تساعدنا على فهم العوامل الدافعة التي تقف وراء هذا التمرد العابر للحدود وهي استمرار جاذبيته بين الجماهير المتنوعة في العالم العربي، وخاصة الشباب، على الرغم من نشره للعنف الوحشي على نحو متزايد (46).
يغطي المجندون الجهاديون الطيف بأكمله، بدءا من المثقفين الشباب من الطبقة الوسطى وصولا إلى المحرومين الفقراء والمسلمين المولودين ثانية مع تاريخ سابق من جرائم الشوارع. إن أدبيات " التطرف الاسلامي" غامضة للغاية فيما يتعلق بالأسباب، عادة ما تقدم قائمة طويلة من الدوافع المحتملة، من القمع السياسي ومشاعر الإذلال وصولا إلى الفقر وانعدام فرص التعليم والعمل. على الرغم من أن المناقشة الكاملة هي خارج نطاق هذه الدراسة، إلا أن الجانب الذي كثيرا ما يتم اغفاله من الجهادية المعاصرة في العالم العربي هو طابعها الذي تتسم به في مكافحة النظام الأبوي ومكافحة النظام القبلي والعشائري. قد يبدو هذا بمثابة حجة غريبة، في ضوء الأدلة الدامغة على الخطاب المعادي للنساء وممارسة الجهاديين الذكور. مع ذلك، يمكن أيضا أن يفهم النظام الأبوي والقبلي على أنه هيمنة من قبل كبار السن من الرجال على من هم أصغر سنا، وعادة من خلال نوع ما من مجتمع القرابة أو الشبكة الزبائنية. فالجماعات المسلحة الجهادية معادية، بشكل ملحوظ ، للنظام الأبوي، الذي يفرقهم ويجعلهم مختلفين عن البنية السياسية المهيمنة في الشرق الأوسط (47).
الجهاديون لا يتكلمون فحسب، بل ويمارسون أيضا نوعا من المعاداة لنظام الأبوة، مما يسمح للشباب (ومعظمهم من الرجال) بالحصول على مناصب السلطة في منظماتهم ومجتمعاتهم. وهذا واضح من عدد كبير من أشرطة فيديو البروباغندا الجهادية المصورة في الولايات شبه الدول التي يحكمها تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة، المناطق التي يكون فيها الجهاديون قادرين على وضع فكرهم الأيديولوجي موضع التنفيذ. فالمكاتب والدوائر البيروقراطية في المناطق التي يحكمها المتمردون الجهاديين غالبا ما يتم تشغيلها من قبل رجال في أوائل العشرينات (48).
استنتاج
درست هذه المقالة تطور الجهادية بعد الانتفاضات العربية في عام 2011 وناقشت أسباب التوسع الإقليمي الملحوظ منذ عام 2001، لا سيما في فترة ما بعد الربيع العربي. لا يمكن للمرء تجنب الاستنتاج بأن الجهاد يملك قاعدة دعم شعبية حاسمة في العديد من دول الشرق الأوسط، مما يمكنه من العمل الآن بحرية أكبر مما هو ممكن لو أن الجهاد لم يكن يتألف، وببساطة، إلا من خلايا إرهابية معزولة. فالقدرة الكبيرة للجهادية المعاصرة هي، وإلى حد كبير، نتيجة لطابعها العابر للحدود والرسوخ الاجتماعي للجماعات المتمردة المحلية، مما مكنها من التواري عن الانظار في مواجهة القوة العسكرية المتفوقة واعادة تجميع نفسها بقوة متجددة في الزمان والمكان اللذين تختارهما.
التصور الشائع للجهادية كتنظيم ارهابي سري بدون قاعدة دعم شعبية هو اعتقاد خاطئ خطير يجافي الواقع اليوم. بدلا من ذلك، إنها تمثل حركة تمرد عالمية لديها شبه دول إقليمية، وقاعدة شعبية ضخمة من المؤيدين المتفانين الموزعين في جميع أنحاء العالم، وقدرة هائلة على حشد الموارد والمقاتلين الأجانب وارسالهم إلى مناطق الصراعات الجديدة. لا يمكن الحاق الهزيمة بهذه الحركة بالوسائل القسرية وحدها. في الواقع، إن سجل الحرب العالمية على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة ما بعد عام 2001 (GWOT) برهن، والى حد كبير، عن الأثر السلبي للاعتماد الهائل على القمع العسكري والأساليب القسرية للدولة. فالعمل العسكري استنزف التأييد الشعبي لجهود مكافحة الإرهاب وادى الى انحسار حملات القوة الناعمة لوقف التجنيد والدعم للجماعات الجهادية.
عندما يتم وضع تصور مفاهيمي بطريقة جديدة عن الجهادية على أساس الاستعداد لتقبل الفكرة بأنها تمثل حركة تمرد سياسي ولدتها المظالم في العالم الحقيقي، عندها فقط يمكن بناء استراتيجية سليمة لوقف توسعها المستمر.
Notes
1 The author wishes to thank Dag H. Tuastad, Joakim Parslow, Erling Lorentzen Sogge and Petter Nesser for valuable comments and feedback on earlier drafts of this publication.
2 Tom Giratikanon et al.,“How Many People Have Been Killed in ISIS Attacks Around the World,” New York Times, June 16 2016, http://www.nytimes.com/interactive/2016/03/25/world/ map-isis-attacks-around-theworld.
3 For an illustrative example of the counter-productive effects of the U.S.-led campaign against the jihadi movement, see Hassan Hassan, “Washingtonus War on the Islamic State Is Only Making It Stronger,” Foreign Policy, June 16 2016, Http://foreignpolicy.com/2016/06/16/washingtons-war-on-the-islamic-state-is-onlymaking-
it-stronger-syria-iraq-libya/.
4 See Omar Ashour, The De-Radicalization of Jihadists. Transforming Armed Islamist Movements (Routledge,2009); and Hamed El-Said and Jane Harrigan, Deradicalising Violent Extremists: Counter-Radicalisation and Deradicalisation Programmes and Their Impact in Muslim Majority States (Routledge, 2013).
5 See the discussion of the contradictions between the typical “kinetic” counterterrorism means employed by the CIAus drone programs and the U.S. State Departmentus “more soft power counterterrorism measures, which now seek to promote legitimate governance and capacity building to address the somewhat unclear underlying causes of terrorism” in Jason Rineheart, “Counterterrorism and Counterinsurgency,” Perspectives on Terrorism 4, no. 5 (2010), http://www.terrorismanalyst s.com/pt/index.php/pot/article/view/122/html; and “The Role of Diplomacy and Soft Power in Combatting Terrorism,” NATO Center of Excellence, Defence
against Terrorism (COE-DAT) workshop, http://www.coedat.nato.int/publication/workshop_reports/04-Diplomacy_Soft_Power_Report.pdf.; and for a study on the variation between soft and hard power of U.S. counterterrorism policies, see Layla Saleh, “Soft Power, NGOs, and the U.S. War on Terror” (PhD dissertation, University of Wisconsin-Milwaukee, 2012): http://dc.uwm.edu/cgi/viewconten t.cgi?article=1069&context=etd.
6 “‘Top Secret Americau: A look at the Militaryus Joint Special Operations Command,” Washington Post, September 2 2011, https://www.washingtonpost.com/world/national-security/top-secret-america-a-look-atthe-militarys-joint-special-operations-Command/2011/08/30/gIQAvYuAxJ_story.html.
7 See “The Arab War on Terror,” Foreign Policy, September 22, 2014, http://foreignpolicy.com/2014/ 09/22/the-arab-war-on-terror/; and “The Rise of the Arab ‘War on Terroru Discourse,” Muftah.com, November 1,2013, http://muftah.org/the-rise-of-the-arab-war-on-terror-discourse/#.V64nXPmLRaQ.
8 In 2003-2005, a majority or near majority of respondents expressed “high” or “some” confidence in Osama bin Laden in several Middle East countries. See “Islamic Extremism: Common Concern for Muslim and Western Publics,” Pew Research Center, July 14, 2005, http://www.pewglobal.org/2005/07/14/islamic-extremism-common-concern-for-muslim-and-western-publics/.
9 Mao Zedong wrote in his treatise of guerrilla warfare: “Many people think it impossible for guerrillas to exist for long in the enemyus rear. Such a belief reveals lack of comprehension of the relationship that should exist between the people and the troops. The former may be likened to water, the latter to the fish who inhabit it. How may it be said that these two cannot exist together? It is only undisciplined troops who make the people their enemies and who, like the fish out of its native element cannot live.” See Mao Zedong, On Guerrilla Warfare, Chapter 6, https://www.marxists.org/reference/archive/mao/works/1937/guerrilla-warfare/ch06.
htm.
10 One indicator of the relatively broad popular support for jihadists in the region is the openness by which jihadi facilitators are operating in Jordan, a staunchly pro-Western monarchy, from which some 2,500 foreign figh Street Journal, August 14 2016, http://www.wsj.com/articles/jordan-struggles-with-islamic-extremism-athome-
1471225840.
11 The first AQAP (an acronym for “al-Qaida on the Arab Peninsula,” sometimes abbreviated QAP) was a Saudi-based jihadi group, consisting of mostly Saudi Afghan veterans who fought a protracted violent campaign against the Saudi kingdom between 2003 and 2006. The second AQAP denotes a Yemen-based group formed in January 2009. AQI stands for “Al-Qaeda in Iraq,” and AQIM is “al-Qaeda in the Islamic Maghrib.”
12 Brynjar Lia, “The Islamist Uprising in Syria, 1976-82: The History and Legacy of a Failed Revolt,” British Journal of Middle Eastern Studies, February 9, 2016, http://dx.doi.org/10.1080/1353 0194.2016.1139442.
13 Craig J. Jenkins et al., “Seedbeds of Insurgency: Structure and Dynamics in the Egyptian Islamist Insurgency,1986-99,” Journal of Peace Research 51, no. 4 (2014): 470-86.
14 See, for example, Mohammed M. Hafez, “Armed Islamist Movements and Political Violence in Algeria,” Middle East Journal 54, no. 4 (2000): 572-91; and Luis Martinez, The Algerian Civil War 1990-1998 (Columbia University Press, 2000).
15 Fawaz Gerges, “The Decline of Revolutionary Islam in Algeria and Egypt,” Survival 41, no. 1 (1999): 113-25.
16 For an authoritative account of the establishment and evolution of al-Qaida in Iraq, see Truls Hallberg Tønnessen, “Al-Qaida in Iraq: The Rise, The Fall and the Comeback” (PhD dissertation, University of Oslo,2015).
17 In North Africa, the Groupe Salafiste de la Predication et la Combat (GSPC), formed in 1998, was an offshoot group of the largest jihadi rebel group in Algeria in the 1990s, the Groupe Islamique Armée (GIA). The latter had mostly disappeared from the scene by the early 2000s. In 2006-7, the GSPC sought and obtained recognition as al-Qaidaus regional branch organization. In Yemen, a series of Islamist militant groups had operated in the country since the early 1990s. In January 2009, the remnants of the Saudi QAP merged formally with Yemeni jihadi factions and formed the AQAP. The Shabaab, also known as the Islamic Youth Movement, was formed in the mid-2000s, operating first as a kind of military arm of the Islamic Court Union in Somalia until the Ethiopian invasion in late 2006. It grew steadily closer to al-Qaida towards the end of the
2000s and became formally its official branch on the Horn of Africa in early 2012.
18 The emphasis on political reforms was most pronounced in Morocco where the King appointed for the first time a prime minister from the Islamist opposition party, PJD, as head of a coalition government.
19 See, for example, data presented in Ryan Pereira, “Radical Change: The Impact of Islamic State on Tunisia,” Terrorism Monitor 14, no. 10 (May 16 2016), http://www.jamestown.org/uploads/media/Terrorism_Monitor_Volume_XIV_Issue_01.pdf.
20 See, for example, Mokhtar Awad and Mostafa Hashem, “Egyptus Escalating Islamist Insurgency,” Carnegie Middle East Center, October 21, 2015, http://carnegie-mec.org/2015/10/21/egypt-s-escalating-islamist-insurgency/ijgn.
21 There have been relatively few terrorist attacks in Jordan, but several serious ISIS-linked plots. See, for
example, Tim Hume, “6 Jordanian Security Forces Killed in Car Bomb Attack on Syrian border,” CNN, June 21, 2016, http://edition.cnn.com/2016/06/21/middleeast/jordan-car-bomb-attack/; Suleiman Al-Khalidi, “Jordan Says Foils Islamic State Plot to Attack Civilian, Military Targets,” Reuters, March 2, 2016, http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-jordan-militants-idUSKCN0W40QA; and Joby Warrick and Taylor Luck, “Jordan Disrupts Major Al-Qaeda Terrorist Plot,” Washington Post, October 21, 2012, https://www.washingtonpost.com/world/national-security/jordan-disrupts-major-al-qaeda-terrorist-plot/2012/10/21/e26354b4-1ba7-11e2-9cd5-b55c38388962_story.html.
22 See, for example, Christine Petré, “Tunisian Salafism: The Rise and Fall of Ansar al-Sharia,” FRIDE PolicyBrief, no. 209 (October 2015),http://fride.org/descarga/PB209_Tunisian_Salafism.pdf; and Aaron Zelin,
“Meeting Tunisiaus Ansar al-Sharia,” Foreign Policy, March 8, 2013, http://foreignpolicy.com/2013/03/08/
meeting-tunisias-ansar-al-sharia/.
23 See, for example, Omar Ashour, “Lions Tamed? An Inquiry into the Causes of De-Radicalization of Armed
Islamist Movements: The Case of the Egyptian Islamic Group,” Middle East Journal 61, no. 4 (2007):
596-625; Omar Ashour, “Deradicalisation Revisited,” Washington Post, February 18, 2015, https://www.
washingtonpost.com/blogs/monkey-cage/wp/2015/02/18/deradicalization-revisited/; and Hamed El-Said and
Jane Harrigan, Deradicalizing Violent Extremists: Counter-Radicalisation and Deradicalisation Programmes
and Their Impact in Muslim Majority States (Routledge, 2013).ters reportedly have been recruited. See “Jordan Struggles with Islamic Extremism at Home,” Wal 24 The concept is discussed in Alexander V. Simmons, Socially Embedded Insurgencies (Naval Postgraduate
School, 2009), http://www.dtic.mil/dtic/tr/fulltext/u2/a514335.pdf.
25 Al-Qaedaus current leader, Ayman al-Zawahiri, discussed this at length in his 2001 treatise, “Chapter
11,” Knights Under the Prophetus Banner. For an English translation, see https://azelin.files.wordpress.
com/2010/11/6759609-knights-under-the-prophet-banner.pdf.
26 Brynjar Lia, “Understanding Jihadi Proto-States,” Perspectives on Terrorism: Special Issue on the Islamic
State 9, no. 4 (2015): 31-41, http://www.terrorismanalysts.com/pt/index.php/pot/article/vie w/441/html.
27 One example of how the current anti-ISIS campaign may be counterproductive and drive Sunni Arab population
back into the hands of ISIS is the recent reporting of the large-scale atrocities and abuses committed by
Iraqi Shiite militias during the liberation of the ISIS-held town of Falluja in Iraq. See “Special Report: Massacre
Reports Show U.S. Inability to Curb Iraq Militias,” Reuters, August 23, 2016, http://www.reuters.com/
article/us-iraq-massacres-falluja-special-report-idUSKCN10Y1VD.
28 “Thousands Enter Syria to Join ISIS despite Global Efforts,” New York Times, September 26, 2015.
29 In addition, during the Cold War, the United States gave very high priority to keeping the Soviet Union out
of the Middle East.
30 See, for example, John Hannah, “Saudi Arabia Strikes Back,” Foreign Policy, June 16, 2016, http://foreignpolicy.
com/2016/08/16/saudi-arabia-strikes-back-3/.
31 See, for example, the warnings to the Obama administration in this Brookings policy brief: Tamara Cofman
Wittes and Daniel L Byman, “Muslim Brotherhood Radicalizes,” Brookings Institution, January 2014, https://
www.brookings.edu/research/muslim-brotherhood-radicalizes/.
32 Recruits have reportedly come from disgruntled revolutionary Salafists (the Hazemun movement), disaffected
Muslim Brotherhood youth and other groups. See “Whatus Next for Egyptus IS Affiliate after Killing
of Leader?” Al-Monitor, August 14, 2016, http://www.almonitor.com/pulse/origin als/2016/08/egypt-killingleader-
isis-affiliate-ansar-bayt-maqdis.html; and “Push for Retribution in Egypt Frays Muslim Brotherhood,”
New York Times, August 5, 2015.
33 See, for example, “Egyptus Rising Security Threat,” The Tahrir Institute for Middle East Policy, 2015,
http://timep.org/wp-content/uploads/2015/11/Tahrir_Report_FINAL_WEB.pdf.
34 Under Osama bin Ladenus leadership, al-Qaeda was wary of bestowing its brand name on several local
groups seeking bin Ladenus approval, fearing that their disunity and lack of dedication to the global jihadi
cause would harm al-Qaidaus cause. See “Letters from Abbottabad: Bin Laden Sidelined?” CTC Report, May
3, 2012, https://www.ctc.usma.edu/posts/letters-from-abbottabad-bin-ladin-sidelined.
35 For the shift from jihadi web forums to social media platforms, see Aaron Zelin, “The State of Global Jihad
Online,” New America Foundation Report, February 4, 2013, https://www.newamerica.org/internationalsecurity/
policy-papers/the-state-of-global-jihad-online/; and Cole Bunzel, “Are the Jihadi Forums Flagging?
An Ideologueus Lament,” Jihadica.com, March 20, 2013, http://www.jihadica.com/are-the-jihadi-forumsflagging-
an-ideologue%E2%80%99s-lament/.
36 The United States offered direct support to the Ethiopian occupation of Somalia between late 2006 and
2009 by inter alia providing military aid, financial support, and diplomatic backing. See, for example, “U.S.
Support Key to Ethiopiaus Invasion,” USAToday, January 7, 2007, http://usatoday30.usatoday.com/news/
world/ 2007-01-07-ethiopia_x.htm; and Abdi Ismail Samatar, “Ethiopian Invasion of Somalia, U.S. Warlordism
& AU Shame,” Review of African Political Economy 34, no. 111 (2007): 155-65.
37 The fact that Arabic is the dominant, but not exclusive, language used in these web fora may explain the
low prioritization of the Taliban struggle. Furthermore, the Taliban organization maintains its own websites
and online propaganda channels in multiple languages.
38 This assessment hence departs from that of Martha Crenshaw in her recent analysis: “There Is No
Global Jihadist Movement,” The Atlantic, March 11, 2015, http://www.theatlantic.com/international/a
rchive/2015/03/there-is-no-global-jihadist-movement/387502/.
39 In late July 2016, JaN renamed itself Jabhat Fath al-Sham (The Conquest of the Levant Front), apparently
signaling a split by declaring “no affiliation to any external entity.” In reality, however, al-Qaeda seems to
have endorsed JaNus renaming process. Their ties appear to remain strong with Jawlani heaping praise on Zawahiri
and his deputy for their “blessed leadership.” See “Syrian Nusra Front Announces Split from al-Qaeda,”
BBC, July 29, 2016, http://www.bbc.com/news/world-middle-east-36916606; and “Analysis: Al Nusrah
Front Rebrands Itself as Jabhat Fath Al Sham,” Long War Journal, July 28, 2016. http://www.longwarjournal. org/archi ves/2016/07/analysis-al-nusrah-front-rebrands-itself-as-jabhat-fath-al-sham.php.
40 This assessment is borne out of observations from several regions. For example, with regard to AQIM in
West Africa, one expert assesses that “[t]he increasing frequency of AQIM attacks and their timing, which
has often coincided with IS assaults, suggests the group is trying to ensure it is not out-done by the more radical
agenda of IS. The Bamako attack, for example, came just 10 days after the IS Paris attacks in November
2015; and the Ouagadougou attack occurred almost immediately after IS carried out an attack in Jakarta,
the groupus first assault in Southeast Asia.” Cited in Jessica Moody, “Foreign Assets under Threat: Is AQIM
Preparing an In Amenas-Style Attack?” Terrorism Monitor 14, no. 14 (2016): 7-10, http://www.jamestown.
org/uploads/media/TM__Vol_14_Issue_03.pdf.
41 They include the Nusra Front (now renamed as “The Conquest of the Levant Front”) and al-Qaida on the
Indian Subcontinent (AQIS), the latter formed in 2014.
42 The al-Qaida-Taliban relationship was fraught with many contradictions and tensions. See Anne Stenersen,
Brothers in Jihad: Explaining the Relationship between al-Qaida and the Taliban, 1996-2001 (University of
Oslo, Ph.D. dissertation, 2012); and Alex Strick van Linschoten and Felix Kuehn, An Enemy We Created: The
Myth of the Taliban/Al-Qaeda Merger in Afghanistan, 1970-2010 (Hurst, 2012).
43 Cited in Daniel Byman and Jennifer Williams, “ISIS vs. Al Qaeda: Jihadismus Global Civil War,” National
Interest, February 24, 2015, http://nationalinterest.org/feature/isis-vs-al-qaedajihadis m%E2%80%99s-globalcivil-
war-12304.
44 The proto-state in northern Nigeria (see Table 1) was set up by Boko Haram with minimal ISIS involvement.
45 Brynjar Lia, Globalization and the Future of Terrorism (Routledge, 2005): 94-5, 116-20; and Nicola Mc-
Garrity, “The Criminalisation of Terrorist Financing in Australia,” Monash University Law Review 38, no. 3
(2012): 57.
46 Al-Qaidaus global appeal is discussed in Brynjar Lia, “Al-Qaidaus Appeal: Understanding Its Unique Selling
Points,” Perspectives on Terrorism 2, no. 8 (2008): 3-10, http://www.terrorismanalysts.com/pt/index.php/
pot/article/view/44/html.
47 Brynjar Lia, “The Jihadi Movement and Rebel Governance: A Reassertion of a Patriarchal Order?” Die
Welt des Islams, Special Issue on Patriarchy and the Arab Spring: Liberation or Backlash? (forthcoming).
48 As seen in the following videos: “To Establish the Religion — Wilāyat Ṭarābulus,” March 30, 2016, http://
jihadology.net/2016/03/30/new-video-message-from-the-islamic-state-to-establish-the-religion-wilayat-
%E1%B9%ADarabulus/; and “And What Is to Come Will Be More Devastating and Bitter — Wilāyat
Ṭarābulus,” March 26, 2016, http://jihadology.net/2016/03/26/new-video-message-from-the-islamic-stateand-
what-is-to-come-will-be-more-devastating-and-bitter-wilayat-%E1%B9%ADarabulus.l