في 28 أيار/ مايو، اجتمع البرلمان الإيراني [&laqascii117o;مجلس الشورى"] الجديد [وأعاد انتخاب المحافظ المعتدل، علي لاريجاني، رئيساً له بـ 172 صوتاً مقابل 103 لخصمه الإصلاحي محمد رضا عارف]. ومن المرجح أن النتائج [قد حوّلت] مزاج الرئيس حسن روحاني من الفرح إلى خيبة أمل، حيث اعتبر المحللون أن المرشح المفضل لدى المعسكر الإصلاحي، محمد رضا عارف، تمتع بفرص ضئيلة للنجاح. وحيث أن علي لاريجاني، مقبول إلى حد ما بالنسبة إلى روحاني، فإن ولاء لاريجاني سيكون للمرشد الأعلى في جميع القضايا التي تُطرح أمام البرلمان.
في أعقاب الانتخابات التي جرت في شباط/ فبراير، أملت مجموعة من حوالي مائة برلماني من الموالين لروحاني (من أصل 290 إجمالي عدد الأعضاء في &laqascii117o;مجلس الشورى" الجديد) بتشكيل ائتلاف مع المحافظين الأقل تطرفاً وبالتالي الهيمنة على السلطة التشريعية. وكانت الخطوة الأولى في هذه الخطة هي تغيير رئيس البرلمان، وقد بدت ممكنة ومناسبة على السواء نظراً إلى العديد من الوجوه الجديدة التي انضمت إلى &laqascii117o;مجلس الشورى" الإسلامي.
إن فشل عارف في عملية التصويت سيلقي بظلاله على الانتخابات الرئاسية في العام المقبل ويحط من عزيمة معسكر روحاني. كما ويظهر مدى سهولة تجاهل المتشددين لخلافاتهم الداخلية وتوحيد صفوفهم من أجل منع الإصلاحيين من التأثير على صناعة القرار في المؤسسات الحساسة.
خلفية عارف غير الملهمة
منذ البداية، لم يكن عارف مرشحاً قوياً لكي يلقى دعم جميع الإصلاحيين. وعلى الرغم من مواقفه السابقة في حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي، فإن أقوال عارف وأفعاله لا تتناسب بشكل واضح مع المعسكر الإصلاحي (للمزيد من التعمق في موضوع المعسكر الإصلاحي نفسه، أضف إلى ذلك أن خلفيته الجامعية والمناصب التي شغلها في بداية عمله وتدرجه المهني في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي لم تجعل منه شخصية سياسية هامة، ولكن مع ذلك عيّنه خاتمي في مناصب جديدة بسبب صداقتهما وكونهما يتحدران من المنطقة عينها.
لقد تولى عارف منصب وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبعد ذلك منصب رئيس 'منظمة الإدارة والتخطيط الإيرانية'، وفي غضون ذلك كان سجله موصوماً بالإدارة غير الناجحة وتعرض لانتقادات من قبل زملائه الداخليين والمحللين الخارجيين على حد سواء. وفي خلال ولاية خاتمي الثانية، تم تعيينه نائباً أول للرئيس (أي أحد عدة نواب للرئيس في النظام الايراني)، لكنه كان يُعتبر من بين أضعف أعضاء مجلس الوزراء وأكثرهم سلبية. وفي وقت لاحق، في خلال الفترة التي سبقت انتخابات &laqascii117o;مجلس الشورى" الإسلامي في عام 2008، اعتُبر عارف من بين أول المرشحين الإصلاحيين الذين من المرجح أن يوافق عليهم &laqascii117o;مجلس صيانة الدستور" القوي، لكنه انسحب احتجاجاً على رفض المجلس مرشحين آخرين.
وبعد خروجه من الحكومة لعدة سنوات، خاض عارف الانتخابات كمرشح إصلاحي في الانتخابات الرئاسية عام 2013، ولكن سرعان ما أدرك الإصلاحيون الآخرون أنه لن يكون قادراً على الاستجابة لمطالب ناخبيهم. ونتيجةً لذلك، طلب خاتمي منه الانسحاب لصالح روحاني، الذي يشتهر بكونه دبلوماسياً ومفاوضاً بارزاً مما جعله أكثر جاذبية لكثير من الناخبين الذين أرادوا رئيساً قادراً على حل الأزمة النووية من خلال الدبلوماسية. وحين وجد نفسه من دون أي دعم، انسحب عارف على مضض قبل بضعة أيام من موعد الانتخابات من دون ذكر روحاني. وعلى الرغم من توقعاته بتلقي العروض المهمة من روحاني بعد فوزه، تجاهله الرئيس الجديد تماماً. فبالنسبة لروحاني كانت الأولوية تكمن في توظيف مدراء متميزين ومن التكنوقراط، لذلك فإن ضعف خلفية عارف الإدارية وفكره السياسي الغامض جعلانه خياراً غير جذاب.
في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية هذا العام، كان الإصلاحيون وأنصار روحاني الآخرين يائسين لأن &laqascii117o;مجلس صيانة الدستور" كان يرفض مرشحيهم المفضلين بشكل جماعي. لذلك، أنشأوا قوائم جديدة تشمل مرشحين من ذوي الميول السياسية والانتماءات المختلطة ودعوا ناخبيهم للتصويت لصالحهم، بناءً على النظرية التي تقول بأن الوقوف إلى جانب المحافظين الذين هم من المفترض أقل تطرفاً هو أفضل وسيلة لمنع المتشددين الأكثر تطرفاً. وفي السياسة الإيرانية، لا يتم التشاور مع المرشحين خلال إنشاء هذه القوائم، لذلك يتفاجؤون أحياناً أو حتى يشعرون بعدم الرضى عن إدراجهم في هذه اللوائح. وعلى أي حال، فازت قائمة الإصلاحيين المختلطة بجميع مقاعد &laqascii117o;مجلس الشورى" الإسلامي في محافظة طهران خلال الجولة الأولى من التصويت، وكان عارف من بين الفائزين. ودفعت هذه النتيجة بروحاني وحلفائه إلى تلفيق رواية نصر حول الانتخابات التي لم تتطابق مع الواقع السياسي أو البيانات الملموسة، التي خلقت بدورها توقعات غير واقعية حول استبدال لاريجاني. وفي هذا السياق قرر عارف الترشح لرئاسة البرلمان.
ولاء/ ولاءات لاريجاني
كان علي لاريجاني مقرباً من المرشد الأعلى علي خامنئي لأكثر من ثلاثين عاماً، وهو من بين أكثر السياسيين نفوذاً في النظام. ويشغل شقيقه صادق منصب رئيس السلطة القضائية، كما لعب إخوته الآخرين أدواراً هامة في الشؤون الدبلوماسية والحكومية. أضف إلى ذلك أن لاريجاني، المتقاعد من &laqascii117o;الحرس الثوري الإسلامي"، هو أيضاً نجل آية الله العظمى هاشم الآملي وصهر الداعية الإسلامي البارز مرتضى المطهري. ونظراً إلى هذه الخلفية المتنوعة، كان قادراً على إنشاء علاقات قوية وطويلة الأمد مع كل من الجيش ورجال الدين، واستفاد بشكل كبير من دعمهم. كما أنه معروف بسمعته كمدير جيد، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى السنوات العشر التي قضاها في رئاسة الإذاعة والتلفزيون الحكوميين.
وبصفته رئيساً لـ &laqascii117o;مجلس الشورى" خلال الولاية الثانية للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، كانت للاريجاني خلافات جوهرية مع الرئيس حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق وأدت إلى مواجهة صريحة بينهما. وقد لاحظ العديد من المراقبين فعاليته في السيطرة على البرلمان وفي وضع عوائق أمام خطط أحمدي نجاد. وفي الآونة الأخيرة، وخلال المفاوضات النووية مع &laqascii117o;مجموعة الخمسة زائد واحد"، احتوى لاريجاني الجو المضاد لروحاني في الهيئة التشريعية، وقام بعمل مذهل في الحصول على موافقة &laqascii117o;مجلس الشورى" على الاتفاق النهائي في أقل من ساعة. بيد أنه لم يبذل هذه الجهود لتعاطفه مع روحاني، بل لأن خامنئي طلب منه ذلك.
وعموماً، يمكن للاريجاني أن يكون مفيداً لروحاني في بعض الحالات، ولكن دائماً وفقاً لجدول أعمال خامنئي، وليس خارجه. على الرغم من ذلك، فإن دور رئيس المجلس في إضفاء الشرعية على الاتفاق النووي قد أدى إلى ظهور الفجوات أو اتساعها بينه وبين الكثير من المحافظين، من بينهم أعضاء الفصائل المتشددة مثل 'جبهه بيداري'. ونتيجة لذلك، لم يتم إدراجه على قوائم المحافظين خلال الانتخابات التي جرت هذا العام. بيد، لم يشكل الأمر عقبة كبيرة لمركزه السياسي، إذ خاض لاريجاني الانتخابات كمرشح مستقل من مدينة قم، وأشار فوزه إلى أنه لا يزال يتمتع بقاعدة سلطة قوية بين رجال الدين وبمباركة المرشد الأعلى.
ونظراً إلى سجل رئيس المجلس الطويل في الإدارة وعلاقته الخاصة بخامنئي وشبكة علاقاته الشخصية القوية، يعتبره الكثير من المحافظين وأنصار روحاني كشخص يمكن أن يتخذ خطوات لا يتمكن السياسيون الآخرون من اتخاذها - وبعبارة أخرى، إنها الحالة العكسية من تصرفات عارف غير الفعالة. وتشكل مبادرة لاريجاني الأخيرة التي تمثلت بلقاء خامنئي وطلب تدخله في الخلاف حول الجدل المتعلق بالمرشحة الإصلاحية مينو خالقي خير مثال على ذلك. وخالقي التي تتمتع بمؤهلات &laqascii117o;مجلس صيانة الدستور" كانت قد خاضت الانتخابات، وفازت بما يكفي من الأصوات في أصفهان للفوز بمقعد في &laqascii117o;مجلس الشورى". ولكن بعد أن ظهرت صورها في وقت لاحق، والتي زُعم أنها تُظهرها في العلن من دون حجابها، استبعدها المجلس، الأمر الذي أثار احتجاجات من وزارة الداخلية. وعلى الرغم من أن المسألة لا تزال دون حل، لوحظت بالتأكيد وساطة لاريجاني لدى خامنئي.
وحالياً، يتمتع لاريجاني بالتأييد الساحق من المحافظين وحتى من المتشددين لذلك احتفظ بمقعد رئيس المجلس، على الرغم من فشلهم في دعمه في انتخابات شباط/ فبراير. وبصرف النظر عن آرائهم الشخصية حول لاريجاني، إلا أن هذا الدعم كان الأهم كمؤشر على مدى السهولة التي يمكن من خلالها للمحافظين الاجتماع معاً والتوصل إلى توافق نسبي على إجراءات محددة منعت معسكر الرئيس من تحقيق مكاسب كبيرة. ومن هذا المنظور، تتعدى مشاكل روحاني هوية رئيس المجلس المنتخب. فإذا كان يأمل بإقناع الناخبين بإعادة انتخابه في العام المقبل، سيحتاج إلى دعم البرلمان لإثبات أن برنامجه الاقتصادي كان فعالاً. إلا أن إعادة انتخاب لاريجاني تشير إلى أن المحافظين سيكونون قادرين على حشد الأصوات ضد روحاني بسهولة تامة، في حين يبدو أن أنصار الرئيس نفسه غير قادرين على تأسيس هوية سياسية مستدامة يمكنها أن تشكل تحالفات مع فصائل أخرى. ونتيجة لذلك، تستعد الغالبية المحافظة في ظل رئاسة لاريجاني إلى مواصلة السير قدماً بجدول أعمال المرشد الأعلى في مختلف المجالات دون انقطاع، ومن دون الحاجة إلى التوصل إلى حل وسط مع البرلمانيين الموالين لروحاني.
وأخيراً، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يتفاعل لاريجاني مع إعادة انتخابه، ذلك لأن العديد من التقارير تميزه باعتباره منافس روحاني الأكثر جدية في انتخابات العام المقبل. ومن المفترض أن روحاني يأمل أن يقبل لاريجاني بالخيار الآمن، أي الحصول على قاعدة سلطة آمنة في المجلس بدلاً من خوض المنافسة الرئاسية، ولكن بدلاً من ذلك قد يرى رئيس المجلس منصبه كموقع جيد لتقويض منافسه قبل انتخابات عام 2017.
مهدي خلجي
المصدر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى.