داريوس الدرويشنال الإعلان عن &laqascii117o;الاتّحاد الديموقراطي لروج آفا - شمال سورية"، الذي صدر عن المؤتمر المنعقد في رميلان يومي 16-17 آذار (مارس) 2016، انتقادات عامة صدرت عن الداعمين والرافضين للمشروع معاً. فما تلى الإعلان من رفض رئيس &laqascii117o;مجلس سورية الديموقراطي" هيثم منّاع وأعضاء آخرين لهذا الاتّحاد، يوحي بأنّ المشاورات حوله لم تتم، أو لم تكتمل على أقل تقدير، بين الشركاء أنفسهم، هذا ناهيك عن استشارة القوى الأخرى. كما أنّ كميّة الغموض في البيان الختامي، حيث يتوجب الوضوح، تثير الكثير من التساؤلات والمخاوف التي قد لا تكون ضروريّة أساساً، والتي لم توضّحها قيادات المؤتمر والمعلنين عن الاتّحاد، لا في بيانهم الختامي ولا في لقاءاتهم الإعلاميّة.
المدخل إلى فهم هذا الاتّحاد يتمثّل في اسمه أوّلاً، فمن المعروف أنّ روج آفا تتشكّل من ثلاث مقاطعات (الجزيرة وكوباني وعفرين)، لكلّ منها مجالسها التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة المستقلة عن الأخرى، وإن كانت القوّات المسيطرة عليها واحدة، فيما تشكّل مناطق شمال سورية المناطق العربيّة التي تسيطر عليها &laqascii117o;قوّات سورية الديموقراطية" والتي تملك أيضاً إداراتها وبنيتها التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة. لذا فإنّ اتّحاد روج آفا - شمال سورية يمكن فهمه على شكل ارتباط فيديرالي بين مناطق الحكم الذاتي تلك بعضها ببعض.
ولكن في السياق الآخر الأكثر إشكاليّة، سياق علاقة هذا الاتّحاد بالمركز، لا يمكن تفسير هذه الخطوة ببساطة أنّ &laqascii117o;طرفاً واحداً أعلن شكل الدولة"، فهذا غير ممكن وغير منطقي. فإن كانت هذه الجهة تقصد تحديد شكل ارتباطها مع المركز كشكل فيديرالي، فالأسهل لها، وبغض النظر عن مسألة انتظار دستور جديد، أن تعلن مناطق سيطرتها إقليماً يرتبط (أو سيرتبط) مع المركز بالشكل الفيديرالي، لا أن تعلن بنفسها فيديراليّة لكل سورية فيما قوّاتها لا تسيطر على دمشق!
هذا ما لم يحصل حتّى الآن، ولا حتّى تمّ توضيح شكل العلاقة مع المركز في هذا المشروع، ربّما بهدف استقصاء ردود الأفعال تجاهه أوّلاً، وربّما، كما ورد في البند الأوّل من البيان الختامي، لترك الباب مفتوحاً أمام تعميم هذه التجربة على سورية كلّها، أي إعادة تركيبها من أجزاء ترتبط ببعضها بعضاً على شكل اتّحادات كالذي تمّ الإعلان عنه من دون الحاجة إلى العودة إلى المركز، الذي يسيطر عليه النظام الآن.
ومن الناحية العمليّة، يشكّل هذا المشروع استجابة &laqascii117o;مشذّبة" لمطالب الكرد بحكم أنفسهم في سورية (المتّفق عليه بين القوى الكرديّة على تناقض أطرافها)، حيث أنّ هذه المطالب لن تكون ممكنة التحقّق على شكل إقليم قومي بفعل انخفاض الكثافة السكانيّة الكرديّة في تل أبيض وانقطاعها في مناطق الشهباء، ووجود مكوّنات أخرى في مناطق الغالبيّة الكرديّة، كمعظم مناطق العالم. كما أنّ محاولة تحقيقها بهذا الشكل سيضع القوى الكرديّة في تناقض قيمي بين رفضها لإضفاء صفة العروبة على سورية بسبب وجود مكوّنات قوميّة أخرى فيها، وعملها على إضفاء الصفة الكرديّة على مناطق سيطرتها. لذا، ولمنع انقطاع مناطق روج آفا عن بعضها بعضاً ولمنع احتلال الكرد مناطق غيرهم، ولمنع إضفاء الصفة القوميّة على الكيان الناشئ، فإنّ الإعلان عن هذا الاتّحاد يحقّق توازناً بين تلك الأهداف والشروط معاً.
إلا أنّ العائق الأهمّ أمام التطبيق الصحيح لهذا المشروع في روج آفا وشمال سورية، وأمام تعميم التجربة في سورية، هو مسألة الديموقراطية. صحيحٌ أنّنا لا نستطيع الحديث عن &laqascii117o;حكم غير الكرد للكرد" أو &laqascii117o;حكم الكرد للعرب" طالما أنّ القوى المسيطرة في تلك المناطق من القوى المحليّة التي كانت المعارضة تعتبر قواها العربيّة ثوريّة حتّى فترة قريبة، إلا أنّه في الوقت ذاته أيضاً لا يمكننا الحديث الآن عن &laqascii117o;حكم الكرد لأنفسهم"، أو الادّعاء أنّ أهالي ريف حلب الشمالي أو تل أبيض هم من يحكمون مناطقهم، وهذا واقعٌ غير مُشجّع على استنساخه مجدّداً، بل إنّ استمراره يعني إعادة إنتاج نظام الحزب الواحد الذي ساد منطقة الشرق الأوسط لعقود، وأنتج كلّ هذا الخراب الماثل أمامنا.
لذا قد يكون مفيداً أن يأخذ القائمون على هذا المشروع في الاعتبار التوقّف عن ضمّ مناطق جديدة لإدارتهم، والتركيز على ضمّ الأحزاب الأخرى وقبول المعارضة.
(*) كاتب كردي سوريالمصدر: صحيفة الحياة