جار السوء.. ما أشبه اليوم بالأمسكل عشرين سنة من عام 1934م تقع مصائب و فتن وحرب لليمن وفيما يلي إستعراض سريع لها لنكشف المخفي خلف هذه الأحداث:
ـ 1934م : إتفاقية الطائف!عندما كانت (جيزان ـ نجران ـ عسير) تحت حكم إمارة الأدارسة أو الأدريسيين، وهذه الإمارة تتبع اليمن، وبينها حلف و إتحاد مع الإمام يحيى، قامت حرب بين الأدارسة وآل سعود في عام 1933م، حينها استنجد الأدارسة بالإمام يحيى لنجدتهم وبالفعل أنجدهم الإمام وحارب آل سعود حتى وصل إلى الطائف.!
حينها تحالف آل سعود مع الإحتلال الإنجليزي في جنوب اليمن وكذا مع سلاطين الجنوب، وشكلوا ضغطاً على الإمام بعدما تم محاصرته من جبهة الجنوب 'الإنجليز ـ والسلاطين'.. ومن جبهة الشمال 'آل سعود'..
حينها إلتف آل سعود وحاصروا ميناء الحديدة الذي هو المنفذ البحري الوحيد لليمن آنذك، فأدرك الإمام الخطر المحدق باليمن وقرر عقد تحاور وإتفاقية مع السعودية، سميت اتفاقية الطائف عام 1934م.
وأهم بنودها هي:
ـ تأجير أراضي (جيزان ـ نجران ـ عسير) للسعودية لمدة عشرون عام قابلة للتجديد في مدى ستة أشهر قبل إنتهاء الـ 20 سنة.
ـ تسهيلات للتجارة والجمارك والعمالة.
ـ مسائل تحكيمية أخرى وغيرها من البنود.
ويعتبر آل سعود إتفاقية الطائف نصراً لهم، نظراً للضغط الذي تسببوه للإمام، وبالمقابل احتفظ الإمام باعتراف السعودية بأن مناطق (جيزان ـ نجران ـ عسير) أراضي يمنية في حكم المؤجرة لآل سعود.!
نلاحظ في الشرح القادم مخطط آل سعود لإضعاف اليمن وتفكيكه وخلق الصراعات المستمرة على مدى التاريخ من 1934م وحتى الآن.!
فكل 20 سنة تقوم السعودية بأعمال تؤجل إعادة الأراضي اليمنية لليمن وكما سيتضح جلياً في الآتي:
ـ 1954م : موعد التجديد الأول لإتفاقية الطائف 'بعد مرور 20 سنة'..!لم يتم التجديد في هذا التاريخ.. حيث نشبت الصراعات والحركات الثورية ضد حكم الإمام إبتداءً بثورة 1948م والتي أسفرت عن مقتل الإمام يحيى وحتى ثورة 1955م ووصولاً لثورة 1962م!
خلال نزاع السعودية مع ثورة 26 سبتمبر في الشمال.. و دعمها بالمال والسلاح للجانب الملكي طوال سبع سنوات (1962 ـ 1969)..
أخذت السعودية تتوسع في الربع الخالي وهي منطقة غير مرسّمة ولم تلحظها معاهدة الطائف وملاحقها وبهذا لم يتم التجديد الأول لإتفاقية الطائف..!
ـ 1974م : من وقت الثورة التصحيحية وحتى إستقالة الرئيس الإرياني!بعد ثورة 1962م والحرب المستمرة والصراعات الإقليمية مصر والسعودية وغيرها وكذا الجبهات الداخلية دعت الضرورة حينها لعمل ثورة تصحيحية أدت إلى تسليم السلطة للرئيس عبدالرحمن الإرياني في العام 1967م!
والذي كان له الفضل في المصالحه الوطنية بين الجمهوريين والملكيين والتي أنقذت اليمن من اتون الحرب الأهليه المخيفة بل إنه أرجع للملكيين الكثير من ممتلكاتهم التي صادرتها الثورة مما عجل في إلتئام الجراح وإبعاد نزيف الدماء!
في عهده تم صياغة أول دستور يمني حديث وإنتخاب أول مجلس شورى، كما تم في عهده وضع اللبنات الأساسية للوحدة اليمنية من خلال اتفاقيتي القاهرة وطرابلس، وفي عام 1974م قدم إستقالته طوعاً لمجلس الشورى وتم إخفاء رسالة الإستقالة وبدلاً عنها تم الإعلان أنه اطيح به في إنقلاب أبيض في 13 حزيران/ يونيو 1974!
وبهذا الإعلان تم إجهاض أول تجربة لأول وآخر رئيس مدني يمني وتسلم مقاليد الحكم الرئيس الحمدي وبعده الرئيس الغشمي والسعودية كانت تأمل في إمتلاك منفذ بحري من البحر العربي جنوب اليمن، ففي عام 1969م قامت حرب الوديعة هي حرب نشبت بين المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد أن اشتبكت القوات اليمنية الجنوبية مع القوات السعودية في 'مركز الوديعة' على حدود البلدين في الربع الخالي في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1969م.. وأنتهت بانتصار القوات السعودية وسيطرتها على الوديعة.. كما تم بعد فترة 1974م تم إعتيال ثلاثة رؤساء يمنيين وبما سبق لم يتم التجديد مرة أخرى لإتفاقية الطائف.
ـ 1994م : حرب الإنفصال بين شمال وجنوب اليمن!في العشرين السنة ما بين 1974 وحتى 1994م حاولت السعودية جاهدةً إجهاض أي عملية للوحدة اليمنية خوفاً على حدودها وقوة اليمن. وفي أكثر من مرة أحبطت الوحدة والتي من أعمالها إغتيال ثلاثة رؤساء يمنيين إثنين في الشمال (الحمدي 1977م والغشمي 1978م) و إعدام واحد في الجنوب (سالم ربيع1978م)!
تلتها بعد ذلك إستمرار نشوب حرب الجبهة في المناطق الوسطى!
أيضاً كانت هناك مباحثات بشأن الوحدة من 1979م وكلها فشلت، فقد أثرت السعودية على قرارات شمال اليمن حينها بشأن الوحدة في كل جلسات المفاوضات، وكان عبد الله بن حسين الأحمر من أبرز المعارضين للوحدة.
وعقب الوحدة اليمنية عام 1990م، توترت العلاقات بين السعودية واليمن، لأن معاهدة الطائف التي وقعت عام1934م نصت على ضم عسير وجيزان ونجران للسعودية حتى العام 1992م.
اتهمت حكومة علي عبد الله صالح 'جهات أجنبية' عام 1992 و1993م بتدبير إغتيالات لمئات من السياسيين اليمنيين. ردا على ذلك قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في عسير. وبدأت مشروعا بثلاثة بلايين دولار لتسوير الحدود.وضخ الإستثمارات في جيزان. ثم حاولوا عزل الحكومة اليمنية.. كان اليمن قد وقع إتفاقا حدوديا مع سلطنة عمان، فقامت السعودية بإثارة خلافها القديم مع السلطنة ضغطاً على مسقط لإلغاء الإتفاقية مع صنعاء.!
وكذلك لأن الجانب اليمني أعتبر أن معاهدة الطائف 1934، ملغاة منذ أيلول/ سبتمبر1992 وهو يعارض تجديدها.!
قبل عام 1990م حين بات موضوع الوحدة وشيكاً، سعت السعودية لمحاولة توقيع إتفاقية الحدود مع جمهورية اليمن الديمقراطية، ولكن لم يتوصلوا لإتفاق وكذا الحال في الشمال مع الجمهورية العربية اليمنية. ووصولاً إلى عام 1994م قامت حرب الإنفصال، وقدمت السعودية الدعم للإنفصاليين من مال وسلاح وحتى صواريخ سكود التي أصبحت فيما بعد غنيمة لليمن خلال حرب صيف 1994م، والتي إنتهت بإستمرار الوحدة، وهذا ما أثار حفيظة السعودية حيث خسرت كثيراً بذلك.!
ـ إتفاقية جــدة 10/3/1421هـ الموافق 12/6/2000م!
ظلت العقدة السعودية على حالها وهي المتمثلة في الوصول إلى مياه المحيط الهندي عن طريق إختراق حدود اليمن إلى بحر العرب وعدم المساس بمعاهدة الطائف للعام 1934 بأي شكل، لأنها أحد إنجازات عهد الملك عبد العزيز في توحيد شبه الجزيرة العربية.
يقابل ذلك العقدة اليمنية التي عبّر عنها الرئيس علي عبد الله صالح عندما قال: 'يستحيل علي القبول باتفاق حدود مجحف مع السعودية، أسجل فيه على نفسي وعلى أولادي من بعدي بأني بإسم اليمن تخليت عن أرض يمنية لدولة أقوى وأغنى منه، كسبتها بحرب غزو غير متكافئة'.!
وفعلاً تم توقيع اتفاقية الحدودة وأهم بند فيها الآتي :
المادة ( 1 ) يؤكد الطرفان تمسكهما بشرعية وإلزامية معاهدة الطائف الموقعة عام 1934 وملاحقها..
ـ 2014م : التمدد الحوثي وضعف الدولة اليمنية!عملت السعودية على بناء جدار إسمنتي في أيلول/ سبتمبر 2003، ووصلت لطول 75 كيلو متر، فحدث نزاع عنيف مع الحكومة اليمنية حيث قالت الحكومة اليمنية أن بناء هذا الجدار يعد مخالف لإتفاقية الحدود الموقع في عام 2000م.
أدى الخلاف لإيقاف وقف البناء في فبراير 2004، بعد ذلك بداية حروب الحوثيين من عام 2004 والتي قتل فيها زعيمها حسين الحوثي وتلتها بعد ذلك ستة حروب، بينها حرب مع السعودية انهكت السعوديين أمام الحوثيين واقلقتهم خاصة أنها أمام الحدود!
بعد ذلك اجتياح الحوثي لمعظم المحافظات وحتى العاصمة صنعاء في العام 2014م.
تلى ذلك نشر الحوثيين خرائط لليمن تضم في طياتها (نجران ـ عسير ـ جيزان) اراضي يمنية وتم توزيعها وتعليقها في الجهات والوزارات الحكومية وروجت لها كثيراً.
وبسبب إدراك السعودية لخطر الحوثيين وبسبب إنتهاء دور عملاء السعودية في اليمن، وعدم قدرتهم على خوض معركة السعودية في اليمن، اضطرت السعودية للدخول بنفسها لخوض المعركة نظراً لأن مالها و عملائها لم يقوموا بالدور المطلوب منهم.!
الخلاصةومما سبق يتضح لنا أن السعودية سبب المشاكل الداخلية اليمنية والتي مولت السعودية مختلف الأطراف لتجعل اليمن في صراع دائم، وبالرغم أن السعودية لم تقم فيها أية خلافات داخلية وكل الخلافات في اليمن، فالتاريخ يوضح لنا أن حقد السعودية هي سبب كل مشاكل اليمن وفتنها وحروبها وعدم استقراراها للآن!
والذي يدمي القلب أكثر نخوة العرب قامت لمال السعودية ولم تقم نخوة العرب لنصرة فلسطين..!