كانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بطلة العالم، فعلاً مثل منتخب كرة القدم الأسباني. هذا الأسبوع، في الاختبار الحقيقي، تبين أن خمسة أجزاء من خماسية لا تعمل بالمستوى المطلوب: المدرب، حارس المرمى، الدفاع، الظهير والهجوم.
ومن الجائز أن هذه المقارنة مصطنعة، رغم أنها ليست بعيدة عن الواقع. فالمدرب، بنيامين نتنياهو، كان فائق الحذر من إغضاب جمهور ناخبيه، مشجعي كرة القدم. وقد رتب لنفسه فرصة تصوير من دون محتوى على خلفية مقر قيادة الجبهة الوسطى القائد في الميدان، تحديداً في القوات الاحتياطية، ليس في ديوانه الذي لا يبعد كثيراً عن هناك - والذي لم يؤقت لمطلع نشرات الأخبار المركزية المسائية وإنما للساعة السادسة والنصف، لأنه في الساعة السابعة ستنطلق صفارة المباراة بين ألمانيا والبرتغال.
في الأسبوع الفائت كانت القصة المركزية هي الصراع على الرئاسة، في المواجهة داخل الكنيست التي بلغت الذروة يوم الثلاثاء. وقبل نهاية الأسبوع فإن كل محطة تنقل (أوتو ستوب)، خصوصاً في محور مركزي مثل غوش عتسيون، تجمع بين الراغبين في الركوب ومقدمي الخدمة.
وحادث اختطاف الشبان الثلاثة يشكل كارثة أمنية، تغطيتها بطبقات ثقيلة من كلام نتنياهو ووزرائه ومرتدي البزات، يبرز الأمر بدلاً من أن يغطيه. وهي دائماً قصة محزنة، فظيعة للعائلات الضحية، لكنها في الغالب قصة مع بداية، وسط ونهاية، كلها خلال دقائق. فالاختطاف مسألة نهايتها، جوهرياً وتوقيتاً، تعرف فقط لاحقاً. والجنود يدأبون على تكرار أن &laqascii117o;المعركة هي مملكة انعدام اليقين"، ولكن عندما يتبدد الدخان تتضح الحقيقة كبيرة، مَن مات ومَن عاش، والأصعب هم المفقودون، الذين مصيرهم أو مكان دفنهم مجهول. واختطاف الرهائن معركة كلها انعدام يقين. وميدان معركتها ليس على الأرض، وإنما في وعي الجمهور الإسرائيلي والفلسطيني.
ولحظة صعد الشبان الثلاثة إلى سيارة الاختطاف، إسرائيل هي الخاسرة. منذ أسبوع وهي تحاول تحويل الخسارة إلى تعادل، في سلسلة عمليات ضد حماس في الضفة الغربية وبإثقال موزون على السكان المدنيين، لانتزاع شذرات معلومات أو ضجر من المسؤولين عن المشكلة. وهذا الخط، الساعي لإبراز أن بالوسع أن ندحرج إلى الوراء إنجازات سابقة لحماس خصوصاً الإفراج الجماعي عن معتقلين في صفقة شاليط، مصيره الفشل. إنه يعرض إسرائيل لخطر انتهاك التوازن الميداني، بزيادة الإرهاب ضد الجنود الذين يغرقون المناطق المأهولة والقروية ومحاور الحركة وخسارة التبرير الدولي للعملية، إذا انزلق العقاب الجماعي لمئات آلاف السكان في محافظة الخليل إلى شهر رمضان.
والسكان يفهمون أن الحكومة والجيش لا يمكنهما ضبط النفس إزاء استفزاز بهذه الشدة. وهم يحنون الرأس، يصبرون، حتى يمر الغضب شرط أن يمر. ولكن كلما استمرت التفتيشات وأثيرت الشكوك حول تركيزها على مواضع موجهة استخبارياً، فقد يتحوّل التفهّم اللامبالي إلى مقاومة فاعلة. ويبدو أن الجنرالات ذوي الرأي المسموع قائد العملية نيتسيان ألون قائد الجبهة الوسطى، يؤآف مردخاي منسق الأنشطة في المناطق، أفيف كوخافي من شعبة الاستخبارات ونائب رئيس الأركان غادي أشكنازي ـ هم المتحدثون الأبرز عن الحاجة القصوى للكوابح والضوابط، حتى لا يقود الفشل التكتيكي إلى هزيمة استراتيجية.
وعلى المستوى المبدئي لا جديد في مشاكل بلورة السياسة العامة وتشغيل القوة الأمنية ضد حركة تحرر وطني، تعيش كلياً أو جزئياً، تحت الأرض. وهذه الجدلية المعروفة من نضال اليشوف العبري في أرض إسرائيل الانتدابية. كيان مركزي يتطلع لتحقيق كل شيء، لكنه يكتفي بالكثير. منظمات أشد تطرفاً منه ترى بمن يقبل بضواغط التسوية، حتى بغير حماس، خونة، أو بالتبادل يؤمنون بأن التطرف سيحرك نقطة التوازن وسيخلق تسوية أفضل. والكيان المركزي يتأرجح بين إغراء التسليم بهذا الوضع وبين الخشية من خسارة الإنجاز الجزئي المتوفر. والسلطة تريد إثبات أن الاعتدال، النسبي مهما كان، مفيد وأن التطرف، لدى الجانبين، سيئ للجميع.
وتكفي قراءة كتاب ألداد حروبي &laqascii117o;المباحث تحقق" المتعلق باستخبارات الشرطة البريطانية في البلاد 1920-1948، لمعرفة كيف أن أحداً لم يخترع شيئاً مؤخراً. فالتكنولوجيا، المتوفرة للجميع، تغيرت، لكن طبيعة الإنسان وطبائع الصدام بين الإرادات لم تتغيّر. والعمليات، الاختطاف، العملاء، التنصت، الضغوط، الألاعيب ظلت على حالها. وكذا أيضاً التوصية البائسة، في أحد فصول الاغتيالات والاختطافات، &laqascii117o;تأمل الخير، وتتوقع الشر".
والوريث المباشر للشرطة البريطانية هي شرطة إسرائيل، حشرت في زاوية المشبوه الأساسي بذنب الفشل في الإنذار الفوري عن الاختطاف. وليس بوسع الشرطة أبداً أن تثبت أن عملاً سريعاً من جانب قوة الطوارئ في لواء الضفة، بعد الحديث مع مركز الطوارئ والتشاور مع الضابط المناوب، كان سيقود إلى تطويق سريع لسيارة الخاطفين والعثور على المخطوفين. ويمكن التكهّن بأن الخاطفين استخدموا ضد الإسرائيليين السلاح القديم للمموّهين المستعربين (أو المتأقلمين في العهد البريطاني)، وهنا المتهوّدين.
وعندما خططت سييرت متكال أن تخطف عن طريق على الحدود اللبنانية ضباطاً سوريين، لمبادلتهم بأسرى سلاح الجو، ارتدى الجنود لباس الجندرمة (في عملية &laqascii117o;أرجاز 3" لم يبدد نتنياهو الانطباع بأنه شارك كقائد لخلية، رغم أنه عملياً شارك في الاستعداد لعمليات سابقة ألغيت وترك الجيش مهاجراً إلى بوسطن، بقصد عدم العودة من هناك). ليس معروفاً ما ارتدته خلية المختطفين. يمكن التقدير أنهم بذلوا جهداً لإزالة أي شكوك.
وادعاء الشرطة، في دفاعها الفوري عن اتهامها بالإهمال، أن مراكز الاتصال تطفح بالمعاكسات، له أساس واقعي لكنه غير ذي شأن. ففي المراكز، خصوصاً في مراكز السيطرة في لواء الضفة، نصبت منظومات تصنيف، &laqascii117o;ياعل"، التي ترفض المعاكسات الهاتفية الفلسطينية أو من أرقام مصنفة أنها لمزعجين تقليديين. وكل من يسمح له بعد ذلك بالاتصال ينبغي أن يعامل بجدية. في حال الخوف على الأرواح حتى في حادث جنائي عادي ـ لدى المسؤولين عن استقبال الاتصالات تفويض بتحديد مكان المتصل عبر شركة هاتفه. وفهم خطورة همسة &laqascii117o;خطفوني" تستدعي فعلاً إعادة إصغاء، كما فعل رجال المركز. ولكن التالي ليس أقل أهمية.
في عمليتي إطلاق نار سابقتين في منطقة الخليل لقي مصرعه الجندي جيل كوبي وضابط الشرطة باروخ مزراحي. ولم يتم اعتقال منفذي العمليات، رغم أنه في أعقاب قتل مزراحي وهو رجل الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات ووحدة التجسس الألكتروني في قيادة الشرطة، وهما الإطاران الاحترافيان اللذان انشغلا هذا الاسبوع باستخلاص المعلومات من التسجيلات ـ طوّقت قوات الجيش واحدة من بلدات المحافظة وقد نذر الجنرال ألون أن يلقي القبض على القتلة. وهذه السوابق لن تفيد الشرطة في عرض حججها: للأبد سيبقى شعور بتضييع الفرصة بسبب التأخر في الإعلان عن &laqascii117o;اختبار الواقع"- عملية اكتشاف المخطوفين وتحريرهم.
والعمليات السابقة التي لم تحل ألغازها تسمح لعائلات المختطفين للتنكر لموقع محطة الأوتوستوب في الاختطاف. وهذا صحيح وغير صحيح، وليس فقط لأن في إسرائيل أهالي يتركون أطفالهم في سيارات مغلقة وساخنة، هناك من يهملونهم في بركة السباحة وهناك من يرسلونهم للدراسة في الجانب الخطير من الخط الأخضر والمغامرة بالصعود لسيارة مجهولين. في كل هذه الحالات الإهمال كارثي. وهذا يسري أيضاً على الحادث المعاكس، لسائق يحمل في سيارته ركاباً لطفاء، ينزلون في موقف ليركبوا سيارة أخرى تناسب المحيط فيهدأ. ويمكن أن شبان المدرسة الدينية، بصنادلهم وبناطيلهم القصيرة والقبعة الدينية، سيخرجون سلاحهم ويختطفون السائق من أجل إسرائيل وليس فقط يسلبونه.
ورغم كل ذلك، فإن جوهر عمل الشرطي هو أدواته تأصيل الصلاحية من مستوى قيادي ومركزي حتى آخر رجال الشرطة، في المركبات وفي المحطات، اتخاذ القرارات في ظروف يومية، لكن متحدية، مثل سماع الصراخ خلف أبواب شقة فهل الاقتحام إلى داخلها سينقذ روحاً، أم سيشكل تدخلاً في خلاف عائلي روتيني. والقرار الأول في شرطة الضفة كان صائباً التعمق في محتوى التسجيل. والقرار الثاني، المتعلق بالمحادثة والتعامل اعتيادياً معها، كان خاطئاً. والقرار الثالث، بعد حوالي أربع ساعات ثمينة، بإلغاء القرار الثاني، كان صائباً ولكن بعد فوات الأوان.
إن تركيز المسؤولية الشخصية ـ تمييزاً عن المسؤولية القيادية ـ على الفريق يوحنان دانينو، يظلمه ويظلم الشرطة. وميزان دانينو كمفتش عام للشرطة ليس أكثر سلبية من أسلافه. وهذا ميزان مختلط من تطوير الجهاز إلى جانب إخفاقات في إصلاح عيوب قديمة، بما في ذلك الكذب في التقارير. واغتيال غادي فيخمان في بئر السبع، كان يمكن تجنّبه عبر عمل مهني من جانب الطاقم الذي تم استدعاؤه، لا يختلف في خصائصه عن إخفاق المحطة في عملية الاختطاف. ولكن يا ويل الشرطة إذا كان أداؤها مرتبطاً بتواجد دائم للمفتش العام، صحيح أن هذا حيوي، لدرجة أنه من دون ذلك تنهار. ولو بقي دانينو في نيويورك لعملت الشرطة بمستوى النجاعة نفسه. وليست يتيمة شرطة إسرائيل، والقائم بأعماله حال غيابه سواء لإجازة أو لرحلة عمل، نائبه اللواء نسيم مور، وهو صاحب خبرة وضليع بالعمليات لا أقل منه. هناك من يسمّي هذا الزوج &laqascii117o;مور أند ليس". ولكن النقاد قصيري النظر الحاملين على سفر المفتش للخارج يفضلون لقب نادي المسافر الدائم في شركة لوفتهانزا &laqascii117o;مايلز أند مور".
وعندما عاد إلى البلاد، وفي ضوء التقارير الأولية عن الجيش والشاباك التي تدحرج كرة المسؤولية نحو مرمى الشرطة، فشل دانينو في مجال يفترض أن يكون ذا خبرة فيه أكثر من كل مساعديه ورجال شرطته، لكنه كبا فيه مرة تلو مرة: الإعلام. وبدلاً من أن يشكل في تلك الليلة طاقم تحقيق، تلكأ ثلاثة أيام أخرى وتسبب في مضاعفة الاهتمام الإعلامي عدا عملية الاختطاف ذاتها ومواضع الخلل في معالجتها، أيضاً في رفض المفتش العام التحقيق في الخلل &laqascii117o;في هذا الوقت". وبداهة، أنه لحظة أن غير رأيه تحت الضغط، حان الوقت. لذلك كان محقاً عندما أصرّ على الاعتراض ومحقاً عندما كف عن الاعتراض.
لقد ضبطت عملية الاختطاف الشرطة وهي في أدنى مراتب صورتها لدى الجيش وفي الصحافة، بسبب التحقيقات الفارغة في قضية هرباز. فأسطورة المهنية الشرطية، التي حاول دانينو صنعها، تفككت أمام ناظري كل من اصطدم بغرور وجهالة الضباط على أعلى المستويات في وحدة لهب 433. وإذا كان الأمر كذلك في الـ&laqascii117o;أف بي آي" المجيد، أو في التقليد المحلي للماركة الأجنبية، فليست غريبة نوعية الأداء في آخر ألوية الشرطة، لواء الضفة.
ويضم طاقم تحقيق الشرطة الذي تم تعيينه عميداً واحداً، خمسة ضباط برتبة مقدم ورائد ولأول مرة ضابط صف هو الرقيب أول ايتسيك شهرباني من محطة شرطة في الوسط، خبير في عمل مراكز السيطرة. وهذا تغيير مهم، يشير إلى ما يقولونه في أجهزة شرطة أخرى، كثيرة الرقباء والوكلاء، عن شرطة إسرائيل المثقلة بجنرالاتها: المهنية لا تقاس بعدد النجوم الموضوعة على الكتف.
والشرطة مجرورة وليست مبادرة، ولكنها على الأقل تقوم بالتحقيق، رغم أن الاختطاف يتطلب تحقيقاً بين أجهزة عدة. وعندما لا يجبرها أحد على فعل ذلك، فإن أجهزة الأمن تتهرب من التعاون مع تحقيق يجريه جهاز آخر. فعندما عين رئيس الأركان الجنرال دان حلوتس الجنرال احتياط غيورا آيلاند للتحقيق في اختطاف جلعاد شاليط، أعلن رئيس جهاز الأمن العام &laqascii117o;الشاباك"، يوفال ديسكين أن الشاباك خارج نطاق لجنة آيلاند. وهذا لم يمنع ديسكين، بعد شهور قليلة من مساعدة صديقه، مئير داغان، رئيس الموساد، في إجراء تحقيق فضائحي قاد إلى تسريح نائب داغان، نفتالي غرانوت. والمحقق الفاشل، &laqascii117o;كلود"، استقال بسرعة ذاتياً من الشاباك بسبب شكوك في ارتكابه مخالفة انضباطية. لقد تعلم ديسكين الدرس. وعندما أتت قضية هرباز، رفض استخدام الشاباك للتحقيق مع هيئة الأركان وديوان وزير الدفاع.
أما خليفة ديسكين، يورام كوهين، فإنه يدين بتعيينه، بين جهات عدة، إلى الحاخام حاييم دروكمان، الذي عمل ضد المرشح الآخر لرئاسة الشاباك، اسحق إيلان، بدعوى أن نتنياهو ملزم بالتشاور مسبقاً مع رؤساء الفروع في الجهاز. وابنة أحد رؤساء الفروع هؤلاء، المقرب جداً لكوهين، متزوجة من حفيد دروكمان. والنتيجة هي &laqascii117o;موقف شاباك" مثير للاستغراب في زوايا أخرى للمؤسسة الأمنية. وقد حذر مؤخراً ضابط استخبارات قديم من أنه &laqascii117o;من لحظة تحديد موقف الشاباك، فإن من يمثل الشاباك في المداولات الخارجية ممنوع من عرض موقف آخر. في جهاز يقوم على انضباط حديدي، ورجاله يخشون أن يكون رئيس الشاباك مطلعاً على كل شيء فضلاً عن خضوعهم لفحوص جهاز كشف الكذب، فإنهم لا يجرؤون على الخروج عن الخط. عملية بلورة موقف الشاباك إشكالية: رئيس الجهاز يقوم بإجمال الموقف ومنذ تلك اللحظة تكون هذه هي التوصية لرئيس الشاباك. وهذا فائق الخطورة خصوصاً في شعبة الأركان للشؤون العربية وعندما تكون هناك وحدة فكرية بينه وبين رئيس الشاباك". والنموذج الأبرز لذلك هو الموقف من التغذية الإجبارية للمضربين عن الطعام، وفق توصية الشاباك، رغم أنه ليست للشاباك أي خبرة زائدة في هذا المجال.
إن النجاح الأكبر للمؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة يتمثل في &laqascii117o;إكليل النار"، وهو ربط كل الأطراف في نسيج واحد لخلايا الهجوم ومركز توجيه النيران الجوية والبحرية والبرية. وهذا المركز، المتعدّد في فرقة غزة، في شعبة العمليات في هيئة الأركان، وفي قيادة الشاباك، هو الأكثر تطوراً في العالم لكنه هجومي فقط. والجيش الإسرائيلي هو صاحب السيادة في القيادة المركزية، ولم يبذل جهداً ليضم ضباطاً من الشاباك في مركز مشابه لمحاربة الاختطاف، أو في البنى التحتية لمراكز السيطرة في الضفة. فالعلاقات بين الشاباك (لواء القدس والضفة واللواء اليهودي) وبين شرطة الضفة مهزوزة وتنافسية. وبدلاً من أن يتركوا للشرطي المناوب أو لمسؤول الدورية حق التقدير إن كان ومتى يجب إبلاغ الشاباك، مطلوب تشكيل &laqascii117o;إكليل اختطاف"، فعلي أو افتراضي. هذا لم يحدث. الدفاع أهمل مرة ثانية.
والتفسيرات لخلفية الاختطاف في الجيش الإسرائيلي تضمر رسالة ليست فقط عملياتية، وإنما هي موجهة أيضاً للقيادة السياسية، للحكومة. كيف حدث أن الشاباك لم يفهم أنه ستقع خصوصاً في محافظة الخليل - عمليات اختطاف، بعد أن أرسل خالد مشعل تلميحاً علنياً ثقيلاً في هذا الاتجاه، ردا على رسالة الأسير حسن سلامة التي نشرت بعد تراجع نتنياهو عن تعهده بالإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين في إطار التفاوض مع محمود عباس وجون كيري. وإذا كان قد فهم، لماذا لم يستعدّ بالشكل المناسب؟ وهل، بعد إلغاء تحرير الأسرى وتعاظم خطر الاختطاف، تأخروا في تحديث التقدير في الجيش الإسرائيلي، حيث جبهات غزة ولبنان أشدّ تفجراً من جبهة الضفة الغربية؟ لقد كلف هذا الخطأ المؤسسة الأمنية بكاملها خسارة هيبة وردع، وكشف الشاباك عاجزاً في نظر الفلسطينيين وأفقد الجيش على الأقل أسبوع تدريبات.
لقد أفلتت عملية الاختطاف من تحت الرادار، حسبما اعترف مطلع الأسبوع وزير الدفاع موشي يعلون. وحدث في الماضي حزيران آخر، في العام 1967، حينما طار سلاح جو عيزر وايزمان وموطي هود تحت الرادار فعلاً، لا قولاً، ودمر الطائرات المصرية في قواعدها. والرادار الضروري اليوم لإسرائيل، في مواجهة الفلسطينيين، رادار اجتماعي وسياسي لا أقل من رادار عسكري واستخباري.
وفي محاضرة عن 40 عاماً على حرب يوم الغفران قال رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات، العميد إيتي بارون، إنه &laqascii117o;من أجل فهم القصة الكاملة لعام 1973، ينبغي أن نتذكّر أن الإخفاق الأمني كان جزءاً من إخفاق أوسع، تضمّن أيضاً فشل المستوى السياسي في بلورة السياسة الإسرائيلية وفشل المستوى العسكري الأعلى في مجال التفكير العسكري وإعداد الجيش الإسرائيلي للحرب إخفاقات تأثرت بالفشل الاستخباري لكنها أيضاً أثرت فيه".
إن لجنة تحقيق حقيقية لقضية الاختطاف لن تتشكّل، لأن عليها أن تبدأ عملها في جذور الفشل السياسي. ما حدث في نقطة التقاء الخاطفين بالمخطوفين وفي الأسبوع العقيم الذي مرّ منذ ذلك الحين ليس فقط فشل الشرطة، الشاباك والجيش. عندما يهزم المنتخب، المسؤول الأعلى هو المدرب.
المصدر: (هآرتس ـ أمير ارون ـ 20 حزيران/ يونيو 2014)