مقابلة مع السفير دنيس روس ـ مستشار في The Washington Institascii117te
أجرى المقابلة بنجامين بوكر، كبير محرري مجلة Foreign Policy ـ 20 كانون الثاني، 2012
هناك قلة من الناس في واشنطن يعرفون المياه الديبلوماسية الضحلة المعقدة للشرق الأوسط كما يعرفها جيداً السفير دنيس روس. فعلى مدار الإدارات الأميركية الثلاث – الجمهورية والديمقراطية – شهد روس جهوداً متعددة لإيجاد سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين وصاغ سياسة احتواء وعقوبات إستراتيجية ضد إيران، وفي الآونة الأخيرة تسلم حقيبة في مجلس الأمن الدولي تمتد من البحر المتوسط إلى خليج البنغال.
وفي مقابلة شملت مختلف القضايا مع مجلة ' فورين بوليسي' بعد تركه إدارة أوباما في كانون الأول، زعم روس أن العقوبات على إيران تفعل فعلها، وأن الدكتاتور السوري بشار الأسد لا يمكنه الصمود إلى ما لا نهاية، وأن إسرائيل وفلسطين اليوم أبعد ما يكونان عن السلام من أي وقت مضى ربما.
فورين بوليسي: هناك جدل شديد الآن حول ما ينبغي فعله مع برنامج إيران النووي. لو كنت إيرانياً، ألم تكن لتقول، ' أنظروا، أعلم بأن هناك أثماناً معينة للحصول على الأسلحة النووية. لكن عندما نحصل على السلاح، سيكون على العالم التعامل معنا ولن نكون معزولين. سوف نصبح قوة على المسرح العالمي'؟
دينيس روس: إذا حصل الإيرانيون على سلاح نووي، فسوف يلقون بظلالهم حيث لم يتمكنوا من ذلك من قبل، ويتمكنون من فرض النفوذ والإكراه بشكل أكبر. سيكون هناك اندفاع من قبل جيرانهم لمواجهة ذلك، وإذا ما انتهى الأمر بشرق أوسط يمتلك فيه عدد من البلدان أسلحة نووية، فلن يكون حال الإيرانيين أفضل بالتأكيد. بالواقع، سيكون حالهم أسوأ ربما.
إذن، هم الآن يعانون من أثمان باهظة جداً. أنظروا ماذا يحدث بما يتعلق بتقلبات عملتهم. سوف يخسرون مواردهم ـ أو على الأقل بعض أهم مواردهم – من العائدات، ما يعني المقاطعة النفطية المستجدة الآتية من أوروبا.
عندما يبحثون ويرون هذا الأمر، فهل سيكونون أفضل حالاً حقاً؟ كما أن لديهم طريقاً للخروج أيضاً، لأن ما يقولونه هو أنهم يريدون طاقة نووية مدنية. لقد كان هناك دائماً خيار بالنسبة لهم لطاقة نووية مدنية. أما ما ليس بخيار بالنسبة لهم فهو قدرات السلاح النووي. فبالعلن على الأقل، ليس هذا ما يهدفون إليه، مع ذلك فإن سلوكهم يكذب ما يقولونه علناً. مع ذلك، فإنهم إذا ما أرادوا طريقة لإنقاذ ماء وجههم والقول بأنهم أنجزوا هدفهم، هناك طريقة للقيام بذلك ونزع كل الضغوطات عنهم في نفس الوقت.
فورين بوليسي: كم تؤثر الحياة السياسية للسنة الانتخابية هنا على حسابات إدارة أوباما أو على الخط الذي تتخذونه تجاه إيران هذا العام؟
دينيس روس: كما تعلمون، أنا لا أرى بذلك عاملاً مفيداً حقاً...
فورين بوليسي: أنا أتساءل فقط، وبما يتعلق بالخطاب أو المقاربة، إن كنا سنرى تغييراً في هذا العام.
دينيس روس: كانت هناك مقاربة ثابتة تجاه الإيرانيين من البداية من قبل إدارة أوباما. عندما جاءت إدارة أوباما إلى السلطة لم يكن الإيرانيون معزولين دولياً، وكانوا يتدحرجون في المنطقة بشكل ظاهر، وكانوا يتقدمون في برنامجهم النووي، ولم يكونوا يدفعون ثمناً اقتصادياً يقنعهم بأن عليهم الاختيار.
استخدم زخم مقاربة الإدارة الأميركية الحوار كوسيلة، وليس كغاية، وكأمر يمكن أن يحرك الضغط إذا لم يتجاوب الإيرانيون. كانت المقاربة ككل مبنية على أساس فرضية وجوب تغيير الديناميكية.
ينبغي وضع الإيرانيين في وضع بحيث يكون عليهم أن يفهموا أنه لا يمكنهم الاستمرار في سلوك الطريق الذي يسيرون فيه من دون دفع ثمن لذلك. عليهم أن يختاروا؛ لا يمكنهم الاعتقاد أن بإمكانهم التهرب من اتخاذ خيار. فإذا ما استمروا بهذا الطريق، عندها سيتصاعد الضغط ويستمر بالتصاعد إلى أن نرى أنهم قاموا بتغيير في سلوكهم.
أنظروا إلى درجة العزلة الإيرانية الآن، دولياً أو إقليمياُ، ونطاق ما يحصل على صعيد العقوبات المفروضة عليهم حالياً، حيث لا يمكنهم القيام بأي عمل أو مشروع مع بنك حسن السمعة دولياً، لا يمكنهم القيام بمشاريع بعملتي الدولار أو اليورو، لا يمكنهم التأمين على سفنهم. لديك الرئيس الإيراني وقد أعلن قبل عام مضى عندما كانت العقوبات مفروضة أن الإيرانيين قد لفظوا العقوبات، استخفوا بها تماماً، لكنه يصفها الآن بأقسى وأشد هجوم اقتصادي، هجوم لم يسبق لبلد أن تعرض لمثله من قبل.
النقطة هي أنه كان هناك بعض التقدم هنا. فعلى طول الطريق كان هناك دائماً فرصة للإيرانيين للعثور على طريق للخروج. لم يقوموا بذلك، ورغم أن برنامجهم النووي ليس حيث كان من المتوقع له أن يكون، فإنهم، رغم ذلك، مستمرون بالتقدم فيه.
فورين بوليسي: ما هو الخط الأحمر بالنسبة لعمل حركي أو ضربة ما؟
دينيس روس: لا يمكنني القول ما هو الخط الأحمر لدى الإدارة. لقد وصف وزير الدفاع ليون بانيتا خطه الأحمر في مقابلاته، والمتصل بتخطي الإيرانيين عتبة الأسلحة النووية.
أعتقد بأن عليكم أن تكونوا منتبهين لكيفية وصفكم للخطوط الحمر، لأن إحدى نتائج تحديد الخطوط الحمر بشكل ضيق جداً هو أنها ترسل رسالة إلى الإيرانيين مفادها: ' يمكننا القيام بكل شيء وصولاً إلى ذلك الخط الأحمر،' وقد لا يكون هذا ما تريده. ما حدده وزير الدفاع بانيتا هو خط أحمر مفهوم، لكنه قد لا يكون الخط الأحمر الوحيد.
فورين بوليسي: ماذا باعتقادك سيكون تأثير ضربة إسرائيلية على إيران، إقليمياً، إذا ما وصل الأمر إلى هذا الحد؟ هل سنشهد حرباً شاملة؟
دينيس روس: هناك أبعاد كثيرة ومختلفة لهذا السؤال. لا شك عندي بأن حزب الله سيقوم بعمل ما عندما يأتي التغيير في سوريا، التي كانت القناة لمعظم المساعدات العسكرية له. لكن حزب الله قد لا يكون يريد كشف نفسه كثيراً. سيكون عليه التفكير بشأن مستقبله وكيف سيكون.
باعتقادي قد لا يكون التأثير واسع النطاق كما يعتقد المرء، رغم أن حزب الله سيقوم بشيء ما بالتأكيد. هذا أمر لا يمكن استبعاده. وسيكون على الإيرانيين أنفسهم التفكير إلى أي حد يريدون التصعيد، لأنهم سيحاولون تقديم أنفسهم كضحية بأمل تخفيف الضغط عليهم.
لكن هذه منطقة لا تحمل شعور التعاطف مع الإيرانيين. فهم خارج ما يحدث في المنطقة، كما أن الدعم الذي يقدمونه للنظام السوري الذي يقتل شعبه قد رسخ صورتهم كقوة مذهبية بالأساس، وأكثر أيضاً.
فورين بوليسي: ما هو الوضع الآن، من وجهة نظرك وموقعك، بالنسبة للعلاقة بين القدس وواشنطن؟
دينيس روس: ليس هناك مقاربة جمهورية وأخرى ديمقراطية تجاه إسرائيل؛ هناك مقاربة أميركية تجاه إسرائيل. باعتقادي كانت المقاربة ثابتة، وفي مجال الأمن بالتأكيد. إن طبيعة هذه العلاقة اليوم في عدد من الجوانب تعتبر أكثر تقدماً مما كانت عليه لدى مختلف الإدارات السابقة, إن نطاق وميزة وكثافة الحوار وقوته حول سلسلة من قضايا الأمن الوطني لا سابق لها فعلاً – مستوى التعاون، تقاسم التقييمات، أنواع التدريبات.
فورين بوليسي: هل العداوة الشخصية أو عدم الثقة الموجودة بين الرئيس الأميركي أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تؤثر على الحسابات بأي طريقة من الطرق؟
دينيس روس: أعلم بأن هناك نظرة تقليدية في الخارج بشأن ذلك...
فورين بوليسي: باعتقادي الحوار الذي نقل على الهواء في قمة مجموعة العشرين قد دفع بذلك الأمر أكثر نوعاً ما...
دينيس روس: حسناً، إن السياق لذلك الحوار هو تخطي الرئيس لساركوزي، مؤكداً له أن ما كان يقوم به الفلسطينيون في الأمم المتحدة يهدد بدفع الأمم المتحدة إلى..... النقطة هي أن ساركوزي يرد بعدها، ويقول الرئيس ما معناه، ' حسناً، أنظر، أنا أتعامل معه كل يوم،' لكنه بنفس الرمزية، حول الحوار وأعاده إلى ما كان قد طرحه، ما يعني: علينا الضغط على الفلسطينيين لوقف هذا السلوك في الأمم المتحدة.
إن السياق الذي أضعه فيه هو التالي: إن المحادثات التي تبادلها الرئيس أوباما ورئيس الوزراء نتانياهو فيما بينهما هي أكثر مما قام بها الرئيس مع أي قائد آخر. ففي أي وقت تواجه فيه إسرائيل مشكلة حقيقية – وقد واجه رئيس الوزراء شيئاً شكل هاجساً عميقاً بالنسبة له – فإن أول شخص كان يتصل به هو الرئيس. وعندما حصلت حادثة الأسطول ( أسطول غزة)، كان الرئيس أول قائد أجنبي يتصل به نتانياهو. وعندما كان هناك ستة إسرائيليين محاصرين في سفارتهم في القاهرة، وكانت حياتهم على المحك بكل ما في الكلمة من معنى، كان الرئيس الأميركي أول قائد أجنبي يتصل به رئيس الوزراء الإسرائيلي. ففي أي وقت يشعر نتانياهو بأن لدى إسرائيل مشكلة كبرى ، فإنه يتصل بالرئيس.
هناك حقيقة بالنسبة للعلاقة وهي أنها علاقة مهنية تماماً حول قضايا هامة وأساسية. في الواقع، هناك درجة عالية من الثقة.
فورين بوليسي: بخصوص عملية السلام، يبدو السلام اليوم أبعد ما يكون من أي وقت مضى. هل توافق عل ذلك؟
دينيس روس: لا أعتقد أن هناك مفارقة اليوم. عندما أعود إلى الوراء وأنظر إلى الزمن الذي عملت فيه على هذه القضية، وأنظر إلى حيث يوجد الجانبان فعلاً بما يتعلق بجوهر القضية، فإن ذلك لا يعني أنه لا يوجد اختلافات بما يتعلق بجوهر القضايا. بالطبع هناك اختلافات. لكن الخلافات بجوهرها، ليست بعمق الفجوات النفسية.
عندما تنظر إلى الاستطلاعات ( استطلاعات الإسرائيليين والفلسطينيين)، عندما تكون المصطلحات بخصوص النتيجة الممكنة محددة، تجد تحولاً استثنائياً – ما بين 60 إلى 70 بالمئة من الشعب من الجانبين حاضرون لتبني ذلك النوع من المصطلحات. ومع ذلك فإن نفس هذه النسبة مقتنعة بأن هذا الأمر لن يحصل أبداً. لذا، هناك فجوة نفسية حقيقية، واعتقد بأن الفجوات النفسية هي التي شكلت الفجوات الدائمة وجعلت من الصعب حقاً الوصول إلى الفجوات الحقيقية.
لسنا على حافة الوصول إلى أي نوع من الاختراقات. لكن هناك ثمن عندما يكون هناك طريق مسدود. ليس هناك شيء يشبه الوضع القائم، تحديداً في هذا الجزء من العالم. إنه غير ثابت أبداً. فما لا يمكنك تحمله هو أن يكون لديك مأزق عندما يكون أولئك الذين يرفضون فكرة حل الدولتين قادرين على استغلالها لتقويض فرصها على نحو متزايد. أعتقد بأن فرضية سؤالك صحيحة – لسنا على حافة حصول اختراق ما. مع ذلك من المهم أن نحاول إيجاد طرق لتجاوز المأزق.
فورين بوليسي: هل تعتقد بأن الحكومة الفلسطينية الحالية هي حكومة تستطيع إسرائيل العمل معها وتستطيع الولايات المتحدة جلبها إلى مفاوضات؟
دينيس روس: باعتقادي هذا أمر صعب جداً. أعتقد بأن أبو مازن ( القائد الفلسطيني محمود عباس) قد اتخذ قراراً وهو يعتقد بأن هذه الحكومة الإسرائيلية عاجزة عن إنجاز اتفاق، أو على الأقل صفقة يمكنه التعايش معها. لذا، هو مستمر بفرض الشروط للذهاب إلى مفاوضات.
هناك محادثات تمهيدية الآن. ولم يتم إبرازها قطعاً كمفاوضات وإنما كمحادثات تمهيدية، وهذا أمر جيد. آمل أن يعطيها الفلسطينيون فرصة.
لا يريد أبو مازن الدخول في مفاوضات رسمية يعتقد بأنها ستفشل. لكن كلما استمررت بتجنب الدخول بمفاوضات رسمية أكثر كلما أصبح الحاجز الذي تخلقه أمام تلك المفاوضات أعلى، وتبرير القيام بها أصعب. لا أعتقد بأن ذلك سيناسب المصلحة الفلسطينية في نهاية المطاف.
فورين بوليسي: هل تعتقد بأن اقتطاعات التمويل المخولة من قبل الكونغرس للسلطة الفلسطينية فكرة جيدة؟
دينيس روس: لا أعتقد بأنها فكرة جيدة لأن الأمر الوحيد المنطقي هو الحفاظ على إمكانية الوصول إلى نتيجة حل الدولتين.
باعتقادي أنتم تريدون تأييد وتثبيت أولئك الذين يؤمنون باللا عنف والتعايش، وإن أبو مازن يؤمن، وهذا لمصلحته، باللا عنف وبالتعايش. فحتى عندما تعاني من مسألة تخطي الصعوبات، فإنك بحاجة للنظر إلى حيث تكون الانفراجات ممكنة والى الكيفية التي يمكن للمرء الاستمرار بتأييد أولئك الذين يؤمنون فعلاً بنتيجة حل الدولتين وباللا عنف.
أنا أفهم جيداً السبب الذي دعا الإسرائيليين للقيام بصفقة لاسترجاع جلعاد شاليط؛ هناك ميثاق أساسي بين الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي. فكل شخص في المجتمع الإسرائيلي يخدم في الجيش. إلا أن نتيجة ذلك الاتفاق لم تكن تأييد أولئك الذين يؤمنون باللا عنف، وإنما تأييد حماس والذين يؤمنون بالعنف.
فورين بوليسي: هل تعتقد بأن التقدم ممكن مستقبلاً طالما أن الفلسطينيين مستمرون بالدفع، أحادياً، للحصول على دولتهم في الأمم المتحدة. هل هذا أمر هم بحاجة له للتراجع عن المفاوضات؟
دينيس روس: أنا أفهم أن يكونوا محبطين، وأفهم أنهم يريدون استئناف وسائل لا عنفية. لكنهم كلما واصلوا السير في طريق الأمم المتحدة أكثر كلما ارتفعت التساؤلات في أذهان الإسرائيليين العاديين عن هدفهم من وراء ذلك أكثر، وكلما كانت فرص تحقيق ما يريدون أقل.
فإذا ما تمكن أولئك الذين يؤمنون باللا عنف وبالتعايش من الإشارة إلى واقع يقول بأن سيطرة إسرائيل يجري تخفيضها وبأن طريقتهم ستكون، في نهاية المطاف، الطريقة التي ستنتج دولة، عندها هناك فائدة ونتيجة من ذلك. لكن إذا كنتم تريدون سلوك طريق الأمم المتحدة، فلن يكون هناك نتيجة ولا مردود. الأمر كله رمزي. إنه يجعل الناس العاديين في إسرائيل ينفرون؛ إنه يقنعهم بأن الأمر يتعلق بنزع الشرعية عن إسرائيل، وليس محاولة التعايش معها، لذا سينتهي الأمر بهزيمة ذاتية للمشروع كما سيضعنا في موقف يهدد نظام الأمم المتحدة بكل ما للكلمة من معنى.
فورين بوليسي: هل تعتقد بأنه كان من الخطأ الدعوة إلى تجميد المستوطنات في العام الأول من إدارة أوباما؟
ديميس روس: كانت مٍسألة المستوطنات قضية مطروحة منذ زمن طويل. أفضل التطلع قدماً وليس إلى الخلف. أعتقد بالفعل بأن كل الجهد الذي بذل، في خطابات الرئيس في أيار الماضي وصولاً إلى الحديث عن الحدود والأمن، كان طريقة لجعل المستوطنات مٍسألة صورية، لأنه إذا كنت تستطيع حل مشكلة الحدود، فإن المستوطنات لن تعود قضية. الحقيقة هي أن المستوطنات قضية وضع دائم. إنها قضية وضع دائم يمكن حلها من خلال المفاوضات.
فورين بوليسي: ألم تؤد مسألة تجميد المستوطنات إلى دفع الفلسطينيين لاتخاذ موقف يقول، ' لا يمكن أن ينظر إلينا على أننا أقل عدائية من الولايات المتحدة بشأن هذه القضية'؟
دينيس روس: لم تجعل الإدارة الأميركية من هذه المسألة شرطاً مسبقاً للمفاوضات أبداً. الفلسطينيون هم من جعلوها كذلك.
فورين بوليسي: بالتطلع إلى الأمام كما قلت، ما هي الخطوات التالية؟ هل عملية السلام قضية تأتي في المرتبة الثانية بالنسبة للرؤساء، عموماً؟
دنيس روس: لا أعتقد بأن ذلك ينبغي أن يكون. فأساس فن الحكم هو أن تدرك أنه قد يكون لديك هدف، لكن إذا لم تتمكن من تحقيقه الآن، أنظر إلى ما يمكنك القيام به في محاولة لتغيير ما هو مستحيل اليوم إلى ممكن بمرور الوقت.
أمر واحد يمكن القيام به في هذه المرحلة وهو التفكير بشأن المقاربات التي يمكنك بواسطتها تغيير الوقائع على الأرض بطريقة تؤيد بها الفلسطينيين الذين يؤمنون باللا عنف والتعايش. وبالمناسبة، إذا ما أيدتهم وثبتهم، فإنه سيصبح من الأسهل عليهم عدم مواصلة القيام بخطوات كتلك التي قاموا بها في الأمم المتحدة.
إذن، يمكن أن يكون هناك نوع من المعاملة بالمثل حتى. يمكنك إحداث حزمة من المقاربات، لكن ليس هناك من سبب يجعلك تعتقد بأنه لا يمكن القيام بشيء فقط لأن الأمر صعب في هذه المرحلة. فحتى لو لم يكن ليحصل هناك اختراق مباشر وفوري، فإن بإمكانك القيام بأمور أخرى تغير السياق وهذا يؤدي إلى جعل مسألة حصول اختراقات بمرور الزمن أمراً أكثر احتمالاً.
فورين بوليسي: أريد الانتقال إلى سوريا. لقد قلت من قبل بأن الرئيس السوري بشار الأسد في طريقه للخروج من السلطة. هل لا زلت متمسكاً بقولك؟
دينيس روس: إن نظاماً مبنياً على الخوف والإكراه، وعاجز عن استخدامهما لوقف معارضة ضده، زمنه محدود، وفق التعريف. لا أعلم الوقت الذي سيستغرقه ذلك.
لكن كلما طال وجوده هناك كلما كان الأمر أسوأ بالنسبة لسوريا. كلما طال وجوده هناك، كلما عمَّق الانقسامات المذهبية. إنه يحاول إبراز الآخرين على أنهم هم مصدر ما يحصل هناك، لكنه هو من يقوم بذلك، وليس الآخرين. وهو مستمر، على الصعيد الداخلي، بخلق صورة وهمية خيالية عن أن التظاهرات تقودها مؤامرة خارجية.
من الصعب التكهن، لكني أعتقد بأنه سيكون هناك أنواعاً معينة من الانشقاقات في الداخل والتي ستسرع، على الأرجح، انهيار النظام. فكلما كان هناك ضغط أكبر من الخارج – وليس فقط ما يتعلق بالضغوط الاقتصادية، وإنما ضغوطاً أكبر تتعلق بالتعامل مع ' المجلس الوطني السوري (المعارضة السورية) لإثبات أن المجلس يمثل حقاً، المستقبل – والذي أعتقد بأنه سيقلص الفترة التي سيستلزمها سقوط الأسد أكثر.
يتصرف النظام وكأن لديه رخصة للقتل. لذا أنا أود أن أستخدم كلمات الأسد نفسها وأحولها ضده. إذا ما كان مقتنعاً بأن هناك مؤامرة خارجية، ينبغي له أن يكون أول من يكون له مصلحة في محاولة الكشف عما يجري. وإحدى أفضل الطرق لذلك هي جلب عدد أكبر بكثير من المراقبين. فإذا كان الأسد مؤمناً بما يدعيه، فلا ينبغي له أن يكون معارضاً لوجود عدد أكبر من المراقبين هناك كطريقة لحماية المدنيين السوريين. وإذا ما كان واثقاً للغاية بأنه محق بشأن ذلك، فلا سبب لديه كي يخاف من آلاف المراقبين وليس فقط من 165 مراقباً. وإذا لم يكن لديه ما يخاف منه، عندها فليسمح لعدد كبير من المراقبين بالحضور إلى هناك، وليسمح للصحافيين بالدخول، ليزيد على الأقل من فرص وجود حماية أكبر للشعب السوري.