قراءات سياسية » الجذور التاريخية للعلاقات بين الطغمة اليهودية والمارونية المرتدة

صوفيا ــ جورج حداد(*)

ان مجمل "الثقافة السياسية" للطابور الخامس اللبناني، وعلى رأسه المارونية السياسية، هو مبني على الكذب والتهريج الشعبوي والتضليل الجماهيري وقلب الحقائق وطمس وتزوير التاريخ.

وانطلاقا من الاكاذيب التي يتسلح بها ويتشدق بها ابواق الطابور الخامس والمارونية السياسية، فهم يزعمون، كذبا وبهتانا، بأن الاحزاب الطائفية العميلة التي اسستها المارونية السياسية، وعلى رأسها "حزب الكتائب" (الفالانج) ثم "حزب القوات اللبنانية" (البشير ــ جعجعي)،  قد "اضطرت!" لمد اليد "لاسرائيل" وتقبّل مساعداتها، لمواجهة "الخطر الفلسطيني" المزعوم، الذي كان حسب مزاعمهم يهدد "السيادة اللبنانية!" ويريد توطين الفلسطينيين في لبنان. وانها ــ اي تلك الاحزاب للمارونية السياسية ــ قد "اضطرت!" ايضا للانجرار الى النزاع الطائفي والحرب الاهلية في لبنان، بحجة ان المسلمين اللبنانيين، وتحت مؤثرات طائفية "خارج ــ لبنانية" او "لالبنانية"، تخلوا عن "لبنانيتهم!"، وانحازوا الى المعتدين الفلسطينيين الغرباء(!!!) ضد "شركائهم في الوطن": المسيحيين. وتحت مثل هذه الاكاذيب تم انشاء الحواجز "اللبنانية ــ المسيحية"، بقيادة امثال "الامير اللبناني بشير الجميل" (حسب تعبير "الشيوعي!" الاستاذ رافي مادويان ــ الابن بالتبني للمرحوم جورج حاوي) وسمير جعجع، وذلك لاصطياد المواطنين المسلمين العاديين والابرياء وقتلهم على الهوية، وقبض مئات ملايين الدولارات من المملكة السعودية لاجل هذه "الخدمات للسيادة اللبنانية! والاسلام الصحيح = السعودي!"، بحجة ان تسعة اعشار اولئك المواطنين المسلمين العاديين الذين صدقوا انهم "لبنانيون!"، ووقعوا في مصائد الاحزاب الطائفية "المسيحية!" العميلة لـ"اسرائيل" والمأجورة لدى السعودية، هم اما ناصريون او قوميون عرب او بعثيون او ــ وهنا الطامة الكبرى: شيعة او دروز (والعياذ بالله!). وقد بلغ هذا النهج "السيادي اللبناني!" و"المسيحي الدجال!" أوجه في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق ذاته الشهيد رشيد كرامي، في حزيران/ يونيو 1987، فيما كان في طوافة عسكرية "لبنانية" وبحماية الجيش "اللبناني" ذاته. وهي الجريمة التي اعتقل بسببها  سمير جعجع وحكم عليه بالاعدام، الذي خفض الى الحكم بالسجن المؤبد، وقضى في السجن 11 سنة ولم يفرج عنه الا بصفقة سياسية وعفو خاص اصدره مجلس النواب في تموز/ يوليو 2005.
      
ولكن الوقائع التاريخية تكذب تماما جميع مزاعم احزاب المارونية السياسية، وتؤكد ان العلاقات بين الطغمة اليهودية و"المارونية المرتدة" (السلف التاريخي لـ"المارونية السياسية") هي اقدم بكثير من قيام "اسرائيل" ذاتها ومن انشاء "الكيان اللبناني" المصطنع ذاته. وان هذه العلاقات تضرب بجذورها في عمق التاريخ، وانها استمرت وتطورت وتعمقت خلال وجود هذين الكيانين ــ التوأمين "اسرائيل" و"الكيان اللبناني".

ان التاريخ العربي، وليس  "اللبناني" فقط، هو تاريخ مزور، كتب تحت تأثير "ثقافة!" الاستشراق الاستعماري الغربي و"ثقافة!" انظمة الاستبداد الاسلامي، الامرائي ــ البدوي ــ "العرباني"، في البداية، وفي نهاية المطاف غير العربي في الاغلب وبشكل رئيسي. وهذا التاريخ هو مقلوب رأسا على عقب. وعلى مدى مئات السنين قدم للاجيال "ابطالا عربا ومسلمين!" مزيفين، مثل صلاح الدين الايوبي، الذي لم يكن في الحقيقة سوى مغامر سياسي طامع بالسلطة ومستبد متوحش، طائفي ــ عنصري، اباد الفاطميين وذبح واحرق وقتل مئات الوف الشيعة والسودانيين والمصريين والعرب، وسالم  الصليبيين، وصادق اليهود، وقسّم البلدان العربية التي تسلط الاكراد عليها في غفلة من الزمن، كإقطاعات لاخوته وابنائه وافراد عشيرته.

ونرى من الضروري دعوة جميع البحّاثة الموضوعيين والمؤرخين الصادقين لاجراء قراءة تحليلية علمية جديدة للتاريخ العربي، والعمل لايقاف السردية التاريخية على قدميها، كجزء اساسي من معركة تحرير شعوب الامة العربية، والانسانية جمعاء، من نير الصليبية الجديدة المتمثلة في الهيمنة الامبريالية الغربية ــ اليهودية وادواتها المتمثلة في "الداعشية الاسلامية" بين المسلمين، و"المارونية السياسية"  واشباهها بين المسيحيين، والانظمة العربية العميلة.

ونحن نحاول ان نلقي الضوء على الجذور التاريخية للعلاقات بين الطغمة اليهودية و"المارونية المرتدة" سالفا و"المارونية السياسية" راهنا. ونطرح للبحث والنقاش الجدي رؤوس الاقلام التي نعرضها في ما يلي:

ــ1ــ بعد قيام الجيش الروماني بتدمير قرطاجة العظيمة في 146ق.م، واكتساح بلدان افريقيا الشمالية ووادي النيل والتلة الاثيوبية وما نسميه اليوم بلدان "المشرق العربي"، قامت الدولة الرومانية بصلب السيد المسيح (حسب الرواية المسيحية)، كضربة "ارهاب دولة" استباقية، هدفها قمع اي تمرد يقوم به ضد روما شعب اي بلد من البلدان "المفتوحة". وتمت عملية الصلب بالمشاركة بين روما والطغمة اليهودية، كل لاسبابه ودواعيه، الدينية والسياسية والاقتصادية ــ الاجتماعية. وحتى حينما، وتحت تأثير زوجته التي كانت مسيحية سرا، تردد الحاكم الروماني بيلاطس البنطي في اصدار حكم الاعدام ضد السيد المسيح، صاح فيه اليهود، قيادة و"شعبا!"، صيحة رجل واحد قائلين: "ليكن دمه علينا وعلى ذريتنا من بعدنا!". وهذا يعني عمليا ان الطغمة اليهودية قد صممت منذ البدء ان تتابع على مدى الاجيال تنظيم اليهود، وتأطيرهم بكل الاشكال: الدينية والايديولوجية والثقافية والاعلامية والمالية والتجارية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، لاجل السيطرة الدائمة على العالم عموما و"العالمين المسيحي والاسلامي" خصوصا.

وفي احيان كثيرة اتخذت هذه النزعة التسلطية للطغمة اليهودية شكل الصراع مع الطبقات المالكة وانظمة الحكم، الشوفينية، في مختلف الدول والبلدان "المسيحية!"، وكان اخرها الصراع المميت بين الطغمة  اليهودية والنازية الالمانية، والذي ذهب ضحيته اليهود العاديون اللاصهيونيون والمعادون للنازية.

ولكن في اغلب الاحيان اتخذت النزعة التسلطية للطغمة اليهودية العليا شكل التداخل، حتى شبه الاندماج، مع النزعات الاستعمارية والامبريالية لمختلف الدول الغربية، وهو ما نرى نموذجه الامثل اليوم في التداخل شبه الاندماجي بين الشريحة العليا للطغمة اليهودية، المالية ــ الدينية ــ السياسية، وبين الشرائح الطبقية الاعلى للامبريالية الاميركية.

ــ2ــ وتلك الحقبة السوداء في التاريخ البشري، التي دُمغت برواية صلب السيد المسيح، سواء كانت واقعة تاريخية او اسطورة رمزية، حسبما يقول بعض المحللين، هي التي اسست للمسار التاريخي العالمي في الاكثر من الالفيْ سنة اللاحقة.

ــ3ــ وخلال تلك الحقبة، فإن الطغمة المالية ــ الدينية ــ المجتمعية اليهودية اضافت الى "مهنتها" الرئيسية، اي "المهنة الربوية"، "مهنة تكميلية" في غاية الاهمية هي: "النخاسة"، اي المتاجرة بالبشر المحوّلين ظلما وقهرا الى عبيد. إذ كان التجار اليهود يرافقون الجيوش الرومانية الغازية، محملين بالاموال والاغلال، لشراء الاسرى لدى الجيش الروماني بعد كل معركة، وتصفيدهم وسوقهم الى "المدارس اليهودية الجهنمية" للتجويع والتعذيب حتى الموت والاغتصاب وكل اشكال الفظائع التي كان يتم تعريض اولئك الاسرى لها، لاذلالهم وتحطيم كرامتهم وانسانيتهم و"ترويضهم" وتحويلهم الى مجرد كائنات ناطقة شبه بشرية، وتطويعهم وتدريبهم على حياة العبودية، ومن ثم بيعهم عبيدا، كأي حيوانات مدجنة، مع فارق انهم "حيوانات شبه بشرية" ناطقة. اما المرضى والعجزة فكان اليهود يبيعونهم كطعام للحيوانات المفترسة التي كان يقتنيها النبلاء الرومان للتسلية والمتعة.
واعظم "صفقة" حققها النخاسون اليهود هي شراؤهم الاسرى القرطاجيين (الكنعانيين ــ الاراميين ــ الفينيقيين) بعد سقوط قرطاجة، وكان عددهم يتراوح بين 300 و400 الف نسمة، اي نصف عدد سكان قرطاجة حينذاك، اما النصف الاخر فكانوا قد ابيدوا ذبحا او حرقا.
وعن طريق هذه "المهنة التكميلية" كسبت الطغمة اليهودية اموالا خيالية، لان كل البنيان الاقتصادي ــ الاجتماعي ــ السياسي ــ "الحضاري" والثقافي والديني والايديولوجي للامبراطورية الرومانية، ما قبل وما بعد المسيحية، كان يقوم على النظام العبودي وعمل العبيد.
وبهذه الاموال الخيالية فإن الطغمة اليهودية "عززت" ووسعت بشكل لا سابق له مهنتها الرئيسية الاولى، الربوية. وبذلك أمسكت بزمام الحياة الاقتصادية ــ الاجتماعية ــ السياسية في الامبراطورية الرومانية القديمة، وما تلاها من دول استعمرت واستعبدت شعوب المشرق والمغرب العربيين.

ــ4ــ ولكن العلاقات بين الطغمة العليا و"الشعب!"، اليهوديين، وبين الامبراطورية الرومانية، الوثنية ثم الكاثوليكية، قبل وبعد ظهور المسيحية، وقبل وبعد تبني روما للمسيحية، ــ هذه العلاقات سارت بخط شديد التعرج والتناقض في مختلف المراحل، وتراوح بين التعاون الوثيق الى درجة الالتصاق، في بعض المراحل، وبين الصراع المميت، في مراحل اخرى. وهو ما ينبغي التوقف عنده بشكل خاص، وبحثه وتحليله بعمق، من وجهة نظر علمية تاريخية: طبقية ــ اقتصادية ــ اجتماعية ــ سياسية وايديولوجية. لانه بمثل هذا التحليل العلمي فقط يمكن  إلقاء الضوء على علاقة اليهود والطغمة اليهودية  بالدول الرأسمالية والامبريالية الغربية في الازمنة الحديثة.

ــ5ــ ومع التوسع الكبير للامبراطورية الرومانية احتدم الصراع بين القادة العسكريين ومراكز القوى داخل الامبراطورية وبلغ حد اغتيال يوليوس قيصر نفسه. وكان الصراع بين الطغمة اليهودية بقوتها المالية وبين القادة العسكريين والنبلاء والملوك المحليين، الرومان، احد اهم اشكال الصراع داخل الامبراطورية. وبعد تبني الامبراطورية رسميا للديانة المسيحية بصيغتها الكاثوليكية وجعلها دينا للدولة، وظهور البابوية، استخدمت البابوية ــ الامبراطورية الرومانية مسألة صلب السيد المسيح لشيطنة اليهود وتحميلهم مسؤولية جريمة الصلب وانهم "خدعوا" الامبراطورية حول طبيعة السيد المسيح حينما ادعوا انه يريد نزع السلطة من الفيصر، في حين ان السيد المسيح كان قد قال: "مملكتي ليست من هذا العالم!".   
   
وحينما اقتحم الصليبيون القدس في حزيران/ يونيو ــ تموز/ يوليو 1099، تجمع اليهود فيها في الكنيس اليهودي، فطوقهم الصليبيون، وكدسوا الحطب حول الكنيس واحرقوه بمن فيه من اليهود. وبعدها منع الصليبيون اليهود من الاقامة في القدس وطاردوهم في جميع اراضي المملكة الصليبية في فلسطين.
ــ6ــ وخلال مرحلة الاحتلال الصليبي للقدس وفلسطين، فإن قسما من رجال الاكليروس الماروني واشياعهم، وبدوافع انتهازية ومصلحية، اداروا ظهورهم لاصولهم "المسيحية الشرقية"، و"السريانية الاورثوذوكسية"، و"السورية" و"العربية"، واقاموا علاقات مع المحتلين الصليبيين، سرا، وعلنا حينما كان بامكانهم، وذلك بذريعة وحدة الانتماء الطائفي الى المسيحية.
وفيما بعد تطورت هذه العلاقة الى علاقة اكليروسية دائمة مع البابوية الرومانية، لا تزال قائمة الى اليوم،  تحت ذريعة ما يسمى "الكنائس المتحدة" (مع روما). وهذا القسم من الجسم الاكليروسي الماروني، المرتد عن اصوله "المسيحية الشرقية"، والذي سنسميه بشكل مشروط "المارونية المرتدة"، هو الاساس الذي انبنت عليه مستقبلا "المارونية السياسية" الانتهازية، بكل "ثقافتها" القائمة على "الخيانة الوطنية" و"التبعية" للغرب الرأسمالي ــ الاستعماري ــ الامبريالي، المقرونة بالعداء لجميع شعوب الشرق المعتدى عليها والمظلومة والمضطهدة والمنهوبة.

ــ7ــ وحينما توصل المغامر السياسي الكردي، الداهية والسفاح، صلاح الدين الايوبي، للسيطرة على السلطة في مصر ثم في سوريا والمشرق العربي، كانت الطغمة اليهودية تمثل شريحة طبقية مميزة، وتملك وضعا ماليا استثنائيا، خارج مملكة القدس والممالك الصليبية الاخرى. وهذا ما اتاح لها ان تقيم علاقة وثيقة مع السلطان صلاح الدين الايوبي، وتضطلع بدور "الخزانة المالية السرية" لسلطنته. وهذا هو الاساس التاريخي الاول للعلاقات الوثيقة بين الطغمة اليهودية والقيادات الشوفينية الكردية، العشائرية والانتهازية "اليسارية" و"التقدمية" الدجالة. وقد اعتمد صلاح الدين على الدعم المالي والسياسي اليهودي، لكي يؤطر حوله القادة والامراء الاكراد الايوبيين، عن طريق إشباع نهمهم المَرَضي للمال والسلطة. (تقول المرويات ان اسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين الايوبي، مات بالتخمة، حيث انه كان شرها جدا، لا يشبع حينما يأكل!).

ــ8ــ وتزامنت سلطنة صلاح الدين الايوبي في مصر مع وجود الحاخام اليهودي موسى بن ميمون (1135 ــ 1204م)، اشهر شخصية في التاريخ اليهودي القديم، والذي عنه يردد اليهود قولتهم الشهيرة: "ليس بعد موسى (= النبي التوراتي) الا موسى" (اي: ابن ميمون).          
وعلى قاعدة العلاقة المالية الخاصة بين الطغمة اليهودية والسلطنة الكردية الايوبية، فإن السلطان صلاح الدين الايوبي اقام علاقة مميزة بينه وبين الحاخام اليهودي موسى بن ميمون، الذي صار اقرب المقربين الى صلاح الدين واتخذه كطبيبه الخاص ومستشاره الاول في شؤون السلطنة. وفي تلك الحقبة كان محظورا على اليهود الاقامة في القدس وفلسطين. وبعد استرجاع القدس في 1187م، منح صلاح الدين مستشاره موسى بن ميمون مرسوم رفع الحظر عن استيطان اليهود في القدس وفلسطين، وذلك قبل "وعد بلفور" بمئات السنين.
ومن زاوية نظر تاريخية يمكن القول ان السلطان الكردي صلاح الدين الايوبي ("المسلم!" وفي بعض العيون العشواء "العربي!") هو واضع حجر الاساس الاول في الاستيطان اليهودي، ومن ثم تأسيس دولة "اسرائيل" في الحقبات التاريخية اللاحقة.
وفي الوقت ذاته تقريبا عقد السلطان صلاح الدين في 1192م، مع ملك الانكليز الصليبي ريتشارد قلب الاسد، "معاهدة الرملة"، التي "طبّع" فيها العلاقات مع الصليبيين، وسمح لهم بالدخول والخروج بحرية الى القدس، والاحتفاظ بالشريط الساحلي من صور الى يافا.
وعلى خلفية "مسالمة" الصليبيين، و"مصادقة" الطغمة اليهودية، كشف السلطان الكردي صلاح الدين الايوبي وجهه الحقيقي، وكشر عن انيابه، وتفرغ لاستئصال الفاطميين ومحاربة وذبح وحرق الشيعة والسودانيين (النوبيين) والمصريين والعرب.
ومن زاوية نظر تاريخية يمكن  القول ايضا ان السلطان الكردي السفاح صلاح الدين الايوبي هو واضع حجر الاساس الاول للمحور الصليبي (الاستعماري الغربي) ــ الكردي ــ اليهودي، المعادي لشعوب الامة العربية، وهو المحور الذي سرعان ما ستنضم اليه ايضا "المارونية المرتدة" القديمة سلف "المارونية السياسية" الحالية. وذلك المحور القديم هو المقدمة التاريخية لـ"المحور" الحالي: الاميركي ــ الاسرائيلي ــ الكردي، الذي تدعمه وتنضم اليه اليوم المارونية السياسية "الكيانية اللبنانية".

ــ9ــ وفي تلك الازمنة المضطربة، ولتعزيز مكانتها "الدينية!" والسياسية والحصول على المكاسب المالية والمادية الاخرى، مستفيدة من صفتها "المسيحية"، وكونها مكوّنا ديموغرافيا اصليا في المنطقة، بالرغم من انها خانت اصلها، عملت "المارونية المرتدة" على ثلاثة خطوط هي:
الاول ــ هو السعي للتقريب بين السلطنة والامارات الكردية وبين الصليبيين.
والثاني ــ هو التواصل مع المستوطين اليهود الجدد في القدس وفلسطين، وإضفاء "الصفة الشرعية المحلية" على وجودهم الغريب.
والثالث ــ هو السعي للتقريب واعادة التواصل والتفاهم والتعاون بين الطغمة اليهودية والبابوية الرومانية، على قاعدة "وحدة المصالح" و"وحدة الايمان" بمجيء المسيح (للمرة الثانية بالنسبة للمسيحيين، وللمرة الاولى بالنسبة لليهود)، حيث انه حينذاك ستتحد الديانتان حتما، فلماذا لا تتحدان منذ الان، لاستقبال المسيح معا حينما يأتي؟!!

ــ10ــ وتجدر الاشارة الى ان عقيدة المجيء الجديد للمسيح هي الاساس الايديولوجي ــ السياسي  لـ"المسيحية الصهيونية" السائدة اليوم في الولايات المتحدة الاميركية؛ وعليها تنبني شتى البدع شبه المسيحية او "اليهودو ــ بروتستانتية" كـ"شهود يهوه" و"السبتيين" و"المعمدانيين" و"المورمون" وغيرهم. واكثر هؤلاء، اذا لم يكن كلهم، يقولون بـ"طهرية وقداسة يهوذا الاسخريوطي، الذي سلم المسيح للموت على الصليب، وانه ــ اي يهوذا ــ هو "الوجه الاخر للمسيح"، وانه فعل ما فعل "بمشيئة الله، كي تكتمل رسالة المسيح!!!".
وبالترجمة الدينية ــ الجيوسياسية لهذه "العقيدة اليهوذائية"، فإنه حينما يصفق رجال الكونغرس الاميركي 50 مرة للسفاح نتنياهو، وحينما تزود اميركا عصابات الجيش الاسرائيلي بجميع انواع الاسلحة لقتل الاطفال والنساء والاطباء والصحفيين والمدنيين الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، فإنهم لا يرتكبون اي جريمة، بل بالعكس هم يحققون "مشيئة الله!!!" تمهيدا لمجيء المسيح!!!
وهذه هي "ثقافة الحياة!" التي ينادي بها ابواق الطابور الخامس والمارونية السياسية في لبنان!

ــ11ــ وبالاموال الطائلة التي كان السلاطين والملوك الاكراد الايوبيون ينتزعونها من الشعوب العربية المغلوب على امرها، ــ بهذه الاموال العربية، اخذ الايوبيون يشترون المرتزقة ــ المماليك، من الحثالات البشرية في القوقاز والبلقان واسيا الوسطى، ليحكموا بهم العرب. وحينما تضخمت اعداد المماليك وقويت شوكتهم، ازاحوا الاكراد وحلوا محلهم في حكم العرب مباشرة لصالح الزمر المماليكية. وفيما بعد ازاح الغزاة العثمانيون المماليك، بمساعدة الاكراد، الذين تحولوا طوال القرون اللاحقة الى ادوات قتل وسلب ونهب وتوسع بيد العثمانيين.

ــ12ــ وفي الحرب العالمية الاولى عاد "الصليبيون المعاصرون" واليهود للسيطرة على الشرق العربي والقدس وفلسطين بصيغة نظام الاستعمار الجديد، المغلف بالديماغوجية حول "حرية الشعوب" و"الدمقراطية" و"التقدم" و"الحضارة"، والمقونن بما يسمى "الشرعية الدولية". وهذا النظام هو الذي أنشأ "دولة اسرائيل" الحالية القائمة على الاضاليل الدينية (التوراتية الخرافية) والصهيونية (القومية اليهودية الموهومة والمزيفة). وحينما دخل الجنرال الانكليزي اللنبي فلسطين قال: "الان انتهت الحروب الصليبية!". وحينما دخل الجنرال الفرنسي غورو الى دمشق ذهب للتو الى ضريح صلاح الدين الايوبي ودق بقدمه على جدار القبر قائلا: "استيقظ يا صلاح الدين! ها اننا قد عدنا!".
وبعد احداث 11 ايلول/ سبتمبر 2001 في نيويورك رفعت اميركا راية الصليبية، واعلن جورج بوش الابن شن الحرب الصليبية الجديدة على الشرق.
وخلال العدوان الاسرائيلي الوحشي على لبنان في تموز 2006، فإن "السمرا الحلوايي" غونداليزا رايس عانقت بحرارة فؤاد السنيورة، وكفكفت دموعه "الريحانية" (نسبة الى الممثل المصري المرحوم نجيب الريحاني)، مبشرة بميلاد "الشرق الاوسط الجديد" التابع كلية لاميركا واسرائيل وزعانفهما "العربية" و"اللبنانية". ولكن هذا "الشرق الاوسط الجديد" الاميركي تعسرت ولادته  الى الان، وهو لن يولد ابدا، بفضل ظهور وثبات محور المقاومة، الذي يقف بصلابة وشجاعة وحكمة ومقدرة بوجه الامبريالية الاميركية والغربية واليهودية العالمية!
*****
بقي ان نقول انه حينما أجبرت المقاومة الوطنية الاسلامية اللبنانية جيش الاحتلال الاسرائيلي على الانسحاب بلا قيد ولا شرط من جنوب لبنان، كان لدى العملاء والخونة ــ قيادات وعناصر "جيش لبنان الجنوبي" الفرصة للفرار الى "اسرائيل".
اما اليوم فان الحثالات من ابواق الطابور الخامس اللبناني واحزاب "المارونية السياسية المرتدة" والعميلة من الارجح انه لن يكون لهم حظ وجود "اسرائيل" يهربون اليها!
وبئس المصير!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتب لبناني مستقل

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية