مواد أخرى » دول الخليج وسوريا


إميل حكيِّم
ascii85nited States Institascii117te Of Peace
PEACE BRIEF 116
30 أيلول، 2011


موجز

&bascii117ll; تقدم الإضطرابات في سوريا لدول الخليج فرصة إضعاف أو حتى إزاحة نظام الأسد المنحاز لإيران، إلا أن قدرة هذه الدول على عرض القوة أو تشكيل الأحداث في سوريا محدودة.

&bascii117ll; إن الكره لنظام الأسد لا ينظم المصالح الخليجية ولا يصنع رؤية للمدى الطويل بالنسبة لسوريا. علاوة على ذلك، هناك إفتقار للتعاون حول الديبلومسية والإستراتيجية.


&bascii117ll; إن اللغة المذهبية، الأكثر وضوحاً في تعليقات وسائل الإعلام وتصريحات رجال الدين، هي الآن السمة الرئيسة للنقاش الخليجي الدائر حول سوريا.

&bascii117ll; هناك أجزاء من المعارضة السورية تقاربت وتوددت إليها حكومات خليجية. مع ذلك، هناك درجة من القلق وعدم الثقة لا تزال تحدد العلاقة فيما بينهم.
 
مقدمة
تفاجأت دول الخليج عندما بدأت الثورة السورية. وظلت هذه الدول صامتة في البداية، فمع إستشعارها الفرصة المؤاتية، كانت مع ذلك حذرة تخشى الخطر. وبينما بدا أنهم متوجهين نحو وضع ساسي وإقليمي راهن، الإستقرار الذي بدا غامضاً على نحو متزايد، كان البقاء خارج النزاع يبدو مسار العمل الأفضل.
كانت هذه الحكومات غير مستعدة وغير قادرة على تحمل الأثمان السياسية والإستراتيجية لا بالإستثمار في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد ولا بالتشجيع على تسوية يتم التفاوض حولها. في كل الأحوال، ومنذ ذلك الحين، أثر عنف النظام من دون هوادة، التحرك الشعبي الثابت ضده، فرص حرب مذهبية ممتدة وطويلة والإتهامات السورية لعدد من دول الخليج على توقعات وحسابات حكام الخليج.

لم يكن هناك الكثير من الحب في الواقع لنظام الأسد في العواصم الخليجية قبيل الثورة. فشكاوى دول الخليج نابعة من حشد من القضايا، بدءاً من بعثية النظام، علويته، علمانيته الزائفة، سمته الجمهورية الزائفة وإقتصاده الإشتراكي، وصولاً الى تاريخ من الإصطفاف مع الإتحاد السوفياتي، التحالف مع إيران، دعم الجماعات الإرهابية والفصائل الفلسطينية، والتدخل في لبنان. مع ذلك، فإن العمر الطويل للنظام، قدرته الحكيمة والحذرة على لعب دور إقليمي برغم سمات السلطة الضعيفة ومرونته المفاجئة إزاء الضغوط الخارجية أثارت المواقف الخليجية تجاه دمشق.

إضافة لذلك، وكما هو الحال مع معظم التحديات الإقليمية لا يوجد هناك تماتل وإتساق بالرؤى، وقلة من بين الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تتقاسم المصالح المشتركة بخصوص سوريا. نتيجة لذلك، وخاصة في السنوات الأخيرة، كانت دول الخليج منقسمة. وبسبب القلق من تمكين سوريا لإيران من إختراق العالم العربي، بحسب تصور هذه الدول، ومسؤوليتها المشبوهة في جريمة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، مواطن ومحمي سعودي، تبنت السعودية، والى حد أقل الإمارات العربية المتحدة مقاربة قاسية ضدها. في كل الأحوال، لقد  أفسح هذا الأمر الطريق لرضوخها وحتى تعاونها منذ العام 2009.

إزاء الغضب المقنع بشكل رقيق لدول الخليج ، وكجزء من رهانها على القيادة الإقليمية، رعت قطر علاقات جيدة مع دمشق. إذ وسعت دعمها السياسي، الإقتصادي والإعلامي لنظام الأسد، وعملت كمسهل لإعادة إدماج سوريا الإقليمي بعد سنوات من العزلة.
لكن الثورة في سوريا جلبت مقداراً من الوحدة لدول الخليج الرئيسة. فقد قادتهم الى تبني مواقف سياسية وخطابية قاسية ومنسقة على نحومتزايد. وقادتهم، بحسب ما قيل، الى توفير الأموال لمجموعات التمرد التي تقاتل ضد النظام. في كل الأحوال، لم يضطرهم ذلك الى تحديد هدف واحد، معاً أو بشكل منفصل، ومن ثم دعمه بإستراتيجية متجانسة وفاعلة.

مصالح دول الخليج في سوريا: متنوعة ونادراً ما تكون متزامنة
ليس هناك من دولة خليجية متاخمة لسوريا، وإن التفاعل المجتمعي ما بين المجتمعات الخليجية والسوري، عدا الروابط العشائرية الهامة مع العربية السعودية، يعتبر باهتاً مقارنة مع الروابط المشرقية الأخرى. فالإنحدار الثقافي لسوريا، نقص المواهب المهنية القابلة للتصدير، وسياسات دول الخليج الخاصة بتأشيرات الدخول أمور حددت التعامل مع سوريا بدوائر النخبة.

&bascii117ll; التوازن الإقليمي. من منظور الدول الخليجية، كان توازن القوى الإقليمي مختلاً بشكل أساسي بسبب التحول السياسي للعراق، الصعود اللاحق لإيران في الخليج الفارسي ونفوذها المتنامي في الشرق عبر سوريا وحزب الله. إن الكيفية التي ينبغي بها دحر القوة الإيرانية في الوقت الذي يُحافظ فيه على النظام العربي المتهالك، وحتى الإعتماد عليه، يضع سوريا في قلب الإنشغالات الإستراتيجية الخليجية. ففي السنوات الأخيرة، تسلسلت هذه الخيارات بدءاً من عزل ومحاربة سوريا وصولاً الى إشراكها ومحاورتها ومحاولة إجتذابها وإستدراجها بعيداً عن إيران. إن مفهوم  إمكانية تعويض خسارة العراق بتحول السلطة في سوريا أمر يكتسب قوة جاذبة في الخليج.

&bascii117ll; المذهبية والتضامن الديني. ما عدا عمان، دول الخليج عبارة عن ملكيات سنية محافظة، والتي تعتبر شرعيتها وخصائصها الدينية على النقيض من سوريا. إن إستعداد وقدرة النظام على التأثير والتلاعب بالمشاعر المذهبية والطائفية في سوريا أمر مفترض لكنه غير مثبت. فالسعودية، تحديداً، كانت تنصِّب نفسها أحياناً حامية ومرجعية للأكثرية السنية لكنها لم تحقق إلا نجاحاً محدوداً بهذا المجال بسبب ولاء كبار رجال الدين السنة القوي – برغم تآكله - للنظام السوري وبسبب عدم ثقة العربية السعودية بالإخوان المسلمين السوريين.

&bascii117ll; المصالح التجارية. خلق إنفتاح سوريا الإقتصادي ورغبتها بالإستثمارات الخارجية الفرص أمام الأعمال التجارية الخليجية، سواء التابعة للدولة أو للقطاع الخاص. وحددت السياسة وإمكانية الوصول الى النخب السورية الرابحين والخاسرين. فالشركات القطرية إستفادت بسخاء من علاقات الإمارات مع نظام الأسد التي كانت ذات مرة علاقات وثيقة. وبشكل مماثل، وبينما إتخذت أبو ظبي موقفاً متشدداً بما يخص سوريا منذ العام 2005 وتراجعت عن الإستثمار هناك، أصبحت دبي لاعباً رئيساً في سوق العقارات السوري ومشاريع البنى التحتية. أما الأعمال التجارية السعودية التي إنحازت الى الفئة الضاغطة بإتجاه سياسة الإنفراج مع سوريا منذ العام 2009 فقد كوفئت بالعقود أيضاً. وشكلت الشركات السورية والخليجية عدداً من المشاريع المشتركة في مجال العقارات، بيع التجزئة، والصناعة.

&bascii117ll; الصلات العشائرية. إن المنطقة الممتدة من شمال شرق سوريا وصولاً الى شرق العراق فشرق الأردن حتى شمال العربية السعودية مأهولة بالكونفدراليات العشائرية السنية ( رغم أن بعضها يتضمن شيعة أيضاً) تربطها ببعضها صلات القربى والتجارة. ومن بين هذه العشائر هناك عشيرة ' الشُّمر' التي تنحدر منها أم العاهل السعودي. أما متى وكيف يمكن للعربية السعودية إستخدام الأداة العشائرية فأمر موضع تساؤل. إن عدداً من زعماء القبائل يحملون الجنسية السورية والسعودية المزدوجة وقد منحوا إمتياز الدخول في الرياض. في كل الأحوال، لدى السعودية فهم محدود لطبيعة وتنوع المعارضة السورية، وهي تخاطر بتبنيها  وجهات نظر ومفاهيم مفكريها العشائريين والوهابيين الى حد بعيد جداً.

&bascii117ll; لا يوجد أصدقاء خليجيين لنظام الأسد. مقارنة بحسني مبارك، الذي بنى صداقات قوية مع حكام الخليج، ليس هناك من يمكن إحتسابه صديقاً لبشار الأسد من قادة الخليج. فالتقارب الذي كان مع العربية السعودية في 2009-2010 كان بدافع من الأمير عبد العزيز بن عبد الله، نجل الملك، لكنه قوبل بالشك والمعارضة من قبل الفروع القوية للعائلة المالكة.

&bascii117ll; مصير لبنان.  بالنسبة للنخبة الخليجيين، لبنان هو ساحة المعركة حيث يتم منافسة النفوذ الإيراني، لكنه أيضاً المكان الذي تعلم فيه عدد منهم، الذي يتملكون فيه، لديهم صداقات ويقضون أيام العطل والأعياد فيه. لقد قبلت دول الخليج، وأيدت حتى، الهيمنة السورية على لبنان في التسعينات كبلاء ضروري لا بد منه لإستقرار البلد. في كل الأحوال، لقد أثر الغضب السني اللبناني المتنامي ضد نظام الأسد منذ العام 1998 على تفكير النخب الخليجية بشأن الأسد. وأدى إغتيال الحريري في العام 2005 الى تحول جذري في نظرتهم الى سوريا.

سياسة دول الخليج من بداية الثورة السورية  

تزامنت بدايات الثورة السورية مع إجراءات فرض النظام الصارمة المدعومة من دول مجلس التعاون الخليجي ضد المعارضة في البحرين. بالمقابل، لم تعبر سوريا عن إنتقادها علناً أو لدى الجامعة العربية بشأن تدخل قوات مجلس التعاون الخليجي بدولة عبارة عن جزيرة صغيرة. هذا الأمر أكسب دمشق بعض النوايا الحسنة في العواصم الخليجية وقاد الى إسكات التغطية الإعلامية المبكرة للثورة السورية. وحتى عندما تعاظم العنف في سوريا، زار وزيرا الخارجية البحريني والإماراتي دمشق، ناقلين رسائل شكر من حكامهما. وقدم الملك عبد الله رسالة لطيفة تعبر عن الدعم للأسد.

وبصورة ملحوظة، إمتنعت دول الخليج بداية عن دفع القضية السورية الى الجامعة العربية أو الى المحافل الدولية. وفي وقت مبكر، كان هناك نقاش أيضاً في الخليج حول ما إذا كان بإمكان الثورة السورية إجبار الأسد على إسقاط تحالفه مع إيران والتحول الى دول الخليج للحصول على رأسمال، الشرعية الدينية، والحماية من الضغط الدولي. وقد عممت التقارير ما مفاده أن دمشق كانت عملت على التقارب لكنها عادت ورفضت عروضاً كهذه في آذار ونيسان وبأن سوريا طلبت  مساعدات مالية خليجية بشكل إيداعات في المصرف المركزي السوري، لكن تم إنكار ذلك.

إن تصاعد العنف، الإهتمام الإعلامي المتزايد، والتصوير المذهبي للثورة ( سواء أكان الأمر دقيقاً أم لا) أجبر دول الخليج على تبني خط أكثر تشدداً. فالإتهامات السورية شبه الرسمية بأن قطر والعربية السعودية تقفان خلف مؤامرة ضد الأسد منفذة من قبل السلفيين والإخوان المسلمين، خاصة بعد إدانة الشيخ يوسف القرضاوي القوية للأسد على قناة الجزيرة، وهو واعظ مؤثر ينتمي الى الإخوان المسلمين، أدت الى تفاقم العلاقات السيئة أكثر. وقد برزت الفرصة الأولى للإنتقام الخليجي عندما سعت سوريا للفوز بمقعد محفوظ تقليدياً لدولة عربية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. إذ أعاقت دول الخليج بنجاح المحاولة السورية عن طريق حشد الدعم الآسيوي لترشيح الكويت الذي لم يكن قد مر عليه أكثر من 11 ساعة.

تصاعد مستوى الحدة بين سوريا ودول الخليج بعد ذلك. إذ شعرت سوريا بالخيانة من قبل قطر. وإتهمت الإمارة الصغيرة بإحتكار التغطية لقناة الجزيرة وتقديم منصة للمعارضة السورية لمهاجمة النظام ( في الواقع لقد إستضافت الدوحة إحدى أولى إجتماعات المعارضة السورية). كان هناك مزاعم تقول بأن الإستثمارات القطرية  في سوريا ( المقدرة ما بين 5 و 6 مليارات دولار) قد تصادرها سوريا. وقررت بعض الأعمال التجارية القطرية تجميد مشاريعها أو تصفيتها كلها في سوريا. وبلغ الأمر ذروته في هجوم هندسه النظام على السفارة القطرية في دمشق وقرار قطر إستدعاء سفيرها وإغلاق السفارة.

  سلك شعور الخيانة طريقين وذلك عندما عملت قطر، التي كانت الحليف العربي الأقرب لسوريا، على صياغة إجماع عام داخل مجلس التنعاون الخليجي وفي الجامعة العربية ضد سوريا. وفي زيارته لإيران في شهر أيلول، طلب أمير قطر من إيران، بحسب ما قيل، إبعاد نفسها عن الأسد.

كان العامل الأساسي في الفجوة الخليجية – السورية هو تصاعد العنف خلال شهر رمضان الكريم، بما فيه القيام بعملية عسكرية كبرى في مدينة حماه، حيث حصلت مجزرة كبرى في العام 1982. وكانت لقطات الفيديو المصورة التي بثتها وسائل الإعلام الخليجية والتي تظهر قوى أمنية سورية تقوم بضرب منشقين ليقولوا بأن ربهم هو بشار الأسد هو ما ألهب مشاعر الغضب الدينية. وفي تحرك غير مسبوق، سمحت السلطات السعودية بتظاهرة ضد نظام الأسد خارج السفارة السورية في الرياض. أما في الكويت، فقد طالب برلمانيون سنة بإتخاذ إجراءات جذرية ضد سوريا. وفي البحرين، طالب ناشطون سنة بالأمر نفسه، بعضهم يدين الصفة العلوية للنظام بالإضافة الى تحالفه مع إيران الشيعية. إن اللهجة المذهبية لهذا التحرك واضحة وجلية.

  هذا الأمر أدى الى تصريحات خليجية قاسية على نحو متزايد بدءاً من شهر آب. إذ دعت كل من الكويت وقطر الى وضع حد فوري للعنف وإجراء إصلاحات والبدء بالحوار بدلاً من الضغط لتغيير النظام. وأصدر مجلس التعاون الخليجي تصريحاً مشابهاً، الأمر الذي رفضته سوريا. وفي أوائل آب، سحبت العربية السعودية، الكويت والبحرين سفرائها من دمشق. في نفس اليوم، أصدر العاهل السعودي أقسى وأهم إدانة للأحداث في سوريا: ' ما يحدث في سوريا أمر غير مقبول بالنسبة للسعودية.. يجب على سوريا التفكير بحكمة قبل فوات الأوان وأن تصدر وتسن قوانين إصلاحية لا تكون مجرد وعود وإنما إصلاحات فعلية. إما أن تختار الحكمة بنفسها وإما ستنجر الى أعماق الفوضى والخسارة.'

  كانت الضرورة الجيوسياسية هي الدافع وراء التصعيد لدول الخليج. فسوريا الضعيفة ستستدعي حتماً التدخل الخارجي. أما الأمر الذي ضاعف من جهود إيران لدعم حليف ثمين فكان قرار حكومة المالكي – المكروه جداً في الخليج بسبب إتصالاته الإيرانية المزعومة ورؤيته حول التفوق الشيعي – بدعم نظام الأسد بسبب الخوف من إستيلاء حكومة سنية متطرفة على الحكومة. الهاجس الآخر كان بروز تركيا، الجار الشمالي القوي لسوريا، كبلد محوري يقوم برعاية التحول الجاري في دمشق ويشكل مستقبلها. أصبح التنسيق مع تركيا أمراً حيوياً ليس فقط لكبح إيران وإنما أيضاً لمنع نتيجة ما لا يكون لدول الخليج فيها تأثير كبير في سوريا. مع ذلك، فإن التنافس الدائر  بين العربية السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة حول النفوذ في سوريا الجديدة، برغم الصمت في هذه اللحظة، يقف حائلاً أمام وجود مقاربة مشتركة.

الأدوات الديبلوماسية لدول الخليج

وجدت دول الخليج نفسها في لغز: منقسمة، عاجزة عن عرض القوة مباشرة وأقل نفوذاً من قوى إقليمية أخرى، مع ذلك لا يزال مستقبل سوريا يهمها. فلا يمكن لدول الخليج، حتى لو توحدت، التوسط في مفاوضات تسوية أو إجبار الأسد على الخروج. في كل الأحوال، بإمكان هذه الدول إلهاب العواطف بشكل غير مباشر – من خلال إتصالاتهم القبائلية والإسلامية الأصولية، وأيضاً من خلال إعلامهم – وبإمكانها المداهنة للحصول على صفقة تهدف منها الحصول على رحيل الأسد عن طريق تقديم ملاذ آمن، مكافآت مالية، وإستثمارات. سيكون العثور على مكان لهم في اللعبة الديبلوماسية المعقدة المحيطة بالأزمة السورية أمراً معقداً.

الدعم للديبلوماسية العربية. لم تؤيد دولة خليجية علناً، حتى تاريخه، تغيير النظام في سوريا، رغم أن النخب الخليجية تعترف في مجالسها الخاصة بأن نقطة اللا عودة بالنسبة لنظام الأسد قد تم تخطيها. ولأن دول الخليج غير متأكدة بشأن ما إذا كانت هذه النتيجة ستخدم مصالحها ولأنها قلقة من أن تؤدي حرب أهلية الى تعزيز يد إيران فعلاً، فإنها تجنبت التصريحات الطنانة. بدلاً من ذلك، تفضل هذه الدول في الوقت الحاضر الإعتماد على ديبلوماسية الجامعة العربية والتلطي ورائها، مهما كان من أمر عدم فاعليتها. وفي أوئل أيلول، وضع وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني الأهداف القطرية والخليجية على الشكل التالي: يجب أن ينسحب الجيش من داخل المدن  بحيث نستطيع الحديث عن حوار بين الشعب والحكومة. هناك البعض ممن يشككون بنوايا الجامعة العربي... لكن الجميع يدعم سوريا وإستقرارها.' كما أنه من اللافت أن تكون الإمارات العربية المتحدة وعُمان لا تزالان تحتفظان بعلاقات ديبلوماسية مع دمشق.

إحتواء سوريا في منتديات متعددة الأطراف. عند التصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نيسان حول سوريا، والذي تبنى قراراً معتدلاً من حيث الشدة حولها ، إمتنعت السعودية عن التصويت في حين إختارت كل من قطر والبحرين عدم الظهور. وبشكل ينم عن كثير من الأمور، صادقت الكويت، قطر، والعربية السعودية في آواخر آب على قرار أشد عن طريق الهيئة الدولية نفسها. ليس هناك من دولة خليجية تحتل كرسياً في مجلس الأمن  الدولي في الوقت الراهن، لكن دول الخليج شكلت لوبياً ضاغطاً لصالح إعلان رئاسي قاس في أوائل آب.

التواصل مع المعارضة السورية. إن إختلاف المصالح وتنوع العلاقات بين دول الخليج يعني بأن كل واحدة منها لديها نقاط دخول متعددة الى المعارضة السورية. مع ذلك، وحتى لو نجحوا في رعاية حلفاء ووكلاء، فستظل هذه الدول  مع ذلك عاجزة عن فرض أجنداتها. علاوة على ذلك، لدى السعودية والإمارات العربية المتحدة شعور عميق بعدم الثقة بالإخوان المسلمين، أقوى قوة إسلامية أصولية في البلاد. فالسعودية تفضل إستخدام إتصالاتها العشائرية والسلفية بالإضافة الى علاقاتها مع شخصيات ناقمة على النظام. من جانبها، إستثمرت قطر بشدة في الإخوان المسلمين  (الى جانب تركيا) وتستضيف إجتماعات صغيرة للمعارضة السورية. في نفس الوقت، لم تقدم دول الخليج ملاذاً آمناً ولا غطاءً للمعارضة السورية لتعمل بحرية. بالواقع، والى جانب إجتماع أكبر عقدت في الدوحة بالإضافة الى عدد من إجتماعات حوارية أصغر، كان قادة المعارضة السورية يفضلون عقد إجتماعاتهم الإقليمية في تركيا، البلد المضياف أكثر.

الحرب الإعلامية. تسيطر دول الخليج على الصحف والقنوات الإخبارية الفضائية الرئيسة. لقد سمحت هذا الدول بتغطية إخبارية غير خاضعة للرقابة وبدون توقف لسوريا، مستضيفة أفراداً من المعارضة من كل المذاهب والإتجاهات ومن المنشقين المتميزين. وفي 21 آب، بثت قناة العربية مقابلة مع بشار الأسد على القناة السورية التابعة للدولة واضعة بجانبها لقطات فيديو مصورة للشبيحة وهم يؤدون عملهم ( بلطجيون علويون مدعومين من النظام).أما اللغة المذهبية المسعورة الأشد عنفاً فهي نتاج قناة ' وصال'، قناة وهابية بتمويل سعودي، والتي تستضيف رجال دين سنة متطرفين هاجموا نظام الأسد على أساس خلفيات دينية صرفة.

بالمقابل، إتهمت وسائل الإعلام السورية قناتيْ الجزيرة والعربية بفبركة الأخبار وصور العنف، حتى أنها عممت إشاعات حول إنقلابات ضد أمير قطر. كما إستقال صحافيون في الجزيرة موالين لحزب الله إحتجاجاً على الخط الذي تنتهجه المحطة في أخبارها الإفتتاحية.

وبشكل مماثل، تتناثر على صفحات الرأي العام للإعلام الخليجي مقالات تنتقد نظام الأسد بشدة. وطفت على السطح أفكار تدعو الى تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وإحتدم الجدل حول الحكمة من عمل دولي وشكل هذا العمل.
الأهم هو أن الشخصيات الدينية قد صاغت أيضاً إدانات مذهبية قاسية لنظام الأسد. فقد كتب أياد القرني، رجل دين سعودي، في صحيفة الشرق الأوسط يقول: ' أدعو كبار علماء المجلس السعودي، جمعية العلماء المسلمين في العالم، جامعة الأزهر، إتحاد العالم الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، الجمعية العالمية للشباب المسلم، ومنظمات إسلامية بارزة أخرى، بالإضافة الى شخصيات إسلامية بارزة وعلماء مسلمين، وبالطبع أي شخص يمتلك الإيمان، الضمير، الخوف من الله، والقلق على الإسلام، الى النهوض ومواجهة هذا النظام ( السوري) الذي هو عدو الإسلام وعدو العروبة.'

هذا الموجز جزء من سلسلة تدرس الأبعاد الإقليمية للثورة الشعبية السورية. لقد دعى المعهد خبراء كبار من الولايات المتحدة والشرق الأوسط لتحديد التأثير الذي يمارسه جيران سوريا على الصراع، للتكهن بالكيفية التي سيؤثر بها الوضع هناك على توازن القوى الإقليمي ولدرس الكيفية التي ستتجاوب بها المعارضة والنظام السوري إزاء هذه الديناميات الإقليمية. ومن خلال عمله، يهدف المعهد الى  تقديم تحليل بالإضافة الى وسائل إدارة الصراع على الأرض دعماً للتحولات السياسية الجارية عبر العالم العربي. هذه السلسلة قام بتحريرها ستيفن هايديمان من ascii85SIP ، كبير مستشاري ' مبادرات الشرق الأوسط' وسكوت لاسيتسكي، مسؤول برامج كبير سابق.

إميل حكيِّم كبير الزملاء لشؤون الأمن الإقليمي في ' المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية – في الشرق الأوسط خارج المنامة، البحرين. متخصص في الأمن وسياسات الخليج والشرق.

موقع الخدمات البحثية