مواد أخرى » تأثير أردوغان: تركيا، مصر ومستقبل الشرق الأوسط

إن نشاط السياسة الخارجية التركية يلفت الإنتباه بشكل لا بأس به هذه الأيام، تحديداً بسبب التحول الجسيم الحاصل في الشرق الأوسط الكبير. إن الجولة التي قام بها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الى صر، ليبيا، وتونس في أيلول أكدت مستوى تدخل وإنخراط تركيا في المنطقة – وإحتمال أن تكون تركيا ذات تأثير هائل وإيجابي.
لقد أفصح أردوغان عن رؤية تركيا بشأن شرق أوسط ديمقراطي. " إن رسالة الحرية المنتشرة من ميدان التحرير قد أصبحت نور الأمل لكل المضطهدين عبر طرابلس، دمشق وصنعاء،" قال أردوغان ذلك لجمهور موجود في " دار أوبرا القاهرة". " ينبغي للحكومات أن تحصل على شرعيتها من إرادة الشعب. هذا هو جوهر السياسة التركية في المنطقة." وبشكل مماثل، أثبتت جولة أردوغان إدراك تركيا للتحولات الإقليمية. وأشار الى أن إسرائيل لن تكون محمية بعد الآن من المحاسبة بسبب وضع راهن إستراتيجي طال حكاماً عرب سلطويين مثل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. وأكدت رسالة أردوغان الى إسرائيل على أن حقوق الإنسان، الديمقراطية، وسيادة القانون هي الحدود الحقيقية لتوازن القوى الإقليمي. " يجب على إسرائيل أن تحترم حقوق الإنسان والتصرف كبلد طبيعي وعندها ستتحرر من عزلتها،" قال أردوغان.
لقد نضجت الديمقراطية التركية وتشعر أنقرة بالثقة الكافية كي تقدم نفسها على أنها ملهمة للشرق الأوسط. إن تحول تركيا من حليف علماني قوي للناتو تحت الوصاية العسكرية الى نموذج ديمقراطي لم يحدث بين ليلة وضحاها. فتركيا، في واقع الأمر، إعتبرت الشرق الأوسط بمثابة منطقة غريبة ومعادية معظم تاريخها الجمهوري. فخلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي خاصة، حافظت تركيا على وضع عدائي وصدامي الى حد كبير في علاقاتها مع عدد من البلدان هناك. فالصراع التركي مع حزب العمال الكردستاني تجاوز كل القضايا الأخرى، وكانت الدولة  تنظر بعين الشك، عملياً، الى كل جيرانها بسبب دعمهم لحزب العمال الكردستاني. فهذا الحزب، بإدعائه تمثيل المطالب الشرعية للشعب الكردي في تركيا، شن كفاحاً مسلحاً ضد قوات الأمن التركية في ثمانينات القرن الماضي. وقد سمح النظامين في سوريا والعراق لحزب العمال الكردستاني بتأسيس قواعد قتالية في سهل البقاع اللبناني (تحت السيطرة السورية آنذاك) وفي شمال العراق.
في كل الأحوال، لقد أتت موجة التغيير مع تصويت البرلمان التركي بـ " لا" بخصوص السماح للولايات المتحدة بتنظيم غزو العراق إنطلاقاً من القواعد العسكرية التركية في العام 2003. منذ ذلك الحين، وتركيا تتبنى ما يسمى بسياسة " صفر مشاكل مع الدول المجاورة". هذا الأمر  جعل من الإستقرار والسلام في المنطقة أولويةلها  وكان لتركيا توقعات إستباقية من حيث أنها سعت الى منع حصول صراعات بالقدر الذي تمكنت من إدارتها بالتنسيق مع جيرانها. لقد أصبح المسؤولون الأتراك أكثر شعوراً بالثقة بعد القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان في العام 1999 وبعد الإنخفاض العام بالعنف في الصراع مع المسلحين الأكراد. لذا، فإن تركيا لن تعود لى تحديد سياستها الخارجية بعد الآن وفق هواجسها المتعلقة بالإرهاب.
في الوقت الذي حسنت فيه تركيا علاقاتها مع كل جيرانها، فإنها أيدت أيضاً التكامل السياسي بالإضافة الى تدفق السلع والخدمات في المناطق المجاورة لها. هذه السياسة حققت نتائج متينة ظهرت بشكل علاقات إقتصادية متزايدة ومتنوعة، نفوذ ديبلوماسي وسياسي متصاعد، تنسيق أدق مع جيرانها حول قضايا كالإرهاب، الوساطة في الصراعات الإقليمية، والردود الإيجابية الواسعة النطاق على السياسة الخارجية التركية. ففي تنفيذها لسياسة الجوار، أيدت تركيا على التحدث مع كل الأفرقاء، بما في ذلك مجموعات كحماس، الحركة الفلسطينية الإسلامية. ونظراً الى إعتبارها وسيطاً نزيهاً، توسطت تركيا ما بين سوريا وإسرائيل، بالإضافة الى التوسط ما بين إيران والمجتمع الدولي في القضية النووية. لم تكن المبادرات الديبلوماسية التركية مضمونة النجاح أبداً؛ لكن السياسة الخارجية التركية لم تعد تعد متفرجاً على التطورات الإقليمية بل أصبحت فاعلاًُ جدياً يشكِّل ويساهم بمختلف القضايا الصعبة.
قال البعض بأن الثورات العربية قد زعزعت سياسة الجوار المتبعة من قبل تركيا، والتي كانت، الى حد ما، مبنية على العلاقات الجيدة مع أنظمة المنطقة السلطوية. وإتهموا تركيا بأنها ليست ملتزمة بالديمقراطية وبأن كل ماقامت به هو مواصلة العمل حسب مصالحها. في كل الأحوال، وعلى رغم الحقيقة التي تشير الى أن كل البلدان قد أطبق عليها الربيع العربي على حين غرة، فإن تركيا أيدت وجود نتيجة سلمية وديمقراطية. فقد رفضت دعم مبارك، أو الرئيس السوري بشار الأسد، أو أي من القادة السلطويين؛ على العكس، لقد دعتهم الى التنحي أو الشروع بإصلاحات جدية فوراً. وتجنبت تركيا مقاربة شمولية من حيث أنها ميزت ما بين الديناميات المختلفة العاملة في كل بلد من البلدان يمر بثورة سياسية.
إن التحول السياسي في الشرق الأوسط ما هو إلا جزء من تحول عالمي أوسع بإتجاه عالم متعدد الأقطاب. وكانت تركيا تواصل العمل على سياسة خارجية متعددة الأبعاد، تحديداً لأنها ترى بأن النظام العالمي يُعاد تشكيله عقب الحرب الباردة. في كل الأحوال، وبما يخص الشرق الأوسط أكثر،  فإن مزاعم أنظمة الشرق الأوسط بالشرعية بإسم حماية شعوبها من " القوى الإستعمارية والإمبريالية" قد أثبتت أنها مزاعم جوفاء. فالنظام الجديد في المنطقة سيتطلب من الحكومات العمل على تمكين الشعوب ورسم خريطة مصائرهم. سيكون على هذه الحكومات أن تكون مبنية على سياسة المشاركة، المبادئ الديمقراطية، السلام والإستقرار. إن تركيا ومصر على وشك أن تصبحا فاعلين كبيرين في هذا النظام الجديد. سوف يكون البلدان متنافسين بالإضافة الى أنهما سيكونا متعاونين، نظراً الى قدراتهما وسماتهما التنافسية والتكميلية.
العثمانية الجديدة مقابل تركيا الجديدة 
  يساء تقدير علاقة تركيا الخاصة والمعقدة مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غالب الأحيان. فأولئك الذين يدركون تلك العلاقة يتجنبون مناقشتها خوفاً من طرح قضية " العثمانية الجديدة". ورغم أنه تاريخياً وجغرافياً في أماكن كالبلقان والشرق الأوسط هناك روايات قومية نتجت فيها تحت عنوان  "نير العبودية التركية" الواسعة، فلا يمكن حصر الروابط التركية مع الشرق الأوسط بمستوى الحكم السياسي العثماني لهذه الأراضي. فقد تقاسم العثمانيون وتركيا الحديثة قواسم مؤسساتية وقانونية مشتركة بالإضافة الى صلات ووشائج ثقافية مع الشرق الأوسط.
في كل الأحوال، وعلى إمتداد القرن العشرين، لم تختر تركيا البناء على هذا الماضي وواصلت العمل على سياسة خارجية دفاعية نسبياً. فبربطها نفسها بأسلوب البناء الأمني الغربي، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، تماشت تركيا بسياستها الخارجية بشكل وثيق جداً مع تلك التي لحلفائها الغربيين. وكانت السياسة الخارجية التركية مبنية على إلتزامها بمكافحة " التهديد الشيوعي" خلال الحرب الباردة. وإعتمدت تركيا على أهميتها الإستراتيجية بشأن شرعيتها الدولية والأمور ذات الصلة. في كل الأحوال، لقد ضحت تركيا بالديمقراطية لصالح الهواجس الأمنية في هذه الفترة؛ ساعد النظام التعليمي العسكري للبلد على ضمان الإحتفاظ بحلفه الغربي على حساب الديمقراطية في الداخل.
كان النظام العسكري التركي مدعوماً من قبل التحالف الغربي حتى عندما تدخل هذا النظام في الحياة السياسية من خلال الإنقلابات العسكرية، التي أعاقت الديمقراطية التركية الى حد كبير. وبصفتها مجرد قيمة إستراتيجية بالنسبة للتحالف الغربي بدلاً من أن تكون فاعلاً، لم تحاول تركيا إبتكار سياستها الخارجية الخاصة. بدلاً من ذلك، إعتمدت تركيا على الإجماع الغربي وأبقت نفسها خارج التطورات الإقليمية كفاعل ناشط حتى العقد الأخير من القرن الماضي. فنهاية الحرب الباردة أوضحت لتركيا بأن القضايا الإستراتيجية ذات الصلة بالبلاد يمكن أن تذهب بها بعيداً فحسب، وكان عليها التجاوب بجدية تجاه المطالبة بالحريات، والدفع بالديمقراطية قدماً الى جانب التطور الإقتصادي في الداخل. لم يعد بإمكان الوصاية العسكرية بعدها تبرير الحكم والنظام بالإشارة الى الصراع مع حزب العمال الكردستاني أو " الأعداء الخارجيين الذين يوفرون ملاذاً آمناً للإرهابيين." وشهدت تركيا صعود الطبقة الوسطى المطالبة بكلمة أكبر لها في المسائل المحلية وقضايا السياسة الخارجية، التي كانت حكراً على الدوائر البيروقراطية العسكرية والمدنية. هذا التغيير إنتهى بإندفاعة شعبية قوية لأجل ديمقراطية أكبر في الداخل وبسياسة خارجية أكثر  "إحتراماً."
إن تبني تركيا لسياسة خارجية أكثر إستباقية (أكثر توقعية) كان متصلاً بالتالي بالتحول الديمقراطي داخل البلاد. فقد مضت تركيا قدماً لملأ الفراغ في الشرق الأوسط الذي خلفه الغزو الأميركي للعراق. وقد إنعكست رؤية " السلام والإستقرار" التي تتبعها تركيا بالنسبة للمنطقة في جهودها المبذولة للوساطة لإبرام إتفاق بين إسرائيل وسوريا، جهود الوساطة بين الفئات المختلفة في لبنان، وفي موقفها المتبدل تجاه أكراد شمال العراق، بالإضافة إلى إشتراكها في المفاوضات لحل الجدل الدولي حول برنامج إيران النووي. لقد صممت تركيا على أن من مصلحتها الأمنية والإقتصادية هي في تأييد وجود تكامل وإندماج إقتصادي وسياسي ومعارضة العقوبات والصراعات في الشرق الأوسط.
تحسنت علاقات تركيا الإقتصادية مع المنطقة نتيجة التحولات الجارية في التوجهات الإقتصادية العالمية وسياسة الجوار الجديدة لتركيا. مع ذلك، وفي حين جلبت هذه العلاقات الأفضل مكاسب إقتصادية، فإن تركيا أدركت بأن الهيكليات السياسية الموجودة تجعل العلاقات التجارية الجيدة والتكامل الإقليمي أمراً صعباً. إضافة لذلك، كانت الصراعات الجارية في المنطقة عائقاً أمام أي تطور كبير في المشهد الإقتصادي للمنطقة.
بالإمكان القول بأن نشاط السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط ساهم بسقوط الأنظمة السلطوية، بالدعوة ضمناً الى إنهاء " نظام كامب ديفيد" وفضح الأنظمة القمعية التي إستمرت بمساعدة الترتيبات الإستراتيجية الإقليمية ذات الصلة بالصراع مع إسرائيل. فتركيا أظهرت بأن من الممكن أن تكون ديمقراطياً، صاحب علاقة جيدة مع الغرب، ومع ذلك تتصدى  للسياسات الإسرائيلية الظالمة. وقد تعزز موقفها " المحترم" بعد حادثة إجتماع المنتدى الإقتصادي العالمي في  دافوس في العام 2009 والذي أثار فيه أردوغان عاصفة من الجدل مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز حول الحرب الإسرائيلية ضد حماس. وقد فضحت وزعزعت حركة أردوغان، الشهيرة على نطاق واسع لدى الشارع العربي، مكانة القادة العرب الذين أذعنوا للسياسات الإسرائيلية وإلتزموا بالوضع القائم.
فإذا كانت تركيا قد وجدت نفسها، على نحو متزايد، عاجزة عن التحدث الى الأنظمة العربية، فإنها كانت قادرة على التحدث الى العرب العاديين. الأمر لم يكن يتعلق بالشعوبية فحسب، كما إتهم بعض المنتقدين، وإنما كان تجاوباً مخلصاً مع التوق للكرامة. وكما أثبت الترحيب الحماسي الذي لاقاه أردوغان في مصر في أيلول، كان لموقف تركيا وقع سياسي بارز وهام عبر العالم العربي. ففي المدى القصير والمتوسط، سيكون التحدي الموجود أمام تركيا هو تحويل هذه التوقعات الإيجابية الى سياسات صلبة في العلاقات الثنائية للحفاظ على تعاون طويل الأمد تجاه نظام سياسي أكثر ديمقراطية في المنطقة.
"نظام كامب ديفيد"
إذا كان بإمكان المرء التحدث عن " تركيا القديمة"، فإن هناك " مصر القديمة" أيضاً. فحكومة مبارك كانت تتمتع بموقع إمتيازي في المنطقة كوسيط لـ " نظام كامب ديفيد". لقد تماشت مع إسرائيل برغم علاقة " السلام البارد"، وتلقت، بالمقابل، ما يقرب من 2 مليار دولار سنوياً بشكل مساعدات عسكرية وإقتصادية أميركية. فقد دعمت مصرتطبيع العالم العربي مع إسرائيل من خلال " عملية السلام" وقللت من طموحاتها الإقليمية لصالح دعم المصالح الأميركية.
في النهاية، في كل الأحوال، كان على مصر الآن أن تلقي بثقلها في السياسة الخارجية. فإستثمارها في النظام الإقليمي لأجل الأمن، إضافة الى عدم تجاوبها مع المصريين المطالبين بحرية سياسية أكبر وبفرص إقتصادية، إنتهى بفقدان نظام مبارك لمصداقيته وهيبته محلياً، إقليمياً، ودولياً. لقد حاول النظام النجاة من أزمة شرعيته من خلال سلطوية معتدلة، وبقمع الحركات الإسلامية ومجموعات معارضة أخرى. إلا أن ثورة 25 يناير أوضحت بأن هذا الترتيب الإستراتيجي ليس مستداماً.
إن الجانب البارز في مشكلة مبارك هو أن دور مصر الإقليمي أصبح مثقلاً ومفرطاً في القضية الفلسطينية. فمن جهة، دافعت مصر عن الحقوق الفلسطينية، ونسقت جهود السلام مع إسرائيل، خاصة بعد مؤتمر مدريد في العام 1991. في كل الأحوال، وعقب إندلاع الإنتفاضة الثانية في العام 2000، أخفقت مصر بالوقوف الى جانب الفلسطينيين ككل، ووقفت بدلاً من ذلك، الى جانب قائديْ فتح: ياسر عرفات أولاً ومحمود عباس لاحقاً، على حساب المعارضة الإسلامية لفتح. وقد حدد مبارك دور مصر الإقليمي على أنها المحافظ على " نظام كامب ديفيد": شرعنة الحاجات الأمنية الإسرائيلية، ودعم الحلول المقبولة من فتح من دون إزعاج إسرائيل والإصطدام معها.
تحولت هذه المقاربة المحازبة لمبارك ونتج عنها نتائج سلبية على مصر ونظامه. فتعاونه في عزل غزة، بعدما فازت حماس  في الإنتخابات في كانون الثاني 2006، كان له تأثير سلبي على صورة مصر في نظر الفلسطينيين عموماً. وبالتالي وجدت مصر نفسها على طرفي نقيض مع كل من حكومة حماس في غزة ومع تركيا حول قضايا تشمل إغلاق الحدود المصرية – الغزاوية. ومع ضعف مكانتها بسبب دعم تركيا للفلسطينيين وإنتقاد أردوغان لـ " عملية الرصاص المصبوب" الإسرائيلية ضد غزة في العام 2008، واجهت مصر أزمة شرعية عميقة بما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي.
تمتعت " مصر القديمة" بأهمية إستراتيجية نابعة من قناة السويس وموقعها الجغرافي ما بين قارات آسيا، أفريقيا وأوروبا. فالمرور من البحر المتوسط الى المحيط الهندي أمر حاسم لإبحار السفن الحربية بالإضافة الى عبور ناقلات النفط والغاز. وقد وفرت القناة لحلف الأطلسي إمكانية الوصول الى الخليج وتأمين طرق الطاقة بالنسبة لأوروبا. وقد ساهمت أوروبا بطريقة غير مباشرة في إستقرار أسعار الطاقة العالمية على حساب التلاعب الروسي بموارد الطاقة عن طريق ضمان تنوع طرق تزويد الطاقة. ولطالما تأثرت مصر بالسياسة الأفريقية وبجيوسياسية حوض النيل وأخذت على عاتقها القيام بدور أساسي في الأجزاء الداخلية من أفريقيا.
 بالمصطلحات الإيديولوجية، حاولت مصر أيام مبارك أن تكون حصناً ومتراساً ضد الإسلام السياسي. فمن خلال الأزهر، إحدى أقدم مراكز التعليم الديني الإسلامي، سعت مصر للتأثير على الفكر الديني على إمتداد العالم الإسلامي. في نفس الوقت، سعى مبارك الى إحتواء الحركات السياسية الإسلامية من خلال القمع. ففي " الحرب على الإرهاب"، بعد هجمات 11 أيلول 2001، لعبت مصر جزءاً مفيداً ومساعداً في العمليات الإستخبارية، خاصة وأن عدداً من المواطنين المصريين يحتلون مراكز هامة في القاعدة. وفي مصارعة نظامه للإخوان المسلمين ( جماعة معارضة قيادية) إستفاد مبارك من البارانويا العالمية من التطرف الإسلامي.
" مصر الجديدة"
هناك ثلاث سيناريوهات للتطور السياسي لـ " مصر الجديدة". الأقل إحتمالاً من بينها هو حدوث إنقلاب عسكري مع تعديل ثانوي بالنظام القديم بظل حكم مبارك. من المهم أن نضع في إعتبارنا بأنه طالما أن الجيش منخرط في السياسة، فسيكون هناك على الدوام حالة تستدعي وجود سيناريو كهذا. مع ذلك، فإن الظروف المحلية، الإقليمية، والعالمية وإستمرار حركة تظاهرات 25 يناير المصرية تجعل من مسألة الإستيلاء العسكري التام على مصر أمراً من الصعب جداً تحقيقه. فالجيش المصري، من منظوره، سيكون متردداً في مسألة تحمل المسؤولية عن الإخفاقات الإقتصادية المستمرة للبلد، وهذا مفهوم.
أما السيناريو الأرجح، على الأقل بالنسبة للفترة الإنتقالية الممددة، فقد يكون ترسيخ نظام الوصاية العسكرية. فالضباط سيتولون القيام بسلطات سياسية وعسكرية تشرف على حكومة تكنوقراط مدنية. سيتم التأسيس لآليات الفيتو، حيث يتم إبقاء المبادرات المدنية قيد الفحص والتدقيق من قبل مؤسسات يسيطر عليها الجيش. وهذا، بالطبع، سيقيد الحريات في الحياة اليومية ويعيق السلطة المدنية عموماً. إن ترتيباً كهذا أدى اى بقاء تركيا راسية في حلف الأطلسي خلال حقبة الحرب الباردة لكنه لم يثبت إستجابته للوقائع الإجتماعية، الإقتصادية، والسياسية لـ " تركيا الجديدة." وفي حالة مصر، فإن الوصاية العسكرية ستعني، وعلى نحو مؤثر، إستمرار " نظام كامب ديفيد" محلياً. ورغم أنه سيناريو محتمل جداً، فإنه سيكون على الجيش المصري إقناع الإسلاميين والليبراليين بأن هذا الأمر هو في مصلحة البلد.
أما السيناريو الأكثر إستصواباً والأكثر صعوبة مع ذلك، فهو إيجاد الديمقراطية. فمصر ستعطي تفويض السلطة الى فاعلين مدنيين وتوجد دستوراً ديمقراطياً. وسيتم سحب النخب القديمة من الحياة السياسية. وحتى بفرض النجاح بهذا السيناريو، فإن الأمر سيأخذ بضع سنوات، على الأقل، قبل أن تترسخ الديمقراطية وتتمكن مصر من تأكيد نفسها مجدداً كلاعب إقليمي كبير.
قد  تكون مصر الديمقراطية أو شبه الديمقراطية نذيراً لتحولات هامة. فمصر ستتبنى، على الأرجح، وضعية أشد تجاه إسرائيل بسبب الضغط الشعبي الذي وصل الى ذروته في شهر أيلول. ودخلت القوات الإسرائيلية في ملاحقتها لإرهابيين الى سيناء وقتلت رجال أمن مصريين، مستفزة بذلك الحكومة المصرية المؤقتة التي قامت بسحب سفيرها من إسرائيل. لاحقاً، إقتحم متظاهرون السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وأجبروا الديبلوماسيين الإسرائيليين على الهرب من البلاد. وقادت الحوادث المصريين الى إنتقاد معاهدة السلام مع إسرائيل، التي وصفها عصام شرف علناً بأنها  "غير مقدسة" ومفتوحة أمام التعديلات. إن مصر الديمقراطية، المشتملة على مشاركة الإخوان المسلمين في البرلمان والحكومة، قد تواصل تطبيع العلاقات مع حماس وتضع حداً لعزلة غزة.
في ذلك السياق، بإمكان مصر لعب دور إيجابي في دمج وتكامل الحركات الإسلامية داخل الهيكليات السياسية في المنطقة. فمشاركة الأحزاب الإسلامية في مصر الديمقراطية يمكن أن تقدم نموذجاً عن التنوع الأكبر الموجود داخل الحركات الإسلامية، والذي شجع إقصائهم السابق عن الحياة السياسية الرسمية على الرجعية وأحياناً على السلوك المتطرف من جانب أقلية من الإسلاميين. فإذا ما تطبعت الإسلاموية، فلن تشعر الحكومات الإسلامية الوليدة في المنطقة بالتهميش وسيكون بإمكانها مواصلة الحياة السياسية بشكل ديمقراطي. هذا الأمر قد يشجع على بروز بلدان عربية أكثر إستقلالية وديمقراطية. إن مصر الديمقراطية قد تؤثر أيضاً على تطور مفهوم جديد للقومية العربية – قومية أكثر إعتدالاً وموضوعية وثباتاً من تلك الرجعية المتنوعة المتجذرة في عروبة الستينات. بإمكان القومية العربية أن تصبح تعبيراً حقيقياً ما أن تُجرد من صفتها السلطوية. إن إنخراط الإسلاميين سيساعد على ضمان ألا يتحول أي إنبعاث قومي الى معاداة لإيران أو معاداة للترك.
سوف يتأثر نفوذ إيران بسبب توازن القوى الجديد. فقد شكلت إيران تحدياً للوضع القائم بمناصرتها قضية الفلسطينيين. لكن لكونها بلداً يهمين عليه الشيعة يفتقر الى أوراق إعتماد تركيا الديمقراطية فإن ذك حد من نفوذها وقوتها. إن بروز منطقة أكثر ديمقراطية ذات أغلبية سنية سيتطلب من إيران قلب سياساتها الإقليمية. فعلى عكس مقاربة تركيا اللا طائفية، قد تتحرك إيران بإتجاه إستغلال الخلافات والتباينات الطائفية. أما مصر، بحسب المأمول، فسوف تقاوم محاولات صياغة تحالفات طائفية كتلك المدعومة من قبل دول خليجية. وإذا ما شارك الإخوان المسلمون في الحكومة وسيطروا على جناحهم السلفي، فإن الكتلة المعادية لإيران في العالم العربي ستفقد قوتها على الأرجح. إن تغييراً من هذا النوع سيترك العربية السعودية أكثر إنعزالاً. فما يسمى بـ " خطة الهلال السني،" المدعومة من قبل دول الخليج والولايات المتحدة، والتي تهدف الى إحتواء إيران من خلال صياغة كتلة مذهبية، قد تصبح بلا معنى. في تلك الحالة، ستعكس النزاعات في المنطقة المصالح الوطنية التنافسية بدلاً من أن تعكس التعصب المذهبي الأعمى المدمر المحتمل.
صياغة شرق أوسط ديمقراطي
خلال زيارته الى القاهرة في أيلول، إستقبل المصريون رئيس الوزراء التركي إستقبال الأبطال. بالواقع، لقد رفع البعض لافتات تقول: " لو كان أردوغان قائدنا لكنا حررنا قدسنا." وفي حين عززت جولة أردوغان العربية الإلهام التركي لجهة المساهمة بالتحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، فإنها عكست أيضاً رؤية أنقرة لمنطقة مندمجة ومتكاملة تتعارض مع الإنقسامات الوطنية، الدينية، والمذهبية.
أما في مصر، فإن الديمقراطية هو السيناريو الأكثر إستصواباً بالنسبة لتركيا. بالواقع، ينبغي لتركيا أن تضطلع بدور فاعل وناشط وتشارك بخبرتها في التطور من نظام الوصاية الى نظام ديمقراطي. بإمكان تركيا مساعدة مصر، نظراً لخبرتها الواسعة بالإنتقال الى الحكم المدني، إدارة العلاقات المدنية- العسكرية وتاريخها الطويل مع نظام سياسي ذي تعددية حزبية، إجراء إنتخابات حرة ونزيهة، وصنع الدستور.
أما بما يتعلق بالمصالح الإستراتيجية، فإن تركيا تود رؤية مصر تلتفت جدياً الى مطالب الشعب، تعزز سيادة القانون، تعترف بتمثيل كل الفاعلين السياسيين، وتحل مشكلة شرعيتها الإقليمية. إن وجود شريك ديمقراطي وقوي إقتصادياً في الشرق الأوسط سيكون متناسباً مع أولويات السياسة الخارجية التركية، التي ستعزز التكامل الإقتصادي والسياسي الإقليمي بالإضافة الى حرية الحركة. لقد أدى التحول السياسي المحلي لتركيا الى توسع وجودها في المنطقة. إن نتيجة ممثالة لمصر ستكون الأمر الأكثر إستصواباً بالنسبة لتركيا، برغم مجالات التنفاس الممكنة اتي لا يمكن تجنبها.
سيتأثر موقف تركيا الإقليمي مباشرة بالتطورات في مصر. فمصر السلطوية ستظل مصدر ضرر للمنطقة: تطبيع الحركات الإسلامية سيتم تأجيله؛ مأزق القضية الفلسطينية سيستمر؛ وقد تبرز الصراعات المذهبية وتهدد السلام والإستقرار الإقليمي. في كل الأحوال، إذا ما تحركت مصر بإتجاه ديمقراطية حقيقية، فإنها ستخضع الى تغييرات جذرية في حياتها السياسية المحلية وفي سياستها الخارجية تكون للأفضل
ستحد مصر الديمقراطية من نفوذ تركيا وشعبيتها في الشارع العربي، لكن سيكون أمام البلدين فرص ومسؤوليات مشتركة. فهما القوتان السنيتان الأساسيتان الأكبران في المنطقة، المتماثلتان في الحجم، الخبرة التاريخية، والأهمية الإستراتيجية. سيكون عليهما قيادة المنطقة الواسعة بإتجاه بنيات أكثر حرية وديمقراطية. وسيكون عليهما أيضاً تحمل عبء إدارة الصراعات. أما الإشارة الواعدة حول وجود تعاون محتمل فكان عملهما معاً في إتفاقية المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس في أيار. لقد كانت العلاقات بين تركيا ونظام مبارك متوترة بعد زيارة قائد حماس الى تركيا وسط إنزعاج مصري عام من السياسة الخارجية التركية الإستباقية في الشرق الأوسط.
ستساعد حصيلة الثورات الحالية ستساعد على تحديد مستقبل العلاقات التركية- المصرية. وبينما تسعى كل من تركيا ومصر لحل الأزمة الموجودة في قدراتهما المتباينة، فإن تعاونهما وتنافسهما سيتحددان، والى حد كبير، بكيفية خروج مصر من إضطراباتها السياسية المحلية. وسيلعب نشاط السياسة الخارجية التركية، الذي أثر بعمق أساساً على المنطقة، وكذلك التوجه الجديد في السياسة الخارجية المصرية الجديدة، المستجيب لمتطلبات الرأي العام المحلي لديه، دوراً حاسماً في تشكيل النظام السياسي الإقليمي الجديد.
إذا ما تحركت مصر بإتجاه ديمقراطية مدنية حقاً، فإن مكاسب تركيا في المنطقة ستصبح دائمة ودورها سيزداد. وإذا ما خرجت مصر من إضطراباتها الحالية كفاعل قوي إقتصادياً وسياسياً، فإن المنافسة ستحدث على الأرجح لكن هذا سيعطي كل من البلدين سلطات واسعة. وإذا ما مضت مصر بإتجاه نظام وصاية، فإن تركيا، بصفتها الديمقراطية الوحيدة القوية، ستكسب الأرض على حساب مصر. فالجيش في مصر سيكون مشغولاً بمحاولة الموازنة ما بين القوى الإسلامية والليبرالية، ما سيضاءل من إمكانية مصر كقائد في المنطقة.
إن مصر الضعيفة نسبياً ستجعل وظيفة تركيا أكثر صعوبة، حتى ولو ظلت هيبة أنقرة عالية. فتركيا قد لا تجد شريكاً تتقاسم معه دورها بما يتعلق بالسياسات الإقليمية والمقاربات المبنية على أساس المنطقة. وسيهدر الشرق الأوسط الوقت بإدارة أزمة قصيرة الأمد بدلاً من بناء نظام إقليمي جديد حقاً. فالحاجة الملحة لتطوير الموارد البشرية، بناء القدرات، وخلق مشاريع تطويرية مستدامة كلها أمور سوف يتم تأجيلها. وتشكل تركيا مثالاً عن القوة المدنية التي تدفع بنفوذ الجيش الى الخلف لصالح دعم وتعزيز مؤسساتها الديمقراطية. وعلى هذا النحو، ينبغي لتركيا أن تقاوم الجدل الحاصل عن أن من المبكر جداً التأسيس لديمقراطية كاملة في مصر. لقد أعاقت جدالات من هذا النوع دمقرطة تركيا، ما أخر إقحام مدنيي الديمقراطية التركية في الحياة السياسية.
عندما يتعلق الأمر ببناء نظام إقليمي جديد، كقوة إقتصادية وديمقراطية، فإن لدى تركيا الكثير لتقدمه. فتركيا، من نواح عديدة، تتقدم على مصر بما يمكن أن يساهم في تشكيل الشرق الأوسط الجديد. في كل الأحوال، إن التحدي أمام تركيا هو مأسسة مكاسبها الإقليمية والإستثمار في إستدامة إلتزامها بالمنطقة وثباته. أما أسوأ الأمور بالنسبة لتركيا فهو الظهور كقوة لا يمكنها التلبية. ونظراً الى التوقعات العالية المتصورة من جانب تركيا في أوساط المفكرين والشعوب العربية، فإن تركيا ستخضع لإختبار أكبر. بالمقابل، فإن التوقعات من جهة مصر ستكون متواضعة تماما، وأية خطوة ستتخذها مصر بالإتجاه الصحيح ستعتبر إيجابية.
هنا يمكن للتعاون أن يحصل: لدى كل من تركيا ومصر القدرة على ملأ الفجوات التي يتركها كل منهما. قد لا تكون مصر قادرة على مواجهة السياسات الإسرائيلية مباشرة، لكن بإمكان تركيا فعل ذلك. كما لا يمكن لمصر أيضاً الترويج لتحولات ديمقراطية حول الشرق الأوسط كما يمكن لتركيا أن تفعل وبفاعلية. إن ضغط تركيا المكثف على نظام الأسد في دمشق، بشكل إيوائها لمجموعات المعارضة والمنشقين العسكريين، القيام بتدريبات حدودية، والتهديد بعقوبات، هو مثال واضح عن ذلك. ستكون كل من مصر وتركيا على خلاف وتناقض مع القوى الخليجية التي لا هي على طريق التحول الديمقراطي ولا هي متحمسة  لتحمل المخاطر الموجودة في القضية الفلسطينية. وقد تصبح تلك البلدان مبعدة ومعزولة على نحو متزايد عن المنطقة إذا ما تزايد التعاون التركي- المصري. هذا الأمر سيتفاقم إذا ما أصبحت الولايات المتحدة ( الحليف الأقرب للقوى الخليجية) أقل ميلاً الى دعم الأنظمة السلطوية الخليجية.
 لدى مصر ميزة تتفوق بها على تركيا في مسألة الموقع القيادي الإقليمي بصفتها دولة عربية. لكن نظراً الى التنوع الشديد في الشرق الأوسط بما يتعلق بالإختلاف والتنوع العرقي، الديني، واللغوي، فإن لتركيا ميزة من حيث قدرتها على التحدث الى فاعلين مختلفين من إثنيات مختلفة ( الأكراد العراقيين) ومجموعات مذهبية متنوعة ( العراقيين الشيعة، المسيحيين اللبنانيين). إن أهمية مصر ستكون أكثر تبياناً وظهوراً في " عملية السلام" العربية- الإسرائيلية، التي تعتبرها تركيا القضية الإقليمية الأهم في الشرق الأوسط.
بسبب موقفها المستقل على نحو متزايد والمتعلق بقضايا السياسة الخارجية، فقد إكتسبت تركيا ثقة الشعوب العربية وأظهرت بأن الأنظمة العربية لا تعاني من القصور الوظيفي فحسب وإنما بأنها غير كفوءة وحمقاء في إجتراح الحلول الحقيقية للمشاكل الإقليمية. ستكون تركيا بحاجة للبناء على سمعتها هذه في حين سيكون على مصر أن تكسبها. قد تشعر مصر بأنها مجبرة على إبقاء نفسها على مسافة من السياسات الأميركية للقيام بذلك، في حين ليس على تركيا على أن تثبت مقاربتها المستقلة عن طريق الإبتعاد عن الغرب. ينبغي لمصر ألا تسقط في فخ تحديد سياساتها بناء على أطرمعاداة الأسلمة، معاداة الشيعة، معاداة الغرب، ومعاداة إسرائيل. سوف تثبت مصر التوقعية المتعارضة مع مصر الرجعية، ومصر الأكثر ديمقراطية وإستقلالية بأنها قوة صلبة ومتينة.
لقد قدمت الثورات العربية للشرق الأوسط فرصة تاريخية لمستقبل أكثر دميمقراطية وكرامة. إن تطور مصر وتحقيقها لديمقراطية مستقرة سيكون أمراً حاسماً في مسألة التحول البنيوي للمنطقة. وإذا ما إغتنمت مصر هذه الفرصة من دون العودة الى ديمقراطية زائفة لصالح ترتيبات إستراتيجية تدريجية كما فعلت في الماضي، فإن فرص بروز شرق أوسط جديد قد تتحول الى حقيقة. أما أكبر تحد لتركيا خلال هذه الفترة فهي المساعدة على خلق لغة ومفردات نقاش جديدة. لا ينبغي لتركيا أن تراقب بل أن تدير هذه العملية، كما فعلت خلال الثورات التي حصلت في مصر، ليبيا وسوريا. وإذا كانت تركيا قادرة على البقاء منخرطة وذات صلة بالأحداث على المدى المتوسط، فإنها قد تستطيع عندها المساعدة في دعم الزخم العربي لخلق نظام إقليمي جديد حقاً.

(*) قدير أوستون مدير أبحاث مؤسسة SETA للأبحاث السيسية، الإقتصادية والإجتماعية في واشنطن. مساعد ورئيس تحرير مجلة SETA الفصلية، Insight Tascii117rkey ومساهم في قناة الجزيرة الإنكليزية وموقع IRAN.org الإلكتروني.

(*) نوح يلماز رئيس ضمان الجودة للجزيرة التركية. الرئيس السابق لدائرة واشنطن للمؤسسات الإعلامية التركية بما فيها الـ CNN التركية، 24، و STAR. مساهم في منشورات بما فيها Washington Times،  The Ntional، Foreign Policy و Open Democracy. عضو في مجلس مؤسسة SETA للأبحاث السياسية، الإقتصادية، والإجتماعية في واشنطن. عمل كمدير مؤسس لـ SETA من العام 2008 وحتى 2011.

موقع الخدمات البحثية