مواد أخرى » نشرة Middle East Monitor لشهر تشرين أول 2011

موجز
شهد شهر تشرين أول أحداثاً متعددة تنضح بالأهمية. فقد تحدث معظم الناس عن موت الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي. وأعلن المجلس الوطني الإنتقالي الإنتصار رسمياً، وينبغي عليه الآن المضي بالعمل لضمان أمن مخزونات السلاح، نزع سلاح الميليشيات، التحضير للإنتخابات، وتلبية توقعات شعب متحمس لحصول تقدم سياسي وإجتماعي- إقتصادي. إضافة لذلك، كان لإعدام القذافي وقع إقليمي. فهو يرسل رسالة الى أفرقاء المعارضة بأن بإمكان العنف الإطاحة بالديكتاتوريين حتى لو وقفت قواتهم الأمنية الى جانبهم، ويرسل رسالة للديكتاتوريين الحاكمين بأنهم سيُقنلون إذا ما خسروا في صراع كهذا.
أعلنت الولايات المتحدة بأنها ستسحب كل قواتها العسكرية من العراق بحلول نهاية العام ما عدا قوة مؤلفة من أقل من 200 موظف، معدين لحماية السفارة في بغداد. لم تكن الحكومة العراقية مستعدة لإعطاء الجنود الأميركيين الحصانة من القضاء بسبب إصرارا الصدريين في البرلمان، الموالين لرجل الدين المدعوم إيرانياً، مقتدى الصدر. في كل الأحوال، قال الرئيس أوباما بأنه سيكون هناك مناقشات جارية تتعلق بتدريب القوى الأمنية العراقية وأشكال أخرى من المساعدات، لذا من الممكن أن يكون هناك عودة لمستوى ثانوي من الجنود. هذا من دون شك نصر لإيران، رغم أن المقاومة العراقية للمطالب الأميركية تثبت شرعية الحكومة وسيادتها. فالقرار العراقي يخيب أمل الولايات المتحدة ويرضي إيران، لكن مظهره الإستقلالي إشارة على التقدم العراقي بإتجاه الديمقراطية.
في 23 تشرين أول، أجرت تونس إنتخابات ناجحة وبإقبال كثيف. وقد فاز حزب النهضة الإسلامي بشكل حاسم بحصوله على أكثر من 40 بالمئة من الأصوات، لكنه لم يحصل على الأكثرية. وسيكون عليه تشكيل تحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل حكومة مؤقتة تشرف على كتابة مسودة الدستور. وقد فاز حزب النهضة لأنه أبرز نفسه، بنجاح، على أنه قوة معتدلة، خاصة عند مقارنته مع السلفيين الذين غالباً ما يمارسون العنف. لدى حزب النهضة الكثير ليكسبه والكثير ليخسره في الأشهر المقبلة، حيث سيُلام أو يُثنى عليه على كل ما يحصل في تونس، مهما كان. ستظهر الأشهر المقبلة أجندة النهضة الحقيقية حبث أنها ستشكل مستقبل البلد.
كانت صفقة تبادل المعتقلين بين إسرائيل وحماس، والتي تم بموجبها تحرير أكثر من 1000 إرهابي ليصبح بإمكان جلعاد شاليط العودة الى المنزل، لحظة كبيرة أخرى. فقد شعر الإسرائيليون بسعادة غامرة بعودة الجندي الشاب، وأبرزت حماس عملية التبادل كإثبات دفاع عن أساليبها. إن صفقة التبادل هذه حافز أكيد لأعمال إرهابية معينة وهي مفيدة سياسياً لحماس. وستعاني فتح  من إمكانية إنتقادها لكونها حامياً ونصيراً غير فعال للفلسطينين.
أعلنت الولايات المتحدة بأنها أحبطت مؤامرة من قبل النظام الإيراني بإغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة بواسطة تفجير عندما كان يتناول عشاءه. وكان إستهداف المسؤول السعودي مرجحاً بسبب برقيات سرية نشرتها ويكيليكس نقلت عنه  كلاماً في مجالسه الخاصة يحث فيه الولايات المتحدة على قصف إيران.. وبحث المرتكبون أيضاً القيام بهجمات محتملة على السفارتين الإسرائيلية والسعودية في واشنطن وبوينس آيرس. وكان للمؤامرة تداعيات عديدة: إنها تنهي بشكل مؤثر أي أمل بحوار ديبلوماسي مع إيران؛ تظهر للعالم التهديد الذي يشكله النظام؛ تكشف الكيفية التي تستخدم بها إيران وكلاءها؛ حيث سعى الحرس الثوري الإيراني الى تجنيد مهربي المخدرات المكسيكيين والحصول على مساعدتهم؛ تلقي الضوء على  التوتر الموجود بين العرب الموالين لأميركا وإيران؛ وتقوض الثقة في قدرات النظام الإيراني. لذا، فإن المؤامرة هي من بعض نواحيها تطور إيجابي بالنسبة للغرب وستساعد في الجهود المبذولة لعزل و 'معاقبة' النظام بسبب برنامجه النووي.
أخيراً، إن لموت ولي العهد السعودي عواقب ضخمة محتملة. وحل الأمير نايف، حليف الوهابيين، مكانه. وأصبح الملك عبدالله مسناً وصحتة سيئة. ، لذا لن يطول الأمر قبل أن يصبح نايف قائداً للعربية السعودية. ويُنظر إليه بشك كبير من قبل العناصر الليبرالية في العربية السعودية. كما يُنظر إليه على أنه الرجل القوي الذي سيجعل إيران تنظر الى العربية السعودية بعدائية أكبر حتى، عندما يقترن ذلك بعلاقاته الوهابية. وسيكون القرار الأساسي بالنسبة لنايف مواجهة الشباب السعودي والعناصر الإصلاحية بالتراجع عن إصلاحات الملك عبدالله وإتخاذ موقف قوي ضد التظاهرات والمطالبة بحقوق أكبر.
النقاط الجوهرية لـ Wikistrat
الخيارات
 يتصدر الإسلاميون الساحة في تونس، مصر وليبيا. هذا الأمر قد يقود غير الإسلاميين الى الإتحاد أخيراً ويمكن لأية خطوة ناقصة من قبل الإسلاميين أن تفيد أخصامهم.
إن المؤامرة الإرهابية برعاية إيران التي تم إحباطها هي فرصة لأعداء إيران للضغط على المجتمع الدولي لسن عقوبات أخرى على إيران. بالإمكان إستخدام فشل المؤامرة أيضاً لإضعاف النظام الإيراني عن طريق تقويض الثقة بقدرة الحرس الثوري الإيراني.
تتسبب الثورة في سوريا بتوترات شديدة بين نظام الأسد، إيران، حماس، الإخوان المسلمين، وتركيا. فقد إنتقد النظام الإيراني نظام الأسد، في الوقت الذي يسانده فيه. إن النظامين الإيراني والسوري غاضبين من عدم دعم حماس للأسد ومن إحتضان تركيا للفارين من الجيش السوري. في نفس الوقت، إنتقد الإخوان المسلمون رئيس الوزراء التركي بسبب دعوته مصر للبقاء دولة علمانية.
المخاطر
إن الخطر الواضح الآتي مع الربيع العربي هو صعود الأحزاب الإسلامية. هذا ينتهي، من دون شك، بسياسات خارجية أكثر عدائية للغرب، خاصة تجاه إسرائيل. إضافة لذلك، إن إنتصاراتهم السياسية المبكرة تضعهم في موقع تشكيل الظروف لصالحهم، ما يجعل منافستهم مسألة أكثر صعوبة بالنسبة لغير الإسلاميين.
ستُجرى الدورة الأولى من الإنتخابات في مصر في 28 تشرين الثاني. ويؤشر الأداء الأفضل من المتوقع لحزب النهضة في تونس الى أن حزب العدالة والتنمية التابع للإخوان المسلمين سيتخطى التوقعات كذلك. ويُتوقع للإخوان المسلمين عموماً الفوز بـ 20 الى 30 بالمئة من الأصوات.
إن الإنسحاب الأميركي من العراق، ليبيا وفي الصيف المقبل من أفغانستان، سيجعل الحكومات في المنطقة تعيد درس مسألة توازن القوى. فالحكومة العراقية يمكن أن تصبح أقرب الى سوريا وإيران. ليبيا ستصبح تحت تأثير قطر أكثر فأكثر، التي ستقود إئتلاف ' أصدقاء قطر'. الحكومة الأفغانية قد تتحول الى باكستان وإيران بأمل الحصول على الإستقرار، رغم أن علاقتها القوية مع الهند ستوفر لها شريكاً بديلاً.
تعطي صفقة إسرائيل مع حماس لإطلاق سراح جلعاد شاليط مقابل حوالي 1000 إرهابي المجموعة المتمركزة في غزة زخماً جديداً ونصراً سياسياً كبيراً. سيُنظر الى الصفقة عبر العالم العربي على أنها تبرئة للأساليب المتبعة من قبل حماس، وقد أعلن رجل دين سعودي سابقا عن جائزة مالية للتشجيع على عمليات خطف أكثر لجنود إسرائيليين.
هناك مخاطر تتمثل بحصول إضطرابات إجتماعية في العربية السعودية في الوقت الذي تتنامى فيه قوة الأمير نايف. فإذا ما شعرت العناصر الإصلاحية في المجتمع السعودي بأنه يعيد البلد الى الوراء، فإن ذلك قد يؤدي الى المواجهة. إن أي عدم إستقرار في اللمملكة العربية السعودية سيؤدي الى زيادة في أسعار النفط. وتعتبر إيران والقاعدة حصول هكذا إضطرابات بمثابة فرصة.
التبعيات
الحسابات السياسية للأحزاب الإسلامية. سيكون الإسلاميون ميالين لإستخدام موقع سلطتهم الجديد للدفع بسياسات عدائية معادية للغرب وللتأسيس لقوانين محلية تنسجم مع حكم الشريعة الإسلامية. في كل الأحوال، ينبغي أن يكونوا حذرين أيضاً من المبالغة في تأكيد سيطرتهم وتعريض الدعم الشعبي لهم للخطر.
حسابات إيران حول ما إذا كانت تحمي بشار الأسد أم تحتضن الإخوان المسلمين. إيران في وضع معقد. فتحالفها مع حماس والتحالفات المحتملة مع حكومات في العالم العربي بظل تأثير ونفوذ الإخوان المسلمين معرض للخطر على خلفية أحداث الثورة في سوريا.
إستراتيجية السياسة المحلية للأمير نايف. إنه حليف الوهابيين لكن من غير المعلوم أي طريق سوف تسلكه العربية السعودية. فإذا ما حافظ على الوضع القائم، فإنه سيغضب ويسر الجانبين في نفس الوقت. وإذا ما تحرك ضد الليبراليين، كما لو حاول إستئصال النفوذ الغربي، فإنه قد يتسبب بردود فعل عنيفة. وإذا ما حاول إسترضاء الليبراليين عن طريق تقديم إصلاحات، فإنه قد يشجعهم في الوقت الذي يخالف فيه الوهابيين ويسيئ إليهم.
Coascii117ntry Focascii117s
ليبيا
أدى القبض على معمر القذافي وإعدامه لاحقاً الى إغلاق ملف الحرب الأهلية رسمياً، رغم أن بعض الموالين للقذافي لا يزالون في ' بني وليد'. وإعتباراً من هذه اللحظة، ليس هناك من إشارة تدل على أن عناصر النظام السابق ينظمون تمرداً إنطلاقاً من بلدان قريبة كالجزائر والنيجر.
لدى المجلس الوطني الإنتقالي الآن العديد من المشاكل التي تنتظره. عليه المحافظة على وحدته ووحدة البلاد؛ ضمان أمن مخزونات السلاح؛ سحب سلاح الميليشيات وضم رجال الميليشيات الى القوى الأمنية؛ تطوير الإقتصاد والتحضير لإنتخابات.
وهناك في الأساس صراع إيديولوجي بين العلمانيين والإسلاميين داخل المجلس الوطني الإنتقالي ، والإسلاميون يربحون. فبعد موت القذافي بوقت قصير، إستقال رئيس الوزراء العلماني. لقد كان الهدف رقم واحد للإسلاميين المرتبطين بالإخوان المسلمين ورغم أنه ينفي رضوخه للضغط، فقد إعترف بسرعة في مقابلة له بأنه مهزوم سياسياً. أما قرار الناتو بإنهاء مهمته رسمياً في 31 تشرين الأول وبروز تحالف ' أصدقاء ليبيا' فيقوي الإسلاميين ويفوضهم أكثر. هذا التحالف الجديد هو بقيادة  قطر. وقد لعب الإخوان المسلمون في قطر دوراً محورياً ( مع دعم الحكومة القطرية) في إنتصار المتمردين، وقد ساندت قطر القوى الإسلامية نفسها التي ضغطت على رئيس وزراء المجلس الوطني الإنتقالي كي يستقيل.
يواجه المجلس الوطني الإنتقالي مهمة هائلة وصعبة في ضمان أمن مخزونات السلاح وسحب سلاح الميليشيات. هذا الأمر يتطلب تأكيداً للقوة التي تتطلب بدورها دعماً قبائلياً، لكن هناك إنقسامات جغرافية عميقة بين القبائل. علاوة على ذلك، سيميل قادة الميليشيات الى طرح مطالب مقابل إلقائهم السلاح، مع العلم بأن المجلس الوطني الإنتقالي مستميت لتجنب صراع آخر. وقد ألحت القاعدة على الإسلاميين في ليبيا كي يرفضوا نزع سلاحهم الى أن يتم تأسيس دولة إسلامية.
يواجه المجلس الوطني الإنتقالي أيضاً مشكلة في ضمان ثقة السكان. فالناس يائسون ومستميتون لأجل تحسين واقعهم اليومي، ومن المشكوك فيه القدرة على تلبية توقعاتهم في المستقبل القريب. فمن المحتمل أن لا يشعر بالرضا، ببساطة، شعب يشعر بأنه مفوض وقوي في هذا الوقت. وإذا ما أخفق المجلس الوطني الإنتقالي بالإحتفاظ بدعم الشعب، فإن ذلك سيزيد الإنقسامات السياسية داخل الجسم الواحد حيث ستحاول كل فئة تجنب دفع ثمن سياسي.
العراق
أعلنت الولايات المتحدة بأنها ستسحب كل قواتها من العراق مع نهاية السنة ما عدا قوة ضئيلة لحماية السفارة. إن السبب لهذا القرار هو الرفض العراقي بمنح الحصانة القضائية للجنود الأميركيين. قد يكون القرار تأثر، على الأرجح، بتهديدات مقتدى الصدر بإعادة تجميع ميليشياه وشن حرب على أي جندي أميركي يظل في العراق في العام 2012.
لقد وافق كل الأفرقاء السياسيين العراقيين على المصادقة على وجود أميركي في العراق في العام 2012 وفضل رئيس الوزراء العراقي، بحسب ما قيل، منح الحصانة للجنود الأجانب. في كل الأحوال، بإمكان الصدريين في البرلمان التهديد، بشكل موثوق، بإنهيار الإئتلاف الحكومي. في النهاية، كان من المستحيل سياسياً بالنسبة للقيادة العراقية الحصول على المصادقة على الحصانة. وتدعي اولايات المتحدة بأن القوى الأمنية العراقية جاهزة لتسلم البلاد على عاتقها، لكن هذا يتعارض مع السبب بالدفع لبقاء الجنود. من المحتمل أن يكون القصد من التصريحات الواثقة من هذا النوع هو إلقاء ضوء إيجابي على الإنسحاب وتجنب إخافة العراقيين أكثر بخصوص ما هو منتظر بعد ذلك. من المهم الإلتفات الى تصريحات مقتدى الصدر في الأشهر المقبلة. فمن غير الواضح إن كان سيعتبر الـ 160 جندياً أميركياً المتبقين والمعينين لحماية السفارة ومن المتعهدين الأميركيين بمثابة ' محتلين' ينبغي إستهدافهم في العام 2012. وقالت الولايات المتحدة بأنها تدرس حصول تعاون أكبر مع العراق بما يتعلق بتدريب القوى الأمنية بالإضافة الى أشكال أخرى من المساعدات، وهذا قد يقود الى عودة عدد ضئيل من الجنود الى العراق. ومن غير المرجح أن ينظر الى هكذا مناقشات بطريقة مستحسنة. فإذا ما تم إحياء ميليشيا الصدر، فمن المرجح جداً أن تسعى الأقلية السنية الى إحياء ميليشياتها الخاصة أيضاً. إن التخوف السني من النفوذ الإيراني عميق وسوف يتزايد بشكل دراماتيكي عندما ترحل القوات الأميركية.
إن أول إختبار للحكومة العراقية بعد رحيل القوات الأميركية سيكون، على الأرجح، في مسألة معالجة العمليات التركية في المنطقة الكردية شمال العراق. فقد شنت مجموعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية هجمات دموية على الأراضي التركية، الأمر الذي إنتهى بتحرك عسكري كبير. كما هاجم الجيش الإيراني أيضاً المسلحين الأكراد الموجودين على الأراضي العراقية، بمن فيهم أولئك الذين لا ينتمون الى حزب العمال الكردستاني. لا يمكن للحكومة العراقية عزل الأقلية الكردية لديها، لكنها لا تريد مواجهة مع تركيا أيضاً. إن مسار العمل الأرجح هو الضغط على الأكراد الآخرين لتسلم زمام الأمور في الحزب العمالي الكردستاني.
تونس  
كما ذُكر آنفاً، فاز حزب النهضة الإسلامي بنصر حاسم في أول إنتخابات تجري منذ الإطاحة بالرئيس بن علي. هذا النجاح إعتمد على تقديم حزب النهض لنفسه على أنه قوة معتدلة تفضل فصل الدين عن الدولة في الوقت الذي تقبل فيه التعبير الديني. وقت تمت مساعدة النهضة على الظهور بمظهر الحزب المعتدل مقارنة مع السلفيين الأكثر تشدداً، الذين يؤيدون صراحة الحكم المبني على أساس الشريعة الإسلامية والذين كانوا يمارسون العنف غالب الأحيان.على سبيل المثال، لقد هاجم مئات من السلفيين دار سينما عرضت فيلماً يصور الله، الأمر المحرَّم في الإسلام. 
لا يزال حزب النهضة يطمئن الشعب الى أنه لا يسعى الى فرض حكم الشريعة الإسلامية الصارم، لكن تاريخ الحزب وقائده، راشد الغنوشي، سبب رئيس للقلق. فالحزب مرتبط بالإخوان المسلمين وتحدث الغنوشي، في مناسبات عديدة، عن تدمير إسرائيل ومجد الإنتحاريين. وينبغي على حزب النهضة تشكيل إئتلاف حكومي يضم أحزاباً أخرى، لذا فمن المحتمل أن يستمر في جهوده بالظهور مقبولاً بالنسبة للعلمانيين. وما أن تبدأ الحكومة المؤقتة بكتابة الدستور المقبل، فسنرى إن كان حزب النهضة قد تطور إيديولوجياً أم أنه كان، وببساطة، متجاوباً مع البيئة السياسية لمنفعته الخاصة.
إيران
قد تكون المؤامرة الإرهابية الإيرانية التي أحبطت على الأرض الأميركية الأمر الذي سيدفع المجتمع الدولي، معاً، الى سن عقوبات ضد النظام في النهاية. فهي تثبت بأن إيران تنخرط بنشاط في رعاية أعمال إرهابية دراماتيكية، نشاط سيزيد على الأرجح إذا ما إستطاع النظام الحصول على أسلحة نووية. وتظهر المؤامرة بأن إيران ليست مهتمة بإسرائيل فحسب، وإنما تستهدف بشكل عدائي أيضاً حكومات عربية والولايات المتحدة مباشرة. بإختصار، هذه المؤامرة تفند الإعتقاد بأن بالإمكان إحتواء إيران نووية وإمكانية التعامل مع النظام الإيراني ديبلوماسياً.
إضافة لذلك، إن المنع الناجح للهجمات المخطط لها يؤذي النظام الإيراني. فحرسه الثوري محرج، بما أنه تم التشهير بوجود أصابعه القذرة في العملية. من جهة أخرى، تم إستعراض نجاح مجتمع الإستخبارات الأميركية. لا بد وأن يزعزع هذا الأمر ثقة النظام الإيراني بقدرات الحرس الثوري، بالإضافة الى الضرر المعنوي للحرس نفسه. كما ذُكر أيضاً بأن برنامج إيران النووي يواجه مشاكل خطيرة مختلفة بسبب التخريب والعقوبات. فأجهزة الطرد المتطورة المثبتة لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم  تفشل في العمل.إضافة لذلك، لقد تم كشف الفيروس الجديد المسمى ' Son of Stascii117xnet'. فالخبراء في مجال الحواسيب الإلكترونية متأكدون من أن مصدر هذا الفيروس هو نفسه مصدر فيروس Stascii117xnet الأصلي الذي تسبب بتدمير البرنامج النووي الإيراني. فإذا ما توصل النظام الإيراني الى إستنتاج بأنه سيظل على بعد سنوات من تطوير قنبلة نووية، فمن المرجح أن يضبط سلوكه الى يحين ذلك الوقت.
في هذه الأثناء، لا يزال صراع السلطة داخل إيران ساخناً. ففي تحد مباشر للرئيس أحمدي نجاد، يتحدث القائد الأعلى عن إلغاء موقع الرئاسة. ويتحدث بدلاً من ذلك عن إختيار الوزراء من قبل البرلمان. هذا سيضمن للنظام عدم مواجهة حملة رئاسية مستمرة تضعف صفوفه أكثر. كما سينقذ النظام من مواجهة ' ثورة خضراء ثانية' محتملة إذا ما قرر مجدداً التلاعب بنتائج الإنتخابات. هذا الأمر لا يعد، حتى الآن، إشارة الى أن الخامنئي يدعم إتهام أحمدي نجاد بإساءة إستخدام السلطة، كما يسعى لذلك عدد متزايد من النواب في البرلمان، بما أن التغيير سيدخل حيز التنفيذ،على الأرجح، بعد إنتهاء ولاية أحمدي نجاد في العام 2013.
التحليل الإقليمي  
تنظر البلدان، عبر المنطقة، الى إنحدار قوة الولايات المتحدة في الوقت الذي تترك فيه قواتها العراق، كما تنظر الى تحول تركيا ضد الغرب ووصول الإسلاميين الى الصدارة في تونس، مصر وليبيا. أما الحلفاء كالأردن واليمن، فيواجهون تحديات سياسية داخلية من قبل عناصر إسلامية قوية. من جهة أخرى، يرى الإخوان المسلمون، تركيا، وقطر بأن رصيدهم يرتفع. ومن غير الواضح كيفية نجاح أو إخفاق إيران في كل ذلك، حيث أن بالإمكان إعتبار نجاح الإسلاميين السنة إما بركة وإما لعنة بالنسبة للطموحات الإيرانية. 
 ومثل الكثير من الحكومات الموجودة في المنطقة التي تعيد تقييم توازن القوى، سيجعل النجاح الإنتخابي للإسلاميين في تونس والنصر المرجح في مصر في تشرين الثاني المكونات المختلفة للربيع العربي تعيد درس مواقفها هي أيضاً. 
فالنجاح في تونس يجرئ إسلاميين آخرين، بالإضافة الى أنه يقدم نموذجاً لهم يتبعوه في حملاتهم. أما النظام العسكري المصري، الذي واجه كل من الإسلاميين والعلمانيين المتحدين لسلطته، فسيصبح أكثر تخوفاً من الإسلاميين منه من العلمانيين. وقد يُحفز العلمانيون ليشكلوا جبهة موحدة في بلدان منفردة وعبر المنطقة. قد يبدأ الغرب بالتراجع عن دعمه الربيع العربي مقدماً، في الحد الأدنى، مداهنته وتملقه لحركات المعارضة إلا إذا جاء أداء الإخوان المسلمين، وبشكل مفاجئ، دون المستوى المطلوب في مصر في نهاية الشهر المقبل.
إن إحدى العمليات المذهلة الجذابة الجارية هي أزمة الهوية في أوساط الإسلاميين. فمعظم القوى الإسلامية معادية للمصالح الغربية ولا يمكن ذكرها بـ ' المعتدلة' إذا كان المصطلح يعني موالاة الغرب أو الليرالية حقاً. في كل الأحوال، ينبغي الإعتراف بأن هناك مستوى معين من التنوع والإختلاف في الفكر الإسلامي. فهناك السلفيون الذين يجعلون الإخوان المسلمين يبدون ' معتدلين'، في حين يجعل الإخوان المسلمون حزب الوسط (جانب من الإخوان المسلمين) يبدو ' معتدلاً'. هذا التنوع يعكس الكيفية التي يستوعب بها الإسلاميون العالم الحديث في الوقت الذي يحافظون فيه على إيديولوجية قديمة جداً.
يحاول الإسلاميون الإجابة على تساؤلات سياسية و إجتماعية عديدة بواسطة الدين. فكيف يُسمح لقسم كبير من الثقافة غير الإسلامية بالإنضواء تحت شكل من أشكال الحكومة الإسلامية؟ هل هناك فصل للدين عن الدولة، وإذا كان الأمر كذلك أين يبدأ ذلك وأين ينتهي؟ متى يصبح النقاش مضراً بالإسلام وبذلك ينبغي معاقبته؟
هذه كلها تساؤلات ينبغي على الإسلاميين الموجودين في السلطة الآن التعامل معها. من المهم أيضاً الإشارة الى أن نموذج الحكم الإيراني حيث يتحدث فرد واحد أو دائرة صغيرة جداً بصفته، أو بصفتها، ممثلاً لله، قد فقد مصداقيته. ولا يريد الإخوان المسلمون والحكومة التركية وإسلاميون آخرون تكرار هذا النموذج. هذا يرفع سؤالاً آخر حول دور رجال الدين داخل الحكم ومن الذي يتحدث بأكبر تفويض حول التساؤلات المذكورة أعلاه. بالإجمال، هناك عملية فكرية / دينية مثيرة جداً ومعقدة تحدث في أوساط الإسلاميين من الصعب التكهن بها.
الإستشراف الإقليمي  
إن الربيع العربي وصعود تركيا بظل رئيس الوزراء أردوغان يمزقان بنية القوة التقليدية الشرق أوسطية المؤلفة من كتلتين ( الموالية للغرب / المعادية للغرب). هناك ثلاث سيناريوهات رئيسة قد تنتشر في المنطقة.
السيناريو الأكثر إرعاباُ هو حصول تحالف إسلامي كبير ضد إسرائيل، الولايات المتحدة والحكومات العربية المنحازة الى الولايات المتحدة. هذا سيحدث إذا أثرت إيران، تركيا، قطر والإخوان المسلمون على الحكومات عبر المنطقة ( تونس، ليبيا، مصر بعد إنتخابات تشرين الثاني  واليمن بعد سقوط الرئيس عبالله صالح).         
أما السيناريو الأكثر إستحساناً فهو حدوث صراع كبير بين كل هذه القوى مع تصادم الإخوان المسلمين إيديولوجياً مع تركيا؛ وجود إيران وتركيا على طرفي نقيض بسبب سوريا؛ ووجود الإخوان المسلمين على طرفي نقيض مع إيران بسبب الإنقسام السني – الشيعي. في هذه الحالة، ستتطلع الكتلة الموالية للغرب بإستحسان أكبر الى تركيا، لكنها ستتخوف من حصول تقارب محتمل للإخوان المسلمين الأتراك ومن إستفزاز تركي ضد إسرائيل.
السيناريو الثالث هو وجود تحالف بين تركيا والإخوان المسلمين ينافس التكتل الإيراني – السوري.  ومن المحتمل أن تنحاز قطر وتصطف مع التحالف الأول  في هذا الوضع، رغم أن قطر عالقة ما بين هذا التكتل وبين الحكومات العربية التي تبقى أكثر إصطفافاً وإنحيازاً بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. في هذا السيناريو، لا ترى الدول العربية الموالية لأميركا في أي من هذين التكتلين شريكاً موثوقاً، لكنها ستميل الى إعطاء إشارات تصالحية للإخوان المسلمين. من المحتمل أن تزيد هذه الدول التمويل للشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين لإبقائهم بعيدين عن تحريك وإثارة المعارضة ضد حكمهم.
وكما صرحنا في نشرات سابقة للـ Middle East Monitor، فإن حصول حرب أهلية في كل من سوريا واليمن أمر مرجح أكثر فأكثر بمرور الوقت. ومع التكرار هنا للـ ' الموجز'( المذكور في البداية)، فإن موت القذافي يجعل من المرجح أن تقاتل هذه الأنظمة وصولاً الى النهاية المريرة إذا ما تصاعد الصراع. كما قد يشجعها موته أيضاً على تجنب حدوث صراع، لكن النظامين السوري واليمني واعيين الى أن مسألة الإطاحة  بالقذافي لم تكن لتحدث لولا تدخل الناتو. من المهم الإشارة الى أن الطيارين السوريين الذين قتلوا في اليمن الآن، يشير الى أن صالح والأسد يعتبران نفسيهما في نفس الوضع الآن.
إن تأثير إرتقاء الأمير نايف الى سدة ولاية العهد سيعتمد على مقدار المسؤولية التي سيعطيها الملك عبدالله له. فمن المرجح أن يحاول الأمير نايف محاربة النفوذ والتأثير السياسي والثقافي الغربيين إذا ما أعطي الفرصة لذلك. أما الخطر الحقيقي، رغم كل شيئ، فموجود ما أن يصبح نايف، في نهاية المطاف،هو الملك وذلك يمكن أن يحدث في أية لحظة نظراً لسن الملك عبدالله.
يتوق الشباب السعودي الى تحصيل ثقافة غربية وحقوق إنسانية أكبر، خاصة بالنسبة للنساء. فالناشطات يصبحن أكثر جرأة وتحدياً في عدم إطاعتهن القوانين التي تحرم عليهن قيادة السيارات. في نفس الوقت، هناك صد من قبل رجال الدين الوهابيين، ما يضع العائلة المالكة السعودية في موقف صعب. وكانت العائلة المالكة قادرة على إحتواء التظاهرات الصغيرة نسبياً، لكن هذه التظاهرات ستنمو حتماً، كما سيتزايد تحريض رجال الدين. عاجلاً أم آجلاً، سيطالب رجال الدين الوهابيون بأن تتصرف العائلة المالكة بشكل حاسم إزاء الإخفاقات الأخلاقية لدى الشباب، بحسب تصورهم. فإذا ما منحهم الأمير نايف مطلبهم، فإن ذلك سيشعل شرارة فترة من عدم الإستقرار بما أن التظاهرات ستنفجر. السؤال هنا هو إن كانت حملة فرض النظام اللاحقة ستمنع قيام تظاهرات أخرى أو التسبب بجعلها تنتشر أكثر.
هناك عرض آخر بالإمكان تصوره وهو أن الإسلاميين، كأي فريق سياسي، سيرتكب أخطاء حتماً. والجماهير عادة ما تكون غير صبورة وحساسة في الفترة التي تلي الإنتخابات، بما أنهم يولون إهتماماً دقيقاً بكل قرار يتخذه الحكام الجدد. من المحتمل تماماً أن يدفع الإسلاميون ثمن الإستياء هذا، خاصة إذا ما أساؤوا الحسابات حول المدى الذي يمكنهم المضي فيه بالعمل وفق إيديولوجيتهم.
فقد شهدت حماس هبوطاً في شعبيتها منذ وصولها الى السلطة في قطاع غزة. ومن غير المرجح أن يكون الإسلاميون الآخرون خبثاء كما هو حال حماس، لكن السياسة دورية وفي نهاية المطاف الجماهير تريد تغييراً، وهذا يعطي غير الإسلاميين الفرصة لتقديم أنفسهم على أنهم قوة منافسة.
 إن صراعاً إيديولوجياً حقيقياً ما بين الإسلاميين وغير الإسلاميين لكسب العقول والقلوب في الشرق الأوسط سوف يجري في العلن وسيكون هو التنافس الأهم الذي سيقرر مستقبل المنطقة.  السؤال الوحيد هنا هو متى سيصل هذا الصراع الى مرحلة يصبح فيه ظاهراً.

موقع الخدمات البحثية