أوراق إستراتيجية » خيارات القوة الجوية بالنسبة لسوريا : تقييم الأهداف و المهام للتدخل الجوي

كارل ب. مولر ـ  جيفري مارتيني ـ توماس هاملتون ـ معهد RAND

مركز السياسة العامة للشرق الأوسط / البرامج الدولية في RAND

 

موجز

يقدم هذا التقرير نظرة عامة شافية من الناحية العملية لخيارات التدخل العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في الحرب الأهلية السورية باستخدام القوة الجوية. ولا يناقش التقرير وجوب تدخل الولايات المتحدة في سوريا، ولكنه يسعى إلى تزويد النقاش بمتطلبات ومخاطر مختلف الخيارات إذا ما كان سيتم اتخاذ قرار . نحن نفترض لأغراض هذا التحليل أنه، وكما هو الحال في ليبيا، لن يكون نشر القوات القتالية البرية جزءاً من التدخل.

قد يسعى التدخل الجوي في سوريا إلى تحقيق هدف واحد أو مجموعة متنوعة من الأهداف. بعض هذه الأهداف سيكون سياسياً بحتاً، لكن الأهداف الاستراتيجية الرئيسة يمكن أن تشتمل على:

 

 

  • حماية المدنيين.
  • الحد من الصراع أو احتوائه.
  • تغيير مسار الحرب.
  • يمكن متابعة كل هدف من هذه الأهداف من خلال مقاربات عسكرية مختلفة، ويمكن لإجراءات استراتيجية محددة أن تسهم في أكثر من هدف من هذه الأهداف. وسعياً لتحقيق إحدى هذه الأهداف أو أكثر، قد يُكلف سلاح الجو الاميركي والشريكة له بمهمة من أي من المهمات الخمسة الرئيسة:

    إلغاء سلاح الجو السوري. إن الحفاظ على منطقة حظر جوي ( NFZ) فوق سوريا، أو ، وببساطة، تعطيل أو تدمير سلاح الجو السوري، سيكون أمراً سهلاً نسبياً بالنسبة للقوات الاميركية والقوات المتحالفة معها، لأسباب ليس أقلها التوافر المرجح للقواعد العسكرية القريبة، على الرغم من أن إنفاذ منطقة الحظر الجوي ( NFZ) لفترات مطولة يفرض أعباء على القوات المشاركة. لإن إلغاء سلاح الجو السوري لن يكون له سوى سوى تأثير مباشر هامشي على الضحايا من المدنيين، الأمر الذي غالباً ما يكون ناجما عن القوات البرية. يمكن لذلك أن يساعد، وبشكل هام وكبير، قوات المعارضة السورية عن طريق حرمان الجيش السوري من  الدعم الجوي وخاصة التنقل الجوي وإعادة تزويد الجيش السوري بالإمدادات، لكن المسار الأخير للحرب الأهلية يشير إلى أن التحول الحقيقي للمد من شأنه أن يتطلب، على الأرجح،  شن هجمات ضد القوات البرية التابعة للنظام كذلك. لن يكون من شأن منطقة الحظر الجوي ( NFZ ) البدء بهجوم شامل على الدفاعات الجوية السورية، لكن القيام بذلك سوف يبسِّط المهمة إلى حد كبير. وكالخيارات الأخرى المدروسة هنا، فإن منطقة حظر جوي محدودة جدا حتى سوف تشكل عملا من أعمال الحرب ضد سوريا، وربما يؤدي إلى مشاركة أكبر من جانب القوى المؤيدة للنظام مثل إيران وروسيا.

    تحييد الدفاعات الجوية السورية. إن منظومة الدفاع الجوي المتكاملة السورية الواسعة، إنما القديمة في غالبيتها ، وفي حين ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد، هي منظومة أقل هولاً مما يتصور كثيرون. فالقوة الجوية الأميركية وتلك التي لحلفائها يمكنها أن تدمر ، وبسهولة ، عناصرها الثابتة في حملة كبيرة وهي جاهزة بشكل جيد نسبياً للتعامل مع التهديد المتبقي الذي من شأنه أن تشكله المنظومات المتحركة على العمليات  الجوية الأخرى على المدى الطويل. في كل الأحوال، لقد أثبتت الخبرة في الصراعات مثل كوسوفو و الصراع ضد أعداء أقل تسليحاً عن مدى صعوبة سحق الدفاعات الجوية المتنقلة المتفرقة، والقادرة باعتدال على التسبب بالأذى، ومدى خطورة القيود المفروضة على العمليات الأميركية نتيجة لذلك. إن سحق الدفاعات الجوية لن يكون غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتسهيل مهمات أخرى ضد سوريا.

    الدفاع عن المناطق الآمنة. بإمكان القوة الجوية أن تلعب دوراً رئيساً في الدفاع عن مناطق آمنة محددة ضد هجمات من قبل قوات النظام ، لكن ولأن هذه التهديدات سوف تأتي أساساً من المدفعية والقوات البرية الأخرى، فإن هناك حاجة لقوات دفاعية فعالة على الأرض ، سواء كانت أجنبية أم محلية. إن حماية نسبة كبيرة من المدنيين السوريين أمر يتطلب وجود مناطق آمنة فسيحة، بما في ذلك تلك التي في عمق سوريا، إلى جانب ممرات لوجستية آمنة للحفاظ على هذه المناطق. إن تأمين هذه المناطق ضد قوات النظام سيكون بمثابة تدخل كامل إلى جانب المعارضة، كما سيكون أكثر تحديا من الناحية العملياتية. أما من الناحية الواقعية، فينبغي اعتبار المناطق الآمنة بمثابة وسيلة للمدنيين للبقاء داخلها مع أوضاع أمنية محسنة، وليس السلامة الكاملة، حيث أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على التحكم بتصرفات قوات المعارضة المسيطرة على المناطق الآمنة.

    تمكين قوى المعارضة من هزيمة النظام. بإمكان القوة الجوية، إذا ما طبقت بمجهود كاف، ( إلى جانب المساعدات المادية والاستشارية للمعارضة السورية) أن تغير مجرى الحرب الأهلية السورية عن طريق ضرب قوات النظام ، خصوصا سلاح المدرعات والمدفعية. مع ذلك، إن ترجيح كفة التوازن في المعركة إلى حد تمكين المعارضة من شل النظام أو هزيمته لن يترجم تلقائيا إلى التأثير على الأحداث السياسية اللاحقة في سوريا، سواء في أعقاب الآثار الفوضوية لفوز المعارضة أو على المدى الطويل، حيث أن نظاماً جديداً سوف ينشأ.

    منع استخدام الأسلحة الكيميائية السورية. على الرغم من الخطاب العرضي في كثير من الاحيان عن "اخراج" قدرة السلاح الكيميائي السوري، فإن الخيارات العملية للقيام بذلك مقيدة بحدود خطيرة، ويمكن أن تحاول جعل الامور اكثر سوءاً في الواقع. إن تحديد جميع مرافق الأسلحة الكيميائية السورية (على سبيل المثال، مواقع تخزين، ومرافق الإنتاج) وتعريفها بشكل كاف جداً للتخطيط لضربات جوية تقليدية ضدها سيتطلب معلومات استخباراتية دقيقة جدا ومفصلة. واعتمادا على الأسلحة المستخدمة في الضربات والطبيعة الدقيقة للأسلحة الكيميائية المقرر تدميرها، فإن الأضرار الجانبية للهجمات يمكن أن تكون كبيرة.

    لا تبدوآفاق القضاء على قدرات الأسلحة الكيميائية الواسعة في سوريا من خلال الهجوم الجوي  واعدة. فعلى أقل تقدير، يتطلب تحقيق هذا الهدف وجود قوات برية، وحتى عندئذ قد لا يكون من الممكن تحييد ترسانة النظام بأكملها. في كل الأحوال، يمكن للقوة الجوية أن تستخدم للتهديد بعمليات انتقامية أو بهجمات لردع النظام عن استخدام المزيد من الأسلحة الكيميائية. ويمكن أيضا أن تستخدم القوة الجوية لاستهداف الطرق الأكثر كفاءة وفاعلية لدى النظام لإطلاق الأسلحة الكيميائية، مما يقلل من قدرة النظام على التسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا من خلال استخدام هذه الأسلحة.

    قبل كل شيء، من الضروري الإشارة  إلى أن كل هذه التدابير لتدخل جوي يمكن أن تؤدي إلى مزيد، من التورط العسكري الأميركي ، وأكثر امتداداً، في سوريا، لا سيما إذا كان هذا التدخل لم يحقق الأهداف الاستراتيجية الأولية. ويمكن أيضاً أن يؤدي إلى ردود تصعيدية خطيرة من جانب أطراف أخرى مثل روسيا. لذا، فإن توقع وتقييم الخطوات التالية المحتملة ما وراء التدخل الأولي أمر ينبغي أن يكون محور أي تخطيط استراتيجي لجهة استخدام القوة الجوية في سوريا.

    مقدمة

    بعد أكثر من عامين من بدء الصراع في سوريا، الذي يقدر بأنه أدى إلى مقتل أكثر من 100000 شخص ونتج عنه ما يقرب من مليوني لاجئ، لم تتدخل الولايات المتحدة وشركائها بطريقة حاسمة. هذا التردد يستند إلى عوامل عديدة، بما في ذلك السأم العام من الحرب، التحفظات حول عناصر المعارضة السورية، أسئلة حول الفعالية المحتملة للتدخل، ومخاوف من التصعيد. وإيجازاً منه بعدم وجود خيارات جذابة، أشار الرئيس باراك أوباما في مايو/ أيار 2013 قائلاً، " ليس هناك من صيغة سحرية للتعامل مع وضع العنف  والصعب غير العادي كالوضع السوري. لو كان هناك من صيغة... لكنت عملت بالفعل عليها، ولكان الأمر قد انتهى أساساً ".

    على الرغم من التعقيدات والمخاطر المرتبطة بالتدخل، فإن الاعتبارات الإنسانية والاستراتيجية تغذي النقاش السياسي حول ما يمكن للغرب القيام به لتحسين الوضع في سوريا عدا نشر جنود على الأرض. وقد اتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيين والشرق أوسطيين بالفعل سلسلة من التدابير تشمل فرض عقوبات على نظام بشار الأسد ، الاعتراف بالمعارضة السورية، تعزيز الدفاع الإقليمي، وإنشاء مناطق عازلة على الحدود السورية لاستقبال اللاجئين وتقديم المساعدات الإنسانية، وإرسال مساعدات  قاتلة وغير قاتلة للجيش السوري الحر . ومع تلك الأجزاء من أدوات الاستغلال إلى حد كبير إنما التي لا تبشر بوجود نهاية  للصراع في الأفق، هناك دعوات متزايدة لاستخدام القوة الجوية للتدخل العسكري المباشر. إن الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة الكيميائية جعل الدعوات للتدخل العسكري أكثر الحاحاً.

    إن مصطلحات النقاش تتطور بسرعة، إلا أن  ثلاث مقترحات، تحديداً، للتدخل الجوي ظهرت،  بشكل  بارز . المقترح الأول هو إقامة مناطق آمنة داخل سوريا بهدف وقاية المدنيين إزاء الاستخدام غير المميِّز للقوة من جانب النظام. المقترح الثاني هو إنشاء منطقة حظر جوي (NFZ) على أجزاء من سوريا أو كلها، والذي يقول مؤيدوه بأنه سيكون ذي فائدة مزدوجة وهي حماية المدنيين ومساعدة قوات المعارضة . أما الاقتراح  الثالث ، والأكثر حزماً، فهو ضرب كل من سلاح الجو والقوات البرية التابعة لنظام الأسد لتحويل الصراع لصالح المتمردين.

    هذه المقترحات مثيرة للجدل. فأنصار التدخل يسارعون الى الاستشهاد بالتطورات الأخيرة التي تشمل الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا، قتال حزب الله إلى جانب مع قوات الأسد، واستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية كدليل على الحاجة للقيام بعمل عسكري. رداً على ذلك، تحذر أصوات من وجود مستنقع، ومن تداعيات دولية للتدخل في مواجهة معارضة من روسيا والصين، إضافة إلى حضور بارز على نحو متزايد لتنظيم القاعدة- المقاتلين المنتمين لها ضمن صفوف المتمردين، والشقاق العام في أوساط المعارضة كأسباب للبقاء بعيداً عن التدخل العسكري.

    إن هذا التحليل لا يقول بالتدخل في سوريا او عكسه. بل يسعى إلى جعل القرارات السياسية على اطلاع من خلال تحديد احتمالات، متطلبات، ومخاطر خيارات القوة الجوية المختلفة بحيث يتم تقييم قرارات التدخل في سوريا على أساس الاعتبارات العملياتية والاستراتيجية الواقعية. مع ذلك، لا يقصد هذا التحليل الحلول محل التقييمات العملياتية التفصيلية المبنية على أساس معطيات ومعلومات استخباراتية دقيقة والتي، في حالة سوريا، غير متوفرة، وإلى حد كبير، خارج النطاق المصنف سرياً.

    الأهداف الاستراتيجية

    قد يسعى التدخل الجوي في سوريا إلى تحقيق هدف أو أكثر من مجموعة متنوعة من الأهداف. بعض هذه الأهداف سياسي بحت - غالباً ما تقوم الدول في جزء كبير من تصرفاتها بإرسال رسائل، للتعبير عن القلق أو امتعاضها بشأن الأحداث، أو لتحسين موقفها لدى الدوائر المحلية أو المجتمع  الدولي. في كل الأحوال، تبرز هنا ثلاثة أهداف عسكرية ملموسة محتملة لمثل هذه الحملة :

  • حماية المدنيين. إن الدافع الأكثر وضوحا للتدخل في الحرب الأهلية السورية سيكون الحد والتخفيف من ضحاياها الأبرياء. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد القتلى المدنيين بأكثر من ثلث مجموع الوفيات، حوالي 35000 شخص حتى تاريخه ، في حين تقول تقديرات الأمم المتحدة بأن الصراع قد أدى إلى تهجير 4250000 مليون شخص من منازلهم داخل سوريا، و1.9 مليون لاجئ في الخارج ، ما يعني أكثر من ربع من سكان سوريا.
  • الحد من الصراع أو احتوائه. بتداخله مع السعي لحماية المدنيين، يمكن أن يكون التدخل بدافع الرغبة في منع الحرب في سوريا من الانتشار إلى البلدان المجاورة نتيجة لتدفق اللاجئين أو منع الهجمات عبر الحدود من قبل القوات السورية أو احتواء تصعيد القتال ، تحديداً عن طريق منع أو وقف استخدام الأسلحة الكيميائية.
  • تغيير مسار الحرب. إن الهدف الأقصى سيكون تغيير مسار الحرب الأهلية إما عن طريق إحداث نصر عسكري للمتمردين أو، وهو الهدف الأقل طموحا، من خلال منع انتصار النظام السوري بأمل أن يوفر الجمود المجال السياسي الذي يمكن من خلاله التفاوض حول تسوية للصراع. في كل الأحوال، إن جعل انتصار المعارضة ممكناً يترك الباب مفتوحا أمام سؤال هو: ما هو نوع النظام الذي سيخلف الأسد، كما أنه قد يمهد الطريق أمام عمليات انتقام هائلة من العلويين وغيرهم من"الأقليات الاستراتيجية" التي يعتبرها العديد من العرب السنة في سوريا القاعدة السياسية للأسد .
  • هذا التصنيف يبسط مجموعة من المشاكل المعقدة جدا. في الواقع، إن التدخل قد يواصل العمل على عدة أهداف في آن واحد. على سبيل المثال، من المرجح أن تساهم منطقة حظر الطيران في حماية المدنيين وتغيير مجرى الحرب على حد سواء. وعلى العكس، يمكن متابعة أهداف معينة من خلال عدد من الإجراءات العسكرية البديلة. إذا كانت الأولوية هي لتغيير مسار الحرب لصالح المعارضة، فإن بإمكان واضعي السياسات إما تحييد استخدام النظام للقوة الجوية وإما إنشاء مناطق آمنة داخل سوريا توفر للمعارضة فرصة لالتقاط الانفاس إضافة إلى توفير مناطق يمكنهم من خلالها الانطلاق بعملياتهم. وبالمثل، بالإمكان مواصلة العمل على  هدف الحد من معاناة المدنيين، إما من خلال محاولة جلب خاتمة سريعة للحرب عن طريق انتصار أحد الجانبين أو من خلال خلق وضع يمكن التفاوض فيه حول تسوية للصراع. بالتالي، فإن سبب عدم حصول تدخل لا يؤشر  إلى ما الذي سوف يترتب عليه، أو ما ينبغي أن يترتب عليه. وهذا هو السؤال الذي سوف ننتقل إليه الآن.

    المشهد الاستراتيجي

    إن الجغرافيا والديموغرافيا هما محور التفكير بشأن التدخل في سوريا.  فالشعب السوري البالغ تعداده حوالي 22500000 نسمة يتركز في الجزء الغربي من البلاد، مع 35 في المئة منهم يعيشون في أكبر أربع مدن: حلب، دمشق، حمص، وحماة. أما الطائفة العلوية، التي يرتبط بها النظام بقوة، فلها جذورها في القسم الشمالي الغربي من البلاد، بالقرب من ساحل البحر المتوسط​​، في حين أن الغالبية العربية السنية، التي تستمد المعارضة قوتها منها بشدة، فيمكن العثور عليها في جميع أنحاء سورية (انظر الرسم 1). على الرغم من أن الاعتماد المفرط على منظور التركيبة العرقية والطائفية  ينطوي على مخاطر خلق صورة كاريكاتورية عن سوريا، هذا البلد الذي هو أكثر بكثير من مجرد مجموعة من الهويات البدائية المتنافسة ، فللصراع ديناميكية طائفية هامة  وقد أدى طابع القتال إلى شحذ هذه الانقسامات أكثر.

    يتشكل الصراع من العديد من الجبهات الممتدة الآن في معظم أنحاء البلاد. مع ذلك، فقد جرى أشرس وأعنف قتال على طول الممر الشمالي- الجنوبي الذي يربط دمشق بحمص ، حماه، إدلب، وحلب. أما فيما عدا تطويقه للمراكز السكانية الرئيسة، فإن لهذا الممر الاستراتيجي قيمة خاصة لأنه يربط مركز السلطة لنظام الأسد (دمشق) بقاعدته السياسية في شمال غرب البلاد. كما أنه يحوي طرق الإمداد المهمة التي يستخدمها كل من النظام والمعارضة  لنقل المعدات والمقاتلين إلى الجبهات.

    القوة الجوية والدفاعات الجوية السورية

    إن سلاح الجو العربي السوري (SAAF) وقوات الدفاع الجوي السوري كبيران من حيث العدد ولكنهما متفاوتان من حيث الحداثة والتطور، ولديهما، وعلى حد سواء، سجل قديم من الأداء المتواضع . ويشتمل مخزون سلاح الجو السوري على  أكثر من 350 طائرة مقاتلة ثابتة الجناحين، إلا أن الكثير منها قديم الطراز كما أن أداءها في الخدمة غير مؤكد. وتتواجد هذه الطائرات في عدد صغير نسبياً من القواعد المعرضة للهجوم، وقد استولت قوات المعارضة على العديد منها . إضافة إلى أن توافر الصيانة، تدريب الطيارين، وقطع الغيار هي أمور أدنى بكثير من تلك المتوافرة لدى الولايات المتحدة وحلفائها. وفي الحرب الأهلية، تم استخدام مقاتلات سلاح الجو السوري وطائرات الهليكوبتر منذ عام 2012 لمهاجمة السكان المدنيين في المناطق المعارِضة للنظام ولضرب قوات المعارضة (على الرغم من أن افتقار المقاتلات للدقة يحد من فعاليتها ضد أهداف عسكرية)، و تلعب طائرات الهليكوبتر وطائرات النقل التابعة لسلاح الجو السوري دوراً هاما في توفير الحركة والتنقل للقوات البرية السورية.

    أصبحت قدرات منظومة الدفاع الجوي المتكامل السوري (IADS) موضع جدل عام كبير في الآونة الأخيرة. فالمكونات الأساسية لنظام الدفاع الجوي المتكامل السوري هي الرادار ومنظومات صواريخ أرض- جو (SAM) التي تم تصنيعها في الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة وزوِّدت سوريا بها في السبعينات. وتم تحديث بعض صواريخ SAM السورية في وقت لاحق، ولكن لم تختار أي من روسيا أو الصين تزويد سوريا بأحدث المنظومات التي تستخدمها كل منهما بنفسها. إن الولايات المتحدة على دراية جدا بأنواع المعدات التي يشغلها السوريون، بعد أن حاربت المعارضين المسلحين بالمثل في العراق وصربيا، وهي تقوم بتدريب الطيارين الأميركيين بانتظام محاكاةً منها للتهديدات المتمثلة بهذه الأسلحة. وقد اخترقت إسرائيل هذه المنظومات سواء في ضربة عام 2007 ضد المفاعل السوري أم في ضربات يناير/ كانون الثاني  ومايو/ أيار 2013 ضد أسلحة متوجهة إلى حزب الله. وكانت الضربات الإسرائيلية عبارة عن هجمات معزولة ، وهي مهمات أسهل من الحفاظ على حملة التفوق الجوي، لكنها تؤكد على قابلية اختراق أنظمة الدفاع الجوي السوري.

     الرسم 1. توزيع المجموعات العرقية السورية

    ملاحظة: الخريطة لا تعكس الانقسامات العرقية المعقدة في المراكز السكانية الرئيسة.

    map1airstrikeonsyria_693

    يمكن اعتبار منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية بأنها مكونة من عنصرين: منظومات كبيرة وثابتة أساساً ، ومنظومات SAM  الأصغر حجماً والمتحركة مثل SA-6 وما تلاها، أي منظومتيْ SA-11 وSA-17 .  ومن شأن مكونات منظومة الدفاع الجوي المتكامل أن تدمَّر باكراً، وبسهولة كبيرة ، في حملة ضدها، عن طريق إطلاق صواريخ كروز من الجو و البحر. وإذا ما كان السوريون حكماء، كالمدافعين الجويين الصرب خلال حرب كوسوفو، فسوف يكونوا قادرين على إخفاء بعضاً من صواريخ سام المحمولة، مما يشكل تهديدا محتملاً للطائرات فوق سوريا لمدة أسابيع أو شهور إلى أن يتم أصطيادها واسقاطها أو تكشف عن نفسها عند الهجوم، لتستدعي بذلك  الضربات بواسطة الطائرات والصواريخ الأميركية. بناء على ذلك، سوف تكون الموجودات الدفاعية القمعية في مكانها لوقت طويل بعد موجة الهجمات الأولى ضد منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية.

    هذه المهمة ستقع بمعظمها على كاهل القوات الجوية الأميركية ( USAF) . وفي حين أن بعض حلفاء الولايات المتحدة لا يملكون سوى قدرات محدودة لقمع الدفاعات الجوية للعدو (SEAD)، فإن  المنظومات الأميركية الأكثر حداثة متفوقة، ويتم تدريب الطيارين  الأميركيين جيدا على استخدامها. وهذا يعني أنه سيكون على  القدرات الأميركية لسحق الدفاعات الجوية للعدو (SEAD ) أن تكون موظفة باستمرار على امتداد أي صراع . إن مهمة من نوع سحق الدفاعات الجوية للعدو (SEAD ) يمكن انجازها ومواصلتها بواسطة القوات الجوية الأميركية ( USAF)  والبحرية الأميركية ضمن هيكلية القوة الحالية؛ ففي ليبيا في عام 2011، اشتملت مهمة سحق الدفاعات الجوية للعدو ( SEAD ) في البداية على عدة مئات من صواريخ كروز وحوالي 175 ضربة جوية لكنها استمرت  بعد ذلك بواسطة عدد قليل جداً من الطائرات، وإن كان ذلك ضد تهديدات أضعف بكثير من جانب  الدفاعات الجوية.

    كانت هناك تقارير في الآونة الأخيرة تقول بأن روسيا ستبدأ بنقل منظومات صواريخ S-300  ( SA-10) الحديثة الطويلة المدى إلى سوريا. وهذه منظومات SAM ذات قدرة عالية وبإمكانها تدمير الطائرات الموجودة في عمق الأجواء التركية أو الإسرائيلية. بناء على ذلك، فإنها ستكون على رأس الأولويات للقضاء عليها في حملة جوية ضد منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية، كما أنها قد تتعرض لهجوم حتى قبل ذلك إذا ما قررت إسرائيل ضربها في وقت أبكر حتى قبل أن يتمكنوا من دمجها في الدفاعات الجوية السورية.  في كل الأحوال، إن مهاجمة  منظومة دفاع جوي متكامل تتضمن صواريخ SA-10S مهمة شاقة  محتملة حتى بالنسبة لقوة مهاجمة قادرة جداً. واعتمادا على كيفية تصميم  هذه الحملة، فإنها قد تنطوي على التزام كبير جدا بالأسلحة، ليس فقط في البداية وإنما أيضا على مدى حملة موسعة، بما أن المهاجمين والمدافعين، على حد سواء، يكيِّفون تكتيكاتهم وفقاً لها. ويعتمد الكثير من ذلك على كفاءة المقاتلين. ففي الماضي، كان العاملون في الدفاع الجوي السوري غير كفوئين بشكل لافت، وربما سيظلون كذلك في المستقبل، لكن هناك عنصر خطر ملازم ينبغي أخذه بالإعتبار في الحسابات الأميركية.

    يبدو أن روسيا تستخدم التهديد بتسليم هذه المنظومة كوسيلة لردع التدخل العسكري الغربي في سوريا. ففي الماضي، أطلقت تهديدات مماثلة بنقل منظومة صواريخ  S-300 لإيران من دون أن تنفذها. وقد أدرجت موسكو ، حتى الآن،  دعمها لدمشق استناداً إلى مستوى المساعدات التي يتم تزويد المعارضة بها من جانب البلدان الغربية .فإذا ما كثف المعسكر الموالي للمعارضة وصعَّد من دعمه للجيش السوري الحر، فإنه قد يجد نفسه في دينامية "العين بالعين والسن بالسن" الانتقامية التي سترد بها روسيا عن طريق تصعيد مستوى المساعدات التي تقدمها لنظام الأسد.

    القوة الجوية الغربية والقواعد العسكرية

    إن السؤال حول مَن هي البلدان التي سوف تشارك في التدخل الجوي في سوريا هو سؤال غامض، بطبيعة الحال. فمن دون مشاركة الولايات المتحدة حتى ، سوف يحقق ائتلاف من عدد من القوات الجوية الأخرى الأكبر حجماً في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تفوقا كبيراً على سلاح الجو السوري. مع ذلك، ولأن الناتو يعتمد اعتماداً كبيراً على الولايات المتحدة بسبب امتلاكها لعدد من قدرا"ت التمكين"، بما في ذلك منصات سحق الدفاعات الجوية للعدو(  SEAD)، صواريخ كروز بعيد المدى ، قوات البحث والانقاذ القتالية (CSAR) ، فإن مشاركة الولايات المتحدة في التحالف ضرورية لمعظم استراتيجيات التدخل. وإذا ما قررت الولايات المتحدة التدخل باستخدام سلاح الطيران، بما يتعدى الضربات العقابية المحدودة، فيبدو أنها سوف تعمل بالتنسيق مع عدد من الحلفاء على الأرجح، أعرب البعض منهم بالفعل، بما في ذلك تركيا، عن دعمهم لمثل هذا المجهود. ولعل قوة التدخل ستضم ،على الأرجح، وحدات كبيرة من الولايات المتحدة ومن القوات الجوية التركية، إلى جانب مساهمات أصغر حجماً من سلاح البحرية الأميركية، سلاح الجو الفرنسي،  وربما البحرية الفرنسية؛ أما بعض الدول العربية، مثل قطر، فقد تشارك أيضاً. كما أن تفويض الامم المتحدة بالتدخل سوف يزيد بالتأكيد من عدد الدول المهتمة بالمساهمة بالقوات، لكن يبدو أن مثل هذا التفويض مستبعد جدا في الوقت الحاضر، بالنظر إلى المعارضة الذي سيواجهه من جانب روسيا والصين في مجلس الأمن.

    إن القواعد الأكثر جاذبية للقوات الجوية الاميركية الموجودة على الأرض في مثل هذه العملية ستكون قاعدة "انجرليك" الجوية في جنوب تركيا وقاعدة"راف أكروتيري &&"ot; (  RAF Akrotiri)، وهي قاعدة بريطانية سيادية على الساحل الجنوبي لقبرص. وقد عمل السلاح الجوي الأميركي( USAF) من كلتا القاعدتين لسنوات عديدة، ولدى كل منهما مرافق حديثة، مدرج مناسب لتشغيل أكبر الطائرات حتى، إضافة إلى مناطق منحدرات كبيرة قادرة على استضافة مئات الطائرات إذا دعت الحاجة . كما أن كلا القاعدتين، على وجه الخصوص، قريبتين من المناطق ذات الأهمية خاصة في سوريا (انظر الرسم 2)، مما يتيح القيام بطلعات جوية لفترات قصيرة نسبياً لشن ضربات ويقلل من شرط الحصول على دعم ناقلات البترول للتزود بالوقود مقارنة بالعمليات لمسافات أطول. فأثناء التدخل في ليبيا عام 2011 ، كانت أقرب قواعد حلف شمال الأطلسي حتى ، في صقلية وكريت، تبعد أكثر من 300 كيلومتر عن أقرب هدف في ليبيا؛ إن قاعدتيْ انجرليك وأكروتيري أقرب بكثير إلى دمشق، وأقرب ،مع ذلك، إلى قاعدة قوة النظام في شمال غرب سوريا، مما سيكون عليه حال حاملة الطائرات العاملة في المنطقة الشرقية من البحر الأبيض المتوسط​​. وإذا كانت هناك حاجة لقواعد إضافية، تستطيع  تركيا توفير عدد من القواعد الجوية الكبرى التي تتميز بقربها إلى سوريا، وكذلك الأردن، في حين سيكون على الطائرات البعيدة المدى أن تعمل، على الأرجح، انطلاقا من قواعد حلف الناتو في أوروبا أو في قطر أو من أي مكان آخر في شبه الجزيرة العربية.

    مهمات سلاح الطيران

    ينبغي أن تستمد استراتيجية حملة ما، أولاً وقبل كل شيء ، من أهدافها، سواء العسكرية منها أوغير العسكرية. في كل الأحوال، إن التوقعات حول ما سوف يتحقق وما لن يكون قابلاً للتحقق، فضلاً عن التكاليف المحتملة، أمور تشكل أيضاً الخيارات بشأن الأهداف التي تستحق المتابعة. لذا، يركز التوازن الموجود في هذا التقرير على تقييم المكاسب والمخاطر المحتملة لخمس مهمات عسكرية قد تستدعي شروع القوات الجوية الأميركية والقوات المتحالفة بها عند التدخل في سوريا.  هذه المهمات العسكرية تختلف قليلاً عن تلك التي حددها رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، في رسالته في 19 يوليو/ تموز،2013 إلى عضو مجلس الشيوخ كارل ليفين والتي يوجز فيها الخيارات المتاحة للتدخل العسكري في سوريا. والجدير بالذكر، هو أن هذا التقرير لا يتناول التدريب، تقديم المشورة، ومهمة المساعدات الواردة في هذه الرسالة، نظراً إلى تركيزه على استخدام القوة الجوية. مع ذلك، ينظر هذا التقرير في خيار إضافي لا تنظر فيه رسالة لديمبسي : ضرب القوات البرية للاسد . وأخيرا، وفي حين تحاول كل من رسالة ديمبسي وهذا التقرير التقاط وفهم المخاطر المشتملة عند تنفيذ المهمات، فإن هذا التقرير يدفع بالتحليل خطوة أخرى إلى الأمام من خلال ربط كل مهمة من المهمات بالأهداف الاستراتيجية الأوسع المتعلقة بحماية المدنيين، والتي يشتمل عليها الصراع، إضافة إلى تغيير مسار الحرب (انظر الجدول 1).

     

    الجدول 1. موجز تقييمات للمهمات

     

    المهمة

    النهج

    الجهد المطلوب

    الفعالية

    القيمة

    ملاحظات

    منطقة حظر طيران

    في السماء

    متدن إلى معتدل اعتماداً على الشدة

    عالية

    هامشية بالنسبة للمدنيين، يمكن أن تكون أساسية للجيش الحر

    التزام محتمل لفترات مطولة

    مواجهة

    متدن

    محدودة

    محدودة

     

    تدمير سلاح الجو العربي السوري

    ---

    معتدل

    عالية

    ---

    ( انظر منطقة الحظر الجوي)

    تحييد منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية

     

    عال في البداية ثم متواضع

    عالية في مقابل مواقع ثابتة، منظومات SAM المتحركة أكثر مرونة

    تسهل مهمات أخرى

     

    حماية المناطق الآمنة

    محدود

    متدن إلى معتدل، متواصل

    تعتمد على درجة التهديد والتعاون مع القوات البرية

    تساعد على حماية عدد أكبر من المدنيين

    تنتطلب أمن فاعل على الأرض

    مكثف

    معتدل إلى عال، متواصل

     

     

     

    مهاجمة القوات البرية السورية

     

    اعتماداً على الظروف، مستوى الجهود، والتوازن بين النظام والمعارضة

     

    تعتمد على جدارة المعارضة

    جنباً إلى جنب مع الإغاثة والمساعدات

    منع استخدام الأسلحة الكيميائية

    نزع السلاح

    عال

    هامشية

    متدنية

    القوات البرية الضرورية لنزع أسلحة الدمار الشامل

    الردع

    يعتمد على الاهداف

    غير مؤكدة

    عالية إذا نجحت

     

  • كل الخيارات تنطوي على مخاطر التصعيد
  •                      

    الرسم 2. سوريا والمناطق المجاورة لها

    map2airstrikeonsyria_693

    الغاء سلاح الجو السوري

    إن المهمة المقترحة غالباً بالنسبة لسلاح الطيران الغربي في المناقشات حول التدخل في سوريا هو حرمان نظام الأسد من استخدام القوة الجوية كوسيلة لمهاجمة المدنيين السوريين وكأداة لدعم وتسهيل العمليات العسكرية ضد قوات المعارضة. وبالإمكان إنجاز المهمة بطريقتين.

    الطريقة الأولى وتتمثل في إنشاء منطقة حظرجوي ( NFZ) والمحافظة عليها لمنع سلاح الجو السوري من التحليق، أو على الأقل الاقتراب من المناطق التي قد تهاجم فيها قوات المتمردين أو أنصارهم، وذلك من خلال التهديد بإسقاط الطائرات التي تنتهك منطقة حظر محددة (والتي، إذا لم تشمل البلد بأكمله، فمن المرجح أن تشمل المجال الجوي فوق القواعد وحولها، وبالتالي تحرم طائراتها من الإقلاع). ولدى الولايات المتحدة وحلفائها بعض الخبرة في إدارة مثل هذه المهمات في منطقة البلقان والعراق في التسعينات. أما الخيار الثاني فهو، وببساطة، تدمير سلاح الجو السوري أو جعل قواعده غير قابلة للتشغيل، وبالتالي ابقاء الطائرات على الأرض من دون الحاجة إلى الاعتماد على التخويف لتحقيق النتيجة. كان هذا هو النهج المتبع في ليبيا في عام 2011، حيث توصلت ما يسمى بمنطقة الحظر الجوي ( NFZ) فعلا إلى تدمير سلاح الجو الليبي على الأرض في بداية العملية. أما في سوريا، فإن النهج الأخير سيكون أكثر حسما ويمكنه ، من نواح كثيرة، أن يكون أقل صعوبة من الأول ( ليبيا)، على الرغم من أنه قد يكون من الأصعب هنا حشد الدعم الدولي لمثل هذه الاستراتيجية التدميرية من دون قيد أو شرط.

    ما هو المطلوب؟

    إن الموارد المطلوبة اللازمة لمنطقة حظر جوي ستعتمد على مدى المنطقة المستثناة (وهنا سنفترض منطقة حظر على كل سوريا)، والأهم، ما إذا كان سلاح الجو السوري قد قرر تحدي القرار أو الخضوع له. في أي حال، تشتمل القوات المطلوبة على العناصر الخمس الرئيسة بالإضافة إلى القيادة والسيطرة، الاستخبارات، الاتصالات، وموارد أخرى ترتكز عليها أي حملة جوية:

  • مقاتلات لاعتراض الطائرات التي تنتهك منطقة الحظر الجوي ، وإذا لزم الأمر اسقاطها.
  • طائرات لسحق الدفاع وذلك لمهاجمة الدفاعات الجوية السورية حركياً أو الكترونياً إذا ما أطلقت نيرانها على دوريات منطقة الحظر الجوي (يمكن لبعض المقاتلات أن تؤدي المهمتين).
  • طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا وطائرات التحكم مثل Eطائرات أواكس E-3 ( نظام تحذير وتحكم محمول جوا) لرصد الأجواء السورية ( إلى جانب الرادارات الأرضية في البلدان المجاورة) وإدارة الدوريات.
  • ناقلات بترول لتزويد طائرات الدوريات وتلك التي تحوم بالوقود.
  • قوات البحث والانقاذ القتالية ( CSAR) لاسترداد الطاقم الجوي الذي تسقطه منطقة معادية.
  •  

    إن حجم قوة المقاتلات لسحق الدفاعات الجوية للعدو (  SEAD ) لمثل هذه العملية يعتمد على المدى الذي ستكون عليه  كثافة منطقة الحظر الجوي. وليكون هناك ثقة عالية بأن أي طائرة تنتهك منطقة الحظر الجوي (بما في ذلك المروحيات التي تقوم بتحليق قصير) سوف يتم اعتراضها فإن هذا قد يتطلب مدارات متعددة لمقاتلات الدورية في كل مرة، إلا أن جعل التحليق، وببساطة، اقتراحاً محفوفاً بالمخاطر من خلال وجود متقطع  أكثر قد يكون كافيا لردع سلاح الجو السوري عن الإقلاع. إن مراقبة نشاط الطائرات الثابتة الجناحينبواسطة طائرة واحدة من نوع " أواكس"تدور في الفلك الخارجي، إلى جانب الرادارات الأرضية في تركيا والأردن (على الرغم من أن الحفاظ على عدة مدارات لطائرة الأواكس فوق الأردن وتركيا سيكون أمراً أفضل للكشف عن عمليات تحليق لطائرات الهليكوبتر)، إلا أن من المرجح أن تصر الدول المشاركة  على أن يكون هناك حزم من طائرات الهليكوبتر سيزار والأفراد في حالة تأهب في تركيا والأردن وشرق البحر المتوسط ​​خلال القيام بمهمات فوق سورية.

    على الرغم من أن النقاش مؤخرا حول مناطق الحظر الجوي يشمل عادة تأكيدات بأن منطقة الحظر يجب أن تبدأ مع هجوم شامل ضد منظومة الدفاع الجوي السوري، فإن هذا ليس صحيحاً تماماً، كما يوضح مثال منطقة الحظر الجوي البوسنية. في كل الأحوال، ينبغي إدراج الحاجة إلى إطلاق مثل هذا الهجوم في التخطيط لمنطقة الحظر الجوي إذا ما تعرضت طائرات الدوريات إلى نيران الدفاعات الجوية السورية إلى حد يتعدى إمكانية التعامل معها من خلال الأعمال الانتقامية الأكثر محدودية . فضلاً عن ذلك، إن المهمات من نوع فرض منطقة حظر جوي  وإنفاذها  وحماية المناطق الآمنة سوف تكون أكثر وضوحاً بكثير وأقل خطورة إذا ما تم تحييد الدفاعات الجوية السورية بالفعل. ( نعالج حملة سحق الدفاعات الجوية السورية كمهمة مستقلة أدناه.)

    إن متطلبات القوة الأطول أجلاً للحفاظ على منطقة حظر جوي سوف تعتمد اعتماداً كبيراً على طابع الرد السوري . فعندما تبقى القوات الجوية المستهدفة بمعظمها على الأرض لتجنب التعرض للهجوم، يمكن لمناطق الحظر الجوي أن تطول لسنوات، مما يتطلب عمليات انتشار تناوبية مكلفة ومطولة للطائرات والتي لا يملك خلالها أطقم هذه الطائرات فرصة  كبيرة للمشاركة في التدرب على مهمات أخرى أكثر تحدياً. قد تكون مناطق الحظر الجوي على سوريا أقل إرهاقا، وهذا بديهي،  إذا ما  رفض سلاح الجو السوري هذا الردع له، مما يؤدي إلى إثارة تدخل القوى للقضاء على القوة الجوية لسوريا بشكل صريح.

    إن تدمير أو التسبب بعجز القوات الجوية السورية لا بد وأن يستتبع مهاجمة عدد صغير نسبياً من القواعد عن طريق ضرب المدارج وقدرات التزود بالوقود، وكذلك الطائرات المتوقفة في الملاجئ أو في العراء. وباستخدام صواريخ كروز وغيرها من أسلحة المواجهات، يمكن لهذا أن يتم من خارج المجال الجوي السوري، ما يجنب الحاجة إلى قمع منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية على نطاق كبير. ولأن إصلاح الأضرار اللاحقة بالمدارج وأسطح التشغيل الأخرى أمر واضح ومنطقي، فإن إعادة الضربات ستكون لازمة لضمان بقاء الطيران الحربي السوري على الارض، في حين أن المروحيات ستكون أهدافاً مغرية لهجوم مباشر. مع ذلك، فإن المستوى العام للجهد المطلوب المطلوب لن يكون كبيرا.

     

    ما الذي يمكن أن يتحقق؟

    إن منع سلاح الطيران السوري من التحليق سواء عن طريق الردع أو التدمير، سوف يؤدي بالطبع إلى حماية المدنيين السوريين من هجوم جوي. مع ذلك، إن الضربات الجوية لا تفسر سوى ما نسبته 10 في المئة فقط من الإصابات في صفوف المدنيين في سوريا، لذا من المنطقي التوقع أن يتطلب الحد ، وبشكل كبير، من معدل القتلى المدنيين الاعتماد أيضاً على إعاقة أو منع استخدام المدفعية والقوات البرية الأخرى ضد الشعب السوري (كما نوقش ذلك في أقسام لاحقة).

    ومن شأن منطقة حظر جوي فعالة أيضاً منع الهجمات الجوية لسلاح الجو السوري ضد قوى المعارضة، حرمان سلاح الجو السوري من فوائد وجود جسر جوي تكتيكي ، ومنع إعادة الإمداد الجوي للنظام من مصادر خارجية. هذا بالتأكيد سيكون مفيداً للجيش السوري الحر ضد قوات النظام؛ أما الأمر الأقل وضوحا مع ذلك، فهو ما إذا كان سيكون لهذا الشيء تغيير جذري في مسار الصراع، بما أن القوة القتالية للنظام تكمن بغالبيتها الساحقة في قواته البرية. فقبل موجة النجاحات الميدانية للنظام في المعارك التي خاضها والتي  بدأت في نيسان عام 2013، بدا أن التأثيرات الهامشية لإزالة سلاح الطيران السوري من الصراع  قد تكون كافية لترجيح كفة الميزان بشكل حاسم لصالح المعارضة. لكن، وحيث يبدو أن المد قد تحول وأصبح ضد الجيش السوري الحر، فإن قلب الأوضاع لجهة صعود الجيش السوري يتطلب، على الأرجح، هجمات ضد قواته، وكذلك ضد تلك التابعة لسلاح الجو السوري.

    ما هي المخاطر؟

    إذا ما تم الشروع بهذه الحملة مع حماية كافية لردع هجمات أرض- جو ضد دوريات الطائرات ، فسوف يكون الحفاظ على منطقة حظر جوي فوق سوريا اقتراحاً منخفض المخاطر نسبياً بالمصطلحات العسكرية. ففي أكثر من عامين من الدوريات في"عملية الحظر الجوي"، تم اسقاط طائرتين أميركيتين فقط  ( وتم انقاذ كلا الطياريْن)، ولم تُفقد أية طائرة أميركية خلال عمل معاد في مناطق الحظر الجوي العراقية (على الرغم من أن منظومة الدفاع الجوي المتكامل للعراق كانت قد دمرت خلال الحرب السابقة). إن فرض منطقة حظر جوي في سوريا من شأنه، بالتأكيد، أن ينطوي على مخاطر حقيقية  أكبر، لكن ليس هناك ما يدعو إلى التوقع بأن الدفاعات الجوية السورية ستكون قادرة على التسبب بخسائر فادحة لطائرات الدوريات - إذ من شأن  مستوى المقاومة المتواضعة إلى حد ما أن يستفز هجوماً واسع النطاق ضد الدفاعات الجوية السورية.

    بدلا من ذلك، سوف تبقى  مخاطر التدخل ضد سلاح الطيران السوري عند المستوى الاستراتيجي. إن إنشاء منطقة حظر جوي يمكن يؤدي إلى تورط مطوَّل في سوريا ، وبالتالي باهظ الثمن ، إذا كانت النتائج غير حاسمة، وكان ينبغي الحفاظ على وجود الدوريات لفترة تمتد أشهراً أو سنوات طالما أن الصراع مستمر. بدلا من ذلك، وإذا ما شرعت الولايات المتحدة وحلفائها بتدبير ما لالغاء سلاح الطيران السوري، لكن النظام ظل قادرا على الاستمرار بالحرب بنجاح، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ضغط كبير لتكثيف التدخل بدلا من الظهور بمظهر غير فعال . أما المخاطرة الأخيرة فستكون زيادة طرف ثالث مثل روسيا وإيران من الدعم لنظام الأسد رداً على مثل هذه العملية، وذلك عن طريق إرسال المزيد من الأسلحة المتطورة لدعم موقف النظام وفرصه على سبيل المثال. إن مثل هذا التصعيد رداً على زيادة التدخل الغربي في سوريا سيكون منسجماً تماماً مع السلوك الروسي في الماضي.

    تحييد الدفاعات الجوية السورية

    إن المهمة المحتملة الثانية سوف تكون بذل مجهود كبير لتحييد الدفاعات الجوية السورية (الذي سيشمل، كما هو مفترض أيضا ، تدمير سلاح الجو السوري على الأرض، كما نوقش سابقا). ويكاد يكون من المؤكد انجاز ذلك بالتزامن مع بعض المهمات الأخرى؛ على سبيل المثال، يمكن أن يكون رداً على مقاومة سورية كبيرة لمنطقة الحظر الجوي، أو قد يكون المرحلة الافتتاحية في حملة لتوفير الدعم الجوي لقوى المعارضة السورية أو الدفاع عن المناطق الآمنة.

    ما هو المطلوب؟

    إن من شأن حملة ضد الدفاعات الجوية السورية البدء بعملية جوية مكثفة لمهاجمة القواعد الجوية التابعة لسلاح الجو السوري والأهداف المرتبطة بمنظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية. وسوف تشتمل هذه العملية على عدة مئات من الضربات وعمليات طائرات سحق الدفاعات  ومئات صواريخ الكروز التي ستطلق من البحر والبر مدعومة بطائرات مأهولة وطائرات من دون طيار للرصد والاستطلاع ؛ قاذفات قنابل طويلة المدى؛ قوات بحث وانقاذ قتالية كبيرة ( CSAR) ، ومجموعة من محللي الاستخبارات، وغيرهم من الموظفين العاملين في التخطيط للحملة وإدارة مركز العمليات الجوية وغيرها من المواقع. كما أن الهجمات الإلكترونية "غير الحركية" والحرب الالكترونية قد تلعب أيضا دوراً رئيساً في تسهيل الحملة اعتمادا على تفاصيل حول قدرات الجانبين على حد سواء . وعقب الهجمات على القواعد الجوية وعلى العناصر الثابتة لمنظومة الدفاع الجوي المتكامل ( IADS ) خلال الأيام الأولى من الحملة، التي يجب ان تلبي درجة عالية من النجاح، سيتحول التركيز  أكثر إلى عملية تدريجية لاصطياد منظومات الدفاع الجوي المتحركة وحماية الطائرات التي تقوم بمهمات أخرى ضد التهديد المتبقي الذي تشكله هذه الأسلحة. وتقول تقديرات الجنرال ديمبسي بأن تحييد منظومة الدفاع الجوي المتكامل السورية (IADS ) قد يتطلب 700 طلعة جوية أو أكثر، وهو عدد يمكن لعدة مئات من الطائرات أن تنجزه في غضون أيام، إلى جانب ضرب حوالي 12 قاعدة من القواعد الجوية السورية. مع ذلك، وعملياً، فإن المجهود لقمع وتدمير منظومات صواريخ  SAM المتحركة سوف يستلزم فترات زمنية أطول بكثير، على افتراض أن مشغليها قد اتخذوا خطوات للحفاظ عليها في أماكن مبهمة وغير بارزة قدر الإمكان. أما الأمر الأكثر أهمية، فهي الحاجة إلى الاستعداد للتعامل مع التهديدات المتبقية لقدرات الدفاع الجوي والتي يمكن أن تضع حدوداً وقيوداً كبيرة على العمليات الجوية الاميركية خلال مدة الحملة، كما كان الحال في عدد من الصراعات في الماضي.

    وفي حين أن فرض منطقة حظر جوي على سوريا ستكون مَهَمة يمكن لشركاء الولايات المتحدة أخذها على عاتقهم بمشاركة أميركية ضئيلة أو معدومة، فإن القوات الاميركية ستكون ضرورية لجعل تحقيق النجاح بكلفة متدنية أمراً مرجحاً في حملة كبيرة ضد الدفاعات الجوية السورية.

     

    ما الذي يمكن أن يتحقق؟

    في حين أن قمع الدفاعات الجوية السورية أمر ممكن وينبغي أن يكون كذلك بعدد قليل نسبياً من الخسائر، فإنه سيكون من السذاجة الافتراض بأنه سيكون غير دموي بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها كما كانت ال

    موقع الخدمات البحثية