أوراق إستراتيجية » اغتيال قائد في قوات القدس الإيرانية في سوريا

اغتيل العميد حسن شاطري، وهو عضو في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي ، في سوريا يوم 13 فبراير/ شباط 2013. ويبدو أنه كان في حلب وقتل أثناء عودته عبر دمشق إلى بيروت. ويبدو أن من المرجح أن يكون قاتله عضوا في المعارضة السورية؛ فطهران على قناعة بأن القتلة كانوا يعملون بناءً على طلب من إسرائيل. إن الأدلة المتوفرة في هذا الوقت تشير إلى أن اغتياله يعكس تغيراً في استعداد إسرائيل لاستهداف المسؤولين الايرانيين الكبار جداً الذين هم داخل البلاد ويقدمون الدعم العسكري لنظام الأسد. إن مقتل شاطري تصعيد ملحوظ في التوترات الإقليمية التي من المرجح جداً أن تولد رداً انتقامياً إيرانياً.
إن رد كبار قادة إيران على مقتل شاطري توضح رتبة وأهمية هذه الشخصية، على حد سواء. فقد سلم اللواء قاسم سليماني، قائد قوة القدس ورئيس الاستراتيجية الإيرانية في سوريا، العراق، لبنان، والخليج الفارسي، نبأ وفاة شاطري، شخصياً، إلى أسرته وبكى في حفل تأبينه. ودعا المرشد الأعلى آية الله خامنئي أسرة شاطري إلى منزله لمواساتها. ويعتبر شاطري أرفع عضو معروف في قوات القدس يُقتل  خارج ايران في تاريخ المنظمة منذ ثلاثة عقود. وكان لديه صلات عميقة مع حزب الله اللبناني ومع شبكة ابراز القوة العالمية الإيرانية. إن موته يعتبر ضربة خطيرة لفيلق القدس، ويظهر حضوره نفسه في شمال سوريا عمق تورط إيران في هذا الصراع.
إن تفاصيل وفاته تعتبر هامة. ففي الساعات الأولى بعد وفاة شاطري، نشرت مصادر مقربة من السفارتين الإيرانيتين في بيروت ودمشق معلومات حول وجهة شاطري في سوريا وطريقة وفاته. هذه التفاصيل تمكننا من تحديد بعض الشبكات السرية الإيرانية التي تم إخفاؤها حتى الآن في لبنان، سوريا، العراق، وأفغانستان وأهدافها في هذه المواقع. كما أن ظروف وفاة شاطري تلقي الضوء أيضاً على استراتيجية ايران الحالية في سوريا، وكيف أن تلك الاستراتيجية تتناسب والعمليات العالمية  الأوسع نطاقاً لإيران.
أين كان شاطري في سوريا؟
إن تثبيت مكان شاطري في سوريا وتأكيد اغتياله أمر يتطلب تقييماً دقيقاً للمعلومات وللتضليل الذي ظهر حول وفاته. لقد كانت التقارير عن الحادث متناقضة، سواء تلك التي بين المصادر الغربية، الإيرانية ،الإسرائيلية، والسورية أو داخلها.
تشير المعلومات الأولى من مصادر إيرانية إلى أن شاطري قتل في عملية اغتيال استهدفته في مكان ما بين دمشق وبيروت بعد زيارته حلب. أما الرواية الإيرانية لاحقاً فقد حذفت زيارته إلى حلب، وأكدت أنه قتل، وببساطة، خارج دمشق. والتقت الرسائل الإيرانية مع رواية رسمية تفيد بأن شاطري قتل برصاص "أنصار ومرتزقة" إسرائيل أثناء تنقله بين دمشق وبيروت بعد أن سافر إلى سوريا لتفقد مشاريع إعادة الإعمار. وقد ذكرت المعارضة السورية إضافة إلى مصدر اسرائيلي بأنه قتل في 30 يناير/ كانون الثاني في الغارة الجوية الإسرائيلية على قافلة كانت تنقل صواريخ SA-17 المضادة للطائرات عبر الحدود اللبنانية.
في كل الأحوال، إن تقييماً للجدول الزمني للتقارير المرسلة عن هذا الحدث يشير إلى أن الحرس الثوري الإيراني كان يحاول  التراجع وتأطير بعض التفاصيل التي  تسربت في وقت مبكر، ولا سيما عن وجود شاطري في حلب.
وجاء التقرير الأولي في وقت مبكر من 13 فبراير/  شباط من وكالة أهل البيت العالمية للأنباء (ABNA). ولم يذكر هذا التقرير سوى أن شاطري قد قتل على يد "مرتزقة صهاينة ... خارج إيران"، وبأن سليماني قد أكد التقرير "منذ لحظات" وزار شخصيا أسرة شاطري". منذ ذلك الحين، أصبحت وكالة ABNA في الصدارة ويبدو بأن لها مساراً داخلياً حول تقرير شاطري. كانت وكالة ABNA أول موقع ينشر الصور عن جثمان شاطري وهو يدفن، وصوراً لشاطري مع المرشد الأعلى علي خامنئي قبل عام 2007، إضافة إلى صور شاطري مع الرئيس محمود أحمدي نجاد. إن وكالة ABNA هي وكالة ترسل التقاريرتعمل لصالح جمعية أهل البيت العالمية، برئاسة السفير السابق في سوريا، ولمرتين، (1986-1997 و 2005-2008) آية الله حسن أختري. كان أختري أيضاً منخرطاً في الوقوف إلى جانب حزب الله اللبناني في الثمانينات. لقد كان مشاركاً بعمق في الجهود الإيرانية لدعم حزب الله، كما أن الدور القيادي الذي اضطلعت به وكالة ABNA  في ارسال التقارير حول موت شاطري أخذ في حسابه التأكيد على مشاركة شاطري في الأنشطة الإيرانية مع حزب الله خلافا لمختلف المهمات الهامة الأخرى التي اضطلع بها شاطري خارج بلاد الشام.
قدمت التقارير التالية تفاصيل حول وجهة شاطري في سوريا. وأفاد مصدر لبناني بأن شاطري كان في حلب بغرض البحث في  "مشاريع البناء" وقتل في طريق عودته إلى لبنان. وأصدرت السفارة الايرانية في بيروت بياناً أعلنت فيه أن شاطري قد أُرسل إلى حلب " لتنفيذ مشاريع التنمية والبناء" وقتل وهو في طريقه إلى مطار دمشق.
وزعمت إحدى المصادر أيضاً بأن شاطري كان مسافراً مع اثنين آخرين لم يقتلا في الهجوم، وهذه حقيقة مهمة سوف تبحث لاحقاً.
إن الفكرة بأن قائداً رفيعاً جداً في قوات القدس قد ذهب إلى مدينة من المرجح أن تصبح قريباً تحت سيطرة المعارضة السورية من أجل النظر في مشاريع البناء أمر لا معنى له. ومن المرجح أنها تعكس موضوع غلاف انعكاسي متداول بناء على  الدور العلني العام  المعروف عن شاطري في الإشراف على إعادة إعمار جنوب لبنان بعد حرب عام 2006. وا يبدو أنه قد سبق وحدث لمسؤولين ايرانيين في لبنان، في الواقع، أن كانوا في أمس الحاجة لإخفاء وجود شاطري في حلب في حد ذاته بدلا مما كان يفعله ظاهريا هناك ربما.
استغرق وضع رد رسمي ورسالة ضبط النفس من جانب الحرس الثوري الإيراني 24 ساعة، ليقدم  رواية رسمية بديلة ذات أثر رجعي تتردد منذ ذلك الحين. وقال العميد رمضان شريف، نائب العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني من الصف الثاني ، للصحفيين في 14 فبراير/  شباط ان شاطري كان في سوريا بغرض " تنفيذ مشاريع البناء" و "استشهد على يد أنصار ومرتزقة النظام الصهيوني أثناء سفره بين دمشق وبيروت" . وأصبح بعدها بيان شريف الرواية الرسمية الايرانية.
وقال السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي لشبكة الأخبار العربية الرسمية التابعة للجمهورية الإسلامية  يوم 18 فبراير/ شباط  بأنه تم استهداف  حسام خوش نويس ( الاسم المستعار المستخدم لشاطري في لبنان) مباشرة من قبل أفراد مسلحين أثناء سفره من دمشق إلى بيروت ونحن نحقق في وفاته ... . وتعتبر ايران النظام الصهيوني  هي الجهة الفاعلة الأساسية في اغتيال شاطري ". ولم يتم ذكر حلب. ووصلت رسالة النظام الإيراني بضبط النفس أخيراً إلى بيروت.
ولم تجمع المعارضة السورية على رواية واحدة حول كيفية وفاة شاطري. وادعى أحد " قادة التمرد السوريين"، الذي لم يذكر اسمه، في 14 فبراير/ شباط الماضي بأن قواته قتلت مسؤولاً إيرانياً قرب الزبداني، وهي مدينة سورية شرق دمشق قرب الحدود مع لبنان، رغم أن هذا التقرير لم يتم تأكيده أبدا وهو نموذج عن مبالغات المعارضة السورية. مع ذلك، صرَّح متحدث باسم الجيش السوري الحر، في 14 فبراير/ شباط بأن شاطري قد قتل، في الواقع، في 30 يناير/ كانون الثاني في الغارة الجوية الإسرائيلية على قافلة في جمرايا  التي كانت تحمل  منظومات صواريخ SA-17 مضادة للطائرات متجهة الى لبنان. وصدر تقرير عن صحيفة صنداي تايمز البريطانية في 24 شباط يستشهد فيه بمصدر أمني اسرائيلي مجهول، يدعي أيضاً بأن شاطري قتل في تلك الضربة الجوية. ويؤكد المصدر أيضاً على أن شاطري كان فعلاً الهدف الرئيس، وأن إسرائيل لم تكن لتشن مثل هذا الهجوم الذي ينطوي على مخاطر عالية في الأجواء السورية ذات الدفاعات الشديدة لضرب قافلة أسلحة.
قد تكون إسرائيل تفضل، في الواقع، أن يعتقد العالم بأن شاطري قتل في الغارة الجوية على جمرايا في 30 يناير/ كانون الثاني. وربما المعارضة السورية كذلك. في الواقع، لطالما أعلنت إيران بأن المعارضة السورية تساعد إسرائيل على تحقيق أهدافها في المنطقة، وبالتالي، يجب على إيران دعم نظام الأسد من أجل تحصين "محور المقاومة" ومحاربة الكيان الصهيوني. إن المؤشرات أو حتى التساؤلات عن كون إسرائيل توفر التدريب أو المعلومات الاستخبارية للمتمردين السوريين في جهد مشترك لاغتيال مسؤولين إيرانيين وفي حزب الله الإيراني أمر يصب  مباشرة في الاستراتيجية الكلامية لإيران ويقوض روايات إسرائيل والجيش السوري على حد سواء.
كيفية موت شاطري
إن الأدلة المتاحة على موت شاطري لا تدعم مزاعم المعارضة الإسرائيلية أو السورية التي تقول بأنه توفي في الغارة الجوية. إذ أن صور جسد شاطري الموضوع في ضريحه في سمنان في إيران يوم 15 فبراير/ شباط لا تظهر أية علامات للحروق أو إصابات أخرى تدل على تعرضه غلارة جوية. على العكس من ذلك، فإن الجزء المرئي من وجه شاطري يبدو سليماً ورأسه معصوب بضمادات بشدة، مما يشير، بدلاً من ذلك، إلى أن شاطري قتلته رصاصة. (ascii85PDATE: صرَّح سهراب جعفري، "صديق وزميل" شاطري في 8 مارس/ آذار بأنه شاهد شاطري مصاباً بطلق ناري قبل الدفن). واقيمت جنازات للشاطري في طهران وسمنان في 14 و 15 فبراير/ شباط، على التوالي، وعرض خلاله رفات شاطري لكن في نعش مغلق.
رفض السفير الإيراني في لبنان ركن أبادي أيضاً المزاعم حول وفاة شاطري في غارة جوية، قائلاً:  "لقد نشر أولئك المسؤولون عن اغتيال شاطري تقارير متناقضة، وتشير بعض هذه الجماعات إلى أنه قتل خلال غارة للنظام الصهيوني في جمرايا.... هذه التقارير غير دقيقة على الاطلاق، خصوصاً ما نشره الجيش السوري الحر مدعيا أن خوش نويس قد قتل في منطقة جمرايا في غارة جوية اسرائيلية. لقد قتل شاطري في ريف دمشق .... النظام الصهيوني قتل خوش نويس باستخدام مرتزقته ". (ascii85PDATE:  ذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية في 2 أبريل/  نيسان  بأن شاطري قتل في كمين بين دمشق وبيروت في فبراير /شباط وبأن إسرائيل مسؤولة عن ذلك. ويزعم التقرير أيضا بأن شاطري اجتمع  بالعميد محمد رضا زاهدي القائد في قوات القدس التابع للحرس الثوري في دمشق قبل وفاته بفترة وجيزة).
يمكن للمرء القول بأن طهران تفضل الإنكار بأن شاطري كان مسافراً مع قافلة أسلحة متجهة إلى حزب الله اللبناني. لكن مكافحة هذه الحجة، في الواقع، هو السبب الأكثر إلحاحا للاعتقاد بأن النسخة الإيرانية عن الأحداث هي الأقرب إلى الحقيقة؛ إن الرواية الإيرانية الرسمية ، تحديداً، محل إشكالية بالنسبة لطهران أكثر بكثير من الرواية الإسرائيلية المصنفة. فالدعم الإيراني لحزب الله، وحتى التنسيق فيما بينهما في سوريا، ليس اكتشافاً مذهلاً. إن وجود ضابط كبير جداً في قوات القدس قرب حلب، المحاصرة من قبل المعارضة السورية، يثير عدة تساؤلات هامة حول النشاط السري الحالي في إيران في سوريا.
من كان حسن شاطري؟
ولد حسن شاطري في عام 1955 في سمنان، إيران، ودرس الهندسة المدنية قبل انضمامه إلى الحرس الثوري الإيراني بعد الثورة الإيرانية عام 1979. في عام 1980، تم ارساله الى سردشت، غرب أذربيجان، حيث شغل في البداية منصب رئيس الخدمات اللوجستية في الحرس الثوري الإيراني في المنطقة. وتمت ترقية شاطري فيما بعد لرئاسة مقر الحرس الثوري في سردشت ولاحقاً لرئاسة وحدة الهندسة القتالية في قاعدة حمزة سيد الشهداء ووحدة الهندسة في لواء صاحب الزمان. خلال هذا الوقت كان شاطري يعمل على تطوير القدرة على قيادة المنظمات شبه العسكرية المحلية. ووفقاً لرواية أحد الجنود الذين خدموا تحت يد شاطري في سردشت "، لقد كانت أخلاقه العالية التي اشتهر بها هي أكثر ما أثر في قلوب الجنود، وخاصة الجنود من السكان المحليين". وقال انه كان يخاطب الناس بإيمان قلبي، وبأن هناك القليل من الباسيج المحليين [ميليشيا المتطوعين] الذين لا يعرفون الحاج حسن أو ليس لديهم علاقات ودية معه". وكان من المرجح أن يستخدم شاطري  مثل هذه المواهب في عمليات مستقبلية.
شاطري في شبكة استعراض القوة العالمية الايرانية السرية
يدل تقييم الأنشطة الخارجية في مرحلة ما بعد الحرب لشاطري وشبكة المشغلين الخارجيين التي كان ينتمي إليها على أنه كان بعيدا عن كونه مجرد محاور بين إيران وحزب الله بحسب ما يبدو من إشارة وسائل الإعلام، بل كان شاطري مسؤولاً كبيراً ضمن شبكة استعراض القوة العالمية لإيران. ففي مرحلة ما بعد الحرب بين إيران والعراق، تخلى شاطري عن دوره في  الحرس الثوري المحلي وبدأ بالانتشار في الخارج. وأرسِل شاطري أولاً إلى أفغانستان حيث كان يعمل إلى جانب زعيم التحالف الشمالي أحمد شاه مسعود. وهناك القليل من المعلومات حول نشاط شاطري في أفغانستان. وتشير  التقارير المحدودة المتوفرة حالياً الى أنه كان في البلاد تحت ستار القيام بأنشطة إعادة الإعمار، وأنه غادر بعد وقت قصير من اغتيال أحمد شاه مسعود في عام 2001.
حسن شاطري في شبكة استعراض القوة العالمي لإيران
وفي مرحلة ما بعد مغادرته أفغانستان، انتقل شاطري إلى العراق. ولم نتمكن حتى الآن من تتبع تحركاته أو وصف أنشطته هناك، رغم أنه تجدر الإشارة إلى أن علي شيرازي، ممثل المرشد الأعلى لقوات القدس، هو المصدر الوحيد الذي قد ذكر أي شيء حتى الآن عن الوقت الذي أمضاه شاطري في العراق. وفي عام 2006، اختير شاطري لتأسيس وقيادة اللجنة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان (ICRL)، وهي منظمة أنشئت لإعادة إعمار جنوب لبنان في أعقاب حرب إسرائيل- حزب الله عام 2006. وفرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على شاطري وعلى الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان ( ICRL ) في آب 2010  بسبب " تقديم الموارد المالية والمادية، والدعم التكنولوجي إلى حزب الله اللبناني". أما في لبنان، فقدعمل شاطري سراً تحت اسم مستعار هو حسام خوش نويس ، لإخفاء هويته على ما يبدو حتى عن  عن وزارة الخزانة الأميركية، التي لم تورد اسم حسن شاطري من بين أسمائه المستعارة. ومن المرجح أن شاطري قد عمل أيضاً في أفغانستان والعراق تحت أسماء مستعارة مختلفة، مما يسهم في ندرة المعلومات عن أنشطته في هذين البلدين.
في حين أن ليس هناك الكثير من المعلومات المتوفرة حول الأنشطة السرية لشاطري، تقدم إحدى الروابط في شبكته  رؤية ما حول علاقة شاطري بأنشطة  قوات القدس وحزب الله. ويوصف  حسن حجازي، ممثل حزب الله في الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان ( ICRL )، في مقابلة حول شاطري بأنه أحد "أصحابه الثابتين" في لبنان. وعمل حجازي أيضاً لصالح "جهاد البناء"، وهي شركة مقاولات يديرها حزب الله اللبناني، يشرف عليها مجلس الشورى النافذ التابع لحزب الله، والممول جزئياً من قبل إيران.
ظهرت روابط إضافية بين شاطري وشبكة عرض القوة العالمية الايرانية في ارسال التقارير حول وفاة شاطري ومراسم الجنازة لاحقاً. أولا، لقد كان شاطري على علاقة وثيقة بقاسم سليماني قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري، وهذا واضح. وذكرت التقارير الأولى عن وفاة شاطري بأن سليماني زار عائلة شاطري لإطلاعهم على خبر وفاته وتقديم تعازيه. كما تم تصوير سليماني أيضاً وهو يبكي علناً في جنازة شاطري في طهران. هذه الزيارة الخاصة والمظاهر العاطفية تشير إلى أن سليماني كان قد أمر، شخصياً، شاطري بالشروع بمهمة ، أياً كانت، وذلك بأن أرسله إلى شمال سوريا ومن ثم إلى حتفه.
كاظم درابي يتحدث مع وزير الدفاع السابق وقائد  قوات القدس السابق أحمد وحيدي في مراسم جنازة شاطري في طهران، إيران، في 19 فبراير/ شباط 2013. ( المصدر: مهر)
ربما لا تكون  صلة شاطري بسليماني مفاجئة. إذ أن علاقة شاطري الوثيقة، بحسب الظاهر، بكاظم درابي، وهو عميل لدى وزارة الاستخبارات الإيرانية متورط في اغتيال  معارضين أكراد عام 1992 في برلين، ألمانيا، أمر جدير بالملاحظة أكثر. وقد حكمت السلطات الألمانية في عام 1996 على درابي وشريكه في التآمر اللبناني عباس حسين رحال، بالسجن مدى الحياة لدورهما في الهجوم؛ في كل الأحوال، تم إطلاق سراح درابي ورحال في عام 2007. وعاد درابي الى طهران بعد الإفراج عنه، لكنه ظهر لاحقاً في مقابلة مع التلفزيون الإيراني في لبنان. وتحدث درابي، الذي تم التعريف عنه بأنه "صديق وزميل" لشاطري، للصحفيين عنه يوم اغتياله. وشارك درابي بشكل بارز في جنازة شاطري في 14 و 15 فبراير/ شباط في طهران وسمنان، وفي احتفالين منفصلين في 21 فبراير / شباط  في طهران. كما حضر أيضاً إحدى هذه المراسم وخطب فيها ، وهو حدث صغير يشار إليه على أنه " زيارة لأصدقاء شاطري"، الشيخ نبيل قاووق، قيادي عسكري سابق لجنوب لبنان في حزب الله وعضو حالي في المجلسين التنفيذي والجهادي لحزب الله اللبناني.
كما أن المراسم  الأخرى في طهران  التي حضرها درابي حضرها أيضاً  حجة الإسلام علي رضا باناهيان. وباناهيان هو نائب رئيس " قاعدة عمار"، وهي مؤسسة بحثية داعمة للمرشد الأعلى في إيران، كما أنه ممثل خامنئي في الجامعات الإيرانية. وألقى باناهيان كلمة في جنازة شاطري في طهران وصف خلالها كيف التقى شاطري في لبنان في عام 2008، وكيف كان يسعى لرؤية شاطري كلما كان في لبنان. مع ذلك، فإن الأهم هنا هو أن باناهيان كان يشير إلى شاطري بأنه " لا يقل أهمية عن عماد مغنية"،  قائد العمليات الخارجية السابق في حزب الله والذي اغتيل في سوريا في عام 2008. وشوهد باناهيان أيضاً في صورة غير مؤرخة جنبا إلى جنب مع شاطري وكاظم درابي في حفل ازاحة الستار عن تمثال أحمد ماتوسليان في لبنان. وقد ترأس ماتوسليان لواء محمد رسول الله في الحرس الثوري الإسلامي في جهوده الرامية  إلى الوقوف إلى جانب حزب الله اللبناني في أوائل الثمانينات.
ويقدم الحضور اللافت  في الأحداث العديدة ذكرى وفاة شاطري مزيداً من الأدلة على مكانة  شاطري العالية في شبكة إبراز القوة العالمية الايرانية. وقد حضر والد عماد مغنية في 19 فبراير/ شباط مراسم الجنازة في طهران، واستقبل من قبل القائد السابق لقوات القدس ووزير الدفاع الحالي العميد أحمد وحيدي استقبالاً حاراً، وكان يجلس إلى جوار قائد الحرس الثوري اللواء جعفري. وقيل بأن ممثل المرشد الأعلى لقوات القدس علي شيرازي، محمد باقر ذو القدرالقائد السابق لـ " "قاعدة رمضان" التابعة لقوات القدس في الحرس الثوري الإسلامي ، وسعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي قد حضروا هذا الحدث أيضاً. وتتضمن الحضور المرموق لجنازة شاطري في سمنان اسماعيل جعاني نائب قائد قوات القدس العميد ، حجة الإسلام يوسف الطباطبائي ممثل المرشد الأعلى في جنوب لبنان ، وآية الله أختري رئيس جمعية أهل البيت العالمية المذكورة آنفاً، الذين حضروا الصلاة باعتبارهم ممثلين عن المرشد الأعلى.
كانت الإشارة الأخيرة عن مكانة شاطري النخبوية في الجمهورية الإسلامية رد فعل المرشد الأعلى على الأنباء. ووفقاً لممثل خامنئي في قوات القدس، علي شيرازي، فقد قال خامنئي بعد سماعه وفاة شاطري، "طوبى للحاج حسن شاطري، لقد كانت حياته في سبيل خدمة الدين، والثورة، وكان على خط الولاية، والإمام؛ لقد شرب في النهاية شراب الشهادة الحلو ورسم أفضل نهاية لحياته ". واستقبل خامنئي أيضا أسرة شاطري في منزله لتقديم تعازيه.
خريطة: المناطق التي سيحاول  نظام الاسد وفلوله الإمساك بها
مهمة شاطري في سوريا
لا يزال السؤال الأكبر والأكثر إلحاحاً: ماذا كان يفعل شاطري في سوريا؟ وبشكل أكثر تحديدا، ماذا كان شاطري يفعل في حلب؟ فهناك حالياً منافسة شديدة تجري في حلب يخوضها الثوار السوريين، ولا يمكن القول بأن المدينة تقع ضمن سيطرة نظام الأسد. فالطرق البرية داخل وخارج حلب غير آمنة أبدا. إن ارسال ضابط كبير جداً في قوات القدس إلى هذه يشير إلى أنه قد أرسل للقيام بمهمة حساسة ذات أهمية عالية. إن التكهنات بأن شاطري كان قد أرسل إلى سوريا للتنسيق مع قوات حزب الله اللبناني أو الإشراف على شحنة أسلحة لا تأخذ بالإعتبار مكانة شاطري الرفيعة. فمن غير المرجح أن يكون قاسم سليماني ،قائد قوات القدس، قد أرسل أحد كبار مساعديه إلى حلب في مهمة يمكن لقائد عمليات أقل مكانة أن يقوم بها.
هناك سيناريو آخر محتمل وهو أن شاطري قد أُرسل لقيادة مهمة تتعلق بأسلحة " السفير" الكيميائية ومنشأة الصواريخ السورية. وتقع منشأة " السفير" الكيميائية على بعد ثلاثين كيلومترا إلى الشرق من حلب و" تأوي قاعدة لصواريخ سكود، مخزن صواريخ، ومصنعاً لإنتاج الأسلحة الكيميائية، ومرافق تسلح واختبار". ومن المعروف عن المنشأة الوجود الإيراني في الموقع قبل اندلاع النزاع الحالي. فبحلول فبراير/   شباط كانت القاعدة عرضة لخطر الاجتياح. فقد استولى المتمردون السوريون على قاعدة " جرَّاح" العسكرية  التابعة لنظام الأسد في حلب في 12 فبراير/ شباط ، وسيطر هؤلاء على معظم " قاعدة 80 " في  13 فبراير/ شباط. إن قاعدة 80  هي مركز فوج الـ 80 التابع لنظام الأسد والمكلف بتأمين مطار حلب الدولي  ومطار النيرب العسكري القريبين. ربما تكون خسارة نظام الأسد لهذه القواعد، إلى جانب الهجوم الإسرائيلي الجريء على القافلة العسكرية لحزب الله اللبناني في يناير/ كانون الثاني، قد أجبرت إيران على تأمين و / أو تطهير منشأة " السفير "  قبل فقدانها امكانية الوصول إليها تماماً. ونظرا لتورط إيران في برامج الأسلحة الكيماوية والصواريخ الباليستية السورية، فمن المنطقي أن تكون طهران تريد استرداد المواد الحساسة أو تدميرها، وإزالة بقايا برنامج البحوث والتنمية هناك، وربما إغلاق المنشأة قبل فقدانها القدرة على الوصول إليها تماماً. إن خلفية شاطري كضابط تقني رفيع، وإلمامه بلبنان وصداقته مع نظام الأسد جعلت منه مرشحاً مثالياً للقيام بمثل هذه المهمة.
الخلاصة: الرصيد العالمي
غاب عن وسائل الاعلام الغربية أهمية اغتيال شاطري. إن التقارير الواردة حول وفاته تسلط الضوء على نشاطاته في لبنان، وذلك لأنه قد تم تعيينه هناك في الآونة الأخيرة ونظراً لمكان وطريقة وفاته، على حد سواء. لكن شاطري لم يكن مجرد داعم ومعيد لبناء حزب الله في لبنان. بل كان عميلاً سرياً رفيعاً لقوات القدس والذي تراوحت تعييناته ما بين "هندو كوش " مروراً ببلاد ما بين النهرين  وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط . إن تورطه في الصراع السوري إشارة أخرى على عمق التزام إيران بمصالحها في سوريا والأهمية الاستراتيجية الكبرى التي تلقيها على ذلك الصراع. كما يثير وجود شاطري في سوريا تساؤلات أوسع أيضاً حول كيفية تناسب سورية ضمن استراتيجية إبراز القوة العالمية الايرانية. وهناك ورقة مقبلة نشرها تقرير "مشروع التهديدات الحرجة" الصادر عن مركز "AEI " و "معهد  دراسات الحرب " تعالج عمق التورط الإيراني في سوريا والصعوبات التي يواجهها النظام السوري وآثارها على الاستراتيجية الإقليمية والعالمية الإيرانية.
(*) ترجمة: إيمان سويد ـ خاص موقع مجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية