صوفيا ــ جورج حداد(*)
تتضح أكثر فأكثر طبيعة الازمة اللبنانية الراهنة بأنها ــ في المفهوم السياسي الكلاسيكي: أزمة ثورية عميقة؛ أي أزمة وجود للنظام السياسي او نظام الدولة القائم...
فلا الحاكمون عادوا قادرين على الحكم كما في السابق، الى درجة ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بموجب الدستور الكياني الطائفي القائم، او حتى عقد جلسات لمجلس النواب لاجل الانتخاب، اصبح يشكل "مشكلة دولية".
ولا المحكومون عادوا قادرين على العيش كما في السابق، الى درجة ان التلامذة لم يعودوا قادرين على الذهاب الى المدرسة، والعمال والموظفين لم يعودوا قادرين على الذهاب الى مؤسساتهم واشغالهم، لانهم اصبحوا لا يمتلكون حتى اجرة المواصلات.
وبهذه الصفة الوجودية الراديكالية للازمة، فإن حلها لم يعد من الممكن ان يكون حلا "اصلاحيا"، ترميميا، "تفاهميا" (على غرار "اتفاق الطائف")، بل يتحتم ان يكون حلا "ثوريا"، جذريا، لاسس النظام السياسي اللبناني، او اسس وجود الدولة اللبنانية.
وهذا بالطبع لن يتم عن طريق "وفاق وطني ــ طائفي" عام، لان "الوفاق الطائفي" في لبنان قد مات الى الابد، ودفن بأيدي اربابه انفسهم. كما لم يعد بالامكان ان يأتي الحل عن طريق نسخة مكررة عن "مسرحية ثورة" 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، التي اخرجها وكر السفارة الاميركية في عوكر؛ فهذه المسرحية قد فشلت في عرضها الاول. والمسرحية الفاشلة لا تتكرر، لان "الجمهور" الذي لم يخدع في العرض الاول، لن يخدع في اي عرض لاحق، ولان المخرجين والممثلين "المحترقين" ما زالوا هم انفسهم على خشبة المسرح.
***
ولكن أرباب النظام الطائفي اللبناني ورموزه "غير مستعجلين" في ايجاد حلول حتى ترقيعية للازمة اللبنانية. وهم ينتظرون ان ترفع المقاومة الاعلام البيضاء وتستسلم.
وان غلاة الطائفية للمارونية السياسية، المنوط بها قرار اختيار مرشح او اكثر لرئاسة الجمهورية، يرفضون حتى فكرة "الحوار" التي اطلقها رئيس مجلس النواب، لاجل الاتفاق على انتخاب رئيس جديد. مما يتيح الاستنتاج انه يوجد قرار من "الغرفة السوداء" التي تدير هذا الكيان يقضي بتعطيل او الاصح نسف النظام الكياني الطائفي القائم، بدءا من رأسه.
وفي هذا السياق يقول بعض المحللين انه اذا فشلت المارونية السياسية في تقديم مرشح للرئاسة، توافق عليه المكونات الطائفية الرئيسية الاخرى، فإنه من المرجح ان يدخل الجنرال ميشال عون التاريخ بوصفه آخر رئيس ماروني للجمهورية اللبنانية.
وتتمظهر الازمة الكيانية اللبنانية في سلسلة مترابطة من الاحداث الامنية، والمظاهرات، والاضرابات، والاعتصامات السياسية، والازمات القضائية والاجتماعية والمعيشية، كان منها حادثة شويا التي افتعلها بعض عملاء "اسرائيل" المتسترين بالطائفية الدرزية المذعورة والمتذبذبة، وكمين خلدة الذي نفذه بعض القتلة المأجورين من الدواعش المتسترين بالصيغ التكفيرية للدين الاسلامي، والمتجلببين بعباءة عشائر "عرب المسلخ" النازحين الى خلدة، ومجزرة الطيونة التي نفذها عملاء الموساد القدماء الذين يحتمون ببطاقة حزب "القوات اللبنانية" العميل الذي يتاجر بالمسيحيين وبـ"السيادة" اللبنانية.
وفي رأينا المتواضع ان جميع تمظهرات الازمة الكيانية اللبنانية، التي حدثت الى الان، والتي يحضّر لها لاحقا، يمكن ادراجها ضمن ثلاث حلقات رئيسية هي:
1ــ الحلقة السياسية ــ الطائفية.
2ــ الحلقة الطبقية ــ الاجتماعية (المالية ــ الاقتصادية ــ المعيشية ــ الصحية ــ التربوية ــ القضائية الخ).
3ــ الحلقة الوطنية (المواجهة مع "اسرائيل" والامبريالية والاعداء الخارجيين للشعب اللبناني).
وطبعا ان هذه الحلقات هي متداخلة بعضها مع بعض، الا انه ينبغي تناولها ومناقشتها، مجتمعة، ومنفصلة، بشكل علمي تحليلي ــ تشريحي، تاريخي.
***
ونحاول في هذه السطور تناول الحلقة الاولى، اي الحلقة الطائفية للازمة الوجودية للنظام الكياني اللبناني:
في 1920 انشأ المستعمرون الفرنسيون، المحتلون الجدد بقيادة الجنرال هنري غورو، نظام الدولة اللبنانية، كنظام سياسي طائفي موال للغرب الاستعماري، ويقوم على اساس المحاصصة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين (بنسبة 6\5). ولكن ضمن هذا العنوان العريض للمحاصصة الطائفية، كان يوجد اربعة تفاصيل مهمة للغاية وهي:
الاول ــ منذ اليوم الاول لانشائه أعطي كيان الدولة اللبنانية طابع صفقة سياسية مارونية (تمثل كل المسيحيين!) ــ سنية (تمثل كل المسلمين!).
الثاني ــ تغليب هيمنة "المارونية السياسية" على نظام الدولة، لتوَفّر امكانية استغلال العلاقة الكنسية والمذهبية مع الغرب "المسيحي"، لتضليل الجماهير الشعبية المسيحية عامة والمارونية خاصة.
الثالث ــ إعطاء مركز ممتاز للسنية السياسية في النظام الطائفي اللبناني، لان الغرب الاستعماري، ومنذ ايام الصليبيين، يحتفظ بذكريات "جميلة" عن القائد الاسلامي السني الكردي صلاح الدين الايوبي، الذي تعامل بـ"فروسية" وتسامح مع البارونات والامراء الصليبيين لدى استرجاع القدس، إذ تركهم يخرجون بكل ما كانوا يمتلكونه من كنوز وأموال منقولة، ثم وقع مع الملك الصليبي الانكليزي ريتشارد قلب الاسد في حزيران/ يونيو 1192 "معاهدة الرملة"، التي تنص على إبقاء الساحل من صور إلى يافا بيد الصليبيين. في حين ان هذا "الفارس النبيل المتسامح!" مع الامراء والقادة الصليبيين، كان له وجه آخر كجزار متوحش، طائفي وعنصري، اباد جميع الفاطميين ابادة كاملة بمن في ذلك الاطفال الرضع، وفتك بعدد يتراوح بين 50 و250 الف مصري ونوبي وسوداني حسب مختلف المصادر التاريخية، ومنع تنسيب العرب الى جيش الدولة الاسلامية التي كان العرب بالذات هم من اسسها فتحولت الى اداة لقمعهم وظلمهم واستغلالهم واستعبادهم على ايدي السلاجقة والزنكيين والاكراد والمماليك والعثمانيين، "المسلمين!" طبعا (وهو ما يتناساه عن عمد انصار جمال عبدالناصر حسين الذي اوعز في خمسينات القرن الماضي بانتاج فيلم "الناصر صلاح الدين" القائم على المغالطات والاكاذيب التاريخية). كما ان المستعمرين الغربيين والمتمولين اليهود يمتلكون تجربة طويلة في التعاون مع السلاطين والباشوات والولاة السنة في عهد السلطنة العثمانية عامة، وبعد انشاء "ولاية بيروت" العثمانية خاصة، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
والرابع ــ الاستمرار في تهميش الطائفة الشيعية (بما في ذلك الشرائح المتنفذة فيها)، وهو النهج السلطوي الذي كان سائدا في المنطقة، منذ ايام الايوبيين حتى اخر يوم من الايام السوداء للعهد التركي.
***
وبعد تأسيس "دولة لبنان الكبير" أو ما سمي لاحقا "الجمهورية اللبنانية"، مرت أحداث وتغييرات كبرى، لبنانيا واقليميا ودوليا، من أهمها:
ــ الثورة السورية الكبرى التي امتدت الى بعض المناطق "اللبنانية"؛
ــ الحرب العالمية الثانية؛
ــ المسرحية الانكليزية لـ"استقلال لبنان" في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1943، وجلاء الجيوش الفرنسية في 1946؛
ــ تحول لبنان من تحت مظلة النفوذ الفرنسية، الى الانكليزية، واخيرا الى الاميركية؛
ــ قيام "اسرائيل" على الحدود اللبنانية؛
ــ بداية عصر النفط العربي وتحول مشيخات النفط الى مركز استقطاب عربي ــ اسلامي؛
ــ الهبة الشعبية اللبنانية ضد عهد كميل شمعون سنة 1958، برعاية النظام البوليسي والدكتاتوري الناصري، وبرضا ضمني اميركي؛
ــ وانطلاق العمل الفدائي الفلسطيني في الدول المحيطة بــ"اسرائيل" ومنها لبنان سنة 1965، وذلك بمبادرة سعودية كانت تهدف، من جهة، الى "القوطبة" على المد الناصري والوقوف بوجهه، ومن جهة ثانية: الحد من سياسة التوسع الاسرائيلية ومساومة الصهيونية العالمية على ايجاد "حل مقبول" للقضية الفلسطينية.
ورغم كل ذلك فإن النظام الطائفي اللبناني، بهيمنة المارونية السياسية والوضع المميز للسنية السياسية، ظل صامدا بدون اي تغيير جوهري.
ولكن في الستينات من القرن الماضي حدث تغييران هامان على الساحة اللبنانية:
اولا ــ نمو حركة النضالات الشعبية المطلبية والديموقراطية والوطنية (المؤيدة للمقاومة الفلسطينية). وكانت القاعدة الجماهيرية الاوسع لتلك الحركة تتمثل في الاغلب في المناطق الشعبية الشيعية (خصوصا ما سمي "حزام البؤس" في محيط بيروت، بالاضافة الى الجنوب والبقاع). وقد تبوتقت تلك الحركة في اطارين منظمين هما:
أ ــ الحركة الوطنية اللبنانية ذات الطابع السياسي المدني بقيادة كمال جنبلاط؛
ب ــ وحركة المحرومين ــ افواج المقاومة اللبنانية (امل)، ذات الطابع السياسي ــ المذهبي الشيعي، بقيادة الامام السيد موسى الصدر، التي انبثق منها لاحقا "حزب الله".
ثانيا ــ والتغيير الهام الثاني تمثل في: تدفق الودائع النفطية العربية في البنوك اللبنانية، بعد اقرار قانون "السرية المصرفية" في 1956 بمبادرة من المرحوم ريمون ادة احد ابرز رموز المارونية السياسية. وهو ما صب في مصلحة البرجوازية السنية بالدرجة الاولى وعزز موقع السنية السياسية في التركيبة الطائفية اللبنانية.
وهذا كله ادى الى زعزعة اسس النظام الطائفي، القائم على اعطاء الدور الاولي للمارونية السياسية، واسهم في انفجار الحرب اللبنانية في نيسان/ أبريل 1975.
وقد دافعت المارونية السياسية باستماتة عن مواقعها، واتخذت موقع خط الدفاع الاول عن النظام الطائفي القائم.
وللوقوف بوجه اي تغيير وطني دمقراطي حقيقي في النظام اللبناني، وبالتواطؤ الضمني والمكشوف بين المارونية السياسية والسنية السياسية، تم استدعاء تدخل "نظام الانظمة العربية" لضرب التوجه الديموقراطي الوطني المعادي للغرب الاستعماري ولـ"اسرائيل" وللسلطة الطائفية اللبنانية العميلة. ودخلت "قوات الردع العربية" الى لبنان في 1976، وقامت بالدور الحاسم في طعن الحركة الوطنية اللبنانية في ظهرها، وقصف مخيم تل الزعتر الفلسطيني بالدبابات والمدفعية والراجمات العربية "الشقيقة"، وفتح الطريق امام عصابات "حزب الكتائب" و"حراس الارز" و"القوات اللبنانية" وغيرها، العميلة، لاقتحام المخيم وارتكاب المجزرة ضد أهاليه المدنيين، ومن ثم اسقاط الاحياء الشعبية الاسلامية (ذات الاكثرية الشيعية): النبعة وبرج حمود والمسلخ والكرنتينا وحاجين وشرشبوك، الواقعة في المنطقة "الشرقية" لبيروت، وتسليمها لـ"القوات اللبنانية"، التي قامت بمهمة ذبح وتشريد اهل تلك المناطق المنكوبة (نشرت الصحف الغربية ذاتها صور مقاتلي "القوات اللبنانية" وهم يتحلقون حول كومة من الجثث التي اشعلت فيها النار في احد شوارع المسلخ او الكرنتينا واحدهم يعزف على الغيتار). وتوج نظام "الانظمة العربية" مساعدته "الاخوية" لـ"لبنان الشقيق" بإغتيال المعلم كمال جنبلاط، والتواطؤ لخطف وتغييب الامام السيد موسى الصدر، بهدف "قطع رأس" الحركة الوطنية اللبنانية بجناحيها المدني السياسي والشيعي السياسي.
وهكذا نجحت المارونية السياسية والسنية السياسية في الاحتفاظ بالنظام الطائفي القائم.
ولكن كل ذلك ادى الى نتائج عكسية، تبدت في تعزيز التوجه الوطني لدى الجماهير الشعبية اللبنانية عامة، والاسلامية خاصة، وبالاخص الجماهير الشعبية الشيعية.
وايغالا في الدفاع عن مواقعها الطائفية في النظام القائم، تواطأت المارونية السياسية مع الاحتلال الاسرائيلي للبنان في 1982، الذي قام بايصال بشير الجميل ثم امين الجميل الى سدة الرئاسة، بالدبابة الاسرائيلية.
وكان بشير الجميل يحمل مشروع انشاء "وطن قومي مسيحي ــ لبناني"، على الطريقة الصهيونية، يكون ندا وحليفا لـ"اسرائيل"، ومعاديا للشعب الفلسطيني وللقومية العربية وحركة التحرر الوطني العربية، وقاعدة عسكرية ــ سياسية للامبريالية الاميركية وحلف الناتو. ولكن هذا المشروع دفن مع بشير الجميل.
اما امين الجميل فكان اكثر "تواضعا" و"واقعية" من اخيه بشير، ويطمح الى تحويل لبنان الى "محمية اسرائيلية" مميزة ذات "استقلال ذاتي"، وعلى علاقة وثيقة مع "عرب السلام" مع "اسرائيل".
وفي عهد امين الجميل وضعت اتفاقية العار في 17 ايار/ مايو 1983، الهادفة الى تحويل لبنان لـ"محمية اسرائيلية"، وصادق مجلس الوزراء برئاسة شفيق الوزان على الاتفاقية، كما صادق عليها مجلس النواب باستثناء النائبين الوطنيين نجاح واكيم وزاهر الخطيب.
وووجهت اتفاقية 17 ايار/ مايو بمقاومة شعبية عارمة، مما اجبر مجلس النواب على الغائها في آذار/ مارس 1984. واعتبر ذلك فشلا ذريعا للسياسة الاميركية ــ السعودية، وللاحتلال الاسرائيلي، في لبنان.
وفي معركة اسقاط اتفاقية 17 ايار/ مايو، وبالمعايير الطائفية الضيقة، برزت في لبنان ثلاث "ظاهرات طائفية" هي:
ــ الانحياز المفضوح للمارونية السياسية الى جانب "اسرائيل"؛
ــ الموقف اللاوطني والخياني فعلا، والمتلون والمتذبذب والمتقلب شكلا، للسنية السياسية؛
ــ والمعارضة الشديدة لـ"اسرائيل" من قبل المؤسسة الطائفية ــ الدينية ذاتها للشيعية السياسية، وبداية ظهور ملامح مفهوم "الطائفة الوطنية" لدى الطائفة الشيعية، وهو مفهوم طرحه امين عام "منظمة العمل الشيوعي" المرحوم محسن ابرهيم، قي تسعينات القرن الماضي، وهو مفهوم يتداخل فيه الالتزام الطائفي ــ الديني بالالتزام الوطني. وهذا ما سيسبب لاحقا ارباكا غير معهود للنظام الطائفي اللبناني. حيث ان الطائفة الشيعية، التي هي، كطائفة، جزء اساسي من النظام الطائفي القائم، سارت في نهج سياسي ــ ستراتيجي عام، معاكس لنهج النظام الطائفي القائم.
وبالرغم من ظهور التيار العوني الوسطي في البيئة المسيحية والمارونية، فإن المارونية السياسية تابعت حرب تدمير لبنان دفاعا عن مواقعها.
وبعد سقوط مئات الوف القتلى والجرحى والمعاقين، والتهجير الدائم والمؤقت لاكثر من نصف تعداد الشعب اللبناني، والتدمير الهائل للبنى التحتية والمدن والقرى اللبنانية، عقد اجتماع الطائف في المملكة السعودية وبرعايتها، واسفر عن اتفاقية الطائف التي اقرت في ايلول/ سبتمبر 1989 واعلنت فيها نهاية "حرب الاخوة" اللبنانية.
وبهذا الثمن الانساني والاقتصادي الباهظ جرى اول تعديل جوهري على النظام الطائفي اللبناني الذي استمر منذ 1920. وبموجب هذا التعديل اصبحت نسبة المحاصصة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين 5\5 بدلا من 6\5، وتم تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني وزيادة صلاحيات رئيس الوزراء السني. ومع الاحتفاظ بمركز رئاسة مجلس النواب للطائفة الشيعية، وحصتها الوزارية والوظائفية، الا انه صار ينظر للمؤسسة الطائفية الشيعية، وللطائفة الشيعية ككل، بـ"العين الحمراء" وكشريك "مختلف"، بسبب الالتزام الديني ــ الطائفي الشيعي بالخط الوطني المقاوم، المعادي لـ"اسرائيل" والامبريالية الاميركية. وهو ما يتعارض مع التوجه الجيوستراتيجي العام للنظام اللبناني الموالي تقليديا وبنويا للغرب الامبريالي، ولا يدخل في المنظومة المفاهيمية للمارونية السياسية والسنية السياسية، المرتبطتين تاريخيا، عقائديا ومصلحيا، مباشرة بالامبريالية الغربية و"اسرائيل" بالنسبة للمارونية السياسية، او مداورة عبر الارتباط بالنظام السعودي، الركيزة الاولى للامبريالية الاميركية واليهودية العالمية في العالمين العربي والاسلامي، بالنسبة للسنية السياسية.
وبعد مصادقة مجلس النواب اللبناني على اتفاقية الطائف، فإن الحريرية، المالية ــ السياسية، بوصفها الممثل الابرز للسنية السياسية المرتبطة بالسعودية، انقضت كالجوارح على لبنان الجريح. ومنذ بداية التسعينات من القرن الماضي وحتى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، بدأ سباق محموم بين المارونية السياسية والسنية السياسية لاكل الاخضر واليابس في "المزرعة اللبنانية"، وعم الفساد والرشوات والصفقات المشبوهة والاحتكارات ونهب القطاع العام وسرقة اموال المودعين وإغراق البلاد بالديون وتقويض العملة الوطنية وربطها بالدولار، الى اخر اللائحة السوداء. وكان الهدف من كل ذلك وضع لبنان دولةً وشعبا تحت الوصاية الامبريالية الاميركية ــ السعودية، في الواجهة، وال"اسرائيل"ية في الخلفية، ودفعه لعقد "اتفاقية كامب دايفيد لبنانية" مقابل الانسحاب الاسرائيلي من لبنان و"السلام" مع "اسرائيل".
وحينما فشل هذا المخطط، اعطيت اشارة الانطلاق لحرب تجويع الشعب اللبناني، انطلاقا من مسرحية "ثورة 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019"، واستقالة وزارة سعد الحريري بالريموت كونترول.
والان يقف النظام الطائفي اللبناني امام مأزق وجودي ثلاثي الابعاد:
ـــ فلم يعد من الممكن الاستمرار بما هو قائم؛
ـــ ولا يمكن العودة الى ما قبل الطائف؛
ـــ ولا قدرة للمارونية السياسية والسنية السياسية على طرح اي بديل اخر لتجديد النظام، بما في ذلك عجزهما عن اشعال حرب اهلية جديدة. ويظهر هذا العجز بصورة كاريكاتورية خاصة في النحيب والنعيب الدائمين للطابور الخامس اللبناني (الماروني السياسي ــ السني السياسي ــ الدرزي السياسي) حول احداث 7 ايار/ مايو 2008، التي خنقت في المهد مؤامرة 5 ايار/ مايو 2008 التي كانت تهدف الى "تشليع" المقاومة بقيادة حزب الله وبيئتها الشعبية الحاضنة، واثارة الفتنة المذهبية والطائفية، واستدعاء قوات الحلف الاطلسي و"اسرائيل" و"نظام الانظمة العربية"، للدفاع عن "السيادة اللبنانية!" ضد "الاحتلال الايراني!" المزعوم المتمثل بحزب الله، والدفاع عن "السنة!" و"المسيحيين!" و"الدروز!" ضد المعتدين "الشيعة" التابعين لايران!
***
لقد كانت الكلمة الاولى في النظام الطائفي اللبناني، للمارونية السياسية، مدة 70 سنة كاملة (1920 ــ 1990). وبالرغم من الفشل التاريخي للمارونية السياسية، في بناء دولة منسجمة مع "شعبها" الذي بقي منقسما طائفيا، فإنها لم تتزحزح عن مواقعها (لصالح السنية السياسية) الا بعد ان اورثت الشعب اللبناني المظلوم الحرب الاهلية، ودوس "السيادة اللبنانية" عبر التدخل "العربي" و"الدولي"، والاحتلال الاسرائيلي.
ثم جاء عهد تعزيز دور السنية السياسية (بشخصياتها الابرز: الحريري الاب والابن والسنيورة والميقاتي وغيرهم من المليارديرية وجوقتهم من اللصوص والاحتكاريين ومصاصي الدماء) الذي دام اكثر من 30 سنة (من 1990 وما بعدها) وفشل هو ايضا فشلا ذريعا، وها هو يهدد الشعب اللبناني المظلوم بحرب التجويع.
وبالبعد الطائفي البحت صار النظام الطائفي اللبناني اليوم ينقسم الى معسكرين:
الاول ــ يتمثل في الشيعية السياسية، التي تعارض التوجه العام للنظام الموالي للغرب الامبريالي؛
والثاني ــ يتمثل في جبهة المارونية السياسية، والسنية السياسية، والدرزية السياسية، الموالية للغرب الامبريالي والسعودية و"اسرائيل"، باشكال مختلفة ودرجات متفاوتة.
والمشكلة الحالية للجبهة الطائفية المارونية ــ السنية ــ الدرزية هي مشكلة مزدوجة:
فأولا ــ لا يمكن استبعاد الطائفة الشيعية من التركيبة الطائفية اللبنانية، لا سياسيا ولا عسكريا، لان الطائفة الشيعية ليست طائفة ثانوية صغيرة او حتى متوسطة، يمكن استبعادها او سحقها، بل هي تمثل اكثر من 40% من عدد سكان لبنان، و60 ــ 70% من عدد سكان بيروت (بضواحيها)، و70 ــ 80% من عدد سكان الجنوب، و60 ــ 70% من عدد سكان البقاع.
وبابسط حساب ستراتيجي، هذا يعني ان الشيعية السياسية (التي يلتف حولها الان 99،99% من ابناء الطائفة الشيعية)، بكتلتها السكانية الضخمة، وانتشارها الجغرافي المفصلي، "تمسك" بالعاصمة بيروت، وبالحدود مع "اسرائيل"، وبالحدود مع سوريا؛ اي انها واقعيا "تطوق" لبنان، داخليا وخارجيا، برا وبحرا وجوا، سياسيا وعسكريا، وتمسك بقرار الحرب والسلم مع "اسرائيل"، وبقرار فتح وغلق الطريق بين لبنان والداخل العربي كله وايران وتركيا (عبر سوريا).
وثانيا ــ وفي الوقت ذاته لا يمكن حتى التنازل والقبول باعطاء الكلمة الاولى في النظام الطائفي اللبناني، للشيعية السياسية، كما كانت للمارونية السياسية حتى 1990 ثم مناصفة للمارونية السياسية والسنية السياسية بعد 1990. ذلك ان الشيعية السياسية، ببعدها الديني ــ الطائفي بالذات وليس بالخروج على الطائفية، اصبحت تطرح وتمارس مفهوما للدولة اللبنانية، معاديا للامبريالية الاميركية والغربية واليهودية العالمية و"اسرائيل"، اي مفهوما مغايرا ومعاديا تماما لمفهوم المارونية السياسية والسنية السياسية (ومذنبهما: الدرزية السياسية)، القائم على الولاء للامبريالية والتطبيع مع "اسرائيل".
وعلينا ان نتوقف بشكل خاص عند هذه النقطة التي تلتف فيها الانشوطة حول عنق ارباب النظام الطائفي اللبناني، ونطرح السؤال المفصلي التالي:
ان المارونية السياسية والسنية السياسية تلقيان بكل ثقلهما الى جانب اميركا و"اسرائيل" والسعودية لاجبار الشيعية السياسية على التخلي عن النهج الوطني المقاوم الذي اتبعته. واذا حدث ذلك لا سمح الله فهو سيكون بمثابة نكبة كبرى للنهج الوطني اللبناني والفلسطيني والعربي كله، اكبر من جميع النكبات التي حلت بالامة العربية في التاريخ الحديث.
ولكن السؤال هو: هل ان الانحراف المفترض جدلا للشيعية السياسية عن الخط الوطني والمقاوم سيكون لمصلحة المارونية السياسية والسنية السياسية؟
لنحاول ان نتلمس الجواب، من خلال الوقائع والتجربة التاريخية:
أ ــ إن التعددية الطائفية للنظام اللبناني كانت تحمي الكيان اللبناني من امكانية قيام نظام دكتاتوري فيه، على الطريقة العربية المعهودة. والمارونية السياسية والسنية السياسية تتباهيان بما يسمى "الديموقراطية التوافقية" اللبنانية.
ب ــ ان الامبريالية الاميركية تعلن جهارا وتكرارا ان اهم ما يهمها في الشرق الاوسط الكبير امران هما: النفط (والطاقة اجمالا) وامن "اسرائيل". وما دون ذلك فهي لا تتمسك بأي عميل او "صديق" او "حليف"، لا شاه ايران ولا انور السادات ولا صدام حسين، ولا حتى "الشاطر" رياض سلامة، ولا اي طرف على شاكلتهم.
ج ــ إن المفهوم الخياني (قوة لبنان في ضعفه) الذي اطلقته المارونية السياسية بعد قيام "اسرائيل"، وتقيدت به السنية السياسية، حتمت ولا تزال ان يكون الجيش اللبناني جيشا ضعيفا، كي لا يشكل اقل خطر على "اسرائيل"، وكي يكون لا اكثر من قوة بوليسية داخلية.
د ــ ان جدلية التطورات والاحداث التاريخية على الارض اللبنانية حتمت ظهور المقاومة الاسلامية الشيعية بقيادة حزب الله، التي انتصرت على الجيش الاسرائيلي ذاته، بدون الجيش اللبناني؛ وحتمت التطورات ان تتماهى المقاومة مع الشيعية السياسية، وهذا ما يضطر الدولة اللبنانية بنظامها الطائفي المركب ان تعترف بالمقاومة كمتلازمة لاعترافها الالزامي، ولو مكرهة، بالطائفة الشيعية والشيعية السياسية.
هـ ــ ان الدولة اللبنانية لم تكن في اي وقت تشكل اي تهديد لامن "اسرائيل"، ولكنها اليوم لا تستطيع، إن ارادت، ان توقع اتفاق "سلام" مع "اسرائيل"، لان اي اتفاق لبناني ــ "اسرائيل"ي لا توافق عليه اولا "الطائفة الشيعية" سيكون لا اكثر من حبر على ورق و"ضحك على الذقون" لا يمر طبعا لا على اميركا ولا على "اسرائيل". والشيء ذاته يقال عن احتمالات التنازل عن حقوق لبنان في النفط والغاز في المياه الاقليمية. فأي اتفاق لا توافق عليه "الطائفة الشيعية" سيكون حبرا على ورق.
و ــ ان جميع الابواق الاعلامية المأجورة التابعة للمارونية السياسية والسنية السياسية تأخذ على حزب الله (وبالتالي الشيعية السياسية) انه يستغل "فائض القوة" لفرض رأيه على الساحة اللبنانية. فلو افترضنا جدلا ان حزب الله، ومن ثم الشيعية السياسية، بما لها من "فائض قوة" تخشاها "اسرائيل" ذاتها، وتتفوق باشواط على قوة الجيش اللبناني (الذي طبقت عليه ولا تزال تطبق الى الان، "نظرية: لبنان قوته في ضعفه")، ــ نقول لو ان الشيعية السياسية اتجهت نحو تبني المفهوم الطائفي اللاوطني والخياني لـ"السيادة اللبنانية" (على غرار المارونية السياسية والسنية السياسية)، وذهبت ــ اي الشيعية السياسية ــ الى التفاهم مع الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية من اجل "السلام" مع "اسرائيل"، على طريقة "سلام الشجعان" كما كان يسميه انور السادات وياسر عرفات، والتفاهم على الاستثمار المشترك (الاسرائيلي ــ الشيعي، الايراني، الخ) للنفط والغاز في شرقي المتوسط، هل هناك حينئذ اي ضمانة ان لا تتخلى اميركا عن حلفائها في المارونية السياسية والسنية السياسية الضعيفتين المتهافتتين والسائرتين الى السقوط في مزبلة التاريخ؟ وهل هناك حينذاك اي ضمانة ان لا تدعم اميركا الشيعية السياسية كي تحكم النظام الطائفي اللبناني، بما لها من "فائض قوة"؟ وهل هناك حينذاك من ضمانة ان لا تدوس اميركا على "الديموقراطية التوافقية اللبنانية"، وتدعم قيام دكتاتورية عسكرية في لبنان، يقودها حتى مجرد رقيب شيعي، يجري "تلميعه" اعلاميا كما "لُمّع" في السابق رياض سلامة، باسم "الانقاذ الوطني"، وان تقوم الشيعية السياسية، عبر تلك الدكتاتورية، بالانتقام من المارونية السياسية بسبب تهميشها للشيعة مدة 100 سنة، والانتقام من السنية السياسية بسبب تهميشها واضطهادها للشيعة اكثر من 1000 سنة؟ وهل هناك من ضمانة ان لا يُجعل رموز المارونية السياسية والسنية السياسية كبش فداء، ويقدمون للمحاكم وتنصب لهم المشانق (كما فعلوا بصدام حسين)، ويزجون في السجون بتهم الفساد والصفقات المشبوهة والاحتكار والنهب والسرقة وضرب العملة الوطنية وتهجير اللبنانيين واذلالهم وتجويعهم؟ وان يتم كل ذلك بدعم من اميركا و"اسرائيل"!
فيا فطاحل الداعشية وعصابات "القوات اللبنانية" واضرابها، لا ترقصوا بحماسة أشد مما ينفخ لكم الزمّار الاميركي والاسرائيلي، وصلّوا لان تبقى الشيعية السياسية ضد اميركا و"اسرائيل".
***
ومن زاوية نظر طائفية بحت يمكن القول ان الطائفة الشيعية اللبنانية قدمت اكبر التضحيات في جميع النضالات الشعبية والوطنية في لبنان منذ اعلان انشاء "دولة لبنان الكبير" في اخر شهر آب/ أغسطس 1920 حتى اليوم. وقبل مرور سنة على هذا الاعلان، في حزيران/ يونيو 1921 اطلق المقاوم الجنوبي (الشيعي) ادهم خنجر النار على المندوب السامي الفرنسي الجنرال هنري غورو في بلدة القنيطرة في اطراف الجولان، ولكن الرصاصة اصابت اليد الاصطناعية للجنرال فنجا من الموت. واليوم، فإن الامين العام لحزب الله، الشيعي، سماحة السيد حسن نصرالله، الذي هو شخصية دينية شيعية مرموقة، يعلن بصراحة وباعلى صوت "نحن حزب ولاية الفقيه"، ونتلقى المساعدات من الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ولكن في الوقت ذاته فإن ألد اعداء المقاومة وعملاء "اسرائيل" انفسهم لا يستطيعون الانكار ان حزب الله ــ الشيعي على رؤوس الاشهاد ــ هو حزب لبناني يرفع العلم اللبناني الى جانب علمه الحزبي، وهو يرفع العلم اللبناني للتعبير عن الانتماء الوطني الصادق، الممهور بدماء الوف الشهداء، وليس دجلا ورياء كأولئك الذين يحملون راية الصليب المسيحي وهم يسيرون في خدمة اليهود الذين قام اجدادهم بالقبض على السيد المسيح وتعذيبه واهانته وتسليمه الى الرومان لقتله على الصليب (حسب الرواية المسيحية)، والذين يبرؤون اولئك الاجداد ويقولون انهم فعلوا ما كان يجب فعله، وان الذي صلب هو اما "مارق" و"مهرطق" عبراني ابن زنا حبلت به مريم من جندي روماني اسمه يوسف بانديرا، واما احد المشعوذين الاراميين ــ الكنعانيين الذين أمر "رب اسرائيل" بابادتهم. والشيء ذاته يقال عن اولئك الذين يهتفون دجلا ورياء "الله اكبر" وهم ينبطحون خانعين زاحفين للتطبيع مع "اسرائيل" التي تغتصب فلسطين وتقتل الاطفال الفلسطينيين وترسل المستوطنين اليهود يوميا لتدنيس الاماكن الاسلامية المقدسة في فلسطين الجريحة والمظلومة.
وهذا كله يعني ان الضمانة لعدم الانحدار الى "تفاهم" شيعي ــ اميركي، وادخال تعديل جديد على النظام الطائفي اللبناني واقامة دكتاتورية عسكرية شيعية تدعمها اميركا و"اسرائيل" والسعودية، هذه الضمانة لن تكون في جبهة المعارضة الطائفية، المارونية ــ السنية ــ الدرزية، لحزب الله، بل هي تكمن في الوطنية الصادقة لحزب الله و"الثنائي الشيعي"، اللذين يضعان الطائفة الشيعية في خدمة القضية الوطنية اللبنانية والفلسطينية والعربية والتحررية العالمية عموما.
ان العدو الاسرائيلي سبق له ان هزم جميع الجيوش العربية، ولكن الشعب اللبناني، بقيادة حزب الله والمقاومة وقاعدتهما الرئيسية: الجماهير الشعبية الشيعية، لم يستسلم للعدو ال"اسرائيل"ي، وكان اول شعب عربي ينتصر على جيش "اسرائيل"، ويحرر أرضه المحتلة بقبضات ابنائه وبالدماء الزكية والتضحيات الجسام لشهدائه الابرار وابنائه وبناته المناضلين الابطال؛ ــ وهذا الشعب الأبي العظيم، الشامخ كالارز، لن يطأطئ الرأس ولن يستسلم لمهندسي المجاعة له من: الملياديرية الاميركان واليهود والاوروبيين، وبعض الحكام العربان المذعورين، المرضى نفسيا و"الجربانين" وطنيا وعروبيا واسلاميا، ومعهم زمرة قذرة من السياسيين والاعلاميين الخونة "اللبنانيين السياديين!" الذين يلحسون الدولار عن اقفية شيوخ النفط.
والازمة الوجودية للنظام اللبناني لن تبقى معلقة في المجهول، والحل سيأتي حتما:
ــ اما عن طريق صدام مسلح ثوري بين الجماهير الشعبية اللبنانية المظلومة والثائرة، وبين الطابور الخامس اللبناني الموالي لاسياده الخارجيين: اميركا والناتو و"اسرائيل" والسعودية وزعانفها؛
ــ واما عن طريق "هبة ثورية" جماهيرية سلمية، تقودها المقاومة، وتؤسس لبناء نظام وطني لبناني جديد، معاد للامبريالية و"اسرائيل" واليهودية العالمية والرجعية "العربانية" و"الاسلامية" المزيفة.
لقد كان للكولونيالية الفرنسية، المنتصرة في الحرب العالمية الاولى، "شرف" استيلاد "دولة لبنان الكبير"، كرديف وتوأم "قومي مسيحي لبناني" لـ"وعد بلفور" والمشروع الانغلو ــ ساكسوني لانشاء "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين؛
ومن سخرية القدر انه من المرجح ان الكولونيالية الفرنسية اياها، التي تلفظ الان انفاسها الاخيرة في افريقيا المظلومة، سيكون لها "شرف" حمل "الكيان اللبناني الطائفي العميل"، الذي سبق لها ان صنعته، الى مثواه الاخير في مزبلة التاريخ، مما سيؤول حتما الى إسقاط التوأم الاخر، المتمثل في "الوطن القومي اليهودي"، الذي صنعته الكولونيالية الانغلو ــ ساكسونية، وورثته الامبريالية الاميركية المندمجة بالطغمة المالية ــ السياسية العليا لليهودية العالمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتب لبناني مستقل