قراءات سياسية » سقوط الجيوبوليتيك الصهيوني

محمد علي ابراهيم
من اساسيات الجيوبوليتيك ما قاله "راتزل" بأن الدولة كائن حي أي دائم النمو. ومنذ تأسيس الكيان الصهيوني كان خطاب آبائه الجيوبوليتيكي في الحدود من الفرات الى النيل وسعى الصهاينة للوصول الى هذه الحدود، وبعدم الإعلان عن حدود ثابتة لـ"إسرائيل"، ولأن قيام الدول لا يتم إلا بخطاب جيوبوليتيكي والمقصود بالخطاب الجيوبوليتيكي هو الخطة والنظرية المبنية على اساس علمي يمكن تحقيقه، ونظرية الجيوبوليتيك تتضمن خطاب عقائدي وإقتصادي وعسكري وإنتربولوجي وديموغرافي، فبداية إن إختيار فلسطين لإنشاء الدولة الصهيونية جاء على اساس الأرض الموعودة والأرض المقدسة وإعادة بناء مملكة سليمان وهذا ما يدخل ضمن العقيدة الصرفة للصهيونية اليهودية .

إن التحول في الصراع على السيطرة العالمية ودخول مفهوم الجيوبوليتيك بشكل فاعل في صلب سياسات الدول الكبرى مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والتحول النوعي في الإنتاج والإقتصاد والتجارة والإستشراس الدولي في مجال السيطرة على أماكن الثروات الطبيعية والأسواق التجارية وخطوط النقل البحريه ودخول أمبراطوريتين جديدتين "اليابان وألمانيا" كانتا الأساسيتين في إظهار علم ونظريات الجيوبوليتيك والمجال الحيوي في السباق على السيطرة العالمية وسارت في الطريق نحو تحصيل حصة لها ضمن الخريطة العالمية فاليابان بدأت بالتوسع العسكري في منشوريا والصين وسواحل بحر الصين وجزر المحيط الهادىء، وأخذت تزاحم بريطانيا وفرنسا على الأراضي الصينية واسواقها في مستعمراتها في منطقة الهند الصينية، وألمانيا بدأت توحد نفسها وتمد سيطرتها في غرب أوروبا وتنازع فرنسا على الأرض الأوروبيه وتنازع بريطانيا على مستعمراتها في أفريقيا خصوصا، وعلى وقع قيام الجيوبوليتيك الياباني والألماني والفراغ الذي بدأ يتشكل في غرب آسيا وشمال أفريقيا نتيجة العجز الذي بدأ يدب في مفاصل الدولة العثمانية التي كانت تشكل بإمتدادها وإشرافها على نقاط استراتيجية في حركة الملاحة العالمية وخاصة مضيق باب المندب ـ قناة السويس ـ والبوسفور والدردنيل ، ومن ثم التعاون مع ألمانيا في خط سكة حديد برلين بغداد ،وهو خط بري موازي لجزء من طريق الحرير وبعد ذلك التهديد الذي شكله التحالف الألماني ـ الإيطالي ـ العثماني  جعل من الدولتين الأكبر في العالم آنذاك في حالة من الذعر الإستراتيجي وهذا هو السبب الأساسي في حدوث الحرب العالمية الأولى التي كان من أهدافها الأساسية عدم وقوع منطقة غرب آسيا وشمال افريقيا ضمن سيطرة موحدة لدولة تقوم في هذه المنطقة وتتحكم بأحد أهم طرق التجارة العالمية ، فدخل ضمن مخطط تقسيمها إدخال الكيان الإسرائيلي وجعله الحاجز المادي بين شمال أفريقيا وغرب أسيا وإعطاءه حافز التوسع الشامل.
          
وبتقسيم العالم عند علماء الجيوبوليتيك الغربيين الإنكليز بداية والأمريكييين فيما بعد الذين وجدوا في أن أخطر ما يقوض سيطرتهم العالمية هي قيام دول أو دولة قوية في غرب آسيا وشمال أفريقيا؛ وما اصطلح عليه الغربيين بالشرق الأوسط؛ ولأن هذه المنطقة أساسية في السيطرة على قلب العالم كان لا بد من إيجاد منصة قفز قاريه وظهير قاري وإيجاد نقطة مراقبة وإحتضان وسيطرة لهدف حساس وجيوستراتيجي تمثله قناة السويس والبحر الأحمر بدرجة أولى واساسيه وثانيا أن تكون قريبة من المضائق التركية لقطع الطريق البحري على الأسطول البحري الروسي من البحر الأسود وثالثا قطع الطريق على قيام فكرة الدولة القومية العريبة التي تشكل ركيزتها دولتان مركزيتان في غرب آسيا وهي سوريا وفي شمال أفريقيا وهي مصر.

ومن هنا تلاقت افكار الصهيونية مع الجيوبوليتيك الغربي وبناء على الدراسات المسبقة التي قامت بها لجان بحثية غربية ـ صهيونية جائت الى منطقتنا من ما قبل سقوط الدولة العثمانية كان لها  هدف غير معلن فقامت بدراسات دقيقة لأنماط الشعوب والسكان وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم وكيفية التعامل معهم ودراسة لكل الموارد الإقتصادية والمائية ودراسة الخريطة وجغرافيا المنطقة وإيجاد تصور منطقي لإمتداد حدود الكيان والعقبات التي تواجه تأسيسه وقيامه واستمراره .

بناء على ما سبق وضعت الحركة الصهيونية بدعم الدول التي تسعى للسيطرة العاليمة التي كانت في البداية بريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة  الخطاب والبناء الجيويبوليتيكي لقيام دولة قومية للصهيونية اليهودية وقد قامت هذه النظرية على الأعمدة التالية وهي تتبع بعضها وتتشابك فيما بينها بشكل كبير قد لا ينفصل.

عامود العقيدة الدينية والتاريخية : والترويج لفكرة مملكة سليمان وإعادة بناء الهيكل والأرض المقدسة لليهود التي تقع جغرافيا في فلسطين ولأن العامل الديني هو الطاغي بشكل كبير في المشرق وجب أن يكون هذا الكيان ذو صبغه دينيه وإدغامه بالبعد التاريخي في محاولة البحث وإيجاد أي آثار تدل على وجود تاريخي لدولة اليهود في المنطقة.
 
عامود القومية والديموغرافيا: زرع فكرة الإضطهاد ومعادة السامية في العالم ـ تحويل اليهودية من ديانة إلى قومية ، والعمل على استقدام اليهود من كل العالم ودمجهم في مجتمع واحد.

عامود الإقتصاد: الكم الكبير من رؤوس الأموال اليهودية في العالم التي تعطي الصهاينة هامش أكبر للتحرك ناهيك عن الدعم غير المباشر من قبل الدول الغربية التي ستدعم قيام الكيان.

عامود الدعم الدولي: دعم سياسي مطلق من قبل الدول الكبرى التي تسعى للسيطرة العالمية.

عامود الجغرافيا : تحديد الإمتداد الجغرافي الأقصى والأدنى لحدود الدولة "اسرائيل الكبرى والصغرى " وما يضم من موارد مائيه وثروات طبيعية.

عامود القوة العسكريه : تجهيز جيش قوي متفوق بالعديد والعتاد وجعله اسطوره عالمية.

تفعيل الخطاب ومراحل التأسيس:

لا بد لنا أن نميز بين مرحلتين أي ما قبل مؤتمر بال 1897 حيث كانت الحركة الصهيونية في طور التشكل الفكري وما بعد مؤتمر بال حيث إتخذت الطور العملي، فبعد مؤتمر بال كتب هرتزل في مذكراته: لو أردت أن ألخص مؤتمر بال لقلت أن الدولة أوجدت في "بال".

ومؤتمر "بال" هو عصارة الخطاب الجيوبوليتيكي الصهيوني والإنطلاق لبناء وتأسيس الدولة القومية لليهود الصهاينة، وبعد مؤتمر "بال" تم الحديث على أن اليهود يشكلون شعبا وأن لهم الحق في الحياة على أرض الأجداد في فلسطين، فحدد المؤتمر وسائل السيطرة على فلسطين تلخصت ببدأ استعمار الأرض عبر العمال الزراعيين والحرفيين والصناعيين، ثم إنشاء روابط ومنظمات صهيونية على مستوى الدول والعالم، لبعث الشعور القومي اليهودي والبدء بترسيخ فكرة الدولة اليهودية عند يهود العالم.

نبدأ قبل وعد بلفور، فالصهاينة سبقوا الإعلان عن وعد بلفور بخطوات عملية على الأرض من فترة أواخر الدولة العثمانية بتأسيس مستوطنات لهم في فلسطين وجرت محاولات حثيثه مع السلطان عبد الحميد لمنحهم إمتيازات كبيره في فلسطين؛ ووعد بلفور هو حالة أعلاميه أكثر منها عمليه وتسريبه إلى الإعلام في ذاك الوقت كان في طياته أشبه بإعلان قيام الدولة لدراسة رد الفعل.

فبدأ الصهاينة في فترة الإحتلال البريطاني العمل على قدم وساق لتهيئة الأرض لقيام الدولة وخاصة المواصلات والطرقات التي كان معظم متعهديها من اليهود وقد مدوا شبكة المواصلات الى جنوب لبنان والجولان والضفيتين الغربية والشرقية وسيناء، وبنوا المستعمرات وهيؤها ووصلوها ببعضها، وأمنوا شبكة إتصالات وإشتروا وكدسوا السلاح، وبدأوا بشراء الأراضي بإستعمال كافة الوسائل وتفريغها من السكان وعملوا على إستقدام أكثر ما يمكن من اليهود من العالم لتشكيل قوة ديموغرافية في وجه السكان الأصليين والإستحصال على إعتراف من العالم بأنهم شعب موجود على بقعه جغرافيه ولهم الحق بأن يكون لهم دولة وهذا ما حصل عند قرار الأمم المتحدة عام 1947 بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود.

إن كل ما جرى جاء بتفعيل الخطاب الجيوبوليتيكي عند اليهود وبالخطاب تم بناء نواة الجيش وتم بناء المستعمرات وتم تفعيل العامل الديموغرافي وما سمي بطريقة مخففة "الهجرة اليهودية" والتي هي فعليا حركة إحتلال صامت، ثم جاء الإعلان الصاخب عام 1948 عن قيام دولة "إسرائيل" التي كان لجيشها اليد العليا في ما سمي الحرب العربية الإسرائيلية التي كان نتيجتها ونتيجة التخطيط الجيد السيطرة على معظم أراضي فلسطين، وبسبب التعطش الصهيوني للوصول إلى الحدود القصوى للكيان فبعد سنوات قليلة قفز الجيش الإسرائيلي الى سيناء اثناء ما سمي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ووصل الى قناة السويس بغطاء جوي وبحري فرنسي بريطاني وكانت هذه الحركة هي التجربة الأولى له خارج الدائرة الضيقة للحدود الأولى أي "اسرائيل" الصغرى وفي خطاب بن غوريون امام الكنيست بعد تسعة ايام من عدوان 56 قال: "إن التقدم البطولي الذي أحرزه الجيش الإسرائيلي قد جدد صلة الوطن بجبل سيناء".
وكانت الأهداف الإسرائيلية خلال عدوان 56 قد حددها بن غوريون بثلاثة أهداف:

1 ـ تحرير جزء من أراض الأجداد التي تقع تحت سيطرة أجنبية
2ـ تحطيم قوى العدو الموجودة في شبه جزيرة سيناء
3 ـ ضمان حرية الملاحة في خليج العقبة والسويس

وصرح موشيه ديان قائلا: أن جزيرة سيناء تعد جبل طارق اليهودية. ثم صرح فيما بعد خلال حرب 67 أنه يوم احتلالنا القدس استولينا على اورشليم ونحن في طريقنا الى يثرب وبابل.

إن العامود الجيوسياسي الأساسي لقيام الدولة الصهيونية هو العقيدة العسكرية  والجيش، فالجيش الصهيوني وجب أن تكون كل حروبه رابحة فلا يمكن أن تدخل الهزيمة في مصطلحاته، وقد ركز الإعلام الصهيوني والغربي على تشويش أي صورة لأي هزيمة عسكرية تعرض لها هذا الجيش، وجعلت الدول الداعمة للكيان الصهيوني تضع كل طاقاتها في الإلتفاف على اية هزيمة أو خسارة تعرض لها لما تمثل الهزيمة من حالة حساسة للجيوبوليتيك الصهيوني على مستوى بقاء الدولة ، وفي قلب الصورة نلاحظ أن هناك تسمية متميزة للجيش الإسرائيلي فريدة على مستوى العالم عندما سمي بجيش الدفاع الإسرائيلي وهذا يزرع كذبة في لاوعي الشعوب أن هذا الجيش وجد للدفاع عن أرض وعن مظلومية شعب وهذا المصطلح تم إختياره بعناية للترويج لهذا الجيش وإظهاره في الإعلام العالمي بصورة مختلفة عن باقي الجيوش.

قلعة "ماسادا" وبداية السقوط:

قلعة "ماسادا" أسطورة زائفة أخترعها الصهاينة في بناء ودعم العقيدة القتالية للجيش الصهيوني وتقول الأسطورة أن هذه القلعة التي تقع في صحراء النقب كان فيها حامية يهودية وعندما حاصرها الرومان فضلوا الإنتحار وعدم الإستسلام ، والى هذه القلعة يذهب حاليا جنود الجيش الصهيوني ليقسموا على حماية ماسادا الكبيرة اي أرض "اسرائيل".

إن أول ضربة تعرض لها هذا الجيش كانت في حرب تشرين 1973 وإسقاط خط بارليف، ووصول الجيش السوري إلى مشارف طبريا، وصحيح أن الدعم الدولي لإسرائيل حول الهزيمة الى لا هزيمة ولا نصر، وصحيح أنه بعد هذه الحرب تم توسيع طوق الآمان حول إسرائيل بجعل سيناء منزوعة السلاح وايجاد منطقة فصل منزوعة السلاح في الجولان، إلا أنه في موضوع الجيش الصهيوني الذي اهتزت صورة سطوته العسكرية بقوة أمام داعميه وأمام نفسه وكان لا بد من إعادة ترميم هذه الصورة، من قبل من يدرك جيدا معنى الخلل في العامود الأساسي للجيوبوليتيك الصهيوني ومن قبل أهم الضباط العسكريين في الجيش وهو شارون الذي دخل سيناء بقواته العسكرية ثلاث مرات عام 56 و67 و 73 فبعد تسع سنوات من حرب تشرين قام الجيش الصهيوني بغزو لبنان لعدة أهداف من بينها إعادة تلميع صورة الجيش الذي لا يقهر ووصل الى العاصمة بيروت وذلك ليقول بأننا اقوى جيش في المنطقة وأننا اسقطنا عاصمة عربية مقابل خط بارليف وهددنا عاصمة اخرى وهي دمشق.

السقوط والحدود الآمنة:

دفعت الهزائم المتتالية التي تعرض لها الجيش الصهيوني ايهود اولمرت رئيس الوزراء اثناء حرب تموز 2006 الى التصريح والقول: "إن خرافة اسرائيل الكبرى لم تعد إلا في أذهان الواهمين بل إن التعاطف مع نظرية دولة إسرائيل الصغرى يتآكل ويتراجع.
إن الحدود الآمنة كان هوس الصهاينة منذ تأسيس كيانهم ولذلك كان ضمن نظرياتهم العسكرية الحرب على أرض الآخرين وتحييد أرض إسرائيل الصغرى من أحداث الحرب وقد جعلت إسرائيل معظم مسارح عملياتها العسكرية خارج حدودها وسعت إلى توسيع رقعة عمقها الإستراتيجي نحو سيناء والضفة الشرقية والجولان وجنوب لبنان وتوسيع هذه الرقعة هي إيجاد طوق دفاعي أولا عن قلب الكيان وثانيا لمحاولة التوسع نحو إسرائيل الكبرى.

إنقلاب المعادلة:

صحيح أن الصخب الناري والإعلامي الذي تكرس مع حروب "اسرائيل" الذي امتد من عام 56 الى عام 82  بترسيخ فكرة أن الجيش الإسرائيلي هو الوحش الكاسر الذي لا يمكن هزيمته والقضاء عليه إلا أن ما حصل مع هذا الجيش في حرب لبنان من حزيران 82 وحتى ايار 2000 جعل من الخوف الإستراتيجي يطفو على وجه الساسة والعسكر الإسرائيليين، وكما حاولوا إعادة تشكيل صورة الجيش الإسرائيلي التي اهتزت في حرب 73 بغزو لبنان عام 82 ونجحوا فيها جزئيا بسبب الضخ الإعلامي والضغط الغربي على الساسة العرب التابعين لهم، ففي عام 2000 وبعد حرب التحرير التي أنجزتها المقاومة في لبنان وجعلت الجيش الإسرائيلي يهرب من جنوب لبنان تحت النار وهي صورة لم تعهدها منطقتنا وشعوبها فالإنسحاب من سيناء كان بعد معاهدة سلام مع نظام السادات مع إنجاز إسرائيلي بجعل سيناء فارغة من السكان ومنزوعة السلاح أي بالصورة العسكرية تقع تحت السيف الإسرائيلي العسكري والأمني في أي لحظة قرر الجيش الإسرائيلي ذلك، أما الصورة في لبنان فقد كانت أن الجيش الإسرائيلي يطرد الى ما وراء الحدود ويتحول جنوب لبنان إلى مخزن سلاح كبير متنوع ويمتلىء جنوب نهر الليطاني بالمقاتلين بالسكان والأبنية.

هذه الصورة لم تكن في حسبان كافة قادة الدولة الصهيونية، ولم تكن في حسبان كافة الدول الداعمة لها لأن ضعف هذه الدولة سيرتد على الدول المسيطرة عالميا ولذلك حاولوا إعادة الصورة إلى الخلف وعلى هذا الأساس حضروا لحرب تموز 2006 التي كان يراد لها مفعول الصدمة الأولى لحرب 1982، ولكن ما شاهده العالم في حرب تموز من اصدقاء "إسرائيل" وأعدائها وما لمسه الصهاينة أنفسهم عبر عنه أولمرت بأن اسرائيل الكبرى صارت وهما وأن "إسرائيل" الصغرى صارت في حالة تآكل، جعل من "إسرائيل" تلفت بشكل كبير إلى الثغرات التي تشكلت على خواصرها فشنت سلسلة من الحروب على غزة نتج عنها فشل أكبر لصورة الجيش الإسرائيلي، ثم بعد عام 2011 فتحت المجال الأمني في سيناء لعناصر القاعدة وجيوشها السوداء في محاولة لفصل سيناء عن مصر ومحاصرة قطاع غزه بطريقه مختلفة إلا أن الأمر إرتد عليها بصورة سلبية إذ تحت شعار مكافحة الإرهاب تمكن الجيش المصري بإدخال قوات جديدة إلى سيناء ومضاعفة العدد الى حوالي 50 الف جندي مع عتادهم وطائراتهم ودباباتهم وبالرغم من أن هذا العدد هو عدد قليل بالنسبة لمساحة سيناء إلا أنه في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية كل جندي وكل قطعة سلاح وكل شبر أرض له حسابات هامة جدا.

كررت "إسرائيل" وداعميها موضوع إيجاد عازل على حدودها مع سوريا في الجولان وإمتدادا إلى جنوب دمشق بنفس الطريقة التي إعتمدوها في سيناء وإدخلوا القاعدة وفروعها إلى تلك المنطقة لجعلها عازلا وحماية لحدودها الشرقية وكما حصل في سيناء فقد إرتد الموضوع عليها وأنهى الجيش العربي السوري وجود هذه الجماعات على خط التماس وأدخل قوات أكثر الى منطقة الجولان وبفضل الحرب التي عايشها الجيش السوري صارت هذه القوات ذات تجربه قتاليه أكثر وتشكل تهديدا أكبر لإسرائيل عما كانت عليه ما قبل 2011 .

الوضع الجيوسياسي الحدودي الحالي لـ"إسرائيل":

مع لبنان: تم قطع أيدي الجيش الإسرائيلي عن أي عمل عسكري، وتم قمع الفكر التوسعي لإسرائيل بالذهاب وراء الحدود الشمالية .

مع سوريا: تحاول إسرائيل المحافظة على الوضع في الجولان وبعدما كان الجيش الإسرائيلي في موضع يهدد فيه الدولة السورية وتجربته مع إقامة حزام ومنطقة عازلة بأيادي قاعدية ذهبت هذه المحاولة مع الريح برغم الخسائر التي تعرضت لها الدولة السورية في فترة الحرب .

مع قطاع غزة: أصبح قطاع غزة بعدد سكانه الكبير يشكل هاجس كبير فبسبب الترسانة الحربية التي أدخلت إلى غزة والعدد الكبير من المقاتلين فإسرائيل لا تستطيع هضم القوة العسكرية والديموغرافية فيها ولا تستطيع التعايش معها.

مع مصر: إن زيادة عديد الجيش المصري في سيناء يحفر الخوف في الدماغ الإسرائيلي فسيناء لا يمكن أن تعود مجالا حيويا لإسرائيل وقد تأتي الأيام لتجد الجيش المصري وتحت ظروف الضعف الإسرائيلي الذي يزيد والظروف السياسية المصرية ينتشر في سيناء كما كان سابقا وأكثر ما يحسب حسابه الصهاينة هو الباب البحري لإسرائيل الذي يشكله خليج العقبة نحو البحر الأحمر.

مع الضفة الغربية : بالرغم من ما تشكله السلطة الفلسطينية من عامل أمني مساعد لإسرائيل فإن أكبر تهديد تحسبه عليها هو العامل الديموغرافي والزيادة العددية لدى الفلسطينين وبالتالي عدم قدرة العامل الأمني الذي تشكله السلطة في إحصاء وإحتواء الإنفجار الذي قد يحصل عند أي إحتكاك وما يؤدي لإنهاك الجيش الإسرائيلي وهذا ما استخلصه الصهاينة من الإنتفاضات التي قامت طوال السنوات السابقة، إضافة الى أن الإسرائيلين صاروا يحسبون حسابا لعمليات التسلح التي تجري في الضفة بعيدا عن أعينهم والتي تتدحرج بإستمرار خصوصا أن موضوع السلاح أصبح نقل تقنيات وخبرات ولم يعد شيئا ماديا بالكامل.

الحساب النهائي للجيوبوليتيك الإسرائيلي
 
في العامود العسكري:

إن المخيلة العسكرية الصهيونية وداعميها توقفت حساباتها عند نقطة محددة وهي جعل الجيش الإسرائيلي الجيش الأقوى في العتاد والتكنولوجيا وخاصة سلاح الطيران الذي يعد الذراع الأقوى لهذا الجيش وفي المقابل منع وإفشل قيام اي جيش من دول الطوق بعملية تسلح ليوازي هذا الجيش في القوة وجاء إظهار القدرة والقوة المطلقة لسلاح الطيران الإسرائيلي بالقيام بعمليات داخل عمق العدو وإرهاب الدول المحيطة والقول لهم بشكل عملي إننا قادرون بطيراننا أن نصل إلى أي هدف نحدده وضرب بناكم التحتية ومنشئاتكم وقتل القادة في أي زمان ومكان والأمثلة كثيره على قدرة سلاح الجو الإسرائيلي سواء تدمير سلاح الجو المصري خلال حرب 67 او ضرب المفاعل النووي العراقي أو ما سمي بعملية عينتيبي أو ضرب الشحنات التسليحية في السودان التي كانت تصل قطاع غزة ، أو تدمير ما قيل عنه أنه مفاعل نووي سوري في دير الزور أو الغارات التي حصلت وتحصل حاليا في سوريا وعلى الحدود العراقية أو من تهديد إيران بضرب منشئاتها النووية واللائحة تطول ...

إن ما حصّله المحور المعادي لإسرائيل وراكمه من معادلة تسليحية بسيطة الكلفة مقابل الكلفة العالية لسلاح الطيران الإسرائيلي مما جعله يبدو فاشلا في تحقيق الردع والسيطرة فكانت معادلة الصواريخ ، فصواريخ غزة صار لها من القدرة أن تطال عاصمة الكيان بسهولة ، وصواريخ المقاومة في لبنان صار لها القدرة أن تطال ميناء العقبة ناهيك عن سلاح الصواريخ السوري والإيراني، ومعادلة الصورايخ التي وازت وأسقطت مقولة القدرة المطلقة الإسرائيلية لسلاح الجو بحيث صار مقابله سلاح الصواريخ للمحور المقابل الذي يستطيع تهديد أسرائيل بشكل فاعل والقول لها بأن كل النقاط الموجودة فيها غير عصية عن الإصابة والتدمير وبالتالي فإن حالة السكر الإسرائيلي بفاعلية التهديد بسلاح الجو إنتهت إلى غير رجعة وخاصة أن الأهداف المطلوب تدميرها من قبل الطيران الإسرائيلي صارت عصية عليه في مقابل قدرة سلاح الصواريخ الوصول الى كافة الأهداف في إسرائيل وبالتجربة لم يك هناك قدرة على تعطيل وصول الصواريخ لأهدافها فانتهت الحاجة الفعلية عند المحور المعادي  لإسرائيل لإنشاء سلاح جو بكلفة مادية عالية ليقوم بمهمة ضرب الأهداف المطلوبة داخل الكيان إضافة إلى القواعد العسكرية للدول الداعمة لها في المنطقة عامة .

أما في الحديث عن القوات البرية فقد ثبت فشلها في المواجهة المباشرة فهي كانت تعتمد إعتمادا كليا على التمهيد الناري وإزالة التهديد المباشر لها بواسطة سلاح الجو وآخر الجولات العسكريه في جنوب لبنان وفي غزة أظهرت إنهيار هذا التكتيك وحساسية وقوع الخسائر البشرية طرحت أسئلة لدى الصهاينة عن جدوى الكلفة المادية التي تدفع للجيش.

في العامود الديموغرافي والقومي :

يرى الكثير من قادة الدولة إن الساعة الديموغرافية داخل الكيان الصهيوني في طريقها إلى الإنقلاب فإذا أردنا حصر المشهد داخل مناطق 1948 نرى الإحصاءات التي تتحدث عن إرتفاع نسبة الولادات عند الفلسطينين مقابل تراجع الولادات عند اليهود والأخطر عندهم هو تراجع نسبة اليهود المهاجرين من العالم إلى فلسطين وهو ما يعتمدون عليه في الأساس في زيادة أعداد اليهود في فلسطين فنسبة الفلسطينين داخل مناطق 48 توازي حوالي 20 بالمئة مقابل اليهود وهذه النسبة تتزايد بإطراد مقابل التراجع النسبي عند اليهود وتشير معظم دراسات المعاهد الإسرائيلية التي تجري الإحصاءات السكانية الى أنه خلال سنوات ليست بطويلة سيتعادل عدد السكان داخل الكيان بين عرب 45% ويهود 55% وسيصبح من المستحيل تحويل "إسرائيل" الى دولة قومية يهودية صافية وهذه الحسابات لا تدخل فيها أعداد الفلسطينين في غزه والضفة الغربية الذين يبلغ عددهم حاليا حوالي مليوني نسمة، فعدد الفلسطينين الحالي والمستقبلي يشكل هاجس قوي لدى الصهاينة من هذه الناحية، يضاف إلى الموضوع العددي بين العرب واليهود حالة المجتمع اليهودي نفسة المتأتي من مشارب ومجتمعات مختلفة هم يعانون من الإنقسام وعدم التجانس بين يهود متدينين ويهود علمانيين وشرقيين وغربيين وروس وفلاشة وهذه الإنقسام نراه يطفو الى السطح مع كل خلاف سياسي بين الأحزاب الإسرائيلية التي تتشكل بمعظمها من هذه الإفرازات والتقسيمات الإجتماعية.

في العامود الجغرافي:

هو مرتبط بشكل مباشر بالعامود العسكري وقدرة الجيش على الحفاظ والسيطرة على الأرض والحدود ولشدة حساسية اسرائيل تجاه حدودها فإن أبسط خرق لهذه الحدود يشكل كارثه بالنسبة لهم فلذلك في بداية الحلم الصهيوني وصلت المخيلة عند منظري الصهيونية عندما تكلموا عن إسرائيل الكبرى التي ستكون حدودها من شاطىء البحر المتوسط مع جزيرة قبرص وصولا الجنوب التركي والى ما وراء دجلة والفرات وتحقيق التماس مع الحدود الإيرانية مرورا بالأردن وضفتي خليج العقبة  وصولا الى الشمال الغربي للجزيرة العربية وشاطىء البحر الأحمر ثم إلى مصر ونهر النيل وهم بذلك كانوا يسقطون بشكل أو بآخر حدود دولتهم التي يحلمون بها على جزء كبير من أراضي الدولة الإسلامية ، هذه الحدود التي تضم أهم مصادر المياه في الشرق الأوسط وأهم الثروات الطبيعية وأخصب الأراضي الزراعية والأعداد السكانية الكبيرة التي ستتحول بحسب الثقافة الدينية اليهودية إلى عبيد وخدم لشعب الله المختار في مملكة سليمان الجديدة ، أما على أرض الواقع منذ بداية التأسيس والصدمة الأولى لشعوب المنطقة وبالرغم من الدعم الإستكباري المطلق لإسرائيل فعليا لم يستطيعوا أن يحقق من حلمهم إلا الجزء البسيط ولم يستطيعوا البقاء إلا بسلسة حروب مستمرة ، وتلك الحروب في نهايتها أنتجت ثغرات مباشرة وغير مباشره على حدود إسرائيل فالثغرات المباشره هي على الحدود الشمالية والجنوبية ، والثغرات الغير مباشرة هي فقدان المجال الحيوي الدفاعي فأصبحت إسرائيل الصغرى مستباحة بالتهديد البري المباشر من قبل جيشين على الحد الشمالي والجنوبي جاهزين  للإندفاع في فترة زمنية قليلة جدا الى ما خلف الحدود وتهديد آخر غير مباشر تمثله القوة الصاروخية لمحور المقاومة وبالتالي وبحسابات صغيره فإن العامود الجغرافي الإسرائيلي إهتز نظريا والأحداث القادمة ستفرض السقوط العملي.
 
في عامود الدعم الدولي:

إن الدعم الدولي لإسرائيل مرتبط بحالة القوى الداعمة لها وبقوة إسرائيل بشكل خاص فبعد الفشل الحربي لإسرائيل في السنوات الأخيرة والخسائر التي تعرضت لها وعدم قدرتها في المحافظة على مستوى عال من الأمن والحماية الذاتية صارت تطالب الدول الداعمة لها بأن تقاتل نيابة عنها وفي المقابل فإن أصل فكرة إيجاد إسرائيل من قبل هذه الدول هي لتقاتل عنهم وإلا لما كان من داع لتأليف فكرة إحياء إسرائيل التاريخية ومحاولة زرعها في نسيج المنطقة لتكون طبيعية الوجود ، فالنمو المطرد لقوى محور المقاومة ، والقراءة الأمريكية الدقيقة لمسار هذه القوى جعلها بداية تدخل مباشرة بقواعدها العسكرية وأساطيلها الحربية إلى المنطقة للبقاء على استعداد للتدخل عند الحاجة ولكن لتلقى اسرائيل الدعم يجب أن تبقى قوية فهي رأس الجسر الإستعماري في المنطقة والحصان الذي يراهنون عليه ، أما اليوم وبسبب تراكم القوة عند أعداء إسرائيل فقد أصبحت "إسرائيل" حصانا ضعيفا لا يمكن الإعتماد عليه لإبقاء السيطرة الأمريكية قائمة إلى ما لا نهاية ، ومن طبيعة سياسة الدول الإستعماريه أنها تريد إخضاع الدول القوية وجعلها ضمن سيطرتها لتقوى بها، ولا تدعم الدول الضعيفة لأنها ستستنزف قواها ولا تفيدها. فـ"إسرائيل" القوية هي قيمة مضافة للإستعمار أما إسرائيل الضعيفة فهي عبء عليه فلا بد عند الغرب محاولة إبقائها أطول فترة ممكنه في حالة صمود مقابل القوة الصاعدة والفاعلة لمحور المقاومة ، وما وصلنا إليه حاليا فإن القوة الصاعدة لمحور المقاومة صارت قوة قاهره للمحور الأمريكي الإستعماري وما المحاولات الأمريكية في بناء طوق حمايه وهمي من قواعد عسكرية جديدة على الحدود السورية العراقية بدءا من التنف وصولا الى الحسكة ما هو إلا لشد الترهل الذي أصاب الجسد الإسرائيلي ومحاولة تأخير وإعاقة تحقيق التواصل الفيزيائي ما بين دول محور المقاومة وهذا آخر طلقة عملية في مجال الدعم الأمريكي والغربي لـ"إسرائيل" وعندما يتم الإطباق على هذه القواعد التي هي بمثابة جزر صغيرة ومعزولة في وسط إمتداد محور المقاومة إنما قيمة وجودها هو إزعاج وإيذاء ودعم لوجيستي لمنفذي الأجندات الأمريكية في سوريا والعراق ، وعند الإطباق على هذه القواعد الذي سيتم عاجلا ام آجلا ستفقد "إسرائيل" إحساسها بالأمن وستشكل حماية "إسرائيل" عبئا استراتيجيا وماديا وعسكريا أكبر على الولايات المتحدة ،ثم إن الهروب الإسرائيلي والأمريكي نحو إتفاقيات التطبيع مع دول الخليج وأتباعها وصولا الى السودان ما هو إلا لمحاولة للتعويض عن الخسائر العسكرية التي تلقها المحور الأمريكي في السنوات الأخيرة في سوريا والعراق ولمحاولة إعطاء "إسرائيل" وتعويضها عن العمق الإستراتيجي العسكري بعمق إستراتيجي أمني وإقتصادي، وحسابات جيوستراتيجية أمريكية أنه في حال حصل أي إنكفاء عسكري لها من الخليج والقواعد المنتشرة هناك سيكون العامل الإسرائيلي موجودا لتعبئة الفراغ الذي سيحدث وبالتالي الإبقاء على حماية للعروش القائمة على الدعم الأمريكي. ويبقى السؤال في هذا الجانب هل بقي لدى "إسرائيل" من فائض قوة تحمي بها نفسها  لتحمي بها غيرها ؟؟ وماذا عن صورة الدعم الدولي والأمريكي وهل لا زالت الولايات المتحدة قادرة على حماية قواعدها المنتشرة في المنطقة وحماية جيشها وأساطيلها بالصورة التي كانت عليها سابقا وخاصة بعد اول تماس فعلي إيراني أمريكي عندما قصف الإيرانييون قاعدة عين الأسد ؟؟؟.

في العامود الإقتصادي:

إن الهجرة إلى "إسرائيل" مرتبطة إرتباطا قويا بالعامل الإقتصادي ، فبلا إقتصاد قوي لا يوجد مهاجرين وبلا مهاجرين لا يوجد "إسرائيل"، ويدخل في حسابات الإقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير لتغطية الإستيطان الدعم المالي الغربي والأمريكي بشكل خاص وكذلك الدعم التسليحي لذا فإن أي إهتزاز يتعرض له الإقتصاد الأمريكي ينعكس سلبا على الهجرة اليهودية والجيش والذين أول ما بدا تأسيس "إسرائيل" ومن ثم توسعتها كانا العاملين الأساسيين في قيام "إسرائيل" ومن ثم نراه حاليا من تراجع في نسبة الدخل الفردي عند الصهاينة ثم نتيجة التجارب التي مرت فيها "إسرائيل" عند قيامها بأي حرب ودراسة الكلفة الإقتصادية عليهم تبين أن الإقتصاد عندهم هش لدرجة كبيرة في حال الحروب الطويلة الأمد وبما أن الإقتصاد الغربي والأمريكي بدأ في الدخول في حالات ركود مختلفة فإن إقتصادهم يتجه نحو إنكشاف ظهره ولذلك فإن الصهاينة يهرولون للبحث عن مصادر دعم جديدة منها استخراج الغاز من البحر المتوسط  وإمكانية تصديره ومنازعة الدول المجاورة على الحدود البحرية ، وفي هذا الموضوع فإن إستخراج النفط والغاز في كل العالم مرتبط بالإستقرار والعامل الأمني وتجنب الحروب وهذا العامل مفقود بشكل كبير.

بناء على هذه المطالعة فإن البناء الجيوبوليتيكي الإسرائيلي أصبح آيلا للسقوط  فقد بنيت نظريتهم الشاملة في عصر كان المحيط الذي زرعت فيه قد تشظى جغرافيا وتاريخيا وديموغرافيا وإقتصاديا وعسكريا بعد حربين عالميتين وممالك ودول سادت ثم بادت وكل ذلك ترك تراكمات مدمرة لدي شعوبنا وقد جاء خلق هذا الكيان وهندسته في قمة عصر الإنحطاط الذي مررنا فيه وبرغم كل الضغط والإرهاب الذي مورس علينا منذ 1948 وأغراقنا بعشرات الحكام الخاضعين للسيطرة الغربية إلا أنهم لم يستطيعوا إبقائنا في حالة التجميد فلتبقى "إسرائيل" كان واجبا على من أوجدها تجميد الشعوب والعقول والمقدرات المعادية لها إلى ما لا نهاية من الساعة التي أعلن فيها عن قيام "إسرائيل"، وقد نجحوا في ذلك فترة طويلة إلا أن مسار التاريخ والجغرافيا قد تغيير عام 1979 بخروج النور والنار وقيام الجمهورية الإسلامية التي أوجدت نظرية حفرت تحت هيكلهم إلى أن صاروا في وضع الصدمة، فجرى تطويقهم بصمت وسلاسة، واستفاقوا على طوق محكم وفعلي، وإن محاولاتهم في فك الطوق تصطدم بعدة حواجز ، وعدم فك الطوق يعني إختناق ذاتي، ومهما طال الزمن فإن الأيام والشهور والسنوات هي شيء قليل في عمر الأمم .  

ـ "إن الصهيونية وإبنتها دولة إسرائيل، واللتين وصلتا إلى حائط المبكي بالإحتلال العسكري لن تكونا قادرتين أبدا على التخلي عن حائط المبكى وترك أجزاء أرض إسرائيل المحتلة، من دون التنكر لتصورهما التأريخي لليهودية... المسيح العلماني لا يستطيع الإنسحاب، بإمكانه فقط الموت". ـ باروخ كورتسفايل 1970 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية