مواد أخرى » كيف تصاعدت أزمات جماعة الإخوان فى الأردن

تواجه جماعة الإخوان المسلمين 'غير المرخصة' في الأردن أزمات عديدة على أكثر من مستوى، خاصة عقب القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة الأردنية، في 13 أبريل 2016، بإغلاق المقر الرئيسي للجماعة بالإضافة إلى ست شعب تابعة لها في كل من إربد والرمثا والمفرق ومادبا والكرك، استنادًا إلى أن الجماعة غير قانونية لعدم حصولها على ترخيص جديد وفقًا لقانون الجمعيات والأحزاب الذي تم إقراره في عام 2014، وهو ما دفع اتجاهات عديدة للإشارة إلى أن قرار الإغلاق يعبر عن سياسة تسعى إلى فرض مزيد من الضغوط على الجماعة التي تعاني في الوقت نفسه من انقسامات متعددة سواء بين الأجنحة السياسية التي تنتمي إليها أو مع التكتلات السياسية الأخرى، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة.

سياسة مختلفة:

يتضح من القرارات التي اتخذتها السلطات الأردنية ضد الجماعة في الفترة الماضية أنها تتبنى نهجًا مختلفًا في تعاملها مع الأخيرة، يعتمد على اتخاذ إجراءات متدرجة تركز في الأساس، وفقًا لاتجاهات عديدة، على فرض قيود على أنشطتها وتحركاتها السياسية، في الوقت الذي كانت تعاني فيه الجماعة من اتساع نطاق الانقسامات داخلها وتصاعد حدة الخلافات المتعددة بين تياراتها المختلفة، لا سيما بين ما يسمى بـ'تيار الصقور' و'تيار الحمائم' في الجماعة. وهنا لا يمكن فصل هذه التطورات عن قيام السلطات باستصدار قرارات إدارية لصالح الأخير مُنح من خلالها شرعية تمثيل التنظيم على غرار إصدار ترخيص لتأسيس 'جمعية الإخوان المسلمين'، وهو ما أدى في النهاية إلى تكريس الخلاف بين التيارين، ووضع عقبات عديدة أمام الجهود التي بذلت من أجل الوصول إلى تفاهمات بينهما.

كما سعت السلطات الأردنية، من ناحية أخرى، نحو توجيه رسائل ردع إلى قادة وكوادر تيار 'الصقور' لدفعهم إلى تجنب اتخاذ خطوات تصعيدية تجاه الدولة بعد القرارات الأخيرة، لا سيما أن بعض الاتجاهات داخل الجماعة باتت تلمح إلى أن التصعيد يمثل آلية يمكن الاستناد إليها في سبيل إنقاذ الجماعة من التفكك وتجنب التعرض لمزيد من الانشقاقات على غرار ما حدث في الفترة الماضية وتسبب في ظهور تكتلات سياسية بديلة تتبنى خطابًا سياسيًا مختلفًا.  

ملامح أزمات الجماعة:

باتت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تواجه عدة أزمات رئيسية غير مسبوقة، ربما تهدد بتعرضها للتفكك والتراجع تدريجيًا. ومن دون شك، فإن أخطر ما فى هذه الأزمات هو أنها تعبر عن خلافات داخلية مزمنة تعكس تباين التوجهات والسياسات بين التيارات الرئيسية، وهو ما يزيد من صعوبة التغلب عليها ويضفي قدرًا من الغموض على احتمالات نجاح الجهود التي تبذلها أطراف متعددة لتقريب وجهات النظر، خاصة فى المرحلة الحالية الذى تصاعدت فيها حدة التوتر بين الجماعة والحكومة، لا سيما بعد أن صادرت السلطات، في مايو 2015، مجموعة من ممتلكات الجماعة، في إجراء أولي، وألحقتها بجمعية الإخوان التي حصلت على ترخيص في الفترة الماضية والتي يرأسها المراقب العام الأسبق عبد المجيد ذنيبات، الذي فاز بالمنصب في الانتخابات التي أجريت في يناير 2016. ويمكن تحديد أهم أزمات الجماعة في الأردن على النحو التالي:

1- أزمة تنظيمية: تعرضت جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة الماضية، إلى العديد من الانقسامات الداخلية، والتي كان أبرزها في شهر مارس 2015، عندما حصلت بعض القيادات المفصولة من الجماعة وعلى رأسها المراقب العام الأسبق عبد المجيد ذنيبات، على شهادة تسجيل من الحكومة الأردنية لـ'جمعية جماعة الإخوان المسلمين'، والتي أصبحت بعد ذلك الممثل الشرعي للإخوان لدى الدولة. ثم تجددت أزمات الانقسامات الداخلية في التنظيم، بتقديم أكثر من 300 عضو في بداية العام الجديد استقالتهم من حزب 'جبهة العمل الإسلامي'، الذي يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، من بينهم 43 قياديًا، يأتي في مقدمتهم الأمين العام السابق لحزب الجبهة حمزة منصور، والمراقب العام السابق للجماعة سالم الفلاحات الذي خسر بفارق صوتين أمام المراقب العام الحالي للجماعة همام سعيد في الانتخابات التي أجريت في عام 2012، ونائب المراقب العام السابق الدكتور عبد الحميد القضاة، وغيرهم من القيادات البارزة، الأمر الذى زاد من حدة الانقسام داخل الجماعة بصورة لم تشهدها طوال تاريخها ومثل مؤشرًا واضحًا لتراجع دورها تدريجيًا على الساحة الداخلية.

2- خلاف متصاعد مع الدولة: شهدت العلاقة بين السلطات الأردنية والإخوان المسلمين توترًا متصاعدًا خلال الفترة الماضية، نتيجة التباين في التعامل مع العديد من القضايا، لا سيما مع محاولة الجماعة استغلال تداعيات ما بعد اندلاع الثورات والاحتجاجات العربية في فرض ضغوط على الحكومة وتعزيز وضعها السياسي داخل الأردن، وهو خلاف يبدو أنه سوف يستمر في الفترة القادمة، على ضوء السياسة الجديدة التي تتبناها السلطات، لا سيما بعد أن تم وضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة التنظيمات الإرهابية في بعض الدول العربية.

تراجع محتمل:

ربما يمكن القول إن الضغوط القوية التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، سواء نتيجة توتر علاقاتها مع الدولة خاصة خلال فترة ما بعد اندلاع الثورات والاحتجاجات العربية، أو نتيجة اتساع نطاق الخلافات الداخلية بين تياراتها السياسية والتي أدت إلى ظهور تكتلات سياسة أخرى تتبنى توجهات مختلفة، سوف تفرض تداعيات سلبية عديدة على حزب 'جبهة العمل الإسلامي' الذراع السياسية للجماعة، خاصة أن معظم المؤشرات ترجح احتمال تراجع نفوذه تدريجيًا واتجاه معظم كوادره إما إلى الابتعاد عن المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة أو الانضمام إلى التكتلات السياسية الأخرى التي بدأت تلمح، وفقًا لتقارير عديدة، إلى إمكانية مشاركتها في الاستحقاقات السياسية القادمة، وخاصة الانتخابات النيابية.

المصدر: المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية .

موقع الخدمات البحثية