مواد أخرى » الجدل الأيديولوجي في روسيا البيضاء: هل عادت الحرب الباردة؟

غريغوري لوفي ـ Eascii117rasia Daily Monitor ـ 16 نيسان، 2014

أعطى الرئيس ألكسندر لوكاشينكو حديثاً لقناة التلفزيون الروسية NTV في 13 ابريل/ نيسان. في ذلك الحديث، ألقى بمعظم اللوم عن الأزمة الحالية في أوكرانيا على الحكومة السابقة،لافتقارها، على وجه التحديد، إلى الالتفات إلى الاقتصاد الأوكراني ومكافحة الفساد المتفشي. 'ينبغي للمرء أن لا يعزو هذه الظواهر للأميركيين، إلى الغرب ككل أو لروسيا'، قال لوكاشينكو. وألقى باللوم على وجه التحديد على الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش لفراره من البلاد بدلاً من التعامل مع المشكلة القائمة، والذي كان يمكن أن يكون 'إما التفاوض أو التفريق بالقوة، أو إعطاء المال' لأولئك المجتمعين في 'ميدان' كييف (الإلكتروني http:// naviny.by/rascii117brics/politic/2014/04/13/ic_articles_112_185199 /).

مع ذلك، ووفقاً للوكاشينكو، فقد ساهم الغرب في زعزعة استقرار أوكرانيا، و'خذل الأميركيون أوكرانيا'. وبذلك كان يعني أن كمية المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا من جانب الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي (IMF) هي مساعدات ضئيلة و بشروط. على سبيل المثال، إن ارتفاع الأسعار الحاد للغاز الطبيعي المسلم إلى بيوت الناس بناءً على طلب صندوق النقد الدولي يؤدي إلى استياء الرأي العام وإلقاء اللوم على الحكومة الحالية. ولن تكون الحكومة الأوكرانية قادرة على عزو هذه الضائقة الاقتصادية إلى 'الثورة ' فقط. وقد أعرب لوكاشينكو عن رأي مخالف تماماً لسياسة الحكومة الروسية حول مسألتين. فبتكراره ما كان قد قاله في مناسبة سابقة (انظر EDM ، 3 أبريل/ نيسان )، ذكر لوكاشينكو أن فيدرالية أوكرانيا من شأنها أن تؤدي إلى انفصالها؛ وكما أعرب عن دعمه الرئيس الأوكراني بالوكالة أولكسندر تورشينوف الذي ' يرى الوضع بشكل صحيح ' والذي يشعر بالقلق، بحسب ما قيل، من أنشطة تحريضية من جانب المتطرفين اليمينيين. ورفض لوكاشينكو تهديدا روسياً محتملاً حول استقلال روسيا البيضاء على أساس أنه سيكون من غير المجدي حماية الناطقين بالروسية في روسيا البيضاء ' لدينا بلد بأكمله يتحدث اللغة الروسية ' ( http://naviny.by/rascii117brics/politic/2014/04/13 / ic_articles_112_185199 / )
مع ذلك، فإن التهديد الروسي الموجه لروسيا البيضاء لا يزال موضوعاً شعبياً. وقد خصصت حلقة 8 أبريل/ نيسان من البرنامج الحواري ' براغ أكسنت توك شو'  في هيئة الاذاعة البيلاروسية، راديو ليبرتي ( BSRL ) لهذا الموضوع ( http://www.svaboda.org/content/article/25325297.html ) . وكان السؤال المركزي الذي تعرض له المشاركون الثلاثة ( اثنان منهما كانا من مينسك ) هو ما إذا كان البيلاروس، سواء الموالين أو المناهضين للحكومة، سيكونون قادرين على التغلب على خلافاتهم في مواجهة مثل هذا التهديد والدفاع عن بلدهم معاً. ورأى الكسندر سينكيفيتش، وهو منسق للموقع التحليلي Cytadel عبر الإنترنت (( cytadel.org وصديق للحكومة ورجل أعمال من مينسك، أن بالكاد يكون بامكان القومية العرقية مع ما هو أكثر من مسحة الفوبيا الروسية فضلاً عن سيادة الدولة ذات الميل الاستبدادي إقامة علاقات صداقة مع بعضها البعض. فضلاً عن ذلك، وبحسب ما قال، فإن تغريب الوطنيين مع صورة الفوبيا الروسية هي التي تهدد استقلال روسيا البيضاء أكثر من غيرها لأن محاولات الحكومة، كما يظهر المثال الأوكراني، بأن تصبح أداة في يد الغرب تثير رد فعل عدائي من روسيا. ووفقاً لسيويرين كويتكووسكي، وهو مدوِّن من مينسك، فإنه يجب على الموالين للحكومة والمتغربين التوصل الى حل وسط. وعلى وجه التحديد ، ينبغي للمتغربين تقليص الكلام عن 'نظام متعطش للدماء' في حين يجب على الموالين استخدام موضوعات التاريخ والثقافة البيلاروسية المزروعة من قبل المتغربين. إذ يبدو أن بعض الأفلام الوثائقية التي يبثها التلفزيون البيلاروسي تناسب هذا النهج بالفعل. على سبيل المثال، كانت هناك سلسلة مكرسة لكاستوس كالينويسكي (1838-1864)، أحد أبطال الانتفاضة البولندية عام 1863 ضمن ما يعرف الآن بجمهورية بيلاروس. بعد عرض الفيلم، انتقد موقع ' ريجنوم' الروسي لوكاشينكو لجمايته ' القومية البيلاروسية المتطرفة '. بدوره، أعرب زميتسرى غورنيفيتش، وهو مساعد يعمل في قناة تلفزيون  Belsat في وارسو، والمشارك الثالث في البرنامج الحواري ( توك شو)، عن رأي مفاده أن ورثة الغرب والقومية الروسية- التوجه الفكري في القرن التاسع عشر، الذي هو في صراع مرير مع برنامج التغريب لكالينويسكي – قد اكتسبوا موطئ قدم على شاشة التلفزيون البيلاروسي. وكما أشار غورنيفيتش، فإن هؤلاء الأفراد يستخدمون، وعلى نحو متزايد الضمير 'نحن' عندما يتحدثون عن روسيا البيضاء وروسيا، البلدين اللذان يصبحان قابلين للتجزئة في عقلية الغرب والروس.

لماذا يثق البيلاروس، في الواقع، بالقنوات التلفزيونية الروسية؟ كان هو السؤال الموجه من قبل فالر كارباليفيتش، وهو مساعد يعمل في BSRL في مينسك. ووفقاً لكارباليفيتش، وعلى الرغم من أن الإنترنت يسمح للمرء بالتعرف الى جميع أنواع وجهات النظر، فإن بعض صور البروباغندا النمطية، المستغلة من قبل التلفزيون الروسي والبيلاروسي على حد سواء، جعلت أكثر البيلاروس يتأرجحون. هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على الرأي القائل بأن مسيرة 'ميدان' كييف قد نظمها وحافظ عليها ' الفاشيون '. وعلى الرغم من مرور 23 عاما على الاستقلال، بحسب ما يقول كارباليفيتش، فإن البيلاروس ما زالوا يعيشون ضمن 'نطاق قيمة روسيا'. على سبيل المثال، إن الفرضية القائلة بأن شبه جزيرة القرم موجودة على الاراضي الروسية ينظر اليها من قبل معظم البيلاروس باعتبارها بديهية. هناك مستوى منخفض من الوعي الذاتي الوطني بين البيلاروس يسهم في تعرضه للبروباغندا الروسية. على سبيل المثال، كانت احدى الاتهامات الرئيسة الموجهة ضد الوطنيين في 'ميدان' كييف هي رغبتهم في الاحتفاظ باللغة الأوكرانية بصفتها اللغة الرسمية الوحيدة في أوكرانيا. حاول البيلاروس أن يتصوروا انفسهم خاضعين للغة واحدة  كهذه فشعروا بالسخط والاستياء ( svaboda.org ، 9 ابريل/ نيسان).
على خلفية هذه الحجج، تتكشف محاولة الكسندر سينكيفيتش تقييم الفائزين والخاسرين من الأحداث في أوكرانيا. إذ يصنف سينكيفيتش ما يعتبره مكاسب وخسائر لأربع كيانات محددة- روسيا البيضاء، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة – على مقياس -10 < 0 < +10 ومن ثم يحدد المجموع الكلي. على سبيل المثال، وبالنسبة لبيلاروسيا، تشمل الجوانب الإيجابية احتمالاً أكبر ( مما كان عليه قبل الأزمة الأوكرانية ) بأن تقوم روسيا الآن بإلغاء الرسوم الجمركية على صادراتها من النفط المكرر، احتمال ملء الصناعة البيلاروسية كوات كان يحتلها المنتجون الأوكرانيون، وتعزيز الدفاع الجوي البيلاروسي. أما الجوانب السلبية بالنسبة لبيلاروسيا فهي أن الوضع يقوض توجهات التكامل الأوراسي، تضييق السوق الأوكرانية، خطر نشوب حرب عالمية، وخطر انتشار الفوضى الى خارج حدود أوكرانيا. ويبدو المجموع الكلي سلبياً قليلاً. في الواقع، ووفقاً لسينكيفيتش، يبدو أن الكيان الوحيد صاحب المكسب بالمجموع، هي الولايات المتحدة. فالمكسب الأميركي  يتكون، بحسب ما هو مزعوم، من انحسار التهديد المتعلق بتوحيد شمال أوراسيا، حرب محتملة بين المتنافسين الأميركيين، إضعاف الاتحاد الأوروبي وروسيا، وتحكم جديد بجزء من الاقتصاد الأوكراني ( http://cytadel.by/ مقالات / krizis - integratsii -I- myagkoj - SILY ) .

ومع الأخذ بالاعتبار أن الشيطنة المتبادلة كانت جزءاً لا يتجزأ من الحرب الباردة، يمكن للمرء الاشارة إلى عودة أبعاد معينة من تلك الحرب بالفعل. للأسف، هناك احتمال أن تكون أبعاد أخرى في طور العودة أيضاً.

(*) ترجمة إيمان سويد ـ خاص موقع مجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية