مواد أخرى » برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية: نقطة الخلاف المحتملة في المفاوضات النووية

جوفي جوزيف (*) ـ (Iran Matters Harvard&rsqascii117o;s Belfer Center)
13 آذار، 2014


يناقش جوفي جوزيف برنامج إيران للصواريخ الباليستية وكيف سيتم التعامل معها في مفاوضات مجموعة الـ 5+1 المقبلة في فيينا. ويوصي بالحد من نطاق وحمولة الصواريخ الإيرانية باعتبارها حلاً وسطاً مناسباً، لكنه يحذر  مجموعة الـ 5+1  من عدم افساد الفرصة للتوصل إلى اتفاق حول التخصيب بسبب الخلاف على الصواريخ.

سوف يجتمع المديرون السياسيون لمجموعة الدول 5+1 مجدداً في فيينا الاسبوع المقبل لاستئناف المحادثات مع إيران بشأن اتفاق شامل لحل المخاوف الدولية بشأن برنامج ايران النووي في مقابل رفع العقوبات المفروضة على مدى العقد الماضي رداً على الأنشطة النووية غير المشروعة لإيران. وإذا اتاحت مجموعة الاجتماعات الافتتاحية في يناير/ كانون الثاني لكلا الجانبين فرصة طرح مواقفهم الافتتاحية وترسيخ طرائق واساليب إجرائية، فإن من المرجح أن تكون المحادثات الاسبوع القادم موضوعية بطبيعتها وتركز على العناصر الفردية لاتفاق نهائي. مع ذلك، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان وبأي طريقة سوف تناقش احدى الهواجس على وجه الخصوص: مستقبل برنامج إيران للصواريخ الباليستية، هذا اذا ما حصل النقاش.

لقد اجتذب هذا السؤال بالفعل رافعات خطابية حادة من الجانبين تحضيراً لإطلاق المحادثات في يناير/ كانون الثاني. وقد أصرت مجموعة الـ 5+1، بقيادة الولايات المتحدة، على أن يكون برنامج إيران للصواريخ الباليستية على الطاولة في أي اتفاق شامل، مشيرة إلى المرجعية التمهيدية لـ ' خطة العمل المشتركة' لجهة ضرورة اتخاذ إجراءات لـ ' معالجة قرارات مجلس الامن الدولي ' حول إيران. وكما سنناقش قريباً، فإن تلك القرارات تدمج بالفعل الحظر على النشاط المتعلق ببرنامج إيران للصواريخ الباليستية. ومع ذلك، فقد رفض المسؤولون الايرانيون بكل قوة أي فكرة تقول بأن القيود المفروضة على الأنشطة الصاروخية الايرانية يجب أن تكون جزءا من هذه المفاوضات، مشيرين إلى أن الصواريخ الإيرانية البالستية عنصر مشروع من عناصر برنامجها العسكري ولا يتصل بأي شكل من الأشكال بالملف النووي. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت الوفود قد توصلت إلى حل وسط يسمح بوضع الصواريخ الباليستية على جدول الأعمال للمناقشة، أو ما إذا كان قد تم وضعه جانباً في الوقت الراهن .

لماذا تطالب مجموعة الـ 5+1 بأن يتم دمج أنشطة إيران في مجال الصواريخ الباليستية في المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني؟ من المهم أن نتذكر أن هناك حاجة إلى ثلاثة عناصر مستقلة، إذا ما رغبت دولة بامتلاك أسلحة نووية: 1 ) المواد الانشطارية، سواء اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم؛ 2 ) القدرة على 'تسليح ' تلك المواد الانشطارية، على سبيل المثال دمجها في رأس حربي نووي عامل يمكن أن ينفجر عند اعطائه الأمر، و3) القدرة على ايصال رأس حربي نووي الى أراضي العدو، ويفضل عن طريق الصواريخ.  وتركز مجموعة الـ 5+1 باهتمام على العنصر الأول، وقد جمدت الاتفاق المؤقت وارجعت إلى الوراء، جزئياً، قدرة إيران على إنتاج المواد الانشطارية. وقد تُرك العنصر الثاني للوكالة الدولية للطاقة الذرية ( IAEA) كي تأخذ زمام المبادرة في تحديد الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج ايران النووي، في إشارة إلى أنشطة التسلح المشتبه بها في الماضي والحاضر. أما العنصر الثالث، أي صاروخ باليستي قادر على إيصال سلاح نووي إلى أراضي العدو، فهو ما يحوِّل حيازة الأسلحة النووية الى تهديد استراتيجي. نعم، يمكن لدولة أن تهرِّب سلاحاً نووياً إلى أراضي العدو عن طريق الشاحنات أو السفن كجزء من عمل ارهابي لمرة واحدة، لكن من دون قدرة اطلاق موثوقة للصواريخ البالستية، فإنه ليس بامكانها استخدام ترسانتها النووية بوصفها أداة استراتيجية للسلطة الوطنية.
 
لهذا السبب، أشارت قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة حول البرنامج النووي الايراني، التي يعود تاريخها إلى القرار الأولي الذي اعتمد في عام 2006، الى برنامج إيران للصواريخ الباليستية، ودعت الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنب تزويد برنامجها بما يحتاجه. أما القرار 1929، الذي اعتمد في عام 2010 ، فقد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ودعا إيران إلى التخلي عن أي نشاط يتعلق بالصواريخ البالستية القادرة على إيصال الأسلحة النووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية. فعلى أساس هذا القرار تعتبر الولايات المتحدة وغيرها من البلدان سلسلة إيران المتواصلة لعمليات الاطلاق في المجال المدني باعتبارها انتهاكات للقرار 1929. وبالتالي، ينبغي الا نتفاجأ بكون مجموعة الـ 5+1 مصرة على أن يتضمن أي اتفاق شامل بشأن البرنامج النووي الايراني فرضاً للقيود على برنامج الصواريخ البالستية. أما الهدف الأساس من أي اتفاق من هذا القبيل فهو إطالة زمن الاختراق الايراني لصنع سلاح نووي - وهو هدف سوف يقوَّض إذا ما سمح لإيران باتقان آلية الاطلاق بحيث تكون مستعدة في أي وقت، إذا ما اختارت، ومتى ما اختارت، الخروج من الاتفاق.

من ناحية أخرى، يمكن لإيران أن تتساءل، وهذا مشروع، عن سبب الطلب منها البدأ بوضع حدود وقيود على برنامجها للصواريخ البالستية. فعلى الرغم من أن قرارات مجلس الامن الدولي قد أثارت باستمرار مسألة الأنشطة الصاروخية الايرانية باعتبارها مسألة مثيرة للقلق، فإن مجموعة الـ 5+1 لم تثر أبدا القضية خلال المحادثات بشأن اتفاق مؤقت. ( والسبب بسيط : كان يمكن أن يكون التفاوض حول قيود قابلة للتحقق على برنامج الصواريخ الإيراني لمدة ستة أشهر فقط أمراً صعباً جداً وأن يستغرق وقتاً طويلاً جداً ). بالرغم من ذلك، قد تكون إيران متفاجئة حقاً بكون المسألة مطروحة الآن مجدداً على طاولة المفاوضات. الأهم من ذلك، هو أن إيران، بصفتها دولة ذات سيادة تقع في بيئة إقليمية صعبة، لديها احتياجات دفاعية مشروعة، والتي يمكن أن تساعدها في هذا المجال الصواريخ الباليستية المسلحة برؤوس حربية تقليدية. إن وضع أي قيود على برنامج الصواريخ الباليستية الايرانية والتي يمكن أن تساعد على منع استخدامها كآلية لإلقاء أسلحة نووية بينما تحافظ على قدرتها على القاء رؤوس حربية تقليدية يمثل تحدياً. قد لا نحب الواقع الذي يقول بأن إيران تستهدف إسرائيل ويحتمل أن تستهدف حلفاءنا في الناتو في أوروبا بالصواريخ الباليستية، ولكن لا يوجد شيء في القانون الدولي يمنع إيران من القيام بذلك، طالما أنه لا يتم تسليح تلك الصواريخ بأسلحة الدمار الشامل.

وفقاً لذلك، فإن أي حل وسط بشأن هذه المسألة سوف يكون صعباً و يمكن أن يفسد فرص تأمين التوصل إلى اتفاق نهائي. ويمكن لقرار محتمل أن يشمل قيوداً متفقاً عليها حول النطاق والحمولة لضمان أن تكون أي مجموعة من الصواريخ الباليستية الإيرانية مقتصرة على منطقتها المباشرة وغير قادرة على تحقيق نطاقات متوسطة أو حتى عابرة للقارات. وبموجب اتفاقية بعيدة المدى أكثر، يمكن لايران أن توافق على تفتيش منتظم لقوتها الصاروخية لضمان أن تكون الحمولات مبنية بشكل مناسب فقط للأسلحة التقليدية. ولدى الولايات المتحدة خبرة واسعة بفي لتحقق من القدرات الصاروخية للدول الأخرى، مثل كوريا الجنوبية، ويمكن تطبيق الدروس ذات الصلة هنا.

مع ذلك ، ينبغي لمجموعة الـ 5+1 أن تضع في اعتبارها الصورة الأوسع. فالأمر الأكثر الحاحاً في هذه المفاوضات هو الضمانة بألا يكون بإمكان إيران اختراق العتبة النووية بسرعة وانتاج مواد انشطارية كافية لبناء سلاح نووي أو أكثر. إن الاتفاق المؤقت الذي يجري تنفيذه حالياً قد أرجع بالفعل قدرة إيران في هذا الصدد الى الوراء، كما أن من المرجح أن يؤدي الاتفاق النهائي إلى الحد من قدرة إيران على تخصيب وانتاج البلوتونيوم إلى درجة أن أي اختراق علني سوف يتم الكشف عنه في غضون أشهر من الإنذار المسبق. إن فرض قيود على برنامج إيران للصواريخ البالستية يبقى هدفاً يستحق الذكر، ولكن عدم القيام بذلك يجب أن لا يهدد، بالضرورة، عملية التفاوض برمتها ولا ينبغي أن تكون مجموعة الـ 5+1 على استعداد لمقايضة قيود أكبر على الصواريخ في مقابل المزيد من المرونة الإيرانية على قدرة تخصيب اليورانيوم. ومع اقتراب نهاية اللعبة في يونيو/ حزيران و يوليو/ تموز، وسوف يكون المفاوضون في مجموعة الـ 5+1 بحاجة إلى تذكر اختيار معاركهم بحكمة.

(*) عمل جوفي جوزيف على السياسة الأميركية تجاه البرنامج النووي الايراني وشارك في مفاوضات مجموعة 5+1 مع إيران بصفته 'مدير منع انتشار الأسلحة النووية لموظفي مجلس الأمن القومي التابع للبيت الابيض 2011-2013 .

(*) ترجمة إيمان سويد ـ خاص موقع مجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية