ديفيد بارنو ـ نورا بن ساحل ـ كاثرين كيدر ـ كيلي سيلر ـ Center for a New American Security
تشرين أول، 2013
موجز تنفيذي
إن الجيش الاميركي بحاجة إلى سلك ضباط تكيفي وإبداعي من أجل التصدي لتحديات القرن 21 المعقدة ـ حيث إن متطلبات إدارة بيئة أمنية دولية متقلبة على نحو متزايد وإدارة المشروع الدفاعي الضخم سوف تصطدم بسرعة بوقائع تراجع ميزانيات الدفاع والقدرات العسكرية العالمية الأميركية المقيِّدة. مع ذلك، إن 12 عاما من الحرب في نزاعات غير تقليدية في العراق وأفغانستان شوهت مهارات سلك الضباط وخفضت كثيراً من مساحة الوقت المتاح للتعليم العسكري المهني وتوسيع نطاق التعيينات. بالإضافة إلى ذلك، إن أكثر من عقد من الحرب غير النظامية قد يؤدي إلى اعداد الضباط بشكل سيئ لما ينتظرنا في المستقبل.
لهذا السبب، يجب على الولايات المتحدة مضاعفة الجهود الرامية إلى تعزيز القادة العسكريين الحاليين والمستقبليين، انطلاقاً من سلك الجنرالات والأدميرالات، وامتداداً إلى كل أولئك الصاعدين لشغل هذه المناصب. فهؤلاء الضباط سيكونون مسؤولين عن قيادة قوة أصغر حجماً وأكثر صرامة مسؤولة عن تحمل مسؤوليات الوطن إزاء الأمن العالمي. إن تحسين مهمة ضابط العلم تعليمه، اختياره وتقييمه هو استثمار حكيم وضروري لضمان حفاظ الأمة على قدرة القيادة العليا على منع الحرب المقبلة، وإذا لزم الأمر، الانتصار فيها.
هناك عدة مبادرات ستحسن، وإلى حد كبير، تطوير ضابط العلم والمساءلة في السنوات المقبلة. فضباط العلم للغد سوف يستفيدون من نظام تعيين يضعهم على طريق أحد اختصاصيين: وظيفة قتالية ("تنفيذية") ووظيفة مؤسسية (" مشاريع"). إن ترميز كل الوظائف المعينة لرتب من فئة النجمتين، الثلاث ـ والأربع ـ نجمات، على أنها إما تشغيلية أو مؤسسية، وتعيين ضباط العلم المختارين لرتبة نجمتين في أحد هذين المسارين، سيمكن الضباط من تحسين تطورهم وتعليمهم لأجل أداء مسؤوليات مهمتهم.
إن زيادة فترة التعيين ـ إلى خمس سنوات ـ من شأنه أن يساهم، بشكل إضافي، في تعميق الخبرة، التعلم والمساءلة. وسوف تستفيد فترة التعيينات الاطول هذه بشكل أفضل أيضاً من مسارات مهنية أطول ـ إلى 40 سنة وما عداها ـ والتي أصبحت أكثر شيوعاً بين جنرالات وأدميرالات من رتبة ثلاث وأربع نجوم.
سوف يكون ضباط العلم بحاجة أيضاً إلى تعليم قوي، مصمم ومفصل لدعم مسار وظيفتهم المسندة إليهم. ينبغي لضباط على المسار التنفيذي حضور دورة القيادة العليا ودورة الأركان الأميركية الجديدة التي تؤكد على المهارات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية. ينبغي لضباط المؤسسات حضور الكليات التجارية وبرامج القيادة المؤسسية التنفيذية، تكملها دورات عسكرية محددة.
أخيراً، سوف يحتاج الضباط إلى عملية اختيار وتقييم تحدد توقعات واضحة للأداء وتعزز المساءلة على امتداد حياتهم المهنية، لا سيما على مستوى فئة الثلاث والأربع نجوم . وينبغي أن تشمل هذه العملية مراجعة للأداء والتقييم الكتابي لجميع الضباط، ما سيعزز بشكل إضافي عملية الإرشاد واستمرار التطوير الذاتي. أما اليوم، فإن هذا النظام يتوقف فجأة عندما يتم ترقية الضابط لرتبة ثلاث نجوم.
وفي حين أن الجوانب الأخرى لإدارة الضباط ـ بما في ذلك الثقافة العسكرية والاحتفاظ بالمواهب ـ سوف تسهم أيضا في قدرة الجيش على اجتياز الغموض الاستراتيجي الهائل للبيئة الأمنية المستقبلية فضلا عن التعقيدات المتنامية للمشروع الدفاعي، فإنها كلها تقع خارج نطاق هذه الورقة. وبينما يبدأ الجيش في التكيف مع بيئة مقيدة الموارد تدعم استراتيجية الأمن العالمي، يجب عليه تنفيذ إصلاحات في تعيين مهمات الضباط، تعليمهم، اختيارهم وتقييمهم. إن القيام بذلك هو استثمار أساسي في إنتاج سلك ضباط متكيف معد جيدا لمجموعة واسعة من التحديات في المستقبل.
مقدمة
سوف يواجه الجيش الأميركي في السنوات المقبلة عدداً من التحديات الاستراتيجية التي تتطلب تفكيراً مبتكراً إلى الأمام وعلى أعلى مستويات القيادة النظامية. سيكون كبار ضباط الجيش الأميركي مكلفين بمسؤولية إدارة المشاريع الدفاعية الضخمة المعقدة بشكل مذهل مع انخفاض الموارد، في حين يُطلب منهم أيضا توفير القيادة التنفيذية التي من شأنها ضمان قدرة الجيش الاميركي على السيطرة في ساحة المعركة في أي صراع محتمل. قد لا تكون الخبرة العسكرية الأخيرة دليلاً مفيداً لهذا المستقبل. فبالنسبة للسنوات الـ 12 الماضية، كانت وزارة الدفاع (DOD) تكبر، وكانت ميزانيتها تتزايد. في هذه الأثناء، كان قسم كبير من قيادة الجيش الاميركي مستهلكاً في القتال في حربين متطلبتين لمكافحة التمرد في العراق وأفغانستان. أما الآن، بالمقابل، فإن الولايات المتحدة تواجه بيئة أمنية دولية تتميز بالغموض وعدم الاستقرار المتزايدين ، حتى بينما تواجه وزارة الدفاع الاميركية ضغوطاً ثابتة باتجاه الأسفل. إن المطالبة بقيادة عسكرية فعالة يمكنها الحفاظ على أرفع المهارات القتالية واتخاذ قرارات المشاريع السليمة سوف يكون أمراً غير مسبوق.
إن النهج الحالي في برنامج " التعليم العسكري المهني" (PME) وتطور كبار الضباط قد لا يُعدّهم بشكل كاف لتلبية تلك التحديات المقبلة. فخلال العقد الماضي، لم ينل العديد من أرفع القادة العسكريين للبلاد ـ الجنرالات والأدميرالات، وأولئك الذين كانوا على وشك شغل أماكنهم ـ إلا فرصاً قليلة بما يتعلق بدوام كامل في برنامج " التعليم العسكري المهني" (PME) وتوسيع التعيينات لتنمية قدرات التفكير الاستراتيجي لديهم أكثر مما فعل العديد من أسلافهم. وعدا بعض التعديلات للتكيف مع عقيدة مكافحة التمرد، ظل "التعليم العسكري المهني" (PME) الذي وفرته المؤسسات العسكرية في العقد الماضي ثابتاً إلى حد كبير على الرغم من التغيرات السريعة الحاصلة في العالم. فضلاً عن ذلك، وبما يتعلق بالجنرالات والأدميرالات، فإن عمق التعليم العسكري المهني (PME) الرفيع يتناقص تدريجياً بشكل كبير، مع دورات تقاس بالأيام أو الأسابيع بدلا من الأشهر أو السنوات والتي غالباً ما تستثمر في صفوف الضباط الأدنى رتباً. إذ من المطلوب عادة من ضباط العلم العودة إلى تجارب التعليم العسكري المهني الأكثر كثافة في النصف الأول من مهنهم لاثارة المعرفة لديهم لتطبيقها على المشاكل المعقدة اليوم.
إن الاختلاف بين المهارات القيادية لكبار ضباط الجيش الحالي ومتطلبات المستقبل الغامض، إذا ما ترك دون علاج، قد يؤدي إلى جيش أميركي بقيادة جنرالات وأدميرالات غير مستعدين لتعقيدات حرب مستقبلية ولا جاهزين للإدارة الفعالة بشكل كبير لمشروع دفاعي معقد بشكل ضخم - ومحدودة الموارد الآن. وبينما تخرج الولايات المتحدة من حربيها في العراق وأفغانستان وتباشر في أحدث تراجع عسكري لها، فإن عليها اغتنام الفرص المقدمة لها بسبب الأولويات المقيِّدة مالياً للقيام بإصلاحات مؤسساتية في تعيين الضباط وتعليمهم، اختيارهم وتقييمهم، الأمر الذي من شأنه تعزيز قدرات سلك ضباط العلم في العقد القادم وما بعده. إن المشاكل التي تم حلها سابقا عن طريق ضخ المزيد من الموارد سوف تتطلب الآن تفكيراً ابتكارياً وإدارة إبداعية من قبل كبار القادة العسكريين. فضلاً عن ذلك، ينبغي تعزيز معايير الأداء والمساءلة الشخصية لأصحاب الرتب العالية. إن الحاجة لوجود لفيف من كبار القادة العسكريين المرنين والقابلين للتكيف لم تكن أبدا أكبر مما هي عليه اليوم، وينبغي، ببساطة، تحسين النظم المكلفة إنتاج هؤلاء القادة المبدعين.
سوف يكون ضباط العلم في المستقبل بحاجة إلى ثلاثة أشياء ليكونوا على استعداد كاف لسلسلة من المهام الصعبة المتزايدة. أولاً، سوف يكونون بحاجة إلى فرص تطوير أفضل. ينبغي تصنيف ضباط العلم إلى مسار تشغيلي وومسار مشاريعي منفصلين، مع فترات تعيين أطول للمهمات ، من أجل تعميق خبراتهم وممارسة قيادة أكثر فعالية في واجباتهم . ثانياً، سوف يكونون بحاجة إلى تعليم قوي مؤسساتي على مستوى العلم لإعدادهم لاجتياز الغموض الاستراتيجي العميق وتحديات المشاريع المعقدة المقبلة. ثالثاً، سوف يكونون بحاجة إلى عملية اختيار وتقييم تعزز المساءلة و تحفز على الأداء و التطور المهني على حد سواء. وهناك عوامل أخرى - بما في ذلك إدارة المواهب والاحتفاظ بها، و كذلك غرس ثقافة عسكرية تقدر الفضول الفكري وتحمل المخاطرة – وهي هامة أيضاً لإدارة تحديات البيئة الأمنية في المستقبل، إلا أنها تندرج خارج نطاق هذه الورقة. إن جعل هذه الأمور الثلاثة في نصابها الصحيح سوف يساعد على ضمان قيادة الأمة من قبل قادة عسكريين أفضل، ألمع و أكثر تكيفاً. أما الخطأ في هذا الأمر فإنه قد يحكم على الجيش الأمريكي بالفشل في كل من الابتكارفي المعركة والادارة الإبداعية للبيروقراطية العسكرية الواسعة.
في الواقع، ونظراً إلى النظام المغلق لأفراد الجيش، فإن سلك الضباط الممتحنين في المعركة اليوم (إنما المركز عليهم بشكل ضيق في بعض الأحيان) ـ بدءاً من ضباط أصبحوا في السلك حديثاً وصولاً إلى جنرالات حاليين من فئة نجمتين ـ سيكون بمثابة "الركيزة " الوحيدة لضباط الثلاث والأربع نجوم؛ لا توجد فرص للدخول الجانبي من الخارج. فالرؤساء الأربعة أو الخمسة لكل جهاز من الأجهزة أو رؤساء (أو رئيسات) هيئة الأركان المشتركة هم في الخدمة العسكرية بالفعل اليوم. ينبغي أن يصبح كبار القادة العسكريين هؤلاء ماهرين للغاية في جميع أشكال الصراع، بدءاً من "حروب السيليكون" والحرب الإلكترونية وصولاً إلى الصراعات التقليدية مع الدول القومية والصراعات غير النظامية التي يغذيها الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. فضلاً عن ذلك، ينبغي أيضاً لعدد كبير من ضباط العلم المستقبليين هؤلاء السيطرة على تعقيدات إدارة المؤسسة الدفاعية الهائلة التي تضم أكبر وأعقد عدد من الموظفين والنظم اللوجستية والأجهزة في العالم. يجب أن يكون كبار ضباط الجيش أكثر قدرة من أي وقت مضى على التنقل بين الوكالات المعقدة والبيئات السياسية في واشنطن، حيث أن صناع السياسة المدنية يسعون للاستفادة من جميع عناصر السلطة الوطنية. إن هذه اللحظة تتطلب إعادة تقييم دقيق لكيفية بناء أفضل الجنرالات والأدميرالات للتعامل مع بيئة معقدة وسريعة التغيير في المستقبل.
البيئة المتغيرة
منذ أيلول/ سبتمبر 2001، كان الجيش الامريكي مستهلكاً بسبب خوضه حروباً طويلة في أفغانستان والعراق. في الواقع، يواصل أكثر من50000 جندي أميركي محاربة المتمردين في أفغانستان اليوم، حتى مع تحرك الولايات المتحدة لسحب جميع قواتها المقاتلة هناك بحلول نهاية عام 2014، لتختم بذلك، وبشكل فعال أطول حرب في البلاد. وعلى امتداد الحملات في العراق وأفغانستان، ركز التخطيط العسكري على التكيف بأسرع وقت ممكن من المعارك المفتوحة التقليدية نسبياً ضد طالبان وصدام حسين وصولاً إلى متطلبات عمليات مكافحة التمرد المطولة والمتغيرة باستمرار ـ حروب لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لخوضها في بداية العقد الماضي، وهذا واضح. على الرغم من الشجاعة الهائلة واالتكيف المطرد مع متطلبات كل صراع، فقد فشلت القوات الأميركية بتحقيق نصر استراتيجي حاسم على أي من هذين المسرحيْن. هذا الواقع ـ مع بعض التساؤلات حول تحركات الجيش الأميركي ـ سيشكل التفكير العسكري وجوانب نقاش الأمن القومي، على حد سواء، لسنوات قادمة. مع ذلك، من المرجح أن تكون البيئة الأمنية الدولية للغد مختلفة كثيرا عن تجربة السنوات الـ 12 الماضية، وربما تمثل بالفعل تحديات جديدة إلى حد كبير بالنسبة للجيش الأميركي والتي تتطلب، وبشكل ملحوظ، استراتيجيات، منظومات أسلحة، مفاهيم عمليات كلها جديدة.
سوف تتصف هذه البيئة الأمنية المستقبلية بانتشار المصادر المحتملة للصراع وبالتطور المتزايد للتكنولوجيات ومنظومات الأسلحة. وستواصل الدول القومية التقليدية المتنافسة الحصول على نظم الأسلحة التقليدية وتحسينها وعلى قدرات منع الدخول الى المناطق( anti-access/area )، بينما سيشكل الأفراد والجهات الفاعلة غير الحكومية تهديدات إضافية. وكما خلص " مجلس الاستخبارات الوطنية " في تقييمه للاتجاهات العالمية، فإن " أفراداً ومجموعات صغيرة سوف يكون لديهم قدر أكبر من إمكانية الوصول إلى التكنولوجيات الفتاكة والمدمرة ( لا سيما قدرات الضرب الدقيق، الأدوات السيبرانية والأسلحة الإرهابية البيولوجية )، ما يمكنهم من ارتكاب العنف على نطاق واسع – قدرة كانت سابقا حكراً على الدول. وفي الوقت نفسه، فإن الضغوط الديموغرافية، بما في ذلك التحضر السريع والانتفاخات الشبابية غير المستقرة، يمكن أن تزيد من احتمالات نشوب صراعات متفجرة في البيئات الحضرية. كل هذه العوامل تؤكد على الحاجة لضباط علم مرنين وقابلين للتكيف.
سوف تشهد السنوات القادمة تقاربا صعباً بين مسؤوليات الأمن العالمي الأميركي من دون تغيير إلى حد كبير، زيادة عدم الاستقرار في المنطقة وتقلص موارد الدفاع. من المحتمل أن تُمتحن المستويات العليا في الجيش الأميركي بطرق غير مسبوقة. أما بما يتعلق بما هو أبعد من المهارات اللازمة لإدارة المخاطر الأمنية، فإن القادة العسكريين بحاجة لامتلاك كفاءة لا تضاهى بجميع عناصر الحرب الحديثة، وكذلك امتلاك القدرة على تحمل مسؤوليات الإدارة المؤسسية التي لا علاقة لها، في نواح كثيرة، بالمهارات القتالية الأكثر تقليدية. هذا التنوع الواسع من المهارات يتحدى تشابهات واضحة مع مساعٍ معاصرة أخرى على نطاق واسع .
بالتالي، إن ضباط العلم في المستقبل بحاجة لأن يكونوا متعددي المواهب بشكل غير عادي، وذوي قدرة عالية على التكيف لإدارة تعقيدات مؤسسية استراتيجية هائلة. ويبين التاريخ أن من غير المرجح أن يخوض قادة الجيش الحرب القادمة بشكل صحيح تماماً. مع ذلك، واذا كان بالإمكان تعليم هؤلاء القادة أن يكونوا متكيفين في السلام، فسوف يكونون أفضل استعداداً بكثير من العدو لجهة الاعتراف بالأخطاء الحتمية وتصحيحها عندما تندلع الحرب القادمة. فإذا ما فشلت قيادة الأمة بالاستثمار في العمليات الفضلى لتحسين تعيين مهام هؤلاء الضباط وتعليمهم، اختيارهم، وتقييمهم، فإنها تخاطر بأن يكون لديها جيش غير مستعد للانتصار في البيئة الأمنية المحفوفة بالمخاطر التي سوف تواجهها الولايات المتحدة لا محالة تقريباً.
الفرص المتمثلة بفترات المهنة الممتدة
لحسن الحظ، يقدم مزيج من العوامل فرصاً وآفاقاً بما يتعلق بوظائف أطول بكثير لضباط العلم. إن المزايا المحتملة للإبقاء على الضباط الأفضل والأكثر خبرة في الخدمة لمدة أطول في ذروة قدراتهم المهنية أمر لا مغالاة فيه. وعلى الرغم من أن القانون الحالي يتطلب من الضباط من فئة نجمة أو اثنتين التقاعد بعد 30 و35 سنة من الخدمة، على التوالي، (أو بعد خمس سنوات في الدرجة، الأمر الذي لا يحدث أبداً لاحقاً )، فإن الضباط من فئة ثلاث أو أربع نجوم يمكن أن يكون لديهم مهنة تمتد إلى 40 عاما، وأكثر. نتيجة لذلك، فإن ما يقرب من 190 من أكبر ضباط العلم الأميركيين لديهم فرص أكبر بكثير الآن للقيام بمهام أطول وتطوير مهني أعمق. وقد تسلم هؤلاء الضباط مناصب قيادية متلاحقة جداً في كل الجيش الأميركي. فبالسماح لهم بخدمة أطول، وبشغلهم مناصب لفترات طويلة وتحمل خيارات تطويرية أكثر شمولاً يوفر هذا الأمر مردوداً محتملاً أعلى بكثير بشأن هذا الاستثمار للرأسمال البشري الكبير.
من المرجح أن تزداد فرص وجود وظائف أطول وأكثر إنتاجية لكبار ضباط العلم في السنوات المقبلة وذلك لسببين، الأول، إن العمر المتوقع في تحسن مستمر ـ مع زيادة قدرها ما يقرب من عامين في السنوات العشر الأخيرة فقط ـ كما تتحسن الصحة والتغذية، مما يمكِّن بالتالي من سنوات صحة جيدة جداً ومثمرة للغاية لدى الأفراد في العقد السادس من العمر. السبب الثاني، تمت إزالة المثبطات الكبيرة داخل منظومة الأفراد العسكريين المتعلقة بتأخير التقاعد في محاولة لتشجيع كبار الضباط على العمل لفترة أطول.
لقد أزالت التغييرات في قانون التفويض الصادر عن الدفاع الوطني لعام 2007 ، الذي دافع عنه وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد، القيود الطويلة الأمد على أجر التقاعد، الذي كان قد بلغ ذروته بنسبة 75 في المئة من المرتب الأساسي بالنسبة للأفراد الذي أمضوا في الخدمة 30 سنة أو أكثر. وبدلا من ذلك، يتم التعويض على الأفراد المتقاعدين من الخدمة بعد 1 كانون الثاني/ يناير 2007، على كل عام بعد 30 عاما من الخدمة بنسبة إضافية تبلغ 2.5 في المئة من معدل التقاعد. وبالتالي، فإن الأفراد المتبقين في الجيش من الذين تخطوا الـ 40 عاما في الخدمة ـ المرحلة التي سيكون فيها معدل التقاعد يساوي 100 في المئة – سوف يكسبون في التقاعد أكثر من الخدمة الفعلية؛ سينال ضابط العلم المتقاعد بعد 42 عاماً من الخدمة 105 في المئة من متوسط راتبه آخر ثلاث سنوات له/ لها في الخدمة. وعلى الرغم من أن هناك عددا قليلا من ضباط العلم الذين يقررون زمن تقاعدهم على أساس الحسابات المالية، في المقام الأول، فإن هذه التغييرات لا تخلق الحوافز لأجل البقاء في الخدمة فترة أطول.
لهذه الأسباب، من المرجح أن تستمر إطالة متوسط الخدمة الوظيفية لكبار ضباط العلم في السنوات القادمة، لتصبح الخدمة حتى 40 سنة وأكثر أمراً أكثر شيوعاً. هذا الأمر، بدوره، يمثل وجود إمكانيات لتولي منصب ما لفترة أطول في التعيينات، وبالتالي تعزيز آفاق التفكير الاستراتيجي لفترة أطول، وتعزيز تحمل مخاطرة أكثر ذكاء وتوفير حلول للمشاكل أكثر خبرة ـ الأمر الذي من شأنه مساعدة سلك ضباط العلم في أميركا على إدارة تعقيدات مؤسسة الدفاع في القرن 21. فضلاً عن ذلك، إن هذا الجدول الزمني المدد للمهنة سيوفر المزيد من الوقت للاستثمار في توسيع التعيينات، التعليم، التطوير، التقييم والملاحظات التي سوف يحتاجها الضباط من أجل الاستعداد لإدارة هذه التحديات المعقدة لاحقاً.
دور التعيينات
إن الترقية من رتبة عقيد إلى عميد (أو نجمة واحدة ) هي إحدى أكبر القفزات النفسية التي يمكن أن يتخذها ضابط. إنها رمزية غنية: فالضابط الذي يترقى يزيل عن ياقته، أو ياقتها، شارة فرعه، أو فرعها ... ويضع نجمة واحدة. وبصفته عميدا [ أو أدميرالا ]، فإن الضباط الذين تمت ترقيتهم حديثا لا يعودون يمثلون جزءاً من [خدمتهم ]، بل هم الآن حكام ومديرو الخدمة العسكرية بأكملها. وبصفتهم أعضاء من... القلة المختارة، فإن من المتوقع منهم التحكم بمختلف الفروع والتنسيق فيما بينها ما يعني، أن يصبحوا اختصاصيين.
هذا المقطع من كتاب " الجنرالات" لـ " توم ريكس" يلتقط توتراً أساسياً موجوداً على مستوى ضباط العلم. إن الضابط المرقى إلى رتبة العلم يصبح ، تقليدياً " جنرالاً " يمكنه تحمل مسؤوليات متنوعة بنجاح. إلا أن هناك أفراداً محددين من غير المرجح ألا يكونوا بارعين، على قدم المساواة، في جميع المهارات. فإتقان خوض القتال يختلف إلى حد كبير عن القيادة الفعالة المتعددة الأوجه للمشاريع التجارية. إذ تعني البيئة الأمنية العالمية وجو المشاريع والأعمال اليوم أن من الضروري للقادة المهرة ذوي المواهب المتخصصة والخبرات أن يصلوا إلى التعيينات باعتبارهم خبراء في مجال حقائبهم. فلا منعطفات التعلم الحادة في ساحة المعركة (مع قياس التكاليف بالخسائر في القتال) ولا القرارات التجارية المتواضعة في البنتاغون تعتبر نتائج مستقبلية مقبولة. مع ذلك، إن النظام اليوم يكرس، من نواح عديدة، الأداء دون المستوى الأمثل في كل من المجالين.
على مدى السنوات الـ 12 الماضية من الحرب، منعت الوتيرة التشغيلية لعمليات الانتشار القتالية المتكررة التعليم وتوسيع المهام للعديد من الضباط، خاصة في الجيش، المارينز، وقوات العمليات الخاصة. وقد مهدت توقعات ما قبل الحرب للتعليم الدوري للمقيمين وتوسيع المهام والتعيينات الطريق أمام تركيز زمن الحرب على دورة متكررة لعمليات الانتشار القتالية. فضلاً عن ذلك، إن الفترة الزمنية القصيرة بالفعل التي قضاها الأفراد في مناصبهم ـ حوالي السنتين عادة ـ قد تم الاقتطاع منها أكثر لتصبح مدة الدورات القتالية عاماً واحداً وقد ركزت التوظيفات الأقصر حتى على مهام متعلقة بالانتشار القتالي حصراً.
مع ذلك، إن المهارات التي يتطلبها ضباط العلم في الواقع قد تحاذي بشكل متواضع اتجاهاً قوياً لتعزيز قوات مقاتلة ناجحة، أو "مشغلين" لرتبة العلم. على سبيل المثال، لقد وجدت دراسة تاريخية لـ " مكتب التحليل الاقتصادي والقوى العاملة للحيش" أن ما يقرب من 65 في المئة من الضباط بنجمة واحدة، و 80 في المئة من الضباط بنجمتين، 82 في المئة من الضباط بثلاث نجوم و 92 في المئة من فئة أربع نجوم هم في مناصب إدارة مشاريع غير تشغيلية. ولدى كل جهاز توزيع مختلف لهذه المناصب، مع أدنى نسبة مئوية لمناصب المشاريع على مستوى ضباط العلم في سلاح البحرية. أما عبر الأجهزة، فإن هذه الوظائف تحاذي بشكل وثيق مسؤوليات إدارة الشركات المشتركة المسؤوليات، مثل العلاقات الإنسانية، الشؤون العامة، وإدارة سلسلة التوريد العالمية، وتكنولوجيا المعلومات.
في كل الأحوال، إن الضباط المختارين للترقية إلى رتبة جنرال بنجمة واحدة يميلون مع ذلك لأن يكونوا في الغالب مشغلين من الذين قضوا عقوداً يقودون تشكيلات قتالية. ففي الجيش وحده، هناك ما يقرب من 50 في المئة من الرتب من فئة النجمة الواحدة، 70 في المئة من نجمتين، 80 في المئة من ثلاث نجوم و 85 في المئة من فئة أربع نجوم ممن تمت ترقيتهم من المجالات الوظيفية التشغيلية. ونظراً للافتقار الواسع للخلفية المشاريعية لدى من وقع عليهم الاختيار لرتبة العلم، فإن هناك خطر أن يكون العديد من ضباط العلم غير مهيئين لمتطلبات وظائف إدارة المشاريع التي من المرجح أن يتم تعيينهم لها.
"تتبع" ضباط العلم في المسارات التشغيلية والوظيفية للمشاريع
ستواصل أجهزة الثقافات مكافأة القوات المقاتلة وتشجيعها لأن المهمة الأكثر أساسية للجيش هي القتال وكسب حروب البلاد عندما يُستدعى للقيام بذلك. لا ينبغي أبداً لأي تعديلات على التعيينات العسكرية، ولا لأنظمة التعليم، الاختيار أو التقييم أن تضع روح هذا المحارب في خطر. لهذا السبب بالذات، فإن معظم الضباط المختارين لنيل نجمتهم الأولى هم متصدرون تشغيليون، غارقون بشدة في التكتيكات والقتال، لكنهم يفتقرون مع ذلك في كثير من الأحيان للتعرض لمتطلبات مختلفة جداً محيطة بإدارة مؤسسة الدفاع الهائلة. وبينما يتم ترقية هؤلاء الضباط إلى رتبة من نجمتين وما عداها، فإن المستويات العليا من الجيش مليئة بالقادة العملياتيين الذين لم يتم إعدادهم جيداً لمسؤولياتهم المعقدة في مجال الإدارة. ويعامل الجيش الاميركي في كثير من الأحيان، ضباط العلم هؤلاء كأجزاء قابلة للتبديل، وهي ممارسة تسفر عن نتائج دون المستوى الأمثل وتنحرف عن التقاليد العسكرية، على حد سواء.
مع ذلك، إن العمليات العسكرية الناجحة لا تحدث من فراغ. إنها تتطلب تخطيطاً لوجستياً استثنائياً، اقتناء وإيفاد الأسلحة الصحيحة، توظيف واستبقاء الأفراد الصحيحين، إدارة فعالة للمعلومات، وذلك من بين أمور أخرى. إن الإدارة المتفوقة للمؤسسات والمشاريع عنصر ضروري وحيوي للقدرات القتالية. كما أن تحفيز ومكافأة الأداء المتميز في المهارات غير العملياتية أمر حيوي، وهناك يجب أن توجد مسارات واضحة للتطوير والتعزيز في مجالات مثل عمليات الاقتناء، الخدمات اللوجستية وإدارة شؤون الموظفين. ونظراً للعدد الكبير لوظائف ضابط العلم التي تتطلب مهارات مؤسسية، فإن على الجيش أيضاً التقييم، وبجدية، متى وكيف يختار، ويطور ويتعقب ضباط العلم الذين يمكنهم التفوق في أدوار هذه القيادة المؤسسية المتطلبة في رأس المؤسسة.
بالتالي، إن أي مسار تطويري لأجل قيادة عليا ينبغي أن تحدد الأفراد الذين يمكنهم، جماعياً، تعبئة أصحاب الرتب الرفيعة ذوي المهارات اللازمة المطلوبة ليس فقط لتحقيق النجاح العملياتي فحسب ولكن أيضا لتوفير قيادة مؤسسة ومشاريع فعالة. أما أحد الحلول الواضحة لهذا التفاوت الذي طال أمده فهو تقسيم حشد ضباط العلم إلى مسارين ـ التشغيلي ( العملياتي) والمؤسسي (المشاريع ) ـ عند مرحلة اختيار الرتب من فئة نجمتين. سيتم ترميز كل وظيفة من وظائف ضابط العلم على أنها إما تشغيلية أو مؤسسية. هذه العملية من شأنها أن تحدد حتماً نوع القائد اللازم لكل وظيفة، مما يجعل من الأسهل العثور على ضابط العلم الصحيح من ذوي المهارات المناسبة للوظيفة. فعبر الأجهزة الأربعة يتم اختيار ما يقرب من 60 ضابطا للترقية إلى رتبة نجمتين كل عام. وعقب اختيارهم ، يتم تقييم هذا الفوج من قبل لجنة كفاءة بقيادة جهاز خدمة لتقديم توصيات إلى كل رئيس من رؤساء أجهزة الخدمة العسكرية حول تتبع الضباط المختارين الجدد. أما الأرقام المحددة المطلوبة للوظائف التشغيلية أو المؤسسية فتختلف كل عام وفقا للاحتياجات المتطورة للخدمة العسكرية. ويقدم الرسم 1 بعض الأمثلة على مهام ضابط العلم المهام المندرجة في كل فئة من الفئات.
إن هذا النهج من شأنه أيضاً أن يشجع على تنامي جوهري لخبرات حيوية في كل مسار من المسارات والتمكين من تكرار التعيينات لمهمات ذات فترات مطولة أكثر للاستفادة بفعالية قصوى من موهبة اعدادهم بعناية. لن تعود بعد الآن فترة خدمة التناوب الروتيني للضباط من رتبة نجمتين فما فوق فترة قصيرة تمتد لعامين في الوظيفة، ولن يكون من الضروري، وبانتظام، تعيين ضباط علم من ذوي الخبرة القليلة سابقاً لوظائف مؤسسية رفيعة. سوف تزداد الخبرة وتنمو؛ سوف تتراكم الخبرات ذات الصلة ويعاد استخدامها؛ وسوف تزداد الاستمرارية بين القادة، في الوقت الذي يصبح فيه الاضطراب و" تعلم اكتشاف" كبار القادة لأجل تسلم الوظيفة شيئاً من الماضي.
الرسم 1 : أمثلة تتبع ضابط العلم
الجدول 1. الصور التعليمية العسكرية المهنية التوضيحية لكل جهاز خدمة من الأجهزة العسكرية | ||
سلاح الجو الأميركي | ||
الرتبة | الوقت | التعليم |
لوتانت | 1.5 شهر | * دورة جوية وفضائية أساسية |
10 أشهر | دورة تخصص/ تدريب طيار جامعي | |
كابتن | شهران | كلية ضابط سرب الطيران |
مايجور | 10 أشهر | كلية القيادة والأركان الجوية |
لوتانت كولونيل | 10 أشهر | كلية الحرب الجوية |
كولونيل | ||
عميد | 3 أسابيع | ** نقطة انطلاق ( مشتركة) |
اسبوع واحد | دورة تدريب جنرال في USAF | |
مايجور جنرال | اسبوع واحد | قائد عناصر سلاح الجو المشتركة |
لوتانت جنرال | اسبوع واحد | الذروة ( مشترك) |
&n