مواد أخرى » نقطة انعطاف: المتطلبات للحصول على حل دبلوماسي دائم للتحدي النووي الإيراني


كولن ه. خال(*)  
Center for a New American Secascii117rity ـ P O L I C Y B R I E F ـ تشرين الثاني/ نوفمبر، 2013

تقترب الأزمة النووية المستمرة منذ فترة طويلة مع إيران من نقطة انعطاف حاسمة. لقد أعاد انتخاب حسن روحاني، وهو مفاوض نووي معتدل سابق، كرئيس جديد لإيران تنشيط الدبلوماسية بين إيران ومجموعة الدول الـ 5+1 (الولايات المتحدة، بريطانيا، الصين، فرنسا، ألمانيا، وروسيا). وقد تسببت العقوبات بخسائر فادحة للاقتصاد الإيراني، ويعتقد روحاني بأن لديه تفويضاً شعبياً وحرية عمل كافية من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، من أجل التوصل إلى توافق مع المجتمع الدولي في مقابل تخفيف الضغط. إن آفاق وفرص التوصل إلى اتفاق شامل لحل سلمي للمأزق النووي لم تكن يوماً أعلى مما هي عليه اليوم.
 اختتمت الجولة الأخيرة من محادثات إيران ومجموعة الدول الـ 5+1، التي عقدت في جنيف، في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر. وكانت المفاوضات جادة ومستمرة، بما في ذلك ساعات عدة من المناقشات الثنائية المكثفة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وكانت الاختلافات بين الأفرقاء قد تم تضييقها، ما جعل الخطوط العريضة لاتفاق نووي مؤقت مسألة منظورة. مع ذلك، لا يزال هناك عدد من النقاط الشائكة القائمة. وتم تعيين 20 تشرين الثاني/ نوفمبر لاستئناف المحادثات في جنيف.
نحن لا نعرف بعد ما إذا كان الاتفاق العام الأولي سوف يتحقق. لكنه إذا كان يشبه، في نهاية المطاف، الاتفاق الوارد في التقارير الصحفية الأخيرة، فإنه سيكون خطوة أولى ذات مغزى على الطريق وصولاً إلى اتفاق نهائي وشامل لمعالجة التحدي النووي الإيراني.
في الأشهر المقبلة، سيكون بالإمكان اغتنام الفرصة للقيام بتقييد مجدٍ للنووي الإيراني، ما يؤدي إلى التوصل إلى حل سلمي لصراع دام عقوداً، أو تبديد هذه الفرصة، والتأسيس لمرحلة القنبلة النووية الإيرانية، استعراض حرب أخرى في الشرق الأوسط، أو كلاهما. إن تحقيق حل سلمي يمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية سوف يتطلب التزاماً مستمراً وجدياً بمفاوضات عنيدة، وتعاوناً وثيقاً بين إدارة أوباما والكونغرس. وبالنظر إلى انعدام الثقة العميق بين الولايات المتحدة وإيران، يجب الحرص على الحفاظ على صيانة الزخم الدبلوماسي وتجنب العثرات والانتكاسة التي قد تعرض وتضع الأفرقاء على طريق المواجهة. فعلى وجه الخصوص، وبينما يعمل المفاوضون الأميركيون للحصول على اتفاق مبدئي بحلول نهاية عام 2013 لوقف أبعاد المشروع النووي الإيراني الملح والأكثر إثارة للقلق، ينبغي للكونغرس الامتناع عن فرض عقوبات إضافية أو اتخاذ إجراءات أخرى من شأنها أن تربط أيدي الدبلوماسيين الأميركيين وتقوض فرص النجاح.

أهداف الحل الدبلوماسي الثابت
وفقا لمسؤولين في المخابرات الأميركية، تمتلك إيران بالفعل المعرفة والتكنولوجيا الأساسية اللازمة لتطوير الأسلحة النووية في نهاية المطاف، إذا ما قرر النظام القيام بذلك. لا شيء، بما في ذلك التفكيك الكامل للبنية التحتية النووية الإيرانية، سوف يعيد جن التكنولوجيا هذا إلى القمقم. بدلًا من ذلك، ينبغي للمفاوضات أن تركز على هدف أكثر واقعية وقابل للتحقيق: وضع قيود هادفة يمكن التحقق منها على قدرة إيران على ترجمة المعرفة المتراكمة والقدرات النووية المدنية إلى أسلحة نووية.
ينبغي أن تهدف الدبلوماسية، على وجه التحديد، إلى منع إيران من تحقيق قدرة الاختراق' النووي، المحددة بأنها النقطة التي يمكن فيها لإيران أن تنتج المواد الانشطارية لسلاح نووي أو أكثر بسرعة كبيرة أو بسرية بالغة بحيث لا يتمكن المجتمع الدولي من الكشف عن ذلك والرد عليه في الوقت المناسب. إن اتفاقاً دبلوماسياً نهائياً كافياً لمنع حصول اختراق ينبغي أن يسعى إلى:
&bascii117ll; إطالة الجداول الزمنية للاختراق. ينبغي للاتفاق النهائي أن يتضمن ما يكفي من القيود التقنية لضمان أن يكون الاطار الزمني بين الشروع في الاختراق وإنتاج المواد الانشطارية لسلاح نووي أو أكثر كافيا ليسمح بمنع  ذلك.
&bascii117ll; تقصير الجداول الزمنية للكشف. ينبغي لآليات التحقق أن تكون في مكانها الصحيح للتأكد من أن أنشطة الاختراق سوف يتم الكشف عنها من قبل وكالة الطاقة الذرية الدولية ( IAEA) ومفتشيها من خلال وسائل أخرى في أقرب مرحلة ممكنة.
&bascii117ll; توفير ضمانات ضد بنية تحتية نووية سرية. ينبغي للشفافية وآليات التحقق أن تكون كافية للكشف عن بناء مرافق دورة الوقود السرية وأنشطة التسلح.

في أعقاب أي اتفاق، ينبغي للولايات المتحدة المتحدة ( والمجتمع الدولي) أيضاً المحافظة على الإرادة والقدرة على اتخاذ تدابير عمل فعالة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية إذا دعت الضرورة، للحيلولة دون حيازة ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي إذا ما تم كشف الاختراق.
إن الاتفاق المستوفي لهذه الشروط من شأنه منع إيران وردعها عن السباق للحصول على قنبلة نووية ويوفر متسعاً من الوقت بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي لمنع العملية قبل اكتمالها، إذا ما قرر النظام القيام بذلك.

المخاطر المترتبة على الدفع لأجل صفقة متشددة
 يجادل بعض المحللين فيقولون بأن على المفاوضين الأميركيين الاستفادة من التأثير الموجود للعقوبات الاقتصادية التي تشل إيران واستعدادها الواضح للتفاوض وذلك للإصرار على صفقة متشددة. ويؤكد المتشددون على أن لا شيء أقل من التفكيك الكامل لأنشطة دورة الوقود الايراني يمكنه تحقيق الهدف المتمثل في منع الاختراق النووي - بما في ذلك أنشطة تخصيب اليورانيوم الحالية، فضلا عن المرافق التي بإمكانها، في نهاية المطاف، أن تمكِّن إيران من إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة، وأن لا شيء أقل من هذه النتيجة المثالية يستحق تخفيف الضغوط عن ايران. إن هذا النهج ينعكس في ' اللاءات الأربعة' لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو: لا لليورانيوم المخصب على أي مستوى، لا لمخزونها من اليورانيوم، لا لأجهزة الطرد المركزي أو مرافق الطرد المركزي؛ ولا لمفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل. يجب على  إيران أيضاً الإذعان لعمليات تفتيش اقتحامية للتحقق من تفكيك هذه القدرات، وتقديم حساب كامل عن ' الأبعاد العسكرية الماضية ' لبرنامجها النووي. إن تحفيز إيران لقبول مثل هذا الاتفاق، بحسب ما يقول أنصار هذه الحجة، يتطلب تصعيداً ثابتاً للعقوبات الاميركية ووجود تهديد حقيقي بالعمل العسكري اذا ما فشلت إيران في تحقيق اتفاق.
إن محاولة إبقاء إيران بعيدة تماماً قدر الإمكان عن الأسلحة النووية، عن طريق الطلب من البلد التخلي تماماً عن أنشطة دورة الوقود، وتحديداً المطالبة بصفر تخصيب ، يبدو طلباً حكيماً ومعقولاً. فكل الأمور ستجري على قدم المساواة، حيث إن الغياب التام لأنشطة تخصيب يضع ايران بعيداً عن الأسلحة النووية بدل السماح لها ببعض التخصيب المحدود، وسيكون من الأسهل التحقق من الأمر. فضلاً عن ذلك، إن معظم البلدان التي لديها محطات طاقة نووية مدنية تتخلى عن التخصيب المحلي. ( على الرغم من أن القضية أيضاً هي أن الأرجنتين، البرازيل، ألمانيا، اليابان وهولندا دول لديها قدرات تخصيب محلية في حين أنها لا تزال مذعنة لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية). لكن في الواقع، من المرجح أن يؤدي السعي للحصول على الصفقة الأمثل التي تتطلب وضع نهاية دائمة للتخصيب الإيراني عند أي مستوى إلى موت الدبلوماسية، ما يجعل النتائج الأكثر سوءاً بكثير للنووي غير المقيد أو المواجهة العسكرية مع طهران على خلفية البرنامج النووي أمراً أكثر احتمالاً.
بغض النظر عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، وحلفاؤها، والمجتمع الدولي على نطاق أوسع، فإن  من غير المرجح أن يوافق النظام الإيراني على إنهاء جميع عمليات التخصيب بشكل دائم. فالخامنئي، صاحب القرار النهائي في الملف النووي، قد استثمر الكثير جداً من الشرعية الداخلية للنظام في الدفاع عن 'حقوق' إيران (كما يوضح التخصيب المحلي) لذا فلن يستسلم تماماً الآن، حتى في مواجهة العقوبات الاقتصادية المدمرة. فقد بذلت الجمهورية الإسلامية أكثر من 100 مليار دولار على مدى عقود، وكميات هائلة من رأس المال السياسي لإتقان المعرفة والتكنولوجيا المرتبطة بأجهزة الطرد المركزي مع تخصيب اليورانيوم. فالبرنامج النووي و'مقاومة قوى الاستكبار' أمران راسخان بقوة في علة وجود النظام الايديولوجي.  وبالتالي، من غير المرجح أن يواصل خامنئي والمتشددون داخل الحرس الثوري تقديم الدعم لمزيد من المفاوضات، ناهيك عن الإذعان لاتفاق نووي نهائي، إذا ما كانت النتيجة النهائية سوف تعكس استسلاماً كاملاً للنظام. فإذا ما هتف الخامنئي بشعار تفكيك البرنامج النووي الإيراني بأكمله، فكيف سيفسر الحساب الهائل الذي دفعه الشعب وكيف سيبرر سنوات من العقوبات والعزلة لشعبه؟ لم كان كل ذلك؟ من المرجح أن الخامنئي يخشى مثل هذا الإذلال أكثر مما يخشى الانهيار الاقتصادي أو الضربات العسكرية الموجهة ضد منشآته النووية. وكما يشير المحلل للشؤون الإيرانية علي رضا نادر من مؤسسة RAND، 'إن العقوبات خطر على حكمهم، لكن الضعف في مواجهة الضغط قد لا يكون أقل خطراً '.
من غير المرجح أن يوافق الرئيس روحاني أو فريقه التفاوضي على وقف تخصيب اليورانيوم والدعوة لمثل هذه السياسة داخل النظام، حيث من شأن ذلك أن يشكل انتحاراً سياسياً له. ففي عام 2003، وأثناء الدورالسابق الذي لعبه روحاني ككبير المفاوضين النوويين الايرانيين، قال بأنه أقنع الخامنئي بقبول الوقف المؤقت للتخصيب. إلا أن إجراء المزيد من المحادثات مع المجتمع الدولي توقف في أوائل عام 2005 على خلفية الفشل في الاتفاق على حق إيران المؤكد في تخصيب اليورانيوم، وأنهت طهران تعليقها للتخصيب بعد ذلك بوقت قصير. ويعتقد روحاني – وكذلك المرشد الأعلى ومنتقدو روحاني في الحرس الثوري - أن الغرب وضع التنازلات الإيرانية في جيبه وبأن طهران لم تحصل على أي شيء في المقابل. إن فشل النهج السابق لايران بظل روحاني سهل صعود محمود أحمدي نجاد وسياساته المتشددة، بما في ذلك تطوير القدرة على تخصيب اليورانيوم بقوة أكثر بكثير. ومن غير المرجح أن يرتكب روحاني هذا الخطأ مرة أخرى. فحتى لو كان روحاني ومفاوضه الرئيس، وزير الخارجية جواد ظريف، مقتنعان بالقيام بذلك بطريقة أو بأخرى، فإن الرئيس الايراني سيتعرض للهجوم من قبل جناح اليمين .
بعض المحللين لا يوافقون على هذا الكلام. إذ يقول راي تاكيه من 'مجلس العلاقات الخارجية، على سبيل المثال، بأن الخامنئي وروحاني قد حاصرا نفسيهما عن طريق رفع مثل هذه التوقعات العالية في أوساط الشعب الإيراني لجهة تخفيف العقوبات الكبيرة. وفقاً لخط التفكير هذا، يتخوف النظام من ردة الفعل الشعبية في حال فشلت الدبلوماسية وأسفرت عن تأثير كبير للمجتمع الدولي وإصراره على صفقة متشددة. لكن هذه قراءة مضللة للتيارات السياسية الإيرانية. فبدلاً من أن يكون النظام محبوساً داخل صندوق، يرجح أكثر أن يعتقد الخامنئي بأن انتخاب روحاني قد عزز الموقف المحلي الدائم للنظام، الذي أصيب بأضرار بالغة بعد الانتخابات الرئاسية المزورة عام 2009 ، إضافة إلى شراء مجال إضافي للنظام للمناورة مع الجمهور الإيراني. إن لهجة روحاني الجديدة والمعتدلة مع المجتمع الدولي قد أعادت تقديم وصياغة الجمهورية الإسلامية كفريق منطقي أيضاً، مما يخفف أكثر من مخاطر رد الفعل الشعبي، خاصة إذا وصلت المفاوضات الاضافية إلى الجمود بسبب المطالب المتشددة 'غير المعقولة'. ووفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً، هناك 13 في المئة فقط من الجمهور الإيراني يحملون النظام مسؤولية المصاعب التي أسفرت عنها العقوبات الاقتصادية (46 في المئة يلقون باللوم على الولايات المتحدة). وقد وجد نفس الاستطلاع أن 68 في المئة من الإيرانيين يدعمون استمرار البرنامج النووي للبلاد على الرغم من العقوبات الاقتصادية، وهي نتيجة  تنسجم مع الدراسات الاستقصائية الأخرى التي تظهر تأييدا واسع النطاق للحفاظ على برنامج التخصيب الإيراني حتى لو كان ذلك يؤدي إلى ضغط اقتصادي إضافي. نتيجة لذلك، وإذا ما كان ينظر إلى المحادثات بأنها تنهار بسبب إصرار واشنطن على مطلب صفر تخصيب، فمن المرجح أن يوجه الجمهور الإيراني جام غضبه على الولايات المتحدة، وليس على النظام، لفشل الدبلوماسية.
نظراً للاسباب العميقة للنظام برفض صفقة متشددة، فإن السعي لصفقة كهذه يتطلب من الولايات المتحدة الأميركية الذهاب إلى حافة الهاوية مع ايران، تصعيد التهديدات الاقتصادية والعسكرية إلى نقطة يكون فيها بقاء النظام على المحك بشكل حاد ووشيك. مع ذلك، من المستبعد نجاح مواصلة مثل هذه الاستراتيجية العالية المخاطر الآن، وستكون عواقب الفشل عميقة.
أولاً، من غير الواضح ما إذا كان أي تصعيد سيجعل النظام يركع في الوقت المناسب لمنع إيران من الحصول على قدرات الاختراق. ورغم أن بعض المحللين يعتقدون بأن طهران في وضع حرج وأن العقوبات الإضافية يمكن أن تجبر إيران على تفكيك برنامجها النووي تماماً، فإنهم نادراً ما يفسرون كيف ستسفر العقوبات الاضافية عن تهديد كاف للنظام يكون سريعاً بما فيه الكفاية لمنع إيران من عبور العتبة النووية الحرجة.إن استعداد ايران الظاهري للتفاوض تحت الضغط ليس، في حد ذاته، دليلاً على أن المزيد من الضغط سوف يسفر عن استسلام  كامل بشأن القضية النووية. يجب أن تكون هناك آلية لإنتاج أزمة نظام – وأن ذلك  يجب أن يحدث بشكل سريع بما فيه الكفاية. حتى الآن، وفي حين أن الاقتصاد الإيراني في وضع صعب ورهيب، لا يبدو أن البلاد تواجه انهياراً اقتصادياً وشيكاً. ويبدو أن الخامنئي والحرس الثوري أيضا يعتقدون بأن الجمهورية الإسلامية قد نجت مما هو أسوأ خلال الحرب بين إيران والعراق، وهو الصراع الذي دام ثماني سنوات وأودى بحياة مئات الآلاف من الإيرانيين وأسفر عن أكثر من نصف تريليون دولار من الخسائر الاقتصادية قبل أن توافق إيران على وقف إطلاق النار. وحتى لو مضى الكونغرس إلى الأمام بعقوبات قاسية إضافية، فمن غير المرجح أن تسفر الظروف الاقتصادية عن قلق وجودي كاف بين القادة الإيرانيين، وتوليد اضطرابات شاملة، أو انهيار النظام قبل تحقيق إيران القدرة على الاختراق النووي. وحتى لو سقط النظام بأعجوبة، فإن هذا الأمر، مع ذلك، قد لا يثبت كفايته لفرض الاستسلام النووي. فبعد كل شيء، كان قادة الحركة الخضراء المسجونون والعلمانيون الإيرانيون في المعارضة الإيرانية قد أعلنوا أيضاً عن دعمهم لحق ايران في تخصيب اليورانيوم. لذلك، وإذا ما كان منع الاختراق النووي هو أولوية عاجلة، فسيكون من المستحسن تتبع الإطار الذي يمكن أن يحقق هذا الهدف بشكل واقعي خلال العام المقبل بدلا من المراهنة على استراتيجية متشددة من غير المرجح أن تنجح ومن شبه المؤكد أن لا تعمل في الوقت المناسب.
ثانياً، وبشكل متناقض إلى حد ما، يمكن لتصاعد العقوبات في هذه اللحظة أن ينهي الضغوط الدولية الهادفة إلى إضعاف على إيران فعلاً . وقد نجح روحاني بالفعل، سواء للأفضل أو للأسوأ، في تحويل المفاهيم الدولية عن إيران. فإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية، وليس إيران، هي التي تعبر كفريق متصلب وعنيد فسوف يصبح من الأصعب بكثير الحفاظ على التحالف الدولي القائم حاليا لعزل طهران. وعلى وجه الخصوص، وإذا ما انهارت المفاوضات حول إطار شامل بسبب عدم رغبة واشنطن بعقد صفقة حول تخصيب محدود – وهو اتفاق تدعمه روسيا والصين والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية الأخرى- فمن المرجح أن يصبح فرض العقوبات أمراً أكثر صعوبة. وسيبدأ بعض المعتصمين حول السياج في أوروبا وآسيا بمغازلة إيران مرة أخرى، وترك الولايات المتحدة في موقف لا تحسد عليه وهو الاختيار بين فرض عقوبات خارج الحدود على البنوك والشركات في الصين، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، تركيا وأماكن أخرى، أو القبول بتآكل نظام العقوبات الشاملة.
ثالثاً، من المرجح أيضاً أن يحقق إصدار تهديدات عسكرية أكثر وضوحاً (من خلال تفويض ممكن لاستخدام القوة العسكرية، على سبيل المثال) نتيجة دبلوماسية متشددة. ليس هناك شك كبير بأن الحفاظ على خيار عسكري موثوق به سيؤثر على حسابات النظام الإيراني، ورفع التكاليف المحتملة المرتبطة بالنووي. وإذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية، يتعين على الولايات المتحدة الاحتفاظ بخيار استخدام القوة كملاذ أخير لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. إلا أن التهديدات التي لا تصل إلى حد الغزو والاحتلال وفرض تغيير النظام، وتقتصر على ضرب المواقع النووية الإيرانية بطريقة جراحية، بغض النظر عن مدى مصداقيتها، لن تجعل النظام يشعر بخطر كاف يجبره على تفكيك برنامجه النووي تماماً.
أخيراً، إن محاولة توليد أزمة وجودية للجمهورية الاسلامية قد تأتي بنتائج عكسية من خلال زيادة حوافز النظام للحصول على أسلحة نووية. هذا صحيح لا سيما في سياق الدبلوماسية الحالية. فإذا ما صعدت الولايات المتحدة الضغط الاقتصادي أو العسكري في نفس اللحظة التي بدأت فيها إيران أخيراً التفاوض بشكل جدي، فمن المرجح أن يستخلص الخامنئي أن الهدف الحقيقي الذي لا رجعة فيه في سياسة الولايات المتحدة هو تغيير النظام وليس الاتفاق النووي. إن ترسيخ هذا التصور من شأنه أن يعزز، ولا يقلل، الدافع في طهران لتطوير رادع نووي كوسيلة وحيدة لضمان بقاء النظام.
باختصار، من غير المرجح أن تنجح ' لعبة الدجاج' مع إيران في السعي لتحقيق الأهداف المتشددة. إن المقامرة بكل شيء من خلال الإصرار على صفقة أفضل يمكن أن تنتهي إلى لا صفقة، ما يترك إيران أكثر حرية وربما أكثر حماساً لبناء أسلحة نووية.

جيدة بما فيه الكفاية: الدفع لأجل صفقة كافية
بالتالي، إن تفكيك البرنامج النووي الايراني تماماً - بما في ذلك وضع نهاية دائمة لتخصيب اليورانيوم - ليس من ضمن أوراق اللعبة. فبدلاً من الدفع للتوصل إلى اتفاق مثالي لكنه غير قابل للتحقيق، ينبغي للولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى الدفع باتجاه اتفاق كاف وقابل للتحقيق: اتفاق يحد بشكل ملحوظ من أنشطة دورة الوقود في ظل ظروف صارمة وإجراءات تحقق مصممة لمنع إيران من قدرة إنتاج أسلحة نووية بسرعة.
سيكون للصفقة ' الكافية' مكونات رئيسة عديدة:
&bascii117ll; قيود كبيرة مفروضة على تخصيب اليورانيوم، بما في ذلك: تحديد سقف للتخصيب عند مستوى 5 في المئة الكافي لمفاعلات الطاقة النووية المدنية إنما في نفس الوقت البعيد عن مستوى صنع القنابل؛ تحييد، أو الحد من، مخزونات إيران الداخلية من اليورانيوم المنخفض التخصيب ( LEascii85 ) إلى أقل مما هو مساو مادياً لقنبلة واحدة؛ قيود على عدد ونوعية و/ أو إنتاج أجهزة الطرد المركزي، ووضع حدود على حجم وعدد مرافق تخصيب اليورانيوم.
&bascii117ll; قيود كبيرة مفروضة على مسار البلوتونيوم، بما في ذلك: تفكيك آراك، وتحويله لمفاعل ماء خفيف مقاوم للانتشار أو تحييد المرفق؛ وحظر بناء منشآت إعادة المعالجة مستقبلاً .
&bascii117ll; عملية تفتيش اقتحامية للنظام، بما في ذلك: تنفيذ البروتوكول الإضافي للوكالة، السماح بعمليات تفتيش لمرافق غير معلنة؛ متطلبات الإخطار المبكر عن مواقع نووية جديدة؛ عمليات تفتيش أكثر تواتراً ومراقبة 24/7 عن بعد للمرافق الرئيسة، ورصد أبحاث أجهزة الطرد المركزي، تطوير مرافق الإنتاج، ومناجم اليورانيوم، وتعزيز مراقبة التجارة في مجال السلع والتكنولوجيات الحساسة.
&bascii117ll; الشفافية في الأبعاد العسكرية السابقة للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك: التعاون مع لجنة التحقيق الدولية للطاقة الذرية حول الأبحاث والتطوير الماضية ذات الصلة بالأسلحة الماضية للتأكد من أنه قد تم إنهاء هذه الأنشطة، وتوفير وصول مفتشي الوكالة إلى مرافق الأبحاث الأساسية والعلماء.
ومع أخذ الأمور معاً، ستتيح هذه التدابير، وإلى حد كبير، إطالة الجداول الزمنية للاختراق، وتقصر الجدول الزمني للكشف وتوفر ضمانات ضد البنية التحتية السرية الإيرانية. لهذه الأسباب، يعتقد خبراء الحد من التسلح أن مثل هذا الاتفاق الشامل سيكون كافياً لمنع إيران من الاختراق النووي. فضلاً عن ذلك، ليس في هذا الاقتراح ما سيسحب أي خيار من الخيارات 'من على الطاولة' في حال انتهكت إيران الاتفاق، أعادت بناء عناصر برنامجها أوحاولت بناء أسلحة نووية. إذ تحتفظ الولايات المتحدة وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي بالقدرة على إرجاع البرنامج إلى الوراء بالقوة إذا لزم الأمر – كما أن طبيعة القيود وإجراءات التحقق الواردة في الصفقة تضمن الوقت الكافي للتحذير وتنفيذ هذه الإجراءات قبل عبور إيران العتبة النووية.
إن القيود الهامة المفروضة على البرنامج الإيراني بواسطة مثل هذا الاقتراح قد يكون من الصعب على طهران هضمها. لكن إذا ما اقترنت بتخفيف ذي مغزى للعقوبات، فإن لديها فرصة نجاح أفضل بكثير من من الإصرار على التفكيك الكامل للبرنامج الإيراني. وبصرف النظر عما إذا اعترفت الولايات المتحدة وشركائها من مجموعة الدول 5+1، رسمياً، بحق إيران في التخصيب (خطوة يقول المفاوضون الاميركيون بأنهم لن يقوموا بها)، فإن واقع التخصيب المحدود بموجب اتفاق كاف يمكن أن يسمح، مع ذلك، للخامنئي وروحاني بالزعم بأن احترام حقوق ايران قد تم التأكيد عليها، وهذا حاسم. وهكذا، وخلافاً للنهج المتشدد، الذي يعتمد على خلق أزمة وجودية بالنسبة للنظام والمرجح أن يفشل أو يأتي بنتائج عكسية، فإن صفقة تسمح ببعض التخصيب المحدود في ظل قيود صارمة ستوفر للنظام وسيلة لحفظ ماء الوجه للخروج من المأزق. وبموجب هذا الاتفاق، بامكان الخامنئي القول للشعب الإيراني: 'لقد قلت إننا لم نكن نريد السلاح النووي، ولقد أصدرت فتوى دينية ضدها. لكنني أصررت على احترام حقوقنا، وها هم قد فعلوا ذلك الآن '. وبالنظر إلى سلوك النظام الإيراني المستهجن، فإن النتيجة التي تسمح للقائد الأعلى بحفظ ماء الوجه لدى شعبه هي نتيجة غير مستساغة. لكن من الواضح أنها أفضل من عالم يسير فيه نفس النظام نحو قنبلة ذرية.
إن الدفع للتوصل الى اتفاق صعب، ولكن عادل في هذا الاتجاه سيكون له أيضاً فائدة إضافية تتمثل في المحافظة على حيوية التعاون الدولي. وفي حين أن الاصرار على المطالب المتطرفة ينطوي على خطر تدمير الاجماع الدولي الذي من الصعب بناؤه، فإن الدفع بصفقة كافية في هذا الاتجاه وعلى غرار المقترح أعلاه من شأنه أن يساعد على الحفاظ على الضغط الدولي إذا ما تعثرت المحادثات. وإذا ما أصبح من الضروري في أي وقت بالنسبة للولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية لضبط وتأخير برنامج إيران النووي، فإنه ينبغي مناصرة صفقة معقولة من شأنها أن تزيد الشرعية الدولية لمثل هذه الأعمال.
 
السبيل إلى اتفاق نهائي
إن تحقيق اتفاق شامل كاف لمنع الاختراق النووي الإيراني سيكون أمراً صعباً. لكن في ضوء التقدم المحرز حتى الآن في جنيف، هناك مسار معقول يتجه إلى الأمام.
فالمفاوضات الجارية بين ايران ومجموعة الدول 5+1 تصور عملية من خطوتين نحو اتفاق شامل. وخلال المرحلة الأولى، التي هي موضوع المفاوضات الجارية، تشير تقارير وسائل الاعلام إلى ان المطلوب من إيران:
&bascii117ll; وقف إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 20 في المئة الذي يقترب من درجة صنع القنبلة.
&bascii117ll; تحييد معظم مخزوناتها الحالية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة من خلال مزيج من الأكسدة، تخفيض فعاليته و / أو التحويل إلى مركبات وقود.
&bascii117ll; الموافقة على عدم تفعيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة IR-2M.
&bascii117ll; تجميد أو تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزية IR-1 التشغيلية التي تقوم بالتخصيب إلى مستوى 3.5 في المئة.
&bascii117ll; وقف بناء مفاعل الماء الثقيل في محطة اراك أو، على أقل تقدير، الامتناع عن تحميل الوقود في المفاعل.
&bascii117ll; الموافقة على عمليات تفتيش أكثر تدخلا.

في مقابل هذه الخطوات الإيرانية الأولية لمعالجة العناصر الأكثر إلحاحاً لبرنامج إيران النووي، يبدو أن إدارة أوباما مستعدة لتقديم تخفيف محدود،هادف،وقابل للتراجع للعقوبات.
ووفقا لتقارير وسائل الاعلام،  قد تشمل هذه الخطوات ما يلي: تعليق مؤقت لفرض عقوبات على التجارة مع إيران في مجال البتروكيماويات، الذهب وغيرها من المعادن الثقيلة؛ اعفاء أسماء تصميمات لصناعة السيارات الإيرانية، وتوفير فرص الحصول على قطع غيار الطائرات المدنية، و / أو آلية للافراج عن بعض الأموال الإيرانية المقيدة في حسابات الضمان المجمد في الخارج.
وسيتم تعليق العقوبات فقط لفترة من الاتفاق (ستة أشهر تقريبا)، وبالإمكان 'إرجاعها ' إذا ما فشلت إيران باحترام الاتفاق.
أما النقاد لهذه الصفقة المرتقبة، وأكثرهم مجاهرة بذلك رئيس الوزراء نتنياهو، فيزعمون بأنها لا تقيد كثيراً القدرات النووية الإيرانية. ويؤكدون أيضاً على أن العرض المرتبط بالتخفيف من العقوبات الاقتصادية سخي جدا، ما ينطوي على خطر عدم جدوى نظام العقوبات الشاملة ويحد من الضغط اللازم لإجبار إيران على القيام بتنازلات أكثر وضوحاً.
لكن نظرة متفحصة تكشف عن أن مقترح الاتفاق المؤقت هو، وإلى حد كبير، في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها الوثيقين، بما في ذلك إسرائيل. فهو سيوقف ويبدء في دفع الجوانب الأكثر إثارة للقلق للبرنامج الإيراني. فمن خلال وقف تخصيب اليورانيوم عند مستوى 20 في المئة والحد بشكل كبير من مخزونات المواد المخصبة الإيرانية بنسبة  20 في المئة، فإن هذا الأمر سيعالج، مباشرة، التهديد نفسه الذي أبرزه نتنياهو في  خطابه عن 'الخط الحمر' في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي. وتشير تقديرات 'معهد العلوم والأمن الدولي إلى أن إيران حالياً يلزمها من شهر وثلث إلى شهرين وثلث لإنتاج يورانيوم لصنع سلاح نووي يعادل قنبلة باستخدام مزيج من مخزونها الـ 3.5 في المئة واليورانيوم المخصب 20 في المئة. مع ذلك، وإذا ما توقفت إيران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪  وحيدت معظم مخزونها المخصب من هذه النسبة، فإن هذا سوف يطيل زمن تحقيق الاختراق لصناعة أسلحة اليورانيوم  الى 3.1- 3.5 أشهر. وبالتالي ، سوف يستلزم إيران فترة أطول لإنتاج المواد الانشطارية بدءاً من اليوم التالي الذي يتم فيه تنفيذ هذا الاتفاق مما هو عليه الحال اليوم. وبما أن مفتشي الوكالة سوف يزورون مرافق تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو في إيران  كل اسبوع او اسبوعين، في الحد المتوسط، فلن يكون هناك وقت كاف للكشف عن أي محاولات إيرانية لإنتاج وصنع قنبلة من مواد ذرية.
فضلاً عن ذلك، إذا ما جمد اتفاق مبدئي تركيب أجهزة الطرد المركزي  IR-1 وحال دون عملية أجهزة الطرد المركزي المتطورة IR-2M، كما ذُكر، فإن من شأنه أن يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لايران لجهة القيام بمزيد من التقدم خلال الأشهر الستة المقبلة والذي بخلاف ذلك يقلص الوقت اللازم لتخصيب مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.5 في المئة لصنع الاسلحة. أخيراً وليس آخراً، إذا ما أدى الاتفاق إلى تباطؤ أو وقف بناء أراك، أو على الأقل منع تحميل الوقود فيه بشكل موثوق، فإنه سيعالج القلق الضاغط والملح بأن المفاعل يمكن أن يصبح شغالاً في وقت قريب، أي في منتصف عام 2014، ليزود إيران، وهذا محتمل، بالبلوتونيوم ويضعها على طريق لا سبيل إلى وقفه للوصول إلى القنبلة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي لحل وضع المفاعل. باختصار، ليس هناك من شك كبير في أن هذا الاتفاق من شأنه أن يجعلنا أفضل حالاً نسبة إلى الوضع الراهن وما هو متوقع من التقدم التقني الإيراني خلال الأشهر المقبلة.
بالتأكيد، إن وجود اتفاق مؤقت في هذا الاتجاه كاف، في حد ذاته، لتحقيق الهدف من منع وجود إيران مسلحة نوويا. ليس هناك من عضو في مجموعة الدول 5+1، وبالتأكيد ليس إدارة أوباما، لديه أوهام حول هذه الحقيقة. لكن الاتفاق سيكون بمثابة 'خطوة أولى' حيوية نحو تسوية نهائية، ما يعيد ضبط الوقت  الضروري على عقارب الساعة النووية للمرحلة الثانية من المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق شامل.
هناك أيضاً قلق مبالغ فيه وهو أن التخفيف المتصور للعقوبات في المرحلة الأولى من هذه العملية من شأنه أن يقوض القدرة على تحقيق اتفاق نهائي. ليس هناك من شيء بشأن حزمة التخفيف للعقوبات المؤقتة والتي يمكن قلبها الموجودة حالياً قيد المناقشة يمكن أن يضعف، وبشكل أساسي، العقوبات النفطية والمالية - أكثر العناصر المسببة للضغط الحالي على إيران - أو يمكن أن يؤدي إلى
تفكك البنيان الدولي الداعم لهذه الاجراءات. نتيجة لذلك، وحتى بعد إتمام الصفقة المؤقتة ودخولها حيز التنفيذ، ستكون الولايات المتحدة وشركائها في مجموعة الدول 5+1 لا زالوا يحافظون على رافعة كبيرة لتحفيز النظام الإيراني على الموافقة على قيود واسعة النطاق على برنامجه خلال المرحلة المقبلة من المفاوضات.

ليس الوقت مناسباً الآن لفرض عقوبات جديدة
وفقا لتقارير وسائل الاعلام، طلبت الإدارة الأميركية من الكونغرس الامتناع عن تمرير تشريع لعقوبات إضافية حتى نهاية العام من أجل اختتام المرحلة الأولى من هذه العملية المؤلفة من خطوتين. ونظراً لاستعداد الإيرانيين الواضح للانخراط في مفاوضات جادة تحت ضغط العقوبات المتعددة الأطراف والانفرادية القائمة ( بما في ذلك تلك التي تفرضها التشريعات السابقة الصادرة عن الكونغرس)، فإن هذا يعتبر طلباً معقولاً.
في هذه المرحلة، ليس هناك من حاجة للكونغرس لتمرير عقوبات إضافية إلا إذا فشلت ايران بالموافقة على تنازلات في المرحلة الحالية من المحادثات. وسيكون لفرض عقوبات جديدة أيضا نتائج عكسية في هذه المرحلة بما أن القيام بذلك ينطوي على خطر إقناع المرشد الأعلى بأن تجربة روحاني المعتدلة ما هي إلا تفكير ساذج، مما يؤدي إلى تمكين الإيرانيين المتشددين ويفاقم التوترات ضمن مجموعة الدول 5+1 والتحالف الدولي الأوسع نطاقا الذي يعزل طهران حالياً.
مع ذلك، ينبغي أن يكون الكونغرس على استعداد لتكثيف الضغط من خلال فرض تشريع لعقوبات اضافية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مؤقت ذي معنى في نهاية هذه السنة الميلادية، أو إذا تم التوصل لاتفاق وتراجعت عنه إيران. مع ذلك، وإذا ما قام الكونغرس بذلك، فإنه يتعين على المشرعين بناء التشريع بعناية لضمان أن تكون العقوبات الجديدة قابلة للارجاع في حال وجود اتفاق نووي نهائي وتجنب شروط ملحقة أخرى مرتبطة بسلوك إيراني غير مرغوب فيه، ولكنه غير ذي صلة. يجب على الكونغرس أيضاً الامتناع عن تقييد حرية التصرف التنفيذية أو التخلي عن هذه السلطة. إن تقويض حرية التصرف من شأنه أن يعقد، وبشكل كبير، الدبلوماسية من خلال النقل لإيران بأن العروض الأمريكية ، حتى العقوبات المخففة المؤقتة التي بالإمكان العدول عنها، هي وببساطة، عروض غير ذات مصداقية. إن تعرية سلطة التنازل الرئاسية يمكن أن تعقد أيضاً جهود إدارة أوباما للابقاء على العديد من الشركاء التجاريين الاساسيين لطهران وعدم خروجهم من التحالف الدولي الذي يعزل إيران. إن فعالية العقوبات الهائلة مستمدة من التزام الصين، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، وتركيا، وعلى قلة من مستهلكي الطاقة الإيرانيين المتبقين الآخرين. وإذا ما انتزع الكونغرس من الإدارة الأميركية قدرتها على صياغة تسوية مع إيران تكون قابلة للحياة بالنسبة للشركاء التجاريين الرئيسيين لايران، فإن هذا ينطوي على خطر نفور هذه البلدان وابتعادها. وقد تكون النتيجة تقلصاً صافياً في فعالية الضغط على إيران.
أخيراً، وإذا ما وافقت إيران، في نهاية المطاف، على صفقة شاملة وقابلة للتحقق تكون كافية لمنع الاختراق النووي ونفذتها، فإنه ينبغي للكونغرس أن يكون على استعداد لدعم مثل هذا الاتفاق من خلال تقديم تخفيف نسبي للعقوبات. وكي تكون الأمور واضحة، ينبغي عدم التخفيف من العقوبات على إيران غير النووية المركزة على الإرهاب وحقوق الإنسان بسبب التقدم على مسار القضية النووية. فإذا ما تحققت التسوية النووية، فإن العقوبات الوحيدة التي ينبغي التراجع عنها هي تلك المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية أو التي تولد عائدات تمكن طهران من استخدامها لتمويل أنشطة نووية.

الخاتمة
بينما تدخل الدبلوماسية مع إيران في فترة حرجة، ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية أن تضع في اعتبارها عدم قبول صفقة سيئة. إلا أن اتفاقاً مؤقتاً على غرار المناقشة التي ستكون في جنيف لن تكون صفقة سيئة، بل سيكون ذلك بمثابة خطوة أولى ذات مغزى نحو حل شامل للتحدي النووي الإيراني. وبينما تعمل إدارة أوباما وشركائها في مجموعة الـ 5+1 لمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، وللكونغرس دور هام يلعبه  في ضمان أن يدفع بأي اتفاق نهائي بالمصالح الوطنية الأميركية قدماً. في كل الأحوال، وبينما هو يقوم بذلك، فإن على المشرعين أن يقاوموا إغراء الإصرار على الاتفاق الأمثل إنما غير القابل للتحقيق. فإذا أردنا أن تجنب أسوأ النتائج الممكنة - النووي الإيراني غير المقيد أو حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط - عندئذ يكون الاتفاق الجيد- ولو كان منقوصاً- أفضل من اللا اتفاق على الإطلاق.

ـ إن هذا الموجز السياسي هو من شهادة تم الإدلاء بها أمام لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

(*) زميل قديم ومدير 'برنامج أمن الشرق الأوسط' في مركز الأمن الأميركي الجديد وأستاذ مشارك في مدرسة إدموند أ. والش للخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون

(**) ترجمة إيمان سويد ـ خاص موقع مجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية