مواد أخرى » (إسرائيل) بحاجة إلى خارطة جديدة


الملاحظات التي أدلى بها البروفسور أيان لوستيك، جامعة ولاية بنسلفانيا، برعاية مؤسسة السلام في الشرق الأوسط ومجلس سياسات الشرق الأوسط، فبراير 26، 2013، مؤسسة كارنيغي، واشنطن.

أنا سعيد لوجودي هنا. وأود أن أشكر فيل ويلكوكس وجويس آن من مؤسسة السلام في الشرق الأوسط ومجلس سياسة الشرق الأوسط. وأود أيضا أن أذكر صديقي وزميلي منذ سنوات الذي أنشأ مؤسسة السلام للشرق الأوسط، ميرل ثورب، الابن. فبفضل رؤيته وكرمه كنت قادرا على القيام ببعض الأعمال التي قمت بها في الثمانينات حول المستوطنات الإسرائيلية وأهميتها السياسية الكبرى.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، قضيت ليلة طويلة ورائعة مع عشرات المستوطنين المخضرمين من صميم الأيديولوجية للحركة المعروفة سابقاً باسم غوش ايمونيم . كنت في مستوطنتهم لمناقشة هاماتساف (الوضع) مع هؤلاء اليهود الذين كانوا يعيشون العواقب السياسية لفكرهم الإيدلوجي في كل يوم. وفي نهاية الليلة الطويلة، طرحت عليهم سؤالاً كنت قد طرحته على كل إسرائيلي تقريباً التقيت به خلال السنوات الخمس عشرة الماضية: هلا وصفت مستقبلاً للبلد الذي تحب وتريد والذي تعتقد بأنه يمكن أن يتحقق؟ عندما بدأت العمل في طرح هذا السؤال في أواخر التسعينات، لم يكن لدى اليهود الإسرائيليين في اليسار - الوسط في الطيف السياسي أية صعوبة تذكر بالإجابة مع وجود نسخة أو أخرى لحل الدولتين . من جهة أخرى، وبصرف النظر عن أولئك الذين يقولون ببساطة انهم يثقون في هاشم (الله) لإنجاح الأمور، كان حظي قليلاً جداً في إيجاد اليهود الإسرائيليين على الجانب الأيمن من الطيف القادرين على وصف مستقبل للدولة وعلاقتها مع العرب والمنطقة ككل كما يشاؤون وكما يعتقدونه ممكناً. لكن بحلول أوائل العقد الأخير من القرن الماضي، لم يكن فقط اليمين الذين كان من الصعب عليهم الإجابة عن هذا السؤال، إنما بعض الوسطيين أو اليساريين كانوا كذلك ايضاً.
لذا لم أكن مندهشاً في هذا الاجتماع مع نشطاء غوش ايمونيم في عام 2010 عندما لم يكن واحد منهم كان قادراً على الإجابة على هذا السؤال. وأعلن أحد المستوطنين - لأسباب لم تشرح – بأن السؤال نفسه جائر. بالواقع لقد قال له زملاؤه: لا، في الواقع علينا أن نعترف بأن هذا السؤال عادل، لكنه أصر على عدمه. أما الأمر المدهش فكان الإدراك القاتم بأن لا أحد من أولئك الحاضرين، الفصيحين جداً عادة والواثقين من مواضيع كثيرة، كان بإمكانه وصف مستقبل يمكن اعتبار حدوده الأساسية مرضية وقابلة للتحقيق.
إن القلق الذي ساد الغرفة في تلك الليلة هو جزء من شعور أكبر بالاكتئاب، القلق، والرعب الوجودي الذي ساد الدولة اليهودية وكان محل تعليقات كبيرة. أما العلامة الكاشفة عن هذا المزاج المستمر فهو تفشي الجمل الشرطية في المناقشات السياسية الإسرائيلية بحيث تشير الجملة الرئيسة إلى بقاء الدولة. على سبيل المثال: إذا حصلت إيران على أسلحة نووية، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة، إذا لم يتم بناء المستوطنات، الدولة لن يكتب لها البقاء، إذا بني المزيد من المستوطنات، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء؛  إذا لم يؤمن الشباب بالحلم الصهيوني، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء ؛ إذا لم يتم تحسين نظام التعليم، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة ، إذا لم يتم توطين اليهود في الجليل والنقب والقدس ، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة، إذا لم يتم تنفيذ حل الدولتين، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء ، إذا تخلت إسرائيل عن يهودا والسامرة، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء ؛ إذا تم إرجاع الجولان إلى سوريا، لن تبقى الدولة على قيد الحياة ، إذا لم تزداد عاليه (الهجرة)، فلن يكتب للدولة البقاء، إذا ظلت إسرائيل منقسمة داخلياً، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة، إذا لم تتحسن  الهاسبارا ( البروباغندا)، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة ؛ اذا لم يطلب من الحريديم (المتشددين) والمواطنين العرب في البلاد تحمل مسؤوليات المواطنة كاملة، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء؛ إذا تم منح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة ، إذا لم يتم الحاق الهزيمة بالحملة العالمية لنزع الشرعية، فإن الدولة لن يكتب لها البقاء ؛ إذا لم يتم العمل على مبادرة السلام العربية، فإن الدولة لن تبقى على قيد الحياة .
في دراسة حديثة، قدم الباحث الإسرائيلي أورييل أبولوف بيانات تظهر أنه في السنوات ما بين 1996 و 2001، ركزت مقالات بما معدله 147 مقالاً في السنة ظهرت في صحيفة هآرتس على التهديد الوجودي للبلاد. وفي السنوات الست التي تلت عام 2001، تزايد المعدل الوسطي من 147 إلى 244 مقالاً في السنة، أي بزيادة قدرها 65 في المئة.
 
اللازمة الثانية – إن اللازمة الثانية بعد موضوع إسرائيل في خطر ولن يكتب لها الحياة، بناء على تهديد من التهديدات المتعددة- شائعة  تماماً، الإعراب، وبتحسر عادة، عن استحالة حصول تغييرات مهمة في السياسة الإسرائيلية أو في السياسات الإسرائيلية حول القضايا الرئيسة المطروحة أمام البلاد. بل وأدت حتى نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي لم تكن مفاجئة جداً بمراقبين غير جديين إلى تصور حصول تغيير كبير ينتهي بعلاقة إسرائيل إزاء الفلسطينيين أو  بمأزقها بشكل عام. قد أشير ربما إلى أن من المدهش إلقاء نظرة على أكبر مفاجأة في تلك الانتخابات، وهي نجاح يش آتيد  الذي فاز بـ 19 مقعداً، من لا شيء. ماذا يعني اسم هذا الحزب ؟ يعني:هناك مستقبل. إن واقع فوز يش آتيد وهو يحمل هذا الاسم مؤشر مدهش ، حيث أن الجميع، كما كنت قد وصفت، يطرح سؤال:هل هناك مستقبل؟
ما هو فحوى مزيج الشعور المستمر بالنسبة لإسرائيل بالتهديدات المتعددة لوجود الدولة نفسها والقناعة الموجودة بشلل  النظام السياسي في البلاد؟ ما هو المنطق الأساسي الذي ينتج هذا المزيج الرهيب من المعتقدات العامة؟ كيف يمكن استبدال هذه النسخة المعاصرة عن، كالأغنام الماضية الى الذبح بوضع أكثر صحة وقوة تجاه التحديات التي تواجه إسرائيل؟
بداية، دعونا نضع نمط الركود في إسرائيل الذي يساهم في شعور الموت الجماعي - إن لم يكن في كثير من الأحيان بشعور شخصي أو فردي. إن المشكلة الرئيسة التي تواجه البلاد منذ خمسة وأربعين عاما الماضية هو ما يجب القيام به بخصوص الضفة الغربية وعدد سكانها الكبير من الفلسطينيين. فمن جهة، إن أي قارئ للصحافة الإسرائيلية على دراية بدوامة المواعيد النهائية، الفضائح، والاحتجاجات، الانهيارات الوظيفية، المواجهات، قرارات المحاكم، المظاهرات، بناء المستوطنات الجديدة، القيود الجزئية على المستوطنات، اجتماعات رفيعة المستوى، عنف المستوطنين، الإرهاب الفلسطيني، صواريخ على إسرائيل من غزة، قصف واجتياح غزة، التصفيات، عمليات الانتقام، تحديات حقوق الإنسان، وتصويت الأمم المتحدة. فكالدوَّار، تطول وتطول أخبار الصراع وعملية السلام لكنها لا تصل إلى أي مكان.
يمكننا اختبار هذا الزعم بتجربة فكرية بسيطة. دعونا نلقي نظرة على الماضي، بدءاً من الآن، نظرة في حوالي أجزاء لخمس سنوات مضت. لاحظ ما يحدث إذا عادت الذاكرة خمس سنوات إلى الوراء. في السنوات الخمس منذ ذلك الحين - ما الذي حدث، إذا كان قد حدث أي شيء، وغيَّر في مسار الضفة الغربية وعلاقتها بإسرائيل؟ في عام 2007، قبل خمس سنوات من الحرب الأخيرة على غزة، كانت إسرائيل تتعافى من هجوم ضد حزب الله في لبنان، والذي تطور الى كارثة سياسية وعسكرية كبرى، ووضع حداً مؤثراً للآفاق السياسية المعتدلة نسبيا، لحكومة كاديما- العمل الإئتلافية، بقيادة أولمرت. وسعت إسرائيل في غضون ثمانية أشهر إلى تخليص نفسها دون جدوى بحرب في غزة مدمرة بشكل كبير، مكلفة سياسياً وفق المصطلحات الدولية إنما خالية تقريباً من الاصابات وذلك لمعاقبة حماس على الهجمات الصاروخية. كانت هناك مفاوضات جادة جارية في عام 2007 ، لكن ليس الآن. كان المزاج السياسي في إسرائيل بشكل أو بآخر ما هو عليه الآن: التحدي ظاهرياً، والاكتئاب والغضب داخلياً. هذا هو المزاج الذي ساعد في وصول حكومة ائتلافية إلى السلطة بإدارة الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو وحزب إسرائيل بيتنا اليميني المتشدد. سيكون هذان الحزبان، وقد اندمجا الآن، نواة الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تتشكل الآن.
كجزء من تجربتنا الفكرية، دعونا نرجع الساعة خمس سنوات إلى الوراء، حتى عام 2002. في عام 2002، شنت إسرائيل بظل حكومة آرييل شارون عملية كبيرة في غزة رداً على التفجيرات الانتحارية في الانتفاضة الثانية، إلى جانب أكبر عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ حرب عام 1967. وقتل المئات من الفلسطينيين، واعتقل الآلاف. وتصاعدت سياسة الإغلاق الإسرائيلية على  الفلسطينيين في الضفة الغربية، التي بدأت في أوائل التسعينات، مع بناء الجدار الفاصل.
كان هناك منطق مشابه وراء قرار شارون فك الارتباط مع قطاع غزة، إلى جانب محاولة لإعادة عملية السلام المحتضرة بالفعل إلى ما كان مستشاره دوف ويسغلاس  يسميه الفورمالديهايد ( غاز الفورمالديهايد عديم الرائحة واللون) مدة عشرين عاماً . وكانت الفكرة، على حد تعبيره، الحصول على شهادة لا أحد يمكن التحدث معه من المجتمع الدولي والتي من شأنها أن تحمي الضفة الغربية من أي عملية دبلوماسية أو سياسية يحتمل أن تؤثر على المستوطنات وضمها بحكم الأمر الواقع. وقد تحقق ذلك من خلال انسحاب أحادي الجانب من غزة، إدانة حكومة حماس هناك كمنظمة ارهابية، والحجر / الحصار لتلك الأرض. ورافق فك الارتباط عن غزة آنذاك محاولة شاملة لتشويه وتدمير عرفات كزعيم للشعب الفلسطيني.
 وللمتابعة مع دورة واحدة اخرى، بالعودة إلى الماضي خمس سنوات أكثر، خذ بالاعتبار وضع الضفة الغربية في عام 1997. إذ وصل نتنياهو إلى السلطة في أعقاب سلسلة من التفجيرات الإرهابية المروعة وعمليات الانتقام الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وعلى أرض الواقع وفي الساحة الدبلوماسية، تخلى نتنياهو عن أي جهد لاستخدام اتفاقات أوسلو كشراكة مع القادة الفلسطينيين، مستبدلاً، بدلاً من ذلك، الاستغلال القانوني لبنود أوسلو المعقدة لاحباط أي تقدم نحو تنفيذ حل الدولتين وتشويه صورة السلطة الفلسطينية كشريك محتمل، في حين عمل على توسيع المستوطنات وبناء الطرق لدمج الضفة الغربية بأكبر قدر ممكن من الإحكام مع إسرائيل.
ماذا يمكننا أن نتعلم من هذا الممارسة التقريبية العاجلة بالعودة إلى الوراء في الوقت مدة ثلاث سنوات من أصل خمس؟ الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو حجم الاستمرارية المستعرض على الرغم من استمرار التقلبات والهبوط في السنوات الست عشرة الأخيرة. وشملت تلك الفترة هزيمة نتنياهو أمام  إيهود باراك مرشح السلام لحزب العمل، كما شملت قمة كامب ديفيد التي اسضافها كلينتون، وفاة عرفات، الانسحاب من غزة، عدة حروب أو حروب صغيرة؛ هجمات إرهابية لا تعد ولا تحصى وعمليات الانتقام؛ انتخابات إسرائيلية عدة؛ العديد من الحروب في المنطقة؛ تغييرين في الحزب المسيطر على البيت الأبيض، اضطرابات الربيع العربي، الحرب الأهلية في سوريا، ونهاية التحالف الإسرائيلي- التركي، تزايد سحب الاستثمارات العالمية وحركة المقاطعة والعقوبات التي تستهدف إسرائيل والسياسات الإسرائيلية. على الرغم من كل هذا، لم يتغير شيء تقريبا لحرف مسار الضفة الغربية وعلاقتها بإسرائيل كمنطقة ثانوية بقوة، عاجزة سياسياً وراكدة تنموياً.
لا يستطيع المرء اكتشاف أي تأثير كبير وهام على التوسع المطرد في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ففي عام 1997، كان هناك 300000 مستوطن يهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي عام 2002، كان هناك 390000 مستوطن. أما في عام 2007، فقد كان هناك 460000 مستوطن. واليوم، هناك 520000. لذا ومع كل هذه الاضطرابات، وكل هذه الجلبة، إلا أن لا شيء يتغير إلا عدد المستوطنين.
أو أن المرء لا يستطيع اكتشاف أي شيء تماماً - يمكن ملاحظة تغيير واحد آخر كبير داخل إسرائيل خلال هذه الفترة: اختفاء اليسار الصهيوني كقوة سياسية فعالة. صحيح أنه في الانتخابات الأخيرة عاد ما يكفي من ناخبي ميريتس الحمائم الليبراليين من مجموعات الوسط الذين كانوا قد قدموا الدعم لها في الانتخابات السابقة لرفع تمثيل ميرتس في الكينيست من 3 إلى 6 أعضاء، لكن كان لا يزال نصف تمثيلها فقط في كنيست 1992-1996 . لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار  قرارات  يش آتيد وحزب العمل المتضاءل بالتخلي تقريباً عن قضايا السلام والفلسطينيين خلال حملاتهما، فلا يوجد أي سبب للشك في الحكم العام للمراقبين بشأن انهيار والاختفاء السياسي القريب لحمائم اليسار في إسرائيل كقوة سياسية قادرة على قيادة البلاد أو لعب دور حاسم في تشكيل حكومة ائتلافية. وبغض النظر عن أية مسؤولية رسمية قد تكون عليها، ليس هنا من مراقب جدي يتوقع من تسيبي ليفني أن تكون قادرة على تحقيق أي تقدم على هذه الجبهة مع بيبي نتنياهو في مكتب رئيس الوزراء.
الحقيقة هي أنه مع اغتيال رابين في عام 1995 وعدم كفاءة بيريز وجبنه كخلف له، تلاه تخريب نتنياهو المنهجي لأوسلو وخيانة باراك لها، كانت عملية السلام قد ماتت إلى حد كبير، حتى قبل اندلاع الانتفاضة الثانية.  ثم أن أهوال ذاك الصراع ختمت مصيره عن طريق إحداث ابعاد جماعي لإسرائيليين وسطيين  انسجموا وتوافقوا مع تحول مماثل كان قد وقع في اوساط الفلسطينيين بالفعل. هذه التطورات دفعت بالسياسيين الحمائم والمعلقين في إسرائيل إلى دور كاساندرا: يحذرون عاماً بعد عام من أنه بدون تغيير فوري في السياسات الإسرائيلية، فإن حل الدولتين سوف يختفي كاستراتيجية لمواجهة التحديات الأساسية لمستقبل إسرائيل، وتختفي معها أية فرصة لقيام دولة ديمقراطية ويهودية في آن معاً.
أصبح القلق المرتبط بالعجز الإسرائيلي على تصور مستقبل إيجابي لهذا البلد أو تغيير في التوجه السياسي له أكثر حدة في السنوات الأخيرة بسبب تطورات انتقالية في منطقة الشرق الأوسط ككل. التناقض صارخ. فالإسرائيليون يشعرون بأن بلدهم يقبع على مسار ثابت باتجاه مصير غير مرغوب . في الوقت نفسه، ثار عشرات أو حتى مئات الملايين من شعوب الشرق الأوسط من خلال إنجازات جزئية ولكن رائعة لسلطة الشعب لإزالة الديكتاتوريات أو زعزعة استقرارها. إنهم يعلمون بأن عالمهم يتغير. قد يكون هؤلاء قلقين للغاية بشأن الآفاق الاقتصادية والسياسية على المدى القريب، لكنهم يعرفون شيئاً واحداً، أو على الأقل يعتقدون ذلك، وهو أن بالإمكان تغيير عالمهم وبأنه يمكن أن يكون لهم يد في تغييره. إن المخاطر التي واجهتها جماهير معبئة من الليبيين والمصريين والتونسيين والسوريين، البحرينيين والإيرانيين والأردنيين والمغاربة وغيرهم والتضحيات التي قدموها تبين أن في الشرق الأوسط المسلم كثيرين قادرين على تصور مستقبل أفضل ومستعدين للعمل بقوة لتحقيق ذلك.
نعم، كان هناك مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين الهمهم ما يجري للنزول إلى الشوارع، ولكن مطالب تلك الحركة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية داخل إسرائيل كانت ضيقة. على الرغم من المقاعد الـ 19 التي نالها  يش آتيد، فإن تلك الفترة الوجيزة من التعبئة الجماهيرية لم تسفر، حتى الآن، عن تغيير كبير، لا على المستوى السياسي ولا في السياسة  العامة في إسرائيل.
بالطبع، هذا ليس التناقض الوحيد، أو حتى الأساسي، الموجود بين المسلمين الشرق أوسطيين الذين ينظرون إلى المستقبل باعتباره ديناميكياً حيث يكون لهم دور يقومون به، وبين الصورة في إسرائيل عن المستقبل باعتباره مستقبلاً راكداً محاصرين فيه بشكل أو آخر، وليعيشوا إلى الأبد بالطريقة التي يعيشون بها الآن. ما يهم أكثر هو أن مضمون التغييرات في العالم العربي تحد من قدرة إسرائيل باستخدام القوة - من جانب واحد وبكلفة منخفضة - كبديل عن العمل الدبلوماسي أو السياسي القادر على حماية مصلحة البلاد على المدى الطويل المصالح بالسلام و الأمن. فالمعاهدة مع مصر الآن في خطر مما يثقل كاهل البلاد مع احتمال عودة ظهور خرق لموازنة الجبهة الجنوبية. وإضافة إلى شبح إيران ذات القدرة النووية  الذي يلوح في الأفق، لا عجب في أن حكومة يمينية متطرفة كانت حريصة على التراجع عن جز العشب في لبنان أو إرسال المدرعات والمشاة إلى غزة. إنه أمر واحد ذلك الذي يرضي الرأي العام المحلي وهو عمل عسكري واسع النطاق اذا ما احتسبت الخسائر الإسرائيلية في خانة الأرقام الإفرادية ولم يكن للقتال أي تأثير اقتصادي كبير. وأمر مختلف تماماً أن تفعل ذلك عندما يمكن أن تكون النتيجة قصفاً عنيفاً للمدن الإسرائيلية وخطر دفع مليارات الدولارات سنوياً لتكاليف الدفاع.
هذا الأمر بالضبط هو في مقابل هذه الخلفية من الارباك والشلل بشأن المستقبل، والتحولات الدراماتيكية في المشهد الاستراتيجي بحيث أن إفقار الفكر الصهيوني للتعامل مع مشاكل القرن 21 باعث كبير على الراحة. ففي كثير من النواحي، تعمل إسرائيل كما لو أنها عالقة في متاهة زمنية تعود إلى القرن التاسع عشر. في الواقع، لا يزال يهيمن على الوعي السياسي لليهود الإسرائيليين المواجهات التي خاضها اليهود قبل 130 عاماً بأشكال خبيثة من معاداة السامية في أوروبا التي تعصرنت سريعاً. فالمبادئ الصهيونية الأساسية بخصوص الاعتماد على الذات، الغرور الوطني والتوسع الانتهازي، تلك التي خدمت الحركة القومية اليهودية بشكل جيد في الفترة البطولية هي خارج المكان والزمان في القرن 21، على نحو خطير. مع ذلك، تمسك هذه المبادئ، والجدل المطور لتحديدها، والهفوات والأخطاء والمبالغات والقوالب النمطية التي تحوِّل جميع الأيديولوجيات إلى أفخاخ وأوهام في نهايات المطاف، تمسك بالثقافة السياسية الإسرائيلية وبتوقعات كثير من الاسرائيليين بقبضة من حديد.
في العام الماضي، استضافت صحيفة جيروزاليم بوست مؤتمرها السنوي الأول - ليس في القدس، ولكن في نيويورك. ظهرت في البرنامج مجموعة كاملة من السياسيين الوسطيين، ومن اليمين-الوسط، واليمين من إسرائيل: رؤساء الوزراء السابقين، رؤساء الأركان، الجدليين المشهورين والدبلوماسيين والصحفيين. كان عنوان المؤتمر إسرائيل 2012: الكفاح من أجل الحلم الصهيوني، مستحضراً تصريح هرتزل نيتزشين:  إذا صح التعبير، فإنه ليس حلماً. في كل حال، لم يكن لأي من الدورات الثلاث الموضوعية لهذا المؤتمر – إيران، يهود أمريكا، والحملة العالمية لنزع الشرعية – أي علاقة بالمبادئ التأسيسية الصهيونية، عدا الأحلام الصهيونية. وجهة نظري هي أنه بقدر ما يشعر معظم اليهود الإسرائيليين وجميع السياسيين الإسرائيليين، تقريباً، بأنهم مجبرون على اللجوء إلى شعارات الصهيونية وإستعارة التوجيهات والتطمين، وإضفاء الشرعية والأسماء التي يطلقونها على المؤتمرات التي تعقد، فليس هناك، عملياً، أي شيء تقريباً يستفاد منه لايجاد حلول للمشاكل المعاصرة.
إن المبادئ الأساسية للصهيونية، وخصوصا ما يتعلق منها بمشكلة تحقيق مكان دائم وآمن لإسرائيل في الشرق الأوسط، ليست مبادئ خاطئة فحسب - إنها خاطئة على نحو سخيف. لقد بدأت صهيونية هرتزل مع الفرضية القائلة بأن تشرد اليهود مشكلة خاصة وحيوية بالنسبة للمجتمع الدولي، وأنه ينبغي لهذا المجتمع أن يبذل جهداً كبيراً والمضي إلى أبعد مدى لحل هذه المشكلة - بما في ذلك فرض دولة يهودية على السكان المحليين العرب المقاومين. أما الآن، فالعكس هو الصحيح. إذ يعتبر المجتمع الدولي الآن تشرد الفلسطينيين مشكلة خاصة تتطلب التدخل العالمي، وربما فرض تسوية ضد إرادة الإسرائيليين. وبدلاً من ركوب موجة من التعاطف والدعم للصهيونية كحل لمشكلة معاداة السامية في جميع أنحاء العالم، ورغم الاستثمارات الضخمة في جهود إعادة التصنيف، فقد أثارت سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة والمواطنين العرب في إسرائيل، مجموعات الطعن الدولية تجاه إسرائيل وأشعلت موجات من التعاطف والتعبئة لصالح الفلسطينيين، بما في ذلك حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تسعى ليس فقط  إلى وضع حد للاحتلال وإنما إلى نزع الشرعية عن إسرائيل كدولة يهودية.
يتصور الصهاينة الأوائل الدولة اليهودية كدولة ديمقراطية، علمانية حديثة، تعمل كسور للحضارة الغربية ضد البربرية في الشرق في الأفكار الدينية المتخلفة. في نهاية المطاف، كان من المتوقع أن تتبِع المنطقة سبيل التحديث، التغريب ، والدمقرطة. في هذه العملية، سوف تصبح المنطقة كإسرائيل، وتتقبل وجودها – وتكون ممتنة لذلك حتى. بدلاً من ذلك، ما الذي أنتجه ارتباط إسرائيل مع الغرب وتحديث دول الشرق الأوسط كتركيا؟  يأتي التحديث والديمقراطية الى تركيا لكن كانت النتيجة  معارضة شديدة لإسرائيل، وحتى الكره لها. قد يجلب الربيع العربي ، أو لا يجلب، الديمقراطية إلى المنطقة، لكنه أزال الطغاة الذين عرفت إسرائيل كيف تتعاون معهم . ففي مصر ما بعد مبارك، أصبح من الواضح أن المعتقدات والمشاعر الشعبية سيكون لها تأثير أكبر على السياسة الخارجية في دول الشرق أوسطية الإسلامية. وهذا يعني التزاماً أقوى بالمطالب الفلسطينية وتسامحاً أقل خلف الكواليس بخصوص التعاون الأمني مع إسرائيل أو التغاضي عن استخدامات القوة الإسرائيلية في غزة أو لبنان.
كان الأساس الذي تقوم عليه الفكرة الأخرى للصهيونية، هو أنه في دولة يهودية في الشرق الأوسط، سيكون اليهود في النهاية آمنين فعلياً ضد التهديدات التي يتعرض لها وجودهم. لكن الآن، ومع إيران التي تجمع بخجل وبشكل يثير الغضب بين خطاب الهولوكست والتعتيم النووي، يشعر الإسرائيليون في صميمهم بالواقع وبأن المكان الوحيد في العالم الذي يتعرض فيه وجود اليهود حقاً للتهديد هو إسرائيل.
أي نوع من العالم الصهيوني المعترف به هو هذا عندما يكون المجتمع اليهودي الأسرع نمواً في العالم هو في برلين، ويرجع ذلك وبقدر كبير إلى الهجرة الإسرائيلية؟ هل من العجب أن يكون اليهود الإسرائيليين مربكين ومحبطين؟ لقد  تحولوا إلى المبادئ والأفكار والمواقف السياسية الصهيونية لتوجههم وتلهمهم ، ولكن عناصر الفترة البطولية الصهيونية هذه هي عين الخطأ بما يتعلق بالحاضر. فإسرائيل ليست في طليعة شرق أوسط أوروبي النمط، شرق سيحتضنها بامتنان. ويركز العالم على مشكلة دولية المتعلقة بتشرد شعب مضطهد، لكنها ليست مشكلة اليهود، إنها مشكلة الفلسطينيين. إسرائيل ليست الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وهي بالتأكيد ليست دولة ديمقراطية علمانية. إن حكم الأفندية والطغاة يقترب من نهايته. لكن مع دخول الجماهير في الشرق الأوسط في الحياة السياسية ، فإن الحكومات الناتجة عنها ليست من محبي الدولة اليهودية، ولا يمكن أن تكون. فحتى فكرة الجدار الحديدي، أن بالإمكان توفير الأمن على المدى القصير والمتوسط من خلال ترسيخ وجود اسرائيل كواقع دائم شئنا أم أبينا، تنهار تحت وطأة اليأس من إمكانية التكيف مع العالم العربي، وبظل تهديدات الصواريخ الحاملة لأسلحة الدمار الشامل، بحيث يتولد الشعور بالتهديد وهوس المحرقة بسهولة.
يمكن تلخيص مواجهة الإسرائيليين المأزق بحكاية رمزية بسيطة. تخيل رحلة لسيارة عائلية. أنا أعيش في فيلادلفيا - لنتخيل رحلة في ولاية بنسلفانيا. الأسرة متكومة في السيارة، والرؤوس تطل على الطريق. لدى الأسرة خريطة بنسلفانيا. وتظهر الخارطة إلى أين تذهب للسباحة وأين لا ، وأماكن المشي، والتخييم، وهلم جرا. هنا يكمن ممر نهر ديلاوير، وهنا جبال بوكونو. واعتماداً على تلك الخريطة نفسها، تعبر السيارة نهر سسكويهانا. إنها تمضي من الشمال إلى الجنوب، تماماً حسب الطريق المفترضة.  كل شيء على ما يرام، كل شيء مفهوم. لكن تخيل أن الأسرة مستمرة بالقيادة لتصل في نهاية المطاف إلى ولاية مونتانا أو تكساس، لكن كل ما لديها هو خريطة بنسلفانيا. ستظل الأسرة معتمدة عليها. لكن تلك الخريطة لن تساعدهم  كي يجدوا طريقهم، ولن ينتج عنها سوى الارباك، اليقين الزائف، التهيج، الغضب والإحباط. وسيخطئون بمكان ريو غراندي  كما أوهايو، وستكون بوكنوس أكبر بشكل هائل مما هو مفترض. فمن دون خارطة جديدة أو الإدراك، على الأقل، بأنه لا يمكن  لخارطة قديمة أن توفر الدليل والإرشاد، فإنه لا يمكن  أن تنتهي الرحلة إلا بخيبة أمل وكوارث، ناهيك عن الخلافات المريرة داخل السيارة حول من الذي أساء تفسير الخريطة ومن المسؤول عن التحولات الخاطئة .
إن الفكر الصهيوني، مثله كمثل أية أيديولوجية، يجمع بين نظرية كيفية عمل العالم مع  إلزامية العمل. هذا ما تكون عليه الإيديولوجية - انها نظرية بالإضافة إلى الموعظة والحض. فالإيديولوجية هي خارطة العالم السياسية، مع الطريق الواجب اتباعها والمرسومة بالفعل على تلك الخريطة.
الإسرائيليون بحاجة إلى خارطة جديدة، نظرية أكثر دقة للطريقة التي يعمل بها العالم، تلك التي لا تحدد مشاكل البلاد على أنها مرتبطة أساساً بمعاداة السامية، والتي لا تلوم العالم على فشل سياساتها الخاصة، والتي لا تتشبث ببطولة ، السور والبرج، كوسيلة للتغلب على الشكوك الأخلاقية والازدراء الدولي، والتي لا تصنف الفلسطينيين كنازيين أو الأمم المتحدة كانتداب بريطاني، وتعترف بأن هدفاً واحداً أساسياً للصهيونية قد تحقق - إسرائيل كدولة عادية. وهذا يعني أنها عرضة للغباء والوحشية باسم آلهتها القديمة كأي بلد آخر. الأدهى من ذلك، من المرجح أنها ستدفع، كأي بلد صغير آخر، الأثمان الرهيبة لعدم رؤيتها العيوب الموجودة فيها والتي تراها بشكل طبيعي في الآخرين.
كان الفكر الصهيوني، من يومه، محدِّداً لمشكلة ذات قيمة ودليلاً لحلول لتلك المشاكل بالنسبة لليهود اليائسين. ولكن فيما عدا المبدأ التأسيسي عن أن اليهود طبيعيون ويستحقون حقوق أي شعب آخر، فإن الخطاب التقليدي للصهيونية كنظرية ودليل هو عقبة أمام تحقيق الرفاه والأمن اليهوديين. إن التحديات التي تواجهها إسرائيل هائلة لكن ليس بالضرورة أن تكون من النوع التي لا يمكن التغلب عليها. فما قد يجعلها مستعصية هي التشويهات والتحريفات التي تشل الفكر الصهيوني؛ شرنقة أميركا الخانقة من الهبات الاقتصادية والسياسية السخية، واحتضان قاتل للمحرقة كمبرر لجنون العظمة، حجة ومقولة  أنا مدين لك مضمونة ميسورة، دائمة، ولانهائية. يمكن لإسرائيل العيش في عصر ما بعد الصهيونية من خلال التكيف مع العالم كما هو، أو يمكنها الموت فيه. وكما يقال في أوساط اليهود: اختر الحياة.
 شكرا لكم.

أسئلة وأجوبة
س: هل هناك من طريقة للخروج من الوضع الحالي ما دامت جهود السلام قد انهارت تماماً؟ لا يمكنك أن تطلب مفاوضات سلام بين نمر وقطة، والنمر محمي من قبل أسد داجن ( أي الولايات المتحدة). هل هناك من طريقة للخروج بحيث لا يأخذ التاريخ مجراه البشع في المنطقة، حيث يمكن أن  يقتل الملايين من الناس ويمكن لإسرائيل أن تمحى من الخريطة؟
ج: هذا هو السؤال الذي نتساءله جميعنا هنا. أنا أضع كتاباً جديداً حول ذلك، لكني لم أكتب الختام بعد. أعتقد أن الطريقة التي صغت بها سؤالك في النهاية مهمة جداً. التاريخ سيحل المشكلة بمعنى  طريقة الكون في حل المشاكل. أنت لا تبقى مع هذا النوع من التقلب المقيد إلى الأبد. عند تقييد أسعار صرف العملات في سوق متقلب من خلال عدم السماح للأسعار بالتحرك فإن الاقتصاد الفعلي، مع ذلك، يجعل من هذا التقييد أمراًعبثياً، لكن بطريقة أكثر رشاقة وجذرية جداً . فكلما كانت القيود أكثر، وكان تبني الظروف المتغيرة أقل، كلما كان ذلك التكيف أكثر خشونة وإيلاماً. إن ما كنت أصفه، للاسباب الثلاثة التي اختتمت بها، هو استنفاد الإيديولوجية الصهيونية وقبضتها الحديدية على إسرائيل. أستطع المحاضرة  بالقدر نفسه حول التبني القاتل للمحرقة ( الهولوكست) واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. هذه الأمور الثلاثة تقيد هذا التقلب، ما يجعل من الصعب وضع أو تنفيذ سياسات جديدة والتكيف التدريجي مع الواقع العسير.
هذا لا يعني أن التغيير السلمي أمر مستحيل. مع ذلك، أخشى القول بأن الأمر غير معقول إلى حد كبير. هناك فرق كبير بين أن نقول عن شيء أنه مستحيل وبين أن نقول بأنه غير معقول، على عكس القول بأنه غير محتمل. كنت أعتقد بأن حل الدولتين في عملية السلام في 1993- 1994  أمر محتمل بالواقع . أما الآن، فإن أي شخص يدعو إلى حل الدولتين هو في موقف يحاول أن يقول فيه انه ليس مجرد حل محتمل فحسب بل يمكن أن يكون حلاً معقولاً أيضاً- لكن هذا الشخص لا يكافح من أجل تحقيق ذلك، فقط لجعله يبدو معقولاً. هذا شيء من المفيد القيام به. ما زلت أعتقد أن ذلك أمر ممكن. مع ذلك، هناك العديد من الأشياء الأخرى تعتبر أكثر قبولاً وأكثر احتمالاً.
آخر شيء أود قوله رداً على هذا السؤال هو أن التغيير الإيجابي يتطلب من الرئيس الأميركي رفع الأحمال الثقيلة، وبالطبع فإن المشكلة هي أن ليس هناك، تقريباً، أي منطق سياسي مقنع يدعو رئيس اميركي للقيام بذلك. من ناحية أخرى، إن تأمل للحظة في أوضاع متقلبة مقيدة أخرى: الاتحاد السوفياتي قبل التحول الهائل في عام 1989 ، أو إيران في 1978- 1979 الاتحاد السوفياتي. كم عدد السنوات التي سبقت التحولات الهائلة في تلك الأحداث- هل كنت تتخيل أن هذه الأحداث كانت لتحدث؟ عشر سنوات؟ كلا. خمس سنوات؟ ربما سنتان، إذا كنت  جيداً للغاية؟ لذا، قد نكون أقرب إلى التغيير الهائل الذي لن يكون ممتعاً.

س: كنت آمل أن يكون لديك خارطة لنا، لإسرائيل. ولو نظرت إلى مزاج الإسرائيليين، فإن مزاجهم في الحضيض، بينما عشق العرب للحرية في تصاعد. فهل يمكن أن يكون هناك من حل سلمي؟ كان الإتحاد السوفيتي وإيران عبارة عن تحولات داخلية. لكن هنا لا يقتصر على إسرائيل. هل ترى، وباختصار، بأن هناك كارثة ستقع، أي أنه سيكون هناك تغييرات، نظرا لمزاج كل من الإسرائيليين والعرب؟
ج: اسمحوا لي أن أقدم لكم شيئا من الخارطة التي قد لا تكون كارثية. ما الذي يمكن أن تتحرك إسرائيل في إتجاهه الآن؟ دعونا نتخيل أننا تجردنا من هذه الأيديولوجية الصهيونية، وهذه الأفكار المسبقة، وهذه التصنيفات التي يعود تاريخها إلى مائة سنة مضت، وإلقاء نظرة على الواقع. أنت ترى فرصاً، مثل حل الدولتين، مع خارطة تتضمن تبادلاً للأراضي ودولة فلسطينية حقيقية مع القدس عاصمة لها. ترى الفرص الاقتصادية تتدفق من أوروبا والولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية.
لكن هذا  الأمر يتطلب رواية قابلة للمشاركة. عندما وافق بن غوريون وشاريت على التعويضات الألمانية في أوائل الخمسينات ، فإنهما أجبرا ألمانيا في المفاوضات السرية على الاعتراف بما حدث فعلاً في المحرقة قبل الموافقة على أخذ الأموال الألمانية. الشيء المدهش هو أنه على الرغم من إدلاء أديناور لخطاب يشتمل على المتفق عليها، فإن الخطاب لم يقل شيئا صحيحاً آخر تقريباً. وقال أن الشعب الألماني يمقت النازيين وأن معظمهم كافحوا لانقاذ اخوتهم اليهود. لكن بن غوريون وشاريت كانا مع ذلك قادريْن على استخدام تلك الحقيقة الصغيرة حول المحرقة في الخطاب لأخذ المال وبناء الدولة اليهودية. وليس صحيحا أن الفلسطينيين بحاجة إلى اعتراف إسرائيل بالحقيقة كاملة، لكن يجب أن يكون هناك رواية يتقاسمها الفريقان. بمجرد الانتهاء من ذلك، فإن الاحتمالات الأخرى التي تبدو مستحيلة يمكن أن تنفتح.
يجب أن يكون هناك تعويض سخي للاجئين، الأمر الذي سيكون واضحاً لكل من لم يشعر يالرعب من نهاية هذا البلد لأنك اعتقدت بأن مبدأ عودة الفلسطينيين أمر كان من الصعب جداً الاعتراف بالمسؤولية عنه. سيكون عليك أن توافق على أنه بدلاً من قبول رؤية بن غوريون بخصوص حاجة اليهود الإسرائيليين إلى أسلحة نووية من أجل النجاة من محرقة أخرى، فإن الأسلحة النووية، سواء في أيدي إسرائيل أو أيدي أي كان، تشكل تهديداً لشعوب الشرق الأوسط. سيتعين عليك الموافقة على أن إسرائيل يمكن أن تستخدم قدراتها النووية للتوصل إلى شرق أوسط غير نووي، خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، وتجنب هذا التهديد.
إني قادر على المضي قدماً نحو اكتشاف مسارات جديدة، بمجرد التوقف عن التفكير في إسرائيل بالمصطلحات التقليدية الصهيونية الصارمة.
لكن  إلى أين تفضي هذه المسارات؟ لقد تحدثنا عن حل الدولتين لكن ذلك يمكن أن يأتي بأشكال عديدة ومختلفة. يمكنك التمسك بفكرة وجود اتفاق عن طريق التفاوض، كما قد يحلم الكثيرون منا، أو يمكنك أن تتخيل ما هو مرجح الآن أكثر بكثير، هدنة مقدسة، حيث لا يوجد نهاية للنزاع رسمياً لكن هناك حد لاستخدام القوة العسكرية. قال خروشوف للولايات المتحدة: سوف ندفنكم. لكن بدلاً من القول علينا تدمير خروشوف والاتحاد السوفياتي، قلنا، حسناً، سيكون هناك تعايش سلمي تنافسي.
 
س: أنت تقول بأن الإسرائيليين لا يرون مستقبلاً إيجابياً بالفعل لأنهم أسرى متاهة زمنية من القرن التاسع عشر. لكن السياسات الإسرائيلية مبنية على أساس الأمن القومي، والحاجة إلى البقاء على قيد الحياة إزاء الهجمات العنيفة، وبالتالي إسرائيل غير قادر على التفكير في مستقبل أكثر إيجابية. هل هناك قادة في الحكومة الإسرائيلية يتفقون مع تحليلك؟
ج: يتم استخدام المنطق الأمني من قبل القادة الإسرائيليين لتبرير كل سياسة. في الواقع، إن السياسات الإسرائيلية الأكثر إشكالية لا علاقة لها بالأمن القومي. على سبيل المثال، إن المستوطنات هي المشكلة الرئيسية التي تجعل من هذا الصراع غير قابل للحل تقريباً. فعلى مدى السنوات الخمس وأربعين الماضية، عارض معظم الجنرالات المستوطنات الإسرائيلية بصفتهاً عبئاً.
فحتى سياسة إسرائيل تجاه إيران لها علاقة بتشتيت الانتباه بعيداً عن القضية الفلسطينية لصالح الأمن. وقد اعترف قادة إسرائيل الأمنيين السابقين في المقابلات التي أجريت معهم في فيلم الحراس، أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين لم تقدم أية مساهمة الاستراتيجية للأمن.
أما بالنسبة للقيادات الرسمية الإسرائيلية الحالية التي تتفق معي، فأنا لا أستطيع أن أشير إلى أي شخص. لكن هناك تقبل على نطاق واسع في الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية هناك قبول واسع النطاق لفكرة وجوب تغيير السياسات الإسرائيلية. للأسف، إن تلك الأفكار تأخذ وقتاً قبل تسللها إلى الثقافة وانتاج الكوادر الذين قد يكونوا قادة سياسيين. أما  بما يتعلق بحدوث تلك العملية بالسرعة الكافية، فهذا ما لا أعلمه.
 
س: سوف يذهب الرئيس أوباما قريباً إلى إسرائيل ،الأردن، والضفة الغربية. ما هي السياسات التي  ينبغي تشجيعها؟
ج: من الصعب للغاية بالنسبة لرئيس اميركي إحداث سياسة تجاه إسرائيل بناء على الأمن الوطني أو المصلحة الوطنية. فقادتنا متأثرين بشدة بالجمهور المحلي الناخب المهتم بشكل كبير بإسرائيل في حين أن أميركيين آخرين لديهم اهتمامات أوسع نطاقاً ولا يهتمون كثيراً بإسرائيل.
في الواقع إن سياستنا تجاه إسرائيل تنحرف بعنف عن الوسط الدولي للسبب ذاته الذي تنحرف فيه سياستنا تجاه كوبا- لوبي القضية الواحدة القوي المتموضع استراتيجياً. ( تصوت الولايات المتحدة وإسرائيل، وميكرونيزيا الإتحادية ( تتألف ميكرونيزيا من مجموعة من الجزر الصغيرة في غرب المحيط الهادئ) بطريقة واحدة في الأمم المتحدة وبقية دول العالم بطريقة أخرى)
العقبة الأخرى، وبصرف النظر عن عدم وجود تفويض محلي قوي للضغط  من أجل سياسات إسرائيلية جديدة، هي أنه ليس هناك من وجود فعلي لمعارضة أو حكومة ظل في إسرائيل اليوم من شأنها أن تدعم ضغوطاً أمريكية لتغيير سياسة الاستيطان الإسرائيلية على سبيل المثال. في المقابل، وعندما هدد الرئيس جورج بوش الاب في البداية بخفض ضمانات القروض للمستوطنات في أوائل عام 1990، كان هناك تأييد لهذا الأمر في المعارضة الإسرائيلية، التي فازت في الانتخابات التالية والتي أدت إلى تأليف حكومة رابين.
أيضاً، كانت إحدى الأمور، التي من نوع وضع حل الدولتين، على جدول الأعمال هو التأييد الفلسطيني لذلك. أنا لا أرى أية استراتيجية فلسطينية اليوم. ماذا يمكن أن تفعل الوحدة الفلسطينية لتغيير الامور وتكون أكثر من مجرد ضحية؟


س: ما زلنا نتداول الكلام بشان السلطة الفلسطينية وإسرائيل. هل ترى نجاحاً للمفاوضات؟ هل هي جديرة بالاهتمام حتى؟ كيف يمكننا التأثير على كل جانب من الجانبين؟
ج: أنا أشكك بشأن العودة إلى المفاوضات، ببساطة، من دون سياسات جديدة. هناك اتجاه في هذا البلد للاعتقاد بأن المحادثات أفضل من عدمها، لكن هذا ليس هو الحال دائماً. لا أستطيع أن أتخيل نتنياهو منخرطاً في الوقت الحالي في مفاوضات حقيقية، وسيكون الاستمرار بتصور ذلك ضرباً من الأوهام. لو كنت أنا محل الولايات المتحدة فإني سأبذل جهداً كبيراً للوصول إلى ذلك. تريدون مني الدخول والمشاركة؟ عليكم إذن تلبية شروطي. وهذا هو أفضل موقف. المشكلة مع ذلك هو أننا في السياق الإسرائيلي نقوم باستمرار بأمور تشعل لهيب الصراع، وذلك، على سبيل المثال، من خلال منح 3 مليارات دولار سنوياً من المساعدات غير المشروطة لإسرائيل والتصويت ضد كل ما هو انتقاد لإسرائيل في الامم المتحدة بغض النظر عن الأسس الموضوعية. من المهم التوقف عن ذلك قبل الدفع بمفاوضات جديدة. إذا فعلنا ذلك، فإن هذا من شأنه أن يشكل المجال السياسي ويجعل المفاوضات  أمراً جديراً بالمتابعة.
أنا لا أتوقع أن يتم تبني وجهات نظري من قبل التيار الرئيس في الرأي العام السياسي الإسرائيلي في المستقبل القريب - حتى رأي الحزب السياسي اليساري الكبير. ولكني غير واثق أيضاً من فوات الأوان. الأنباء السيئة هي أنني قلت في عام 1971 بأن المستوطنين الـ 1500 في الضفة الغربية عبارة عن كارثة من شأنها أن تؤدي بإسرائيل إلى قبو سياسي قد لا تفلت منه أبداً. وقد ضحكوا آنذاك من هذا الكلام. وتحدثت أيضاً عن وجوب اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل في أوائل  السبعينات، لكن الأمر استغرق خمسة وعشرين عاما قبل أن يوافق التيار الرئيس في السياسة الإسرائيلية على ذلك. وسيستغرق الأمر خمسة وعشرين عاماً أخرى قبل أن يدرك هذا التيار أن ما أقوله الآن صحيح، وسوف يكون أكثر صحة حتى لو كانت اسرائيل لا تزال موجودة في غضون عشرين أو خمسة وعشرين عاماً.
هناك أفكار ترشح من أوساط الإسرائيليين الشباب الذين يتابعون بشجاعة رؤية أكثر إشراقاً لإسرائيل وفلسطين، على الرغم من الضغوط الهائلة عليهم. إن شرارات التغيير هناك، رغم أنها قد لا تنجح.
نعم، في الواقع، الفلسطينيون لديهم استراتيجية. أصبحت السلطة الفلسطينية تعتمد على التمويل من الخارج. ومع كل المشاعر الطيبة التي أشعر بها تجاه عباس نفسه، فإن السلطة الفلسطينية منفصلة عن السكان، وليس لديها دعم سياسي حقيقي. فالسلطة الفلسطينية عالقة بين حاجتها للعمل مع إسرائيل واستراتيجيات شعبية متزايدة بين الفلسطينين بخصوص المقاطعة ، سحب الاستثمارات، العقوبات، نزع الشرعية، والقتال في الساحات حيث لا تملك اسرائيل ميزة تلقائية. وبالتالي سواء تحدت السلطة الفلسطينية إسرائيل بالفعل في المحكمة الجنائية الدولية أوغيرها فإنه سيكون مؤشراً مثيراً للاهتمام إلى حيث تتجه الأمور. إن موقف حماس هو عدم الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود كدولة يهودية. لن تقول حماس ولا الفلسطينيون في الضفة الغربية، لدينا واجب يفرض علينا السماح لك بأن تكوني هنا. فهم قد يذعنوا، كما تطالب استراتيجية الجدار الحديدي، لواقع لا يستطيعون تغييره، لكن ذلك مختلف. أعتقد أنهما (أي كل من منظمة التحرير الفلسطينية وحماس) سيقولان نحن لا نوافق على وضع حد للصراع، بل على استعداد أيضاً للدخول في صراع تنافسي طويل الأمد على جميع المستويات، وقد يكون لنا نمط عيش سلمي.

س: يبدو لي أن الصهاينة هم الذين تغيروا بسبب الوضع وأنت هو الديناصور المتمسك بالعادات القديمة، مصدقاً الحلم الصهيوني القديم أنهم إذا تصرفوا بشكل صحيح فإنهم سيستوعبون العرب الذين سيحصلون على السلام.
ج: لقد قلت بأن الحلم الصهيوني القديم هو أنه إذا تصرفنا نحن اليهود، الصهاينة، بشكل صحيح، فسيكون لدينا سلام مع العرب. مَن مِن الصهاينة القدماء يمكنك أن تستشهد به على أنه كان لديه مثل هذا الحلم؟ لأنني لا أعرف أياً منهم. أما الآن، فإن ما كان في الواقع موقفاً صهيونياً قديماً ليس الحلم بأنه لو تصرفنا بشكل صحيح فإن العرب سيصنعون سلاماً معنا. لا، لقد كانوا أكثر ذكاء من ذلك. ففي العشرينات قال بن غوريون، هناك مشكلة بسيطة بين العرب وبيننا: هم يريدون أن يكون البلد لهم، ونحن نريد أن يكون لنا. وقال جابوتنسكي في مقالته المشهورة الجدار الحديدي التي وافقت عليها الحركة الصهيونية كلها تقريباً، أنه لا يوجد أي أساس  لدى العرب، الذين هم السكان الأصليين، لكي يصنعوا السلام معنا نحن المستوطنين الغرباء. لا، لا يمكننا التفاوض معهم الآن لأننا لا نملك حداً أدنى من الاتفاق معهم. علينا حذف أي أمل  لهم بالتمكن من التخلص منا. ثم يمكننا، من حيث المبدأ على الأقل، التفاوض معهم.
لكن نتنياهو تخلى عن هذه السياسة. كانت السياسة القديمة تقول بأن على اليهود ألا يستخدموا العنف أكثر من اللازم، لأن عليهم البحث دوماً عن الفرصة لصنع تسوية في نهاية المطاف. وكما كتبت في مقالتي حول التخلي عن الجدار الحديدي، فإن القيادة الإسرائيلية الجديدة لم تعد تؤمن بـ الجدار الحديدي بعد الآن، حتى أنها تخلت عن إمكانية تسوية سلمية في نهاية المطاف. هل لديك صورة عن إسرائيل في المستقبل، صورة تحبها وتعتقد أنها ممكنة؟ ماذا سيكون مصير العرب؟ هل تعتقد أنه من الممكن جعل العرب يتقبلون إسرائيل التي ترغب بها أنت؟
في حياتي أنا لا اعتقد ذلك، هم لن يقبلوا بذلك. وبالتالي فإن النقطة هي أن عليك أن تكون إنسانياً ومنحهم ما بإستطاعتك منحه، لكن ليس إلى حد تدمير نفسك.

س: هل منع الانفجار السكاني للقطاعات الدينية والأصولية في إسرائيل، الغير منفتحة على الحداثة، من التكيف مع الواقع؟ كيف يمكن أن يؤثر ذلك على قدرة إسرائيل على مواجهة المستقبل فعلاً؟
ج: لدى الحريديم، أي المتشددين الدينيين، الكثير من الأطفال. لكن دعونا لا نبالغ. نحن نرى جميع الاحصائيات عن معدل مواليد الحريديم، لكنك لا تشاهد الكثير من الإحصاءات عن عدد الإسرائيليين الذين يغادرون عالم الحريديم. لذا، وعلى الرغم من تزايدهم، فإن كتلتهم الديمغرافية ليست الأمر الأهم.
انا اقول لكم ما هو أهم شيء في هذا القطاع: التغيير الإيديولوجي. ليس هناك من سبب جوهري لم لا يمكن للحريديم أن يكونوا القوة الحمائمية الأقوى في إسرائيل. لقد كانوا كذلك لفترة طويلة. وكان رئيس ما يعرف الآن  بحزب شاس، عوفاديا يوسف، في مرحلة ما، الشخص الذي أراد أن الانسحاب من جميع الأراضي. عندما ألقي نظرة على المستوطنات، فإن أقلها إثارة للقلق هي مستوطنة بيتار عيليت وغيرها من المجتمعات الدينية المتشددة، لأنه بمجرد أن يكلمهم الحاخام فإنهم سيخرجون من هناك. لكن لا يوجد فريق في اسرائيل، وحتى الروس، ممن لديه خوف وشعور عميق بالكراهية ضد الأغيار، خاصة العرب ، كالحريديم. وقد نفذ ذلك إلى ثقافتهم وستكون مهمة كبيرة أمام الحاخامات كي يتغلبوا عليها. لكن الحاخامات لديهم موارد، إذا كان هناك من حاجة لاستخدامها. لذلك أنا لن أقول أنها التركيبة السكانية، إنه هذا التحول الأيديولوجي / الثقافي الذي يشكل التحدي الكبير.

س: نحن على وشك الاحتفال بالذكرى 50 لمارتن لوثر كينغ ،  لدي حلم.  وأعتقد أن هذا إيذان بنهاية الفصل العنصري في الولايات المتحدة، أو على الأقل الإقتراب من نهايته. لذا، لم تريد الولايات المتحدة الرضوخ للفصل العنصري في إسرائيل؟ كنوع من المتابعة إليكم هذا: هل يمكن لليهود مع ذلك المحافظة على وطن إذا ما سمحوا بحقوق متساوية للفلسطينيين؟
ج: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدعم الفصل العنصري في إسرائيل عندما نكون نحن من يحاول وضع حد له هنا؟ لقد أطاحت الولايات المتحدة بـ الليندي، حكومة منتخبة ديمقراطيا. لقد دعمنا، ولعقود، حكومات في جميع أنحاء العالم، حكومات تتناقض تماماً ليس فقط مع قيمنا وإنما مع القيم التي نطمح إليها. لذا هذا الأمر ليس لغزاً. بإمكانك المحاولة للخروج بحجة من هذا الموضوع ، وهو أمر مهم لأن الحجة من جانب اللوبي الإسرائيلي، في كثير من الأحيان، هي أن إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة، وبأنها تشاركنا قيمنا. من ال

موقع الخدمات البحثية