مواد أخرى » منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط: خلق الظروف لتقدم مستدام

باولو فورادوري ـ مارتن ب. مالين
Belfer Center for Science and International Affairs
ورقة بحث / كانون أول 2012


الفرصة المعلقة
في أيار 2010، دعا أعضاء معاهدة عدم الانتشار النووي ( NPT) إلى عقد &qascii117ot; مؤتمر عام 2012، تحضره كل دول الشرق الأوسط، حول تأسيس منطقة خالية من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط&qascii117ot; ( الأمم المتحدة 2010). إن الاقتراح بخلق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط له تاريخ طويل، وكان بنداً أساسياً يمكِّن من التمديد اللا نهائي لمعاهدة NPT نفسها في العام 1995. فبعد سنوات من التراخي، مثّل مؤتمر 2012 المقترح في الشرق الأوسط فرصة نادرة للبدء بعملية لتحسين البيئة الأمنية الإقليمية في الشرق الأوسط. من خلال السيطرة على السلاح ونزعه . ففي الأشهر التي تلت مؤتمر مراجعة معاهدة NPT 2010،  عين الأمين العام للأمم المتحدة مع الدول المقرة لمعاهدة عدم الانتشار النووي NPT – الولايات المتحدة، بريطانيا، وروسيا ـ الديبلوماسي الفنلندي &qascii117ot;جاكو لاجافا &qascii117ot; للعمل كوسيط لمؤتمر مبدئي، وتم اختيار فنلندا لاستضافة الاجتماع. وبدأ السفير &qascii117ot;لاجافا&qascii117ot; سلسلة طويلة من المشاورات لترتيب اجتماع في هلسنكي، والذي كان من المفترض أن ينعقد في كانون أول 2012.

في تشرين الثاني 2012، ألغيت التحضيرات للمؤتمر المقترح. وقدم المشاركون الراعون للمؤتمر تفسيرات مختلفة للفشل الظاهر. إذ صرحت روسيا، &qascii117ot; لم توافق جميع البلدان في الشرق الأوسط على المشاركة في المؤتمر&qascii117ot; ( الفدرالية الروسية 2012). وعرض البيان البريطاني أنه &qascii117ot;سيكون هناك حاجة ضرورية لتحضيرات أكثر ولحوار مباشر بين الدول في المنطقة لضمان أن تكون الترتيبات مرضية للجميع&qascii117ot; ( بريطانيا 2012). أما الولايات المتحدة فشرحت أن سبب إلغاء تاريخ 2012 هو بسبب &qascii117ot; الظروف الحالية في الشرق الأوسط  وواقع كون عدم توصل الدول في المنطقة إلى اتفاق حول الشروط المقبلة لعقد مؤتمر&qascii117ot; ( نولاند 2010). كما اقترح الناطق الأميركي وجوب تركيز اهتمام أكبر على العوائق. أما السفير &qascii117ot;لاجافا&qascii117ot;، فقد تعهد بالنيابة عن فنلندا بالاستمرار في الجهود &qascii117ot; لتحضير الأرضية مع المؤتمرين ومع دول المنطقة لعقد مؤتمر ناجح بأسرع ما يمكن، مؤتمر تحضره كل دول المنطقة&qascii117ot; ( فنلندا 2012).

كان هناك بين سطور هذه التصريحات المصاغة بشكل لطيف رسائل عديدة واضحة. أولاً، وكما أشارت تقارير صحفية، كانت &qascii117ot;إسرائيل&qascii117ot; متصدية للمؤتمر؛ فالقدس لم تكن على استعداد للمشاركة في مؤتمر ستكون فيه الهدف الرئيس للمضايقة الديبلوماسية بخصوص أسلحتها النووية. ثانياً، لم تكن دول أخرى في المنطقة، الدول العربية القيادية تحديداً، مستعدة للتكيف مع رغبات إسرائيل بأن تكون العملية منعقدة تحت مظلة إقليمية، مستقلة عن معاهدة NPT، وتغطية أجندة واسعة من القضايا الأمنية الإقليمية. كان الوسيط عاجزاً، بحسب الظاهر، عن سد هوة الخلافات بين إسرائيل والمجموعة العربية. ثالثاً، ، وفي الوقت الذي انهارت فيه العملية، لم يكن بإمكان المشاركين الراعين للمؤتمر التوافق على أفضل السبل للعمل. كانت هذه التصريحات المنفصلة دليلاً على الافتقار إلى الإجماع في أوساط منظمي المؤتمر. رابعاً، مع ذلك لم يكن هناك من فريق مستعد لإقصاء احتمال إمكانية البدء بعملية ذات قيمة محتملة. لم يكن هناك من فريق قد نأى بنفسه بعد عن الموضوع.
بالواقع، إن المكاسب السياسية والأمنية الناشئة من منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط عظيمة ومحتملة وسيتقاسمها الجميع على نطاق واسع  ستخفف من حدة عدد من المشاكل الأكثر إزعاجاً في المنطقة – بدءاً من الأزمة النووية الإيرانية،  إلى الأسلحة الكيماوية السورية، وصولاً إلى انتشار الصواريخ البالستية، وشعور الخوف والظلم المحيط ببرنامج إسرائيل النووي، وهواجس انتشار الطاقة النووية- أو تزول مع بدء سريان معاهدة واسعة النطاق تحظر كل أسلحة الدمار الشامل وآليات إطلاقها ( Fitzpatrick 2012) . أما بما يتعدى المنطقة، فإن تقدماً ملموساً باتجاه منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط سيعزز نظام عدم الانتشار ويخفف من الشقاق والخلافات في عملية مؤتمر الاستعراض للمعاهدة.

والعكس بالعكس، فإن الفشل بانتهاز الفرصة للبدء بمناقشات مركزة على أسلحة الدمار الشامل سيسدد ضربة ليس فقط لفرصة تحسين الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، وإنما إلى نظام عدم الانتشار نفسه. فإذا ما انهارت جهود البدء بمناقشات حول منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، فإن دولاً معينة في المنطقة سوف تتساءل عن قيمة معاهدة NPT نفسها وقد تعيد النظر في نهاية المطاف بما إذا كانت ترغب بالاستمرار بالالتزام بالمعاهدة. إن الفشل بإطلاق مناقشات حول الحد من التسلح ونزع السلاح في الشرق الأوسط سيشكل فشلاً بتنفيذ قرار مؤتمر استعراض معاهدة NPT  2010 ومن المؤكد تقريباً أنه سيعمِّق التوترات بين الدول التي تملك أسلحة نووية وبين تلك التي لا تملكها في مؤتمر استعراض 2015. أما في الشرق الأوسط، وفي ظل غياب أية عملية لمعالجة قضية أسلحة الدمار الشامل وقضايا إقليمية أخرى، فسوف تتزايد ضغوط انتشار هذه الأسلحة.

إذا كانت الرهانات هائلة، فإن التحديات كذلك. إذ إن مؤتمراً أولياً، لو لم يتم تعليقه حتى، هو خطوة صغيرة في عملية طويلة وصعبة. إن العقبات التي تحول دون إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط عديدة وقديمة. ولن تكون مسألة التغلب عليها قريبة. وتركز هذه الورقة على تلك العقبات وكيف يمكن للدول تخطيها. أما السؤال المطروح فهو كيف يمكن لدول المنطقة البدء بتهيئة الظروف السياسية التي تتمكن من خلالها تحقيق تقدم جدي ومستدام نحو إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

لمعالجة هذه المسألة، نقوم أولاً ببحث الصعوبات التي ستكون الأطراف في المنطقة بحاجة إلى التغلب عليها لتحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ودخولها حيز النفاذ. أما العقبات فتشمل الاعتقاد الشائع بأن أسلحة الدمار الشامل أدوات مفيدة في فن الحكم، إضافة إلى النقص الحاد في الثقة بين دول المنطقة، الغموض المتعلق بالتحولات الداخلية في الشرق الأوسط، الروابط الشائكة الضخمة بين القضايا التي تحتاج إلى حل، غياب المؤسسات الإقليمية لتسهيل المفاوضات، والاختلاف حول نطاق حظر على أسلحة الدمار الشامل والتحقق من فرضه. ثانياً، للحصول على توجيهات بشأن التغلب على هذه العقبات نقوم باستخلاص الدروس من التاريخ الحديث في الشرق الأوسط، من تجارب المناطق الأخرى في إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية (NWFZs)، ومن غيرها من البحوث حول أسباب التعاون في العلاقات الدولية ومنع انتشار الأسلحة النووية. نحن ندرس، على وجه التحديد، كيفية التغلب على عجز الثقة، وما هي أنواع العمليات التي تفضي أكثر إلى بناء الثقة، وما هي أنواع الحوافز التي قد تساعد على تجاوز الخلافات بين الأطراف. ثالثا، ندرس، وبإيجاز، السياق الراهن في المنطقة لبحث مسألة أسلحة الدمار الشامل مع الإشارة إلى أن نتائج المواجهة النووية مع إيران، وقرارات إسرائيل الإستراتيجية، ومصير الحرب الأهلية السورية أمور ستحدد، إلى حد كبير، آفاق التقدم على المدى القريب. رابعاً، نختم بحثنا بالتوصية بخطوات من شأنها أن تساعد في خلق الظروف التي تؤدي إلى أن تكون المناقشات الأمنية على مستوى المنطقة مركزة على القضاء على أسلحة الدمار الشامل.

تركز توصياتنا على اتخاذ تدابير للمدى القريب من شأنها أن تساعد على تمهيد الطريق نحو مفاوضات مثمرة بدلا من التركيز على الصفقات المحددة التي ينبغي للدول أن تنظر فيها ما أن تبدأ تلك المفاوضات. وللمساعدة في تهيئة الظروف لتقدم مطرد نقترح مجموعة من معايير بناء الثقة، بما في ذلك خطوات أحادية وشبه إقليمية إضافة إلى الاتفاق على المبادئ العامة لتوجيه المفاوضات. ونشير إلى أن عملية معالجة قضايا أسلحة الدمار الشامل ومسائل الأمن الإقليمي للشرق الأوسط سوف تتطلب إنشاء مؤسسة إقليمية. ولمعالجة غياب آلية مؤسساتية مناسبة في الشرق الأوسط فإننا نوصي بتأسيس محفل الأمن الإقليمي كملجأ مؤسساتي للمناقشات الجارية لقضايا أسلحة الدمار الشامل ومسائل أخرى ذات اهتمام مشترك. أما بما يتعدى المستقبل القريب، فإننا نقترح اعتماد نهج تدريجي للحد من التسلح ولتدابير نزع السلاح في منطقة الشرق الأوسط.

العوائق التي تعترض قيام منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط

إن العقبات التي تحول دون إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط هائلة. وتشمل المشاكل الاعتقاد السائد في الشرق الأوسط بخصوص فائدة أسلحة الدمار الشامل، وانعدام الثقة الحاد بين دول المنطقة والناشئ عن عقود من الحروب والصراعات، والغموض بشأن المستقبل بسبب التغيرات السياسية الداخلية التي تجتاح المنطقة. يجب على القادة التغلب على الترابط المعقد الموجود بين القضايا التي تحتاج إلى حل، وعلى غياب مؤسسات إقليمية لتسهيل ودعم التفاوض وبناء الثقة. وأخيرا، يجب على الأطراف التغلب على الخلافات الموضوعية حول نطاق الحظر موضع السؤال وحول وسائل التحقق من ذلك. في ضوء هذه التحديات، ليس من المستغرب أن يكون التقدم الحاصل بطيئاً بشكل محبط، وأن ردود فعل صناع القرار إزاء الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط تتراوح بين تجنبها وصولاً إلى ازدرائها.

الفائدة المتصورة لأسلحة الدمار الشامل ومنظومات إطلاقها
ذكراً لما هو واضح، وإذا كانت دول الشرق الأوسط لا تمتلك ولا ترغب بامتلاك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية، فإن الاتفاق على إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ستكون مسألة تافهة نسبياً. ولسوء الحظ، فإن العديد من المسؤولين في بلدان أساسية عبر المنطقة يعتقدون بأن هذه الأسلحة ضرورية أو مطلوبة بشدة. إن استمرار هذا الاعتقاد والظروف المادية التي تكمن وراء ذلك هي العقبات الرئيسية التي تعترض إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. أما الأدلة على هذا الاعتقاد فنجدها في أنماط واضحة من عملية الاستحواذ، والسعي، واستمرار امتلاك مجموعة متنوعة من الأسلحة التي تدعو للقلق. فقد حصلت الحكومات، أو حاولت الحصول، على أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية إما لردع أي هجوم من الدول المجاورة بهذه الأسلحة أو لضمان بقاء النظام على قيد الحياة في ظل ظروف الضغط الشديدة. وطالما أن القادة يولون قيمة عالية لهذه الأسلحة، فإنهم سيرفضون التخلي عنها من دون ضمانات موثوقة جداً لجهة الحفاظ على النظام والأمن الوطني أو تعزيزهما. إن عدم تماثل القدرات يجعل استمرار الاعتقاد بفائدة أسلحة الدمار الشامل أمراً من الصعب معالجته جداً.

&qascii117ot;إسرائيل&qascii117ot;


بالنسبة لإسرائيل، هناك اعتقاد سائد بأن الأسلحة النووية تمثل الضامن النهائي لبقائها كوطن في منطقة من الدول المجاورة المعادية، بعضها لا يعترف بحقها في الوجود. إذ تواجه إسرائيل أعداء لديهم مزايا تتعلق بعدد السكان، والعمق الإقليمي، والموارد الطبيعية، والثروة. إن إحساسها بالضعف والاستهداف مضخم بفعل تجربة المحرقة المأساوية والتشكيك العميق بشأن التزامات القوى الخارجية بحماية الشعب اليهودي. فكبلد صغير، مع عدد صغير من السكان المركزين في عدد قليل من المدن، تصر إسرائيل على امتلاك خيارات للدفاع عن نفسها تكون مستقلة عن المساعدات الخارجية. في هذا السياق، يعتقد الإسرائيليون بأن الأسلحة النووية الإسرائيلية توفر سياسة ضمان على الأمد الطويل ضد تهديدات وجودية إضافة إلى ردع التهديدات بهجوم تقليدي واسع أو هجوم ينطوي على استخدام أسلحة نووية، كيميائية، وبيولوجية. أما السبب الموجب الإضافي لإقناع الأعداء، ونظرا لأنهم لا يستطيعون هزيمة إسرائيل عسكرياً، فهو أنهم قد يتكيفون بشكل جيد معها سياسياً.  (فيلدمان 1996، ص 95-120؛ كوهين 2010، ص 77-78؛ بومغارت ومولر 2004-2005). وكنتيجة طبيعية لذلك، برهنت القدس عن إصرارها على حرمان جيرانها من الخيار النووي، بلجوئها حتى إلى القوة الوقائية إذا لزم الأمر، كما فعلت في عام 1981 عندما قصفت المفاعل العراقي &qascii117ot;أوزيراك&qascii117ot; والهجوم عام 2007 على المفاعل النووي السوري بالقرب من موقع ديرالزور.

لم تعلن القدس أبداً امتلاكها لأسلحة نووية، وفضلت سياسة &qascii117ot; الغموض النووي&qascii117ot; أو &qascii117ot;التعتيم&qascii117ot;. إن حجم ترسانة إسرائيل غير معروف؛ إذ تترواح التقديرات ما بين 60 إلى 400 سلاح نووي والتي يمكن إطلاقها من البر، والبحر والجو ( IISS 2008، ص 132-133). فإسرائيل لا تزال خارج معاهدة عدم الانتشار وغير ملزمة بالتزامات المعاهدة. ويُعتقد أيضاً بأن إسرائيل تعمل في مجال الأبحاث وتطوير عوامل بيولوجية وكيميائية لصنع أسلحة. إن الأسس المنطقية لهذا العمل مماثلة لتلك الكامنة في برنامج إسرائيل للأسلحة النووية، كما هو حال السرية المحيطة به. أما التفاصيل حول هذه الأنشطة، على سبيل المثال، وعما إذا كانت إسرائيل قد أجرت في أي وقت اختباراً لهذه الأسلحة أو قامت بتخزينها فغير متوفرة. لقد وقعت إسرائيل على اتفاقية الأسلحة الكيميائية ( CWC) في العام 1993، لكنها دعت إلى توافق إقليمي أوسع قبل المصادقة عليها. ولم توقع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية. إن القدرات الصاروخية الإسرائيلية واسعة النطاق، إضافة إلى توفر القدرة على إطلاق الحمولات التقليدية وغير التقليدية إلى أي مكان في المنطقة وخارجها  Kascii117bbig) و Fikenscher 2012، ص 312- 315؛ NTI  2011).

إيران

تواصل طهران الإعلان بأن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية حصراً. في الواقع، لقد أوجز الزعماء الإيرانيون، مراراً وصراحة، الأسباب التي تجعل الأسلحة النووية غير مرغوب بها أخلاقيا واستراتيجيا (الجمهورية الإسلامية الإيرانية 2010). مع ذلك، فإن الدول المجاورة لإيران ينتابها شك عميق بنوايا طهران النووية نتيجة لأنشطتها النووية السابقة غير المفسرة بشكل كاف (بما في ذلك عدد من الأنشطة التي وثقتها وكالة الطاقة الذرية التي تنسجم مع تطوير سلاح نووي يطلق بواسطة صاروخ)، ونتيجة العمليات النووية الواسعة النطاق الحالية العمليات النووية، والبيئة الأمنية ( Dassa Kaye و Weherey2007). إن سياق الأمن الإيراني مفهوم بشكل جيد إن لم يكن معترفاً به  دائماً. فالدول المسلحة نوويا تحيط بإيران من الشمال والشرق والغرب. وقامت الولايات المتحدة بغزو واحتلال بلدان على حدودها الشرقية والغربية، ويدعو المسؤولون الأميركيون صراحة إلى تغيير النظام في طهران. إن إيران معزولة إقليميا ودوليا وتُفرض عليها عقوبات دولية. وقام أعداء طهران بتخريب برنامجها النووي واغتيال علمائها. أما صدمة حرب الثماني سنوات بين إيران العراق فتشكل النظرة العالمية للقيادة الإيرانية العليا، الحرب التي كانت فيها إيران ضحية استخدام العراق للأسلحة الكيماوية وقت كانت بغداد تسعى أيضاً وراء الأسلحة النووية.

منذ عام 2003، كانت طهران غير مستعدة أو غير قادرة على تقديم تفسير مرض للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول عدد من الأنشطة يبدو أنها تتعارض مع الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية (IAEA 2011 a). استمرت إيران بعملياتها النووية في تحد لقرارات مجلس الأمن الدولي ، وسَّعت برنامج التخصيب، وتحملت جولات متتالية من العقوبات الدولية نتيجة لذلك. يشير استعداد إيران لتحمل مثل هذه التكاليف الباهظة للدفع قدماً بتطوير مجموعة كاملة من مرافق دورة الوقود النووي إلى أن القادة الإيرانيين يرغبون، في الحد الأدنى، في &qascii117ot; تغطية رهاناتهم&qascii117ot;، أي تحقيق القدرة التي تمكنهم من الحصول على أسلحة نووية بسرعة، نسبياً، إذا ما لزم الأمر.

تمتلك إيران أكبر عدد من الصواريخ الباليستية المنتشرة في الشرق الأوسط (NTI 2011). فباعتمادها، إلى حد كبير، على المساعدة الكورية الشمالية، قامت طهران بتطوير منظومات صواريخ مختلفة متوسطة المدى ذاتية الدفع تعمل بالوقود السائل، أي  سلسلة صواريخ &qascii117ot;شهاب&qascii117ot;.

ويمكن لصاروخ شهاب-3، بمداه الذي يصل إلى 1000كم، أن يضرب إسرائيل، والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وبعض أجزاء جنوب أوروبا، هذا نظرياً. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم طهران بتطوير صاروخ جديد متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب يبلغ مداه حوالي 2000 كم (صاروخ سجيل)، كما أطلقت أقماراً صناعية صغيرة للاتصالات وذلك باستخدام صواريخ من مرحلتين تعمل بالوقود الصلب، مما يدل على إرادة قوية في البلاد للاستثمار في صواريخ أطول مدىً، متعددة المراحل، تعمل على الوقود الصلب. كما أن إيران عضو في اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، على حد سواء. وقد أشارت وكالات الاستخبارات الغربية في الماضي إلى أن إيران قد طورت قدراتها في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية أثناء حربها مع العراق (عندما كانت ضحية لهجوم كيماوي)، وربما تكون حافظت على مخزون من الأسلحة الكيميائية، لكن لم يتم إثارة مثل هذه الادعاءات والمزاعم في السنوات الأخيرة. وعندما انضمت إيران إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، اعترفت طهران بوجود برنامج للأسلحة الكيميائية تم تطويره خلال السنوات الأخيرة من  حرب 1980- 1988 مع العراق.

الدول العربية

 أظهر عدد من الدول العربية اهتماماً بالحصول على أسلحة نووية لتعزيز مكانتها، ودعم أمن النظام، وردع إسرائيل أو أعداء آخرين. وباستثناء سوريا ربما، فقد تم  إنهاء جميع البرامج المعروفة. وقد انخرط العراق في جهود مكثفة للحصول على أسلحة نووية على مدى حوالي العقدين من الزمن. ولولا سوء الإدارة الهائل وأخطاء استراتيجية ارتكبت لربما كان العراق اليوم في مصاف الدول المسلحة نووياً. كما أن محاولات ليبيا الفاشلة للحصول على قدرات نووية موثقة توثيقا جيداً هي الأخرى. ( Jentleson 2005-2006؛ Bowen 2006؛ Braascii117t- Hegghammer 2008). أما مصر بظل حكم جمال عبد الناصر فقد استكشفت إمكانية الحصول على أسلحة نووية لكنها لم تلتزم بشكل جدي أبداً بهذا المسعى)  (Walsh 2010; Rascii117blee 2006. وتفيد التقارير بأن المملكة العربية السعودية قد ناقشت شراء أسلحة من باكستان) (IISS 2008, p. 42. وفي الآونة الأخيرة، أشار الأمير تركي الفيصل انه إذا ما &qascii117ot;فشلت كل الجهود في إقناع إسرائيل بإلقاء أسلحة الدمار الشامل ومنع إيران من الحصول على أسلحة مماثلة، عندها لا بد لنا، كواجب علينا تجاه بلدنا وشعبنا، النظر في جميع الخيارات الموجودة لدينا، بما في ذلك الحصول على هذه الأسلحة بأنفسنا&qascii117ot; (Cecire 2011)..

في الوقت الحاضر، تحاول وكالة الطاقة الذرية التحقيق، من دون تعاون دمشق، في الأنشطة النووية المشتبه بها السورية غير المشروعة المتصلة بالقضايا العالقة المتصلة بالمنشأة في ديرالزور.إذ يعتقد، وعلى نطاق واسع، بأن المرفق الذي قصفته في 6 أيلول، 2007، كان مفاعلاً لإنتاج البلوتونيوم قيد الإنشاء بمساعدة كوريا الشمالية. ورغم أنه سمح للوكالة بزيارة واحدة إلى موقع التفجير بعد أن تم تطهيره، فقد ردت دمشق مرارا طلبات الوكالة بالعودة إلى الموقع، وتفقد منشآت أخرى، أو حل الأسئلة المعلقة في السنوات الفاصلة (Crail 2011) .

هناك منظومات أسلحة غير تقليدية أخرى تشملها المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل المقترحة موجودة أيضا في العالم العربي. إذ يعتقد بأن لدى سوريا برنامجا فعالا لإنتاج وتخزين غاز الخردل والسارين وبأن لديها أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية في كل المنطقة ( Blair 2012). وقد أكد مسؤولون سوريون مؤخراً امتلاك سوريا لأسلحة كيماوية. ولدى مصر، إسرائيل، وإيران القدرة على إنتاج الأسلحة الكيميائية ( استخدمتها مصر والعراق في الماضي). هناك تقارير متضاربة حول برامج الأسلحة البيولوجية في سوريا (NTI، 2012). هذه الصورة القاتمة في المنطقة تصبح أسوأ حتى إذا ما أخذنا في الاعتبار أن عدداً من الدول في العالم العربي مشارك في برامج الصواريخ الباليستية المتقدمة وبرامج صواريخ كروز لإنتاج منظومات أسلحة الدمار الشامل القادرة على إيصال حمولات إلى أراضي الدول المجاورة من دون إنذار، أو بإنذار خفيف. ( أنظر الجدول رقم 1 لملخص عن التزامات، قدرات، مخزونات الدول الرئيسة في المعاهدة).

خلاصة القول، هناك أدلة كثيرة على أن هذه الأسلحة ومنظومات إطلاقها تلعب دورا هاما في استراتيجيات الأمن القومي لدول عدة في المنطقة. وطالما استمر التصور بأن الأسلحة النووية، البيولوجية والكيميائية تحمل قيمة خاصة، فإن الدول ستقاوم دخول مناقشات يمكن أن تؤدي إلى حظرها بشكل معقول. إن التخلي عن هذه الأسلحة يتطلب تحولاً أساسياً في المفاهيم والتصورات الأمنية للخطر، على حد سواء.

الصراع الإقليمي وعجز الثقة

إن أساس الحاجة المتصورة للأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية نابع من عدم الثقة العميق والواسع بين القادة في المنطقة حول نوايا جيرانهم. فالصراع الدائر سببه، في جذوره، عدم الثقة هذه. إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وأراض عربية الأخرى، والتوترات الإيرانية- العربية، والتوترات الإسرائيلية – الإيرانية تخلق كلها جواً من الشك، ما جعل موضوع المفاوضات المثمرة حول الحد من التسلح ونزع السلاح مسألة مستحيلة حتى الآن مع وجود استثناءات قليلة جداً.

إن الشرق الأوسط منطقة مضطربة ومعسكرة للغاية عانت من أعمال عنف داخلية ومتبادلة بين الدول، كما عانت من نزاعات حدودية، ووساطات وتدخلات قوى خارجية، ونزاعات لأجل الهيمنة الإقليمية، وثورات، وعداوات إثنية ومذهبية، وعدم استقرار سياسي عام ناتج عن شرعية محلية متزعزعة.

 ظهرت أسلحة الدمار الشامل بشكل بارز في هذا التاريخ المضطرب. والشرق الأوسط هو المنطقة الوحيدة في العالم التي تم فيها استخدام أسلحة الدمار الشامل في الحروب منذ هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية-  تم استخدام أسلحة كيميائية من قبل مصر ضد قوات الملكية اليمنية في منتصف الستينات، ومن قبل ليبيا ضد تشاد في عام 1987، ومن قبل العراق ضد السكان الأكراد وضد إيران في الثمانينات. ( Bahjat 2007، ص1). إن كل هجوم عسكري كبير، تقريباً، حصل بعد الحرب العالمية الثانية على منشآت مشتبه بها لأسلحة الدمار الشامل قد حدث في الشرق الأوسط، بما في ذلك ضربة إيرانية ضد منشآت نووية في العراق عام 1981، وضربة إسرائيل ضد العراق في عام 1981، العديد من الهجمات العراقية ضد إيران من عام 1984 إلى عام 1987، ضربات الولايات المتحدة والقوات المتحالفة ضد العراق في عام 1991، 1993، 1998، و 2003، وضربة إسرائيل ضد سوريا في العام 2007 ( Malin 2012a؛ Kreps & Fascii117hrmann 2011؛ Reiter 2006). لقد كان غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 أول حرب شنت لـ &qascii117ot;مكافحة انتشار الحرب&qascii117ot; ( غير الضرورية، كما تبين) لإزالة أسلحة الدمار الشامل من العراق. إذ تم إطلاق أكثر من 5000 صاروخ من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أكثر من 90 في المئة منها أطلق في الشرق الأوسط ( Gormley 2008K 48).

72 1024x768

الجدول رقم1: قدرات أسلحة الدمار الشامل المختارة في الشرق الأوسط

 

البلد

الأسلحة النووية

الأسلحة الكيميائية

الأسلحة البيولوجية

الصواريخ البالستية

الجزائر

لا

لا

لا

لا

مصر

لا

استخدمتها في الماضي.

يشتبه باحتفاظها بقدرة حرب كيميائية. لا معلومات عن المخزونات الحالية.

مصدر معلومات مفتوح بشكل محدود جداً. ربما لا يوجد برنامج فاعل، رغم أن لديها قاعدة تقنية قوية.

برنامج صواريخ متواضع التطور ( قدرات مطورة  محلياً لانتاج صاروخ سكود Bوسكود C المعزز.

إيران

قدرات دورة الوقود المتطورة، لأهداف سلمية ظاهرياً. هواجس واسعة بخصوص الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج.

القدرة، لكن لا مخزونات

لا

ملتزمة باحدى أكثر برامج الصواريخ تعقيداً في الشرق الأوسط، بأنظمة الوقود السائل والصلب. وقد  أطلقت سلسلة صواريخ شهاب 1، 2، و 3 مركبة إلى الفضاء في العام 2011.

العراق

نشاط ماضي واسع؛ لا برنامج معروف حالياً

نشاط ماضي واسع؛ لا برنامج معروف حالياً

نشاط ماضي واسع؛ لا برنامج معروف حالياً

نشاط ماضي واسع؛ لا برنامج معروف حالياً

إسرائيل

يعتقد امتلاكها لترسانة تتراوح ما بين 60- 400 سلاح ( IISS 2008)

قدرة، لا مخزونات

تقارير متضاربة

برنامج صواريخ هو الأكثر تطوراً في المنطقة. صواريخ بالستية متطورة ( JERICHO 2 و 3) و صواريخ كروز، ومنظومات دفاعية ضد الصواريخ. برنامج وطني فضائي.

ليبيا

لا

تخلت عنه عام 2003؛الإعلان عن مخزونات غير معروفة سابقاً في 12/ 2011. التخلص جار

ويتوقع الانتهاء منه عام 2016(Schneidmiller 2012)

لا

ترسانة الصواريخ من السبعينات محدودة جدا وعفا عليها الزمن.

 

السعودية

لا

لا

لا

 

شراء36 صاروخ من صواريخ  css-2 البالستية متوسطة المدى

من الصين.

سوريا

لا، على الرغم من اهتمام مشتبه به

للحصول على

القدرات. وفقاً

للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن البناء الذي

قصفته إسرائيل في عام 2007

كان مفاعلاً نووياً.

يشتبه في أنها من

الأكثر تقدما في المنطقة  في قدرات الأسلحة الكيميائية.

إنتاج فعال لغازيْ

الخردل والسارين، وربما

VX.

تقارير متضاربة

. تمتلك واحدة من أكبر

ترسانات الصواريخ الباليستية في

الشرق الأوسط، بما في ذلك

3 متغيرات مجموعة محلياً لصاروخ سكود، وصاروخ يعمل على الوقود الصلب.

 



الصراع الماضي لا يحتاج إلى إعاقة التعاون. في الواقع، من حيث التعريف، ويتم التفاوض بين أطراف ذوي مصالح متعارضة؛ يمكن للنزاع أن يساعد على توضيح ميزان القدرات والاهتمامات وأن يمكِّن الأطراف من تقييم التكاليف المحتملة لأي اتفاق، والمساعدة ربما لحملهم نحو إجراء التسوية.

في كل الأحوال، وفي الشرق الأوسط، يغذي ورم الصراع واستمراره حالة انعدام الثقة ويسد الطريق نحو إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل من نواح عديدة. أولا، وكما ذكر أعلاه، ينظر إلى الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية على أنها قد تكون مفيدة ربما لردع جولات مقبلة من الصراع أو الغلبة فيها؛ بما أنه كثيراً ما ينظر للخصوم في الشرق الأوسط على أنهم غير جديرين بالثقة ومتصلبين، ويعتبر عدد من المسؤولين المفاوضات لحظر حيازة أسلحة كهذه أنها ذات نتائج عكسية. ثانياً، ما دامت حالة عدم الثقة العربية والخلافات الإسرائيلية وغيرها مهيمنة على الأجندات الأمنية في دول رئيسة عديدة في المنطقة، فسيكون للحد من التسلح الإقليمي أولوية أقل حتى لو كان ينظر إليه على أنه مفيد لإدارة الصراع. ثالثا، إن إرث الصراع الإقليمي يجعل الأطراف يفقدون الثقة حتى بمقترحات متواضعة يطرحها أعداء أو أعداء سابقون . على سبيل المثال، يزعم المسؤولون الإسرائيليون، عادة، أن جهود مصر الحيوية للدفع بمقترحات منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل الإقليمية عبارة عن مبادرات غير جدية، وإنما هي رسائل للجمهور المحلي والإقليمي. وبالمثل، رفض المسؤولون المصريون في الماضي مقترحات إسرائيلية لتدابير بناء الثقة متهمين الإسرائيليين بأن التدرج مجرد ذريعة للتأخير- تماما كما كان عليه الأمر في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية حول الانسحاب من الأراضي.

أخيراً، إنها حالة غياب الثقة الأساسية هي التي أدت إلى شلل الجهود المبذولة للحد من التسلح وإلى أسئلة سياسية أكثر جوهرية (مثل حل النزاعات السابقة وإقامة علاقات دبلوماسية) في عملية التفاوض. إن تضارب الأولويات يجعل القضايا كلها تتأجل خوفاً من أن استغلال إحدى القضايا من قبل أحد الأفرقاء على حساب القضايا الأخرى.

الغموض حول التحولات الداخلية


لقد زادت التحولات الثورية التي تجتاح الشرق الأوسط، وإلى حد كبير، من الغموض الذي يلف آفاق التفاوض على المدى القريب حول قضايا أسلحة الدمار الشامل، ويمكن أن تستمر في تأثيرها السلبي على الجدول الزمني وجدول أعمال المؤتمر المؤجل في هلسنكي. ربما لم تخلق الثورات الداخلية قاعدة شعبية سعياً للحصول على أسلحة الدمار الشامل فحسب، وإنما خفضت أيضاً من أولوية العمل على إنشاء منطقة إقليمية خالية من أسلحة الدمار الشامل، واستدعت التشكيك في مشاركة عدد من الدول الأساسية في مناقشات الحد من التسلح والتعاون الأمني.

إن خطر إمكانية أن تؤدي الثورات العربية إلى تطرف الرأي العام العربي أمر لا يمكن الاستهانة به. بإمكان المرء أن يتخيل، وبسهولة، سيناريو تقوم فيه العناصر الأكثر تطرفا من الإسلاميين المنتخبين حديثا في حكومتي القاهرة وتونس وأماكن أخرى في الشرق الأوسط بتوجيه وتضمين الخطاب العام مواقف أكثر تشدداً بشأن قضايا أسلحة الدمار الشامل. وعلى النقيض من الماضي، سيكون القادة المنتخبون حديثا والبرلمانات بحاجة لأن تكون حساسة للغاية إزاء إرادة وأمزجة الناخبين. إن تصاعد المشاعر القومية والشعبية في المجتمع المدني المسلم يمكن أن يعرقل التقدم نحو الحوار السياسي والحد من التسلح.وقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا في مصر اهتماماً متزايداً في شعبية اكتساب الأسلحة النووية (روجين 2012)؛ وبشكل مماثل، فإن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل هي التي لا تحظى بشعبية. هناك خشية أيضاً من تنامي المشاعر المعادية. أشار مايكل إيلمان إلى &qascii117ot;إن الشارع العربي، المتمكن بسبب التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة، سيجد من الصعب عليه قبول الحلول الوسط التي تعالج المخاوف الأمنية الإسرائيلية من دون حل القضية الفلسطينية والاحتكار النووي الإسرائيلي &qascii117ot;(إيليرمان 2012).

على الرغم من تجاوز القيادة الحالية في إيران التحدي الذي شكله الإصلاحيون في عام 2009 والأصداء التي تلت ذلك، فإن الحكومة ستكون مترددة في تعريض نفسها لانتقادات داخلية يحتمل أن تنشأ مع رؤية الممثلين الإيرانيين وهم يجلسون جنبا إلى جنب مع ممثلين إسرائيليين للحديث عن المخاوف الأمنية المشتركة.

إن الصراع في سوريا، بشكل خاص، يعقِّد السؤال المطروح المتعلق بمن يمثل هذا البلد في المؤتمر الأول المقترح. فحكومة الأسد ستكون مترددة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع دول الجامعة العربية التي تدعو الأسد إلى التنحي. وإذا ما وافقت سوريا على المشاركة، فإن الدول العربية ستكون مترددة بالتعاون حول موقف عربي مشترك مع دولة تم تعليق عضويتها نفسها في الجامعة العربية.

بالنسبة لتلك الدول التي لا تعتبر مشاركتها محل شك في الحقيقة، قد تكون صياغة المواقف في حالة تغير مستمر. لقد كانت مصر في عهد مبارك هي الحريصة على اقتراح إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الفترة التي سبقت المؤتمر الاستعراضي عام 2010.
إن موقف مصر الأساسي بشأن مسألة المنطقة لم يتغير بعد الإطاحة بمبارك، واستمر التحدي الذي تشكله الأسلحة النووية الإسرائيلية، بغض النظر عن التغييرات الدستورية والقيادية في مصر، لكن يبقى السؤال مفتوحاً عما إذا كانت مصر ستستمر بالضغط، كجزء من استراتيجيتها للأمن القومي، لمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل كما فعلت في الماضي أم أنها ستغير استراتيجيتها.

أخيرا، إن إسرائيل، التي كانت مترددة جدا بالمضي قدما في مناقشة مشروع &qascii117ot;المنطقة &qascii117ot; قبل بدء الثورات العربية والحرب الأهلية في سوريا، تقول الآن إن مفهوم منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل هو اليوم &qascii117ot;أقل قابلية للتطبيق  في منطقة الشرق الأوسط العدائية والمتقلبة حالياً وإن أية محاولة لبلوغ هذا الهدف تتطلب حصول تحول كبير في التوجه الإقليمي &qascii117ot;(Chorev 2012). وبشكل مشابه، أشارت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن &qascii117ot;توقيت وتيرة التحولات السياسية الأساسية هذه ستكون عاملا في تحديد كيفية المضي قدماً في مؤتمر هلسنكي بطريقة تكون مفضية أكثر إلى حوار بناء ونتيجة إيجابية &qascii117ot;(Coascii117ntryman 2012).

ارتباط القضايا

إن القضايا الصعبة التي بحاجة لحل قبل إدخال منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل حيز النفاذ مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض. وقد اعترف مؤتمر استعراض وتمديد معاهدة عدم الانتشار عام 1995 بهذا الارتباط في قرار الشرق الأوسط الصادر عنه، عندما أعلنت الهيئة أنها &qascii117ot;تؤيد أهداف وغايات عملية السلام في الشرق الأوسط وتعترف بالجهود المبذولة في هذا الصدد، وكذلك بالجهود الأخرى، التي تساهم، من بين جملة أمور، بوجود شرق أوسط  خال من الأسلحة النووية ومن غيرها من أسلحة الشامل الدمار، كذلك الأمر &qascii117ot;(الأمم المتحدة 1995).

هذه الصلة وغيرها، على الرغم من أنه لا مفر منها، تمنع التقدم نحو إنشاء &qascii117ot;المنطقة&qascii117ot; لأن الأطراف يحملون وجهات نظر متعارضة بشأن كيفية تنظيم وتسلسل المفاوضات حول الأجزاء المكونة للمشكلة.

هناك ثلاث مجموعات من القضايا متشابكة فيما بينها على وجه الخصوص. أولاً هناك الرابط بين منظومات الأسلحة المختلفة. إن أحد أهداف ترسانة إسرائيل النووية هو ردع هجوم كيميائي أو بيولوجي. فالرؤية الإسرائيلية المشتركة هي وجوب أن تسبق المفاوضات لإدخال مناقشة اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية حيز التنفيذ مناقشة المسائل النووية ( Levite 2010، ص 162). لكن، وكما كتب نبيل فهمي، فإن &qascii117ot;مصر وبعض الدول العربية الأخرى مصممة على عدم المصادقة على أية اتفاقيات تتعلق بأسلحة الدمار الشامل قبل مصادقة إسرائيل على معاهدة عدم الانتشار &qascii117ot;(فهمي 2011، ص. 15). وانهارت محادثات الحد من الأسلحة والأمن الإقليمي في أوائل التسعينات على خلفية هذه القضية بالتحديد.

ثانياً، هناك الرابط بين خطوات الحد من التسلح ونزع السلاح وبين قضايا الأمن الإقليمي الأوسع نطاقاً، بما في ذلك النزاعات العربية- الإسرائيلية والفلسطينية -الإسرائيلية، والنزاعات الإيرانية- العربية (على سبيل المثال، النزاع حول الجزر الثلاث وحول مستقبل العراق وسوريا). وقد دأبت إسرائيل على القول منذ فترة طويلة بأنها لن تناقش مسألة الدخول في اتفاقية منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل إلا بعد التوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة. وكما أوضح آرييل ليفي، &qascii117ot; بينما نعتبر مسألة نزع  السلاح (بما في ذلك نزع السلاح النووي) نتيجة مطلوبة، فإن إسرائيل، مع ذلك، تعتقد بأن ذلك ممكن ولا ينبغي السعي إليه بشكل مستقل. إذ ينظر إلى مسألة التقدم في نزع السلاح النووي على أنه أمر ثانوي لتحقيق أهداف أخرى أكثر إلحاحاً تتعلق بالسلام الشامل وال

موقع الخدمات البحثية