مواد أخرى » حزب الله وقوات القدس في حرب الظل الإيرانية مع الغرب

ماثيو لفيت
The Washington Institascii117te For Near East Policy
محور سياسي 123
كانون الثاني 2013

في كانون الثاني 2010، قررت قوات القدس – وحدة النخبة في الحرس الثوري الإيراني- أنها ستشرع مع حزب الله، وكيلها الإرهابي الرئيس، بحملة عنف جديدة لا تستهدف إسرائيل فقط، وإنما أهدافاً أميركية وغربية أخرى أيضاً. ومنذ ذلك الحين، كانت المنظمتان تتعاونان على شن هجمات عبر العالم. أما الأمر المدهش، تحديداً، فهو مدى المستوى غير المتقن لأعمال المنظمتين: كانت الأهداف مختارة بشكل رديء وتم تنفيذ الهجمات بعدم كفاءة وعجز فادح. لكن في الوقت الذي تقوم فيه المنظمتان بصقل خيوط العنكبوت وإضفاء الصفة الاحترافية على عملياتهما، فإن بالإمكان استبدال هذه الحرفية المتدنية، وبسرعة، بنجاح تشغيلي فعال. بالواقع، إن أحد الجهود الفردية، تحديداً، كانت لتنجح لولا الوضع العرضي لوجود مخبر حكومي سري: قضية رجل إيراني – أميركي يعمل في مجال بيع السيارات المستعملة، الذي اعترف بذنبه في تشرين أول 2012 في تهمة التآمر مع عملاء أميركيين لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة.
مع ذلك، ومن بعض النواحي، طرح إقرار منصور بتهمة محاولة اغتيال السفير السعودي تساؤلات أكثر مما أجاب عليها. الاعتراف أغلق القضية، لكن الحكومتين الأميركية والبريطانية عزتا المؤامرة إلى مصدرها في طهران، ووضعت قاسم سليماني، قائد فيلق قوات القدس، على اللائحة السوداء لدوره في الإشراف على المؤامرة. بالواقع، لقد علم مسؤولون رسميون بالخطة  باكراً وبنوا قضية محكمة. ولم يحاول آربابسيار توظيف قاتل فحسب، كان في الواقع مخبراً في دائرة مكافحة المخدرات ( DEA)، إنما ما أن اعترف آربابسيار المعتقل بدوره في المؤامرة حتى وجهت مذكرة استدعاء لابن عمه ( ابن خاله) الجنرال غلام شكوري، وهو عضو في قوات القدس، وذلك بناء على توجيه من المكلفين بإنفاذ القانون. ومع وجود عملاء يستمعون، أكد شكوري على وجوب أن تمضي المؤامرة قدماً وبالسرعة الممكنة ' قوموا بذلك بسرعة فحسب. لقد تأخرنا'.
لكن لماذا كانت قوات القدس، التي اكتسبت سمعة براعة تنفيذ العمليات بفعالية حتى بين أعدائها، متحمسة للغاية للتحرك إلى الأمام في عملية يشوبها الخلل بشكل واضح؟ فمن جانبه، يبدو آربابسيار شخصية ضعيفة ' تريد أن تكون هامة'، كما حدد أحد المعالجين النفسانيين المعتمدين لدى الحكومة، وبأنه تم جره إلى المؤامرة من قبل ابن عمه. أما السؤال الحقيقي فهو: ما الذي كانت تفكر به قوات القدس؟
وفقاً لمدير الاستخبارات الوطنية، ' تظهر المؤامرة أن بعض المسؤولين الإيرانيين – ربما يشتمل ذلك على القائد الأعلى علي الخامنئي- قد غيرواً حساباتهم وهم الآن أكثر استعداداً للقيام بهجوم في الولايات المتحدة رداً على أعمال حقيقية أو متصورة تهدد النظام'. يعتقد مسؤولو الاستخبارات بأن هذه الحسابات الجديدة تعود بتاريخها إلى كانون الثاني 2010 عندما قررت قوات القدس الشروع مع حزب الله بحملة عنف جديدة مركزة على إسرائيل إلى جانب أهداف أميركية وغربية أخرى.

تتبع المسار المسلح لحزب الله
بدأ القتال المعادي للغرب لحزب الله في العام 1983 مع هجماته ضد أهداف غربية في لبنان، ومن ثم توسع ليشمل هجمات في الخارج القصد منها الانتقام للأعمال التي تهدد مصالحه أو مصالح إيران، أو الضغط على حكومات أجنبية لإطلاق سراح عملاء معتقلين. أحياناً، وكما في تفجيريْ عاميْ 1992 و1994، في الأرجنتين، كانت مصلحة حزب الله الخاصة في تنفيذ هجمات في الخارج تتضخم بسبب مصالح إيران بذلك أيضاً. هذه المصالح المتزامنة أدت إلى عمليات مشتركة – كتفجيرات أبراج الخُبر في السعودية عام 1996- لكنها زادت في قوة كل فريق من الفريقين وجعلت قدراتهما، مجتمعة، تتعاظم.
على مدار العلاقة الحميمة دوماً بين إيران وحزب الله، قد يكون قائد قوات القدس أو قادة إيرانيين كبار آخرين أبلغوا قيادة حزب الله أن ينتقلوا للعمل وأن يكون الجواب التساؤل عن مدى حدة الرد. هذه العلاقة، في جزء منها، كانت وظيفة المواءمة الوثيقة الموجودة بين القيادة العليا لحزب الله والنظام الديني الإيراني. مع ذلك، فإن السؤال عن مدى قوة وثبات إيمان قادة حزب الله بـ 'ولاية الفقيه'، وهو مبدأ الجمهورية الإسلامية في حكم الفقيه. فبحسب ما قال أمين عام حزب الله حسن نصر الله،  فإن' موضوع ولاية الفقيه والإمامة هي في صميم عقيدتنا الدينية، وإن أية إساءة لها هي إساءة لديننا'. لكن العلاقة الحميمة تستمر بسبب اعتماد حزب الله على إيران للحصول على الدعم المالي، المادي، والسياسي. فلسنوات، اعتمد حزب الله، بشكل حصري تقريباً، على السخاء الإيراني، الذي كان يتراوح ما بين 100 إلى 200 مليون دولار سنوياً أو أكثر. في كل الأحوال، لقد جاءت رعاية سخية كهذه للدولة مرفقة مع قيود بحيث أن حزب الله، بصفته المجموعة الوكيلة المسلحة الشيعية الرئيسية لإيران، لا يمكنه تجاهلها بسهولة.
بالرغم من مواصلته حملته القاسية من النشاطات العسكرية والإرهابية المستهدفة لإسرائيل، وبرغم  التوترات التي تهدأ مع الغرب، لم ينفذ حزب الله هجوماً ناجحاً مذهلاً يستهدف المصالح الغربية منذ تفجيرات أبراج الخبر. فضلاً عن ذلك، لقد عمل حزب الله بكد وجهد بظل القائد العسكري السابق عماد مغنية لترسيخ معيار للاستقلال عن إيران. ففي منتصف عام 2008، بعد أربعة أشهر على اغتيال مغنية، توصل مسؤول استخباري إسرائيلي إلى نتيجة مفادها أن ' حزب الله لا يفعل دائماً ما تريده إيران'. لكن بظل قيادة مصطفى بدر الدين وطلال حمية، خليفتيْ مغنية، يبدو بأن دور إيران قد أصبح صلباً مجدداً. وفي شباط 2012، وصف جايمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية  العلاقة بين حزب الله وإيران بأنها ' ترتيب شراكة، الإيرانيون فيها هم الشريك الأرفع مستوى'. هذه ' الشراكة الاستراتيجية'، كما يقول ماثيو أوسلن مدير مكتب مكافحة الإرهاب الوطني ( NCTC)، هي نتاج تطور بطيء من الثمانينات، عندما كان حزب الله مجرد وكيل لإيران. ويواصل الكيانان العمل، معاُ، على ' أهدافهما المشتركة ضد إسرائيل والولايات المتحدة'، بحسب ما يضيف أوسلن.
مما لا شك فيه أن حزب الله قد انخرط في نشاطات مسلحة، إرهابية، إجرامية وأنشطة أخرى أيضا ًعلى مدى السنوات، بدءاً من التفجيرات في الأرجنتين والسعودية وصولاً إلى مؤامرات في جنوب شرق آسيا وأفريقيا. في كل الأحوال، إن قدرته على القيام بذلك وبهذه الوتيرة قد تعرقلت وأصبحت مقيدة بشدة بسبب قانون الإرهاب وليس بسبب قرارات خاصة به. ومن المفارقات، أن هجمات 11 أيلول، 2001 التي قامت بها القاعدة، قد أثبتت بأنها نقطة تحول بالنسبة لحزب الله، المجموعة الإرهابية التي كانت مسؤولة سابقاً عن معظم القتلى الأميركيين. ورغم أنه لم يكن محاصراً في ' الحرب على الإرهاب' التي شنتها واشنطن، يبدو بأن حزب الله قد  قرر، عن وعي وإدراك، التراجع عن عملياته الدولية والمحافظة على تركيز جهوده بضرب الأهداف الإسرائيلية والاقتصار عليها قدر الإمكان. لكن عندما تم تجميد مسألة تفجيرات السفارة المذهلة، استمر حزب الله باستهداف المصالح الإسرائيلية، تسريب العملاء إلى داخل إسرائيل لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات، ودعم المصالح الإيرانية كتدريب المسلحين العراقيين الشيعة بعد سقوط نظام صدام حسين.
لكن اغتيال عماد مغنية في شباط 2008 أدى إلى عودة ظهور ذراع العمليات الدولية لحزب الله، الذي سوف يستعيد، من دون شك، فعاليته السابقة – خاصة عندما يقترن ذلك بالاستخبارات الإيرانية وعملاء قوات القدس. لكن ما أن ردت منظمة الجهاد الإسلامي – التي هي بقيادة  بدر الدين وحمية الآن- على مقتل مغنية، حتى عانت عملية الرضوان ( المسماة على اسم مغنية، الذي كان يعرف أيضاً بالحاج رضوان) من سلسلة انتكاسات. وهذا الأمر أدى في نهاية المطاف إلى أن تعيد كل من إيران وحزب الله تقييمهما بكيفية المحاكمة، معاً وبشكل منفصل، لحرب ظل من ثلاث مستويات تستهدف المصالح الإسرائيلية، اليهودية، الأميركية وأحياناً البريطانية في العالم أجمع.
إعادة تقييم مكان حزب الله في ترسانة إيران  
عندما وعد نصر الله بـ ' حرب مفتوحة' للانتقام لاغتيال مغنية، اتخذ المسؤولون الإسرائيليون، وبسرعة، إجراءات وقائية – بدءاً من إصدار تحذيرات سفر محددة وصولاً إلى إجراءات تخريبية سرية – ضد ما اعتبروه السيناريوهات الثلاث الأكثر احتمالاً. وقد اشتملت على : (1) هجوم على مسؤولين إسرائيليين بارزين حاليين أو سابقين في الخارج؛ (2) هجوم على بعثة ديبلوماسية في الخارج؛ى (3) هجوم يستهدف موقعاً تابع للطائفة اليهودية في الخارج، كما حصل في تفجير 'الرابطة الإسرائيلية- الأرجنتية المتبادلة' ( AMIA) في العام 1994 في بوينس آيرس. فالمسؤولون الإسرائيليون على معرفة أكبر بنصر الله تمنعهم من تجاهل تحذيراته.
مع ذلك، ومهما كان من أمر التزام حزب الله بتنفيذ هجمات كهذه، لم تكن منظمة الجهاد الإسلامي على مستوى هذه المهمة. فمن ناحية، لقد قلص قادة حزب الله عملاء الشبكات العالمية لمنظمة الجهاد الإسلامي بعد هجمات 11/9.  ويبدو بأن ' الشراكة الاستراتيجية' التي تقاسمها حزب الله مع إيران على مدى العقد الماضي تركز على تمويل، تدريب، وتسليح ميليشيا حزب الله الفعالة على نحو متزايد، وليس التركيز على كوادره من الإرهابيين الدوليين. وبالتالي، فإن حزب الله لا يفتقر للموارد والقدرة على  تنفيذ عملية ناجحة في الخارج فحسب، بل أنه لم يعد يملك مغنية كلاعب عمليات رئيس.
كان الأمن المشدد في عالم ما بعد 11/9 يعني أيضاً اختيار حزب الله العمل في دول ذات أمن رخو بدلاً من دول غربية يقظة وحذرة. لكن حتى في هذه الحال، وفي أماكن مثل أذربيجان، مصر، وتركيا، وحتى مع دعم بارز من عملاء قوات القدس، عانى حزب الله من سلسلة من الإخفاقات المحرجة، بدءاً من الإخفاق التام عام 2008 في باكو، عندما تم تعطيل سلسلة من الأعمال المذهلة، بما فيها مخططات لتفجير السفارتين والأميركية والإسرائيلية. وأدى الحدث إلى إطلاق سراح هادئ لعميليٍن في قوات القدس لكن إلى مقاضاة علنية لعميلين من عملاء حزب الله. وسرعان ما أحبطت عمليات في مصر وتركيا أيضاً، إضافة إلى محاولات خطف إسرائيليين في مصر وأفريقيا.
كان الهجوم الفاشل في تركيا في أيلول 2009 عبارة عن حدث ونقطة تحول بالنسبة لمخططي العمليات الفعالة في حزب الله ولراعيهم الإيراني. وبرغم الدعم اللوجستي الضخم الذي وفره عملاء قوات القدس لتلك المؤامرة، فقد أخفق عملاء حزب الله، مع ذلك، بتنفيذ الهجوم بنجاح. في هذه الأثناء، وبحلول عام 2009، كان الاهتمام الإيراني بشجاعة حزب الله في العمليات الفعالة يركز بشكل أقل على القضايا المحلية مثل الانتقام لموت مغنية وبشكل أكبر على قضايا أهم بكثير تتعلق بمكافحة التهديدات المتعلقة ببرنامجها النووي الناشئ. وقد دمرت عناصر مخربة أجهزة الطرد الإيرانية؛ انشق ضباط في الحرس الثوري الإيراني؛ ومن ثم أدت قنبلة انفجرت في كانون الثاني 2010 إلى مقتل عالم الفيزياء البروفسور الإيراني مسعود علي محمدي خارج منزله في طهران.
بحسب مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية، توصل القادة الإيرانيون الغاضبون إلى استنتاجين بعد مقتل محمدي: (1) كان على منظمة الجهاد الإسلامي التابعة لحزب الله تنشيط قدراتها في مجال العمليات و(2) على  الحرس الثوري الإيراني ألا يعتمد بعد الآن على حزب الله وحده لتنفيذ هجمات إرهابية في الخارج. وبأن على الحرس نشر عملائه في قوات القدس للقيام بذلك على عاتقهم، وليس فقط كلوجستيين داعمين للقوة الضاربة في حزب الله. أما بما يتعلق بما هو أكثر من خسارة علماءها حتى، فقد سعت إيران إلى معالجة مكانتها وهيبتها المتضررة – الصورة بأن إيران ضعيفة للغاية إلى حد أن ليس بإمكانها التصدي لحماية علماءها في الداخل.
نجم عن ذلك الكثير من تبادل الاتهامات بين حزب الله وقوات القدس بما يتعلق بمكمن الفشل في العمليات الفاشلة في السنتين الماضيتين، ليصل الأمر ذروته في الهجوم الفاشل في تركيا ومن ثم في مؤامرة فاشلة أخرى في الأردن في كانون الثاني 2010. وبتعليمات من نصر الله، ' شرع بدر الدين وحمية بإعادة تقييم عملياتي ضخم في كانون الثاني 2010، الأمر الذي أدى إلى تغييرات كبيرة داخل منظمة الجهاد الإسلامي على امتداد فترة تفوق الستة أشهر قليلاً'. وخلال هذه الفترة، عُلقت عمليات منظمة الجهاد الإسلامي وحصلت تغييرات كبرى في الأفراد العاملين في المنظمة. وتم تجنيد عملاء جدد من نخبة الجناح العسكري في حزب الله لأجل التدريب الاستخباري والتشغيلي، في حين تم نقل عملاء منظمة الجهاد الإسلامي الموجودين إلى مراكز جديدة. في نفس الوقت، استثمرت منظمة الجهاد في تطوير القدرات والحرفية التي ذبلت منذ قرار 2001 بكبح عملياتها.
كجزء من إعادة هيكلتها، شارك حزب الله في محادثات مفصلة مع مسؤولين إيرانيين لرسم دور حزب الله في خطة إيرانية أكبر لحرب ظل منسقة تستهدف مصالح إسرائيلية، أميركية، بريطانية، وخليجية. أما الخطة المنسقة المقررة، فتتضمن عمليات القصد منها تحقيق أهداف عديدة مختلفة، بما فيها الانتقام لاغتيال مغنية، الثأر للهجمات على برنامج إيران النووي، وإقناع القوى الغربية بأن هجوماً على إيران سينتهي- من بين أمور أخرى- بهجمات إرهابية لا متماثلة في العالم أجمع.
لهذه الغاية، رسى صناع القرار الإيرانيون على حملة عنف بناء على مسار تهديد من ثلاث مستويات يستهدف التالي: سياح إسرائيليين، شخصيات حكومية ( ديبلوماسيين، ضباط متقاعدين)،  وأهداف، أوسع نطاقاً، تمثل إسرائيل والمجتمع اليهودي ( قادة وزعماء مجتمع، شركات إسرائيلية بارزة). وأوكلت مهمة استهداف سياح إسرائيليين إلى حزب الله – هدف ناعم – وحُفظت لقوات القدس عمليات استهداف مصالح إسرائيلية، أميركية، بريطانية أو خليجية. وهذه الأخيرة سوف تنفذ بواسطة ' وحدة العمليات الخارجية الخاصة' الجديدة المعروفة بوحدة 400.

الحملة الإرهابية الإيرانية ذات المستويات الثلاث
في البداية، بدا بأن لا تأثير كبير لاستراتيجية الإرهاب الإيرانية الجديدة، ولا لتعديل الهيكلة في منظمة الجهاد الإسلامي. وفي آذار وأيلول 2010، عطلت السلطات مؤامرات غير معلنة لقوات القدس في أذربيجان وتركيا، على التوالي. وفي أيار 2010، اعتقلت السلطات الكويتية لبنانياً  وأفراداً آخرين  بشبهة التجسس، مراقبة المصالح العسكرية الأميركية، وامتلاك متفجرات للقيام بهجمات.
في هذه الأثناء، لم يكن أداء حزب الله بأفضل. فكونه كان يشعر بحساسية بشأن إثبات قدراته الفعالة المتجددة في العمليات، فقد ضغط قادة الجهاد الإسلامي، على ما قيل، على نصر الله للسماح لهم بتنفيذ هجوم في الخارج. وفي نيسان 2011، نصحت دائرة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية مواطنيها بعدم السفر أيام العطل إلى بلدان في حوض البحر المتوسط والشرق الأقصى، محذرة من مؤامرات إيرانية ولحزب الله. بالواقع، لقد كان التحذير عبارة عن تسريب مخطط له من قبل الاستخبارات الإسرائيلية بهدف فضح مؤامرة لحزب الله تتعلق باستهداف سياح إسرائيليين في قبرص وبالتالي إحباطها في مهدها. وقال مسؤولون إسرائيليون للصحافة أن طلال حمية قائد منظمة الجهاد الإسلامي التابعة لحزب الله، وبتعليمات من نصر الله وقاسم سليماني قائد الحرس الثوري، يتآمر للقيام بهجمات بواسطة مجموعة صغيرة من الضباط الموثوقين. واشتمل هؤلاء على 'أحمد فياض، الحارس الشخصي واليد اليمين لحمية '، إضافة إلى مهندس المتفجرات علي نجم الدين وخبير تجميع القنابل مالك عوياد'. وهناك وثائق مزورة أصدرها، على ما قيل، مجد الزكور، المعروف أيضاً باسم  'المزور'، في حين جاء الدعم اللوجستي من رجال أعمال لبنانيين وأتراك.
نظراً لدور حزب الله في الترتيب ذي المستويات الثلاث، كان نصر الله غير مرتاح مع فكرة أن الناس قد يفهمون خطأ بأن هجمات حزب الله ضد سياح إسرائيليين هي أفضل ما يمكن أن يقوم به إزاء مقتل مغنية، وهذا واضح. بعد أيام قليلة، كشفت تقارير إعلامية عن مؤامرة قبرص، وأعطى نصر الله مقابلة لصحيفة كويتية مؤكداً فيها على التزام حزب الله المستمر بتنفيذ عملية مساوية من حيث شدتها للانتقام لمقتل قائد منظمة الجهاد الإسلامي. لم تكن النقطة الانتقام لمجرد الانتقام، فقد أكد قائلاً: ' لو أردنا ذلك، لكنا انتقمنا بقتل سياح إسرائيليين في هذا البلد أو ذاك'. لكن لم تكن هذه هي حسابات حزب الله. فالهجمات على سياح إسرائيليين كانت شيئاً مختلفاً – جزء من عمل منظمة الجهاد الإسلامي في حرب الظل الإيرانية-  مسار تهديد خاص بها، بعيداً ومتمايزاً عن عملية الرضوان.
في أيار 2011، أطلق عملاء إيرانيون النار على ديبلوماسي سعودي وقتلوه في كراتشي، باكستان، ما أنذر بوجود مؤامرة في طريقها أساساً تستهدف السفير السعودي في واشنطن. وبعد عشرة أيام، نفذ عملاء قوات القدس وحزب الله عملية أكثر تعقيداً بكثير تستهدف ديبلوماسياً إسرائيلياً في تركيا.وافترضت السلطات التركية، بالأصل، بأن الهجوم كان عملاً قام به حزب العمال الكردستاني بقصد أن يكون له تأثير على الانتخابات البرلمانية التركية المقبلة. في كل الأحوال، وبغضون أسابيع، حدد المحققون الهجوم بأنه محاولة اغتيال فاشلة قام بها حزب الله – قوات القدس استهدفت موشيه كيمحي القنصل العام الإسرائيلي، التركي المولد، في إسطنبول، بقصد الانتقام لاغتيال  محمدي، العالم الفيزيائي الإيراني. وبحسب صحيفة Corier della Sera الإيطالية التي أثارت القصة، فإن عملاء قوات القدس فتشوا المنطقة، سجلوا الحركة الروتينية لكيمحي، قبل استدعاء عملاء حزب الله لوضع المتفجرة على جانب طريق كان من المعروف أن الديبلوماسي يسلكها. وبغضون أسابيع من التفجير أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان – الهيئة المسؤولة عن التحقيق بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط 2005- مذكرة اتهام بحق أربعة عملاء في حزب الله، بمن فيهم مصطفى بدر الدين، لأدوارهم في جريمة القتل. أما في داخل الوطن، فقد نفذ عملاء حزب الله هجوميْن أديا إلى جرح جنود فرنسيين من قوات حفظ السلام – 6 مدنيين و3 جنود- عينتهم الأمم المتحدة في مهمة القوة المؤقتة في لبنان  ascii85NIFIL))  في جنوب لبنان، بحسب ما قالت وزارة الخارجية. إلا أن المؤامرة التي استهدفت السفير السعودي في واشنطن كانت أوقحها على الإطلاق.

' يريدون الانتهاء من الرجل'
في 11 تشرين أول، 2011، أعلن النائب العام الأميركي إيريك هولدر بأنه تم توجيه الاتهامات في نيويورك ضد منصور آربابسيار، المواطن الأميركي- الإيراني وقائد قوات القدس لدوريهما في مؤامرة قتل السفير السعودي عبد الجبير. وقد تطورت المؤامرة بسرعة على مدى أشهر قليلة فقط، بدءاً من ربيع 2011 لتصل إلى ذروتها مع اعتقال آربابسيار في أيلول. ووفقاً  لوزارة الخارجية، فقد قال أربابسيار لمصدر سري في  دائرة  مكافحة المخدرات ( DEA) تظاهر بأنه منتسب لكارتل مخدرات مكسيكي بأن ' زملائه في إيران قد بحثوا عدداً من المهمات ذات طابع عنفي لأجله (أجل المصدر السري) ولزملائه كي يؤدوها، بما في ذلك قتل السفير'.
سقطت المؤامرة في أحضان المخططين في قوات القدس تماماً عندما قرروا إطلاق العنان للوحدة 400 لمهاجمة الغرب، سهله لقاء بين الأميركي – الإيراني المكتئب وابن عمه ( ابن خاله) في الوقت الذي زار فيه الأول العائلة في إيران. وقد أرسل آربابسيار حوالي 100000 دولار في شكل تحويلات برقية كدفعة أولى لعملية الاغتيال، وأودع المال في حساب سري للـ FBI اعتقد بأنه يعود للقاتل. وفي تشرين أول 2012، اعترف آربابسيار بالذنب بما يتعلق بالتهم الموجهة إليه ذات الصلة بالقتل المأجور وبالتآمر لارتكاب عمل إرهابي دولي.
في إشارة إلى عزو السلطات الأميركية المؤامرة إلى كبار صناع القرار الإيرانيين، سمت وزارة الخزينة الأميركية قاسم سليماني قائد قوات القدس التابع للحرس الثوري الإيراني على أنه إرهابي عالمي لدوره في الإشراف على الضباط المتورطين في المؤامرة. وقد وافقهم على ذلك مسؤولون بريطانيون، فسموا سليماني وآخرين متورطين بأنفسهم أيضاً. وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، مررت دول أعضاء في الجمعية قراراً بأكثرية ساحقة أعربت فيه عن استيائها من مؤامرة اغتيال السفير السعودي ودعوة إيران ' للتعاون مع الدول الساعية لسوق كل المشاركين في التخطيط، الرعاية، التنظيم، ومحاولة تنفيذ المؤامرة إلى العدالة. كانت هذه المؤامرة ضد الديبلوماسي السعودي، بحسب تفسير المدير العام لـ M15 جوناثان إيفانز في حزيران 2012، من عمل الحرس الثوري الإيراني، وأضاف قائلاً، ' بالطبع إن الحرس الثوري الإيراني هو الظهير المستقيم الداعم للقيادة الإيرانية'.ويبدو الآن بأن القادة الإيرانيون، بحسب استنتاج الاستخبارات الأميركية، مستعدين لمهاجمة الولايات المتحدة رداً على أعمال، حقيقية أو متصورة، اعتقد المسؤولون الإيرانيون بأنها تهدد النظام.
بالواقع، لقد تصورت إيران، وهذا صحيح، بأنها هدف لشريط من الأعمال ضد برنامجها النووي، رغم أن القادة الإيرانيين كانوا مخطئين باشتباههم بأن الأعمال جزء من مؤامرة هدفها تعزيز تغيير النظام. ففي أيلول 2010، أصيبت شبكات الحواسيب الإيرانية المرتبطة بتخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز بفيروس ' ستاكسنت'، ما أدى إلى تدمير حولي 100 جهاز طرد مركزي، والذي كان، على ما قيل، جزءاً من مجهود أميركي- إسرائيلي يُرمز إليه باسم ' الألعاب الأولمبية' ( Olympic Games). في الشهر التالي، حدث انفجار في قاعدة للصواريخ تابعة للحرس الثوري الإيراني سوَّى معظم المباني بالأرض وأدى إلى مقتل 17 شخصاً، بمن فيهم الجنرال طهراني مقدم، مؤسس برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية.

مزيج المؤامرات المتداخلة
 أكدت مؤامرة آربابسيار أيضاً استعداد قادة قوات القدس للعمل مع عناصر إجرامية لمزيد من التخطيط الفعال للعمليات، ربما كوسيلة لمكافحة جهود تعزيز تطبيق القانون والاستخبارات.وقد رأى مسؤولون غربيون نفس التوجه مرات عدة ، ربما الأكثر تعبيراً عنها هو في باكو. وقد اعترضت إشارات استخبارية رسائل الكترونية تشير إلى أن عناصر إجرامية آذرية  لها روابط معروفة بالاستخبارات الإيرانية وجماعات مسلحة كانت تخطط لنقل أسلحة ومتفجرات  إلى داخل أذربيجان  من إيران. وعلى مدى الأسابيع القليلة التالية فقد تم تهريب  الأسلحة والعملاء إلى داخل أذربيجان– بما فيه 10 مجندين إيرانيين على الأقل- حيث التقى هؤلاء مع مجندين مجرمين آذريين آخرين.  وقد دخل الآذريون في هذا الموضوع لأجل المال  واستخدموا معرفتهم بالمنطقة  للقيام بالرصد والاستطلاع لمدرسة يهودية، وسلسلة مطاعم أميركية للوجبات السريعة، مكتب شركة نفط، السفارة الأميركية، وديبلوماسيين أميركيين محددين. ' كانوا يسعون وراء أفراد. لق كان لديهم أسما موظفين وكانوا مهتمين بأفراد العائلة أيضاً'، قال مسؤول في وزارة الخارجية على معرفة بالتحقيق مؤكداً.  
على مدى عدة أشهر، خطط العملاء لما وصفه أحد المحققين بـ ' مزيج من المؤمرات المتداخلة'، بما فيها اغتيال ديبلوماسيين أميركيين وحاخامات محلين أو ضرب أهداف يهودية. إحدى الحبكات الفرعية للمؤامرة اشتملت على قناصة يستخدمون بنادق ذات كواتم للصوت؛ وفي حبكة أخرى، يمكن لسيارة مفخخة أن تستهدف موظفي السفارة الأميركية أو عائلاتهم. وتم التخطيط لإحدى المؤامرات لتتم في كانون أول 2011، وأخرى في شباط 2012. وكان القصد منهما معاً  الانتقام لعمليات الاغتيال التي طالت علماء إيرانيين، بحسب ما قال زعيم الشبكة الذي تم القبض عليه لاحقاً للمحققين. واعتقلت السلطات حوالي 24 شخصاً من المتواطئين وذلك في سلسلة مداهمات حصلت في أذربيجان في أوائل عام 2012، كان معظمهم من المجرمين المحليين المجندين. وتوصل مسؤولون أميركيون إلى نتيجة مفادها أن المؤامرات هي بإشراف قوات القدس وبدعم محتمل من قبل حزب الله، كجزء من حملة الـ 13 شهراً المنسقة التي تستهدف  ديبلوماسيين أجانب في سبع بلدان على الأقل. وبحسب مسؤول أميركي في تطبيق القانون، لقد دفع حزب الله لأفراد عصابة إجرامية مبلغ 150000 لكل منهم لاستهداف مدرسة يهودية في ' باكو'.
في هذه الأثناء، كان عملاء حزب الله مشغولين بالتخطيط لعمليات لتحقيق غايتهم من خطة المستويات الثلاث: استهداف سياح إسرائيليين في الخارج. ففي نفس الفترة تقريباً التي أحبطت فيها السلطات مؤامرة كانون الثاني 2012 باستهداف مصطافين إسرائيليين في بلغاريا – قبل أسابيع فقط من الذكرى السنوية لاغتيال مغنية – كان هناك مؤامرة أخرى قد تم تعطيلها في اليونان. لكن عبر النصف الآخر من العالم، كانت بانكوك، المكان الذي فككت فيه السلطات الإسرائيلية والمحلية محاولة أكثر طموحاً لحزب الله لاستهداف سياح إسرائيليين.
في كانون الثاني، 2012، وبناء على بلاغ من الاستخبارات الإسرائيلية، اعتقلت الشرطة التايلاندية حسين عتريس- لبناني يحمل الجنسية السويدية أيضاً- في مطار   Sascii117varnabhascii117mi في بانكوك عندما حاول الفرار إلى خارج البلد. وهناك مشتبه به آخر فر من البلد، صورته المركبة تشبه بشدة  صورة نعيم حاريص، وهو عميل مجند في حزب الله كان المسؤولون الإسرائيليون قد نشروا صورته قبل عام. وبغضون أيام، أصدرت الشرطة مذكرة اعتقال بحق زميل عتريس في الغرفة، وهو لبناني ذهب إلى هناك تحت اسم ' جايمس سامي باولو'.
عند استجوابه حول عطلة نهاية الأسبوع في 12 كانون الثاني، قاد عتريس الشرطة إلى مبنى من ثلاث طوابق في ضواحي بانكوك حيث كان لديه مع زميله في المنزل مخزوناً من المواد الكيماوية تزن 8800 باوند مستخدمة لتصنيع متفجرات. وكانت المواد مقطَّرة أساساً في شكل كريستال، وهي خطوة في إنشاء قنبلة. وقد أشارت معلومات حول نماذج الشحن الدولي التي عثر عليها في الموقع إلى وجود بعض المتفجرات، على الأقل، معدة للشحن إلى الخارج– التي كان مخزنة في أكياس عليها علامة فضلات قطط. وافترض مسؤولو الاستخبارات بأن حزب الله كان يستخدم تايلاند كمركز للمتفجرات – فقد استأجر عتريس المكان قبل عام – وقرر استخدام عملائه والمواد المتوفرة لديه لاستهداف سياح إسرائيليين. ولم يكن ينبغي أن يكون الاستنتاج مفاجئاً: لقد حدد المسؤولون الأميركيون استنتاجهم أصلاً وقالوا بأن حزب الله معروف باستخدامه بانكوك كمركز لوجستي ونقل، واصفين المدينة بأنها 'مركز لشبكة الكوكايين وغسيل الأموال لحزب الله'.
ساعة الهواة
في نفس الوقت الذي كان فيه عملاء حزب الله يديرون عمليات فاشلة حول العالم، كانت قوات القدس تقوم بالشيء نفسه، لا بل أسوأ. وبينما كان مسؤولو مكافحة الإرهاب قلقين من إيقاع العمليات السريع والمتزايد للإرهاب الذي يحظى برعاية إيران، بما فيها العمليات التي نفذها حزب الله ووحدة 400 التابعة لقوات القدس، فقد كان قلقهم مركزاً على الوضعية الهجومية العدائية لطهران ونيتها إلحاق الضرر بالمصالح الغربية. وإن واقع كون نوايا إيران لم تقترن بالقدرة على العمل بفعالية لتنفيذ مقاصدها فإن هذا لم يرح المسؤولين الغربيين كثيراً. فهم يتخوفون من أن يكون كل من حزب الله وقوات القدس قادرين، في الوقت المناسب،على تنفيذ هجمات قاتلة تستهدف مصالح غربية. وقد أكدت تسارع خطوات الهجمات التي خططت لها وحدة 400 مدى تصميم إيران فحسب على مهاجمة المصالح الغربية. وأشار فشل كل تلك المؤامرات، حتى الآن، إلى قدرات الوحدة الجديدة التي لا تزال محدودة.
قد يكون السفير الأميركي في ' باكو' تنفس الصعداء عندما تم تعطيل المؤامرة التي كانت تستهدفه وفريقه في شباط 2012، إلا أن بعثات ديبلوماسية أخرى عبر العالم سيكون عليها المعاناة بشأن التنصت على مكالماتها الخاصة من قبل قوات القدس. وقد تمت جدولة خمس هجمات تستهدف ديبلوماسيين غربيين لتنفيذها في أقرب وقت ممكن قبل حلول الذكرى السنوية السنوية لاغتيال مغنية في 12 شباط. لقد تم إحباط المؤامرة في ' باكو'؛ تم تأجيل أخرى في تركيا؛ وأخرى تمت في الهند، جورجيا، وتايلاند.
في 13 شباط، استهدف تفجيران مزدوجان موظفين من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي/ الهند، وتبليسي/ جورجيا. وفي الحالين، واجه عملاء قوات القدس ترتيبات أمنية أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً لذا فقد استقر أمرهم على ضربات أكثر تواضعاً. وفي الهند، قام أحد المهاجمين على متن دراجة نارية بإلصاق قنبلة 'ممغنطة مثبتة 'على سيارة تستقلها زوجة الملحق العسكري الإسرائيلي لاصطحاب أولادها من المدرسة؛ وقد أدى الانفجار إلى جرح المرأة، السائق، وبعض المارة. وبعد ثلاث ساعات، حدث هجوم مشابه بواسطة هذه القنبلة اللزجة الممغنطة والتي استهدفت مواطناً محلياً موظفاً في السفارة، لكن تم اكتشافها وتعطيلها قبل أن تلحق الأذى بأحد. وقبل شهر فقط، كان نائب مدير منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في ناتانز مصطفى أحمدي روشان قد قتل بهجوم مطابق تقريباً بواسطة تلك القنبلة. كان روشان خامس عالم إيراني يتم اغتياله، ولم يكن استخدام القنابل اللاصقة لاستهداف ديبلوماسيين إسرائيليين رسالة انتقام ذكية جداً من قبل إيران.
في اليوم التالي، في 14 شباط، وفي وسط بانكوك، هرعت الشرطة إلى موقع الانفجار الذي حصل  أول عصر ذلك اليوم في منزل يستأجره مجموعة من الإيرانيين. فر رجلان حفاة الأقدام من البيت، لكن جُرح ثالث وحاول الإيماء لسيارة أجرة كي تتوقف للهرب. وعندما رفض سائق السيارة التوقف، رمي الرجل الجريح قنبلة على السيارة، مدمراً نصف الآلية، جُرح السائق وأربعة من المارة. وسرعان ما حشرت الشرطة المشتبه به الجريح في الزاوية، الذي حاول رمي متفجرة أخرى عليهم لكنه كان ضعيفاً جداً؛ وأدى الانفجار الناجم عن القنبلة إلى الإطاحة بساقيه. وقد تم القبض على الرجلين الآخرين – أعتقل أحدهما في المطار بينما كان يحاول الصعود على متن طائرة متوجهة إلى ماليزيا؛ أما الآخر فاستطاع الهرب إلى ماليزيا حيث تم اعتقاله وهو على متن طائرة متوجهة إلى إيران.
على خلاف مؤامرة حزب الله التي تم إحباطها قبل أسابيع فقط في تايلاند، فقد كان عملاء قوات القدس يستهدفون في هذه المؤامرة ديبلوماسيين إسرائيليين، بحسب ما حدد المحققون التايلانديون. وفي موقع الانفجار، وجد المفتشون عدداً من القنابل غير المنفجرة، كلها من القنابل اللاصقة الممغنطة المصنوعة محلياً ومن النوع نفسه المستخدم في الهند وجورجيا.وفي الوقت المناسب، ربط المحققون الهجمات الثلاث معاً ليس فقط بناء على المتفجرات المستخدمة وإنما من خلال التسجيلات الهاتفية، وثائق السفر، والتحويلات المالية. وقد نسق حوالي 12 شخصاً تحضيراتهم للهجمات، التي بدأت قبل عشرة أشهر في نيسان 2011 – بعد وقت قصير من تقارير صحفية ربطت فيروس  'ستاكسنت' بإسرائيل والولايات المتحدة واغتيال العالم النووي الإيراني مجيد شهرياري بإسرائيل. في ذلك الشهر، سافر عملاء إيرانيون إلى الهند وتايلاند لمسح الأهداف، أعقبها عدد آخر من الرحلات في صيف وخريف 2011 لاستئجار شقق، توظيف أشخاص للمساعدة المحلية، ترتيب الأموال، والقيام بالرصد والاستطلاع. وخلال زياراته للهند بغرض الاستطلاع، استخدم هوشانغ أفشار إيراني، الذي حددته الشرطة الهندية بصفته المهاجم الذي ألصق القنبلة بالسيارة الديبلوماسية الإسرائيلية في نيو دلهي، رقم هاتف خليوي كان مستخدماً أيضاً  في حزيران 2011 في تبليسي. وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، ترتبط الاتصالات الهاتفية الخلوية والرسائل النصية بين العملاء في نايلاند، الهند، وأذربيجان بالهجمات أيضاً. وبناء على هذه الاستنتاجات التي تم التوصل إليها وغيرها، توصل مسؤولو مكافحة الإرهاب الأميركيين إلى نتيجة مفادها أن إيران مرتبطة بالمؤامرات الإرهابية في أذربيجان، جورجيا، الهند، وتايلاند.
في قضية مؤامرة تايلاند، وصل مجيد علوي القائد البارز في قوات القدس، على ما قيل، إلى موقع الانفجار في 19 كانون الثاني، 2012، بعد سفره عبر ماليزيا بجواز سفر ديبلوماسي يحمل اسماً مزيفاً. وكان علوي، المسؤول عن وحدة 400 التابعة لقوات القدس، قد تعقب سابقاُ منشقين إيرانيين في أماكن مختلفة كلندن ولوس أنجلوس. لقد كان علوي هو من أمر بشن الهجمات على ديبلوماسيين إيرانيين وأن يحدث ذلك مع اقتراب الذكرى السنوية لمقتل مغنية قدر الإمكان.
مع ذلك، وبرغم الإشراف المباشر لكبار الضباط في قوات القدس، لم تفشل العمليات فحسب وإنما برهنت عن حرفية وأمن عمليات مثير للشفقة – نقاط القوة المعروفة جيداً لدى قوات القدس. فإلى جانب إعادة استخدام أرقام الهواتف وبطاقات الهاتف الخليوية عبر عمليات متعددة، سافر العملاء بجوازات سفر إيرانية، حجزوا في الفنادق بصفتهم إيرانيين، حملوا عملة إيرانية في محافظهم، وفي مثال واحد على الأقل قام هؤلاء باقتطاع جزء من أوقات الاستطلاع لإقامة سهرة مع عاهرات. لقد ساعدت مجموعة من الصور على هاتف خليوي لإحدى النساء على تحديد المتواطئين الذين فروا من البلد. وبحسب تعبير أحد المحللين المذهولين، ' بصراحة، كأن هناك سياسة منهجية إيرانية بتجنيد إرهابيين متدنين الأجرة، عديمي القيمة'.
بدلاً من استعادة هيبة إيران ومكانتها المتضررة، لم تؤد الهجمات إلا إلى تأكيد حدود فعالية إيران فحسب. وعقب الثورة الخضراء عام 2009 في إيران، برزت قوات القدس على حساب وزارة الأمن والاستخبارات ( MOIS) على خلفية المقاربة اللينة المتصورة التي اعتمدتها الأخيرة لقمع التظاهرات السياسية. وفي داخل قوات القدس، خففت الترقيات السريعة لمدراء متوسطين من القدرات الاحترافية للمجموعة على المستوى الإداري. وفي محاولة يائسة منها لتنفيذ استراتيجيتها الهجومية الجديدة والانتقام بشكل صارم للهجمات الخفية ضد برنامج إيران النووي، قايضت قوات القدس السرعة باعتماد الأجهزة والأساليب الملتوية – مما ضاعف المشكلة. لقد كانت قوات القدس  ممتدة على نحو رفيع بسبب الإيقاع السريع لخطتهم الهجومية، وكانوا مجبرين على رمي فرق عشوائية من العملاء ممن لم يكونوا قد تدربواً معاً للعمل معاً.
الأسوأ من ذلك، هو أنه برغم تفضيل إيران لهجمات ضد سفارات، ديبلوماسيين، أو أهداف أخرى تحمل توقيعها – وبرغم الهواجس الموجودة لدى الاستخبارات الأميركية عن تطوير إيران لخطط طارئة لهجمات كهذه تستهدف الولايات المتحدة وحلفائها- فقد وجد المخططون الإيرانيون بأن أهدافهم المختارة محمية جداً ورسوا على أهداف أقل صلابة. في النهاية، لا يمكن اعتبار أي من الهجمات الخمسة بأنها عمليات ناجحة. ومنذ ذلك الحين، بحسب ما يقول مسؤولون إسرائيليون،  'والعملاء الإيرانيون الغاضبون يحاولون بجد أكبر' تنفيذ هجمات ناجحة.
بالواقع، إن إيقاع العمليات سيستمر على قدم وساق. ففي آذار 2012، حذرت دائرة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي من تهديدات إرهابية ضد أهداف يهودية وإسرائيلية في تركيا، وجاء التحذير بعد أسبوع من تلقي السلطات التركية بلاغاً من الاستخبارات الأميركية بخصوص مؤامرة لقوات القدس ستنفذ على يد أربع أفراد على الأقل عبروا الحدود من إيران بحوزتهم مواد وأسلحة. وقد تم توقيت المؤامرة، التي تستهدف مجدداً ديبلوماسيين إسرائيليين، لتتزامن مع مؤامرات أخرى في شباط لكن تم تعليقها. وفي أيار، تم إحباط هجوم آخر لحزب الله يستهدف سياحاً إسرائيليي، هذه المرة في مطار جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا.
وفي شهر آذار أيضاً، تم ترحيل حميد كشكولي، 40 عاماً، طالب دكتوراه إيراني في جامعة Pascii117ne في الهند، بتهمة التجسس على إسرائيليين، مركز وكنيس يهوديين. وبحسب ما قالت الشرطة الهندية، فقد سافر كشكولي، الذي عمل كعميل سري مأجور لصالح الحكومة الإيرانية، بانتظام، إلى المستشارية الإيرانية في مومباي، حيث اجتمع به مسؤولون في الحكومة الإيرانية، بحسب ما قال سائقه. لقد كشفت الرسائل الإلكترونية المعترَضة بأنه كان يزود مسؤولين إيرانيين بصور لأشخاص يهود في المنطقة ويرسل التقارير عن صفقاتهم وتعاملاتهم التجارية.
في حزيران 2012، اعتقلت السلطات في نيروبي، كينيا، مواطنين إيرانيين، كلاهما من عملاء قوات القدس، بحسب زعمها. وقبيل اعتقال الرجلين، كانا قد قاما باستكشاف السفارة الإسرائيلية، القنصلية البريطانية، ومواقع أخرى، بحسب تقرير للشرطة الكينية، ما قاد السلطات إلى الاستنتاج بأن الرجلين كانا يخططان لهجمات تستهدف المصالح الإسرائيلية، البريطانية، الأميركية ، أو السعودية في كينيا أو في أماكن أخرى في أفريقيا. وبعد يوم من اعتقالهم، قاد أحد الرجلين السلطات للعثور على 33 باونداً من متفجرات RDX مخبأة تحت شجيرة في ' نادي مومباسا للغولف'،  المطل على المحيط الهندي. وفي مجهود ظاهر لحرف الانتباه عن إيران، كان العملاء الإيرانيون قد عقدوا، على ما يبدو، شراكة مع  حركة ' الشباب'، المجموعة الإرهابية المنتمية للقاعدة الموجودة في الصومال. هذا الرابط أكد مدى حاجة طهران الملحة لرؤية تنفيذ هجمات ناجحة. بالواقع، لقد زادت حدة ذلك الاهتمام أكثر فأكثر في الوقت الذي تستمر فيه الجهود المبذولة بتعطيل برنامج إيران النووي كسب الزخم القوي – من العقوبات إلى الاغتيالات وصولاً إلى التخريب السري للتجهيزات.
في 7 تموز، بعد شهر من كشف مؤامرة كينيا، داهمت السلطات القبرصية غرفة في الفندق الذي كان ينزل فيه رجل لبناني- سويدي في الرابعة والعشرين من عمره يسافر بجواز سفر أجنبي.  وكان بحوزة المشتبه به صوراً لأهداف إسرائيلية في قبرص، إلى جانب معلومات حول حافلات تقل سياحاً إسرائيليين ورحلات طيران إسرائيلية من وإلى الدولة- الجزيرة. وبحسب بعض التقارير الصحفية، فقد أنكر المشتبه به بداية ارتباطه بنشاط إرهابي لكنه اعترف لاحقاً بأنه عميل لحزب الله.
المحزن في الأمر ، أن السياح الإسرائيليين في بورغاس، بلغاريا، كانوا أقل حظاً. ففي 18 تموز، 2012، وفي ذروة فصل السياحة الصيفية، دمرت قنبلة حافلة من أصل قافلة مؤلفة من 7 حافلات سياحية، ما أدى إلى مقتل سائق الحافلة البلغاري و خمسة إسرائيليين وجرح حوالي 30 منهم.  ومنذ البداية، أصر المسؤولون الإسرائيليون على القول علناً – إضافة إلى تأكيد مسؤولين أميركيين وبريطانيين مستقلين- بأن حزب الله اللبناني يقف وراء الهجوم. ' نحن واثقون، ومن دون أدنى شك، من مسؤولية حزب الله عن التنفيذ الفعلي للعملية – التحضير، التخطيط، والتنفيذ'، قال وزير الدفاع إيهود باراك لمحطة CNN. ' لم يكن الهجوم عمل مسلحين مارقين في حزب الله'، أضاف مسؤولون آخرون. ' لا أحد يضغط على الزر في بورغاس من دون موافقة حزب الله'، قال مفسراً أحد المسؤولين القريبين من التحقيق.
في الأشهر التي تلت، نشأ عدد أكبر من التهديدات، ما حفز إسرائيل على إصدار تحذيرات تتعلق بالسفر وتغطي بلدان تمتد من قبرص واليونان وصولاً إلى تايلاند، بلغاريا وأوكرانيا. وبحسب ما قال الجميع، فقد تم إحباط أكثر من 20 هجوم إرهابي من قبل عملاء حزب الله وقوات القدس على مدى الـ 15 شهراً ما بين أيار 2011 و تموز 2012؛ وبرواية أخرى، تم الكشف عن تسع مؤامرات على مدى الأشهر التسعة الأولى من العام 2012. في كل الأحوال، إن الأساس في كل هذه الهجمات، سواء نفذت من قبل حزب الله أو قوات القدس، هو إمكانية إنكارها. فقد أراد كل من حزب الله وطهرن تنفيذ الهجمات، لكن لم يرد أي منهما استدعاء رد فعل عسكري كامل يستهدفهما مرة أخرى في لبنان أو إيران. بالواقع، ومنذ حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، رفض نصر الله تكراراً الموافقة على أي هجوم على طول الحدود الإسرائيلية- اللبنانية بسبب خوفه من إشعال حرب واسعة النطاق.
في كل الأحوال، وعلى عكس التقليد السائد، وفي حين كان حزب الله وقوات القدس قد عملا معاً في بعض المؤامرات – باكو في 2008، اسطنبول في 2009، من بين مؤامرات أخرى- فإنهما فشلا في بعض الحالات في الفصل بين أنشطة عملياتهما ووجدا نفسيهما منخرطين في عمليات يائسة تماماً غير مدركين ، بحسب الظاهر، بأن قوات القدس كانت أيضاً تحضر لهجوم ما في نفس المدينة. وعما إذا كانت قوات القدس جاهلة، بدورها، بأنشطة حز بالله هناك فإن هذا أمر غير واضح، لكن لا يبدو بأن الإيرانيين كانوا على علم بأن حزب الله كان يستخدم بانكوك كمركز توزيع للمتفجرات. وحتى عندما تم اعتقال حسين عتريس، العميل لحزب الله، في كانون الثاني 2012، لم يتم تعليق عملية قوات القدس هناك. وبشكل مشابه، وفي غضون أيام من الانفجار في بورغاس- بينما كان التحقيق في التفجير والبحث عن المتواطئين في ذروته- قبضت السلطات البلغارية ، بحسب ما قيل، على عميل لقوات القدس يفحص المكان المحيط بكنيس يهودي في العاصمة صوفيا.

عملية الرضوان مستمرة
حتى في الوقت الذي لا يزال فيه حزب الله ملتزماً بالثأر لموت مغنية، فقد بدأ قادة منظمة الجهاد الإسلامي ، وعلى مضض، تقدير صعوبة ضرب أهداف إسرائيلية رفيعة في الخارج. إن أهدافاً كهذه تكون محمية جيداً عادة، لذا، وفي حين استمر مخططو العمليات في حزب الله بالبحث عن أهداف قابلة للتطبيق في الخارج، فإنهم بدؤوا في خطط موازية لهجمات تستهدف مسؤولين إسرائيليين في الداخل. وبالاستفادة من شبكات الرابطات الإجرامية التي تقايض، عادة،المعلومات الاستخبارية بالمخدرات، والقيام أحياناً بتجنيد إسرائيليين عرب من خلال الجاذب الإيديولوجي للتجسس لصالح المجموعة، واصل حزب الله العمل على مؤامرتين، على الأقل، تستهدفان مسؤولين إسرائيليين داخل البلد بغضون فترة ثلاثة أشهر في العام 2012، تم إحباط كلاهما.
في هذه الأثناء، استفادت إيران من قدرات حزب الله الفاعلة في العمليات لدعم نظام بشار الأسد في سوريا بقوة. فحزب الله، بحسب ما كشفت وزارة الخزينة الأميركية في آب 2012،  كان يوفر 'التدريب والدعم الاستشاري واللوجستي المكثف لجهود الحكومة السورية الشرسة ضد المعارضة'. فمعظم جنائز الذين قتلوا في الحرب هناك كانت تتم بشكل هادئ، حيث أن حزب الله حاول إبقاء الغطاء على نشاطاته في سوريا ومداها، لكن الأنباء بدأت تتسرب حول ذلك. فبرغم الخطاب ' المقاوم' لحزب الله، فقد أبلغ مسؤولون أميركيون مجلس الأمن الدولي في تشرين أول 2012 بأن ' الحقيقة الواضحة للعيان هي أن مقاتلي نصر الله هم الآن جزء من آلة القتل للأسد'. وبعد شهرين، أكد تقرير للأمم المتحدة وجود أعضاء من حزب الله في سوريا يقاتلون لصالح حكومة الأسد. وفي ذلك الحين، كانت تقارير قد سبق وبرزت تتحدث عن أن حزب الله قد أسس مخيمات تدريب صغيرة قرب مستودعات الأسلحة الكيماوية السورية في تشرين الثاني 2012. وبحسب ما قال أحد كبار المسؤولين الأميركيين فإن' إن الخوف من وقوع هذه الأسلحة في أيدٍ خاطئة هو هاجسنا الكبير'.
الاستنتاج   
إن التأثير الصافي لحرب الظل الإيرانية ضد الغرب هو احتلال حزب الله وقوات القدس، مجدداً، قائمة التهديدات المباشرة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفائها. ففي تموز 2012، حذر ماثيو أولسن مدير مكتب مكافحة الإرهاب الوطني(  NCTC) من أنه في حين لم تقم إيران وحزب الله بعد بضرب أهداف في الولايات المتحدة فإن المسؤولين الأميركيون قلقون من أن هذا الأمر يمكن أن يتغير قريباً. ' نحن نرى تنامياً في مستوى النشاط حول العالم'، قال أولسن، ثم أضاف قائلاً،' لقد برهن كل من حزب الله وقوات القدس عن قدرة على العمل على الصعيد العالمي بشكل أساسي'. بالواقع،  لقد أدى تهديد حزب الله – قوات القدس إلى انحسار خطر القاعدة أحياناً. وتابع أولسن قائلاً: ' هناك أوقات نرسل فيها للبيت الأبيض بياناً موجزاً حول التهديدات الإرهابية

موقع الخدمات البحثية