مواد أخرى » كيف تعمل أميركا في الحرب الثقافية في العالم العربي

العقبات أمام النشر الواسع للأعمال الإبداعية في العالم العربي
لويل ه. شوارتز ـ تود س. هلماس ـ داليا داسا كاي ـ ناديا عويدات
(معهد أبحاث الدفاع الوطني) ـ RAND
تمهيد
خصص قسم كبير من البحث لدرس وسائل الإعلام التي يستخدمها المتطرفون لإيصال رسائلهم الجوهرية. وكان هناك بحث أقل بكثير مخصص لأعمال تعزز التفكير النقدي وتكافح التطرف والعنف، كالأصوات المعبرة في المجال الإبداعي، بما في ذلك  الأدب والأفلام. هناك مجموعة من الأعمال الإبداعية لمؤلفين وفنانين عرب تتصدى للأسس الفكرية والإيديولوجية للتطرف والعنف. ولسوء الحظ، إن الكثير من هذه الأعمال غير منشور على نطاق واسع، ما يهمش تأثير هذه الأصوات البديلة. هذه الدراسة العلمية تدرس العوائق والعقبات الموجودة أمام النشر الواسع لأعمال كهذه، مع التركيز على الأدب العربي، وتقترح طرقاً لتخطي هذه العقبات.
موجز
لا يمكن فصل الصعوبات المعنية بمسألتيْ إنتاج وتوزيع الأعمال الإبداعية في الشرق الأوسط عن الجو السياسي والاجتماعي الشامل في المنطقة. وقد حددت سلسلة من تقارير الأمم المتحدة ثلاثة من أوجه العجز الأساسية في العالم العربي: في الحقوق السياسية، في حقوق المرأة، وفي المعرفة. أما بما يتصل بأوجه العجز والقصور هذه، فهناك ثلاثة مصادر حساسة وحاسمة تشكل عقبات أمام وجود نشر أكبر لأعمال إبداعية في المنطقة. هذه الدراسة العلمية تعالج العوائق الموجودة أمام النشر الواسع لأعمال كهذه من حيث صلتها بالأدب العربي وأنواع أخرى من الكلمة المطبوعة.
هناك ثلاثة معوقات رئيسة تواجه نشر واستهلاك الأدب العربي. العائق الأول الرقابة، التي تعتبر مشكلة هامة في الشرق الأوسط. فكل البلدان الشرق أوسطية تقريباً توظف رقابة حكومية. وغالباً ما تكون الرقابة بهدف وقف نشر أو توزيع محتوى ما يعتبر حساساً على الصعيد السياسي، الأخلاقي أو الديني. فالمؤسسات الدينية، كالأزهر، مركز التعليم الديني في القاهرة، غالباً ما تساعد الرقابة الحكومية عن طريق التوصية بحظر كتب ما. أما العائق الثاني فهو السوق الصغير للمادة الأدبية في العالم العربي. إن إنتاج الكتب واستهلاك القراء، بحسب ما هو مفترض، منخفض نسبياً في الشرق الأوسط مقارنة مع مناطق أخرى ذات مستويات مشابهة من التطور الاجتماعي ـ الاقتصادي. إن العوامل وراء النسبة المتدنية لاستهلاك الكتب هي نسبة الأمية المرتفعة في المنطقة، خاصة بين الأجيال المولودة قبل عام 1970. أما العائق الأخير فهو أنظمة التوزيع الداخلي المتواضعة للكتب. وما يفاقم الأمر هو التحدي الذي يعترض بيع الكتب عبر عدد كبير من البلدان، لديها كلها متطلباتها الرقابية، أنظمتها وقوانينها الضريبية الخاصة.
إبان الحرب الباردة التي دامت 45 عاماً، استخدمت الحكومات الأميركية والبريطانية أشكالاً مختلفة من وسائل الإعلام في صراعها الإيديولوجي ضد الاتحاد السوفياتي. وفي حين أن هناك فروقات هامة بين الجهود الأميركية للتصدي للتطرف وبين مواجهة الحرب الباردة مع الإتحاد السوفياتي، فإن بالإمكان استقاء دروس أساسية من هذه الفترة.
أحد هذه الدروس هو كيفية تجاوز الشك المفهوم الموجود لدى الجماهير الأجنبية تجاه أنشطة إعلامية برعاية حكومات. فخلال الحرب الباردة، تم حل هذه المشكلة من خلال استخدام الشراكة بين القطاعين العام والخاص. هذه الشراكة سمحت للحكومات الأميركية والبريطانية بالبقاء على مسافة من أنشطة الترويج الإعلامي التابعة لها وفي نفس الوقت ضمان التزام المجموعات الخاصة التي تدعمها بكل هدف من أهداف السياسة الخارجية الأساسية للدولة. أما الدرس الآخر المستمد من الحرب الباردة فهو دراسة الجمهور- الهدف بعناية  وتحديد المصادر الإعلامية التي يرجح تأثيرها عليه أكثر من غيرها. وكما كان الحال في الحرب الباردة، فإن النخبة المثقفة في العالم العربي، والمحددة على نطاق واسع، هي الفئة القارئة المرجحة، غالباً، والمتأثرة بالمادة المطبوعة. أما الدرس الثالث فهو القيمة المادية غير السياسية في محاربة التطرف. وكانت المواد المثمنة أكثر من غيرها لدى جماهير الإتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية تلك التي تعوِّض الفراغ الفكري في حياتهم، وليس تلك التي تحارب الشيوعية مباشرة.
لتجاوز هذه العوائق (الرقابة، السوق، والتوزيع)، نحن نؤيد سلسلة من التوصيات السياسية، معظمها يشتمل على أعمال لمؤسسات غير حكومية وحلفاء دوليين آخرين، وليس عملاً حكومياً أميركياً علنياً:
· جعل الرقابة بنداً في أجندة متماسكة في محادثات ثنائية مع حلفاء إقليميين.
· العمل مع محاورين أوروبيين لترويج وتعزيز أعمال ذات مواضيع بناءة، كما في معارض الكتاب الدولية.
· تعزيز جوائز الأدب العربي.
· مساعدة الأفراد في الحصول على أعمال محظورة من خلال التوزيع من شخص لشخص ومن خلال النشر عبر الانترنت.
· دعم الإصلاح التعليمي وتعزيز برامج محو الأمية.
· الترويج لمؤلفين محددين في الولايات المتحدة وفي بلدانهم الأصلية.
· تحويل أو تبني مادة مطبوعة ذات مواضيع بناءة في وسائل إعلامية أخرى لتصل إلى جماهير أوسع.
· استخدام تقنيات جديدة في تكنولوجيا الانترنت لتجاوز عائقيْ الرقابة والتوزيع.
· المساعدة في توسيع المكتبات ومحلات الكتب.
مقدمة
قام عدد من المحللين بدراسة وسائل الإعلام التي يستخدمها المتطرفون الذين يستخدمون وسائل العنف لإيصال رسائلهم الجوهرية. في كل الأحوال، كان هناك بحث أقل بكثير مكرس للأعمال الإبداعية في العالم الإسلامي. بإمكان مجموعة كبيرة من الأعمال الإبداعية، غير المعروفة في الولايات المتحدة، أن تلعب دوراً هاماً في التصدي للأسس الفكرية والإيديولوجة للتطرف والعنف. لسوء الحظ، إن كثيراً من هذه الأعمال غير معروف على نطاق واسع أو منشور في العالم العربي. أما السؤال المركزي لهذه الدراسة فهو عزل ' الأسباب' التي تقف وراء هذا الوضع. فما هي العوامل التي تمنع إنتاج ونشر الأعمال على نطاق واسع والتي تقدم رسائل ومواضيع بناءة تستفز العقل على التفكير النقدي وتثير الجدل والنقاش وتقوض الرؤى ووجهات النظر المتطرفة؟
يبدأ فهم سبب وجود العقبات مع تحديد العراقيل الموجودة أمام النشر الواسع النطاق للأعمال الإبداعية في العالم العربي، والتركيز على المادة المطبوعة تحديداً. ويُجري الفصل الثاني مراجعة للعوائق الرئيسة التي تواجهها الأعمال الإبداعية في الوصول إلى جمهور واسع عبر الشرق الأوسط، بالاعتماد بشكل مكثف على مقابلات تمت مع كتاب، ناشرين، وأكاديميين في المنطقة وفي أوروبا في شتاء وخريف 2008. أما الفصل الثالث فيجري مراجعات لبرامج الكتاب والمجلات التي نظمتها الحكومات الأميركية والبريطانية إبان الحرب الباردة.  ذلك الفصل يركز على الكيفية التي قارب بها صناع السياسة في الحرب الباردة عدداً من التحديات التنظيمية والسياسية نفسها التي يواجهها صناع السياسة اليوم في سياق الشرق الأوسط، برغم التباينات والفروقات الواضحة في الوضعين السياسي والثقافي. ويدرس الفصل الرابع الآثار السياسية بناء على الدروس المستمدة من تجربة الحرب الباردة إضافة إلى الظروف الخاصة التي تواجه مسألة النشر في العالم العربي اليوم.
العوائق أمام توزيع الإنتاج الإعلامي في الشرق الأوسط
لا يمكن فصل الصعوبات التي يشتمل عليها إنتاج وتوزيع الأعمال الإبداعية في الشرق الأوسط عن الجو السياسي والاجتماعي الشامل في المنطقة. وتم إيجاز التحديات التي تواجه العالم العربي في سلسلة تقارير لـ ' تقرير التنمية البشرية العربية' الصادر عن ' برنامج التنمية الدولية' ( ascii85NDP)، ( ascii85NDP، 2002، 2003a، 2005، 2006( . وكان التشخيص الأساسي للـ ascii85NDP هو أن العالم العربي يعاني من ثلاثة أوجه قصور أساسية وجوهرية موجودة في: الحقوق السياسية، حقوق المرأة، والمعرفة. وبحسب تقارير الـ ascii85NDP، فإن أوجه القصور هذه تشكل عوائق أمام التنمية البشرية عبر المنطقة.
نحن نقوم باستكشاف ثلاثة موارد حاسمة تمثل عقبات أمام وجود نشر أكبر لأعمال إبداعية في المنطقة:
· الرقابة.
· السوق.
· تحديات التوزيع.
ينتج عن الافتقار للحريات والحقوق في العالم العربي جو سياسي من الرقابة الحكومية الواسعة الانتشار للمواد الإبداعية. كما أن سوق الأعمال الأدبية الإبداعية محدود بسبب نسب الفقر والأمية العالية عبر الشرق الأوسط. إذ تعاني النساء في العالم العربي بشكل حاد من البيئة الاجتماعية والاقتصادية وأكثر حتى من الرجال. إذ لدى النساء في المنطقة بعض أعلى نسب الأمية في العالم ، وكما لديهن أدنى نسبة في التسجيل والالتحاق بمستويات مختلفة من التعليم. وتساعد الظروف الاقتصادية والاجتماعية على إنتاج سوق ضيق للأعمال الإبداعية. كما أن التوزيع هو تحد أخير، حيث إن لدى الشرق الأوسط بنية تحتية محدودة للمعلومات مقارنة مع أجزاء أخرى من العالم، ما يخفض عدد القنوات التي يمكن من خلالها للأعمال الإبداعية أن تتدفق إلى المجتمع العربي. أما بقية هذا الفصل فيقوم باستكشاف كل عائق من هذه العوائق بعمق أكبر.
الرقابة
randpascii117b1_500الرقابة مشكلة هامة وبارزة في الشرق الأوسط. فكل البلدان الشرق أوسطية تقريباً توظف الرقابة الحكومية. وغالباً ما يكون الهدف من الرقابة وقف نشر أو توزيع محتوى ما يعتبر حساساً على الصعيد السياسي، الأخلاقي أو الديني أو يكون محتواه لا ينسجم مع مصلحة النظام ويتصدى له. إن مؤسسات دينية، كالأزهر، مركز التعليم الديني في القاهرة، غالباً ما تساعد الرقابة الحكومية عن طريق التوصية بحظر كتب. كما تقوم أجهزة الاستخبارات بحظر محتويات مادة ما تعتبرها تهديداً للأمن الوطني. أما فيما عدا مسائل محتوى المادة، فإن الرقابة الحكومية تقوم، تكراراً، بحظر الكتب لأسباب لها صلة بالإنتاج وفن التصميم ( الريِّس، 2007؛ ascii85NDP، 2005). إن تطوير التغطية الصحفية لكتاب ما يمكن أن يسرِّع عملية الرقابة أكثر. هكذا كان الحال مع كتاب ' برهان العسل'  The Proof of Honey, Nascii117&rsqascii117o;aymi, 2007))  للكاتبة سلوى النعيمي. فالإعلان المتطور  للمحتوى الجنسي الصريح للكتاب على ما يبدو، أدى إلى حظر الكتاب في عدد من معارض الكتاب في الشرق الأوسط من دون حتى قيام الرقابة بمراجعة له.
توظف دول مختلفة مستويات متنوعة من الرقابة. إذ يُشار إلى السعودية، وبشكل روتيني، على أنها الدولة الأكثر محافظة وتشدداً بموضوع الرقابة. فعلى سبيل المثال، قدم ناشرون مؤخراً لمفتشي الحكومة عناوين كتب لمعرض الكتاب الدولي في الرياض 2008. وقدمت إحدى المؤسسات الناشرة، دار الساقي، 350 عنواناً لكتب، خضع 90 بالمئة منها لرقابة الحكومة. وذكر الناشر رياض الريِّس حظر 30 عنواناً منها. وتتضمن الأمثلة عن الكتب المحظورة كتاب ' سلطانات الشاشة: رائدات السينما المصرية'، ويتناول تاريخ أربع نساء رائدات ممن بدأن صناعة السينما المصرية ( تم حظر الكتاب لأنه تضمن صورة لامرأة في لباس النوم). وحظرت الحكومة السعودية أعمالاً للشاعر الفلسطيني محمود درويش بسبب انتقاداته  العلنية للحكومة السعودية. كما تم حظر كتاب ' بنات الرياض'، لأنه يسرد حكاية عن الحياة الحميمة اليومية لأربع نساء ( الرافعي، 2007).
توجد الرقابة أيضاً في القاهرة، ولبنان، والأردن، رغم أن ذلك يتم بدرجات مختلفة. وغالباً ما تمارس الحكومة المصرية الرقابة وتقوم بإزالة مقاطع من كتب ( أو أحياناً تزيل الكتب نفسها)  وتحظر استيراد منشورات معينة. هذا هو الحال، بشكل خاص، مع كتب ينظر لها على أنها تنتقد الإسلام أو الحكومة  ( Wassmann، 2008). أما في الكويت، وبعد مراجعة 560 كتاباً جديداً، فقد خطط المسؤولون لحظر 230 كتاباً في معرض الكتاب الكويتي 2007 ( ' حظر 230 كتاباً'، 2007). ويعتبر لبنان أحد أكثر الأماكن ليبرالية  للنشر، رغم وجوب تقديم أعمال للمدير العام للأمن العام لمراجعتها هناك. فالأعمال التي قد تثير التوترات المذهبية والطائفية تلقى تدقيقاً وفحصاً متزايداً. وتعرض تقارير أخرى أن الإسلاميين قد فرضوا في الآونة الأخيرة تأثيراً سلبياً وأكبر على عملية الرقابة. وفي الأردن، تهتم الرقابة بالعناوين الدينية بشكل رئيس، والتي تتضمن  لغة  'غير إيمانية'، والصور الإباحية، وانتقادات النظام السياسي الأردني.
برغم الرقابة المنتشرة، يجد الكتاب والمستهلكون في الشرق الأوسط طرقاً لتجاوز هذا التحدي. فالكتَّاب الذين يعيشون في بلدان أكثر قمعية ثقافياً، كالسعودية، غالباً ما ينشرون أعمالهم خارج بلدهم، تحديداً في لبنان أو في دور نشر أوروبية. أما المستهلكون الراغبون بقراءة مادة محظورة فلديهم خيارات عديدة أخرى. إذ بإمكان الأفراد، غالباً، قراءة الكتب المحظورة من خلال الجمارك، رغم أن ذلك بكميات مفيدة للاستهلاك الشخصي فقط.  وتعمل بعض المواقع كوجهات للمسافرين العرب الذين يتطلعون لشراء وقراءة مواد محظورة، مع السعوديين الأثرياء المعروفين بسفرهم إلى مصر، والبحرين، ولندن لهذا السبب. كما أن المكتبات الشرق أوسطية قد تحمل الأعمال المحظورة وتمررها ' من تحت الطاولة'  للزبائن الذين يمكنهم طلبها بالاسم.
تفرض الرقابة تأثيراً هاماً على المؤلفين، والناشرين والمتاجر. إذاً لدى الرقابة القدرة على دفع المؤلفين ووضعهم تحت الضوء. إن كتاب ' العدامة'، وهو رواية صدرت في العام 1997 للكاتب السعودي تركي الحمد، عبارة عن قصة ' فتنة، جنس، وكحول في المملكة المحافظة المتشددة'، بحسب ما قيل. وقد تم حظر هذا الكتاب من قبل عدد من البلدان، بما فيها السعودية، وكان هدفاً  لأربع فتاوى دينية. وقيل بأن هذا الكتاب أصبح الأكثر مبيعاً ( بست سللر) في غضون شهر من الزمن ( Whitakar، 2004).
بالرغم من ذلك، وفي أكثر الأحيان، يكون تأثير الرقابة محبطاً. فالوصول إلى جمهور واسع والتأثير عليه هو هدف نهائي لعدد من الكتَّاب، وإن الشهرة السيئة التي تنالها هذه الكتب من الرقابة لا يمكنها أن تتخطى، غالب الأحيان ، التأثير السلبي لها على المبيعات. فقد أمضى أحد المؤلفين الذين أجريت مقابلة معهم لأجل هذه الدراسة خمسة أعوام توقف فيها عن الكتابة بسبب حظر كتابين له لأسباب ' تافهة حسب الظاهر'.  وهناك مؤلفون آخرون يمارسون رقابة ذاتية على أعمالهم، بالتقيد بمواضيع يسرفون بالكتابة فيها من دون الخوف من حظر كتبهم ( غزال، 2008).
أما الأمر الأسوأ من مجرد حظر الكتاب، فهو مواجهة بعض الكتّاب لتهديدات صريحة تتعلق بحرياتهم  وبحياتهم. فقد تم اغتيال سمير قصير، وهو كاتب لبناني صريح من أصل فلسطيني انتقد الديكتاتوريات العربية، وذلك في العام 2005 ( ' كاتب معاد لسوريا قتل في بيروت'، 2005). وفرَّت كاتبة أخرى، نوال السعداوي، من بلدها الأم خوفاً على حياتها بسبب كتابات كشفت فيها عن عدد من المشاكل الدينية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع العربي. فضلاً عن ذلك، إن عدد الكتَّاب المسجونين مرتفع إلى حد أن محطة تلفزيون الجزيرة تبث برنامجاً اسمه ' أدب السجون'، والذي تفصِّل فيه حياة وعمل عدد من المؤلفين تم سجنهم بسبب نشرهم لآرائهم ( ' أدب السجون'، 2004). 
تؤثر الرقابة سلباً أيضاً على الناشرين والمكتبات. فالسعودية على سبيل المثال، هي إحدى أكبر الأسواق للكتب في الشرق الأوسط. إن الفشل بإلغاء الرقابة الحكومية في السعودية يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الناشرين. أما بما يتعلق بمنافذ بيع الكتب، فقد كان ' فيرجن ميغاستور'، الموجود في الكويت، أحد أكبر المكتبات في الشرق الأوسط. وقيل بأن الحكومة الكويتية أغلقته لثلاثة أسابيع بسبب فقرة واحدة موجودة بإحدى الكتب. ومنذ ذلك الحين تخلى المخزن عن 80 بالمئة من مساحته المخصصة لبيع التجزئة لمشاريع أخرى.
السوق
في أحد معارض الكتاب الدولية في لبنان، أقام لقمان سليم في بيروت قبراً بالحجم الطبيعي مع شاهد للقبر علامة للسخرية. وكُتب على النصب التذكاري العبارة التالية، ' القارئ العربي ميت' ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 47). إن إنتاج الكتب والقارئ المستهلك، بحسب ما هو مفترض، متدنيان نسبياً في الشرق الأوسط، رغم أن من الصعب الحصول على بيانات حديثة ودقيقة. وبحسب  'تقرير التنمية البشرية العربية'، فإن عدد الكتب المنشورة في العالم العربي ليس أكثر من 1.1 بالمئة من الإنتاج العالمي، رغم أن العرب في الشرق الأوسط يشكلون ما نسبته 5 بالمئة من سكان العالم. وبحسب إحصاءات منظمة الأونيسكو الدولية ( المنظمة التعليمية، والعلمية، والثقافية الدولية)  أنتجت البلدان العربية 6500 كتاب، مقارنة مع انتاج 102000 كتاب في أميركا الشمالية و 4200 كتاب في أميركا اللاتينية والكاريبي. هذا الرسم قد لا تثبت صحة تمثيله، وذلك عائد، جزئياً، إلى أن تزامن السنة مع حرب الخليج الأولى ولأن بعض الكتب منشورة من دون أرقام مسجلة، ما يجعل القيام بجدولة تامة ودقيقة أمراً صعباً ( Whitaker، 2004). مع ذلك، إن إنتاج الكتب في البلدان العربية ، بما فيه الإنتاج الأدبي، متدنٍ نسبياً.
الرسم 2.1
التوزيع النسبي للكتب المنشورة، من قبل Field، في عشر بلدان عربية وفي العالم، 1996
المصدر: معهد احصائيات الأونيسكو، آذار 2003
أما أحد العوامل المحتملة الكامنة وراء هذه النسبة المتدنية لاستهلاك الكتب فهو الأمية. فبحسب بيانات 2005-2007 الصادرة عن الأونيسكو، تشكل نسبة معرفة القراءة والكتابة 72.5 بالمئة، مع نسبة 82.4 بالمئة للذكور و 62.2 للإناث. هذا مقارنة مع نسبة 99.1 بالمئة في أوروبا، 91.3 بالمئة في أميركا اللاتينية والكاريبي، و82.1 بالمئة لآسيا ( الأونيسكو،غير مؤرخ). إن أنظمة التعليم المتواضعة، تحديداً أنظمة التعليم التي تفشل بتعزيز نسب تسجيل عالية وعادلة، تنتهي بالتأكيد بنسب متدنية في مجال محو الأمية ( ascii85NDP، 2002). والأمر ذو الصلة بهذا هو أن لدى اللغة العربية لهجات للكلمة المكتوبة منفصلة عن الكلمة المحكية. بناء على ذلك، ولأجل القراءة والكتابة بشكل فعال، ينبغي للطلاب أن يتعلموا لغة منفصلة بالكامل. وفيما عدا ذلك قد يطرح هذا الأمر سياقاً تاريخياً فشل بتعزيز القراءة ( رحيم، 2005).  ويقول أحد محللي النشر بأنه برغم أن عمر اللغة العربية هو 1500 سنة على الأقل، فإن الكلمة المطبوعة لم تصبح مألوفة إلا حتى القرن العشرين. فقد كان يتم حفظ الشعر أكثر مما يُقرأ،  ولم تلق الرواية العربية قبولاً شائعاً حتى الخمسينات، عندما كتب نجيب محفوظ ' ثلاثية القاهرة'، التي نال عليها جائزة نوبل للآداب في العام 1988 ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 48). ورغم أن البيانات غير متوفرة، فإن من الأرجح أن تكون مسألة الأمية محدودة بالأجيال العربية الأكبر سناً ولذا فإنها قد لا تكون مساهمة في ثغرات القراءة المحتملة بين الشباب. كما أن الظروف الاقتصادية تعتبر عاملاً أيضاً، حيث أن الكتب غالباً ما لا تكون في متناول الشاري العادي.
يبرهن المستهلكون في الشرق الأوسط على درجات مختلفة بتفضيلهم الكلمة المكتوبة. وكما يبين الرسم 2.1، فإن الكتب الدينية تشكل 17 بالمئة من مجموع الكتب المنشورة في البلدان العربية، مقارنة مع معدل عالمي يبلغ 5 بالمئة تقريباً ( تقرير ascii85NDP، 2003، ص. 77- 78). قد تكون المبيعات المتزايدة للكتب الدينية مستفيدة من رعاية المساجد ومؤسسات إسلامية وإعاناتها المالية، أو من رعاية وإعانات حكومات دينية، كتلك التي في السعودية. هذه الإعانات المالية لا تعزز إنتاج الكتب فحسب وإنما تخفض أسعارها أيضاً، ما يجعلها بالتالي أكثر يسراً، تحديداً بالنسبة للأفراد ذوي الدخل المنخفض ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 48).
إن الكتب الأدبية والمتعلقة بالعلوم الاجتماعية والفن تشكل نسبة مئوية ضئيلة نسبياً من المنشورات العربية. على سبيل المثال، هناك 270 مليون إنسان ناطق بالعربية في 22 بلداً، مع ذلك فإن رواية أو قصة قصيرة منشورة لا تبيع عادة إلا ما بين 1000 و 3000 نسخة. ويعتبر بيع 5000 نسخة بمثابة ' بست سيللر' ( ascii85NDP، 2003، ص. 77-78). وأشار أحد موزعي الكتب الأردنيين إلى ذلك بقوله: الأعمال الجادة لا تُقرأ. إن القراءة متدنية جداً بما يتعلق بأنواع الأعمال الجادة التي لها صلة بعناوين تتعلق بالسياسة، والتحليل، والاقتصاد. هذه الأنواع غير مقروءة على نطاق واسع هنا'. ويشير أيضاً إلى أنه في الوقت الذي تزداد فيه صناعة الكتب نمواً في العالم أجمع، فإنها بقيت ثابتة نسبياً في الشرق الأوسط. وضمن الخانة الأدبية، يفضل كثير من القراء في البلدان الأكثر تعلماً، كلبنان، حفنة صغيرة من كتاب الأدب الحديث، مع تفضيل أكثرية واسعة منهم للروايات الكلاسيكية، كتلك التي لنجيب محفوظ. هذا التفضيل يجعل من الصعوبة بمكان بالنسبة للكتَّاب الجدد أن يبرزوا ويحصلوا على شهرة ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 49).
هناك سوق أيضاً للكتب الغربية المترجمة إلى العربية. ويقول أحد الموزعين، ' إذا كان الكتاب حول أوبرا فسيكون شعبياً'. وتصدر كتاب The Da Vinci Code (Brown، 2003) قائمة المبيعات، حيث بيعت منه 5000 نسخة في الأردن ( رقم مرتفع بمعايير النشر العربية). وهذا يعني، بأن من المهم الإشارة إلى أن السوق الأدبي في المنطقة قد يكون في حالة تغير، حيث يعالج عدد من الروايات والأفلام الجديدة قضايا تشكل تحدياً تبرز من مجتمعات مغلقة حتى كالسعودية (مثلاً، الجدل الديني، الإصلاح السياسي، حقوق الإنسان، التطرف والعنف). لكن بسبب افتقارنا لإحصائيات دقيقة حول حجم وطبيعة الإنتاج الأدبي الحالي، فإن من الصعب تحديد أهمية عائق السوق هنا.
عامل آخر ذو صلة بخصوص فهم سوق الكتاب الشرق أوسطي هو الاختلافات الإقليمية. فالشرق الأوسط الناطق بالعربية يتمثل بعدد كبير من البلدان المتنوعة والمختلفة. وكما يفسر أحد الناشرين : إن المغاربة والكويتيين مختلفون عرقياً وثقافياً وإثنياً عن بعضهم البعض، وبذلك فليس هناك من سبب لأن يكون لديهم الكثير من القواسم المشتركة لنضم إليها ماهية أفضليات قراءاتهم. وكمثال على ذلك، يشير الناشر إلى أن معرض كتاب فرانكفورت في العام الماضي دعا العالم العربي ليكون ضيف الشرف. وقد أرسل عدد من البلدان العربية المشاركة كتّابها وناشريها. وبدلاً من إرساء مفهوم عروبي لجمهور القراء، فقد قام كل منهم بعقد أمسيات للقراءة حضرها جماهير من جنسياتهم هم. باختصار، إن فكرة الجمهور القومي العربي أسطورة.
التوزيع
إن التحديات المتصلة بالتوزيع الدولي للكتب تحُد من قدرة الكتب أكثر على الوصول للجماهير عبر الشرق الأوسط. وكما أشرنا سابقاً، الشرق الأوسط ليس سوقاً موحداً. فكل بلد يفرض قوانينه ومتطلباته الخاصة على الناشرين وموزعي الكتب. فمن جانب الرقابة، المطلوب من الكتاب والناشرين تقديم نصوص للمفتشين في كل دولة-هدف ( ascii85NDP، 2003a، ص. 4). وبسبب المتطلبات الخصوصية لكل هيئة رقابة من الهيئات الرقابية لهذه الدول، فإنه قد يتم حظر كتاب ما في بعض البلدان ولا يُحظر في بلدان أخرى. كما أن القوانين الضريبية المختلفة لكل بلد إضافة إلى متطلبات متغيرة ومتقلبة في طرق الشحن تحد أكثر من سهولة التوزيع الإقليمي. ولأن الطلب على أنواع مختلفة من الكتب يختلف من بلد لآخر في الشرق الأوسط، فإن الموزعين مجبرين على فهم الجوانب الفريدة لكل سوق من الأسواق الوطنية. فبحسب ما أشار أحد الأفراد، هذا الأمر يتطلب 'خبرة محلية جدية' والحاجة  لأن يصبح الموزع اختصاصي سلسلة توريد حقيقياً في صناعة الكتب.
بسبب هذا الأمر، ليس هناك من ناشر أو موزع واحد يوفر الكتب لكامل الشرق الأوسط. وقد أشار أحد موزعي الكتب من الأردن إلى أن ' أحد التحديات الرئيسة في الشرق الأوسط هو أن لديك حالياً ناشرين وموزعين في كل بلد. ليس لديك مجموعة واحدة، شركة واحدة تملك البنية التحتية والقدرة على التوزيع لكل منطقة الشرق الأوسط'. وأشار، على سبيل المثال، إلى أن ناشراً ما في الأردن سيكون عليه الاتصال بموزع في لبنان ومن ثم ' التواصل مع أحدهم في دبي، ثم قطر، ثم الأردن، مصر، السودان.  فما يتعامل معه هو خليط من الموزعين والناشرين'.
يتفق ناشر آخر معه بالرأي، مشيراً إلى أن على المرء توظيف موزع على قاعدة من بلد لبلد. أما نتيجة هذه العوامل فهي أن الكتب تفشل، غالباً، بالوصول إلى جماهير واسعة. إذ غالباً ما سيقدم الكتاب والمؤلفون الأعمال لناشرين في بلدانهم هم وبالتالي فإن هذه الكتب لن تكسب واجهة عرض أوسع.
القضية الأخرى في مسألة توزيع الكتب هي المنافذ الفردية التي سيبيع فيها الناشرون والموزعون أعمالهم. بهذا الخصوص، هناك ثلاث منافذ بيع رئيسة هي: معارض الكتب، متاجر الكتب والمكتبات. وتوفر معارض الكتب قنوات البيع الأكثر ربحاً. فبحسب ما أشار إليه أحد الناشرين، تشكل معارض الكتب 40 بالمئة من مجمل المبيعات. ففي معرض بيروت للكتاب، بحسب ما أشار هذا الناشر نفسه، فإن بإمكانه بيع عدد أكبر من الكتب مما يبيعه في سنة كاملة في متاجر الكتب اللبنانية. إذ توفر هذه المعارض مكاسب عديدة في المبيعات. أحد هذه المكاسب، تمكُّن الناشرين من البيع مباشرة للناس وبالتالي إزالة وسيط التوزيع. فهم قادرون، غالب الأحيان، على بيع الكتب بأسعار ترويجية مخفضة أكثر حتى ( الريِّس، 2007). كما يبيعون الكتب نقداً، ما يزيد السيولة النقدية للمعاملات أكثر.
إضافة لذلك، يمكِّن بعض معارض الكتاب البائعين من توزيع الكتب المحظورة من قبل الحكومة المحلية. ففي سوريا، على سبيل المثال، بإمكان الناشرين عقد صفقات مع السلطات الرسمية. فلا يعرض البائعون كتاباً محظوراً، علناً، لكن بإمكانهم توفيره إذا ما طلبه أحدهم منهم. إضافة لذلك، يحضر المؤلفون والكتّاب المعارض بشكل متواتر، ليوفروا بذلك عرضاً تسويقياً متزايداً لأعمالهم. في كل الأحوال، إن رسوم المشاركة في ارتفاع، مقتطعة من أرباح الناشر والتخفيضات للزبائن. وتحد النسبة المتزايدة للكتب المحظورة في السعودية أيضاً من عدد الكتب التي يمكن بيعها، كما تقوم بعض سلطات المعارض بمصادرة كتب في اللحظة الأخيرة ولا تعيدها لأصحابها ( الريِّس، 2007).  
تشكل متاجر الكتب قناة بيع ثانية. ولسوء الحظ، هنا نقص عام بمحلات ومنافذ بيع الكتب. ويشير المستشار الثقافي البريطاني بيتر كلارك إلى أن كل عاصمة من عواصم الشرق الأوسط لا بد لديها، بالعادة، مكتبة جيدة واحدة فيها مجموعة من الكتب. أما بما عداه، فإن الكتب غالباً ما تباع في محلات التسوق الكبرى المخفضة الأسعار. هناك أيضاً عدد من المتاجر المحلية الصغيرة لبيع الكتب وأكشاك الشوارع إضافة إلى المكتبات الإسلامية. وإن كثيراً من هذه المحلات والأكشاك لا تحمل في داخلها إلا أعمالاً محدودة ذات مواضيع بناءة، هذا إن وجدت أساساً. وحتى هذه المحلات التي قد تميل لنشر أعمال كهذه ودعمها فإنها قد تجد أن من الصعب عليها البقاء والاستمرار. وبحسب ما تقول لوسي كونز، مساعدة مدير مطبوعات الجامعة الأميركية في بيروت، فإن بعض المكتبات ' تكون موجودة ليوم ويومين، ومن ثم ينتهي أمرها بعد شهرين' ( ديل كوستيللو، 2002، ص. 48). إن المشكلة البارزة هي أن منافذ البيع هذه لا تجني مالاً كافياً من بيع الكتب، والمجلات، والصحف ولا تكوِّن أرباحاً منها. وتمت الإشارة أيضاً إلى أن مكتبات بيروت، على سبيل المثال، لا تخزن سوى عدد محدود من الكتب لأن البائعين لا يريدون شراء الكتاب من ناشر والمخاطرة بعدم بيعه.
بناء على ذلك، ينبغي للمستهلكين طلب شراء الكتاب مقدَّماً ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 48).  وينبغي للمكتبات، غالباً، تعويض خسائرها المحتملة في سوق الكتاب عن طريق بيع نشرات دورية شعبية، أدوات مكتبية، هدايا، ومواد أخرى ( ascii85NDP، 2003a، ص. 79). على سبيل المثال، أظهرت زيارة أخيرة لأحد مؤلفي هذه الدراسة إلى أكبر مكتبات قطر في الدوحة بأن أقل من نصف مساحات الرفوف كان مخصصاً للكتب، والتي بدورها، كانت مقسومة بالتساوي بين عناوين لكتب عربية وأخرى إنكليزية.
أخيراً، لا توفر المكتبات سوى منفذ محدود فقط لمبيعات الكتب. ففي الغرب، بإمكان مبيعات المكتبات أن تصل إلى ما يقدر بـ 70 بالمئة من مجموع مبيعات الكتب. في كل الأحوال، هناك  نقص عام في المكتبات في الشرق الأوسط. وتقوم ' الفدرالية الدولية للرابطات والمؤسسات المكتبية'  بمسح دولي نصف سنوي للبنية التحتية المكتبية. وقد تجاوبت ست دول شرق أوسطية مع هذا المسح: الأردن، لبنان، الجزائر، مصر، الكويت وعُمان. وكان عدد المكتبات العامة في مصر 1257 مكتبة، وفي الأردن 135  مكتبة. وبالمقارنة مع ذلك، فإن في ألمانيا، التي يمثل عدد سكانها عدد سكان مصر، 10339 مكتبة عامة، وفي الدانمارك التي يبلغ حجم سكانها حجم سكان الأردن، هناك 575 مكتبة عامة ( Bothma، 2007). وفي حين أن لدى الجامعات مكتبات، فإن هذه المجموعات غالباً ما تتجنب الكتب المثيرة للجدل التي تشعل النقاش وتحفز على التفكير النقدي  Whitaker)، 2004).
هناك تحدّ ذو صلة بالتوزيع يشتمل على تسويق الكتاب. ويشير بيتر كلارك إلى أن النشر في العالم العربي لا يختلف عن ذاك الذي كان سائداً في المملكة المتحدة قبل 150 عاماً مضت: يقدم المؤلف كتاباً لناشر، ويفسر ذلك قائلاً،' بأنه في الوقت الذي يطبع فيه الناشرون العرب أعمالاً جيدة، فإنه لا تكون لديهم الميزانية ولا الخبرة والمعرفة لتسويق هذه الأعمال بشكل سليم وصحيح'. ويقول بأن ما ينقصهم هو إطلاق الكتب، إعلانات الصحف، والعرض على القنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية. كما ينقصهم مساعٍ وجهود تتعلق بأبحاث السوق ترمي إلى تصنيف عادات القراءة العامة لدى الشعب بحيث يمكن أن تكون الكتب أكثر استهدافاً لحاجات المستهلك واهتماماته ( Meiering، غير مؤرخ، ص.3).
إن أحد مجالات التحسين والتطوير له صلة بالدور المتزايد المحتمل للمهرجانات الأدبية، حيث يتفاعل المؤلفون مع الزبائن ويروجون لأعمالهم بدرجة أكبر. ففي أيار 2008، نظمت الضفة الغربية أول مهرجان أدبي لها، ' المهرجان الفلسطيني للأدب: قوة الثقافة في مقابل ثقافة القوة'  Addley)، 2008 ). كان هذا الحدث، جزئياً، برعاية القنصلية البريطانية ومنظمة الأونيسكو Addley)، 2008). وفي شباط 2009، لعبت دبي أيضاً دور المضيف لمهرجان الأدب الدولي الافتتاحي للخطوط الجوية الإماراتية. إضافة إلى القراءات العامة من قبل المؤلفين وورش العمل التي تستضيف مؤلفين، كرس المهرجان يوماً لدعم محو أمية الأطفال ( Florian، 2008).
لم يدعم التلفزيون ولا الصحافة الشعبية القراءة من خلال الترويج للقراءة أيضاً. فالقنوات التلفزيونية العربية لا تقدم، بحسب ما يقال، برنامجاً واحداً مخصصاً للكتب، على خلاف البرامج المقدمة على الـ BBC مثلاً. وقد حاولت محطة تلفزيون الجزيرة عرض برنامج عن الكتاب لكن تم وضع حد لبثه بسبب مردود الأرباح المتواضع الناتج عنه ( الريِّس، 2007). أما أحد الاستثناءات الرئيسة فهو المحطات التلفزيونية البيروتية، التي تقدم عدداً من البرامج ذات الصلة بالكتاب. ولدى صحيفة النهار عمود يومي يتناول الكتب المنشورة مؤخراً. وقد بدأ دار الساقي للنشر أيضاً، ومركزه بيروت، ببرنامج امتداد وتواصل مكثف مع الصحافة من خلال ورقة معلومات متقدمة، عبارة عن ملخص من صفحة واحدة لكتاب يتم إرسالها قبل نشر الكتاب. أيضاً، هناك بعض شركات النشر الصغيرة التي بدأت بتجربة لها، مع نشر مجلات لمحو الأمية، مراجعات كتب، ومجلات أكاديمية على الإنترنت ( ديل كاستيللو، 2002، ص. 48).
إن العائق الأخير أمام وجود توزيع أكبر للكتاب هو انتهاك حقوق الطبع والنشر. فعلى سبيل المثال، بالإمكان نشر كتاب واحد بأربع نسخ مختلفة. فبعض الناشرين المستعدين لإصدار نص ما يجدون أن الكتاب قد تم نشره أساساً من دون إذن المؤلف أو الناشر الأصلي. وقد أشار أحد التقارير إلى أن الكتب الأكثر تزويراً هي القواميس، المراجع العلمية، الروايات، وأشعار نزار قباني ومحمود درويش ( الريِّس، 2007). أما القوانين المصمَّمة لحماية الحقوق الفكرية للمؤلفين والناشرين فهي إما غائبة بالكامل أو غير مطبقة بالقوة ( ascii85NDP، 2003a، ص. 79). ففي مصر، حدد دار الساقي للنشر بأن أحد كتبه، ' بنات الرياض' ( Sani، 2005) قد تمت قرصنته بطريقة غير شرعية. كما أن جهود الدار لمحاكمة الناشر المتعدي لم تلق نجاحا ًحتى الآن. وفي معرض كتاب الرياض في الآونة الأخيرة، اشتكى دار الورق للنشر بأن شركات أخرى كانت تعرض ، وبطريقة غير قانونية، بعضاً من كتبه. ولم يُفعل الكثير  لمقاضاة الناشر برغم شكاوى دار الورق للنشر أمام السلطات الرسمية ( Dosary، 2008).
درس من التاريخ: تجربة الحرب الباردة
إبان الحرب الباردة التي دامت 45 عاماً، استخدمت الحكومات البريطانية والأميركية أشكالاً مختلفة من وسائل الإعلام في صراعها الإيديولوجي مع الاتحاد السوفياتي. وفي حين أن هناك اختلافات هامة بين الجهود الأميركية للتصدي للتطرف وبين مواجهة الحرب الباردة مع الإتحاد السوفياتي ، فإن بالإمكان استقاء دروس أساسية من هذه الفترة.
كانت الحرب الباردة آخر مرة تدير فيها الحكومات الأميركية والبريطانية حرباً سياسية على نطاق كبير. أما نقطة المقارنة بالنسبة لهذا الفصل من الدراسة فهي الكيفية التي نظمت بها الحكومات الغربية نفسها ونفذت سياستها خلال حقبة الحرب الباردة هذه وما هي الدروس التي يمكن للمرء أن يستمدها من هذه الجهود اليوم. لا ينبغي قراءة هذا الفصل على أنه حكم من قبل المؤلفين بأن هناك تشابهات قوية بين العالم العربي والغرب اليوم وبين الانقسامات الشرقية – الغربية للحرب الباردة. ولا ينبغي اعتباره تأييداً لأساليب أو مقاربات محددة لنشر مادة إبداعية. فبعض الأساليب، إضافة إلى تنظيم جهود الحرب الباردة، قد تكون مناسبة أو غير مناسبة للشرق الأوسط اليوم.
في الواقع، إن أهداف هذا الفصل هي تقديم معلومات تاريخية حول الكيفية التي تناولت بها الحكومات قضايا وتحديات سياسية مختلفة في الماضي ولتعزيز نوع من التفكير الجديد حول كيفية صياغة السياسة اليوم. وتعتمد المادة على جهود الحرب السياسية البريطانية والأميركية للحرب الباردة على امتداد فترة طويلة من الزمن وعبر حقبة جغرافية واسعة ومتنوعة. وليس القصد من الفصل إلقاء نظرة عامة تاريخية على هذه الجهود. بدلاً من ذلك، إنه يسعى لإلقاء الضوء على أجزاء من تاريخ الحرب الباردة التي تبدو ذات صلة أكثر من غيرها بالتحديات التي تتم مواجهتها في سياق الشرق الأوسط اليوم.
تنظيم الجهود الحكومية    
قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ CIA بإدارة برنامج توزيع الكتاب والمجلة لأوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة. تم وضع البرنامج بإدارة شعبة المنظمات الدولية ( IOD)، التي شملت كل بروباغندا الـ CIA وأنشطة التأثير ( Montagascii117e، 1992، ص. 224-225). كانت IOD شعبة كاملة تابعة للـ CIA مكرسة لأنشطة التمويل المصمَّمة للتأثير على النخبة الفكرية الأوروبية، الطلاب، والعمال على جانبيْ 'الستار الحديدي' ( Braden، 1967). ومن بين المنظمات الأكثر شهرة المدعومة من قبل شعبة IOD، كان لقاء الحرية الثقافية، راديو أوروبا الحرة، راديو الحرية، لجنة اتحاد التجارة الحرة، ورابطة الطلاب الوطنيين، وكلها كانت جزءاً مما سماه بيتر كولمان ( 1989) ' المؤامرة الليبرالية ' للـ CIA.
كانت إحدى السمات الهامة لهذا المجهود الصلة بين القطاعين العام والخاص.  فبحسب ما أشار المؤرخ سكوت لوكاس، جاءت هذه الأعمال ضد الشيوعية من الجانب الخاص للمعادلة ( لوكاس، 2003). أما داخل الولايات المتحدة وأوروبا، فقد كان هناك أساساً حركة فكرية ضد الشيوعية، تحديداً في أوساط اليسار اللا شيوعي. فما كان مطلوباً هو المال والتنظيم لتحويل الجهود الفردية إلى حملة متجانسة منسقة ضد الكرملين. ولم تخلق الـ CIA هذه الشبكات من العدم؛ لقد جاءت من مجالات ثقافية وسياسية أوسع نطاقاً عززتها الحكومة الأميركية وحكومات أخرى بشكل هادئ.
كانت برامج تبادل الكتاب والمجلات للإتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية ممولة ومنظمة بإشراف ' اللجنة الوطنية لأوروبا حرة ' ( NCFE، أصبح إسمها لاحقاً ' لجنة أوروبا الحرة') ولجنة راديو الحرية ( RL). وكانتNCFE  و RL معروفتين  بلجنتيْ التحرير. وقد صوَّرهما جورج كنان، استراتيجي الحرب الباردة الأميركي،  كمنظمتين أميركيتين عامتين مصممتين لتدورا حول 'مقاومة الطغيان في بلدان أجنبية' ( ' طاقم التخطيط السياسي' 1948). أما أشهر أنشطة NCFE و RL فكانت بثهما الإذاعي، إذاعة أوروبا الحرة وإذاعة الحرية، اللتان كانتا تبثان من خلف كواليس 'الستار الحديدي'. أما برامج الكتاب والمجلة لـ NCFE ( مطبوعات أوروبا الحرة) و RL  (منشورات Bedford)  فكانت أنشطة فرعية أصغر حجماً تحت إشراف  لجنتيٍ التحرير. وكانت هذه الأنشطة مخفية بشكل جيد حتى داخل  منظمتيْ NCFE  و RL.
كانت أهداف NCFE و RL ثلاثية: ' العمل كبؤرة لأمل وطني' للاجئين السياسيين من العالم السوفياتي، ' توفير الإلهام والوحي لاستمرار المقاومة الشعبية داخل بلدان الإتحاد السوفياتي'،  و 'العمل كنواة محتملة لحركات التحرير الكاملة في حال حدوث حرب' ( ' طاقم التخطيط السياسي'، 1948). كانت هذه الجهود عبارة عن ' عملية صريحة بشكل رئيس' والتي ينبغي في كل حال من الأحوال أن ' تتلقى توجيهاً سرياً ومساعدة محتملة من الحكومة' ( ' طاقم التخطيط السياسي'، 1948). أما عمل تنظيم هذه اللجان فأعطي ' لمواطنين أميركيين موثوقين من القطاع الخاص' لتعبئة  ' قادة لاجئين' مختارين. إذ كانت تقدم لهؤلاء القادة اللاجئين الذين يعيشون في الخارج 'القدرة للوصول إلى الطباعة والإذاعات' لإبقائهم أحياء كشخصيات عامة في بلدانهم الأم.
ومع لجان التحرير ومساعيه الأخرى في مجال البروباغندا، تصرف مكتب IOD التابع للـ CIA كمؤسسة أكثر منه كوكالة استخبارية. فقد قيَّم المشاريع لتحديد ما إذا كانت تروِّج لأهداف الـ CIA وتعززها، ووفر التمويل لها، ومن ثم تبنى مقاربة رفع اليد عنها، متيحاً المجال  للمنظمات التي يدعمها بإنجاز أهدافها من دون تدخل. وكأية مؤسسة أخرى، وضعت الـ CIA توجيهاتها حول الكيفية التي ستنفق بها أموالها. لكن بشكل عام، لقد أدركت أنه كلما كان هناك مسافة بينها وبين المنظمة التي ترعاها، كلما كان من الأرجح نجاح هذه الأنشطة.
قدمت الحكومة الأميركية المساعدة لجهود NCFE و RL في أربعة مجالات. أولاً، لقد قدمت الجزء الأكبر من التمويل لعملياتهما. بداية، حاولت لجنة NCFE رفع بعض قيمة التمويل المقدم لها من خلال التبرعات العامة، لكن هذا الأمر لم يكن كافياً أبداً لاستدامة العملية. ثانياً، قدمت الـ CIA ووزارة الخارجية التوجيه السياسي العام لها. هذا التوجيه ظل في حده الأدنى. فقد تم إعطاء كل مؤسسة قدراَ كبيراً من حرية العمل في تقرير ماهية الاستراتيجية المناسبة لمهمتها المحددة وكيفية إدارة عملياتها. في كل الأحوال، لقد قامت الحكومة الأميركية، وبشكل دوري، بمراجعة جهود المنظمات بالفعل لضمان تطابق استراتيجياتها مع أهداف السياسة الخارجية الأميركية الشاملة وبأن تكون أموال الحكومة تصرف بالشكل المناسب.
أما مجال المساعدة الثالث فكان العدد الصغير للموظفين الحكوميين الذين عملوا مباشرة لصالح المؤسستين. على سبيل المثال، كان موظف الـ CIA المساعد الشخصي لـ ' هاولاند سارجنت'، رئيساً لـ RL.  لقد جعل الوكالة على اطلاع كامل بخصوص جهود RL من خلال مذكرات، ورسائل، ونسخ طبق الأصل مرسلة إلى واشنطن. كما أرسلت الـ CIA أيضاً عدداً صغيراً من الموظفين للمساعدة في دوائر المحاسبة، والهندسة، والموظفين. وكان السبيل الآخر لنفوذ الـ CIA التعيينات الحساسة والحاسمة للموظفين. وقد اختارهم سارجنت، بالاشتراك مع رئيس IOD ، كورد مايير.
أما مجال المساعدة الأخير فكان الأمن. فقد قامت الـ CIA بإدارة  الفريق الأمني في كل من لجنتيْ NCFE و RL. واشتمل الأمن على الأمن المادي والجسدي للمكاتب والموظفين والتدقيق بخلفيات الموظفين للتأكد من عدم كونهم عملاء مزروعين تابعين للـ KGB. ولم يكن التهديد للموظفين تهديداً فارغاً. إذ من المرجح أن تكون الـ KGB قد قتلت اثنين من فريق العمل في أوائل الخمسينات، وأن تكون الشرطة السرية الرومانية قد هاجمت إذاعة أوروبا الحرة في الثمانينات.
الجمهور المستهدف
في وقت مبكر من الحرب الباردة، قررت كل من الحكومتين البريطانية والأميركية أن المفكرين يشكلون مجموعة الاستهداف الأساسية بالنسبة لعمليات التأثير. وكان الاعتقاد السائد لدى الحكومة البريطانية هو أن الرأي العام، كما كان الحال في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي، هو رأي عام مطلع، بسبب وجود ' الناس المتعلمين والمثقفين'، بما في ذلك الطلاب، المفكرين، التقنيين، والمدراء التنفيذيين. وقد تم تشكيل عمليات التأثير البريطانية، من حيث المبدأ، لاجتذاب هذا الجمهور الذي كانت الحكومة تعتقد بأن بالإمكان التأثير عليه. أما الهدف فكان توفير ' غذاء الفكر' لهذه الطبقة المثقفة، التي تبدو من وجهة النظر البريطانية، تحديداً، والغرب، عموماً، بأنها الطبقة المتلقية لهذا الغذاء الأكثر إفادة – فتوفره، فضلاً عن ذلك، بصيغة غير منفرة تتلاءم مع عرض كامل ودقيق للقضية البريطانية والغربية أو مواقفهما. ( 'هدف وأساليب بث الـ BBC باللغة الروسية'، 1958).
لقد كان الأمل، على المدى الطويل، أن تتمكن هذه الجهود من تقويض الأفكار والتوجهات المعادية للمصالح البريطانية وتصحيح التحريف الذي قام به الإعلام الشيوعي والمتعلقة بالمجتمع والسياسات البريطانية.
وقد تقاسم جورج كنان ومعظم المسؤولين الأميركيين الآخرين وجهة النظر هذه. إذ صرف كنان النظر عن استخدام البروباغندا الموجهة إلى مسؤولين حكوميين أساسيين وإلى الحزب الشيوعي، وكتب يقول إن ' مصير هذه المجموعات، معنوياً ومادياً، مرتبط جداً وبشكل لا رجعة فيه بمصير أسيادهم، بحيث إن رفض ' القضية' أمر يقارب المستحيل فعلاً'. كما أن كنان لم يحسب حساب طبقتي العمال والفلاحين باعتبارهما غير قادرتين على فرض ضغط كبير على النظام ولأن من غير المرجح، وبشدة، أن تلتفت إلى مادة من مصادر خارجية. من جهة أخرى، أعتقد كنان بأن نخبة المفكرين والمثقفين، أو البرجوازيين الجدد، قد يتأثرون بالبروباغندا الأميركية.
وبحسب كنان، فإن نخبة المثقفين كانت مشكلة من كتاب، صحافيين، فنانين، موسيقيين، علماء، مهندسين، مدراء مصانع، وضباط في الجيش. وقد تم إزالة هؤلاء بعض الشيء من هيكلية السلطة، إلا أن أفكارهم، بحسب ما قال كنان، كان لها تأثير شامل على توجه المجتمع ولذا فإنهم قد يفرضون، بطرق بارعة، قيوداً على السياسات السوفياتية وسياسات أوروبا الشرقية. هذه هي المجموعة التي ينبغي استهدافها، يقول كنان. فبسبب طبيعة اختصاصاتهم، بحسب اعتقاد هذا الأخير، فإنهم تعلموا التفكير باستقلالية، كما أن مكانتهم الاقتصادية تجعل من الممكن بالنسبة لهم شراء الكتب والراديوهات التي بإمكانها تلقي البث الخارجي الأجنبي. وبسبب انعزالهم، فإنهم فضوليون بشأن العالم الخارجي، بما يتعلق بأحدث الأزياء ووجهات نظر الأجانب حول أحداث عالمية. كما اعتقد كنان أيضاً بأن لديهم شكوكاً لها أساس بما يتعلق بدقة تصريحات الحزب ولذا فإنهم قد يكونون عرضة للتأثير الخارجي الأجنبي.
هذه الأفكار العامة حول الجمهور المناسب والصحيح لعمليات التأثير الغربية كانت أكثر وضوحاً حتى في برنامج الكتاب والمجلة.  فالاعتقاد السائد كان هو أن المثقفين والمفكرين السوفيات ومن أوروبا الغربية هم الجماهير المستهدفة الصحيحة لبرنامج الكتاب الالكتروني. فهؤلاء، على الأرجح، هم الذين ينالون التقدير وهم الذين سيتأثرون بالمواد الغربية التي قدمت' فهماً روحياً للقيم الغربية' (Mthews، 2003).
الاستراتيجية والمواضيع

موقع الخدمات البحثية