مواد أخرى » الربيع العربي هو الآن الربيع الكردي: تركيا تستيقظ على كابوس من صنعها هي

كلير بيرلينسكي ـ معهد Gatestone
28 تموز، 2012
في حين أن هناك أثر للهيستيريا في هذا العمود لطغرل أوزموك في صحيفة ' حرِّيت'، التي ترجمها اليوم فريق ' حرِّيت دايلي نيوز'، فإنها مقالة هامة لسببين، أولاً، لأن ما يقوله صحيح إلى حد كبير، وثانياً، لأنه يعرض الطريقة التي تتم بها تلقي هذه التطورات في الدوائر الوطنية التركية. وإني أنسخ العمود بالكامل:
لقد ذُكر بأن وزير خارجيتنا ' يفتش عن مكان لبشار الأسد'.
أتعلمون ماذا، بينما هو يفتش عن مكان له، دعونا نفتش، نحن، عن مكان جديد لتركيا.
قد ندعم أو لا ندعم سياسة بلدنا تجاه سوريا. هذا لا يهم في الحد الأدنى. نحن مدركون للصورة التي أمامنا، أليس كذلك؟
لدينا حدود تركية بطول 1200 كلم.
أولاً:
قبل أسبوع  واحد فقط، كان لدينا ' حدود كردية' بطول 400 كلم. اليوم أضيف 800 كلم لهذه الحدود.
أصدقائي، هذا الواقع الجيواستراتيجي الجديد وضعه ' عمقنا الاستراتيجي': اعتباراً من اليوم، لدينا حدود كردية بطول 1200 كلم.
لم نتمكن من إدارة حدود بطول 400 كلم، فهل يمكننا ذلك مع 1200كلم؟
ثانياً:
علينا درس هذا الأمر:
لم نتمكن من إدارة حدود كردية بطول 400 كلم. فكيف سنتمكن من إدارة حدود بطول 1200 كلم؟ نحن في انتظار رد ' بالعمق' على هذا السؤال.
العرب يقاتلون، والأكراد يربحون.
ثالثاً:
هل أنتم مدركون بأن 'الربيع العربي'، الذي ندعمه بحرارة، قد تحول تماماًُ إلى ' ربيع كردي'؟
هناك وضع غريب في كل من العراق وسوريا: العرب يقاتلون بعضهم البعض، والناس يموتون.
أما الأكراد فيخطون خطوة أخرى في طريقهم نحو دولة مستقلة. إلى جانب ذلك، هم قادرون على تحقيق ذلك من دون إطلاق رصاصة واحدة، من دون خسارة نفس واحدة.
تفضلوا، هذا عمق استراتيجي حقيقي.
رابعاً:
من جهة أخرى، إن حزب العمال الكردستاني  المحظور يقاتل ويسقط له ضحايا، لكنه غير قادر على الفوز.
خامساً:
هناك وضع حالي غريب آخر: ففي تركيا يطلق حزب العمال  الكردستاني الرصاص بإسم الأكراد لكنه لم يكسب شيئاً حتى اليوم. دعونا نتوقف لحظة. من يمكنه أن يضمن ألا يصل ' الربيع الكردي' الذي وصل إلى البلدان العربية من الوصول إلى تركيا يوما ما أيضاً؟
لا تذكروا وزير الخارجية داوود أوغلو.
يكفي أن يظل على مسافة.
لا يمكن العهد بالحقبة المقبلة إلى أوهام شخص أكاديمي.
&bascii117ll; إن وضع الأمر الواقع الذي حققه الأكراد في بلدين سيحول الأنظار، لا إرادياً، إلى الأكراد في تركيا.
&bascii117ll; إذا ما تم توجيه 'شحنة ربيع كردي' قوية في يوم ما في المستقبل إلى داخل تركيا، كيف سنرد على ذلك؟ بإطلاق الرصاص؟ أو بسياسة تناسب بلد ديمقراطي؟
ماذا يحدث لو بدأت مجازر علوية/ مسيحية في سوريا؟
إن الوضع في المناطق الموجودة تحت سيطرة المعارضة في سوريا غير سار على الإطلاق. نحن نسمع عن شعارات تتسلل من نوع: ' المسيحيون إلى لبنان، العلويون في التابوت'، شعار يردد في تلك المناطق. وهناك معلومات واقعية تبرز تقول بأن المسيحيين يتعرضون لسوء معاملة كبيرة. ماذا سيكون موقف تركيا لو حاول السنة ارتكاب مجزرة غداً؟ هل سنطلب من السنة العرب  التصرف بشكل حاسم'؟'
أنظروا إلى الخريطة لتروا الصورة.
النتيجة:
من الآن فصاعداً، نحن لدينا حدوداً بطول 1200 كلم مع الأكراد. إذا نظرتم إلى الخريطة ستشاهدون واقعاً آخر. فعلى هذا الجانب من الحدود، الذي هو بطول 800 إلى 900 كلم على الأقل، يعيش السكان الأكراد لتركيا. هذا يعني: لقد وصل ' الربيع الكردي ' إلى حدودنا.
لمكافحة ' شحنة الربيع' التي أطلقها الأكراد، بناء على وضع الأمر الواقع في بلدين مجاورين، ينبغي أن نرد بسياسة جدية، سياسة مدعومة من كل تركيا، وليس من  قبل أوهام شخص أكاديمي.
قد أكون بالغت في تبسيط المسألة، لكن الوقائع التي تواجهنا هي بتلك البساطة...
فليحفظ الله تركيا من الهزات الارتدادية ' للعمق الإستراتيجي'.
ليس أوزكوك المحرر الوحيد في تركيا الذي يرى أمراً مشؤوماً للغاية يلوح في الأفق. فقد حذر، وبشكل مشابه، الصحافي محمد علي بيراند – الصحافي الأكثر شهرة في تركيا ربما – فقال:
لقد كتبت سابقاً وقلت بأن التطورات في سوريا قد وسعت نطاق المشكلة الكردية وبأننا الآن نواجه مشكلة خروج السيطرة من أيدينا. باعتقادي لدينا ثلاث خيارات:
&bascii117ll; اتخاذ خطوات لحل مشاكلنا الداخلية فوراً وإصلاح ذات البين مع مواطنينا ذوي الأصول الكردية.
&bascii117ll; انتظار نتيجة التطورات دون القيام بأي شيء.
&bascii117ll; توسيع نطاق القتال العسكري ضد الكيان الكردي.
إن سياسة رئيس الوزراء الحالية محدودة بجعل حزب العمال الكردستاني يركع على ركبتيه. وتعتبر الخطوات الشجاعة السابقة المتخذة كافية. مع ذلك، فإن نطاق المشكلة الكردية في المنطقة عموماً تتسع بسرعة. إن حزب العمال الكردستاني يتحضر لاستلام دور هام في اللعبة الدولية. وتظهر رسائل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى رئيس الإقليم الكردستاني مسعود البرزاني، إضافة إلى مقالة في صحيفة ' ستار' بقلم مستشاره يالسين أكدوغان، بأن الأمور لا تسير بشكل جيد.
لقد حذر أكدوغان بارزاني نيابة عن رئيس الوزراء بقوله، ' أختر صداقة تركيا'.
إن العراق تحت سيطرته. سوريا تهتز. يكفي أن يكون لديك هذين الأمرين كي تتحد. بعد ذلك قد يأتي دور إيران. وإذا ما جاء دعم واشنطن، التي ربما تريد معاقبة طهران فقط، فإن ذلك سيقربنا خطوة إضافية باتجاه ' كردستان الكبرى'.
في كل هذه اللعبة، يجد حزب العمال الكردستاني مكاناً لنفسه. فلديه صوته في الكفاح المسلح.
إنه يصبح أقوى.
باختصار، إن الديناميكيات المتغيرة في المنطقة تأخذ المشكلة الكردية إلى مراحل غير مرغوبة بالنسبة لنا.
(أنظر أيضاً مقالته يوم أمس: الدولة الكردية الكبرى يتم تأسيسها).
يناقش المراسل الديبلوماسي بارسين يينانك هذه التطورات مع نوح يلماظ من جامعة مرمرة في اسطنبول في هذه المقابلة، المنشورة أيضاً في ' حرِّيت دايلي نيوز'.
ويتمسك يلماظ بالقول بأن التحالف بين رئيس الإقليم الكردستاني مسعود البرزاني والمجموعة الكردية السورية المنتمية لحزب العمال الكردستاني ' حزب الإتحاد الديمقراطي' قد فاجأ أنقرة بالكامل:
إن أنقرة الآن متورطة بإدارة أزمة وإن واقع ذهاب وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو إلى  المنطقة هو جزء من الجهود المبذولة لإدارة الأزمة.  إن الإدارة السورية منزعجة من التورط التركي بالتطورات الجارية في سوريا. وقد أرادت أن تثبت عواقب هذا السلوك لأنقرة. وأحد الأبعاد لهذا الأمر كان إسقاط طائرة F-4 التركية في 22 حزيران. ( ملاحظتي: لا يزال من غير الواضح أبداً أن تكون سوريا قد أسقطت الطائرة، أو إن كانت قد فعلت ذلك، فلماذا فعلته: الحادثة لا تزال محاطة بالغموض، ومن بين الإشاعات العديدة التي سمعتها، من مصادر مختلفة من حيث درجة المصداقية، هو أنها ' تحطمت فحسب'.) أما البعد الآخر للأزمة فهو الأكراد السوريون. بالحقيقة، لقد طلبت تركيا من سوريا تحسين حقوق الأكراد السوريين. بالواقع، كانت تركيا تأخذ جانب الأكراد السوريين ضد نظام بشار الأسد. وقد اتخذت سوريا تصرفاً احتياطياً وحاولت تسجيل نقطة ضد تركيا عن طريق تعزيز حزب العمال الكردستاني ضد مجمعات كردية أخرى. وأسقطت الإدارة السورية أزمة في أحضان تركيا عن طريق تركها مناطق معينة في البلد لصالح الائتلاف الكردي.
بالواقع، لقد كان عليها سحب قواتها. فسوريا لم تسحب قواتها من الشمال فحسب وإنما سحبت قواتها من مرتفعات الجولان وإدلب أيضاً في جهود محاولة السيطرة على دمشق وحلب. كما تحاول سوريا أيضا وضع تركيا في وضع صعب عن طريق خلق معارضة ( لسياسات تركيا ) و دغدغة حساسيات محلية معينة. لكني لا أعتقد بأن أنقرة ستشعر بالذعر. إنها تواجه مخاطر غير متوقعة وهي تفكر الآن بكيفية التعامل معها.
'يينانك': من الذي يسيطر على الأكراد السوريين؟ ما هو مدى نفوذ حزب العمال الكردستاني أو الحزب الديمقراطي الكردي للبرزاني في شمال سوريا؟
من المعروف أن حزب العمال الكردستاني لديه قاعدة دعم تقليدية هناك، لكنها ليست كبيرة. في المقابل، فإن الجماعات القريبة من بارزاني كانت أكثر نفوذاً. لكن في مسار العام الماضي، ما أن أصبحت العلاقات مع تركيا متوترة، حتى اتخذت الإدارة السورية خطوات لتعزيز حزب العمال الكردستاني.
'يينانك': هذا يعني بأنه بعد إرسال قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى خارج البلد  (ملاحظتي: تم طرده بعد سلسلة تهديدات جدية بالغزو من قبل تركيا في العام 1998)، استمرت سوريا بإيواء باقي عناصر حزب العمال الكردستاني على أرضها، ولم تقم الحكومات التركية المختصة بالكثير حيال ذلك.
بالواقع لا. الوضع الحالي جديد تماماً. لكن لا شيء يأتي من فراغ في يوم واحد.
إن واقع تمتع حزب العمال الكردستاني بالنفوذ في أوساط الأكراد السوريين له صلة بالديناميكيات الداخلية لحزب العمال الكردستاني. وهذا أمر لم تشجعه سوريا حتى العام الماضي. لقد كان هناك مجموعات مختلفة ضمن الأكراد السوريين، وكان الحزب الديمقراطي الكردي، بالواقع، يتمتع بنفوذ أكبر في أوساط هذه المجموعات. وحيث أن تركيا كانت قلقة بشأن وجود الأكراد السوريين ضمن حزب العمال الكردستاني وكانت تعتقد بأن هذا الأمر كان كذلك لأنهم كانوا يعانون في سوريا، فرضت تركيا ضغطاً على سوريا لتحسين هذا الوضع. وعندما ذهب داوود أوغلو إلى سوريا في ربيع 2011، طلب إطلاق سراح الأكراد من السجون. لكن عندما أصبحت العلاقات متوترة مع تركيا، لم تتخذ سوريا خطوات لتحسين الأوضاع مع الأكراد فحسب، بل اتخذت خطوات أيضاً لتعزيز علاقتها بحزب العمال الكردستاني.
أما اليوم، فإن رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي أقرب إلى سوريا، في حين أن حكومة الإقليم الكردستاني تدافع عن حقوق الأكراد السوريين. لذا اتخذت سوريا خطوات ليس فقط كي تجعل تركيا تعاني من صداع، وإنما كي تضيِِّق منطقة نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني. وتم إطلاق سراح الأكراد القريبين من حزب العمال الكردستاني من السجون؛ وحصل 30000 كردي من المقربين من حزب العمال الكردستاني على الجنسية السورية. (هذا النوع من الأشياء لم يكن ليحصل في العام الماضي. وقد حاولت سوريا تحويل السيطرة على الأكراد من الحزب الديمقراطي الكردي باتجاه حزب العمال الكردستاني.
'يينانك': لكن ما جاء كمفاجأة كان بالحقيقة وضع البارزاني يده بيد حزب الاتحاد الديمقراطي.
 عندما تنظر إلى تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، يمكنك أن ترى رسائل قوية جداً ضد البرزاني. لكن ما يدهش أكثر هو واقع عدم إبلاغ البرزاني لأنقرة بأنه سيتخذ خطوة كهذه.
'يينانك': هل هذا يعني بأن البرازاني طعن تركيا من الخلف أو تخلى عنها؟
أنا لا استخدم تعابير من هذا النوع لأنها استخدمت في تركيا كجزء من الخطاب المعادي للأكراد. ربما يكون البرازاني اعتقد أن بإمكانه انجاز هذا الأمر. لكني أعتقد بأنه قام بحسابات خاطئة.
'يينانك': لقد حدث هذا عندما كانت العلاقات بين أنقرة والبارزاني على أفضل ما يكون.
هذا صحيح. لا أعلم لم أخذ البرزاني ذلك القرار. هل استشار طرف ثالث أم انه اتخذ القرار بمفرده؟ باعتقادي هو تصرف من تلقاء نفسه. وأعتقد بأن أنقرة منزعجة جداً من ذلك.
إن القضية الأهم بين الإدارة المركزية العراقية والبرزاني هي قضية النفط. لا يمكنني أن أصدق أن الاتفاقيات الأخيرة التي تمت مع شركة Chevron قد حصلت من دون ضمانة تركيا بجعل النفط يصل إلى الأسواق العالمية برغم اعتراض المالكي.
بالواقع، قد يكون البارزاني يفكر بتأسيس ممر للطاقة عبر اللاذقية ولذا فإنه يتجاوز تركيا. لكن هذا احتمال متدن جداً. هناك أيضاً العرب في الشمال وهم يدعمون الجيش السوري الحر الذي هو أقوى من حزب العمال الكردستاني. وإذا ما أفسح حزب الاتحاد الديمقراطي المجال لحزب العمال الكردستاني، فإن هذا قد يقود تركيا للقيام بعمليات عبر الحدود.
'يينانك': ما هي الأسباب الأخرى التي قد تكون قادت البارزاني للتصرف بهذا الشكل؟
يمكنني التكهن فقط. فبينما كان الحزب الديمقراطي الكردي يخسر الأرض في الشمال في الوقت الذي كانت فيه سوريا تدعم حزب العمال الكردستاني، فإنه قد يكون حاول استعادة الأرض بين الأكراد السوريين عبر اتفاقية أربيل ( التي بظلها كانت الحركات الكردية السورية المتشظية، بما فيها حزب الاتحاد الكردي، موحدة). قد يكون البرزاني اعتقد بأنه لا يستطيع القيام بذلك على حساب حزب العمال الكردستاني ولذا فإنه دخل بعلاقة مع جماعة تنتمي لحزب العمال الكردستاني بهدف السيطرة عليها وإدارتها في الوقت الذي يزيد فيه من شرعيته في أوساط الجماعات المقربة من حزب العمال الكردستاني. لكن هذا الأمر لا يشرعن الواقع وهو أنه قام بذلك من دون إبلاغ تركيا. هذا يظهر بأنه يعتقد بأنه قوي حقاً. لكني أعتقد بأنه سوف يراجع موقفه.
'يينانك': ماذا باعتقادك تركيا سوف تفعل الآن؟
أعتقد بأن قضية نقل موارد الطاقة إلى تركيا أمر سيكون موجوداً على الأجندة. هذه هي الورقة الرابحة الأهم بيد تركيا. فهي ستنقل، على الأقل، رسالة مفادها بأنه يمكن أن يكون هناك تحركات مضادة إزاء تلك الخطوات المتخذة أحادياً. لكني لا اعتقد بأن الأمور ستبلغ تلك المرحلة.
في كل الأحوال، سوف يُبلَّغ البرزاني بخصوص عواقب عدم الاستقرار في شمال سوريا. إن حالة عدم الاستقرار عبارة عن وضع يمكن فيه لأي شخص القيام بأي شيء. فإذا ما أصبح حزب العمال الكردستاني ناشطاً جداً هناك وبدأ بالإضرار بمصالح تركيا، فإن المجموعات السورية القريبة من تركيا يمكن أن تصبح متحركة هي أيضاً. وقد سبق للجيش السوري الحر أن صرَّح بأن بإمكانه مقاتلة حزب العمال الكردستاني حتى برغم الأولوية الموجودة لديه الآن وهي محاربة إدارة الأسد.
هذا الشعور المنذر بالخطر يتسلسل عبر الطيف السياسي. ويشير عبد الله بوزكورت أيضاً، الذي يكتب لصالح صحيفة ' غولنست تودايز زمان'، إلى ما يمكن، وما ينبغي، التكهن به بسهولة منذ البداية: ' تواجه تركيا حقل ألغام متفجر، هويات مذهبية شاملة'.
إن خطة لعبة الرهانات العالية بالنسبة لتركيا للسيطرة على التطورات السريعة الخطى في شمال سوريا باستخدام حكومة إقليم كردستان في العراق البلد المجاور كقوة بديلة من دون التورط مباشرة في سوريا ـ على الأقل في الوقت الحاضر ـ قد يكون سيفاً ذو حدين بالنسبة للأتراك.
قد تحرز أنقره تقدماً كبيراً ومعتبراً في معالجة مشكلتها الكردية، لكنها قد تواجه خسائر حقيقية بالفعل إذا ما تحولت الأمور إلى أمر آخر عدا ما يتم التفكير به بالأصل في العاصمة التركية. ورغم أن أنقرة قد اتخذت، بشكل طبيعي، بعض الاحتياطات لمنع أية نتائج غير مقصودة قد تعقد حربها ضد الإرهاب الكردي الذي يشنه حزب العمال الكردستاني والمنتمين له في الشرق الأوسط، فإن الأخبار الواردة من الأرض في سوريا لا تزال تعبر عن وجود مشاكل ومتاعب أكثر بالنسبة لأنقرة، ما يخلق القلق على امتداد تركيا...
'أخيراً وليس آخراً'، يخلص الكاتب إلى القول فيقول بأن ' على تركيا الانتباه للهواجس العالقة لدى الجمهور العربي الواسع بخصوص التعاون الوثيق لتركيا مع الأكراد في كل من سوريا والعراق على حساب العرب... حالياً، يواجه العرب ثلاث قوى غير عربية في المنطقة، والتي تشمل إسرائيل، تركيا وإيران. إنهم يعتبرون إيران عدواً لدوداً، برغم العدائية الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات، في حين أنهم يرحبون بالدور التركي مع بعض التحفظات. إن تأسيس منطقة كردية مستقلة ذاتياً وبقوة في سوريا إضافة إلى تلك الموجودة في العراق يرفع شبح خلق دولة كردية رابعة غير عربية في وسط العالم العربي. ومن وجهة النظر العربية، هذا الأمر غير مقبول ببساطة.
قد تكون تركيا مجبرة على إجراء تسوية مع حل أقل من المرغوب به في سوريا لحماية مصالحها الوطنية على الأمد الطويل في منطقة الشرق الأوسط الكبير.
أما ما هو الحل ' الأقل من المرغوب به'  الذي قد يكون ويقوم بطرحه الكاتب فأمر غير واضح. وكما أرى حتى الآن، فإن الطريقة الوحيدة لأنقرة كي توقف انطلاق قطار الشحن هذا الآن هو برمي الوزن الزائد خلف الأسد. ولأسباب واضحة وجلية لا يمكنها القيام بذلك؛ وحتى لو فعلت ذلك، فسيكون من الصعب ضمان نجاح الاستراتيجية، هذا في الحد الأدنى.
وسط هذه الجوقة من الفوضى، يظل يافوز بيدر، الذي يكتب لصالح ' تودايز زمان'، متفائلاً وبإصرار. لقد شجعه تفاؤل هنري ج. باركي، بحسب الظاهر، والذي هو ' بروفسور في العلاقات الدولية في جامعة Lehigh وخبير محترم جداً بالقضايا ذات الصلة بحزب العمال الكردستاني'.  أما الآن،  ولأسباب مختلفة لا تتحمل نقاشاً مكثفاً هنا ( يكفي أن أقول بأني مع غاريث جينكينز في المناظرة المناقشة في ذلك الرابط)، فإني على وشك الميل للإيمان بقدرات باركي بالتكهن الإقليمي  كإيماني بتكهنات 'الليدي غاغا'. لكني أشير إلى رؤى بيدر للتسجيل:
... وفي حين يبدأ آخرون من نسل ' الكمالية' بضخ مخاوف قديمة ومشاعر الكراهية لطموحات كردية بالحكم الذاتي، أظهرت تقارير صادرة عن نفس المنافذ فروقاً دقيقة لافتة في تقاريرهم على الأرض، بالتصريح بأن عدداً من الأكراد السوريين كانوا مستعدين بالفعل لمحاربة حزب العمال الكردستاني لو أنهم شاهدوا نية  بتأسيس منطقة محررة أو ' دويلة'.
إن السؤال الرئيس من الآن فصاعداً هو ماذا سيكون خيار حزب العمال الكردستاني، بما يتعلق بسوريا بالتحديد، وبـ' الصحوة' الكردية في السياق الإقليمي. لم أكن لأعبِّر بأفضل مما عبَّر أورهان ميروغلو، وهو مفكر كردي ذي معرفة واسعة بحزب العمال الكردستاني، والذي بالكاد نجا في التسعينات من ضربة  نظمتها ' أنقرة العميقة'، والذي عرض في صحيفة ' طرف' يوم أمس:
' تبدو الثورة السورية اختبارا سياسياً كبيراً بالنسبة لحزب العمال الكردستاني. ولأنها تمثل فرصة للأكراد والمجتمع الدولي كي يحكم على قدرته بتقاسم السلطة مع آخرين. ولدى حزب العمال الكردستاني خيارين: المخاطرة بمعارضة الأكراد السوريين، المجلس الوطني السوري والغرب، ومواصلة تشكيل منطقة حكم ذاتي – أو منطقة عازلة، الأمر الذي يساوي الانتحار السياسي. أو قد يختار أن يكون جزءاً من الثورة.
' تركيا وجنوب كردستان' ـ العراق ـ هما جيران الأكراد السوريين. ويدير حزب العمال الكردستاني نزاعاً مسلحاً ضد الأول ويعتبر الثاني بمثابة العدو الوحيد لوجوده... سيكون حزب العمال الكردستاني عاجزاً عن بناء منطقة خاصة بظل هيمنته ( جنوب كردستان). إن الخارطة الإثنية لسوريا وسوسيولوجيتها لن يسمحا بذلك... لا يمكن لحزب العمال الكردستاني أن يظل حزب العمال القديم، برغم الثورة السورية، لأنه هو أساساً في الثورة. فحتى لو لم يفعل شيئاً ليكون جزءا منها، وحتى لو كان قد تعاون سابقاً مع ديكتاتور، هو على وشك السقوط الآن، فإن هذا يعطي الفرصة للتغيير. قد تجدوا فكرتي سابقة لأوانها، وأنا سأتفهم ذلك، لكن دعوني أقول هذا: يحب على حزب العمال الكردستاني الإسراع بإجراء تسوية سلمية مع تركيا. لأن لديه أشياء سوف يخسرها، في سوريا من الآن فصاعداً، وهذا الواقع سيجبره على عدم شن حرب أخرى، وإنما السعي لحوار وتسوية.
أضف لذلك، دور الولاءات الدينية والمذهبية للأكراد السوريين والعراقيين أيضاً. لذا، إنها طريق طويلة وملتوية، لكن لا داعي للخوف.
بمعنى آخر، بيدر لا يرى سبباً للذعر لأنه كان من المحتمل دوماً أن يتوقف حزب العمال الكردستاني فجأة عن التصرف كما كان يتصرف دائماً. وبالنسبة لأولئك الغريبين عن حزب العمال الكردستاني، سأقول هذا فقط: إنها كليشيه العلاقات الدولية الإشارة إلى أن الفلسطينيين لا يفوتون أية فرصة ليفوتوا فرصة. وفي حالة حزب العمال الكردستاني هي ليست كليشيه أكثر مما هي بديهية.
لكن اليأس جريمة، وآمل بالتأكيد أن أكون على خطأ.

موقع الخدمات البحثية