مواد أخرى » ما الذي سيأتي بعد الأسد في سوريا؟

The Daily Beast  ـ 20 تموز، 2012

يعرض القتال والتفجيرات الجارية في دمشق إلى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدأ بالوصول إلى نهايته أخيراً. ويرجح أن تكون نهاية بشعة وخطيرة. قد يكون هناك ضرورة لوجود قوة حفظ سلام دولية هناك، وربما عاجلاً وليس آجلاً.
إن الحرب الأهلية العنيفة والوحشية الدائرة بين الموالين للأسد والمتمردين عملت على إشعال التوترات المذهبية المريرة في سوريا. فالعديد من السنة يكرهون الأقلية العلوية المهيمنة طويلاً على الحكم ويكرهون الداعمين لها من المسيحيين من قبل أن يبدأ الصراع في آذار 2011. فقبل كل شيء، لقد قتل حافظ الأسد، والد بشار، حوالي 20000 سني في حماه في شباط 1982. لقد كانت مذبحة  ضخمة ومروعة. وقد أرعب أرث حماه السوريين مدة 30 عاماً. وبعد المجازر العديدة المرتكبة في العام الماضي، أصبحت رغبة السنة بالانتقام أقوى فحسب.
إذن، وللمفارقة، فإن إحدى أولويات المجتمع الدولي بعد سقوط الأسد هي حماية الأقلية العلوية وحلفائها من أعمال الانتقام. ومعظم هذه الأقليات تعيش على طول الساحل الجبلي الذي يحد البحر المتوسط.، وقد يحاول هؤلاء تأسيس دولة مصغرة هناك، قلعة علوية لحماية أنفسهم. وهذا سوف يعني حرباً أهلية مطولة فحسب. إن قوة حفظ سلام لحماية المنطقة أمر منطقي. وبما أن كثيراً من العلويين ومعظم المسيحيين يعيشون خارج المنطقة الساحلية، فإن بعض الوسائل لضمان أمنهم ستكون ضرورية أيضاً في باقي البلاد.وهذه الوسائل بحاجة لأن تكون قوية كفاية لردع عمليات الثأر، إنما ذات مصداقية وغير متحيزة وموضوعية كفاية لكسب الدعم السني.
يقبع بشار أيضاً على ترسانة من أشد أسلحة الدمار الشامل فتكاً في العالم العربي، مئات من الرؤوس الكيميائية والعشرات من صواريخ السكود التي بإمكانها إطلاق تلك الرؤوس إلى أي مكان في الشرق. وهناك الآن تقارير تقول بأن النظام يقوم بنقل هذه الأسلحة إلى خارج مواقع تخزينها المعتادة لأسباب غير معروفة.هناك حاجة لضمان أمن هذه الأسلحة.
basharalassad2012_250وكأي شيء تقريباً في سوريا بشار الأسد، تعتبر ترسانة الصواريخ والأسلحة الكيميائية ميراث والده له. فقد هُزمت سوريا على يد إسرائيل في لبنان عام 1982، وأمر حافظ الأسد بتطوير الأسلحة الكيميائية كوسيلة ردع ضد عدوته إسرائيل.وطور العلماء السوريون برنامج أسلحة كيميائية فعال باستخدام غاز الأعصاب سيرين، وهي مادة اكتشفها علماء ألمان في الثلاثينات وتعتبر أكثر سمية من سم السيانيد بـ 500 مرة. وقد قرنت سوريا غاز الأعصاب مع صواريخ السكود التي حصلت عليها من الإتحاد السوفياتي في منتصف الثمانينات.
هل سيستخدم بشار الأسلحة الكيميائية ضد شعبه؟ لا يمكننا استثناء هذا الأمر في الوقت الذي ينهار فيه النظام. إن استخدام هذه الأسلحة ضد الأكثرية السنية في البلد سوف يستعدي العالم كله ويضع بشار والمقربين منه أمام المحاكم الجنائية أكثر حتى. وسيعني هذا عمليات ثأر مريعة من قبل السنة عاجلاً أو آجلاً. عل سيطلق بعض صواريخ السكود كعمل انتقامي أخير ضد الدولة اليهودية؟ لا يمكننا استثناء هذا الأمر أيضاً.
إن واقع امتلاك سوريا للترسانة الكيميائية والصاروخية معروف جيداً لحكومات الناتو وإسرائيل. ليس هناك من سبب ألا تشجع الدعم لإنهاء ديكتاتورية الأسد. انه يناقش بخصوص الحذر والانتباه لكيفية القيام بذلك. إن أية عملية عسكرية لإنهاء الحرب السورية أو حفظ السلام بع انهيار الأسد بحاجة للتحضير كي تعمل في بيئة كيميائية مميتة.
إن نهاية اللعبة في سوريا تعتبر خبراً سيئاً ، تحديداً بالنسبة لإيران وحليفها اللبناني حزب الله. لقد كانت سوريا حليف إيران الأساسي منذ أوائل الثمانينات، عندما تعاونت الدولتان على إنشاء حزب الله بعد غزو إسرائيل للبنان في حزيران 1982. وكان  أول عمل إرهابي لها هو قتل رئيسي بوب آيمس وعدد من ضباط الـ CIA الآخرين عن طريق تفجير السفارة الأميركية في بيروت. لقد كانت سوريا المصدر الرئيس لصواريخ حزب الله منذ حرب 'إسرائيل' ـ لبنان 2006 (المقدرة الآن بأكثر من 50000 صاروخ).  بشار هو الداعم المتحمس لحزب الله، وهناك فرصة جيدة أنه سيحاول تسليمه بعضاً من ترسانته الكيميائية الآن على الأقل.
ما سيأتي بعد الأسد أمر لا يمكن معرفته اليوم. إذ يمكن أن تكون الفوضى كالحرب الأهلية اللبنانية في السبعينات. قد يرز ديكتاتور عسكري سني. كما أن الإخوان المسلمين الذين قادوا ثورة حماه في العام 1982  ويلعبون دوراً كبيراً في التمرد الحالي قد يهيمنون على الحكم. ومن المرجح تقريباً أن أي نظام ممكن سيخلف الأسد أن يكون معادياً لحزب الله وإيران. وستجد سوريا العدائية الكثير من الحلفاء في لبنان المتحمسون للانقلاب على حزب الله.
حزب الله قد يكون يتحضر أساساً لعالم ما بعد الأسد. وقد ألقى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق أوزي آراد باللائمة على حزب الله بسبب التفجير المميت في بلغاريا الذي أدى إلى مقتل سياح إسرائيليين هذا الأسبوع. ويعتقد آراد بأن العملية كانت انتقاماً لاغتيال إسرائيل لسيد الإرهاب في حزب الله عماد مغنية في دمشق في شباط 2008. وقد تكون العملية مجهوداً من قبل  حزب الله لإعادة تركيز اهتمام العرب على إسرائيل بعيداً عن نهاية اللعبة السورية. هذا الأمر يمكن أن يكون خطيراً جداً. ويبدو ب؟أن الموساد الإسرائيلي قد فشل في احباط مؤامرة أخرى في قبرص في 7 تموز لمهاجمة السياح هناك. من المبكر جداً التوصل لأحكام حول هذه الهجمات – هناك دليل آخر يشير إلى القاعدة، التي هاجمت سياحاً إسرائيليين من قبل في كينيا- لكنه يعرض إلى أن صيفاً حاراً جداً في الشرق الأوسط سوف يصبح حاراً أكثر.
إن أي مجهود دولي لإدخال قوة سلام إلى سوريا ستكون بحاجة إلى مساعدة وقواعد تركية. يمكن للأردن لعب دور داعم وهام لكن تركيا هي الأساس.هذا هو الدرس أو  لعبة الحرب الأخيرة بخصوص سوريا التي أخذت مجراها في معهد بروكينغز. إن الجغرافيا وحدها تجعل من دور تركيا دوراً حاسماً، لكن أيضاً أوراق اعتمادها كدولة إسلامية معتدلة وعضو في الناتو. ينبغي لقوة حفظ السلام أن تكون، أولاً إنما ليس حصرياً، ذات تركيبة إسلامية. وينبغي للسعودية، الإمارات العربية المتحدة وقطر أن يدفعوا لها. وإذا ما رفضت الصين وروسيا دعم الموضوع في الأمم المتحدة، عندها يجب أن تكون الجامعة العربية هي الراعي لهذه القوة.
كان الرئيس أوباما حذراً في الرد على الحرب الأهلية السورية على مدى الـ 18 شهراً الأخيرة. يمكننا أن نكون أكيدين من أن التخطيط الطارئ والمكثف والمشاورات مع الحلفاء كانت جارية لأجل المراحل التالية من الأزمة. والآن سنرى كيف سيدير أوباما تحدياً بشعاً وخطيراً في أكثر الأماكن تفجراً في العالم.   

موقع الخدمات البحثية