مواد أخرى » القتال الصعب: إسرائيل في لبنان وغزة

دايفيد إ. جونسون ـ ARROYO CENTER and PROJECT AIR FORCE - RAND
موجز
قبل بدء حربيْ أفغانستان ( 2001- حتى اليوم) والعراق ( 2003- حتى اليوم)، كان الجيش الأميركي مصمَّماً، وإلى حد كبير، للقيام بعمليات قتالية كبرى ضد فاعلين حكوميين. وقد أجرى الجيش، على مدى السنوات الماضية، تغييرات هامة في تدريبه وتنظيمه، ونمط تجهيزاته للتكيف مع تهديدات غير حكومية وغير نظامية في هذين المسرحين. في كل الأحوال، كان على الأعداء الذين واجههم الجيش الأميركي في هاتين الحربين توظيف أسلحة مواجهة فعالة، كمنظومات دفاع جوي قابلة للحمل ( MANPADS) والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ( ATGMs)، بأعداد كبيرة كافية لتغيير كيفية عمل القوات الأميركية. إن إدخال هذه الأسلحة، إذا ما حدث،  يمكن أن يكثف التحديات التي تواجهها القوات الأميركية. فكل ما تحتاجه طالبان لتصبح عدواً أكثر فتكاً هو دولة تزودها بأسلحة مواجهة فعالة وتدريبها على استخدامها.

مع تركيزها الحالي والحصري ( والمفهوم ) تقريباً على الحرب اللا نظامية، قد تكون القوات الأميركية المشتركة، تحديداً الجيش الأميركي ، تقترب من وضع مشابه لذاك الذي كان لدى الإسرائيليين في حرب لبنان الثانية ( 2006)، عندما وجد جيش الدفاع الإسرائيلي نفسه في &qascii117ot; حرب هجينة&qascii117ot; غير متوقعة (عرَّفها فرانك هوفمان بأنها &qascii117ot; خليط من صراع الدولة الفتاك مع حماسة  حرب لا نظامية متعصبة مطولة). ولفهم اتساع قدرات العدو الذي ينبغي للقوات العسكرية الأميركية أن تكون جاهزة لمواجهته، طلب سلاح الجو الأميركي والجيش الأميركي من مؤسسة RAND درس التجارب الأخيرة لجيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان وغزة لتحديد العبر والدروس المستقاة منها  والتي ينبغي للجيش الأميركي تعلمها من تلك الصراعات.

اشتمل البحث على مراجعة أدبية ومقابلات مع ضباط أميركيين وإسرائيليين؛ وموظفين مدنيين إسرائيليين وأميركيين في قطاع الأمن الوطني؛ وأكاديميين إسرائيليين وأميركيين ومحللين دفاعيين؛  وملحقين عسكريين أميركيين في السفارة الأميركية في تل أبيب؛ وأفراد في بيروت؛ وصحافيين أميركيين وإسرائيليين. وقد قام المؤلف أيضاً بتقييم ترجمات مصادر ثانوية منشورة بالعبرية والعربية. كان لتقرير  لجنة فينوغراد الأخير( تيمناً باسم إلياهو فينوغراد، رئيس لجنة درس أحداث حرب 2006 في لبنان) أهمية محددة. أخيراً، نشير إلى أن بعض أقسام هذه الدراسة مستمد بشكل كبير من ورقة سابقة حول الموضوع نشرت من قبل المؤلف في العام 2010.

تقييم إسرائيل الاستراتيجي: نهاية حرب كبرى؟

قبيل حرب لبنان الثانية، هناك ثلاثة أحداث حديثة نسبياً أثرت على التوقعات الإسرائيلية بخصوص مستقبل الحرب:

* كشفت الحرب في كوسوفو ( 1999) والعمليات الأميركية المبدئية في أفغانستان ( 2001- حتى اليوم) والعراق ( 2003 ـ حتى اليوم) عن انعكاسات الثورة في الشؤون العسكرية، تحديداً في مجالات الاستخبارات، والرصد، والاستطلاع ( ISR) والضربة الدقيقة. هذه الانعكاسات عززت اعتقاداً في أوساط البعض في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية بأن هجوم المواجهة ( بسلاح الجو أساساً ) كان وسيلة فعالة بالتأثير على إرادة العدو وتحديد نتائج الصراع. وبدا أن هجوم المواجهة يعد بعدد أدنى من الضحايا والإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي ( اعتبار سياسي محلي كبير)، وبأضرار متلازمة أقل ( اعتبار أساسي لإدارة الرأي العام الإقليمي والدولي)، وتوفير الكلفة.

* أجبرت بداية انتفاضة الأقصى الثانية ( 2000-2006)  الجيش الإسرائيلي على التركيز على عمليات مصمَّمة لوقف الهجمات الإرهابية داخل إسرائيل. وتطورت ذهنية صراع منخفض الشدة LIC)). علاوة على ذلك، قلصت قضايا الميزانية الهامة تدريب قوات الدفاع الإسرائيلية.

* شجع الوجود الأميركي المستمر في العراق وانتهاء العمليات القتالية الكبرى هناك، المقترنان مع مستوى التهديد المنخفض الذي تشكله دول الجوار لإسرائيل ( ما عدا سوريا) الإسرائيليين على الاعتقاد بأن حقبة الحروب الكبرى قد مرت، بالنسبة لهم، وبأن دور القوات البرية هو تنفيذ حرب لا نظامية منخفضة الشدة.

هذه الرؤى هي التي شكلت، وبشكل أساسي وجوهري، الذهنية الموجودة لدى القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وهذا مفهوم. فقد تم اقتطاع الإنفاق الدفاعي، وتجاهل تدريبات الوحدات المدرعة (المعتبرة، والى حد كبير، غير ذات صلة بالصراع المنخفض الشدة) وتم حذف العمليات البرية من ألوية الجيش، ولم يكن هناك سوى تدريبات قليلة في مجال الدمج البري ـ الجوي. لقد ركزت قوات الدفاع الإسرائيلية، وتحديداً الجيش الإسرائيلي الناشط، على وقف الهجمات الإرهابية. بالواقع، كان جيش الدفاع ناجحاً جداً في قمع انتفاضة الأقصى الثانية وتخفيض عدد الإصابات والضحايا في صفوف الإسرائيليين، بشكل دراماتيكي. في كل الأحوال، لقد انتهى التركيز الحصري تقريباً للجيش الإسرائيلي على الصراع المنخفض الشدة ( LIC) بجيش كان عاجزاً، عموماً، عن تنفيذ عمليات ISR  برية- جوية مرتبطة بحرب كبرى. ولسوء حظ الإسرائيليين، برهنت حرب لبنان الثانية ( 2006) عن أن اتخاذ موقف دفاعي من قبل قوة هجينة مسلحة بقوة مواجهة نارية (على سبيل المثال، ATGMs، قذائف المورتر، MANPADS، الصواريخ) يتطلب قوات منظمة ومدربة على تكتيكات المناورات والأسلحة النارية المندمجة، مهما كان مستوى الحجم المنخفض لتلك القوة الهجينة المختلطة.

حرب لبنان الثانية: جرس إنذار
منذ بداياته في أوائل الثمانينات، قام حزب الله بغارات وهجمات انتحارية ضد جنود الجيش الإسرائيلي وضد أهداف أخرى في لبنان للتخلص من النفوذ &qascii117ot; الاستعماري&qascii117ot; في لبنان وتأسيس نظام إسلامي. وفي 12 تموز، 2006، كمن عملاء لحزب الله لآليتين عسكريتين متعددتي الأغراض  ذات قدرة عالية على التحرك تابعتين للجيش الإسرائيلي (من نوع  HMMWVs) كانتا تقومان بدورية روتينية على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، وأخذوا جنديين رهينتين. هذا العمل أدى إلى أول عملية عسكرية إسرائيلية في لبنان منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي في العام 2000.

يوفر جنوب لبنان مكاسب لا جدال فيها بالنسبة للمدافع: إن أرضه المعقدة تجبر الآليات العسكرية، تكراراً، على البقاء على الطرقات، ما يزيد بذلك من فرص التعرض لكمائن وهجمات العبوات الناسفة (IEDs) والألغام. وقد أثبت حزب الله أيضاً أنه عدو مريع ومخيف بشكل لا يمكن توقعه. وخلال السنوات الممتدة حتى حرب لبنان الثانية، تلقت قوات حزب الله تدريبات مكثفة في لبنان، وسوريا، وإيران وتعلمت كيفية المزج بين تكتيكات حرب العصابات والتكتيكات العسكرية والأسلحة  وخلق مفهوم إبداعي مبتكر للدفاع عن جنوب لبنان ضد الغزو الإسرائيلي. وقد نظم حزب الله وحدات عسكرية للقيام بعمليات غير مركزية، وبنى خنادق محصنة جيداً عبر جنوب لبنان، كما قام بتخزين الإمدادات، وسلح نفسه بأسلحة مواجهة فعالة ( بما في ذلك أسلحة ATGMs، القذائف الصاروخية، قذائف المورتر، أسلحة الـ MANPADS، وتشكيلة واسعة من الصواريخ والقذائف).

توقع جيش الدفاع الإسرائيلي بدايةً تحقيق أهدافه ـ جعل  لبنان يسيطر على حزب الله وضمان عودة الجندييْن المخطوفيْن ـ من خلال  الضربات الجوية والمدفعية، الى حد كبير، ومن خلال الغارات البرية المحدودة. كان قادة إسرائيل السياسيون والعسكريون ضد فكرة نشر قوات برية كبيرة واستدعاء قوات الاحتياط،  لكن الأمر انتهى بقيامهم بذلك وذلك فقط عندما لم تؤد نيران المواجهة للجيش الإسرائيلي مهامها بنجاح.  في كل الأحوال،  لم يكن لدى جيش الدفاع الإسرائيلي خطة تنفيذية مقبولة،  وكانت الحرب البرية مرتجلة. وكونها كانت خاضعة لشروط الصراع المنخفض الشدة، واجهت القوات البرية الإسرائيلية صعوبات حقيقية عندما واجهت حزب الله، ودفعت ثمناً قاسياً وباهظاً في سقوط إصابات في صفوفها بسبب افتقار هذه القوات إلى التحضير والاستعداد لعدو هجين مختلط. وبعد 34 يوماً، سرى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الحرب شكلت معضلة شديدة بالنسبة لإسرائيل. هذا التقييم منعكس في تقرير لجنة فينوغراد التي كانت مهمتها درس مسألة الحرب.

برغم القتال الشجاع والعنيد من قبل الكثيرين في قوات الدفاع الإسرائيلية، والقوات النظامية والاحتياط على السواء، فشلت القوات الإسرائيلية ككل، والجيش الإسرائيلي تحديداً ( في مقابل سلاح الجو، وسلاح البحرية) بتحقيق عدد من مهماته. فبرغم نوعه وكمه المهميْن، لم يخفق جيش الدفاع الإسرائيلي بالتغلب على حزب الله فحسب وإنما فشل أيضاً بمنعه من إطلاق الصواريخ على الداخل الإسرائيلي، الأمر الذي استمر حتى آخر يوم من الحرب. علاوة على ذلك، قُتل حوالي 120 من قوات جيش الدفاع ( وجُرح أكثر من 1000 جندي) في الحرب، إضافة إلى مقتل 37 مدنياً إسرائيلياً (غالبيتهم بهجمات صاروخية).

أما خسائر حزب الله والمدنيين اللبنانيين فكانت مرتفعة أيضاً: تعرض التقديرات مقتل ما بين 250-800 من قوات حزب الله وما بين 900 ـــ 1100 مدني لبناني. مع ذلك، كان حزب الله قادراً على إدعاء النصر، فقط بسبب تمكنه من النجاة وإظهار قدرته على الاستمرار بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. أما سمعة جيش الدفاع كجيش لا يقهر ـ سمعة  تعود أساساً إلى قدرته على ردع الأعداء المحتملين ـ فقد تلطخت بشدة.

عملية الرصاص المصبوب: العودة إلى الأسس
في أعقاب حرب لبنان الثانية، &qascii117ot; عادت قوات الدفاع الإسرائيلية إلى الأسس&qascii117ot;، راسمة خطة دفاع جديدة شددت على دعم القوات البرية وتدريبها على مهارات صراع عالي الشدة (HIC)، تحديداً ما يتعلق بتكتيكات الجمع بين الأسلحة المنوعة وإطلاق النار والمناورة . فقبل حرب لبنان الثانية، كان 75 بالمئة من تدريبات قوات الدفاع الإسرائيلية تتعلق بالصراع المنخفض الشدة (LIC)، و25 بالمئة بالصراع العالي الشدة (HIC). بعد الحرب، قرر جيش الدفاع الإسرائيلي  تكريس 80 بالمئة من التدريبات للتدرب على الجمع ما بين الأسلحة العالية الكثافة. ففي القوات النظامية ، تمت مضاعفة زمن التدريبات، كما وضعت التدريبات الحية ضمن برامج التدريب لفرق الألوية القتالية. بدأت قوات الدفاع إضافة آليات قتالية ثقيلة مدرعة للمشاة (Namers) ودبابات إضافية (ميركافا من الجيل الرابع)، واستأنفت تدريبات للقوات المدرعة والاحتياطية. كما زاد الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو الإسرائيلي، وبشكل لافت، تعاونهما المتبادل في المجالات التالية: الإستطلاع (ISR)، دمج الطائرات من دون طيار مع الدعم الجوي القريب. كما أعاد سلاح الجو الإسرائيلي قدرات التحكم الجوي التكتيكي إلى ألوية الجيش الإسرائيلي وعمل بشكل وثيق مع الجيش الإسرائيلي لتحسين العمليات الجوية ـ البرية.

عندما مضى جيش الدفاع الإسرائيلي إلى قطاع غزة في كانون أول 2008، كان مستعداً بشكل أفضل ولافت لمحاربة عدو هجين آخر: حماس. وكانت حماس منخرطة في دعم نفسها في المجال العسكري الهجومي منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة في العام 2005، حيث زادت من قوتها ليصل عديد عملائها لأكثر من 10000، وحسنت من قدراتها في مجال التحكم والقيادة (C2)، وطورت شبكة ممتدة من الأنفاق لاستخدامها كتحصينات وأفخاخ،  واشترت أسلحة مواجهة ( بما في ذلك صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، أسلحة ATGMs، وعدد صغير من أسلحة MANPADS).

زادت حماس من عدد الهجمات الصاروخية وكذلك المورتر التي أطلقتها من غزة على إسرائيل، تحديداً بعدما كسبت السيطرة على الأرض في غزة. وفي 4 تشرين الثاني، 2008، أطلقت قوات الدفاع الإسرائيلية &qascii117ot; عملية  التحدي المزدوج&qascii117ot; ضد أنفاق حماس. بعد ذلك، زادت حماس هجماتها ، فأطلقت أكثر من 700 صاروخ  وقذيفة مورتر، بما في ذلك عدد من صواريخ &qascii117ot;الغراد&qascii117ot; الأطول مدى، إلى داخل إسرائيل.  رداً على ذلك، خططت إسرائيل لحملة عسكرية تضم قوتها العسكرية التقليدية: الجوية، البرية، البحرية، الاستخباراتية، والاحتياط. وفي 27 كانون أول، 2008، بدأت قوات الدفاع الإسرائيلية عملية &qascii117ot; الرصاص المصبوب&qascii117ot; بهجوم جوي هائل على حماس. وعلى خلاف حرب لبنان الثانية، تضمنت عملية الرصاص المصبوب، ومنذ البداية، خططاً  لعملية برية وتحريك ونقل قوات الاحتياط. وقد مهدت الضربات الجوية والمدفعية الطريق أمام جيش الدفاع الإسرائيلي لمناورة برية من قبل فرق الألوية القتالية، لضرب  مواقع لحماس وتفجير الألغام  والعبوات الناسفة. واستخدم  مهندسو جيش الدفاع بلدوزرات D-9 لتطهير الممرات والطرق من خلال العبوات الناسفة المتبقية. وتشكلت الوحدات المدرعة من دبابات وكانت حاملات الجند المدرعة عنصراً أساسياً أيضاً في العمليات، حيث إنها وفرت قوة نارية متحركة ودقيقة وكانت مرعبة للعدو .

فاجأت القوة النارية لجيش الدفاع الإسرائيلي التي سبقت الهجوم البري والسرعة التي تمت بها تنفيذ المناورة حماس، وأخرجتهم، عموماً، من مواقعهم المحضرة مسبقاً والمنظمة جيداً إلى مواقع مرتجلة. ورغم أن جيش الدفاع لم يفرض وقفاً تاماً لإطلاق الصواريخ من خارج غزة إلى داخل إسرائي، لكنه كان قادراً على تخفيض عددها. وحتى مع الأخذ بالاعتبار أن الأرض في غزة  كانت مؤاتية لعمليات قوات الدفاع  أكثر من الأرض في جنوب لبنان، وأن حماس لم تكن بالعدو المريع والمخيف كحزب الله، فإن إسرائيل برهنت، وبنجاح، عن كفاءتها وأهليتها المتجددة في العمليات الجوية ـ البرية ـ برهاناً أساسياً لاستعادة ردعها العسكري.

وسط سلسلة العمليات العسكرية
أظهرت حرب لبنان الثانية أن قوات الدفاع الإسرائيلية كان لديها ثغرة في القدرات في "الوسط".  وكما يظهر في الرسم S.1 ، هناك مكونات للكفاءة العسكرية من ثلاثة مستويات. كل مستوى منها  يفرض متطلبات مختلفة على القوات العسكرية المصممة لمواجهة أولئك الأعداء.

بإمكان الفاعلين غير الحكوميين المؤهلين، وهذا هام، الانتقال بسهولة من الطرف المتدني ( اللا حكومي اللا نظامي) إلى الوسط ( الهجين اللا حكومي). كل ما يحتاجونه هو دولة راعية توفر السلاح والتدريب للقوات غير النظامية. فالولايات المتحدة نفسها عملت على التمكين على هكذا انتقال في أفغانستان في الثمانينات عندما قدمت للمجاهدين التدريب وقدرات مواجهة فعالة ( بما في ذلك صواريخ ستينغر)، وساعدتهم على التطور من قوة غير نظامية إلى عدو هجين ـ هذا الرفع للمستوى أجبر السوفيات على تغيير تكتيكاتـهم وعملياتهم وإستراتيجيتهم في أفغانستان. بالتالي،  إن الاعتبار الإستراتيجي الهام هو كيفية ردع فاعلين حكوميين عن توفير قدرات لفاعلين غير نظاميين، وبذلك يتم منع هؤلاء من أن يصبحوا فاعلين مهجنين.

إن القدرات العسكرية  الضرورية للتعامل مع أعداء هجينين هي مشابهة لتلك التي نشرتها قوات الدفاع الإسرائيلية خلال عملية "الرصاص المصبوب" وخلال الضربات الجوية المبدئية في حرب لبنان الثانية. الجدول S.1 يوجز أدوار القوة القوية الجوية والقوة البرية في التعامل مع ثلاثة مستويات واسعة من الصراع.

 


الرسم S.1

الجدول  S.1
القوة الجوية والبرية عبر مستويات قدرات العدو
­­­­­دور القوة الجوية
الحرب اللا نظامية
حرب هجينة برعاية دولة
الردع/ عمليات قتالية كبرى
الإستطلاع  جوي  وسلاح الإشارة حاسمان لأن العدو لا يتجمع .هذه القدرات حاسمة للعثور على أهداف ذات قيمة عالية ومهاجمتها.
الاستطلاع الجوي وسلاح الإشارة مرتبطان بإحكام بالضربة الدقيقة.
الاستطلاع الجوي وسلاح الإشارة مرتبطان، وبإحكام بالضربات الدقيقة
القوة الجوية حاسمة للإمدادات والإخلاء
القوة الجوية حاسمة في مواقع الضرب العميقة للعدو والأهداف ذات القيمة العالية.
القوة الجوية حاسمة لتحقيق الردع من خلال الامتداد العالمي والقدرة على الضرب.
تستخدم القوة الجوية غالباً في الدعم الجوي ـ والبري الموجه والقريب وفق قواعد اشتباك محكمة، إنها أساسية لحماية القوة في الظروف القصوى.
قواعد الاشتباك المحكمة مطلوبة للضربات المركزية وللدعم الجوي  الدقيق.
الحركة الجوية الاستراتيجية والتشغيلية وناقلات النفط هي قدرات حاسمة
تستخدم القوة الجوية لقمع منظومات أسلحة العدو لدعم (تكملة) المناورة البرية
قد يوجد تنافس على التفوق الجوي والفضائي على كل المستويات
القوة الجوية تعقد قدرة العدو على التجمع ليعزز وضعه
القوة الجوية تمنع المناورات البرية الواسعة النطاق للعدو
التفوق الجوي متنازع عليه تحت علو 3000 قدم. أما فوق هذا الارتفاع فالقوة الجوية منيعة بشكل رئيس.
قد يكون التفوق الجوي متنازعاً عليه تحت ارتفاع 20000 قدم
قد يتم التنازع على القواعد الجوية
قد تحدث العمليات في بيئة نووية، بيولوجية أو كيميائية
­­­­­دور القوة البرية
الحرب اللا نظامية
حرب هجينة برعاية دولة
الردع/ عمليات قتالية كبرى
تركز القوة البرية على ترسيخ الأمن، الحصول على المعلومات الاستخبارية البشرية وتدريب قوى أهلية.
القوة البرية حاسمة لإكراه العدو على رد فعل ولكشف أماكن الذخيرة المخبأة.
انتشار الجنود إشارة أساسية للإلتزام الوطني
إن عمليات الأسلحة المشتركة أساسية للنجاح (الجمع بين الأسلحة).
عمليات الأسلحة المشتركة أساسية للنجاح
تركز المناورة على التطهير، الامساك بالأرض، والبناء.
القوة البرية تختتم قوى العدو
قوات المناورات البرية  تجبر العدو على رد فعل عملاني.
العمليات المتناثرة والمتفرقة تزيد
من صعوبة حماية القوات
القوة البرية تقوم بعمليات غير مركزية
ضد الأعداء المنتشرين
تشتبك القوة البرية مع وحدات برية
تجنب الهجمات الجوية والنيران
غير المباشرة.
إن عمليات MCO العالية الشدة ممكنة
على مستوى الألوية وما تحت
القوة البرية حاسمة لاستغلال
الخيارات التشغيلية ومطاردة قوات العدو
قواعد الاشتباك المحكمة تتطلب
تعريفاً وتحديداً دقيقاً جداً للهدف
خطوط الاتصالات قد تكون عرضة للاستهداف
تتعامل القوة البرية مع تهديدات هجينة
أو لا نظامية.
القوة البرية حاسمة لتثبيت أمن واستقرار ما بعد MCO.
قد يتم التصارع والتنافس على المراكز
العسكرية المحصنة ومراكز انطلاق
الآليات.
قد تحدث العمليات في بيئة نووية،
أو كيميائية.
مستوى الدمج الجوي ـ البري
العلميات برية مركزياً لكنها معتمدة بشدة على  القوة الجوية
تتطلب العلميات الموازنة تنسيقاً أكثر إحكاماً وتدريباً إضافة الى بروفات مكثفة
تحكم القوة الجوية مركزي بقوة
من الأفضل دمج وحدات
تحكم  C2ISR والتكتيكات
المشتركة عند مستويات
أدنى للدعم المباشر.
يضمن الدمج استجابة عالية للوحدات
البرية والدمج عند مستوى أدنى من
مسرح الحرب.
القمع المدمج لدفاعات العدو الجوية
أمر أساسي.
تعتمد علاقات الدعم المدعومة على العملية؛
القائد الجوي أو البري الذي قد يقود العمليات.
يمكن للقيادة أن تتغير خلال العملية.

 


مستوى الأعداء ومستوى قدراتهم العسكرية المرتبطة ، مع أمثلة
 

دروس وتوصيات
العبرة الأخيرة من التجارب الإسرائيلية في لبنان وغزة هي هذه: إن قدرات العدو ستحدد، إلى حد كبير، الحرب التي سيكون على الدولة خوضها. إن حتمية القيام بعمليات منخفضة الشدة ممتدة في العراق وأفغانستان بقوات برية محدودة تتطلب من الولايات المتحدة اتخاذ خيارات حول التركيز على

 

التدريب والتحضيرات القتالية التي قلصت جهوزية القوات العسكرية الأميركية ومن فرص الانتصار على عدو هجين. إن المهارات والعمليات المطلوبة، تحديداً، عمليات الاستطلاع ( ISR) البرية- الجوية بحاجة للتقييم والتعزيز. ولبلوغ تلك الغاية، تسلط هذه الدراسة على الانعكاسات الأساسية التالية من التجارب الإسرائيلية في لبنان وغزة:

* برغم مستوى الصراع الأصغر حجماً، يشكل أعداء هجينون كحزب الله وحماس تحدياً مشابهاً بنوعيته لذاك الذي تشكله عمليات قتالية كبرى بسبب تدريبهم، انضباطهم، تنظيمهم، التحكم والقيادة، وأسلحة المواجهة الفعالة ( مثال على ذلك،  ATGMs، MANPADS ، صواريخ  أرض- أرض) الموجودة لديهم. هذه القدرات هي "مغيرات للعبة ": أعداء لا نظاميين بحيث إن من يحقق هذه الشروط ويحصل عليها بإمكانه التصعيد من شدة ومستوى الصراع، وتتطلب هزيمة هؤلاء الأعداء مهارات مختلفة عن تلك المستخدمة في عمليات مكافحة التمرد. بعد سنوات من التركيز على عمليات الصراع المنخفض الشدة ( LIC) في غزة والضفة الغربية، لم تكن قوات الدفاع الإسرائيلية ( الجيش الإسرائيلي تحديداً) مستعدة للتحديات التي يشكلها حزب الله. ويواجه الجيش الأميركي قضايا مشابهة بعد سنوات من التركيز على الحرب اللا نظامية في أفغانستان والعراق.

* ليس هناك حلول الخدمة الواحدة للتحديات التي يشكلها أعداء هجينون. لقد ظهرت التغييرات التدريبية، والتنظيمية، والعقائدية الإسرائيلية التي جرت بعد حرب لبنان الثانية، وتحديداً التغييرات في مجال دمج  الاستطلاع( ISR ) البري- الجوي، في عملية "الرصاص المصبوب"التي قامت بها قوات الدفاع الإسرائيلية. وقد يكون هناك ضرورة لإجراء تغييرات مشابهة عبر سلسلة العقيدة، التنظيم، التدريب، الأدوات، القيادة والتعليم، الموظفين، والمرافق (DOTMLPF) لتحضير القوات المشتركة الأميركية لمواجهة أعداء هجينين.

* كانت أسلحة المواجهة الدقيقة حاسمة - لكن ليست كافية-  للتغلب على أعداء هجينين في لبنان وغزة، تحديداً عندما كان أعداء إسرائيل يعملون وسط السكان. وبالتالي، وكما أدركت قوات الدفاع الإسرائيلية، كانت عمليات الأسلحة المشتركة ( الجمع بين الأسلحة) حاسمة في العثور على الأعداء الهجينين، تولي أمرهم، وأسرهم أو قتلهم والذين كانوا منتشرين ومخفيين في أرض معقدة التضاريس. علاوة على ذلك، وبسبب الطبيعة الخاطفة للعدو، كانت ألوية القوات البرية، بدلاً من المستويات الأعلى، موضع صنع القرار التكتيكي المركزي ونشاط الأسلحة المشتركة في غزة.

* يصبح الأعداء الهجينون ( حماس مثلاً) أكثر وضوحاً للعيان عندما يسيطرون ويتحركون داخل المباني الحكومية؛ هذا يجعلهم أكثر عرضة لضربة دقيقة ضدهم. وبشكل مماثل، من الأسهل العثور على الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى وتدميرها بسبب حجمها وما تتطلبه لإطلاقها من مواقع مفتوحة نسبياً. بالتالي، كان سلاح الجو الإسرائيلي ناجحاً جداً في العثور على الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى وتدميرها وفي مهاجمة أهداف البنى التحتية. هذه قدرة فريدة تمنحها القوة الجوية، وهي هامة، تحديداً، في استباق استخدام صواريخ أكثر قدرة. إضافة لذلك، فقط الطائرات الثابتة الجناحين كانت قادرة على إطلاق الذخائر الدقيقة ذات الحمولة الضرورية لتدمير أنفاق ومبان متعددة الطوابق.

* إن تغطية الاستطلاع ( ISR ) المتواصلة أمر حاسم في تقصي أثر الأعداء المتحركين ()فرق أسلحة المورتر، الصواريخ، والـ ATGM)  والأهداف القيمة (مثلاً، الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى  في لبنان، قادة العدو الأساسيين). تعتبر الطائرات من دون طيار قيِّمة بسبب وقتها البطيء ولأن استخدام  طائرة من دون طيار ( بدلاً من طيار) في بيئات محفوفة بالتهديدات يحذف خطر خسارة طيار. إن القدرة على التحكم والسيطرة على مزيج من القوات البرية، الطائرات الثابتة الجناح، المروحيات الهجومية، طائرات من دون طيار، وأسلحة أخرى -  كلها تعمل خارج "صورة شائعة " لميدان معركة – أمر حاسم في مهاجمة أهداف خاطفة عابرة، حساسة زمنياً وفي تجنب حصول أضرار ملازمة.

* إن الأهداف الأقل أهمية والمتفرقة جداً ( الصواريخ القصيرة المدى، أسلحة ATGMs) من الصعب العثور عليها ومهاجمتها بالوسائل الجوية وحدها، وتتطلب مهاجمتها دمج الاستطلاع ( ISR)- بري- جوي شامل بمستويات منخفضة ( ما يعني الكتائب والألوية )؛ مراجع مشتركة ( مثلاً خرائط مفصلة وإجراءات التحكم)؛ وصورة استطلاع  SRI)) حقيقية.

* لقد تطلب ضرب الأهداف بنجاح "وسط الناس"في غزة الجمع ما بين استخبارات متبادلة متقنة شديدة الحساسية وضربة دقيقة وأسلحة منخفضة. هذه القدرات كانت ضرورية لتعريف الأهداف، تحذير المدنيين، مهاجمة الأهداف الخفية ( على سبيل المثال، مخازن السلاح والصواريخ) وتجنب قتل الناس الخطأ. هذا المستوى من المعلومات الاستخبارية قد لا يكون من الممكن الحصول عليه من قبل الإسرائيليين في أماكن أخرى ( لبنان مثلاً) أو من قبل الولايات المتحدة في بيئات الصراع الحالية أو المستقبلية.

* إن القوات المدرعة المبنية على أساس الدبابات وحاملات الجند المدرعة عناصر أساسية  لأية قوة تقاتل أعداء هجينين ذوي تدريب، وتنظيم، وأسلحة مواجهة فعالة وقليلة ATGMs)، MANPADS، مثلاً)، العبوات الناسفة، والألغام. بإمكان القوات الخفيفة والمتوسطة ( الفرق القتالية للواء سترايكر في الجيش الأميركي ) تكملة القوات المدرعة، تحديداً في المناطق الحضرية وفي أرض معقدة أخرى،  لكنها لا توفر القدرة على البقاء، والفتك، أو التحرك الملازم للقوات المدرعة. إن القوات المدرعة، وببساطة تامة، تخفض مستوى المخاطر التشغيلية وتقلل الإصابات في صفوف الجيوش الصديقة إلى أدنى حد ممكن. لا يمكن للمعلومات أن تحل مكان المدرعات.

في ضوء هذه الرؤى، تقدم هذه الدراسة الدروس والتوصيات التالية:

إن المهارات والعمليات الضرورية للهيمنة على أعداء هجينين تختلف في عدد من الوجوه والجوانب عن تلك المطلوبة لمكافحة التمرد. فهي تتطلب مهارات مدمجة ومشتركة من الأسلحة المنوعة وإطلاق النيران والمناورات المستخدمة في العمليات القتالية الكبرى، لكن عند مستوى تنظيمي أدنى ( ما يعني مستوى فريق الألوية القتالي). إن المهارات والعمليات الضرورية لعمليات  ISR- البرية- الجوية المدمجة  ضد أعداء هجينين ذوي قدرات أسلحة مواجهة فعالة – مهارات وعمليات قد تكون تدهورت وتلفت في أوساط القوات الأميركية خلال عمليات مكافحة التمرد الممتدة والمطولة للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق – هي بحاجة إلى التقييم والتعزيز في كل من سلاح الجو والجيش الأميركيين. لذا، ينبغي لمراكز التدريب القتالي الاستمرار في تشديدها المتجدد على تحضير القوات لسلسلة كاملة من العمليات العسكرية وينبغي دمج العمليات الهجينة وقوات المعارضة الهجينة في تدريبات وتجارب مشتركة.

إن جهود تدريب، وتنظيم وتجهيز سلاح الجو الأميركي والجيش الأميركي بحاجة لتحضير القوات لتحديات هجينة، والتي يمكن أن تتجسد في أفغانستان أو أي مكان آخر بتقديم  أسلحة مواجهة فعالة، تحديداً أسلحة MANPADS. إن ظهور هذه الأنواع من الأسلحة بأي عدد ممكن في أفغانستان قد يغير كيفية عمل القوات الأميركية جذرياً.

إن الطبيعة الملازمة  للتهديدات الهجينة تتطلب دمج ISR  - بري- جوي مفصل، وبإمكان سلاح الجو الأميركي القيام بمساهمة هامة عن طريق ضمان أن يكون لهذا السلاح قدرة عالية ووجود كبير في فرق عمل الألوية وفي قوات المناورة التابعة والعاملين بها. ففي جيش الدفاع الإسرائيلي، وخلال المرحلة الجوية- البرية من عملية "الرصاص المصبوب"تم الدفع بـ C2 نزولاً إلى مستوى  الألوية. وتم صهر المعلومات الاستخبارية، والقوة النارية، والمناورات بسبب طبيعة الأهداف الكبيرة، بيئة العمل المعقدة، الطبيعة المنتشرة للعدو، والحاجة للحد من الأضرار المصاحبة. من المنطقي الافتراض أن تكون لبيئات التهديد الهجينة التي قد تواجهها الولايات المتحدة خصائص مشابهة. علاوة على ذلك، لقد تبنت الولايات المتحدة هيكلية فرق الألوية القتالية على خلاف تلك المستخدمة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية في عملية "الرصاص المصبوب", لذا، ينبغي لسلاح الجو والجيش الأميركي تقييم نوع تخطيط العمليات الجوية وينبغي لقدرات C2 أن توجد في ألوية الجيش الأميركي ودرس مسألة دمج القدرات لدى الأجهزة العسكرية الأخرى ( سلاح البحرية الأميركي والمارينز مثلاً) والأجهزة الفدرالية ( وكالة الاستخبارات المركزية، وكالة الأمن القومي مثلاً).

إن التهديدات التي تشكلها منظومات أسلحة المواجهة ( MANPADS، ATGMs، مثلاً) مختلفة عن تلك التي يشكلها معارضون لا نظاميين. هناك حاجة لتدابير مضادة تكنولوجية ( التشويش والدرع الفعال مثلاً) – إضافة إلى تكتيكات، وتقنيات، وإجراءات ضرورية للتغلب على هذه الأسلحة.

إن القوات الأميركية المشتركة بحاجة لتطوير ومأسسة عمليات لدمج القدرات وبرامج الخدمات المتقاطعة والتحكم بها على مستوى فرق الألوية القتالية. هذا الأمر سيكون من الأصعب القيام به في القوات المشتركة الأميركية منه في قوات الدفاع الإسرائيلية لأن الجيش الإسرائيلي يملك ويشغل، عملياً، كل منصة من المنصات الجوية ( ما يعني، الطائرة الثابتة الجناحين، الطائرات ذات الأجنحة الدوارة، ومعظم الطائرات من دون طيار). في كل الأحوال، سيصبح الدمج مسألة أكثر تعقيداً في قوات الدفاع الإسرائيلية بما أن الطائرات من دون طيار مستمرة بالانتشار في القوات البرية.

إن القوات المشتركة الأميركية بحاجة لتطوير أنظمة مرجعيات مشتركة للمناطق الحضرية التي تمكِّن من التحقق المتبادل والسريع للهدف والقياس والهجوم. هذه الأنظمة يمكن أن تتضمن عمليات تنسيق مشتركة مصممة مسبقاً إضافة إلى نظم الترقيم للمباني.

إن القوات المشتركة الأميركية بحاجة لامتلاك القدرات المطلوبة  لتدمير مبان كبيرة ( مبانٍ متعددة الطوابق مثلاً) ومجمعات جوفية كتلك التي يستخدمها حزب الله وحماس، لكن ينبغي أن تكون قادرة أيضاً على الحد من عدد الضحايا المدنيين والأضرار المصاحبة. وبجميع الاحتمالات، سوف تزداد التحديات في هذه المجالات مع قيام الأعداء بالحفر بشكل أعمق والاستمرار بالعمل في المناطق الحضرية. إضافة لذلك، إن وقائع القتال في أرض معقدة، تحديداً في مناطق حضرية، يمكن أن تتطلب قوات لإسقاط ذخائر  يمكن أن تقترب أكثر من جيوش صديقة للولايات المتحدة. بالتالي، هناك حاجة لوجود ذخائر أصغر حجماً وأكثر دقة بشكل عال لتجنب قتل الإخوة.

للاشتباك بفعالية مع خصوم هجينين، ينبغي أن يتلقى فريق ISR –البري- الجوي تدريباً مفصلاً والقيام ببروفات. لذا، ولتجنب ترتيبات مخصصة تحد من الفاعلية ومن إمكانية تكرارها، ينبغي لسلاح الجو الأميركي والجيش الأميركي درس الترتيبات الموجودة للتخطيط والتنفيذ المشتركيْن ودرس إمكانية ترسيخ علاقات ألفة إعتيادية بين القوات البرية والجوية ضمن مسرح العمليات. وكما تظهر التجربة في غزة، فإن الثقة بين القوات البرية والجوية رقم قتالي مضاعف، ومن خلال الرابطة المألوفة والعلاقات الشخصية فقط يمكن لهذه الثقة أن تترسخ حقاً.

تظهر تجارب إسرائيل في لبنان وغزة أن العدو الهجين يمكنه خلق تحديات هامة وبارزة لدول تركز قواتها البرية على الحرب اللا نظامية والتي تعتبر قواتها الجوية مصمَّمة للحفاظ على ردع  وقدرة قتالية متطوريْن. لقد تعلم الإسرائيليون الطريقة الصعبة في لبنان وأن هناك ثغرة في قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على تنفيذ عمليات في "الوسط". وفي الوقت الذي تستعد فيه القوات المشتركة الأميركية لمواجهة كامل طيف التحديات المستقبلية المحتملة، تعتبر تجارب إسرائيل دروساً تستحق بالفعل التعلم منها.

موقع الخدمات البحثية