من المتوقع قيام حرب ضارية على شبكة التواصل الإجتماعي من قبل حركات على مستوى دولة أو حركات دون الدولة والقراصنة، هدفها الإضرار المباشر بـ'داعش' وقدرته على جمع التبرعات عبر الإنترنت، والترويج لثقافته البربرية بحيث يؤدي مثل هذه العمليات إلى أن حسابات الداعمين لـ'داعش' إما أن تعلق أو تغلق، في المقابل أعضاء 'داعش' يحاولون التهرب من هذه الخطوة عن طريق إعادة تفعيل الحسابات القائمة أو فتح حسابات جديدة بدلا من تلك التي تم إغلاقها و يمكن أن نرى نقل جزء من نشاط داعش إلى شبكات تواصل إجتماعي أخرى.
الإرهاب و الحرب بوتيرة منخفضةومن سخرية القدر أن الأمين العام حزب الله حسن نصر الله أعلن في مقابلة مع صحيفة 'الأخبار' اللبنانية أن تنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام يشكل الآن التهديد الأخطر لإستقرار المنطقة فيما عدا إسرائيل ) القدرات والنجاحات الأخيرة لتنظيم 'داعش' والقلق الذي يثيره والملاحظ جيدا في تصريحات زعماء آخرين .
رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما أعلن في الآونة الأخيرة أن لدى الولايات المتحدة إستراتيجية فعلية لمواجهة هذا التنظيم، هذا بالإضافة إلى تحذير صدر عن الملك عبد الله ملك السعودية بأن الدولة الإسلامية ستوجه أسهمها إلى أوروبا بعد حوالي شهر وإلى الولايات المتحدة لا يعرف الكثير عن هذا التنظيم، نظرا لأنه ليس هناك سيطرة رئيسية له ولا يعرف حجمه ولا حتى البنية العملياتية مثل السير الذاتية لزعمائه التي تحاط بالغموض.
بدون كلماتصحيح أنه ليس من الواضح الآن بأننا ما زلنا فقط في بداية حرب ضارية في الفضاء الإلكتروني، في خطوة أثارت إنتقادات داخلية أعلنت منظمات متضامنة مع (أنونيموس)، وهي مجموعة صغيرة تعمل في مجال 'النضال' عبر الاختراق البرمجي، خلال الأسبوع الأخير الحرب الكونية ضد الدولة الإسلامية fascii117ll scal cyber، بهدف مهاجمة المؤيدين للتنظيم الذين يستخدمون شبكة التواصل الإجتماعي بغرض الدعاية Operation iceisis نشاط التنظيم يمثل حتى الآن وبشكل جلي الروح الشريرة للتعصب والتناقض بين ما يبدو بدائي و بين الحرب الإلكترونية في القرن الحادي والعشرين .
حزب الله، حماس والقاعدة مثل أية مجموعات جهادية أخرى و بينها 'داعش'، تدرك جيدا القوة الهائلة لوسائل الإعلام المختلفة وشبكات التواصل الإجتماعي بجموعها، التوتير الفايسبوك اليوتيوب وغيرها كأدوات مساعدة و ناجعة لنشر الدعاية والرسائل السياسية هذا إلى جانب نشاط خفي يستهدف تطوير إيديولوجيتهم وتجنيد الناشطين الجدد وجمع الأموال. بيد أن 'داعش' وخلافا للآخرين الذين سبق ذكرهم و كجزء من العقيدة التي تبنوها يستخدم في الإنتشار الإستراتيجي العلني من خلال إستغلال شبكة التواصل الإجتماعي لفائدته وبحكمة وبأحجام لم يسبق لها مثيل .
الخبرة التكنولوجيا لـ'داعش' تفوق إلى حد كبير بل أكبر من قدرة تنظيم القاعدة والحركات الجهادية الأخرى التي سبقته، إعدام الصحفي جيمس بولي بشكل وحشي والذي غاب عامين في سوريا وإحتجز من قبل ناشط جهادي يتكلم بلكنة بريطانية. والذي لم يكن أكثر وحشية من أشرطة أخرى وثقت لعمليات قتل الأسرى ( دانيائيل بيرل) بيد أن الإنتشار الواسع لهذا الشريط و أشرطة أخرى و بوتيرة غير مسبوقة عن طريق حسابات توتير والفايسبوك ومنظومات يمكن شراءها Google store على غرار (Dawn of glad tidings ) ما يميز هذه الحركة عن حركات أخرى. ويدلل بشكل جيد على إضافة بعد قتالي آخر هو دمج قدرات الجهاد الفيزياقي مع الجهاد الإلكتروني، مثال يجسد ذلك جيدا هو: حقيقة أن من الجائز أن يكون (جون مهبيتلاس) زعيم العصابة البريطانية التي تعمل في إطار 'داعش'، وهو كما يبدو القرصان الشاب البالغ من العمر 20 سنة والذي يطلق على نفسه أبو حسين البريطاني و الذي أدين في عام 2012 بسرقة معلومات من رئيس الحكومة البريطانية السابق طوني بلير والمتهم بشن هجمات إلكترونية معقد ضد بنوك في بريطانيا .
التجربة الرئيسية لـ'داعش' حتى الآن في المجال الإلكتروني تتركز وتتمحور في الحرب النفسية لإنتاج الخوف عن طريق غمر الشبكة بمقاطع من فيديو تظهر قسوة ووحشية قطع الرؤوس والإعدامات الجماعية إلى جانب عرض لإنتصار كجزء من حملة لموضعة الردع و إنتاج وهم القوة و الذي يتجاوز القدرة الحقيقية للتنظيم .
بيد أن هدف هذا الإستخدام للفضاء الإلكتروني هو أوسع فهو يسمح من جهة للجمهور من المؤيدين له بتلقي معلومات للإستخدام تتضمن توجيهات حول إعداد عبوات ناسفة وسيارات مفخخة إلى جانب آيات قرآنية، والتي تعطي الشرعية القانونية لإرتكاب فظائع في مناطق تابعة لتنظيم 'داعش'.
ومن ناحية ثانية يسمح التوزيع الممنهج و الإيديولوجي على غرار إصدار نشرة تحمل إسم dabiq والعودة إلى الخلافة، النشرة تركز بصفة أساسية على موضوعات مرتبطة بإقامة الدولة الإسلامية الجديدة برئاسة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
المكون التكنولوجي لداعش ليس العامل الوحيد الذي يسهم إلى حد كبير في شعبية التنظيم، من الجائز أن الجمهور أيضا الذي يشجب أفعال التنظيم و يتدافع نحو هذه الأشرطة والصور يساهم مساهمة كبيرة في توفير هذه الشعبية. لا يعرف الكثير عن القدرات الهجومية لـ'داعش' في المجال الإلكتروني لكن يمكن الإفتراض بان لديه القدرات المتقدمة في هذا المجال وهذا لعدة إعتبارات :
الإعتبار الأول: زعمائه الذين إنشقوا في حزيران/ يونيو 2014 عن التنظيم المنافس ، القاعدة ـ هذا التنظيم تقوده مجموعة من الزعماء الشبان الراديكاليين ممن لديهم مستوى تكنولوجي رفيع وهم يدركون ويعرفون قدراته والخبرة المكتسبة في صفوف تنظيم القاعدة في المجال الإلكتروني، نقل رسائل مشفرة و تعاليم دينية وتوجيه لإعداد عبوات ناسفة و سيارات مفخخة إلى غير ذلك .
الإعتبار الثاني: كما ادعى في التقرير الخاص لمركز الأبحاث الدولي للتنمية (ICD) في لندن 2012 ، هناك إحتمال بتسرب معلومات تكنولوجية متقدمة من إيران وحلفاءها (كوريا الشمالية إلى المنظمات الإرهابية ) .
الإعتبارا الثالث: تنظيم 'داعش' القاتل لديه حسب التقديرات أموال تصل إلى حوالي 2 مليار دولار تصل مباشرة من بيع الغاز والنفط والغنائم (البنك في الموصل) و هذا ما يسمح بتمويل النشاط الإرهابي الإلكتروني عن طريق dark-wallet، هذا من خلال الإتصال بمنظمات إرهابية دولية.
الإعتبار الرابع: قبل عدة أشهر سيطرت حركات محسوبة على تنظيم 'داعش' على حساب تويتر مجهول بإستخدام تقنيات مماثلة لتلك التي يستخدمها تنظيم القراصنة و الجيش السوري الإلكتروني المحسوب على نظام الأسد الذي يظهر مستوى عال من الدقة.
الإعتبار الخامس: تحليلات تعود إلى شهر آب/ أغسطس 2014 نشرت من قبل شركة إستخبارات أمريكية intelcrawler وتشير بان هناك زيادة كبيرة ودراماتيكية في إستخدام و نشر كلمة سر (njrat) حول أربعة مدن رئيسية بغداد و أربيل و البصرة و الموصل المرتبطة كما يبدو بـ'داعش'.
الإعتبار السادس: تصريحات من جانب حركات محسوبة على الجيش الإلكتروني لـ'داعش' isis electronic army ، حول وجود نية لشن (جهاد إلكتروني)، الآن هناك منظومة صلبة في شبكة (القط والفار) تابعة لجهات على مستوى دولة و جهات دون الدولة وحركات مجهولة لإختراق، هدفها ضرب تنظيم داعش بشكل مباشر وقدرته على جمع الأموال عبر الأنترنت ونشر الدعاية البربرية وهكذا فإن حسابات الداعمين لداعش إما علقت أو أغلقت.
وعلى الجانب الآخر أعضاء 'داعش' يحاولون التهرب من هذه الخطوة عن طريق إعادة تفعيل حسابات جارية و فتح حسابات جديدة بدلا من تلك التي أغلقت، ويمكن أن نرى نقل جزء من نشاط 'داعش' إلى شبكة التواصل الإجتماعي وإلى حركات محسوبة على جماعات مجهولة تقوم بالتخطيط للإضرار بالدول التي تمول حسب إدعاء 'داعش' قطر والسعودية وتركيا ، هذا في إطار حملة no2isis التي هدفها كما أعلنت الحركات المحسوبة على تلك الجماعة بأن ليس بمقدورها تركيز الحرب وبشكل مباشر على 'داعش' لأنها تقاتل في أغلب الأحيان على الأرض، ولكن يمكن متابعة الأشخاص أو الدول التي تموله.
إيران تملك قدرات إلكترونية متقدمة وقد تحاول كما يبدو ضرب هذه الدول ويمكن الإفتراض بأن الهجمات المتصاعدة من جانبها على غرار الهجوم على حواسيب شركة النفط السعودية aramco وعلى الغرب بشكل عام و دولة 'إسرائيل' بشكل خاص أن تدرس كيف توازن و بشكل صحيح بين مزايا إستخدام التكنولوجيا وبين مزايا المكون البشري فيما يتعلق بجمع المعلومات الإستخباراتية عن تنظيمات على غرار 'داعش'.
وعلى الجهات العاملة مع المجال الإلكتروني تشجيع و تطوير التعاون بين خبراء التكنولوجيا وشبكات التواصل الإجتماعي والمتحدثين باللغات ليتمكنوا من مواجهة التحديات والواقع المتغير والمعقد وبنجاح .
تأثير التكنولوجيا العلمية المعاصرة منذ عام 2009 (ثورة توتير) على تحريك التطورات السياسية في دول كثيرة في العالم (أوكرانيا مولدوفيا) والشرق الأوسط الذي إحتضن الربيع العربي (مصر ليبيا سوريا تونس إيران) كانت قوية و أكثر مما كان متصورا وإذا لم نتحرك على هذا النحو فإن سلاح الديمقراطية قد يعمل ضدنا وينقلب علينا.
ترجمة : المركز العربي للدراسات و التوثيق المعلوماتي ـ الجزائر