محمد عيد
بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد تخللتها مراحل من التدخل الأمني والسياسي والعسكري السعودي المباشر في سوريا، عادت العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والسعودية لتمهد لصفحة جديدة على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين وعموم المنطقة.
عودة سيترتب عليها الكثير لجهة اضطرار الرياض للقطع مع كل التشكيلات السياسية والعسكرية السورية المعارضة الموجودة على أراضيها وخارجها بعدما صار الاعتراف بالحكومة الشرعية في دمشق ممرا إجباريا لذلك.
تبريد المنطقة
تؤكد عضو مجلس الشعب السوري ماري البيطار أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والسعودية خطوة في الاتجاه الصحيح وفصل من فصول التهدئة المرتقبة التي يجب أن تصل إليها المنطقة.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشارت البيطار إلى أن القنوات الأمنية لم تنقطع بين سوريا والسعودية في أصعب الظروف، وأن الاتصالات بقيت قائمة على أكثر من صعيد لحين الوصول إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي تعتبر جزءا من حالة التسويات العامة في المنطقة مع بقاء خصوصية كبيرة لاستعادة العلاقة بين دمشق والرياض.
واضافت البيطار، الرياض تدرك جيدا بأن سياستها الجديدة في تصفير المشاكل في المنطقة لن يكتب لها النجاح دون تسوية الخلافات مع دمشق، وأن الهدوء والانفراجات في المنطقة بقيت مرتبطة تاريخياً بالعلاقة الطبيعية بين سوريا والسعودية، والتي ستتطور لاحقاً على كل المستويات، مشيرة إلى أن مجرد التزام البلدين بعدم التصعيد الاعلامي قبيل المصالحة قد مهد الطريق لها، فكيف الحال والأمور تتجه إلى تعاون بناء على مستوى العلاقات الثنائية وبقية الملفات الهامة في المنطقة في لبنان والعراق وفلسطين واليمن وغيرها حيث ستستعيد سوريا دورها التاريخي في إطفاء الحرائق دون التنازل عن الثوابت.
وأشارت عضو مجلس الشعب السوري في حديثها لموقعنا إلى أن تحسن العلاقات السياسية بين الرياض ودمشق سيحرك من جمود العلاقات الاقتصادية في المنطقة برمتها على اعتبار أن سوريا هي ممر سلع لبنان ودول الجوار إلى السعودية ودول الخليج.
عزل الإرهاب
المحلل السياسي السوري محمد علي أكد في تصريح خاص بموقع " العهد" الاجباري أن السعودية انخرطت فعلياً في دعم المجموعات المسلحة بالمال والسلاح والتغطية السياسية والإعلامية قبل أن تتوقف عن ذلك تدريجياً بعدما أدركت أن هذه السياسة ستوصلها إلى طريق مسدود وأن سوريا بلد عصي على السقوط.
وأضاف علي بأن خطأ الدول التي حاولت إسقاط سوريا تمثل في تعاميها عن أن دمشق جزء من محور متكامل لن يسمح بسقوط أحد أهم أركانه وبالتالي فإن "قصر النظر" هو الذي حكم سلوكيات هذه الدول.
ويؤكد علي أن من أهم ما سيترتب على عودة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والسعودية مع ما سبقها من بيانات ثنائية وعربية تؤكد على حق دمشق البديهي في السيادة على أراضيها وخروج القوات الأجنبية والفصائل الإرهابية هو التعامل مع الفصائل الإرهابية الموجودة في الشمال والشمال الغربي والقوى الانفصالية في شرق الفرات باعتبارها " خارجة عن قانون السيادة السوري" الذي أبدت السعودية ومعها بقية الدول العربية رغبتها في احترامه وفق بيانها الرسمي وما يمليه اعترافها بشرعية الحكومة السورية وسيادتها على أرضها.
وختم علي حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن ذلك سيطلق يد الجيش السوري في استعادة اراضيه التي تسيطر عليها المجاميع الإرهابية التي ستجد نفسها معزولة من الدعم السعودي، وحتى الدعم التركي الذي تقيده اشتراطات دمشق وضمانات موسكو وطهران، كما أنه سيسمح باستئصال الفكر الانفصالي لقوات سوريا الديمقراطية التي " تحسست رأسها" بعد التقارب العربي مع دمشق، سيما وأن الوزير السعودي تامر السبهان وبالتنسيق مع قوات الإحتلال الأمريكي قد قام بعدة زيارات لمناطق شرق الفرات، والتقى هناك قيادات قسد، فكيف الحال اليوم بالنسبة لها وقد تبدلت الأمور وصارت دمشق قادرة وبغطاء عربي وشرعي قبل أي شيء في تحريك قوتها لاستعادة أرضها، سواء قوتها الصلبة أو الناعمة كالتسويات التي تبدو فعالة أكثر مع اختلال ميزان القوى لمصلحة دمشق.