ماثيو ليفيت
عندما تم إنشاء السلطة الفلسطينية كنتيجة لـ "اتفاقيات أوسلو" كان الهدف يكمن في إقامة كيان فلسطيني مسؤول يكون بإمكانه التفاوض حول شروط السلام مع إسرائيل، وبناء الأساس لقيام دولة فلسطينية تعيش في سلام جنباً إلى جنب مع جيرانها، بمن فيهم إسرائيل. ولكن كما استنتجت هيئة محلفين في نيويورك، وفقاً لما جاء في قرار المحكمة الاتحادية هذا الأسبوع، سعت السلطة الفلسطينية للتوصل إلى سلام في بعض الأحيان، ودعمت الإرهاب أحياناً أخرى، وتحركت على هذين المسارين في آن واحد خلال الانتفاضة الثانية (2000-2005).
وأحياناً اعتقد قادة السلطة الفلسطينية أن ممارسة قدر من العنف قد يكون له تأثير على المفاوضات، أو أنهم شعروا بأن هناك حاجة إلى دعم الأنشطة العنيفة لغرض التنافس مع الجماعات الفلسطينية المسلحة مثل «حماس» من أجل الحصول على دعم الناخبين. وقد شمل ذلك في كثير من الأحيان التنافس ليس فقط على المكانة السياسية والاجتماعية، بل على الصورة المتشددة أيضاً، اعتماداً على مكان تأرجح البندولين السياسي والتفاوضي في أي وقت من الأوقات.
وفي ضوء المدى الذي وصلت إليه الأدلة المتاحة حول دعم السلطة الفلسطينية للإرهاب، يجب أن لا يأتي قرار الحكم كمفاجأة، حيث أن بعض حالات تورط السلطة الفلسطينية في النشاط الإرهابي قد شملت كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية. على سبيل المثال، وافق عرفات على تمويل الإرهابيين الفلسطينيين، بما في ذلك دفع 20,000 دولار في حزيران/يونيو 2002 لـ «كتائب شهداء الأقصى»، في الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة مسؤوليتها عن وقوع تفجير انتحاري في القدس. وفي وقت يعود إلى أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2000، أعلن القيادي في «حماس» محمود الزهار أن قادة «حماس» و «الجهاد الإسلامي» كانوا يجتمعون مع مسؤولي «فتح» والسلطة الفلسطينية " ما لا يقل عن مرة واحدة كل يوم."
وقد أدارت السلطة الفلسطينية علناً «صندوق لأُسر الشهداء والمصابين»، الذي قدم أموالاً نقدية لأسر الشهداء وأولئك المصابين خلال الصراع مع إسرائيل. وقد ذكر «البنك الدولي» في إحدى نشراته، "من الواضح أن البرنامج لم يستهدف أشد الأسر فقراً، وفي حين ينبغي أن توجه بعض المساعدة لهذه الفئة من السكان، إلا أن مستوى الموارد المخصصة لـ «صندوق الشهداء» والمصابين لا يبدو أن له ما يبرره من منظور الرعاية الاجتماعية أو المالية".
وفي حالات أخرى، كانت السلطة الفلسطينية مرتبطة بأنشطة إرهابية عن طريق مسؤولين على مستوى أقل. على سبيل المثال، في كانون الثاني/يناير 2004، قام الشرطي الذي كان يعمل في السلطة الفلسطينية علي يوسف جعارة بتنفيذ تفجير انتحاري في حافلة في القدس. وقد ادعت كل من «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لـ «فتح» و حركة «حماس» مسؤوليتها عن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل 11 شخصاً وجرح أكثر من 50 آخرين.
ويجدر بالذكر أن تواطؤ السلطة الفلسطينية مع جماعات إرهابية فلسطينية قد تم توثيقه بصورة جيدة ضمن ملفات السلطة الفلسطينية نفسها أيضاً. ويوثق أحد تقارير السلطة الفلسطينية التي تم ضبطها، الكيفية التي نقلت فيها المخابرات العامة التابعة للسلطة الفلسطينية قائمة بأسماء 232 إرهابياً مطلوبين من قبل إسرائيل، إلى مكتبها في رام الله، طالبة من المكتب عدم اعتقالهم بل تحذيرهم. وفي تقرير آخر، زوّد [مسؤول] بارز في الأمن الفلسطيني لـ «حركة الجهاد الاسلامي» و "حركة «حماس» في منطقة جنين معظم الأسلحة التي في حوزتهما."
ومن قبيل الصدفة، يأتي الحكم في أعقاب انعقاد قمة البيت الأبيض بشأن مكافحة التطرف العنيف، والتي أوضح فيها الرئيس أوباما، "بأننا متحدون ضد آفة التطرف العنيف والإرهاب". وفي ظل العنف والإرهاب [الذي يواجهه العالم] يجب تطبيق هذه الوحدة في الهدف للسعي إلى تحقيق السلام أيضاً.
إن قرار الحكم الذي صدر هذا الأسبوع - إلى جانب التركيز الدولي المتجدد على عزل أولئك الذين ينخرطون في التطرف العنيف ونزع الشرعية عنهم - يقدم فرصة للمجتمع الدولي لكي يطالب السلطة الفلسطينية بأن تسعى لتحقيق السلام بالاعتماد على الوسائل السلمية فقط. ويشكل الحكم مثالاً واحداً فقط من نوع التكاليف التي ستتحملها السلطة الفلسطينية نفسها - ويتحملها مشروع الدولة الفلسطينية بشكل عام - إذا فشلت في اتباع هذه الوسائل.
المصدر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى.