أوراق إستراتيجية » عدم الاستقرار في سوريا: تقييم مخاطر التدخل العسكري

الجزء الثاني

 

syriamilitaryreport20113_369

الرسم 3:  مدى صواريخ SAM-5 السورية في 2009
الحرب الإلكترونية
تكبد الدفاع الجوي وسلاح الجو السوري خسائر ضخمة خلال الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. وشرعت سوريا بمجهود مطول ومكثف لتحديث تدابيرها المضادة الإلكترونية ( ECM) ومنظومات الدعم الحربي الإلكتروني ( EW). وتضمن هذا الأمر الحصول على خليط من أجهزة التشويش واعتراض القوات البرية من صنع روسي وبعضها من صنع غربي. وفي الثمانينات، اشترت سوريا 5 منظومات مراقبة إلكترونية إيطالية الصنع من نوع ESS-2 لجمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية ضد رادارات برية تعمل في مجموعات D الى J. كما قدمت روسيا أجهزة تشويش واعتراض منقولة جواً لمكافحة رادار (TFR  Terrain Following Radar) ورادارات ( SLAR Slide Looking Airborne Radars).
أما اليوم، فقد عززت سوريا منظومة دعم حرب إلكترونية (EW) برية مكثفة جداً، وإن كانت آيلة للزوال، معظمها مزروعة قرب مرتفعات الجولان وعلى طول الحدود مع لبنان. وبرغم هذه الجهود، فإن الجيش التقليدي ومنظومات EW بدأت تشيخ ولا قدرات لديها إلا بما يتصل بإسرائيل فقط مع دور صغير في مكافحة تهديدات أخرى محتملة، أو لا دور على الإطلاق. ليس لدى سوريا القدرة على إنتاج تجهيزات ECM أو أجهزة جمع معلومات إستخبارية، ولا تزال تعاني من ضعف كبير ورئيس في مجال الإنذار المبكر، وإدارة المعركة الجوية، وسلاح الإشارة ( SIGINT) والأسلحة المستهدِفة – وكلها حاسمة في السيطرة على أي مسرح حرب محتمل في الحروب الحديثة.

 

سلاح الجو السوري

تبقي سوريا على أعداد من الطائرات الحربية أكبر مما تستطيع دعمها بشكل صحيح ومناسب. بالواقع، هذا نزع للسلاح عن طريق المبالغة بالتسلح. فإذا ما نظر المرء فقط الى الأعداد الإجمالية للطائرات، فإن سوريا يمكن أن تكون في طليعة الدول في المنطقة بعدد الطائرات لديها. ويعود ذلك، جزئياً، الى العدد الكبير للطائرات التي عفا عليها الزمن أو الآيلة للزوال في القوات السورية. تحاول سوريا أيضاً التدرب، وصيانة، وتسليح وتثبيت أنواع عديدة ومختلفة جداً من الطائرات. هذا الأمر يضع عبئاً  كبيراً – ومكلفاً ـ على سلاح الجو ويخفف من نوعية القوة البشرية، ولن تكون له فائدة تذكر، هذا إذا كانت هناك من فائدة  فعلية أساساً.
الرسم 4 يظهر عدد الطائرات العالية الجودة في المنطقة. وفي حين أن العدد الإجمالي للطائرات الحربية هو أمر ذو صلة بالموضوع، بمصطلح خوض الحرب، فإن الموجودات الجوية العالية الجودة هي التي يعمل حسابها حقاً. يظهر الرسم 4 أيضاً أن سوريا، التي تعتبر طائراتها من نوع MiG-29 و Su-24 قديمة الآن، لا يمكنها أن تنافس الطائرات الغربية الحديثة. مع ذلك، فإنها تشكل تهديداً حقيقياً بالفعل. لقد قامت سوريا بالتحديث على مدى العقدين والثلاثة عقود الماضية أكثر مما قامت ليبيا بكثير.

 

syriamilitaryreport20114_430

 

الرسم 4: المقاتلات الحربية العربية- الإسرائيلية التشغيلية العالية الجودة في العام 2011

 

( لا تتضمن حرباً إلكترونية مخزنة، غير مسلحة أو طائرة RECCE القادرة على القتال وطائرة تدريب)


الرسم 5 يظهر نظام معركة سلاح الجو السوري في العام 2010
وكما هو الحال مع منظومات الدفاع الجوي السوري، ليس هناك من وحدات مهمتها المباشرة توفير المراقبة على طول الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا قبل بدء  المستوى الحالي من الاضطرابات فيها، وتظل معظم  المنظومات السورية الأكثر قدرة مركزة على إسرائيل ومرتفعات الجولان. أما معظم الطائرات الموجودة في المنطقة فقد بدأت تجعل طائرات التدريب من طراز Mig -21 تبدو قديمة. أما معظم الطائرات السورية الأكثر حداثة، والتي تضم Su-24،  MiG-23، MiG-25، و MiG-29 الاعتراضية وطائرات الهجوم البري فمتموضعة في  قواعد صيقل، الدمير، تياس والناصرية الجوية قرب العاصمة دمشق. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت حظائر الطائرات والملاجئ في هذه المواقع قد تم تحصينها في مجهود لمكافحة  ذخائر القنابل  " الخارقة للتحصينات " الذكية الموجهة، مثل GBU-15 و GBU-28، لكن من المشكوك به جداً أن تنجو من ضربة من هكذا أنواع من الأسلحة الموجهة بالـ GPS.

 

syriamilitaryreport20115_443

 

الرسم 5: نظام المعركة لسلاح الجو السوري في 2010

 

من الصعوبة بمكان تقدير الجوانب غير الملموسة لقدرات سلاح الجو السوري. ليس هناك من معلومات كثيرة متوفرة حول معنويات هذا السلاح. في كل الأحوال، يتفق الخبراء على أن سلاح الجو لا يزال يواجه عمليات تأجيل طويلة لـ C41 للإنذار المبكر، ورد  إقلاع المقاتلات الحربية استجابة لإنذار واعتراض طائرات العدو، والجهوزية التشغيلية المتدنية، ونسب الطلعات الجوية الحربية المنخفضة ومنظومة إدارة معركة مفرطة المركزية. وخلال الصراع مع إسرائيل، أظهر الطيارون السوريون جهوزية للشروع بما يصل، وببساطة، الى مستوى المهمات الانتحارية ضد سلاح الجو الإسرائيلي بأمر من الرئيس حافظ الأسد. وفي حين أن من الصعب الجدل حول الفجوة التي كانت موجودة بين قدرات سوريا وإسرائيل في العام 1982، فإن الفجوة اليوم بين القدرات السورية وقدرات الناتو والتأثير السيكولوجي على سلاح الجو السوري أكبر بكثير.

صواريخ أرض ـ أرض السورية

في بداية فشلها في محاربة جيش الدفاع الإسرائيلي في العام 1982، ركزت سوريا على الحرب البديلة أكثر بكثير من خلال مجموعات كحماس وحزب الله، وانتقلت الى الحصول على وسائل ردع إستراتيجية أخرى كالأسلحة البيولوجية والكيميائية ومنظومات صواريخ أرض ـ أرض ( SSM). بإمكان سوريا التحول الى مقتنياتها من هذه المنظومة كوسيلة ردع لتهديدات محتملة وللقيام بتصعيد أكبر ـ منظومات SSM التي ينبغي أخذها بالحساب وسحقها.
الرسم 6 يظهر المقتنيات من منظومات صواريخ SSM المذكورة في عام 2011. ليس هناك من مصدر معلومات صريح وموثوق بالكامل حول مقتنيات سوريا من الصواريخ التكتيكية أو البالستية، أو حول الجهوزية والقدرة القتالية لمنظومات منشورة الآن، بما فيها تصميم رؤوسها وقدرتها على الفتك، الحد الأقصى لمداها مع الرؤوس الحربية المنشورة في الواقع، دقتها التشغيلية، موثوقيتها ومفعوليتها، وخطط سوريا الإستهدافية وقدراتها.

syriamilitaryreport20116_691

الرسم 6: صواريخ أرض ـ أرض العربية ـ الإسرائيلية في العام 2011

في العام 2011، قدرت IISS أن لدى سوريا حوالي 850 من صواريخ SSM التكتيكية المتوسطة والقصيرة المدى. في هذه الأثناء، ذكرت Janes في أواخر عام 2011 أن قيادة صواريخ أرض- أرض  ( SSMC) وقاعدتها في حلب تحوي مقتنيات تشمل حوالي 100 من سلاح FROG-7 " ( بمدى يصل الى 70 كلم كحد أقصى) والعشرات من سلاح   "Scarabs  "SS-21 ( بمدى يصل الى 120 كلم)، حوالي 200 من صواريخ Scud-Bs ( نطاق يصل الى 310 كلم ) وحوالي 80  من صواريخ Scud-C البالستية  (بمدى يصل الى 600 كلم كحد أقصى). كما ذكرت Janes أيضاً أن الوحدات المستقلة قد تكون تقوم بنشر البديل من صواريخ Scud-D بمدى يصل الى 700 كلم وذلك منذ العام 2001.
الرسم 7 يظهر المدى المتوقع لمنظومات صواريخ SSM الكبرى السورية مع رؤوس حربية اسمية. إن نطاق تشغيلها في عالم الواقع مع وزن الرؤوس الحربية المنشورة بالفعل غير معروف، من حيث كيفية اختلاف تأثير عالمها الواقعي على الدقة والمفعولية مع المسافة. ولا يظهر الرسم 7  نطاق مقتنيات صواريخ Scud-D المذكورة. إن عدداً من البلدان، إن لم يكن معظمها، من التي طبقت ضغطاً متنامياً على سوريا بداية التظاهرات هي ضمن النطاق النظري. في كل الأحوال، وخارج الساحة العربية - الإسرائيلية، من غير المرجح أن تتمكن سوريا من تحويل ذلك الى قدرة إستراتيجية للحصول على مكسب ديبلوماسي. ما يعني أن هذه المنظومات تبقى تهديداً خطيراً بمقتضى تركيتها والصعوبات الكامنة في احتساب كل منظومات الصواريخ السورية الرئيسة وسحقها.
لدى المقتنيات السورية من صواريخ Scud-B مدى اسمي يصل الى 300 كلم، حمولة 985 كلغ، ودقة تشغيلية ما بين 1500-2000. أما التقارير حول احتمالات الخطأ الدائرية ( CEPs) المنخفضة الى حدود 450 متر فهي نظرية وليست واقعية.
لدى سوريا أيضاً ما يصل الى 150 من صواريخ Scud-C مع 18- 26 منصة إطلاق. هذه هي التعديلات الكورية للتصاميم الروسية – ربما البديل لصاروخ  " Hwasong 5 " رغم أن بعض عناصر تكنولوجيا  " Rodon 1 " أمر ممكن – ولها من الدقة ما يتراوح بين 1500- 2200 متراً – رغم ما ذكر في بعض المصادر من أن نسبة الخطأ ( CEPs) النظرية منخفضة الى حدود 500 م. أما التقارير التي تقول إن صواريخ Scud-D  السورية لها هامش من الخطأ لا يتعدى الـ 50 م فلا تبدو دقيقة. ولدى صاروخ Scud-c مدى اسمي يبلغ 500 كلم، لكن رأساً حربياً يمكنه أن يطيل المدى.
في كل الأحوال، بإمكان سوريا استخدام الغموض في هكذا تهديدات ضد إسرائيل وجيرانها الآخرين. ففي 4 كانون الأول، 2011، اختبرت سوريا إطلاق صاروخ Scud-B في حركة فسرها كثيرون بأنها إشارة ضد أي تدخل خارجي في البلد. وفي حين أن صواريخ SSM السورية الأكبر حجماً قد تعوزها الدقة، فإن استخدامها غير التقليدي كمنظومة تسليم لحمولة من الأسلحة البيولوجية والكيميائية المحتملة يمثل خطراً أقوى وأكثر فعالية. وبينما استثمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون – بمن فيهم إسرائيل، والسعودية وتركيا – في القدرات المضادة للصواريخ، فإن النتائج المترتبة من ضربة كيميائية أو بيولوجية محتملة على مراكز مدنية آهلة بالسكان أو على منظومات عسكرية وبنية تحتية حساسة – خاصة في إسرائيل – أمر لا يمكن تجاهله أو وضعه جانباً.
يعتقد عدد من الخبراء بأن سوريا تملك رؤوساً حربية كيميائية لصواريخها الـ Scud، ولصواريخ أخرى صغيرة وكبيرة. ويعتقد بعض الخبراء بأنها تشتمل على رؤوس قنابل عنقودية مع ذخائر كيميائية وتقليدية. لا توجد معلومات سرية عن مدى فتك هكذا رؤوس حربية، لكن من المعروف عن دول الإتحاد السوفياتي السابق بنها نقلت بعض المعلومات عن تصاميم من هذا النوع، ويعتقد بأن لدى سوريا غاز الخردل، وسلسلة من العوامل المؤثرة على الأعصاب، بما في ذلك غاز الأعصاب المستمر.
في العام 2001، ذكرت Janes أن سوريا اختبرت إطلاق صاروخ Scud-B يحمل رأساً حربياً كيميائياً محاكياً، مضيفة أنه يعتقد بأن لدى سوريا مخزونات كبيرة من عوامل الخردل، والسارين و VX كخيارات لتسليح صواريخها الـ SSM. ومضى تقرير آخر ليضيف أن كل العوامل في ترسانتها الحربية من الأسلحة البيولوجية والكيميائية، يعتبر غاز الأعصاب سارين القاسم المشترك الأكبر؛ وذكر التقرير أن سوريا كانت تنتج العامل في منتصف الثمانينات.
في كل الأحوال، من غير الواضح ما إذا كانت سوريا قد طورت ما يتجاوز تصميمات رؤوس حربية عنقودية آحادية أو بسيطة نسبياً بالإضافة الى منظومات تسليم. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كان لدى سوريا القدرة على اختبار رؤوس حربية لأسلحة كيميائية، وإعادة تعريف أي تصميم لإنتاج مستويات عالية من المفعولية والفتك لوزن عامل معين من العوامل. إن الفتك التشغيلي لرأس حربي كيميائي صاروخي قد يكون فعلاً جزءاً صغيراً من فتكه النظري، ويجب أن يكون وزن العامل أصغر بكثير من قنبلة من وزن مشابه وأقسى بكثير ليتفتت حتى ولو عمل النظام وظيفته بشكل ممتاز. نتيجة لذلك، يمكن لهذه الأسلحة أن تكون أكثر من سلاح  " إرهابي " بقليل، وأكثر فعالية بكثير كتهديد من استخدامه الفعلي.
لدى كل البلدان في الشرق، ما عدا لبنان، القاعدة التكنولوجية لتصنيع الجيل الأول والجيل الثاني من الأسلحة البيولوجية، لكن ليس هناك من معطيات موثوقة موجودة تثبت أنها تقوم بذلك. هناك بعض المؤشرات تقول إن سوريا وإيران قد استكشفا، على الأقل، إنتاج الأسلحة البيولوجية والكيميائية، ومن الممكن أن يكون لدى سوريا تصاميم بيولوجية. في كل الأحوال، إن قدرة الفتك لأي من هذه الرؤوس الحربية سيكون غامضاً الى أقصى حد من دون اختبار تشغيلي مكثف ضد أهداف حية، وستمثل مشاكل في إنتاج منظومة سلاح فعال وموثوق أكبر بكثير من خط مصدر التسليم من طائرات على علو منخفض أو صواريخ كروز. وفي حين أن بعض الخبراء لا يوافقون على ذلك، فلا يبدو أيضاً أن هناك طريقة موثوقة لمحاكاة قدرة الفتك التشغيلية في عالم الواقع للأسلحة البيولوجية ويبالغ الكثير من معطيات الفعالية في الأدبيات المفتوحة بشكل صارخ من القدرة المحتملة لعالم الواقع. عملياً، قد يخفق رأس حربي كهذا بأن يكون له أي تأثير.
تنبغي الإشارة أيضاً الى أنه في حين يركز معظم التحاليل حول التهديدات على الصواريخ، فإن بإمكان الطائرات السورية، بالتأكيد، إلقاء قنابل كيميائية، بما في ذلك القنابل العنقودية. ومن غير الواضح ما إذا كان لدى سوريا طائرات حربية من دون طيار ذات حمولة عالية، لكن هذه الطائرات قد تلقي أسلحة كيميائية، وإن طائرة من دون طيار بإمكانها نشر عوامل بيولوجية مستقرة بشكل بطيء ستكون أكثر فاعلية بكثير من أي رأس حربي صاروخي محتمل. علاوة على ذلك، بالإمكان استخدام عوامل بيولوجية جافة قابلة للتخزين في هجمات سرية. إن استخدام هكذا أسلحة لا يبدو أمراً مرجحاً، وسوف يستفز مستوى من رد الفعل الانتقامي سيدمر بالتأكيد النظام السوري، لكن من المهم النظر الى ما وراء حرب الصواريخ في تقييم التهديدات الكيميائية والبيولوجية المحتملة.

 

syriamilitaryreport20117_555

 

الرسم 7: النطاقات المتوقعة لمنظومات التسليم الصاروخية السورية الحالية

الدفاعات السورية المضادة للسفن
أدى تحول سوريا الى  " الردع الإستراتيجي " لإسرائيل أيضاً الى الحصول  بشكل متزايد على سفن محملة بالمدفعيات بالإضافة الى الحصول على صواريخ متحركة على الساحل وصواريخ موجهة ثابتة مضادة للسفن بدلاً من الحصول على سفن حربية أخرى. ونظراً للحاجة الى سلاح C41SR الموضوع على السفن، يعتبر الطيران البحري وعمليات بحرية أخرى، ونوعية  قدرات المنظومات السورية المضادة للسفن هاجساً خطيراً وحرجاً عندما  يكون أعضاء من المجتمع الدولي يفكرون بسلبيات وإيجابيات التدخل في سوريا.
في العام 2008، كان لدى الدفاعات الساحلية السورية لواءان من المشاة لواءا مدفعية للمراقبة والرصد الساحلي والدفاع الثابت. وذكرت التقارير أن إحدى ألوية الصواريخ المضادة للسفن الساحلية مسلحة بـ 8 – 12 بطارية من عصر صواريخ  " Sepal " SS-C-1B و  " Styx " SS-N-2 الموجهة المضادة للسفن  ASGMs)). إن بطاريات صواريخ " Sepal " و  " Styx " البرية متومضعة في بانياس، واللاذقية، وطرطوس هي منظومات أقدم وتعتبر من النوع الذي عفا عليه الزمن بالمعايير الحالية. إضافة الى المنظومات البرية، لدى سوريا 16 زورقاً هجومياً سريعاً من نوع Osa  و 6 زوارق هجومية سريعة من نوع Tir المجهزة بصواريخ  " Styx " SS-N-2C و  " Saccade " CSS-N-8 الأحدث طرازاً والمضادة للسفن ( ASMs) على التوالي.
إن صواريخ كروز المضادة للسفن المركبة على زوارق الدوريات السريعة قد أصبحت، وعلى نحو متزايد، عنصراً هاماً في إستراتيجية الدفاع الساحلي لسوريا كجزء من  " دروس تم تعلمها " من حرب حزب الله - إسرائيل 2006. هذه الصواريخ تتضمن صاروخ  " نور " صنع إيران،  ASCMs، نسخة عن صاروخ ASCM C-802  الصيني بمدى يصل الى 120 كلم. وأثبتت المنظومة فعاليتها في العام 2006 عندما استخدمها حزب الله بنجاح في استهداف رائدة البحرية الإسرائيلية، ساعر -5 السفينة الحربية الحاملة للصواريخ من طراز Hanit INS.
هذه المنظومات عرضة لدفاعات وتدابير مضادة فعالة، إلا أن حصول دمشق على منظومات مضادة للسفن حديثة حقاً سيجعل من الصعوبة بمكان درس مسألة التدخل العسكري في سوريا وكلفة هذا التدخل، إضافة الى التأثير على التوازن العسكري التقليدي الإسرائيلي- السوري الواسع. وفي العام 2007، وافقت روسيا على تزويد سوريا بنظام صواريخ ASCM الفوق صوتية من نوع  " Yakhont " SS-N-26. وفي أواخر العام 2010، أشارت روسيا الى أنها ستفي بالاتفاق المثير للجدل، ربما كوسيلة لحماية قاعدتها البحرية في مدينة طرطوس السورية ( المتوقع أن تخضع لتحديثات وزيادات كبرى ورئيسة للتكيف مع سفن أكبر حجماً في العام 2012). وذكرت مصادر متعددة أن روسيا قامت بتسليم عدد غير محدد من صواريخ ASCM من نوع  " Ykhont " الى سوريا في كانون الأول 2011 لإنجاز صفقة بقيمة 300 مليون دولار.
إن صاروخ  " Yakhont " قادر على الوصول الى سرعة 2- 2.5 ماخ، وبإمكانه حمل رأس حربي بوزن 200 كلغ ليصل مداه الى 300 كلم مع مسار ارتفاع  " عال- منخفض " ومدىً يصل الى 120 كلم على مسار  " المنخفض- المنخفض " التصفحي للبحر. وعلى خلاف معظم صواريخ الـ ASM، يعتمد صاروخ  " Ykhont " على نظام صاروخي موجه سلبي لمعظم مسار الرحلة ويلجأ فقط الى المطاردة الفعالة في المراحل الأخيرة من انطلاقته. مقترناً مع سرعته وانتهاجه العلو المنخفض، يقلل صاروخ  " Yakhont " بشكل هام وقت الإنذار، ليزيد بذلك فرص تعرض السفن في عرض البحر للهجوم.
تشير التقارير الى أن المقصود من الصواريخ العمل كجزء من نظام دفاع  " Bastion " الساحلي متحرك بري، الذي يمكنه أن يضع قيد العمل ما يصل الى 36 صاروخاً. وقد أشارت دمشق الى اهتمامها بالحصول على نظاميْن من أنظمة  " Bastion " على الأقل. وتزعم مصادر روسية أن نظام  "Bastion " سهل التشغيل للغاية بالنسبة للإنسان مع زمن نشر قيادة وتحكم يبلغ 3-4 دقائق وأقل من 5 دقائق لجعل منظومة الصاروخ في حالة جهوزية حربية من موقعه المحفوظ ( المخبأ). في كل الأحوال، هذه التقارير غير مثبتة وليس هناك من معطيات موثوقة عما إذا كان  " Bastion " يعمل في سوريا. فإذا ما، أو متى ما، أصبحت المنظومة شغالة، فإن بإمكان  " Bastion " تزويد نظام الأسد بوسيلة لردع القوات العسكرية البحرية على طول الخط الساحلي السوري بكامله.
أوراق التدخل
قد تكون حملة عسكرية بقيادة غربية لتدمير الدفاعات الجوية السورية، والمقاتلات والصواريخ الطويلة المدى، وشل منظومة صواريخ C41SR في البلاد ناجحة في تحقيق تلك الأهداف المحدودة. في كل الأحوال، إن عدداً من الأوراق قد يعقّد أي جهد للقيام بتدخل عسكري في سوريا.
لماذا سوريا ليست كليبيا؟
سوريا ليست ليبيا. يوضح الرسم 8 المؤشرات الوطنية والعسكرية السورية والليبية في أوائل العام 2011. فليبيا، جغرافياً، أكبر بكثير وفارغة بمعظمها إلا من عدد ضئيل من السكان ومن قدرة عسكرية محدودة جداً. بالمقابل، يبلغ عدد سكان سوريا ثلاثة أضعاف سكان ليبيا، ولديها كثافة سكانية أعلى من الأخيرة بـ 30 مرة بالإضافة الى قدرة عسكرية أكبر بكثير بالإجمال. لدى ليبيا انقسامات قبلية وعرقية دائمة ومستمرة. في كل الأحوال، إن الانقسامات المذهبية والعرقية السورية تسري بشكل أعمق بكثير وتجد صداها بشكل أكبر بكثير في التوتر الإقليمي على طول الخطين السني والشيعي.
على خلاف ليبيا، قوى المعارضة السورية لا تسيطر على الأرض الإستراتيجية، ولا تملك حالياً الموارد  العسكرية في متناول يدها لتقوم بهجمات أكثر من تلك التي من نوع  " إضرب وأهرب ". فنظام الأسد يتمتع بدرجة من السيطرة على البلد أكبر من تلك التي كانت لدى نظام القذافي بكثير. وفي حين أن بنية الدولة السورية ليست قوية بأي معيار من المعايير وهي أظهرت إشارات ركود ونخر عميقة لعقود، فإن 40 عاماً بظل حكم القذافي أهلك بنية الدولة الليبية تماماً وقضى على أي مظهر من مظاهر علاقات الدولة- المجتمع. في هذه الأثناء أظهر نظام الأسد أن بإمكانه الاعتماد أكثر بكثير على الوحدات العسكرية الموالية للنظام وعلى شريحة عابرة وشاملة للشعب السوري، بما في ذلك أصغر الأقليات ( إما بسبب الخوف أو الخيار) للدفاع عن مصالحه أو لعدم تقويض النظام أكثر. وتظل كتلة القوى الأمنية موالية، الى حد كبير، وبقسم لا يستهان به وذلك بفضل عقود من التجنيد المفرط لأفراد من المجتمع العلوي الريفي بشكل رئيس، الأمر الذي انتهى بثقافة عسكرية تشاركية قوية.
في حين كانت قوى المعارضة الليبية منقسمة، فإن قوى المعارضة السورية منقسمة أكثر بكثير، مع عدم وجود وحدة أو إتفاق كبير حول استخدام العنف كوسيلة للوصول إلى غاية، والخلاف حول الدور المحتمل للتدخل الخارجي. وعلى خلاف ليبيا، تعقد سوريا حسابات الفاعلين الخارجيين بسبب انقساماتها المذهبية والعرقية. وبحسب بعض التقديرات، يشكل المسلمون السنة 74 % من عدد السكان، بينما تشكل المجموعات المسيحية المتنوعة 10 % والمجتمعان العلوي والدرزي نسبة الـ 16 % المتبقية. في هذه الأثناء، يشكل العرب حوالي 90.3 % من السكان في حين يشكل الأكراد، والأرمن وأقليات أخرى نسبة الـ 9.7 % المتبقية.
وبجمعها معاً، تعقد هذه العوامل أية حسابات تتعلق بالتدخل العسكري في سوريا على طراز تدخل الناتو، سواء بما يتعلق بمستوى المعارضة العسكرية المحتملة، أم بما يتعلق بمخاطر سقوط نسبة عالية من الضحايا المدنيين.

 

syriamilitaryreport20118_450

 

الرسم 8: مقارنة المؤشرات الوطنية والعسكرية السورية والليبية في العام 2011

الشعب السوري
إن دعوة قوى المعارضة السورية لفرض منطقة حظر جوي بدعم غربي تعود، جزئياً، على الأقل الى توفير الإغاثة للشعب السوري مع بداية إجراءات فرض النظام الصارمة التي قام بها نظام الأسد والتي توفي من جرائها 5000 شخص على الأقل بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وفي حين أن إنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا قد تسير بطريقة ما بإتجاه هذا الهدف، فإنه مشحون أيضاً بالمخاطر وقد يفاقم من مأزق السوريين العاديين.
كما ذكر آنفا، لدى سوريا عدد كبير من السكان نسبياً مع كثافة سكانية متركزة في المراكز الحضرية. وهناك عدد من المواقع العسكرية الموجودة قريباً من المراكز الحضرية. وتشمل هذه المراكز هيكلية القيادة والتحكم التابعة للقوات المسلحة السورية في دمشق، ومراكز قيادة اللواء الثاني في الزبداني قرب العاصمة، واللواء الثالث في حلب – أكبر مدينة في البلد-  والقواعد البحرية والدفاعات الساحلية في، أو قرب، مدن كبرى كبانياس، واللاذقية، وطرطوس ، وأهداف أخرى أيضاً. وحتى مع الاستهداف المتقدم والمتطور، فإن من المرجح أن تؤدي الضربات الجوية في المراكز الحضرية أو قربها الى سقوط عدد من الضحايا السوريين ليس بأقل من الذي يعتقد بأنه قد قتل على أيدي نظام الأسد حتى الآن.
إن اللاجئين المتدفقين الى الدول المجاورة لسوريا تحد آخر. فالعمليات العسكرية في جسر الشغور في وقت سابق من هذا العام  حفزت آلاف اللاجئين السوريين على العبور الى تركيا. ومن المرجح أن يؤدي أي تدخل عسكري خارجي الى إطلاق موجة أكبر بكثير من التهجير، بما أن اللاجئين، الخائفين من فرص حرب أهلية، سوف يفرون الى البلدان المجاورة، كتركيا، لبنان أو الأردن.
 إن التدخل العسكري، مهما كان غير مرجحاً، لن يأتي كمفاجأة؛ إذ إن دعماً من الجامعة العربية أو تصعيد الخطاب في الأمم المتحدة أو الناتو سيعني أن السوريين سيتوقعون التصعيد على الأرجح. يمكن لكثيرين أن يتخذوا خطوات سعياً للحصول على ملجأ خارج سوريا، في حين أن قسماً لا بأس به سيسعى للحصول على ملاذ في أجزاء أخرى من البلاد؛ مما سيخلق أزمة مهجرين محتملة داخلية على مستوى كبير.
لقد لعب نظام بشار الأسد بانسجام على الدوام ورقة المذهبية لحشد دعم الأقليتين العلوية والمسيحية، لكن هناك مؤشرات تقول إنه أصبح من الصعب على دمشق، وعلى نحو متزايد، التحكم بهذه الإستراتيجية. فالانقسامات بين السوريين الموالين للنظام والمعادين له والمقترنة مع التوترات المذهبية يمكن أن تقود الى جعل المجموعات السكانية منفصلة عن بعضها بعضاً، على نحو متزايد – منقسمين وفق خطوط طائفية في شكل تطهير ناعم يمكن أن يتحول وبسرعة الى عنف على شاكلة العنف المرئي في العراق. إن التدخل العسكري وفهم التوازن ربما يتحول ضد النظام ولا يخدم سوى رفع الرهانات وزيادة أرجحية العنف الطائفي في سوريا.

موقع الخدمات البحثية