الجزء الثاني
كما أشرنا، لقد إعتقد القادة السوريون أحياناً بأن بلدهم شريك ثانوي، أو يمكن أن يكون كذلك، في العلاقة مع إيران. هذا الهاجس قد يكون أحد الأسباب العديدة بالنسبة لسوريا لترسيخ علاقات جيدة، أو حتى مقبولة، مع قوى إقليمية أخرى. وفي مواصلتها هذا المجهود لإكتساب حلفاء متنوعين، أسست دمشق علاقات متطورة بشكل كبير مع تركيا قبيل الربيع العربي، رغم أن هذه العلاقات إنهارت بعدما أصبحت أنقرة ناقدة بشكل متزايد لتصاعد القمع السوري في العام 2011. كما أن من التبسيط المفرط والخطير أيضاً العرض بأن سوريا قد وقفت إلى جانب إيران أتوماتيكياً في كل القضايا الكبرى. فبما يتعلق بالسياسة العراقية، دعم نظام الأسد على الدوام القائد العلماني أياد علاوي، كما تحافظ دمشق أيضاً على علاقات ودية مع بعض البعثيين العراقيين المعزولين الذين تزدريهم طهران. وبرغم هذا التفضيل، كانت الحكومة العراقية، بما في ذلك عدد من قادتها الشيعة، داعمين عموماً للحكومة السورية على إمتداد الثورة الشعبية ضدها. ويبدو أن السبب الرئيس لهذا الدعم هو الخوف في أوساط شيعة العراق من أن يخلف الأسد نظام سني متطرف. إن نظاماً كهذا قد يكون ميالاً إلى دعم العشائر السنية المتمردة المعادية لحكومة بغداد التي يهيمن عليها الشيعة. كما أظهر السوريون أيضاً إستقلالية عن طهران حول قضايا تتعلق باليمن. فكما أشرنا سابقاً، حافظت إيران والسعودية على سياسات متعارضة بعمق حول التمرد الحوثي في اليمن، إلا أن دمشق أخذت جانب السعودية، على الأقل كلامياً. إضافة لذلك، دعم السوريون التدخل العسكري السعودي في البحرين في آذار 2011، في خرق قوي خاص لموقف طهران.
حافظت السعودية، كملكية، على تقليد قديم من عدم الثقة تجاه سوريا، التي تعرِّف عن نفسها كجمهورية، وأحياناً كنظام ثوري. وفي حين كان السعوديون مستعدين للعمل مع سوريا في بعض المناسبات، فإنه ليس لديهم الكثير من الأمور المشتركة مع الدولة أو الحكومة السورية التي تتخطى مسألة العروبة. وكانت سوريا منذ العام 1970 بقيادة رؤساء علويين أقوياء من عائلة الأسد أيضاً. ويُنظر عادة الى العلويين كمجموعة فرعية للمسلمين الشيعة والتي تتخطى في ممارساتها ومعتقداتها حتى السنة المتعصبين والشيعة الإثني عشرية الموجودين في إيران، والعراق ولبنان. مع ذلك، كانت المقاربة السعودية بخصوص السعي لرشوة وإستمالة خصوم محتملين أمراً مطبقاً تجاه سوريا بنجاح لا بأس به أحياناً، وأحياناً أخرى كانت الدولتان تجدان الأساس الذي تبنيان عليه تعاونهما الجدي. أما المثال الأبرز لهذه المقاربة فقد يكون أزمة الخليج عام 1990، عندما أرسلت دمشق فرقة مدرعة مع جنود دعم ( ما مجموعه 300 دبابة و 700 من الجند) إلى السعودية للمشاركة في الإئتلاف الدولي عام 1990 – 1991 المعارض لغزو صدام حسين للكويت.
أخذت العلاقات السعودية ـ السورية منعطفاً دراماتيكياً الى الأسوأ في 14 شباط، 2005، عندما مات رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وثمانية من مساعديه بقنبلة موضوعة في سيارته تم تفجيرها ما إن مر موكبه عائداً الى منزله من البرلمان على طول الطريق البحري لبيروت. وفي أعقاب الهجوم مباشرة، كان هناك فرضية شاملة تقريباً تقول بأن التفجير هو عمل أجهزة الإستخبارات السورية. وقد جعلت العلاقة الخاصة التي كانت تربط السعودية بالحريري من جريمة قتله إنتكاسة جيوإستراتيجية هامة، بالإضافة الى أنه عمل وحشي موجه ضد شخص كان معروفاً جداً ومحبوباً لدى القيادة السعودية. وفي أعقاب الهجوم، جددت السعودية دعمها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 ( 2 أيلول، 2004) الذي طلب من سوريا سحب قواتها العسكرية من لبنان ودعمت الجهود الديبلوماسية الأميركية لإزالة الجيش وأجهزة الإستخبارات السورية من لبنان. هذه الجهود أدت إلى خروج القوات السورية من لبنان في نيسان 2005، حيث كانت متموضعة منذ منتصف السبعينات.
وفي مرحلة ما، كان السعوديون قادرين على تجاوز عدائيتهم تجاه النظام السوري، وسعوا الى العمل مع دمشق في مجهود للمساعدة على إنقاذ الوضع المتدهور في لبنان الذي إشتمل على الإستقطاب السياسي الذي فاقم منه إغتيال الحريري. وربما كانت الرياض مهتمة بتراجع النفوذ الإيراني في كل من سوريا ولبنان، في حين ثمنت دمشق الروابط السعودية في مسعى لتجنب الإعتماد المفرط على إيران. وفي كانون الثاني 2010، صرح الأمير سعود قائلاً ،&qascii117ot; إذا ما وصل الأمر الى فصل أو تقسيم لبنان، فإن هذا سيعني نهاية لبنان كنموذج للتعايش السلمي بين الأديان، والعرقيات، والجماعات المختلفة&qascii117ot;. ومضى يصف هكذا نتيجة قائلاً، &qascii117ot; إنها خسارة للأمة العربية&qascii117ot;.وفي 30 تموز، 2010، قام الأسد والملك عبد الله بزيارة مشتركة إلى بيروت لتهدئة الوضع ونزع فتيل التوترات التي خلقتها ردة الفعل المتخوفة من الإتهام المتوقع من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لأفراد من حزب الله بجريمة قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وبشكل مثير للدهشة، لم تحمل المحكمة الدولية المسؤولية المباشرة لسوريا على جريمة الحريري، وبدلا ًمن ذلك، أصدرت مذكرات إعتقال بحق أربعة لبنانيين مشتبه بهم هم أفراد في حزب الله. وتفاعل حزب الله بغضب مع الإتهام في حين طالبت مجموعات موالية للحريري بالتعاون اللبناني مع المحكمة الدولية. هذا الوضع لا يزال ينتظر الحل، رغم أن الأفراد المتهمين قد إختفوا عن أعين الناس وربما يكونون قد فروا إلى إيران.
في الآونة الأخيرة، كانت كل من السعودية وإيران بحاجة الى درس كيفية تأثير الإضطرابات السورية على مصالحهما وكيفية الإنكباب على معالجة هذه التطورات. ومن الواضح أن لدى طهران الكثير لتخسره إذا ما تمت الإطاحة بنظام الأسد، وهي في الغالب واقفة الى جانب حليفتها. وقد إتهم مختلف القادة الأميركيين والأوروبيين، بمن فيهم ممثلو وزارة الخارجية الأميركية والإتحاد الأوروبي، الإيرانيين بمساعدة سوريا على قمع المتظاهرين المناهضين للنظام، رغم أنه لم يتم تقديم تفاصيل كثيرة عن هكذا نشاطات علناً. وتعرض المصادر الصحفية إلى أن إيران قدمت لسوريا التجهيزات، والمشورة التخطيطية، والخبرات التقنية ذات الصلة بتفتيت جهود تنظيم التظاهرات المناهضة للحكومة. بعض هذا الدعم قد يكون مفيداً ويتيح للقوى الأمنية السوريةالتعلم من التجارب الإيرانية في قمع الإضطرابات الضخمة في بلادهم عقب إنتخابات 2009. وإتهم المتظاهرون السوريون إيران أيضاً بتوفير القناصة لإطلاق النار على الحشود المتجمعة في سوريا، لكن هذا الأمر ليس مرجحاً. فالنظام السوري لن يعوزه رماة ملتزمون لأداء هذه الوظيفة،ولن يكون بحاجة كبيرةلإستدعاء أجانب ليقوموا بذلك.
ربما ستكون إيران آخر بلد يتخلى عن النظام السوري لأسباب عديدة ومتنوعة، بما في ذلك الخوف من حكومة سنية تخلف نظام الأسد وتكون أكثر توجهاً للعمل مع دول عربية أخرى بدلاً من إيران. كما ان قادة إيران قلقون بشأن البروز المحتمل لحكومة موالية لأميركا في دمشق. فأي من هذين النموذجين اللذين قد يخلفان النظام الحالي قد يسعى أيضاً الى خرق تام للعلاقة السابقة مع طهران. علاوة على ذلك، وإذا ما قطعت حكومة سورية جدية علاقتها مع إيران، فإن طهران سوف تخسر الكثير جداً من قدرتها على إستعراض القوة في لبنان وربما في الأراضي الفلسطينية. إنتكاسة خطيرة للجهود الإيرانية لجهة إبراز إيران كقائد إقليمي.
لقد عرضت الثورة في سوريا أيضاً بعداً جديداً بنظر السعوديين حول سوريا، ما أدى إلى مقاربة أكثر تشدداً. هذه الشدة الجديدة كانت واضحة عندما طالب الملك السعودي عبد الله&qascii117ot; بوضع حد لآلة القتل وسفك الدماء&qascii117ot; التي أطلقها النظام السوري ضد شعبه. كما سحب السعوديون، والكويتيون، والبحرينيون سفراءهم من دمشق في أوائل آب 2011 إحتجاجاً على سياسات نظام الأسد. لقد كانت حالة الإنفراج السابقة مع دمشق هامة، لكن الرياض لم تعتبرالنظام السوري حليفاً لها على الإطلاق، وبالإمكان التوقع منها أن تكون مسرورة برؤية طهران تخسر شريكها العربي الأهم إذا ما سقط هذا النظام. وبالمقابل، لن تعتبر الرياض الوضع في سوريا بمثابة نصر سعودي تام وقاطع بالتأكيد، حتى لو تمت الإطاحة بنظام الأسد وحلت مكانه حكومة معادية لإيران. فالقيادة السعودية تظل قيادة محافظة ومتشددة، وبالمقابل هي تنظر نظرة قاتمة الى الاضطرابات الثورية والديمقراطية العربية. إن ديمقراطية سورية قوية ومدوية ستكون، في الحد الأدنى، إزعاجاً جدياً بالنسبة للرياض، ويمكن أن تبرز كتحد حقيقي للوضع الشرق أوسطي القائم.
التنافس السعودي – الإيراني في الأراضي الفلسطينية ولبنان
تختلف التقييمات للمواقف السعودية والسياسات تجاه القضية الفلسطينية والشرق الأوسط وعملية السلامبشكل واسع جداً. فالرياض، وبشكل واضح، داعم قوي للحقوق الوطنية الفلسطينية وناقد حاد ومتكرر على إسرائيل. إضافة لذلك، دعم السعوديون وبقوة المطالب الإسلامية الفلسطينية بالقدس الشرقية وهم عدائيون إزاء الجهود الإسرائيلية الرامية إلى توسيع وجودهم في المدينة القديمة. أما المنتقدون للسياسة الخارجية السعودية فيتهمون الرياض بأنها تتساهل أو تدعم النشاطات الإرهابية الفلسطينية، أحياناً، وسيتم درس هذه الهواجس لاحقاً في هذه الدراسة. وبرغم اللوم الموجه ضدها، يعتبر عدد من المراقبين المختلفين الحكومة السعودية بلداً معتدلاً، أو، بالحد الأدنى، لديها جانب معتدل بشأن القضايا العربية – الإسرائيلية. أما أقوى دليل على وجهة النظر هذه فيكمن في خطة السلام العربية المتبناة من قبل الجامعة العربيةفي مؤتمر القمة للجامعة المعقود في بيروت في آذار 2002. ويقدم الإقتراح إعترافاً شاملاً بإسرائيل من قبل كل دول الجامعة العربية مقابل عودة كل الأراضي المحتلة في حرب حزيران 1967. وصرح عدد من القادة السياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم وزير الدفاع إيهود باراك ورئيسة حزب كاديما تسيبي ليفني، بأنهم يرون جوانب إيجابية عديدة في الخطة رغم أنهم يرفضون القبول بها على قاعدة &qascii117ot;خذها كلها أو أتركها&qascii117ot;. وفي حين لم تكن الرياض متحمسة دوماً بشأن إمكانية التقدم في عملية السلام، لأن القادة السعوديين يتخوفون أيضاً من أن يؤدي إنهيارها التام إلى تعزيز القوة الإقليمية الإيرانية على حسابهم. بظل ظروف كهذه، ستبدو المقاربة المتشددة للإيرانيين مبررة بالنسبة لكثير من العرب، في حين سيبدو أي مجهود للتفاوض حول السلام بأنه قبول بتكتيكات التأجيل الإسرائيلية المستخدمة لتعزيز وتمتين السيطرة على الأراضي الفلسطينية.
قامت السعودية بجهود عديدة لمساعدة الفلسطينيين وإستخدام مواردها المالية ونفوذها السياسي لصالحهم. وتحافظ الرياض على علاقات سياسية طبيعية مع كل من الفريقيْن السياسييْن الفلسطينييْن الأساسيينْ ، فتح وحماس، والأخيرة تم تحديدها كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة. وبهذا الخصوص، نقلت الحكومة السعودية أموالاً إلى مختلف المنظمات الفلسطينية بشكل مباشر على إمتداد فترة لا بأس منها من الزمن. وتم تقديم مقدار هام من هذه الأموال إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، التي تسيطر عليها فتح والتي كانت مدعومة أيضاً من قبل الولايات المتحدة. أما العلاقات المالية مع حماس فقاتمة وأكثر إثارة للجدل. فقد أدانت الحكومة السعودية الأعمال الإرهابية من قبل حماس ضد الإسرائيليين، إلا أن الملك عبد الله دعا الضربات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزةبأعمال الإبادة ضد الفلسطينيين. إضافة لذلك، تحافظ الحكومة السعودية، وبقوة، على القول بأنها لا تقدم المال مباشرة لحماس، رغم أن الأموال السعودية الخاصة المقدمة لحماس، في أوائل العقد الأخير من القرن الماضي، كانت تقدر بحوالي نصف موازنة التشغيل التابعة لحماس. ومنذ ذلك الحين، تشير كل من المصادر الإسرائيلية والأميركية إلى أن الأموال السعودية المتدفقة إلى حماس قد تضاءلت أو حتى جفت إلى حد كبير. قد تكون هذه التطورات نتيجة الضغط الدولي على الرياض، أو نتيجة عدم الارتياح السعودي إلى ميل حماس الكبير نحو إيران، وهو الأرجح. ومن الممكن أيضاً أن تكون بعض الهبات السعودية الخاصة، على الأقل، قد أصبحت أكثر تفرداً وانفصالاً.
قاربت إيران المشكلة الفلسطينية بطريقة مختلفة جداً. فبدلا ًمن تقديم صيغ للسلام، حاولت إبراز نفسها كقوة مناضلة مقاتلة قيادية تدعم الحقوق الفلسطينية وتعارض إسرائيل من خلال مختلف الوسائل، بما في ذلك تزويد المقاتلين الإسلاميين الفلسطينيين بالسلاح والمال. هذا الدور القيادي هام بالنسبة لإيران كطريقة لتعزيز وتمتين الدعم للنظام داخلياً ورفع دوره الإقليمي ومكانته في أوساط الشعوب المعادية لإسرائيل على إمتداد المنطقة. وقد أصبحت إيران في الوقت الحاضر الراعي المالي الأساسي لحماس، وهذا واضح. فحماس تعتمد الآن وبشدة على إيران بحيث إنها غالباً ما تتهم بأنها وكيل وبديل لها. وصرح قادة فتح بأن إيران تسعى لإستخدام حماس لفرض أجندتها على الشعب الفلسطيني.
إن مصلحة إيران في توفير السلاح للمجموعات الفلسطينية ثابتة جداً. أما أحد أكثر الحوادث إثارة والتي تشمل العلاقات الفلسطينية – الإيرانية فحصلت في 3 كانون الثاني 2002، عندما استولى الإسرائيليون على سفينة الشحن الفلسطينية &qascii117ot; كارين A &qascii117ot;. ففي أواخر العام 2001، توقفت السفينة &qascii117ot; كارين&qascii117ot; في جزيرة قرب الساحل الإيراني حيث تم تحميلها بالسلاح، بما فيه صواريخ الكاتيوشا، قذائف المورتر، رشاشات الكلاشينكوف، الذخيرة، أسلحة مضادة للدبابات، عبوات بلاستيكية، وأسلحة أخرى، والتي قال عنها الإسرائيليون بأنها كانت مقدمة إلى السلطة الفلسطينية ( بدلاً من حماس). وفي حين أن إيران غالبا ًما كانت عدائية تجاه السلطة الفلسطينية، فقد كانت مهتمة بدعم وتسليح إنتفاضة الأقصى، ثورة فلسطينية ضد السلطات الإسرائيلية كانت قد إندلعت في أيلول 2000. هذا الإهتمام في الإستفادة من الأحداث المنتشرة يبدو بأنه كان الدافع الأول والرئيس لطهران في سعيها لتقديم السلاح. وقد أنكر ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية في ذلك الحين، أي صلة بالسفينة، رغم أنه أصبح لاحقاً أكثر إبهاماً حول الموضوع. فإذا كانت إيران قد أملت بإلحاق الضرر بعملية السلام، فقد كان بإمكانها الشروع بعملية أكثر فعالية. وكان لأسر السفينة &qascii117ot; كارين A&qascii117ot; وقع كارثي على العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية وزعزعت الروابط الأميركية مع السلطة الفلسطينية. ومن سوء حظطهران، فقد ساهمت حادثة &qascii117ot; كارين A&qascii117ot; بإعتقاد الرئيس جورج دبليو بوش بأن إيران دولة مارقة غير قابلة للإسترداد. وفي خطابه الموجه للأمة في 29 كانون الثاني، 2002، حدد الرئيس بوش إيران، العراق، كوريا الشمالية، كجزء من &qascii117ot; محور الشر&qascii117ot;.
منذ احتجاز السفينة &qascii117ot; كارين A&qascii117ot;، ونسبة نجاح جهود التهريب الإيرانية من الصعب قياسها، لكن عدداً هاماً من الأسلحة قد تم تهريبها بمرور الوقت إلى غزة من خلال أنفاق من مصر. ويعتقد الإسرائيليون بأن عدداً من الأسلحة والمتفجرات التي يتم تزويد الفلسطينيين بها بهذه الطريقة منشأها الإيرانيين. أما الأمر الأكثر إثارة، فهو احتجاز الإسرائيليين لسفينة شحن إضافية في آذار 2011، والتي ذكر بأنها كانت محملة بأنظمة صواريخ طويلة المدى بالإضافة الى كتيبات تشغيلية باللغة الفارسية. وصرحت المصادر الإسرائيلية بأن الخطة الإيرانية كانت تقضي بتفريغ حمولة هذه الشحنة من الأسلحة في مصر ومن ثم محاولة تهريبها إلى غزة من خلال الأنفاق. ويقول الإسرائيليون بأنه كان هناك تزايد حقيقي في المشاكل على طول الحدود المصرية منذ الإطاحة بالرئيس مبارك في كانون الثاني 2011، إذ قد تسعى إيران الى الإستفادة من هذا الوضع.
كما أطلقت القيادة الإيرانية عدداً من الوعود البراقة، لكن الشفافة والفارغة، لتسليط الضوء على معارضتها لإسرائيل ودعمها للفلسطينيين ردا ًعلى العناوين الدولية الرئيسة. وقد حصلت إحدى الحوادث من هذا النوع بعد إعتراض سفينة مساعدات تركية في حزيران 2010 من قبل البحرية الإسرائيلية، ما أدى الى خلق حادث دولي كبير إشتمل على مقتل تسعة أتراك. وفي أعقاب الضربة، صرح ممثل عن القائد الأعلى آية الله علي الخامنئي بأن الحرس الثوري الإسلامي سيكون مستعداً لتوفير وحدات بحرية لمرافقة السفن التي تجلب الإمدادات لغزة في المستقبل رغم أن قدرة إيران على تنفيذ هذه السياسة لم تكن موجودة. من الصعب التصديق بأن القائد الإيراني الأكثر تشدداً حتى يؤمن بأن هكذا أفعال سوف ترتد عليهم بشكل جيد، وقد يكون بالإمكان فهم هذه التصريحات ككلام منمق دعائي في أفضل الأحوال.
وفي أماكن أخرى من الشرق، غالباً ما تبدو إيران بأنها مهيمنة في تنافسها مع السعودية في لبنان. فلبنان دولة صغيرة، ضعيفة متأثرة بمختلف البلدان الموجودة ضمن المنطقة وكذلك العالمية. وفي السنوات الأخيرة، كانت أهم القوى المؤثرة في لبنان هي سوريا، إيران، الولايات المتحدة، إسرائيل، والسعودية. ولدى إيران في هذا النزاع بعض المكاسب الواضحة في التنافس على النفوذ، أهمها روابطها القوية مع حزب الهر، المنظمة السياسية اللبنانية التي تحتفظ بميليشياها الخاصة والمعروفة بممارستها للإرهاب. وغالباً ما يعرَّف عن حزب الله في الغرب بأنه منظمة إرهابية، لكنه أيضاً من أقوى المنظمات السياسية في الحياة السياسية اللبنانية. ويشغِّل حزب الله شبكة ضمان وشبكة تعليمية واسعة للبنانيين الشيعة المتوقع منهم مكافأة المنظمة بولائهم ودعمهم. كما يملك حزب الله محطته التلفزيونية الخاصة ( تلفزيون المنار) وإحتفظ على الدوام بممثلين له في البرلمان ومجلس الوزراء. والأهم ربما هو أن حزب الله يعتبر المنظمة السياسية اللبنانية الوحيدة التي تحتفظ حالياً بميليشيا من حقبة الحرب الأهلية. فالأحزاب والأفرقاء السياسيون الآخرون الذين استخدموا السلاح وحملوه في الحرب الأهلية اللبنانية ( 1975-1990) تخلوا عن السلاح منذ ذلك الحين بظل إتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى ذاك الصراع. وغالباً ما يُنظر إلى قرار حزب الله بالإحتفاظ بسلاح عسكري على أنه مشكلة من قبل لبنانيين آخرين، رغم أن الأفراد في حزب الله والإيرانيين يبررون هكذا أعمال على أنها رادعة لإسرائيل عن القيام بعمل عسكري ما.
يتم الحفاظ على التأثير الإيراني على حزب الله من خلال مساعدات مالية ومادية سخية، يتم ضخها عادة إلى لبنان من خلال سوريا. وقد يكون دور حزب الله كقيمة إستراتيجية لإيران ينمو ويتعاظم. ففي أيلول 2010، زعم قائد حزب الله حسن نصر الله بأن منظمته قد زادت مخزونها من الصواريخ إلى حوالي 40000 من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى، في حين كان لديها في حرب 2006من 14000 إلى 20000 صاروخ، كان 14000 منها على الأقل عبارة عن صواريخ كاتيوشا قصيرة المدى. وفي نيسان 2010، إتهم الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز سوريا بتزويد حزب الله بصواريخ &qascii117ot; سكود&qascii117ot;، الأمر الذي كان يتم بالتنسيق مع إيران. وكان بيريز الأول من بين عدد من المسؤولين الإسرائيليين الذين أطلقوا هكذا إتهامات، مع مصادر صحفية أميركية تقول بأن حزب الله يملك 10 صواريخ &qascii117ot; سكود- D&qascii117ot; . وعرضت&qascii117ot;مجموعة الأزمات الدولية&qascii117ot; أيضاً إلى أن إسرائيل قد تكون تقترب من القيام بمهاجمة هذه الأسلحة، بحسب مقابلات أجرتها مع مسؤولين إسرائيليين. ويرفض مسؤولو حزب الله مناقشة ما إذا كانوا قد حصلوا أم لا على منظومات كهذه أو على صواريخ مضادة للطائرات قادرة، وبشكل جدي وخطير، على تهديد الطائرات الإسرائيلية في أي هجوم مستقبلاً. وطالما أن هذه الأسلحة لا تزال موجودة، فستكون إيران قادرة على مطالبة حزب الله بإطلاقها في أي صراع إسرائيلي – إيراني مستقبلي، تحديداً في حال حصول هجوم إسرائيلي على مواقع نووية إيرانية.
أصبحت السعودية هامة بشكل خاص في الحياة السياسية اللبنانية بعدما ساعدت على رعاية إتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. وبعد إتفاق الطائف، بدأ السعوديون أيضاً بلعب دور رئيس في عملية إعادة الإعمار اللبنانية. وفي العام 1992، أصبح الملياردير اللبناني رفيق الحريري الموالي للسعودية رئيساً للوزراء نتيجة لإتفاق الطائف الذي أدى الى زيادة واضحة في النفوذ السعودي داخل لبنان وإلى إحتمال قوي بإنخراط سعودي في إعادة البناء الإقتصادي. وسرعان ما ألقى الحريري، وهو مسلم سني صنع ثروته الهائلة في السعودية، بظلاله على النخبة السنية التقليدية في لبنان بسبب سلطته المالية وعلاقته الوثيقة بالقيادة السعودية. وبحسب ما قال مايكل يونغ، المحرر في صحيفة الدايلي ستار الصادرة في بيروت، كان من الصعب غالباً تبيان أين تنتهي ثروة الحريري الشخصية وأين يبدأ التمويل السعودي عندما يكون الأمر متعلقاً بالإستثمارات اللبنانية، المحسوبيات، وشبكات المساعدات. ووفق تقديرات يونغ، كان الحريري شيئاً يمكن وصفه برجل الصدارة والواجهة للمصالح السعودية في لبنان. وعمل الحريري كرئيس حكومة من العام 1992 وحتى 1998، ومرة أخرى من العام 2004 وحتى 2004.
أحياناً يُنظر إلى التدخل العسكري الإسرائيلي في تموز- آب 2006 في لبنان ضد حزب الله على أنه أدى إلى خلق فرص لطهران بما أن القادة الإسرائيليين، وبإعترافهم هم، كانوا غير راضين بشكل عميق عن نتيجة ذلك التدخل. فالحرب الإسرائيلية المتواضعة التخطيط والتي دامت 33 يوماً ضد حزب الله فشلت بتلبية أهدافها ورفعت مكانة وسمعة حزب الله وداعميه الإيرانيين بشكل كبير، بسبب الروح المقاوِمة التي عرضها المقاتلون الشيعة اللبنانيون. أما الأمر الأكثر إثارة فهو أن حزب الله كان قادراُ على رد الضربات للإسرائيليين باستخدامه عدد كبير من صواريخ الكاتيوشا وبعض الصواريخ الأطول مدى. وخلال حرب لبنان 2006، كان المسؤولون ورجال الدين السعوديون منتقدين، في غالب الأحيان، لمغامرة حزب الله وخطفه جنديين إسرائيليين وبالتالي إشعال الصراع. لم يكن الحذر السعودي مقدراً دائماً لدى الشعوب العربية التي كانت تراقب إنتشار هذه الأحداث، وإختار عدد من المراقبين العرب، في البداية على الأقل، إحتضان رواية مقاتلي المقاومة الشجعان المناضلين ضد آلة الحرب الإسرائيلية العالية التقنية.. وبحسب هذا التفسير، كانت إيران تساعد على الحفاظ على كرامةالمقاومة العربية في الوقت الذي كانت فيه السعودية تلوم حزب الله على التحريض على الضربة الإسرائيلية. بدأت هذه الرواية بالاضمحلال بمرور الوقت ما أن بدأ يتم إلقاء اللوم، بشكل متزايد، على زعيم حزب الله حسن نصر الله حول موت 1100 لبناني وخسائر وأضرار في الإقتصاد اللبناني تقدر بما بين 3-5 مليار دولار تشمل تدمير 10000 منزل.
في أعقاب حرب 2006، إستمر النزاع بين إيران والسعودية ووكلائهما اللبنانيين. وفي بيئة سياسية لبنانية منقسمة بعمق، غالباً ما كانت تنظر مجموعات مختلفة إلى التورط الإيراني في بلدهم بطرق متباينة بشكل حاد. إذ يعتبر عدد كبير من الناس في المجتمع الشيعي اللبناني إيران حليفاً هاماً قدم دعما ًبارزاً للبنانيين في مقاومة العدوان الإسرائيلي، بحسب تعريفهم. فحركة 8 آذار، وهي إئتلاف سياسي بقيادة حزب الله، هي قائدة هامة لهذا التوجه، والذي تجده طهران ذا قيمة هامة. وقام الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأول زيارة رسمية له إلى لبنان في تشرين أول 2010، في وقت تصاعد فيه التوتر بين حزب الله وخصومه، كطريقة لإلقاء الضوء على العلاقات بين إيران وحزب الله. وقد إشتملت الزيارة التي دامت يومين على رحلة إلى الجزء الجنوبي من البلاد قرب الحدود الإسرائيلية، حيث بنت إيران أيضاً عدداً من الطرق. وقد اعتبر الرئيس الإيراني الزيارة ناجحة بشدة وتحلقت حوله الحشود المعجبة به.
أما المجموعات المختلفة الأخرى في لبنان فتعتبر إيران متطفلة ومتدخلة في الحياة السياسية اللبنانية، وهي تسعى للحصول على دعم السعودية كقوة وازنة إزاء طهران، على الأقل في مجال المساعدات المالية. أما المجموعة الأكثر إلتصاقاً بهذه النظرة فهي حركة 14 آذار، التي تضم مروحة من القادة السياسيين المهمين المستمدين عادة من المجتمعيْن المسيحي والمسلم السني. أما بعض مسؤولي حركة 14 آذار فهم غليظون تماماً بشأن تقييمهم للعلاقة مع إيران. وقد مضى رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، رئيس حزب المستقبل وإبن رفيق الحريري، بعيداً في تصريحه قائلاً، &qascii117ot;نحن في لبنان لا نقبل أن نكون محمية إيرانية&qascii117ot; ثم تابع يقول،&qascii117ot; السعودية هي أول وأكبر مستثمر في الإستقرار اللبناني. هذا الإستثمار لا يقدر بثمن. إنه أساس تقدم لبنان ونموه الإقتصادي&qascii117ot;. وأكدت مجموعات أخرى موالية للسعودية على تصريحات من هذا النوع، بما في ذلك رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة الذي أشار أيضاً إلى أن حزب الله تجاهل دور السعودية في المساعدة على إعادة بناء لبنان بعد حرب 2006. وزعم قادة آخرون من الكتلة البرلمانية التابعة لحزب المستقبل اللبناني بأن السعودية قدمت دعماً هائلاً إلى لبنان، يتفوق على ذلك المقدم من إيران بعد حرب 2006، بما فيه تقديم الأموال لبناء 55200 وحدة سكنية. وتم الإستشهاد بهذه الإحصاءات في مناقشة حاميةإنتقد فيها قادة حزب المستقبل بقوة قائد حزب الله حسن نصر الله لشكره إيران، من دون شكر السعودية، على المساعدات ما بعد حرب 2006. وقد كانت أهمية إيران في الحياة السياسية اللبنانية، مع ذلك، أمراً معترفاً به من قبل معتدلين في الحكومة اللبنانية المعروفين بعدم الثقة بطهران. وفي تشرين الثاني 2010، قام رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري بزيارة رسمية إلى طهران وُصفت بأنها مجهود لتعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية بين البلدين. إن نفوذ إيران يعتبر كاسحاً جداً بحيث لا يمكن لأي رئيس حكومة لبناني تجاهله وهو في منصبه.
إنهارت حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري في 21 كانون عندما إستقال أعضاؤها التابعون لحزب الله وحلفاؤهم بشكل جماعي لإسقاط الحكومة. وقاموا بذلك على خلفية الخلافات حول التعاون أم لا مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تحقق في جريمة قتل رفيق الحريري في العام 2005. وكانت المحكمة آنذاك على حافة إتهام أربعة أفراد من حزب الله.
بعد طرد الحريري من الحكم، لم يتم تشكيل حكومة جديدة إلا بعد مرور خمسة أشهر، عندما تمكن الملياردير ورئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي من الحصول على ذلك المنصب بدعم من حزب الله. وكانت الحكومة الجديدة مهيمناً عليها من قبل حزب الله وحلفائه. وبظل هذه الظروف، تراجعت الآمال بحصول المجتمعيْن السعودي والإسلامي السني على نوع ما من العدالة بخصوص جريمة قتل رفيق الحريري. أما ميقاتي من جانبه، فقد ظل مواظباً بقوة على القول بأنه سياسي مستقل وليس أضحوكة حزب الله. ورغم هذه التطمينات، اعتُبرت حكومته، وعلى نطاق واسع، بأنها تشكل أكثر الحكومات موالاة لسوريا وإيران في التاريخ اللبناني، ويتم وصف رئيس الحكومة أحياناً بأنه الصديق الحميم للرئيس السوري بشار الأسد.
ومما لا يثير الدهشة أن لا تقوم حكومة المالكي بتوجيه إنتقادات جدية للقمع السوري الوحشي للمتظاهرين، في الوقت الذي أدان فيه حزب المستقبل الأفعال السورية بصفتها &qascii117ot; جرائم ضد الإنسانية&qascii117ot;.ودعا رئيس حزب المستقبل سعد الحريري حكومة المالكي لإدانة &qascii117ot; المجزرة المفتوحة&qascii117ot;. وفي إحدى المناسبات التذكارية الخاصة، قدم موقفه كتابع لقرار الملك عبد الله بالمبادرة إلى إدانة الأعمال السورية وإستدعاء السفير السعودي في دمشق. وصرح الحريري قائلاً، &qascii117ot; ليس هناك من شك في أن الخطاب التاريخي أمس لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سوريا وشعبها جاء في لحظة حاسمة ليتوج الموقف العربي برؤية صادقة وثابتة تصدر تحذيرات إزاء مخاطر العنف المستمر، سفك الدماء، والفوضى&qascii117ot;.
لقد خلق تأسيس حكومة المالكي مشاكل بالنسبة للولايات المتحدة، التي كانت قد حددت حزب الله في وقت سابق بأنه منظمة إرهابية، والذي نظرت نظرة قاتمة إلى بروزه الجديد في الحكومة اللبنانية. وفي العام 2010، تلقى لبنان حوالي 100 مليون دولار بشكل مساعدات عسكرية للمساعدة على تعزيز قواه الأمنية. وقدمت الولايات المتحدة حوالي 800 مليون دولار بشكل تمويل برامج عسكرية وبرامج فرض سلطة القانون منذ نهاية حرب 2006. وعقب تأسيس حكومة المالكي، طرح بعض صناع السياسة الأميركيين تساؤلات حول إستمرار هذه المساعدات. رداً على ذلك، أعلنت الحكومة الإيرانية بأنها على إستعداد للحلول مكان الولايات المتحدة كمصدر رئيس للمساعدات العسكرية للبنان. هذا التبدل غير مرجح، حيث إن أية محاولة جدية لإعادة تنظيم المشتريات الدفاعية من إيران سيخلق أزمة محلية ودولية شديدة. وتستمر السعودية بمساندة المعارضة اللبنانية، تحديداً قيادة المجتمع الإسلامي السني اللبناني.
التنافس السعودي – الإيراني ومستقبل العراق
العراق هاجس مركزي لكل من إيران والسعودية، وقبيل العام 2003 كان العداء المتبادل إزاء نظام صدام حسين أحد الأمور المقلقة الرئيسة التي كان يتقاسمها هذان البلدان. فقد إحتجت كل من الرياض وطهران على العراق غير الصديق في مراحل هامة من تاريخهما. وكان البلدان قلقين من البروز المحتمل لنظام معاد في بغداد. ومنذ طرد صدام حسين من الحكم، ظهرت هذه المشكلة أكثر صعوبة بالنسبة للرياض منها لطهران. فقد حسنت إيران علاقاتها بشكل هام مع العراق بظل سلسلة من الحكومات الشيعية العراقية ما بعد صدام، في حين حافظت السعودية على علاقات متوترة تماماً مع عدد من القادة العراقيين بمن فيهم رئيس الحكومة نوري المالكي. كما كان هناك تساؤلات حول النفط. فالعراق يبدأ الآن بذل مجهود جدي للعمل مع شركات النفط الدولية لإعادة بناء بنيته النفطية التحتية بطريقة تسمح له بالبروز كمصدِّر رئيس للنفط. هذا التطور يمكن أن يضعف النفوذ الإقليمي والدولي للرياض في سوق النفط العالمي، لكنه ربما لن يكون مشكلة بالنسبة لإيران بما أن لدى طهران وبغداد هواجس متشابهة بخصوص النفط. أما الأمر الأكثر شؤماً فهو أن السعوديين قلقون بالتأكيد من أن يخلق أي تأسيس لحكومة شيعية في بغداد الظروف التي يمكن للعراق وإيران بظلها أن يضما قواهما وينتظمان ضدهم ( السعوديين) في بروباغندا ديبلوماسية، وربما في مجهود تخريبي. إن تحالفاً مؤقتاً حتى من هذا النوع يمكن أن يكون مدمراً بشكل محتمل بالنسبة لتقدم المصالح السعودية على إمتداد المنطقة.
أما القادة الإيرانيون، وبرغم نفوذهم الحالي في بغداد، فيظلون حذرين، حيث إن لديهم ما يتخوفون منه أكثر من السعودية لجهة عراق معاد تنشيطه في هذا الإطار إذا ما ساءت العلاقات. فإرث الحرب العراقية- الإيرانية التي دامت 8 سنوات، والتي قتل فيها مئات الآلاف من الناس من الجانبين، واقع منبه بهذا الخصوص. إن وجود مئات آلاف المتطوعين المعوقين في الحرب (جانبازان) ضمن المجتمع الإيراني يجعل من الصعب نسيان نتائج الحرب. أما الأمر الأكثر تأثيراً، فهو أن الحرب إنتهت وفق مصطلحات مؤاتية ومناسبة لبغداد أكثر منها لطهران، في الوقت الذي يُحكم عليها غالباً كمأزق. فما إن دخلت الحرب مراحلها النهائية حتى وافق الإيرانيون على وقف لإطلاق النار وذلك فقط بعد عمليات هجومية لم تعد ممكنة بالنسبة لهم. وبختام الحرب، حصل العراق على السيطرة على الأرض المتنازع عليها، وتم ترسيم الحدود مع إيران بطريقة عكست المصالح العراقية. بعد سنوات عديدة، راقبت إيران بإهتمام هزيمة العراق الشاملة في &qascii117ot; عملية عاصفة الصحراء&qascii117ot; في حرب تقليدية. وبينما كان الإيرانيون مسرورين لرؤية صدام مهزوماً، كان من المقلق مراقبة القوات الأميركية تقطع القوات العسكرية العراقية إلى شرائح، الجيش الذي كانوا عاجزين عن هزيمته خلال 8 سنوات من الحرب. حالياً، لن يرغب الإيرانيون، بأسلحتهم وتجهيزاتهم التقليدية والقديمة، بالدخول بحرب مع العراق المسلح بالتكنولوجيا العسكرية الغربية. وفي حين أنفقت إيران أموالاً كثيرة على قوتها الصاروخية وبرنامج التخصيب النووي، فإنها تجاهلت وأهملت قواتها التقليدية، التي لم يتم تحديثها كثيرا ًمنذ الحرب العراقية – الإيرانية وهي قوات عفا عليها الزمن بالمعايير الغربية. علاوة على ذلك، وحتى لو إختارت إيران الإستثمار في تحديث قواتها التقليدية، فإن هذا الأمر سيكون مستحيلاً بسبب العقوبات الدولية، التي تفرض حظراً شاملاً على الأسلحة إلى إيرانبسبب نشاطاتها النووية غير المعلنة. أما البلد الوحيد الذي ينتهك حظر السلاح هذا بكل الطرق الواضحة فهو كوريا الشمالية، التي لا يمكن أن تعمل كراع عسكري رئيس للأسلحة التقليدية.
إن الإيرانيين أكثر إهتماماً بشأن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، الذي يعتبرونه يقدم لواشنطن خيارات تقليدية متزايدة ضدهم.إذ إن وجود قوات بحرية أو جوية محدودة أو مؤقتة لا تشمل جنوداً قتاليين على الأرض سيكون محل إشكالية بالنسبة للإيرانيين. إضافة لذلك، لا يمكن لطهران أن تكون مرتاحة مع إحتمال عراق مسلح جيداً ولإمكانية وصوله للتكنولوجيا العسكرية الأميركية إلا إذا كانت القيادة الإيرانية تعتقد بأن العراق سيبرز كحليف دائم لها، الأمر الذي بالكاد يمكن التسليم به. حالياً لا يزال يهمين على الجيش العراقي قوات مشاة غير ممكننة، لكن بغداد تسعى أيضاً إلى الحصول على قوات مدرعة موسعة وعلى سلاح جو حديث، بما في ذلك مقاتلات F-16. أما سلاح الجو الإيراني، المبني على طائرات روسية/ سوفياتية وصينية، فلا يمكن له أبداً منافسة قوة مجهزة بطائرات غربية حديثة. كما أن هناك بعض السياسيين العراقيين الذين يدعون إلى إنشاء جيش كبير مجهز جيداً، يعتبرونه تكملة لدور العراق كقوة إقليمية هامة، وهكذا تعليقات لا تؤدي إلا إلى زيادة القلق الإيراني. إن المخاطر بالنسبة لإيران والمتمثلة بوجود قوات تقليدية عراقية سيتم التخفيف منها بشكل طبيعي إذا ما تجاوزت إيران العتبة النووية، لكن إيران قد لا تكون قادرة على إستخدام أسلحة نووية من دون إستفزاز رد فعل صادر عن الولايات المتحدة.
معروف عن الرياض أنها أبقت على تحفظات جدية بشأن الغزو الأميركي عام 2003 للعراق لطرد صدام حسين، رغم أن هذه الهواجس لم تكن مبنية على الخوف من توسع النفوذ الإقليمي الأميركي. ففي حين كان السعوديون قلقين بعمق من صدام حسين عندما كان في ذروة قوته وعدائيته بعد وقت قصير من الحرب العراقية- الإيرانية، فإن هذه المخاوف تراجعت عقب الهزيمة العسكرية العراقية الضخمة في العام 1991 وفرض العقوبات العسكرية ما بعد الحرب التي جعلت من الصعب على العراق تحديث أو حتى القيام بصيانة صحيحة لسلاحه ومعداته العسكرية. بالتزامن مع ذلك، أدركت قيادة الرياض أن وجود حكومة صديقة في عراق ديمقراطي أو غير ديمقراطي بقيادة الشيعة سيكون أمراً لا يمكن فهمه دوماً. وكانت إحدى أكبر مخاوف السعودية بعد هزيمة صدام عام 1991 هو البروز المحتمل لنظام شيعي معبأ معادٍ للسعودية في العراق بقيادة سياسيين موالين لإيران. وبعد إنتهاء عملية &qascii117ot;عاصفة الصحراء&qascii117ot;، يبدو أن الرياض كانت تعتبر صدام بمثابة الرجل القوي السني المعزول والمشلول الذي تمت معاملته بإشمئزاز من قبل قسم كبير من العالم والذي وُضع تحت عقوبات مستمرة. وبذلك، فإن قدرته على تهديد السعودية محدودة بشدة بطريقة لن تؤدي الى تقييد خلف معادٍ.
كانت طهران أكثر نشاطاً من الرياض، بشكل بارز، في محاولة الحصول على نفوذ لها في العراق منذ العام 2003، وذلك يعود جزئياً إلى قلقها، بشكل خاص، من الصعود المفاجئ للقوة العسكرية الأميركية وإرتفاع النفوذ الأميركي في الدولتين المجاورتين لها، العراق وأفغانستان. وإشتمل هذا المجهود الإيراني على الديبلوماسية، الإستثمار الإقتصادي، العمل السري، وزرع عملاء إيرانيين ضمن النظام السياسي العراقي بما في ذلك قيادة الميليشيات المسلحة. هذه المقاربة أثمرت نتائج، وبرزت إيران كقوة كبرى في الحياة السياسية العراقية المحلية. أما رئيس الوزراء المالكي، الذي يستمد سلطته من قاعدة القوة الشيعية المحلية، فمتردد بإغضاب إيران، وقد صرح قائلاً بأن العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين تخدم مصالح كل منهما. كما استضاف الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في زيارة رسمية له إلى بغداد في آذار 2008. كانت هذه الزيارة الأولى لرئيس إيراني في منصبه إلى العراق. وفي مؤشر آخر على النفوذ الإيراني، ساعدت طهران على رعاية إتفاقيات هامة بين الفئات الشيعية العراقية، بما في ذلك المساعدة على ترسيخ علاقة ناجحة عام 2010 بين المالكي والقائد الشعبي مقتدى الصدر لمساعدتهما على التأسيس، معاً، لإئتلاف شيعي حاكم في البرلمان العراقي. وكان هناك كراهية ما بين المالكي والصدر منذ آذار 2008 على الأقل، عندما أمر المالكي الجيش العراقي بالتحرك ضد أتباع الصدر في البصرة في عملية &qascii117ot; تكليف الفرسان&qascii117ot; وانتهت هذه المواجهة بسقوط عدد من القتلى وشكلت إنتكاسة أساسية لرهان الصدر على نفوذ سياسي له في العراق. من الصعب تصور أن يكون هذان الجانبان قد توصلا إلى إتفاق من دون وساطة إيرانية. ويعتبر الإيرانيون حركة الصدر مؤثرة داخل الحكومة العراقية، لأن الصدر ملتزم بحماسة شديدة بإنسحاب سريع لكل القوات الأميركية من ذلك البلد. وبالإمكان أيضاً، وبشكل منطقي، توقع معارضته لكل العلاقات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، وهو حالياً السياسي العراقي القيادي المطالب بإنسحاب أميركي كامل من العراق من دون ترك أية قوة متبقية هناك.
إن إحدى الطرق الأكثر إقلاقاً التي تفرض بها إيران نفوذها في العراق هي من خلال التنظيمات الميليشياوية الشيعية المختلفة، المنخرطة في أعمال إرهابية وضربات عسكرية ضد جنود أميركيين وعراقيين معارضين لهذه القوات. هذه الميليشيات الموالية لإيران يطلق عليها أحياناً إسم &qascii117ot; المجموعات الخاصة&qascii117ot;. ولدى إيران نفوذ مهم فيها وهي توفر السلاح والتدريب لبعض هذه القوات من خلال قوات القدس، نخبة الحرس الثوري الإيراني. وفي السنوات التي تلت مباشرة إزاحة صدام من الحكم، عمل الإيرانيون بشكل وثيق مع عدد من الأحزاب والحركات السياسية العراقية الشيعية، بما في ذلك حركة الصدر. وقد حافظت هذه الحركة على ميليشياها الخاصة ، جيش المهدي، الذي تلقى مساعدات مالية وإمدادات عسكرية من طهران. ويبدو أن الإيرانيين قد قللوا، في العام 2007، من التأكيد على دعمهم لجيش المهدي بسبب سلوكه المتهور وعجز أي كان عن السيطرة عليه. لاحقاً، وفي العام 2008، تنصل الصدر من أعمال العنف ضد عراقيين آخرين وأمر جيش المهدي بنزع سلاحه وبأن يصبح &qascii117ot; مجموعة إنسانية&qascii117ot;. وفي الوقت الحاضر، يظل الصدر في إيران ويتحكم بتنظيم ميليشيوي آخر، &qascii117ot; لواء اليوم الموعود&qascii117ot; وهذه الكتيبة، التي يبلغ قوامها 5000 رجل، هي مجرد ظل لجيش المهدي، الذي كان يضم في ذرة قوته، 60000 من رجال الميليشيات.
برغم مشاكله، يظل مقتدى الصدر قائداً سياسياً وزعيم ميليشيا هاماً. فهو يسيطر على 40 مقعداً في البرلمان العراقي المؤلف من 325 مقعداً برلمانياً ويتمتع بدوره ككقائد سياسي لا يساوم ومعارض للوجود العسكري الأميركي في العراق بعد كانون الأول 2011. ولتحديد إلتزامه، أطلق الصدر عدداً من التحذيرات بشأن بقاء أي جندي أميركي في العراق بصفة مدربين ما بعد الموعد النهائي المقرر لإنسحابهم في كانون أول 2011، وبأنهم سيكونوان أهدافاً لقوات ميليشياته. وتم التراجع عن هذا التهديد عقب إعلان الحكومة العراقية في آب 2011 عن فتح محادثات مع الولايات المتحدة حول بقاء بعض الجنود الأميركيين بصفة مدربين والمؤشرات اللاحقة عن التقدم في هذه المحادثات. كما صرح الصدر أيضاً قائلاً، &qascii117ot; إن الحكومة(العراقية) التي توافق على بقائهم، حتى ولو بغرض التدريب، هي حكومة ضعيفة&qascii117ot;. إن الحياة السياسية العراقية تتحرك بطريقة تعرض إلى أنها ستكون مشكلة سياسية عويصة لأي قائد عراقي كبير غير كردي يدعم التمديد لوجود عسكري أميركي باق في ذلك البلد، رغم أن بالإمكان خدمة الحاجات الأمنية الوطنية لبغداد جيداً عن طريق طلب كهذا.
وتشمل الميليشيات الأخرى المدعومة إيرانياً في العراق &qascii117ot; عصائب أهل الحق&qascii117ot; التي يبلغ قوامها حوالي 1000 من رجال الميليشيا، إضافة إلى &qascii117ot; كتائب حزب الله&qascii117ot;. إن الحجم الأصغر لكتائب حزب الله قد يسمح بتحكم الإيرانيين بها بشكل أسهل. وقد زود الإيرانيون المجموعتين بأسلحة فعالة على نحو متزايد والتي إشتملت على قذائف متفجرة بمساعدة صواريخ ( RAEPs)، المستخدمة لشن هجمات على الجنود الأميركيين. وقد كانت الأسلحة الإيرانية التي تزودت بها &qascii117ot; المجموعات الخاصة&qascii117ot; مستخدمة بفعالية هامة ضد القوات الأميركية في العراق، ما جعل وزير الدفاع ليون بانيتا يعلق في تموز 2011 قائلاً، &qascii117ot; نحن نرى من هذه الأسلحة الآتية من إيران أكثر فأكثر، وهي قد آذتنا حقاً&qascii117ot;. مع ذلك وإضافة إلى تورطها بتسليح الميليشيات المتطرفة، فإن لدى إيران عدداً من المصالح المشروعة في العراق. وقد زار الرئيس أحمدي نجاد العراق في أوائل آذار 2008، وتم في حينها التوقيع على إتفاقيات تجارية توفر الأساس لوجود علاقات إقتصادية أكبر. في هذا الوقت، إيران هي الشريك التجاري الأكبر للعراق، كما أن الإيرانيين هم من أكبر المستثمرين في إعمارالعراق وفي القطاع الصناعي.
ومما يثير الدهشة ، هو أن لدى واشنطن وطهران بعض المصالح المتداخلة في العراق في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تبدأ بسحب جنودها من ذلك البلد. فقد دعمت الولايات المتحدة رئيس الوزراء العراقي المالكي وإئتلافه السياسي &qascii117ot; دولة القانون&qascii117ot; لأنه كان يعتبر بنظرها قائد إستمراريةسيستمر بدعم الإكتفاء الذاتي العراقي في مجال الدفاع الداخلي. إيران أيضاً تدعم المالكي، الذي تعتبره قائداً شيعياً صديقاً سوف تنحدر إستجابته للولايات المتحدة، ربما، بعد إنسحاب هذه الأخيرة من ذلك البلد. بالمقابل، وعلى العكس، كان السعوديون منتقدين بعمق غالب الأحيان للسياسات الأميركية في العراق، التي إعتبروها مؤيدة للشيعة والأكراد، ومعادية للسنة. وقد أبرز القادة السعوديون، أحياناً، السياسات الأميركية بأنها تعمل بالضبط ما يريده الإيرانيون. ويبغض السعوديون المالكي، ويتهمونه بأنه شخصية مذهبية يعيق المصالحة بين المجتمعات العراقية. وفي مؤتمر دولي عقد في شرم الشيخ في مصر في أيار2007، رفض الملك عبدالله مقابلة المالكي، الذي وصفه بـ &qascii117ot; زارع الإنقسامات المذهبية&qascii117ot;.وإستمرت الخلافات الجدية، واتهمت الحكومة العراقية السعودية أحياناً بالفشل بمنع مواطنيها من دخول العراق والإنضمام إلى التمرد الشيعي. كان هذا إتهاماً خطيراً حمل في طياته إحتمال تعقيد علاقة الرياض مع واشنطن أو حتى الإضرار بها.
كما أشرنا آنفاً، لم تورط الرياض نفسها في العراق الى الحد الذي تورط به منافسوها الإيرانيون. وقد بدأت السعودية بداية أبطأ بسبب ترددها بإرسال ديبلوماسيين إلى العراق في أعقاب غزو القوات الأميركية لذلك البلد. كان السعوديون، سابقاً، قد قطعوا العلاقات مع العراق في العام 1991 عشية عملية &qascii117ot;عاصفة الصحراء&qascii117ot;، لكنهم أعادوا تثبيت هذه العلاقات رسمياً في العام 2004. في كل الأحوال، لم تعد الرياض فتح سفارتها في العراق، مستشهدة بالقضايا الأمنية وإستهداف الديبلوماسين العرب من قبَل إرهابيين ومتمردين. ولم تأخذ الولايات المتحدة ولا العراق هذه التصريحات بظاهرها، بالرغم من مهاجمة المتمردين، بالتأكيد، لعدد من الديبلوماسيين العرب المختلفين في تلك الفترة الزمنية. وأعاد العراق فتح سفارته في الرياض عام 2007، لكن العلاقات ظلت متوترة. بالمقابل، عين الإيرانيون سفيراً لهم إلى ذلك البلد في أيار 2006. وشجعت الولايات المتحدة دول مجلس التعاون الخليجي على تحسين علاقتها مع العراق وربما شجعتهم أيضاً على تحركات أخرى مثل درس السماح للعراق بالإنضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يبدو مستحيلاً تقريباً. وخلال زيارة لها إلى بغداد في 25 نيسان 2009، عبَّرت وزيرة الخ