شارل أبي نادر
لم تكن مفاجئة زيارة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الغوطة الشرقية بالأمس، فقد عوّدَنا على تواجده في أصعب نقاط المواجهة والاشتباك، على جبهات رجال الجيش العربي السوري، وهو الضابط الميداني الأول الذي يعرف جيداً قيمة ما يعطيه تواجد القائد الأعلى للقوات المسلحة مع الضباط والجنود في الميدان مباشرة، من معنويات وحوافز وطنية مقدسة، تدعم وتحصن المهمة وأهداف المعركة، خاصة اذا كانت في سبيل الدفاع عن الدولة والوطن والكرامة.
المفاجئ في هذه الزيارة هو توقيتها الحساس وطريقة تنفيذها المكشوفة، في ظل التهديدات الاميركية باستهداف العاصمة دمشق، ومواقع حيوية للدولة والجيش العربي السوري خارج العاصمة. وفي ظل تهديد علني من العدو الاسرائيلي باستهداف شخص الرئيس مباشرة، ونحن نعلم قدرات وامكانيات الاميركيين والاسرائيليين في المراقبة الجوية وفي الرصد والمتابعة الأمنية. وحيث انها ستكون حتما موضع بحث وتحليل اقليمي ودولي واسع ودقيق، فقد حملت هذه الزيارة الكثير من المعاني والرسائل التي يمكن تحديد بعضها بالتالي:
أولا:
- هي رسالة تقدير من الرئيس لأبطال الجيش العربي السوري الذين يواجهون حربا كونية بامتياز، وثبتوا على جبهاتهم وفي ميادينهم وانتصروا، وفيها أيضا رسالة تقدير متبادلة من هؤلاء الأبطال لرئيسهم، الذي وقف أيضا بمواجهة العالم وقاد وصمد ونجح في معركة لا يمكن لأي عاقل إلا أن يلتمس صعوبتها وقساوتها.
- رسالة فيها الكثير من التقدير والإعجاب من الرئيس لقيادة العمليات العسكرية، على المناورة الميدانية الصادمة التي اعتمدتها في تنفيذ عملية الاقتراب من مواقع المسلحين الارهابيين، وطريقة الاشتباك معهم واختراق مواقعهم المحصنة، والتي توِّجَت -بعد عملية امنية عسكرية معقدة حيَّدت وحَمَت المدنيين الابرياء- بتحرير غالبية جغرافية الغوطة الشرقية بهذه السرعة القياسية.
ثانياً:
- تحمل رسالة للداخل السوري كاملاً، بأن الدولة كانت وستبقى راعية الجميع، والدليل ردة الفعل الصادقة لمواطني الغوطة الخارجين من تحت ضغوط وسيطرة الارهابيين، والتي أظهرت بما لا يحتمل الشك أبداً، ولاءهم الصحيح والكامل للدولة وللجيش.
- تحمل الزيارة أيضا رسالة الى من يسمون أنفسهم "ثواراً"، أو من بقي منهم، بعد أن حُرِقوا في معارك الاستغلال الإقليمية والدولية، ودُفِعوا الى معارك عبثية بمواجهة جيشهم ودولتهم، بأن خلاصكم لن يكون إلا على يد الدولة والجيش، وليس على يد الدول المجرمة التي تلطخت أيديها بدماء السوريين وما تزال.
ثالثا:
- فيها أيضا رسالة واضحة، وقوية، للعالم كله (في الإقليم والغرب)، أن الدولة السورية انتصرت، وهي الآن على الطريق النهائية للملمة ما تبقى من مواقع مبعثرة وإعادتها الى رعاية وسلطة الشرعية.
- فيها ايضا رسالة شكر وتقدير للحلفاء والاصدقاء، من دول أو أحزاب، والذين وقفوا ودعموا وساندوا وقدموا التضحيات، في سبيل الانتصار على الارهاب، المُمَثَل بعناصرَ شاردة إجتمعت من أقاصي الأرض، غباءً أو تشدداً او انجراراً، و المُتمَثَل ايضا بدول معروفة وواضحة، وما أكثرها.
واخيرا، وقد تكون هذه الرسالة هي الاكثر وفاء ووجدانية، هي رسالة الشكر والتقدير والاحترام لدماء الشهداء، جميع شهداء الجيش العربي السوري، وايضا جميع شهداء حلفائه واصدقائه، بأن شهادتهم أثمرت نصراً هو الان يكتمل ويتعزز.
(*) عميد متقاعد