مقالات » تمكين المقاومة الديمقراطية في سوريا ـ 2

... الحلقة الثانية
4.القوى على الأرض

دور المجلس العسكري الأعلى
 نادرا ما تتم الإشارة إلى أن معظم ضباط الجيش الذين انشقوا عن الجيش السوري غارقون في الثقافة السياسية السائدة التي ميزت سوريا في مرحلة ما بعد الاستقلال وهي القومية والعلمانية. إن لغتهم، رؤيتهم أولوياتهم وردود فعلهم على الأحداث تشير بوضوح إلى ميول قومية، ولو أنها قومية عربية. إذ غالباً ما يرى هؤلاء بأن نظام الأسد قد ضلل عقيدة القومية الحقيقية للجيش السوري واستخدمها كغطاء لبناء قواته الخاصة الطائفية للهيمنة والسيطرة على القوات المسلحة. وبالتالي عندما نستخدم كلمة "القومية" نشير إلى هذه الثقافة السياسية التي تتخلل الجيش على نطاق واسع جداً وأيضا كما نشير إلى ميزة قوية داخل قطاعات واسعة من المجتمع.
إن إنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 برئاسة الجنرال سليم إدريس إنجاز كبير في عملية تنظيم جزء كبير من المقاومة المسلحة على الأرض التي تعمل تحت شعار الامتياز للجيش السوري الحر لكن ليس لديه هيكلية قيادية من أي نوع كان. ولا يمكن للتكامل الفعلي وتوحيد القيادة أن يحدثا إلا إذا طوَّر الداعمون الإقليميون والدوليون للمقاومة التنسيق الجدي فيما بينهم . إن صعود سليم إدريس لرئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو انعكاس لمثل هذا التوافق . فهو يحظى باحترام بين المنشقين من الجيش السوري والمقاتلين لمؤهلاته الشخصية و نزاهته. مع ذلك ، لقد كان حتى الآن مجرد منسق لتوجيه الإمدادات العسكرية و يعترف إدريس بأن ليس لديه سلطة كبيرة على القوات الموجودة على الارض. وتشير العديد من الشهادات على الأرض إلى أن الجهات المانحة غالباً ما تملي شروطها عليه من خلال تعيين مجموعات مسلحة محددة تكون هي المستفيدة من مساعداتها . ولذلك كان إدريس يسير على المسار المرسوم له ولم يكن في وضع يمكنه من اتخاذ قرار بشأن الأولويات على النحو الذي يراه هو . هذا الأمر يعقد علاقته مع 30 قائد من قادة الجيش الذين يشكلون القيادة العليا الموحدة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويتوقع هؤلاء أن يكون  لهم رأي في توزيع الأموال والأسلحة الموجهة من خلال إدريس .
 
 
سليم ادريس ، قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة
إن إدريس هو أولا وقبل كل شيء ضابط عسكري محترف ليس لديه ميول سياسية واضحة. انه يفضل، وبوضوح، الضباط العسكريين عند التعامل مع الجماعات المسلحة ويدفع لإنشاء فرق عسكرية يقودها ضباط جيش محترفون. ففي حزيران /يونيو عام 2013، عندما كان الائتلاف الوطني المعارض، أي الهيئة التمثيلية الرسمية للمعارضة، يتوسع ، قرر الائتلاف  أن يضم ممثلين عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مسعى لتعزيز التنسيق بين المعارضة السياسية والعسكرية. وطُلب من الجنرال إدريس تعيين 15 شخصية من الشخصيات العسكرية. وخرج هؤلاء القادة جميعاً دعماً للمعسكر غير الإسلامي داخل التحالف، وبالتالي التقليل من تأثير الجماعات الإسلامية.
باختصار، إن إنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يحل مشكلة تحديد من مِن المجموعات التي ينبغي دعمها داخل سورية. وقد واصلت الجهات المانحة تحديد المجموعات التي ترعاها بعد إنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة من خلال تخصيص الأموال لجماعات معينة حتى عند توجيهها من خلال هذا المجلس.
سيكون هناك حاجة لأن يكون ادريس ركيزة أساسية في أي خطة شاملة للمعارضة المسلحة التي يمكن وضعها بالتعاون النشط من جانب الجهات الفاعلة الإقليمية (لا سيما دول الخليج وتركيا)، الولايات المتحدة والدول الاوروبية . مع ذلك، لا يمكن التوقع  أن يغير بمفرده ميزان القوى على الأرض لصالح الجماعات الديمقراطية.

المقاتلون المؤيدون للديمقراطية
نُشرت بحوث مفصلة عن مختلف الائتلافات والجماعات الإسلامية المتمردة، والتي تطغى على الجماعات غير الاسلامية . هذه الجماعات لم يكن لديها ما يكفي من الموارد لتطوير امتيازات وطنية بنفس الطريقة التي طورت بها الجماعات الإسلامية امتيازاتها ، مثل جبهة النصرة ، الجبهة الإسلامية السورية أو الجبهة الإسلامية لتحرير سورية.
على الرغم من الانتشار الواضح للائتلافات الإسلامية ، فقد حافظ العديد من المجموعات المسلحة التي تعمل  لصالح لجيش السوري الحر على هويتها السياسية إزاء  كل الصعاب ، رافضة أن تصبح ذراعاً لتنفيذ  أجندات المانحين الأجانب . لقد اخترنا تسمية هذه الجماعات بـ " المقاتلين المؤيدين للديمقراطية " حيث أن أجندتهم تقتصر على الأهداف الديمقراطية الأصلية للانتفاضة . ويمكن تنظيم وتصنيف هذه الجماعات في ثلاث فئات .
 تشمل الفئة الأولى جماعات بدأها كبار المنشقين العسكريين . هذه المجموعات عادة ما تشعر بالاستياء من تسييس أعمالها و تعتبر أن الجيش يجب أن يبقى بعيداً عن السياسة . وقد سعى هؤلاء إلى تنسيق أعمالهم مع الهيئة الرئيسة للمعارضة السياسية ، أولاً المجلس الوطني السوري وفي وقت لاحق الائتلاف الوطني للمعارضة ، لكنهم رفضوا أن يؤدوا قسم الولاء إلى أي مجموعة معينة وكانوا مهمشين باستمرار لصالح ألوية أكثر مرونة إيديولوجياً بقيادة مدنية .
تشمل الفئة الثانية جماعات ركيزتها التحرك السياسي. وهذه في معظمها من المناضلين الثوريين الذين يجدون التوجيه من الأحزاب السياسية أو الشخصيات ذات الانتماءات الاشتراكية، الشيوعية، القومية أو الليبرالية.
تشمل هذه الانتماءات حزب الاتحاد الاشتراكي، حزب الشعب، الحزب الناصري، حزب البعث الديمقراطي وكوكبة من الحركات الجديدة التي هي مزيج من منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية مثل مواطنة، نبض، معان، القطب الديمقراطي، كلنا سوريون ، ومجموعة أخرى. وكانت هذه المجموعات أيضا غير قادرة على النمو نتيجة لعدم وصولها إلى الموارد.
تشمل الفئة الثالثة جماعات متجذرة محلياً والتي عادة ما تتضمن أسماؤها إشارة إلى قرية هذه الجماعات أو حيها والتي ليس لديها، وإلى حد كبير، ميول سياسية كبيرة أو أنها مختلطة وتعتمد على الموارد المحلية والشبكات الشخصية للحصول على الدعم.
لم نصف سوى عدداً قليلاً من المجموعات من كل فئة كأمثلة ولكن هناك عدد لا يحصى من الجماعات المنتشرة في أرجاء البلاد . إن  أبو علي ، أغنى رجل في بلدة صغيرة تقع في شمال البلاد والذي باع كل ممتلكاته لتمويل أحد الألوية، يواصل استنزاف موارد أسرته لتأمين الغذاء والذخيرة للمقاتلين . أما ح. ت.، وهو رجل أعمال علماني ثري  في الثلاثينات من عمره ومن عائلة برجوازية فقد أنشأ مع أصدقائه لواءً في دمشق واشتروا الأسلحة الخفيفة من اموالهم الخاصة . انهم يتوقون للحصول على الدعم ويتطلعون إلى الاندماج مع مجموعة منظمة ما . أما أبو راكان ، وهو ضابط متقاعد من الجيش ولكن لديه ثروة عائلية ، فقد باع كل سيارات الأسرة ، مجوهرات العائلة والأشياء الثمينة لشراء الأسلحة و تأمين الذخيرة لمقاتليه . وهناك عدد لا يحصى من  قادة الكتائب الصغيرة من جميع الطبقات الاجتماعية  الذين فعلوا الأمر نفسه. فما أن كانوا يستنفدون مواردهم ، حتى كان عليهم الانتظار عدة أشهر للحصول على الدعم من حكومات كانت قد أعلنت بأن الأسد غير شرعي وبأن  قمعه للانتفاضة غير مقبول . وانتهى الأمر ببعضهم إلى التحول إلى مصادر اسلامية لتأمين الدعم ، وتفسير ذلك غالبا الأحيان بالحرج والأسف لأنه لم يكن أمامهم أي خيار آخر.
رغم كل الحوافز التي تقدمها الجماعات الإسلامية الأوفر حظاً بالمال والسلاح، لا تزال الألوية المؤيدة للديمقراطية موجودة . وقد شجع الاستياء مؤخراً بين السكان المحليين من جماعات إسلامية تسعى لفرض قوانينها الجماعات المؤيدة للديمقراطية على العمل من أجل توحيد صفوفها . إن كل مجموعة من الجماعات المؤيدة للديمقراطية الموضحة في القسم التالي تعترف بسلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.


كتائب الوحدة الوطنية
إن كتائب الوحدة الوطنية عبارة عن ائتلاف من الكتائب والألوية ذات ميول علمانية ومناهضة للطائفية واضحة.
تم إنشاء التحالف في آب/ أغسطس 2012 إلى جانب فرعه السياسي، الذي كان يدعى أولاً تيار الوحدة الوطنية. وتجمع النشطاء والمثقفين المقربون من هذه الحركة في ربيع 2013 تحت اسم كلنا سوريون . وقد بدأت الحركة بشخصيات معارضة من الطائفة العلوية وجلبت إليها  شخصيات ديمقراطية ليبرالية بارزة من جميع الطوائف المذهبية.
تستند الحركة السياسية إلى المبادئ الديمقراطية مع تركيز قوي على حماية التنوع ولديها نهج عملياتي قوي يركز على المصالحة الاجتماعية على الأرض بما في ذلك التفاوض على الهدنة بين القرى من طوائف مختلفة، تحرير السجناء من كلا الجانبين، تقديم المساعدة للجنود المنشقين عن الجيش وكذلك أعمال الإغاثة في المناطق المختلطة.
 يقدر عدد المقاتلين المسلحين في كتائب الوحدة الوطنية بـ 2000 مقاتل. أما معاقلهم الرئيسة فهي في ريف جسر الشغور (غرب إدلب) والأحياء الجنوبية من دمشق. ولديهم أيضا وجود كبير في جبل الزاوية (محافظة إدلب) ووحدات أصغر في درعا ودير الزور.
غالباً ما تكون كتائب الوحدة الوطنية متعددة الطوائف، بما في ذلك في بعض المناطق الحساسة مثل ريف اللاذقية ، وتعمل كتيبتان في السلامية ( ريف حماة) التي تحتوي على مقاتلين من الطائفة الإسماعيلية.
على الرغم من المطالب المنتظمة من جانب أفراد وألوية مستقلة للانضمام إلى المجموعة ، فإن كتائب الوحدة الوطنية غالباً ما كانت تلجأ إلى رد طلب القادمين الجدد بسبب نقص الموارد . لقد كنا قادرين على التحقق من أنه كان قد قيل  لمئات المقاتلين أنه لن يتمكنوا من الانضمام إلى كتائب الوحدة الإسلامية إلا اذا تمكنت هذه الأخيرة من تأمين المزيد من التمويل.
في يناير /كانون الثاني عام 2013، اجتمع كُتاب هذا التقرير مع زعيم مجموعة من 200 مقاتل في جبل الزاوية ، الذي طلب الانضمام إلى كتائب الوحدة الوطنية. وكانت جماعته عضواً في لواء احفاد الرسول ، وهو تحالف إسلامي رئيس داخل الجيش السوري الحر. ادعى زعيمهم بأنهم انضموا إلى هذا التحالف الإسلامي من أجل الحصول على الدعم ولكنهم قرروا الآن تركه لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الخطاب الإيديولوجي للمجموعة. وفي يونيو/ حزيران 2013 ، طلبت مجموعة مستقلة في الجيش السوري الحرمؤلفة  من 1000 مقاتل من شمال إدلب الانضمام إلى تحالف كتائب الوحدة الوطنية. في كلتا الحالتين قررت كتائب الوحدة الوطنية بأنها لا يمكها قبولهم في التحالف حيث أنها لم تكن قادرة على تزويدهم بالذخيرة .
تعتمد كتائب الوحدة الوطنية على التبرعات من جانب المغتربين السوريين ، بما في ذلك أفراداً من الطائفة العلوية الموجودة في المنفى . وتم تشكيل لجنة في الخارج مسؤولة عن الفحص والتدقيق بالجماعات والأفراد الراغبين بالانضمام إلى كتائب الوحدة، و توزيع المال والذخيرة والأسلحة، على حد سواء . وقد سمح هذا الدعم لكتائب الوحدة الوطنية بالبقاء حية ، إلا أنها ليست كبيرة بما يكفي للسماح لها بالنمو.
في  جبل الوسطاني و سهل الروج (غرب إدلب )، تعتبر كتائب الوحدة الوطنية أقوى قوة على الأرض، على الرغم من وجود بعض العناصر المتطرفة في الجبهات القريبة . وقد شاركت هذه الكتائب بنشاط في تحرير المنطقة وهي الآن على خط الجبهة في المعركة لأجل السيطرة على بلدة جسر الشغور. هذه المنطقة في معظمها سنية ولكن هناك قرى علوية ، شيعية ومسيحية معزولة. وقد فر العديد من المدنيين من أبناء هذه القرى المأهولة بالأقليات، إلا أن كتائب الوحدة الوطنية بذلت جهوداً كبيرة في اقناع الأقليات بالبقاء، و حالت دون احتلال منازل العلويين الفارغة من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة الذين يميلون لاعتبار الأملاك العلوية غنائم الحرب . وأجريت اتصالات بين قادة كتيبة "أحرار بداما" و" لواء  شهداء جبل الوسطاني" ( كلاهما جزء من كتائب الوحدة الوطنية) وبين زعماء الطائفة الذين طالبوا بضمانات أمنية لعودة السكان إلى قراهم . لا تملك  كتائب الوحدة الوطنية الموارد الكافية ، حتى هذه اللحظة، لضمان الحماية لعودة هؤلاء السكان .
أما في غرب ادلب وشمال اللاذقية ، فتتعاون كتائب الوحدة الوطنية الآن مع القضاة المنشقين لفتح المحاكم المدنية وتنفيذ القانون المدني والجنائي السوري ، على الرغم من الضغوط والتهديدات من قبل المحاكم الشرعية المنتشرة الآن على نطاق واسع . وقد بدأت محكمتان، على الأقل، العمل  منذ يوليو/ تموز 2013.
تعترف كتائب الوحدة الوطنية بسلطة المجلس العسكري الأعلى على الرغم من واقع عدم تلقيها أي دعم منه. وهكذا فإن كتائب الوحدة تعمل بشكل مستقل عن المجلس العسكري الأعلى، كما تفعل معظم جماعات المعارضة في سوريا. وفي الآونة الأخيرة، شاركت كتائب الوحدة الوطنية في تشكيل جبهة أحرار سوريا ، وهو ائتلاف ذي توجهات علمانية تحت مظلة المجلس العسكري الأعلى ، بقيادة العقيد قاسم سعد الدين. وحيث أن مستقبل جبهة أحرار سوريا يعتمد على الدعم المالي والعسكري الذي  تأمل في الحصول عليه، فإن كتائب الوحدة الوطنية لا تزال موجودة ، حتى وقت نشر هذا التقرير ، كتحالف مستقل ضمن جبهة أحرار سوريا (كما هو موضح أدناه).


جبهة أحرار سوريا
إن قائد جبهة أحرار سوريا ، العقيد قاسم سعد الدين، هو طيار في سلاح الجو يقوم بالتدريب وعقيد قيادي في الجيش السوري الحر من بلدة الرستن انشق عن القوات الجوية في شهر فبراير/ شباط 2012 إلى جانب مئات الضباط وبدأ العمل بالمجالس العسكرية لأول مرة في ربيع عام 2012. لقد قدمت الرستن، وهي بلدة صغيرة الى الشمال من حمص  يعرف عنها أنها معقل للجيش السوري، الآلاف من الضباط للجيش النظامي السوري. كما أن وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، الذي عمل لعقود في ظل حكم حافظ الأسد، هو من الرستن وكان الصانع الماهر لعملية اعداد والتحاق عدد هائل من الشبان من مسقط رأسه في الجيش. وكان ابنه مناف قائد الحرس الجمهوري حتى انشقاقه في تموز/ يوليو 2012.
أنشأ العقيد سعد الدين المجلس العسكري لأول مرة في حمص و لاحقاً في غيرها من المحافظات بهدف بناء التنظيم العسكري للتمرد . على الرغم من كونه مسلماً ملتزماً ، فإنه معروف  بآرائه الليبرالية و رفضه لأجندة إسلامية بناء على مبدأ أن لا علاقة للجيش باتخاذ أي موقف أيديولوجي . لقد تم تهميشه، وغيره من المنشقين من أصحاب الرتب العالية والمتوسطة ، من قبل الجهات المانحة الإقليمية الذين فضلوا دعم الجماعات المستعدة لتبني أجنداتهم. وقد تمكن من الحفاظ على شعبية كبيرة له ، حيث أنه إحدى الشخصيات في قيادة الجيش السوري الحر التي ظلت داخل سوريا . وهو الآن واحداً من أصل 30 عضواً من القيادة العليا الموحدة للمجلس العسكري الأعلى و الناطق الرسمي باسمها داخل سوريا .
في شهر مايو/ أيار عام 2013، أعلن العقيد سعد الدين ، عن إنشاء جبهة أحرار سوريا ، بظل السلطة المباشرة للمجلس العسكري الأعلى. وتجمع هذه المجموعة القوى العلمانية والقومية و المعتدلة التي تم استبعادها، في معظمها ، من الشبكات القائمة لتوزيع الموارد . وقد نمت الجبهة بسرعة في المناطق الشمالية والوسطى من البلاد ليصبح عدد مقاتليها أكثر من 20000 مقاتل في غضون بضعة أسابيع.
حتى يوليو/ تموز عام 2013، كانت جبهة أحرار سوريا مؤلفة من كتائب وألوية أبقت على أسمائها وقادتها من دون إجراء تغيير. في كل الأحوال، وبعد ستة أسابيع على تشكيلها ، قررت قيادة الجبهة إعادة تنظيم نفسها بواسطة تشكيل الفرق، الألوية، والكتائب التي تحمل أرقاماً بدلاً من أسماء وذلك على غرار الجيش السوري. وتقرر وجوب أن تكون كل مجموعة إما  بقيادة ضابط منشق أو مساعداً فيها. وفي يوليو/ تموز عام 2013، شملت الهيكلية الوليدة  لجبهة أحرار سوريا قيادة عسكرية، مستشارين سياسيين وخمسة عشر فرعاً متخصصاً. وإلى جانب الفروع العسكرية، كلها بقيادة كبار الضباط (برتبة عقيد وما فوق)، أسست جبهة أحرار سوريا مكتباً قضائياً، بقيادة القاضي العسكري المنشق الملازم عدنان كوكب، العضو في القيادة العليا للمجلس العسكري الأعلى. ويتكون هذا المكتب أيضاً من محامين مسؤولين عن ضمان احترام الاتفاقيات الدولية. وتم تشكيل لجنة سياسية من قبل المثقفين والسياسيين في المناطق المحررة للمساعدة وتقديم المشورة للقادة العسكريين في جبهة أحرار سوريا.
إن إنشاء الجبهة يهدف إلى إقامة توازن قوى مع جبهات منظمة أخرى مثل جبهة النصرة (المجموعة الجهادية المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة والمستقلة تماماُ عن المجلس العسكري الأعلى) ، الجبهة الإسلامية السورية ، والجبهة الإسلامية لتحرير سوريا ، والتي تقع جزئياً تحت سلطة المجلس العسكري الأعلى. وكانت هذه الجبهات الإسلامية قادرة على خلق امتيازات وحصانة وطنية وذلك بفضل قدرتها على الوصول إلى الموارد الهامة في المراحل الأولى من الكفاح المسلح. إن جبهة تحرير سوريا، التابعة للعقيد سعد الدين، هي أكبر تحالف منظم غير إسلامي على المستوى الوطني وهي ،على الأرجح، أكبر مجموعة موجودة تحت السلطة المباشرة للمجلس العسكري الأعلى. أما الكتائب الأكثر نشاطا وتكاملاً والتابعة للجبهة فتقع في شمال سوريا (حلب، إدلب وحماه)، ولكن هناك مجموعة تنمو حاليا في حمص، ولها وحدات أصغر في المحافظات الأخرى.
قام العقيد سعد الدين والعقيد زياد الحاج عبيد، وكلاهما عضو في قيادة المجلس العسكري الأعلى، بإنشاء "لواء حماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة" وذلك في شهر أبريل/ نيسان 2013، هذا اللواء يعمل في مدينة حلب وريفها ولديه العديد من الوحدات المسؤولة عن حماية المصانع والمباني العامة وكذلك وحدة خاصة مسؤولة عن التحقيق في حالات النهب.
 
 
العقيد قاسم سعد الدين قائد جبهة أحرار سوريا
كبار الشخصيات العسكرية
كان كبار الضباط في الجيش السوري الحر قادرين على بناء سمعة قوية، ليقودوا بذلك كتائب ذات كفاءة مع الحفاظ على هوية قومية وعسكرية صارمة. وعلى الرغم من الخبرة، والدعم المحلي ونجاحاتهم العسكرية، فقد كان الدعم الذي تلقوه  أقل بكثير من المجموعات الأخرى التي قبلت الالتزام بأجندات  الإسلاميين .
يقود اللواء أحمد فج تجمع ألوية المعتصم بالله في الأتارب، حلب. ويُعرف عن هذه المجموعة  بأنها قادت حصاراً طويلاً ومعركة القاعدة 46 العسكرية  من سبتمبر/ أيلول وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وهي إحدى أشد المعارك حسماً لتحرير  محافظة حلب.  ويحمل اللواء  أحمد فج في نفسه  استياءاً كبيراً ضد الجماعات المتطرفة مثل  فجر الاسلام  وجبهة النصرة اللتان يتهمهما بأنهما لم تشاركا في المعركة سوى في  الهجوم النهائي على القاعدة وذلك للحصول على غنائم الحرب. وتشمل مجموعته 1500-2000 مقاتل وبعض الأسلحة الثقيلة والدبابات، التي يقومون بتصنيع قذائف وذخائر خاصة بها.
 
 
الجنرال أحمد فج
يقود اللواء عبد الناصر فرزات جبهة أحرار حلب، وهو ائتلاف ألوية يقاتل في محافظة حلب. وعلى شاكلة اللواء  أحمد فج والعقيد قاسم سعد الدين، لم يغادر اللواء عبد الناصر سوريا منذ بداية الانتفاضة. ويدعي بفخر أنه رفض التمويل من الشبكات الإسلامية ويصر على أنه على الرغم من الضغوط، رفض تغيير اسم وحدته باسم ذي دلالة دينية أو سياسية. ويؤكد على ضرورة قيام الجيش السوري الحر بالحفاظ على هويته وعلى الانضباط العسكري الصارم . وهو يدعي حتى بأنه لم ينشق أبداً عن الجيش السوري، وإنما انضم ببساطة إلى الجيش السوري الحر.
 
 
اللواء عبد الناصر فرزات قائد جبهة أحرار حلب

الجماعات المجتمعية/ القبائل
إن قبائل سوريا قوة رئيسة في صفوف المقاومة المسلحة المناهضة للأسد. وهذه القبائل موجودة أساساً في محافظات حماة، الحسكة، دير الزور، الرقة، وكذلك في منطقة حوران في الجنوب. والمجموعات القبلية منظمة تنظيماً جيداً ومدججة بالسلاح بفضل صلاتها القوية عبر الحدود مع القبائل في العراق وكذلك مع قبائل من شبه الجزيرة العربية في جميع دول الخليج العربي. وفي حين أن بعض القبائل قد عقدت تحالفاً على المستوى المحلي مع الإسلاميين والجماعات الجهادية، فإن العديد من ألوية  الجيش السوري الحر تتكون من شخصيات قبلية معارضة وبقيادتها وتتصادم أحيانا مع القوى المتطرفة. ولأسباب أمنية، لم يقبلوا بأن نفشي معلومات عنهم.


دوما
إن ضاحية دوما هي، ومن نواح كثيرة ، نموذجاً مصغراً عن المقاومة السورية . وهي تقدم خير مثال على الجهود التي تبذلها القوى السياسية الديمقراطية لمقاومة صعود القوى الإسلامية وهيمنتها المتزايدة. إنها إحدى أولى البلدات التي تحررت تماماً من قوات النظام في منطقة دمشق ، وربما أكبر مدينة تسيطر عليها المقاومة خارج الشمال المحرر. لقد نزح جزء كبير من السكان و لم يتبق فيها سوى 000 200 نسمة تقريباً. وتقع دوما في الجزء الشمالي من الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق . لقد كانت تحت سيطرة المعارضة منذ نهاية صيف 2012، وهي منذ ذلك الحين وهي تحت حصار عسكري شديد . ويطلق عليها اسم ستالينغراد سوريا بسبب الدمار الهائل فيها . إن دوما، تاريخياً،  معقل المعارضة للنظام. فهي موطن بعض أبرز شخصيات المعارضة اليسارية والقومية و كانت دائما محل مراقبة وعدم ثقة من قبل نظام الأسد. وقد تجنب الجيش تجنيد أي ضابط من دوما، وهذا مفهوم.
إن التمرد المسلح في دوما منظم بالكامل تقريباً وبقيادة مدنيين وناشطين سياسيين نافذين في حين تقدم شخصيات محترمة تقليدية وقادة المجتمع التوجيه للجماعات المسلحة.
 في ربيع عام 2013، اجتمعت ثمان وحدات عسكرية ذات التوجه سياسي متنوع تعمل معاً في دوما على أساس رفضها للإسلاميين المتزمتين والمتطرفين وشكلت معاً ائتلافا بأمل استعادة السيطرة على المدينة من يد السلفيين. ويقود كل المجموعات الأعضاء في هذا الائتلاف شخصيات  محلية قومية عربية،  اسلامية معتدلة، اشتراكية أو  ناصرية. إن لوائي" شهداء دوما" و " أسود الغوطة" هما أهم وأكبر مجموعتين تتحدى مجموعة " لواء الإسلام" السلفية القوية.

أما لواء الاسلام ، بقيادة زهران علوش، ( وهو ابن شيخ وهابي ) فعبارة عن مجموعة هي الأوفر حظاً بالتسلح مع وجود حوالي 16000 مقاتل في صفوفها يعملون في دوما والمنطقة المحيطة بها . وتمكن اللواء السلفي من السيطرة على المؤسسات الإستراتيجية مثل سجن التوبة والمحكمة . وقد احتكر اللواء توزيع القمح و سيطر على المباني التي تقدم الخدمات الاجتماعية المختلفة . ويتمتع لواء الاسلام بتأييد خارجي ثابت ، معظمه من مصادر مجهولة ، وهي المجموعة الوحيدة في دوما التي يُدفع للمقاتلين فيها رواتب شهرية منتظمة . وقد تسببت هيمنة لواء الاسلام وممارساته والسلطوية ، وكذلك سوء سلوكه مؤخراً، بالاستياء بين سكان دوما. إن اللواء مسؤول أيضاً عن سوء التخطيط العسكري في شن معركة الكيميا التي استمرت أكثر من 8 أشهر وتسببت في فقدان أكثر من 1200 مقاتل. وقد اتُهم اللواء بأنه توقف عمداً بعد وقت قصير من شن الهجوم على كيميا بعد تلقيه أوامر من قوى سياسية خارجية مرتبطة بأجندة الجهات المانحة الأجنبية له وتمت التضحية بأرواح بلا داع . وفي حين أن من الصعب التحقق من دقة هذه القصة، فإن من الواضح أن الانشقاقات الضخمة في صفوف اللواء قد وقعت بعد المعركة و قد تأثرت شعبيته بشدة. وقد أعطى هذا الأمر زخماً جديداً للقوى السياسية و العسكرية الأخرى التي تظهر كقوى منافسة ولكنها لا تزال تعاني من نقص الموارد اللازمة لكسب اليد العليا .
وطالما أن المعركة لكسر الحصار المفروض على المدينة من قبل قوات النظام لا تزال جارية، فإن جميع القوى - إسلامية أو علمانية - تقاتل معاً في ساحة المعركة . مع ذلك، فإنها لا تتشارك الأسلحة والذخائر أو الموارد المالية، و عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على المدينة وإدارتها، تعمل الجماعات المسلحة والشخصيات السياسية من المجموعتين في سياق المنافسة القوية .

درعا ـ السويداء
في حين لم تكن الجماعات الجهادية المتطرفة قادرة على ترسيخ وجودها في الجنوب كما حدث في الشمال ، فقد كانت الجماعات الإسلامية قادرة على السيطرة على شبكات توزيع الموارد و أثرت بشدة على التوجه السياسي للجماعات المسلحة على الأرض . ففي درعا ، يقود العديد من وحدات الجيش السوري الحر ضباط منشقين أو مدنيون ذوي توجه ديمقراطي و ليبرالي واضح . إن واضعي هذا التقرير على اتصال معهم، ولكن لم يؤذن لهم بالكشف عن أسماء وحداتهم و قادتهم كما أنهم يخشون الكشف عن هويتهم علنا بأنهم " غير إسلاميين " ، وبالتالي تتم مقاطعتهم من قبل الجهات المانحة . ويشكو أفراد الوحدات غير الإسلامية من التمييز مثل عدم المساواة في توزيع الإغاثة و الرعاية في المستشفيات الممولة من جهات إسلامية ، وخاصة في الأردن . وقد حددنا إحدى هذه الفرق في درعا (التي تتألف من أربع كتائب ) ، إلى جانب لواءين مستقلين .
لا يزال النظام يتمتع بالسيطرة الكاملة على محافظة السويداء وسكانها من الدروز من السويداء كما يتمتع بدعم جزء كبير من سكانها. لقد كانت المعارضة في السويداء، ولمجموعة متنوعة من الأسباب، مترددة في حمل السلاح: من خلال الالتزام بالنضال السلمي إزاء الأشهر الأولى من الثورة، ولكن أيضا لتجنب الوقوع في الحرب الأهلية وخطر تعريض مجتمع الدروز كله للخطر (ما يقرب من 3٪ من السكان) وخوفا من رد فعل عنيف من قبل النظام.
  لذا، كان على المعارضة المسلحة الدرزية ضبط قاعدتها في محافظة درعا المجاورة. ويشمل المجلس العسكري الثوري من السويداء بقيادة العقيد مروان حمد 6 كتائب (حوالي 500 مقاتل، معظمهم من الدروز)، والذي يعمل في درعا ويدير عمليات سرية في السويداء. ويتعاون هذا المجلس  بشكل وثيق مع وحدات صغيرة يقودها ضباط دروز عاملين في محافظة حلب (كتيبة الشهيد كمال جنبلاط ) و في الضواحي الشرقية لدمشق (كتيبة فدائيي بني معروف).

 
العقيد مروان الحمل (إلى اليمين) قائد المجلس العسكري الثوري في السويداء

الرقة
في الرقة، يعتبر لواء  ثوار الرقة، بقيادة أبو عيسى مثالاً ممثلاً للكتائب المتجذرة محلياً. ويتألف اللواء من ناشطين مدنيين من المدينة ممن قرروا حمل السلاح وتنظيم أنفسهم كوحدة للدفاع عن مدينتهم في مواجهة جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية. ويؤيد السكان اللواء  بقوة باعتباره حصناً ضد المتطرفين من القاعدة وهو مقرب من حركة مواطنة الديمقراطية. أما  في مدينة الطبقة في محافظة الرقة، فإن للقبائل دوراً قوياً. فقد كانت المجموعات القبلية أول من حضر للمعركة العسكرية ضد النظام والتي كانت هذه الجماعات قد تعلمت باكراً بأنه أمر لا مفر منه.
من بين هذه القبائل قبيلة ناصر التي  يعتبر أفرادها أنفسهم السكان الأصليين للمحافظة وحجر الأساس للثورة في المنطقة بما في ذلك المقاومة المسلحة. أما ذراعهم العسكرية فهو لواء أوس الكوراني الذي يتزعمه عبد الفتاح الشيخ موس (أبو محمد) والذي يتألف من 1000 مقاتل. ويشمل سرايا الفرات- كتيبة الشورى (بقيادة محمد بن عبد الله) والتي توسعت مؤخرا لتشمل ثلاث كتائب إضافية. وكانت هذه المجموعات هي  المجموعات المسلحة الأولى في محافظة الرقة. وقد لعبت دوراً فاعلاً في تحرير الرقة والحصار الحالي على مطار الطبقة العسكري.
 
لواء ثوار الرقة
 
احتجز اللواء نحو 110 سجين من قوات النظام، نصفهم ممن تم تحريرهم (معظمهم من السجناء السنة)، في حين تم الاحتفاظ بالنصف الآخر قيد الاحتجاز على أمل أن يتمكن اللواء من التفاوض على تحرير بعض مقاتليه. ويبدو بأن السجناء محتجزين في ظروف لائقة. وقد سُمح لصحافيين أتراك وممثلين من هيومن رايتس ووتش بزيارتهم.

تلبيسة
في تلبيسة، قامت مجموعة كبيرة منشقة من ضباط الجيش  من منطقة تلبيسة قرب حمص بانشاء فرقة أطلق عليها اسم الفرقة السادسة والمكونة من عدة كتائب بقيادة المقدم يوسف الحديد.

تشكيل فرق عسكرية
في حزيران عام 2013، حاول الجنرال إدريس إعادة تنظيم كتائب الجيش السوري الحر المحلية المعزولة ودمجها في الفرق العسكرية. أما الهدف فهو جمع ألوية وكتائب الجيش السوري الحر المعزولة ، تنظيمها في جيش محترف بناء على بنية الجيش العربي السوري النظامي واستبعاد الجماعات المسلحة التي تدعي القتال تحت اسم الجيش السوري الحر دون اتباع قيمها.
في حزيران 2013 انتشرت شائعات تقول بأن الولايات المتحدة والمجلس العسكري الأعلى سيوزعان المساعدات على مجموعات منظمة في "فرق" موحدة تتألف من عدة كتائب فقط. وكان  الرقم 200000 دولار يجرى تداوله على أن كل فرقة موعودة به كحافز للمجموعات على الالتئام.
منذ هذا التاريخ ، تم الإعلان عن عدة فرق  بشكل عفوي سعت لتسجيل نفسها لدى قيادة المجلس العسكري الأعلى. وقد تم استبدال أسماء الفرق، الألوية و الكتائب  بأرقام وأعطيت المناصب القيادية للمنشقين من الجيش. أما التوجه السياسي لكل وحدة فيعتمد على الكتائب المشاركة في تشكيلها الأولي. وعلى الرغم من أن بعض الفرق قد اتخذت، وبوضوح، موقفاً لصالح إقامة دولة إسلامية ، كالفرقة الثالثة في دير الزور ، فإن معظم هذه الفرق ميالة إلى طرح هوية عسكرية صارمة ومحايدة سياسيا . وحيث أنه لم يتم إنشاء هذه التشكيلات إلا مؤخراً، وحيث أنه تم إعادة توزيع المناصب القيادية ، فمن السابق لأوانه وصف التوجه السياسي لكثير من هذه الفرق . إن بعض المجموعات مثل الفرقة العاشرة في دمشق والفرقة 33 في إدلب مؤلفة بكاملها وبقيادةعناصر قومية علمانية رفضت باستمرار التمويل الإسلامي .
في أواخر يونيو/ حزيران عام 2013، في المناطق المحررة من محافظة إدلب ، اجتمعت وحدات  الجيش السوري الحر المحلية معا لتشكيل الفرقة 33 بقيادة المقدم عمار ديوب .
هذه الفرقة تجمع حوالي 1700 مقاتل منتشرين عبر إدلب. وقد أعلنوا عن تشكيلها وتكوينها على موقع اليوتيوب، لأول مرة في شريط فيديو في جبل الزاوية في 22 يونيو/ حزيران، ثم في شريط فيديو جديد بعد ذلك بأيام قليلة بعد أن قرروا استبدال جميع قادة اللواء المدنيين بضباط منشقين. ففي الفيديو، يعلن المقدم ديوب أن الفرقة هي تحت سلطة الجبهة الشمالية للمجلس العسكري الأعلى ( بقيادة العقيد عبد الباسط الطويل).
تتشكل الفرقة من ألوية وكتائب مختلفة، والتي يمكن تحديد ميولها، وبوضوح، بأنها ميول قومية أو علمانية. وتشمل الأعضاء المؤسسين للفرقة الكتائب السابقة التابعة  لتجمع حماة الثورة، ذي الميول العلمانية والمناهضة للطائفية الواضحة. أما المتحدث باسم الفرقة  33 فهو الملازم مهند الأيسمة، وهو ضابط منشق من الطائفة الدرزية والزعيم السابق للواء 333  من الفرقة 33.
 
 
تجمع حماة الثورة المؤسسين للفرقة 33
أما في دمشق، فقد  تجمعت الكتائب العلمانية العاملة في الأحياء الجنوبية والشرقية في الغوطة في أوائل شهر يوليو/ تموز لتشكيل الفرقة العاشرة . وتتألف المجموعة حالياً من 1200 مقاتل في لواءين، "لواء العدالة"  ولواء سيف الدمشقي، ويقوده ياسين ميدني (زعيم مدني) والنقيب رامي طلاس (قائد عسكري). وعند نشر هذا التقرير، كان هذان اللواءان يتوقعان انضمام لواءً آخر لتتكون لديهم بذلك قدرة على جعل المجلس العسكري الأعلى يعترف  بهم رسمياً بوصفهم فرقة.
وفي تلبيسة، وعلى النحو المذكور أعلاه، تم إنشاءالفرقة السادسة.
 
قوات العاصمة الفرقة العاشرة
أخيراً، وهو الأهم، أعادت جبهة أحرار سوريا هيكلة الجبهة عن طريق العمل بعملية تدقيق وفحص لمقاتليها ، وهذه المرة بشكل فردي (وليس بالتدقيق بالكتائب و الألوية ككل كما فعلت في البداية ) وشكلت ثلاث فرق . وقد بلغ العدد الحالي للمسلحين 7000 مقاتل في أغسطس/آب 2013. أما الفرق الثلاثة فهي الفرقة 25، الفرقة 35 ، والفرقة 45 . وتضم  كل فرقة خمسة ألوية ، ما يجعل العدد الإجمالي للألوية  15 لواء.
لن يكون النجاح في المستقبل ووحدة هذه الفرق وغيرها من الفرق  التي شكلت مؤخراً عبر سورية مستداماً إلا إذا كانت تتلقى الدعم من المجلس العسكري الأعلى. وإذا لم تتحقق هذه المساعدة ، فسوف تظل هذه الجماعات معزولة ، تعتمد على شبكات التضامن الشخصية الخاصة بها و عرضة للانشقاقات . على سبيل المثال ، لم تتلق الفرقة 33 أي دعم من المجلس العسكري الأعلى حتى وقت الانتهاء من اعداد هذا التقرير. وقد أعرب قادة الفرق التي شكلت حديثا عن قلقهم حيث أنهم يواجهون صعوبات في إقناع قواتهم بالبقاء متحدين وانتظار الذخيرة .

5.الميوعة
إن المتابعين والمراقبين  للمشهد العسكري السوري غالباً ما يقعون في حيرة من جراء تعقيد وميوعة الوضع على الأرض . وغالبا ما يتكون لديهم الانطباع بأن ليس هناك من مجموعة يمكن الوثوق بها لجهة البقاء بعيدة عن الجماعات الجهادية. "أين هم الديمقراطيون؟ نحن ندعمهم،هذا إن وجدوا ! "، عبارة تدل على تراجع القادة في الغرب - بما في ذلك في أوساط المتعاطفين مع المقاومة السورية.
قد تكون أسماء الكتائب والألوية مضللة في كثير من الأحيان، وينبغي ألا يؤخذ بها على أنها مؤشر يدل على وجود الانتماء السياسي أو الأيديولوجي . إذ  يتم تحديد غالبية أسماء مجموعات بسبب البحث عن التمويل. فالجماعات غير الاسلامية تختار الأسماء التي باعتقادها  سوف تجذب الموارد الاسلامية الغنية في  الخليج لتمويلها . وتتقدم أحيانا حكومة ما وإحدى الجهات المانحة الخاصة بعروض لتوفير الدعم للواء اذا ما وافق على تغيير اسمه إلى اسم ذي توجهات دينية ؛ تحمل الكثير من الكتائب عدة أسماء مختلفة وتنضم إلى أكثر من تحالف من أجل مضاعفة فرص تلقيها الدعم. بالمقابل ، لا تحمل الجماعات المتطرفة دائما أسماء ذات مرجعية إسلامية . وبالتالي، لا يمكن الأخذ بأسماء الوحدات كمؤشر يدل على الميول السياسية أو الدينية للجماعات  .
مع تشكل كل ائتلاف أو جبهة جديدة، تختفي مجموعات تحت أحد الاسماء لتعود وتظهر باسم جديد تحت مظلة مختلفة . ومنذ يونيو/ حزيران 2013 عندما دعا اللواء سليم إدريس، رئيس هيئة الأركان للمجلس العسكري الأعلى، إلى تشكيل الفرق كما هو الحال في الجيش النظامي ، قيل بأنه وعد  بدعم كل فرقة بمبلغ 000 200 دولار أمريكي ، وتخلى العديد من الكتائب و الألوية عن أسمائهم و أسرعوا للاندماج في فرقة،  وبالتالي ظهور الفرق ، المذكورة أعلاه .
إن كتيبة ككتائب جبل الوسطاني هي في نفس الوقت جزء من المجموعة الوطنية "كتائب الوحدة الوطنية" ، وقد انضمت إلى " جبهة أحرار سوريا"  وهي جاهزة الآن للانضمام إلى الفرقة. أما السبب في كونها لا تحل الكتيبة الأصلية فهو أنها مستمرة في تلقي بعض التمويل بصفتها جزءاً من طتائب الوحدة الوطنية، إلا أن الأموال والأسلحة كانت غير كافية ودفعها ذلك  للانضمام أولاً إلى جبهة أحرار سوريا وتسعى الآن إلى فرقة جديد بأمل أن تكون مجهزة بشكل لائق للقتال.
كان جميع المقاتلين تقريباً، سواء بشكل فردي أو مع كتائب بأكملها جزءاً من ثلاث أو أربع مجموعات مختلفة على الأقل. وقد ترك بعضهم للانضمام إلى لواء ما لمدة أسبوع أو نحو ذلك ومن ثم العودة الى وحدتهم الأصلية. وغالباً ما تبقي الوحدات على أسمائها ولكن المقاتلين هم الذين ينتقلون ، فيدخلون ويخرجون من صفوفها.  وكما هو موضح بمزيد من التفصيل أدناه، إن بعض هذه الحركات تملي عليها الحاجة القيام بالتعاون بين المجموعات عندما تواجه تهديداً مباشراً من قبل قوات النظام.
إلا أن الميوعة تعكس في المقام الأول مصادر تمويل متنوعة لكن غير مستقرة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها. ومن المستحيل في ظل هذه الظروف لأي زعيم جماعة أن يضمن الدعم لمقاتليه على مدى عدة أشهر، ويكون في وضع يمكنه من الاحتفاظ بهم، ولا يمكن لأي زعيم رفض الدعم الذي  يقدمه  المصدر ( والذي عادة أجندته إسلامية) من دون أن يتعرض للوم من قبل مقاتليه وإلى خطر فقدانه لهم. لقد حدث هذا مرارا وتكرارا، وقد وجد العديد من القادة الذين رفضوا الولاء للمانح الاسلامي أنفسهم مهمشين. إذ تتمتع المجموعات الممولة من مصادر إسلامية ذات أجندة متشددة محافظة  بتمويل أكثر استقراراً دائماً ولا تواجه مشاكل مماثلة. إن الميوعة في أوساط هذه المجموعات أكثر محدودية بكثير نتيجة لذلك.
يقدم تطور الكتائب الفاروق مثالا جيدا على الولاءات الفضفاضة و الميوعة التي تسود التمرد. لقد تم إنشاء كتائب الفاروق في حمص من جانب أوائل المنشقين  وناشطين مدنيين وذلك في صيف 2011 . وبقيادة عبد الرزاق طلاس ، أول ضابط سوري منشق علناً ، اكتسبت كتائب الفاروق، وبسرعة،  شعبية من خلال تولي دور قيادي في معركة حمص في شتاء 2011-2012. وقد أتاح الدعم الخارجي السخي ، ومعظمه من قطر ، لكتائب الفاروق بالنمو والتوسع ولها فروع في أنحاء مختلفة من سوريا . وبعد عام ، تولى الفرع الشمالي ، الفاروق الشمالي ، السيطرة على المعابر الحدودية في باب الهوى و تل الابيض على الحدود التركية . وأصبحت كتائب الفاروق إحدى  أكبر " الامتيازات الوطنية " ، مع انضمام العديد من المجموعات أملاً بالحصول على المساعدات. وفي شهر سبتمبر/ أيلول 2012، شاركت كتائب الفاروق في إنشاء الجبهة الإسلامية لتحرير سوريا . مع ذلك ، فقد أدى جفاف التمويل بالإضافة إلى بعض النزاعات الشخصية في الائتلاف إلى انقسامه إلى مجموعات مختلفة ( الفيلق الاول ، كتائب الفاروق الاسلامية ، كتائب الفاروق ، فاروق الأمة ، وغيرها) . أما اليوم، فإن  مجموعة كتائب الفاروق الأصلية، وهي  بقيادة أسامة  جنيدي،  تخسر نفوذها ويغادر العديد من المقاتلين الكتائب حيث لم يعودوا يتلقون أي دعم. مع ذلك، لا يزال العديد من الألوية ، شكلياً، جزءاً من كنائب الفاروق للاستفادة من شعار الائتلاف . فكونها جزءاً من تحالف وطني فإن ذلك يعطي المجموعات المحلية وزناً عند التعامل مع الجماعات المسلحة المتناحرة. ولكن هذه المجموعات تعمل بشكل مستقل ، وقد أصبحت متنوعة جدا. ولم يعد الفاروق، ببنيته الأصلية، موجوداً أساساً .

موقع الخدمات البحثية