قراءات سياسية » تحديات السياسة الداخلية والخارجية للرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني

آراء 26 خبيرا من الشرق الأوسط ، أوروبا، والولايات المتحدة
Viewpoints No. 30 ـ طبعة خاصة
Middle East Program ـ حزيران، 2013
هالة اصفندياري، مديرة برنامج الشرق الأوسط، مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين


بمناسبة الانتخابات الرئاسية الإيرانية وانتصار حسن روحاني ليكون بذلك الرئيس السابع لإيران، دعا برنامج مركز ويلسون في الشرق الأوسط عدداً من الخبراء بالشؤون الإيرانية في الولايات المتحدة والخارج لتبادل وجهات النظر بشأن التحديات التي سوف يواجهها الرئيس روحاني.
حسن روحاني هو رجل الدين الرابع الذي يستلم منصب الرئاسة. انه شخص مطلع وعالم ببواطن الأمور، وجزء من المؤسسة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية. وينبغي للمرء ألا يتوقع انعطافة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالقرارات السياسية الأساسية.
جاء انتصار روحاني في الانتخابات بمثابة مفاجأة. ومن بين المرشحين الستة الذين أتيح لهم التنافس على منصب الرئاسة، كان هو الوحيد الوسطي. إذ مثل المرشحون الآخرون أطيافاً مختلفة من المحافظين. وقد توقعت استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات حصول جولة اعادة بين روحاني ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وليس فوزاً صريحاً لروحاني. لكن عندما أيد الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي روحاني، تحول  الإصلاحيون والمعتدلون ،الذين كانوا ميالين في البداية للبقاء خارج الانتخابات، للتصويت لصالح  روحاني بأعداد كبيرة، ليختموا نجاحه في الجولة الأولى بنسبة 50.7 في المئة من الاصوات.
يواجه الرئيس المنتخب تحديات كبيرة في الداخل والخارج. انه يرث من الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد حكومة مختلة ومفككة مبنية على أساس المحسوبية والفساد كما يرث اقتصاداً يعاني من ركود عميق بسبب العقوبات من الخارج وسوء الإدارة في الداخل. فالتضخم يرتفع بسرعة؛ البطالة مرتفعة، خصوصا بين جيل الشباب؛ الصناعات المحلية تغلق نظراً لصعوبة الحصول على المواد الخام وقطع الغيار، أو القروض، إضافة إلى أن لدى البنوك صعوبة في فتح كتب الاعتمادات المالية.
كما أن روحاني بحاجة أيضاً إلى التخفيف من حدة التدخل في حياة الإيرانيين من قبل شرطة الأخلاق والرقيب السياسي من دون تنفير الحرس الثوري والأجهزة الأمنية. انه بحاجة الى اقناع المرشد الأعلى والمتشددين باستيعاب رغبة الايرانيين بالمزيد من الحرية، واطلاق سراح السجناء السياسيين وقادة الحركة الخضراء، إضافة إلى اعتماد نهج جديد لمفاوضات إيران النووية مع الغرب، والى سياسة خارجية إيرانية معتدلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مايكل أدلر، باحث في السياسة العامة، مركز ويلسون
يرث الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني اقتصاداً متعثراً في الداخل ومجموعة من المشاكل على الصعيد الدولي. وكما أن القضايا الداخلية والخارجية على تماس مباشر.
 إن الاقتصاد الإيراني يترنح من جراء العقوبات التي تشل قدرته على التجارة. فالعقوبات، المفروضة ضد البرنامج النووي الايراني، تشمل محظورات جماعية من جانب الأمم المتحدة وتدابير أكثر صرامة حتى من قبل بلدان إفرادية ، كالولايات المتحدة. وتحد العقوبات من سفر كبار المسؤولين الإيرانيين، وتقتطع من مبيعات النفط التي هي المصدر الرئيس للدخل في إيران، كما تعيق قدرة البنك المركزي على تمويل الأعمال التجارية الايرانية في الخارج. يأتي هذا في الوقت الذي شرعت فيه إيران بإصلاح وضع إعاناتها المحلية، وتدني القوة الشرائية للإيرانيين.
إن العيون مسلطة كلها على روحاني وما إذا كان سيقدم نهجاً اكثر تصالحياً في المحادثات الدولية بشأن برنامج ايران النووي الذي تخشى واشنطن من كونه موجهاً لصنع اسلحة نووية. وقد انهارت المحادثات  بسبب المواقف المتناقضة من الجانبين. إذ تريد إيران رفع العقوبات كخطوة أولى والإقرار بحقها في انتاج الوقود النووي من دون تحفظ. وتريد الولايات المتحدة وحلفاؤها الخمسة التفاوض مع إيران أولاً لوقف التخصيب على المستوى المتوسط، الذي يجعل الوقود أقرب ما يكون إلى ما تحتاجه إيران لصنع قنابل نووية، وبعد ذلك تعليق كل عمليات التخصيب إلى حين وجود ضمانات بعدم سعي طهران للحصول على أسلحة ذرية.
خلال الحملة، ألقى روحاني وغيره اللوم على الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد بخصوص موقف المواجهة الذي نسف المحادثات النووية. أما السؤال الكبير فهو ما إذا كان روحاني سيكون معه الضوء الأخضر من المرشد الاعلى الايراني وصانع القرار النهائي، آية الله علي خامنئي، للتأكيد على الانخراط  بالحوار أكثر من تلك التكتيكات المتشددة، بحيث يمكن لإيران انهاء عزلتها والفوز بالتجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي اللذان تحتاجهما لينمو اقتصادها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روكسانا بهراميتاش، زميلة سابقة، مركز ويلسون، مديرة أبحاث، مقر أبحاث كندا في الإسلام والتعددية والعولمة، جامعة مونتريال
وصف وزير الشؤون الخارجية الكندي، جون بيرد، في البداية، الانتخابات الإيرانية الأخيرة بأنها 'لا معنى لها'. واستغرق الأمر بضعة أيام ليدرك ، بالواقع، بأنه قد أهان الإيرانيين، وبأنه فهم كل شيء بشكل خاطئ. بعد ذلك بوقت قصير، اعتذر بيرد. مع ذلك، وفي حين أن هذا الحادث يدل على افتقاره للفهم، فمن الصحيح القول أيضاً بأن المشهد السياسي في إيران ليس بهذه البساطة. فالأحداث في إيران لا تزال تفاجأ العالم . بدأ هذا الأمر مع ثورة 1979 والاطاحة بالشاه، ثم الفوز الساحق لمحمد خاتمي في عام 1997 (والذي بدا وكأنه ثورة أخرى)، أعقب ذلك الاضطرابات الكبيرة عام 2009، أي قبل أربع سنوات فقط. والآن ، ومع نتيجة الانتخابات الأخيرة والرئاسة القادمة لحسن روحاني، المعتدل بشكل واضح والساعي للسلام بدلاً من المواجهة مع الغرب، يمكن للمرء القول بأن الصفحة قد قلبت للتو. حتى الآن، هذا ليس سجلاً نظيفاً.
 قال بعض المعلقين بأن هذا الانتخاب كان محاولة لإنقاذ ولاية الفقيه، أي قانون السلطة الدينية لآية الله العظمى. ويقول هؤلاء بأن آية الله خامنئي سمح برئاسة روحاني لأن شخصاً معتدلاً فقط هو من بإمكانه ضمان بقاء سيادة القيادة الدينية. وينظر آخرون إلى فوز روحاني على أنه نتيجة لشوق الشعب الإيراني وتحمسه للديمقراطية. هناك العديد من وجهات النظر الأخرى. على سبيل المثال، يشير البعض إلى أنه في بلد مثل الولايات المتحدة، التي لا يوجد فيها مجلس صيانة الدستور الديني لفحص المرشحين للرئاسة، يكون أولئك الذين يصبحون مرشحين للرئاسة بحاجة إلى قدرة الوصول إلى السلطة والموارد، النقدية وغير ذلك. فما هي الصفقة الكبيرة؟ الآراء متنوعة في الواقع.
في كل الأحوال، هناك نقطة واحدة واضحة: لقد ذهب الشباب الإيراني والنساء الإيرانيات إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة، للتعبير عن دعمهم لروحاني. مع ذلك، فإن المستقبل مختلط، وهناك الكثير من الأسئلة ولا إجابات سهلة. كيف يمكن للرئيس المنتخب حديثا ممارسة الاعتدال من دون عزلة؟ كيف يمكنه التعامل مع المطالب بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين فوراً؛ معالجة الاقتصاد المصاب بالشلل بسبب العقوبات الصارمة؛ قيادة مفاوضات إيران الدولية السياسية في منطقة مشتعلة بالاضطرابات السياسية بدءاً من البلدان المجاورة لها، أي أفغانستان، باكستان، تركيا، والعراق، وصولاً إلى سوريا ، من دون التعثر بالألغام الدولية والوطنية؟ هذه هي الأسئلة الطنانة الملحة، والتي تستهلك تعليقات من جميع المعلقين ما يناقض مستقبل البلاد، والتي يمكن أن تكون حاسمة بالنسبة للمنطقة. في هذه الأثناء، لعل أفضل جواب الآن هو القول بأن روحاني يواجه مهمة شاقة. دعونا نكن متفائلين، ولننتظر ونرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دانيال برومبرغ، مسؤول برامج رفيع ، مركز إدارة الصراع، معهد الولايات المتحدة للسلام
إن إحدى التحديات الرئيسة التي تواجه قادة إيران، والرئيس المنتخب روحاني على وجه الخصوص، ستكون إيجاد طريق العودة إلى نوع من الإجماع السياسي، إجماع من شأنه السماح للأصوات التي استبعدت أو كُتمت على مدى السنوات الأربع الماضية بعودة الدخول إلى الساحات السياسية الرسمية والتعبير عن نفسها من خلال وسائل الإعلام. أنا لا أتحدث هنا بطموح عن الإصلاح السياسي ، فالأمر كبير، ناهيك عن الديمقراطية. لكن إذا كان هناك من أي أمل في سد الفجوة الأيديولوجية والاجتماعية بين شباب إيران -خاصة الذين يشغلون الطبقة الوسطى  في المراكز الحضرية الواسعة ، إنما المعزولة- وبين النظام، فإن هذا الأمر يجب أن يبدأ مع بعض الضغط السياسي. وقد كانت إحدى العقبات المركزية لمثل هذه الدينامية والحيوية، القوة السياسية والاقتصادية المتزايدة للحرس الثوري وحلفائه الرئيسيين، ليس أقله المرشد الأعلى.
في مرحلة ما بعد حزيران 2009، أدى استبعاد اليسار الإسلامي، أولاً، بقيادة خاتمي ومن ثم ولفترة وجيزة، بقيادة موسوي واستبعاد اليمين الجمهوري، بقيادة هاشمي رفسنجاني، ليس فقط إلى إحداث استقطاب خطير، وإنما إلى زعزعة استقرار النظام السياسي من خلال استبعاد معسكرات كان توازنها من قبل القائد أساس النظام نفسه. فضلاً عن ذلك، لقد سمح أيضاً للرئيس السابق وحلفائه بانتهاج سياسات اقتصادية كارثية. على الرغم من انه اليد اليمنى لخاتمي، فإن روحاني قد يستخدم مصداقيته مع المبدئيين البراغماتيين للمساعدة في التفاوض على تسوية من نوع ما للخلافات. وهذه التسوية بالكاد تهدئ مخاوف كثير من الإيرانيين. لكن في ظل الظروف المحلية والسياسية الصعبة التي تواجه إيران الآن، فإن القائد نفسه قد لا يعارض مثل هذا الجهد، بل وأكثر من ذلك، وكما قال خاتمي نفسه لمجموعة من طلاب الجامعات، فإن الانفتاح السياسي، المتواضع حتى، من شأنه أن يخلق مساحة للـ 'خطاب الاصلاحي ... الذي يسعى جاهداً لجعل السياسة أخلاقية وعدم تسييس الدين أو الأخلاق '.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مالكولم بيرن، باحث سابق في السياسة العامة ، مركز ويلسون، ونائب المدير في أرشيف الأمن القومي، جامعة جورج واشنطن.
يقول حسن روحاني انه مستعد من حيث المبدأ، لإجراء حوار مع واشنطن. وقد أظهرت التجربة مدى ما قد تحمله هذه الخطوة من مخاطر عالية على الصعيد المحلي لقائد إيراني ( أو أميركي)، كما أنها ستلاقي بعض الشكوك في الخارج. أما التحديات التي تنتظره فهي الإظهار للمتشددين الإيرانيين بأن ليس لديه ما يخشاه منهم ويثبت للعالم أنه جدي. وستكون الخطوة الأولى ، وعلى مستوى منخفض إنما خطوة قيمة، تشجيع الإيرانيين والأميركيين معاً على البدء بالتعامل مع الجذور التاريخية للمأزق الحالي. فبعض أسباب العداء المتبادل بيننا واضحة. حتى الآن، يقر مسؤولون أميركيون سابقون بأن عملية السياسة الإيرانية عبارة عن مربع أسود إلى حد كبير. ومن البديهي أن كثيرين في طهران يشعرون بالمثل بالنسبة للولايات المتحدة. هذا نوع من الجهل الذي يمكن أن يؤدي، وأدى، إلى صراعات تجنبها أفضل بكثير. فمن خلال السماح ضمنياً بتبادلات غير رسمية (أي منخفضة المخاطر) على أساس الدخول المنطقي والمعقول إلى السجل التاريخي بين البلدين والاحترام المتبادل لوجهات النظر المتعارضة، بإمكان روحاني المساعدة بجعل سلسلة من الكشف التعاوني الغير انفعالي في مجال السياسات الأميركية والإيرانية خلال السنوات الـ 35 الماضية أمراً ممكناً بحيث يكون ذلك مفيداً لصناع القرار والرأي العام على حد سواء. في الواقع، لقد عقدت اجتماعات من هذا النوع  (كان هذا الكاتب مشاركاً فيها )، بما في ذلك المؤتمر الرائد عام 2000 في طهران حول فترة مصدَّق إضافة إلى مزيد من الجلسات والمحاضرات الأخيرة في الولايات المتحدة حول أزمات ما بعد الثورة،  بحضور إيرانيين . وقد أسفرت هذه اللقاءات عن استنتاجات وثيقة الصلة للغاية ببيئة اليوم، فضلا عن مجلدات نشرت ( أحدثها كتاب ' أصبحوا أعداء'، حول الحرب الإيرانية- العراقية) التي اشاد بها أميركيون وإيرانيون. إن ما توفره مثل هذه التحقيقات، أولاً وقبل كل شيء، هو فرصة الطعن بوجهات نظر مشوهة وتوضيح الرواية الوطنية بحيث يمكن لكل طرف من الطرفين التعلم من تجاربهما المشتركة والبدأ - إن شاء الله- بجني المزيد من السياسات الواضحة للعيان نتيجة لذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوشانغ الشهابي، أستاذ بقسم العلاقات الدولية ، جامعة بوسطن
أليس هذا مثيراً للسخرية؟ بعد أكثر من ثلاثة عقود من الشكوى والتذمر من حكم رجال الدين، يشعر الليبراليون الإيرانيون بالإرتياح لفوز رجل الدين الوحيد من بين ستة مرشحين للرئاسة ! حسن روحاني ليس ليبرالياً، وقد صوت الايرانيون ذوي الميول الإصلاحية له كبديل إلجائي أفضل. إن الاحتفاظ بأولئك الذين صوتوا لصالحه منخرطين في مؤسسات الجمهورية الإسلامية، مع عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها العديد من المحافظين الذين يمسكون بالسلطة الحقيقية، أمر يشكل تحدياً كبيراً للرئيس الجديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهرام تشوبين، باحث سابق في السياسة العامة، مركز ويلسون، ومن كبار المنتسبين غير المقيمين ، برنامج السياسة النووية، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي
يجد حسن روحاني نفسه في مواجهة سلسلة من القضايا الصعبة في العلاقات الخارجية مع وجود عدد من العقبات في طريقه.
أولاً، إن حل القضية النووية، التي هيمنت على العلاقات الخارجية منذ عام 2002، شرط مسبق لحدوث تحسن في العلاقات مع أوروبا والعديد من الدول الأخرى. ويأتي روحاني لاستلام منصبه مع وجود سجل له في هذا المجال: فمن ناحية، هو محاور موثوق به في الخارج، على الرغم من الانتقادات التي تستهدفه محلياً لكونه ساذجاً جداً في الدبلوماسية. بالتأكيد سوف يتم اختبار هذه السمعة المختلطة ما أن يتحسن وضع متشددو النظام ويستأنفوا ممارساتهم لاستخدام القضية النووية ككرة قدم سياسية.
ثانياً، ليس هناك ما يشير إلى أن المرشد الأعلى قد غيَّر نهجه. فهو يعتبر القضية النووية ذريعة للضغط على ايران بهدف تغيير النظام. فالمساومة في مواجهة هذا التهديد الوجودي إشارة على الضعف و'المقاومة' هي الطريق الوحيد. وقد يعطي خامنئي روحاني فرصة ' للوفاء بوعده'، لكنه شخصيا لا يكون مشاركاً. فإذا ما فشل روحاني، فإن الفشل يكون فشله وحده، وإذا ما 'نجح'، يمكن للمرشد الأعلى عندها إدعاء النصر.
أما العقبة الثالثة فهي طبيعة المفاوضات. إذ تشعر إيران بأنها في وضع قوي، نظراً لعدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة الدائرة. ويعتقد التحالف بأن العقوبات قد جلبت إيران إلى طاولة المفاوضات. فإيران تريد رفع العقوبات في وقت مبكر من العملية، في حين أن التحالف، المدرك بأنه لا يمكن تشغيل العقوبات  وإيقافها وكأنها صنبور والتي جمعها بشق الأنفس بمرور الوقت، لن يكون راغباً في رفعها إلى حين الوصول إلى المراحل الأخيرة من المفاوضات. وهناك مشكلة ذات صلة ومختلفة وهي طبيعة التحالف. فالمحافظون في الولايات المتحدة، إسرائيل، والمملكة العربية السعودية يريدون ضوابط أكثر صرامة على إيران من تلك التي لإدارة أوباما والأوروبيين.
أما إقليميا، وخاصة منذ بدء الربيع العربي، فقد تم تهميش 'محور المقاومة'. لقد أصبح الانقسام السائد في المنطقة مذهبياً، فإيران وحلفاؤها يواجهون العالم السني المحتشد ضدهم في سوريا كما في أماكن أخرى. وليس هناك من مجال كبير للتطبيع هنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاوه احساني، بروفسور مساعد، قسم الدراسات الدولية، جامعة ديبول
يبدأ حسن روحاني رئاسته من موقع قوة غير عادية، حيث كان هناك ترحيب بانتخابه بإجماع إيجابي محلي ودولي غير مسبوق. فبقدر ما أن هذا الاجماع  تعبير عن الارتياح العالمي في رؤية ظهر سلفه مغادراً الرئاسة بقدر ما هو علامة على الاعتراف العام من قبل الناخبين في إيران، النخب السياسية، والخصوم الدوليين، برئاسة الولايات المتحدة، بأن حل مشاكل إيران الداخلية والدولية من خلال المفاوضات بدلاً من الإكراه والمواجهة أمر في مصلحة الجميع.
أولاً، القضايا الداخلية: فضحت الانتخابات مرة أخرى أسطورة إيران كنظام شمولي. هذا نظام جمهوري (رغم أنه بالكاد ديمقراطي) حيث لا أحد له الهيمنة وحيث الرأي العام يتوسط التوزيع السياسي للسلطة على نحو فعال. فمنذ عام 1979، ومحاولات احتكار السلطة من قبل فئة من الفئات تفشل، وكان لا بد من الاعتراف بالتصويت الشعبي بوصفه وسيلة لتقسيم السلطة بين نخبة مجزأة. وبينما اعترف آية الله خامنئي والحرس الثوري الإيراني بانتكاستهم ، فإن بالإمكان النظر إلى هذه الانتخابات على المدى الطويل باعتبارها خطوة مؤقتة أخرى وإنماهامة نحو تعددية سياسية أكبر. فالتحدي الذي يواجه روحاني هو إعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة الحيوية حيث قًوضت الجدارة والكفاءة بشدة. إن معالجة الفساد والبطالة، والتضخم، والتعصب السياسي هي من الأولويات.
يُلقى باللوم على العقوبات الدولية على أنها غير عادلة، وما دام بإمكان روحاني النجاح في استعادة الحكم الفعال والحفاظ على لهجة شاملة ومدنية، فإنه سينجح في لصق مجتمع منقسم معاً مرة أخرى ومقاربة التحديات الدولية من موقع قوة.
أما على الصعيد الدولي،  فإن روحاني في وضع أفضل لجهة استخدام رأسماله السياسي عما هوعليه  في الداخل. وبالرغم من لهجتها، فقد أعربت المؤسسة الإيرانية دائماً عن استعدادها للدخول في مفاوضات، ولكن ليس من موقف ضعف. وقد نُسفت محاولات تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة من قبل مختلف المعارضين الذين يخشون من اتفاقية استسلام أو من تهميشهم. واعترافاً بالتصويت الشعبي، تقبل المحافظون نكسة كبيرة، ويبدو أنهم على استعداد للرهان على قدرة روحاني بالتعامل مع الملفات الحساسة كالملف النووي وسوريا. وينبغي للولايات المتحدة الاعتراف برهانهم هذا والترحيب به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فريده فرحي، باحثة سابقة في السياسة العامة، مركز ويلسون، وباحثة مستقلة ومنتسبة لكلية الدراسات العليا، جامعة هاواي في مانوا
لقد أفصح روحاني بنفسه عن ثلاثة مشاكل رئيسة تواجه إيران: سوء إدارة الاقتصاد، الخاضع لنظام عقوبات شرس؛ علاقات إيران المضطربة مع لاعبين كبار في المنطقة والعالم، وبيئة محلية أمنية بشدة، مما يعيق قدرة الحكومة على التصدي للتحديين الآخرين في البلاد.
أما التحدي الأخير فيقصد جوهر السياسة الإيرانية الداخلية، حيث يشتد التنافس والخلافات بين الفئات للسيطرة على مقاليد السلطة كما تضافرت خلافات هامة حول توجه البلاد وخلقت مأزقاً سياسياً. لقد جلب النظرة والنهج الأمني التوجه الرقابة المشددة على الشوارع والجامعات والمجتمع المدني، والصحافة، وما إلى ذلك، لكنه استقطب أيضاً البيئة السياسية وأحدث جموداً مضموناً في عملية صنع القرار. ومن الجدير بالذكر، على سبيل المثال، أن البرلمان والرئيس لم يكونا قادرين في العامين الماضيين على تمرير الموازنة السنوية في الوقت المحدد. أما هذا العام فقد تم تمرير الموازنة بعد ثلاثة أشهر تقريباً من بدء السنة المالية .
إن التحدي الأول لروحاني هو، ومن دون شك، الإشراف على درجة من المصالحة السياسية على المستوى الوطني. بدون هذه المصالحة، ستواجه الحركة  الجكود مجدداً في مجالات أخرى. وتشير رسالة حملة 'الاعتدال والتعقل' إلى أن روحاني يفهم أهمية المضي بالبلاد بعيداً عن المقاربة الأمنية الشديدة للمشاكل والتحديات الايرانية والانتقال نحو مركز الطيف السياسي لإيران-  المكان الوحيد الذي يمكن أن تحدث فيه درجة ما من المصالحة في هذه اللحظة. ومن هناك سيكون التحدي بالنسبة له المفاوضات والوقوف في الوسط بين مطالب أولئك الذين يدفعون باتجاه تغيير أسرع - فبحسب ما تظهر الاحتفالات في الشوارع بعد الانتخابات، الحركة الخضراء أبعد ما تكون عن كونها قوة منهكة – وبين مقاومة العديد من اللاعبين المؤسساتيين. هذا في الوقت الذي يواجه فيه روحاني القوى الخارجية التي يمكن أن تستمر بزيادة ضغوطها على إيران بدلا من تخفيفها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سعيد جولكار، باحث في السياسة العامة، مركز ويلسون
كان انتصار حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013 مفاجأة لكثير من الناس داخل وخارج إيران. فبينما احتفل العديد بنجاحه بعد ' ثماني سنوات من البؤس' بظل حكومة أحمدي نجاد، يشعر بعض الباحثين بالقلق بشأن قدراته على سن تغيير ملموس في السياسة الإيرانية.
على الرغم من فوزه في الانتخابات بسهولة، تنتظر روحاني أوقاتاً صعبة. إذ سيواجه العديد من التحديات المحلية والدولية على مدى السنوات الأربع المقبلة.
في المجال الدولي، سوف يكون التحدي الأكثر أهمية إيجاد حل عاجل للبرنامج النووي الايراني. إن الدول الغربية متفائلة بأنه سيكون المفتاح لسياسة أكثر مرونة. وستكون حكومته أيضاً تحت قدر كبير من الضغط للرد على تصاعد التوتر بين الشيعة والسنة في سوريا ولبنان.
أما داخل إيران، فسيكون عليه الرد على تطلعات الشعب من أجل التغيير. لقد صوت الناس لروحاني  اعتراضاً على حكم متشدد وهم يتوقعون رؤية نتائج ملموسة. فقد دعم كثير من الإيرانيين روحاني أملاً بالإصلاح السياسي.
مع ذلك، ينبغي أن يكون روحاني مستعداً  للتفاعل مع الجماعات المتشددة القوية التي تمسك بالسلطة السياسية الحقيقية، بما في ذلك فيلق الحرس الثوري الايراني، الذي وسع، وبشكل كبير، سيطرته منذ عام 2005. ومن غير المرجح أن يسمح الحرس الثوري لروحاني بتحدي سلطته، نظراً لامتداده في القطاعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في إيران.
ليكون ناجحاً، يجب على روحاني الوقوف في مكان ما بين الرئيس الإصلاحي خاتمي والرئيس المتشدد أحمدي نجاد. فإذا كان يحاول أن يكون خاتمي الجديد، فإن المتشددين سيعيقون كل جهوده من أجل التغيير، مما سيؤدي إلى خيبة أمل الشعب. يجب عليه إقامة توازن.
إن الأمل الوحيد للنجاح لدى روحاني هو التعاون مع المرشد الأعلى الإيراني، آية الله خامنئي. فكما أكد خاتمي، إن المرشد الأعلى فقط هو من سيكون قادراً على مساعدة روحاني في تحقيق وعوده للشعب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جوبين غودارزي، أستاذ مساعد وباحث في قسم العلاقات الدولية، جامعة ويبستر، جنيف
فيما عدا وجود حل سريع في الأسابيع المقبلة، فإن الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني سوف يضطر إلى التعامل مع أعظم تحد يواجه السياسة الخارجية في الشرق الأوسط عند توليه منصبه وهي الأزمة السورية التي بلغت من العمر 27 شهراً. فعلى مدى السنوات الـ 34 الماضية، تطلعت طهران إلى دمشق بصفتها حليفتها الاقليمية الأقرب والأكثر قيمة. ويدرك روحاني تماماً أهمية سوريا بما أنه تقلد مناصب حكومية رئيسة، بما فيها العمل كرئيس للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني بين عامي 1989 و 2005. ليس هناك شك من أن الوضع في سوريا سوف يكون مصدر قلق وانشغال كبيرين لدى روحاني.
يدرك الرئيس المنتخب بأنه إذا أطيح بحكومة بشار الأسد، فإنه سيكون دلالة على أعظم نكسة للنظام الإيراني في الشرق الأوسط منذ عام 1988 على الأقل، عندما اضطرت طهران إلى إنهاء الحرب ضد عراق صدام حسين وصنع تسوية من أجل السلام . وكانت سوريا البعثية أساسية في خدمة المصالح الإيديولوجية والسياسة الخارجية لإيران الإسلامية في المنطقة. وقد مكن التحالف مع دمشق طهران من استعراض قوتها في بلاد الشام من خلال كونها طرفاً فاعلاً في المسرح العربي الإسرائيلي، وتقديم الدعم لحركة حزب الله اللبنانية. وإلى جانب العنصر الهجومي في منطق طهران بدعم دمشق منذ بداية الأزمة الحالية، هناك أيضاً منطق دفاعي. فمن وجهة نظر إيرانية، تعتبر الاضطرابات الجارية في سوريا جزءاً من جهد الأعداء الإقليميين وخارج المنطقة لـ 'محور من المقاومة'- المؤلف من إيران، سوريا، وحزب الله-يرمي إلى تفكيك هذا المحور بالإطاحة أولاً بالأسد ومن ثم تركيز جهودهم على الجمهورية الاسلامية. بالتالي، يُنظر الى سوريا على أنها جبهة دفاع أمامية ضد هجمة على إيران في نهاية المطاف. ثانياً، إن إيران قلقة للغاية من الانتشار الأخير للصراع السوري إلى داخل لبنان والعراق، وخصوصاً العراق . إذ تخشى طهران من أن ينتهي التمرد السني المتنامي ضد الدولة العراقية ( المستوحى من المعارضة السورية والمدعوم من قبلها) بانهيار حكومة نوري المالكي في نهاية المطاف وبالتالي صعود حكومة عراقية جديدة معادية لإيران. في الواقع، إن تغيير النظام في سوريا والعراق، على حد سواء، من شأنه أن يمثل ' مصدر جميع الكوابيس' بالنسبة لإيران.
منذ عام 2012، وإيران تنتهج نهجاً ذي شقين إزاء سورية. إلا أنها استمرت في توفير الدعم العسكري والمادي والمالي لنظام الأسد، لكنها في موازاة ذلك، رحبت وحاولت أن تكون جزءاً من أي مبادرة دبلوماسية من جانب الأمم المتحدة وأطراف ثالثة لإيجاد حل سياسي للأزمة. وأغلب الظن أن حسن روحاني سوف يلطف من الخطاب السياسي المنبثق من طهران وسيركز أكثر على السعي للتوصل إلى تسوية تفاوضية للأزمة السورية، وهو يعلم تمام العلم أن الحرس الثوري والعناصر المتشددة في طهران يهدفون للحفاظ على دعمهم المتواصل والثابت لدمشق. برغم ذلك، يمكن التصور بالتأكيد بأن إيران، بظل القيادة الجديدة، سوف تكون قابلة للقبول بتسوية سياسية، تسوية يترتب عليها تشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا لا تكون معادية لطهران، ولكنها لن تكون حليفتها الوثيقة أيضاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاطمة حقيقت جو ،عضو سابق في البرلمان الإيراني ؛ الرئيس التنفيذي للمبادرة اللاعنفية من أجل الديمقراطية، كلية جامعة ماساشوستس، بوسطن
إن إحدى التحديات الرئيسة التي تواجه الرئيس الايراني المنتخب روحاني هي التوصل الى اتفاق بشأن القضية النووية مع مجموعة الدول 5 +1، وتحديد إطار الاعتراف بالتخصيب المحلي الإيراني، إضافة إلى رفع العقوبات عن إيران النووية. وروحاني  مناسب تماماً لهذا المنصب.
إذ على روحاني أن يتعامل ، وعلى حد سواء ، مع نخبة النظام لبناء توافق وطني ومع الغرب. فالمجلس القومي الاعلى في إيران هو من يتحمل مسؤولية إجراء محادثات نووية. أما الرئيس فيرأس هذا المجلس ويعين أمينه العام. وتضم عضويته رؤساء فروع الحكومة الثلاثة، وثلاثة قادة عسكريين وثلاثة وزراء، نائب الرئيس، وممثليْن عن المرشد الأعلى.
إن روحاني  في وضع فريد لاتخاذ القرارات باجماع جميع الأطراف، بما في ذلك شخصيات سياسية وعسكرية. وفي حين أن المرشد الأعلى يتخذ القرار النهائي ، يضع الرئيس ومجموعته في فريق الأمن القومي الايراني تكتيكات التفاوض ويأثرون في اتجاه المحادثات.
تعرَّض نهج ايران في الآونة الاخيرة في المحادثات النووية لانتقادات من قبل ستة من أصل المرشحين الثمانية خلال المناظرات الرئاسية. وكان هذا أحد الأسباب لعدم حصول سعيد جليلي على دعم كبير (4 في المئة من عدد سكان ايران  البالغ 70 مليون)، وتبين أن الإيرانيين يريدون تغييراً في اتجاه المفاوضات. وهذا سوف يعطي روحاني اليد العليا.
أيضا، لدى روحاني علاقات جيدة مع الجيش وجماعة الأمن ورئيس البرلمان علي لاريجاني، وهكذا فهو سيتمكن من كسب تأييدهم. فقد قاد لاريجاني المحادثات من عام 2005 وحتى عام 2007، لذا فهو يفهم مجموعة 5 +1.
لتحقيق النجاح، ينبغي لروحاني تصوير أي مكسب في المستقبل على أنه انتصار لجميع الأطراف المشاركة.
إن روحاني فرصة للغرب. فالغرب يعرف أسلوب التفاوض لدى روحاني. انه وسيط صفقات بإمكانه معالجة مسألة حقوق والتزامات إيران، في الوقت الذي يؤكد فيه أنه لن يكون هناك أي انحراف في البرنامج لصنع قنبلة نووية مع حفظ ماء وجه إيران. وقد ورد هذا في رسالة كتبها سبعة أعضاء سابقين في البرلمان  ( في 7 يناير/ كانون الثاني 2013) إلى الرئيس أوباما، السيدة أشتون، وآية الله خامنئي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برنار أوركاديه، باحث سابق في السياسة العامة، مركز ويلسون، وزميل أبحاث، المركز الوطني للبحوث العلميه (CNRS)، باريس
حسن روحاني سيكون رئيساً محترماً ومشرِّفاً، قادراً على مصافحة رؤساء الدول الآخرين، وأيضا صانع سياسة قوي داخل إيران بما أنه كان قادراً على خلق حد أدنى من الإجماع الوطني والوحدة، في مناسبة محددة جداً لكنها كبيرة، تحت إسمه. مع ذلك، فإن هذه القدرات هشة للغاية بما أن التناقضات الدولية والمحلية قد وصلت إلى ذروة الاحتدام. إذ بعد الأمل والإجماع، يتمثل الخطر الرئيس بخيبة الأمل وعودة المعارضات المتطرفة:  49.3 في المئة من السكان لم يصوتوا لصالحه ( حسن روحاني).
إن التحدي الأول للرئيس الجديد هو جعل موقفه أقوى ومستداماً. في الوقت نفسه، ينبغي اتخاذ تدابير رمزية  فوراً لبناء الثقة، لارضاء الجهات الفاعلة الاجتماعية والسياسية المتعارضة، ووضع السياسة الإيرانية على مسار جديد: توفير الحرية للسجناء السياسيين ووسائل الإعلام، إعطاء الحرس الثوري وقدامى المحاربين- خصوصا محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران - مناصب أعلى ، قبول التسوية المؤقتة بشأن القضية النووية من خلال تنفيذ البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والسفر إلى الخارج إلى المملكة العربية السعودية لأول مرة في أجل وقف الحرب التي يقوم بها شرطيا الخليج الفارسي التوأم الجديدان في سوريا.
ويتمثل التحدي الرئيس لروحاني في إدارة هذه المرحلة الجديدة في تاريخ جمهورية إيران الإسلامية. فحلم تغيير النظام المتطرف لم يعد واقعياً بما أن القيود الداخلية والخارجية قد فرضت إجماعاً وطنياً جديداً: أغلبية واضحة تواجه معارضة قوية، كما هو الحال في معظم الدول الديمقراطية. وقد بلغ هذا النظام مرحلة من النضج، بحيث تتفاعل القيم الوطنية والإسلامية، والدولية بطريقة أكثر سلمية. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه الثقافة السياسية الجديدة تحد صعب لكنه تحد ممكن للفئات السياسية الإيرانية بل وللمجتمع الدولي أيضاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مائير جافيدانفار، محاضر في السياسة الإيرانية، مركز تعدد التخصصات، هرتزيليا، ومحلل لشؤون الشرق الأوسط الإيرانية ـ الإسرائيلية
عند اسنلامه منصبه في أغسطس/ آب، سوف يواجه الرئيس الايراني المنتخب حديثاً، حسن روحاني، تحديات عديدة، وبعضها أكثر إلحاحاً من غيرها.
في رأيي، إن تلك التحديات، المدرجة أدناه في ترتيب تنازلي من حيث الأهمية، هي التالية:
1. السيطرة على التضخم: هذا هو التحدي الأكثر إلحاحاً والذي يحتاج إلى اهتمام روحاني الفوري. فقد دفعت سياسة النفقات الشعبوية لأحمدي نجاد الشعبوية كالقروض الرخيصة، التي أغرقت الاقتصاد الإيراني بالنقد، إلى ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 30 في المئة.
2. إصلاح أجزاء من برنامج إصلاح الإعانات:  وسوف يشمل هذا الأمر أجزاء من مدخرات الحكومة من هذا البرنامج في القطاع الصناعي الإيراني، كما كان مقررا في الأصل. قد يكون هناك حاجة أيضاً إلى تعليق أجزاء من البرنامج ، حيث أن الزكاة المقدمة بالأصل للإيرانيين كبديل للإعانات قد ساهمت في ارتفاع مستوى التضخم.
3. تطبيع الملف الايراني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA): لقد ضاعفت العقوبات الاقتصادية الأخيرة من مشاكل ايران الاقتصادية ومن غير المرجح إزالتها قبل إجابة إيران عن أسئلة الوكالة بشأن الأنشطة المزعومة المتصلة بالأسلحة.
4. تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية: أدى دعم إيران لبشار الأسد وحزب الله إلى توتر العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية. هذا الدعم هو أحد الأسباب التي جعلت المملكة العربية السعودية وغالبية حلفائها في الخليج الفارسي من أنصار العقوبات ضد ايران وعزلها.
5. إعادة مؤسسة الإدارة والتخطيط الإيرانية (MPO): هذه المؤسسة، التي شملت إعداد خطط متوسطة وطويلة الأجل للتنمية الاقتصادية، والسياسات الاقتصادية، والميزانيات المهمة الرئيسة، تم حلها في عام 2007 من جانب الرئيس أحمدي نجاد. وقد أدى حلها إلى إزالة إحدى أهم هيئات الأداء الاقتصادي والتخطيط الإشرافي في البلد. وهذا ما سمح بتنفيذ سياسات أحمدي نجاد الاقتصادية الشعبوية المدمرة الأخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببجان خاجيبور، شريك إداري، عطية الدولية
إن التحدي المحلي الرئيس أمام حسن روحاني سيكون تلبية رغبة الشعب الايراني برؤية تغيير ملموس. فقد ولدت حملته، والدعم من الفئات الإصلاحية والمعتدلين من النخبة السياسية الإيرانية، وانتخابه لاحقاً إثارة شعبية قد تمثل أخطر تحد له. من الواضح، أنه سيستفيد في البداية من الزخم الشعبي، ومعظم مراكز السلطة السياسية ستتعاون معه لاحترام إرادة الشعب. مع ذلك، فإن إدخال الإصلاحات التي يمكن أن تغير بشكل ملموس الوقائع السياسية والاقتصادية، والثقافية على الأرض سوف يستغرق وقتا أطول مما يستطيع المواطن العادي أن يصبر عليه . هذا أيضاً هو السبب الرئيس في كون الرئيس السابق محمد خاتمي قد حث الجميع على عدم نقل توقعات غير واقعية والتحلي بالصبر لتحقيق تقدم سياسي.
أما التحدي الحاسم الثاني فيتمثل في عكس أنماط من الفساد وسوء الإدارة ووضع حد للمحسوبية التي تأصلت في الحكومة الإيرانية في سنوات حكم أحمدي نجاد. ولمعالجة مسألة البطالة، فإنه يعتمد على بيئة الأعمال والمشاريع التي من شأنها جذب القطاع الخاص. مع ذلك، لقد خسر اللاعبون فب هذا القطاع الخاص نفسه ثقتهم في المؤسسات الحكومية. وسيكون على إدارة روحاني إقامة علاقة أكثر مهنية وشفافية مع القطاع الخاص، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، إضافة إلى وضع رأس المال الخاص قيد الاستخدام الانتاجي في الاقتصاد.
أخيرا، إن روحاني بحاجة إلى إيجاد سبل لتخفيف حدة التوتر في علاقات إيران الخارجية. ينبغي عليه التنقل عبر بنية السلطة المعقدة، آخذاً بالاعتبار، بشكل خاص، تعدد مراكز القوى المؤثرة في السياسة الخارجية، والتوصل إلى حلول مبتكرة لتخفيف حدة التوتر وبناء الثقة في علاقات إيران الدولية ، ولا سيما في المفاوضات النووية. وسيكون هدفه النهائي في السياسة الخارجية تأمين الاعفاء من العقوبات وجذب رؤوس الأموال اللازمة والتكنولوجيا الضرورية إلى السوق الإيرانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جون ليمبرت، برفسور متميز، الشؤون الدولية، الأكاديمية البحرية الأمريكية
ماذا ينوي أن يفعل الرئيس حسن روحاني القيام بماضٍ شهد تحييد وتجاهل وإذلال الشاغلين السابقين للمنصب، والهزء منهم وخلعهم ونفيهم واغتيالهم؟ فمن أصل كل رؤساء إيران منذ العام 1980، كان هاشمي رفسنجاني (1989-1997) ، هو فقط من قام بشيء ما من وظيفته، وساعد إنجازه الفريد من نوعه على تنحيته عن التصويت عام 2013. كما أن علي خامنئي حتى، الرئيس من عام 1981 حتى 1989، قد ثار غضبه بظل افتقاره للسلطة مقارنة مع آية الله الخميني ورئيس الوزراء مير حسين موسوي.
إن الواقع – الذي ينبغي لروحاني أن يعلمه جيداً- هو أن السلطة في الجمهورية الإسلامية تكمن خارج المؤسسات 'الجمهورية' للوزراء والرؤساء، والبرلمانات. فمنذ عام 1979، أقامت السلطة في شبكة من كبار رجال الدين غير المنتخبين وحلفائهم الذين يسيطرون على البروباغندا والأجهزة القضائية والأمنية والاقتصادية الإيرانية، والتي دعاها جورج أورويل ساخراً في كتابه عام 1984  ( الذي لا يزال أفضل عمل مكتوب عن الجمهورية الإسلامية) وزارات المحبة ، السلام، الغزارة، والحقيقة.
إذن ماذا بإمكان روحاني أن يفعل؟ أولاً، بإمكانه إجراء تحول هام كامل في اللهجة. بإمكانه التخلي عن خطاب سلفه الفاحش المثير للانقسام بشأن إسرائيل ، الهولوكوست، المثليين جنسيا، وغيرها من المسائل. قد تكون مثل هذه التصريحات تسعد الجمهور، لكنها لم تساعد الجمهورية الإسلامية على كسب الاحترام الدولي الذي تصر على انه من حقها. ففي واشنطن، على سبيل المثال، أدلى أحمدي نجاد بتصريحات سامة  للغاية بحيث لم يكن بإمكان أي مسؤول رسمي الالتفات إليها. ولم يكن مهماً ما إذا كان يتحدث منطقاً أو هراء. إذ لم يستمع إليه أحد.
ثانياً، يمكنه إجراء بعض التغييرات الصغيرة، لكن الهامة ، في كيفية تعامل الجمهورية الإسلامية مع العالم الخارجي. فبإمكانه انهاء الحيثية العقيمة للمظالم القديمة، الحقيقية أو المتصورة، التي كانت في كثير من الأحيان تشكل مجموع الدبلوماسية الإيرانية. بإمكانه إنهاء الإصرار على المواقف المتطرفة التي لا يمكن لأي شريك في المفاوضات القبول بها. كما يمكنه بحث وضع حد لرفض ايران مدة 34 عاماً التحدث مباشرة مع الولايات المتحدة حول القضايا التي تهم الجانبين. فاذا لم يكن بإمكان واشنطن وطهران أن يكونا صديقين، فينبغي أن يكونا قادرين على إدارة خلافاتهما دون اللجوء إلى حرب من شأنها أن تتسبب بضرر كبير للجانبين على حد سواء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالانتاين م. مقدم، زميل سابق، مركز ويلسون، مدير برنامج الشؤون الدولية، جامعة نورث إيسترن
ثبتت جمهورية إيران الإسلامية نظام الجنسين الذي تحول بمرور الوقت من حيث السياسات والقوانين لكنه برغم ذلك ظل راسخاً بشكل ملحوظ في طبيعته الذكورية. وكنت قد حددتُ  في بحث سابق التحولات في النظام الجنسين على مدى ثلاث فترات -  حقبة الخميني الإيديولوجية بشدة في الثمانينات، وفترة الإصلاح بظل حكم رفسنجاني وخاتمي، وحقبة أحمدي نجاد الأصولية الجديدة. ويبدو أن هناك فعلاً نوع من تأنيث المجتمع المدني، وبطبيعة الحال تعليماً أعلى. ولكن إذا تأملنا تدابير كهذ مثل حصة الإناث من المقاعد  البرلمانية (2 في المئة) أو حصتها من فرص العمل في القوة العاملة المدفوعة الأجر (16 في المئة)، تصبح الطبيعة الذكورية لنظام الجنسين واضحة بشكل بين. والسؤال إذن هو ما إذا كان بإمكان الرئيس الجديد تغيير نظام الجنسين بطريقة تتفق مع أجندة حقوق المرأة العالمية، مطالب المرأة الإيرانية من أجل المساواة، ومقتضيات الديمقراطية والنمو الاقتصادي. إن فكرة أن نظام الحكم في إيران نظام ديمقراطي يتم تقويضها ليس فقط بسبب القيود السياسية ولكن أيضا بسبب اقصاء المرأة واستبعادها من التمثيل السياسي المجدي ومن عملية صنع القرار. وعلى الأرجح يعاني الاقتصاد الإيراني أيضاً من دور هامشي للنساء في القوة العاملة.
تظهر دراسات تاريخية للاقتصاد الأمريكي وبحوث عابرة للوطن في الآونة الأخيرة الآثار الإيجابية لمشاركة المرأة الاقتصادية على النمو الاقتصادي. وقد أعلن الرئيس الجديد عن نيته معالجة مسألة حقوق المرأة. وكي يحدث هذا، فإنه بحاجة إلى الغاء القوانين التمييزية؛ اتخاذ إجراءات تصحيحية لدمج الإناث المتعلمات تعليماً عالياً في إيران في مراكز صنع القرارعبر المجالات المختلفة، وتيسير عمل الأمهات من نساء الطبقة العاملة من خلال إجازة الأمومة المدفوعة الأجر والمغطاة بواسطة الضمان الاجتماعي ، إلى جانب مؤسسات العناية بالطفل، وإطلاق سراح السجناء السياسيين بما في ذلك النساء الناشطات في مجال حقوق المرأة، والترحيب بأولئك الموجودين في المنفى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفشين مولوي، باحث سابق في السياسة العامة ، مركز ويلسون، وزميل أبحاث كبير، مؤسسة أميركا الجديدة
لفهم أهم التحديات التي تواجه إيران، ينبغي على الرئيس المنتخب حسن روحاني الانتقال إلى خريطة النمو العالمي في التوقعات الاقتصادية العالمية لصندوق النقد الدولي. في تلك الخريطة المرمزة -الملونة، فظلال اللون الأزرق المتفاوتة دلالة على نمو إيجابي، والأحمر على نمو سلبي. فالعالم الناشئ عبارة عن بحر أزرق: من أميركا اللاتينية وصولاً إلى آسيا وأفريقيا- باستثناء إيران، المصنفة وحدها، مصبوغة بالأحمر. فالاقتصاد ينكمش للعام الثاني على التوالي، وفقا لصندوق النقد الدولي. ويعاني الإيرانيون من أسوأ معدلات التضخم في الشرق الأوسط ومن بين الأسوأ في العالم. فالبطالة آخذة في الارتفاع؛ ونقص العمالة والعمل في مهن متدنية أمر مزمن.
إن جزءاً من السبب في الأزمة الاقتصادية المختمرة ببطء في إيران هي الشعبوية والسياسات المتقلبة لمحمود أحمدي نجاد. لكن السبب الرئيس بسيط: العقوبات. لقد حطمت العقوبات التاريخية صادرات النفط الإيرانية. ففي مايو/ أيار، صدَّرت إيران أقل من 800000 برميل يومياً، بانخفاض الثلثين مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل العقوبات. ويشكل النفط نحو 80 في المئة من عائدات العملة الصعبة وأكثر من نصف الإيرادات الضريبية الإيرانية. فضلاً عن ذلك، أدت شبكة العقوبات إلى ضرب كل قطاع من القطاعات الرئيسة: البنوك، النقل البحري، الصناعات الثقيلة، والمنتجات الزراعية حتى.
أما وضع العملات الاحتياطية لإيران فهو بالتأكيد تحت الضغط. وقد اعترف هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق ووسيط السلطة، علنا، بذلك قائلاً: 'نحن ننفد من المال'.  ولدى إيران أعلى سعر تعادل للنفط في العالم: فهي بحاجة للنفط لتتداول عند مستويات 140 دولارا للبرميل لتلبية ميزانيتها. هذا لن يحدث. كما أن العجز سينمو.
ينبغي لروحاني إيجاد وسيلة لتخفيف العقوبات عن ايران لتحقيق إمكانياتها الهائلة. أما الطريقة الوحيدة للقيام بذلك فهي صفقة نووية. وبالتالي، أصبحت السياسة النووية سياسة اقتصادية. فمن شأن إيران الخالية من العقوبات أن تزدهر. إذ بإمكانها أن تصبح نجمة في الأسواق الناشئة بدلا من تباطؤ سوقها شبه المدمج. وفي ظل غياب أي صفقة، سوف تستمر إيران بالتراجع، وبنزيفها الأحمر في بحر أزرق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روزبه بارسي، زميل أبحاث، معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية
إن قائمة المشاكل لدى حسن روحاني بحاجة ماسة إلى معالجة طويلة جداً، وسيكون بحاجة بمعظمها إلى التعاون الجوهرى والصادق من برلمان يسيطر عليه الإصلاحيون والمرشد الأعلى. وهي تتراوح بين الاقتصاد والتوترات السياسية الداخلية وصولاً إلى الصراعات الإقليمية، والمفاوضات بشأن القضية النووية، وعدم وجود علاقة مع الولايات المتحدة. وتتشابك هذه المشاكل في أحيان كثيرة بطرق تجعل التمييز بين المشاكل المحلية / الخارجية نظرياً أكثر منه واقعياً. ومن المؤمل أنه سيكون معه النوايا الطيبة الحذرة لبعض البلدان الغربية ، إن لم يكن كلها، إضافة إلى حماس ناخبيه المحليين وتوقعاتهم الغير واقعية جزئياً.
أما في السياسة الخارجية فهو بحاجة لاستعراض رؤية أكثر شمولاً وتطوراً وحنكة من تلك التي كانت لدى سلفه. وهناك مجالان يعتبران ضروريين وذي أهمية استراتيجية مماثلة، على حد سواء، وهما أوروبا والخليج الفارسي. إن اتباع نهج أكثر انتظاماً، في الحالين، يموضع إيران بشكل مباشر كمحاور موثوق به مع فرص أن تكون صاحبة شأن إذا ما أخذت مصالحها في الاعتبار بشكل كاف، سوف يكون ذي فائدة لجميع الأطراف.
لدى أوروبا وإيران الكثير من المصالح المشتركة والروابط التاريخية، لكن المسار الحالي يشير إلى قطيعة شبه دائمة. هنا يمكن أن تساعد المشاركة المستمرة والرغبة في فتح القنوات على جميع المستويات في خلق جو أكثر إيجابية بتأثيرات مضاعفة.
وبالمثل، هناك حاجة لنهج أكثر انتظاماً إزاء الدول العربية في الخليج الفارسي للتخفيف من تسارع دوامة العنف في المنطقة. ففي حين نجح كل من الرئيس رفسنجاني وخاتمي في احداث انفراج معين في العلاقات مع المملكة العربية السعودية والحفاظ عليه، فإن هذا أمر بالغ الصعوبة اليوم مع التطورات الجارية في العراق وسوريا. وسوف يتطلب الأمر أكثر من بعض الأصوات التصالحية من كلا الجانبين- حيث س

موقع الخدمات البحثية