مقالات » ينبغي للمدنيين في مصر أن يسيطروا على الجيش

ستيفن كوك ـ POLITICO ـ 2013/7/4

بالنسبة لملايين المصريين المحتفلين بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي، يحمل تحرك الجيش وعوداً بمستقبل أكثر إشراقاً. مع ذلك، فإن الأهداف الديمقراطية الحميدة للثورتين التوأم في مصر ستظل بعيدة المنال طالما استمر الضباط  بكونهم مصدراً للقوة والسلطة في النظام السياسي.
هل كان انقلاباً؟ غذى هذا السؤال نقاشاً محتدماً على الانترنت ـ سؤال يحمل آثاراً شرعية بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة ـ لكنه يخطئ الهدف. فمنذ يوليو/ تموز عام 1952، عندما أطاح الضباط الأحرار بظل  جمال عبد الناصر بالملك فاروق خارج الحكم، سيطرت القوات المسلحة على النظام السياسي المصري ـ وهي  حقيقة عززتها الأحداث المأساوية يوم الاربعاء فحسب.

وكما قال الرئيس باراك أوباما بعد الاطاحة العسكرية بمرسي، 'إن أفضل أساس للاستقرار الدائم في مصر هو نظام سياسي ديمقراطي'، لكن لن يكون لدى المصريين ديمقراطية كاملة إلا حين يضعون الجيش تحت سيطرة مدنية. وهذه سوف تكون عملية طويلة وشاقة، لكنها أيضاً إحدى المشاريع الواعدة لترويج الديمقراطية التي يمكن للولايات المتحدة مساعدة مصر على الشروع بها.

لدى الجيش المصري تاريخ طويل من الخوض بالحياة السياسية ـ لكن ليس بالقدر الذي قد يتصوره المرء. فبعد عام 1952، لم يكن بحاجة أبداً إلى القيام بانقلاب، وذلك لأن النظام السياسي الذي بناه الضباط الأحرار  قد تم التلاعب به لصالح مصالح القوات المسلحة. إن الواقع بأن عبد الناصر وخلفيه أنور السادات وحسني مبارك كانوا ضباطاً عسكريين أدى إلى ترسيخ رابط غير رسمي، لكنه حاسم وحساس بين الرئاسة والقوات المسلحة. هذا الأمر جعل النظام السياسي يستقر ـ ببساطة، لم يكن هناك حاجة للجيش للتدخل في السياسة. كانت هناك لحظات من التوتر بين القوات المسلحة ورؤساء مصر، لكن النظام كان يعمل بشكل عام.


عندما دفع مرسي بكبار القادة العسكريين خارج مناصبهم في آب 2012، تكهن المراقبون بأن ترجح هذه الخطوة ميزان القوى لصالح المدنيين. مع ذلك لم يكن الأمر كذلك. إن مواجهة مرسي الحاسمة مع القيادة العليا كانت حقا قصة مجموعة من الضباط  الطموحين والأصغر سنا، الغير راضين عن الطريقة التي تمت بها عملية الانتقال من مبارك لمرسي، واغتنامهم الفرصة لطرد رؤسائهم.

هذه المجموعة الجديدة، بقيادة اللواء عبد الفتاح السيسي، لم تأخذ أوامر من مرسي قط. بل لقد أعفى الجيش نفسه من عبء حكم مصر لكنه ،مع ذلك، احتفظ بمصالحه الاقتصادية، والسيطرة على موظفيه، كما احتفظ بامتيازاته في صنع القرار في مجال الأمن القومي وبسلطته الكاملة ـ وكرس تلك الامتيازات في دستور مرسي  المليئ بالشوائب والعيوب والذي لا يحظى بشعبية .

وبينما يعمد القادة المدنيون الجدد في مصر إلى صياغة صفقة سياسية كبرى جديدة، فسوف يكون هؤلاء في حاجة إلى الثبات في مقاومة ولع الجيش بالتعامل الذاتي. بإمكان الولايات المتحدة المساعدة بذلك. لكن على واشنطن ألا تحاضر بالمصريين في مسألة كتابة الدستور أو إيفاد مقاولين بأسعار مرتفعة من ascii85SAID. بدلاً من ذلك، يجب على إدارة أوباما أن تفعل ما لم تفعله اثناء ممارسة صياغة الدستور السابق في مصر: التحدث بوضوح عن أهمية السيطرة المدنية على الجيش. سيقول الكثير من المصريين لواشنطن أن تهتم بشؤونها، لكن بينما كان أوباما قد حذر مرة بقوله أن على الولايات المتحدة أن تكون متواضعة في مواجهة التغيرات الجارية في الشرق الأوسط، فإنه لا ينبغي لها أبداً التنازل عن قيمها،  كما كان قد أعلن بقوة،.

كما ستضطر مصر أيضاً إلى تغيير نظام التعليم العسكري. ويأمل العديد من المراقبين أن يكون لدى جيل الضباط الأصغر سناًـ بعضهم تدرب في الولايات المتحدة، بما في ذلك سيسي ـ وجهة نظر عن العالم تكون مختلفة عن تلك التي لرؤسائهم، وبالتالي أن يكون هؤلاء يريدون المساعدة في تشكيل مجتمع أكثر ديمقراطية. لكن ينبغي ألا يكون لدى فريق أوباما أوهاماً حول عزم الجيش على حماية مكانته الخاصة التي يعتز بها .

(*) ترجمة : إيمان سويد، خاص لمجموعة الخدمات البحثية

موقع الخدمات البحثية