أوراق إستراتيجية » الاستراتيجية الإيرانية في سوريا

( تقرير مشترك صادر عن ' مشروع التهديدات الحساسة التابع لـ AEI و'معهد دراسات الحرب'، ISW)
ويل فولتون ـ جوزيف هوليداي ـ سام واير
أيار/ مايو 2013
موجز تنفيذي

قامت جمهورية إيران الإسلامية بجهد واسع، مكلف، ومتكامل للحفاظ على الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة في حين وضعت شروطاً للاحتفاظ بقدرتها على استخدام الأراضي والأصول السورية لمواصلة مصالحها الإقليمية إذا ما سقط الأسد.
تقوم أجهزة الاستخبارات والأمن الايرانية بتقديم المشورة ومساعدة الجيش السوري من أجل الحفاظ على قبضة بشار الأسد على السلطة. وقد تطورت هذه الجهود إلى مهمة تدريب مشاة باستخدام فيلق الحرس الثوري الإسلامي (الحرس الثوري الإيراني) القوات البرية، قوات القدس، المخابرات، وقوات إنفاذ القانون. إن انتشار القوات البرية التابعة للحرس الثوري إزاء الصراع في الخارج هو توسع ملحوظ ولافت لجهة استعداد إيران وقدرتها على استعراض قوتها العسكرية خارج حدودها.
وقد قامت إيران بتزويد الأسد باللوازم والامدادات العسكرية الضرورية، وذلك عن طريق الجو بشكل رئيس. وقد اعترضت المكاسب التي حصلت عليها المعارضة في سوريا العديد من طرق اعادة الإمداد البرية بين بغداد ودمشق، وتشير الندرة النسبية للزيارات الإيرانية للمرافئ إلى أن  ممرات إيران البحرية في سوريا عبارة عن ممرات رمزية أكثر منها عملية. بالتالي، فإن خط التواصل الجوي بين إيران وسوريا هو نقطة ضعف رئيسة بالنسبة للاستراتيجية الإيرانية في سوريا. إن ايران لن تكون قادرة على الحفاظ على مستواها الحالي في دعم الأسد إذا كان هذا الخط الجوي محجوراً عليه من خلال فرض منطقة حظر جوي أو امساك المتمردين بالمطارات السورية.
تساعد إيران أيضاً ميليشيات الشبيحة الموالية للحكومة، وذلك للتحوط ، جزئياً، ضد سقوط الأسد أو تقلص النظام  وانحصاره في دمشق وجيب العلويين الساحلي. وسوف تصبح هذه الميليشيات أكثر اعتمادا حتى على طهران في مثل هذا السيناريو، ما يسمح لإيران بالحفاظ على قدرة ما للعمل في  الداخل واستعراض القوة انطلاقاً من سوريا.
بدأ حزب الله اللبناني يضطلع بدور قتالي مباشر أكثر في سوريا، حيث بدأ نظام الأسد يفقد السيطرة على الأراضي السورية في عام 2012. وقد دعم حزب الله الأسد بقوات قوية مدربة تدريباً جيدا والذي ينسجم  تورطه في الصراع مع المصالح الاستراتيجية الإيرانية كما اعترف الأمين العام حسن نصر الله يوم 30 ابريل / نيسان في طهران. مع ذلك، إن التزام حزب الله ليس حراً وبدون قيود، لأنه ينبغي على نصر الله الأخذ معايرة دعمه للأسد مع مسؤولياته الداخلية لتجنب تنفير جمهوره في لبنان.
يقاتل المسلحون الشيعة العراقيون أيضاً في سوريا لدعم الأسد. وقد أصبح وجودهم علنياً في عام 2012 مع تشكيل لواء أبا الفضل العباس ، وهي ميليشيا موالية للحكومة عبارة عن تكتل من المقاتلين الشيعة السوريين والأجانب، بما في ذلك أعضاء من حزب الله اللبناني ،عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله. وكالقوات شبه العسكرية الأخرى العاملة في سوريا، صعَّد هؤلاء المسلحين مشاركتهم في الوقت الذي ينزلق فيه الصراع إلى حرب أهلية. إن المشاركة العلنية للمسلحين الشيعة العراقيين في سوريا مؤشر لافت على التوسع في الصراع الطائفي في جميع أنحاء المنطقة.
لقد قيد الصراع السوري بالفعل النفوذ الإيراني في بلاد الشام، وسوف يقلل سقوط نظام الأسد من نفوذ إيران أكثر ويحد من قدرة طهران على إبراز قوتها. مع ذلك، تهدف استراتيجية التحوط لإيران ضمان تمكنها من الاستمرار في مواصلة مصالحها الحيوية إذا ما انهار النظام، وذلك باستخدام أجزاء من سوريا كقاعدة ما دامت المعارضة السورية تفشل في بسط سيطرتها الكاملة على كافة الأراضي السورية.
مقدمة
سوريا أمر حيوي لمصالح إيران الإستراتيجية في الشرق الأوسط ولطالما كانت الدولة الحليفة  الأقرب لإيران. وقد وفر نظام الأسد إمكانية  وصول حاسمة إلى وكلاء إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني ،حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، السماح لإيران بنقل الأفراد، الأسلحة، والمال لهذه المجموعات عبر الأراضي السورية. وقدمت إيران الدعم لبرامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، بما في ذلك نشر العلماء الايرانيين، توريد المعدات والسلائف الكيميائية، والتدريب التقني. لقد كانت سورية شريك استراتيجي لإيران في ردع إسرائيل عن مهاجمة وكلاء إيران أو برنامجها النووي. وتهدف استراتيجية ايران في سوريا إلى الحفاظ على الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة إلى حين وضع شروط لضمان قدرة طهران على استخدام الأراضي والأصول السورية لمواصلة مصالحها الإقليمية إذا ما سقط الأسد. وقامت إيران بمجهد واسع ، مكلف، ومتكامل لتحقيق هذه الأهداف.
يهدف التدريب الإيراني والدعم للأجهزة الأمنية السورية إلى إطالة قبضة الأسد على السلطة. يتكون هذا الجهد من مهمة استشارية ومساعدات لدعم القوى الأمنية لنظام الأسد. وقامت إيران بمهمة الدفاع الداخلي الأجنبي هذه في سوريا باستخدام قوات الحرس الثوري الإسلامي النظامي (الحرس الثوري الإيراني) إلى جانب قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وخدمات سرية أخرى، مما يشكل نوعا جديداُ من الاستراتيجية العسكرية الاستطلاعية الإيرانية. وقد قامت هذه البعثات بداية بدعم حملة الأسد لمكافحة التمرد، التي حاولت استعادة سيطرة الدولة في جميع أنحاء سوريا. وما أن بدأ الأسد يفقد السيطرة على شرق وشمال سوريا في صيف عام 2012،  حتى واصلت بعثة الاستشارات والمساعدات الإيرانية تعزيز قبضة الأسد الموحدة جغرافيا في وسط وجنوب سوريا.
 تغطي إيران أيضاً فشل هذه الاستراتيجية من خلال استكمال دعمها لمؤسسات الدولة الأمنية مع تقديم المساعدات للميليشيات الموالية للحكومة من أجل تطوير وكلائها الذين من شأنهم ابقاء الأسد حيا. هذا الجانب من نهج ايران منسجم مع جهود طهران القديمة في لبنان والعراق، حيث بنت أيضاً الميليشيات الشيعية لضمان أن تكون مصالحها محمية حتى في غياب الدول المضيفة الفعالة أو المرنة. وقد أصبحت هذه القوات شبه العسكرية ذات أهمية متزايدة بالنسبة لإيران ونظام الأسد في الوقت الذي آلت فيه طبيعة الصراع من مكافحة التمرد إلى حرب أهلية. ومع استمرار القدرات العسكرية للدولة السورية بالتدهور، قد تشكل هذه الميليشيات الإطار لاستمرار النفوذ والنشاط الإيراني في سوريا والمنطقة.
لقد قيد الصراع السوري بالفعل النفوذ الإيراني في بلاد الشام، كما أن سقوط نظام الأسد  سيحد أكثر من قدرة طهران على إبراز قوتها.  مع ذلك، تهدف استراتيجية التغطية لإيران ضمان أن يكون بامكانها الاستمرار في مواصلة مصالحها الحيوية إذا ما انهار النظام، أو متى ما انهار، وذلك باستخدام أجزاء من سوريا كقاعدة ما دامت أن المعارضة السورية تفشل في بسط سيطرتها الكاملة على كافة الأراضي السورية. وتهدف هذه الاستراتيجية لضمان استمرار فلول نظام الأسد، وغالبيتهم من العلويين، تقديم الدعم للنشاط الإيراني في بلاد الشام حتى ولو استولت حكومة معارضة على السلطة في دمشق. عن طريق تشجيع التقارب بين الميليشيات الموالية للنظام والفلول الموالين لنظام الأسد من خلال دعم  العناصر الرسمية وشبه العسكرية من قوات الأسد، على حد سواء، تعمل إيران على الحفاظ على مصالحها على المدى القصير في الوقت الذي ترسي فيه الأسس لنفوذها وقدرتها على الوصول إلى بلاد الشام على الأمد الطويل.
لا يشك كثير من المراقبين بوجود تورط إيراني في سوريا. مع ذلك، فإن من الصعب وصف نطاق وطبيعة تلك المشاركة أو تحديدها. وقد أثبتت إيران مرة أخرى قدرتها على العمل ضمن بيئات ذات صراع منخفض الشدة بينما تنجح  بالتشويش على تفاصيل عملياتها، كما فعلت في العراق خلال النصف الأخير من الحرب على العراق. ولا تقدم مصادر وسائل الإعلام الإيرانية سوى رؤى وأفكارا محدودة، وغالباً في زلات علنية نادرة فحسب، كما أن معظم  اتهامات المعارضة السورية بالتورط الايراني تفتقر إلى المصداقية. وباستخدام مادة مصادر واحدة مفتوحة، من الصعب بل والمستحيل في كثير من الحالات التحقق من التقارير الصحفية أو الإعلانات العامة بشكل مستقل. إن المعلومات الواردة أدناه مستمدة من طائفة واسعة من المصادر، بما في ذلك تسميات وزارة الخزانة الأميركية، وكالات الأنباء الغربية والإيرانية، ووسائل الإعلام الاجتماعية، والتي تم وضعها في السياق لتشكيل التقييمات بناء على المؤشرات المتاحة والسلوك الماضي.
بعثة استشارية
بذلت إيران بذلت جهوداً متضافرة لتقديم المشورة للجيش السوري من أجل الحفاظ على قبضة بشار الأسد على السلطة. لقد قامت كل من قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني وعناصر من القوات البرية التقليدية التابعة  للحرس الثوري ، فضلا عن العديد من منظمات الاستخبارات الإيرانية، بتدريب وتقديم المشورة لعناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة الأسد. وهذه المؤسسات كلها نقاط قوة تنفيذية متميزة تكمل بعضها البعض في دعم الأسد.
الدعم على أعلى المستويات للجيش السوري
يبدو بأن الذراع العسكري الخارجي الرئيس لإيران، أي قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، هو الذي بقود هذا الجهد. وقد سمَّت وزارة الخزانة الأمريكية (ascii85SDOT) قائد قوات القدس التابع للحرس الثوري اللواء قاسم سليماني وقائد العمليات والتدريب محسن شيرازي في أيار/ مايو 2011 بسبب دورهما في 'القمع العنيف ضد الشعب السوري'. إن قوات القدس هي المسؤولة عن عمليات إيران الخارجية ، وقد لعب القائد سليماني دورا بارزا في إدارة النشاط الإيراني في العراق، لذا، من غير المستغرب أن يكون قد تولى دورا قياديا في سياسة إيران تجاه سوريا. وقال رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب في مؤتمر صحفي بعد انشقاقه إن 'سوريا محتلة من قبل النظام الإيراني. فالشخص الذي يدير البلاد ليس بشار الأسد وإنما قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس التابع للنظام الإيراني '. وإذا ما وضعنا المبالغة جانبا، فإن اتهام حجاب، يؤكد الدور القيادي لسليماني في سوريا.
بحسب ما هو مفترض، كان محسن شيرازي يوجه ويديرجهود التدريب لقوات القدس، كما يوحي عنوانه، على الرغم من أن تسمية الخزانة الأميركية(ascii85SDOT) لا تحدد ذلك. ومن المعروف أيضا أن شيرازي سهل نشاطات مسلحة في العراق. وقد ألقت القوات الامريكية القبض على شيرازي وقائد آخر في قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني  داخل مجمع الزعيم الشيعي العراقي عبد العزيز الحكيم في عام 2006. وذكر مسؤولون بوزارة الدفاع الامريكية في ذلك الوقت أنه وُجد مع الرجلين معلومات تتصل بحركة الأسلحة المتطورة داخل العراق، بما في ذلك العبوات الناسفة المشكلة.  وطردت الحكومة العراقية على الفور القائديْن بدلا من احتجازهما، بزعم أنهما يتمتعان بالحماية بواسطة الحصانة الدبلوماسية.
أصبح مدى تورط قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا أكثر وضوحا في شباط/ فبراير 2013 عندما اغتيل العميد الايراني حسن الشاطري في ريف دمشق أثناء سفره إلى بيروت، بعد أن سافر إلى حلب. كان الشاطري قائداً رفيعاً في فيلق القدس وكان يعمل سراً في لبنان منذ عام 2006 رئيسا للجنة الإيرانية لإعادة إعمار جنوب لبنان تحت الاسم المستعار حسام خوش نويس. وقبل فترة وجوده في لبنان، كان الشاطري قد عمل في أفغانستان والعراق. إن وجود مثل هذا القائد الرفيع داخل سوريا يسلط الضوء على التزام طهران بتحقيق أهدافها في البلاد، فضلا عن أن استهدافها المحتمل إذا ما سقط الأسد.
ربما كانت مهمة الشاطري في سوريا تتصل بأسلحة ' السفير' الكيميائية وبمنشأة صواريخ سكود قرب مدينة حلب. وكان هناك أفراد إيرانيون منخرطون في عمليات ' السفير ' منذ عام 2005 على الأقل؛ قتل عدد منهم في انفجار في المنشأة عام 2007. وكان الثوار قد حققوا مكاسب كبيرة بالقرب من منشأة السفير قبل اغتيال الشاطري. ومن المنطقي الاستنتاج بأن إيران سترسل فريقا لتطهير القاعدة من الوثائق أو المواد التي يمكن أن تكشف جوانب برامج اسلحة الدمار الشامل لإيران قبل استيلاء المتمردين عليها. في أي حال، إن وجود الشاطري في موقع خطير كهذا ، يظهر أن قوات القدس التابعة للحرس الثوري متورطة بعمق في سوريا وعلى أعلى المستويات.
قد يشمل الدعم الإيراني للقوى الأمنية السورية تدريب وحدات عسكرية جديدة. ففي شريط فيديو مسرب عن بيان موجز للحرس الجمهوري السوري في بابا عمرو، يقول العميد الذي يقدم المعلومات لقواته، 'نحن نشكل كتيبة القوات الخاصة 416، ويجري تدريبها الآن على أيدي مدربين محليين وأجانب'. ولا يحدد شريط الفيديو المسرب مكان التدريب، لكن مجمع التدريب للقوات الخاصة السورية في  دريج، وتقع بين العاصمة دمشق والزبداني، مرفق محتمل. وعلى الرغم من أن روسيا أو حزب الله اللبناني قد وفرا المدربين الأجانب المشار إليهم هنا، فإن إيران هي المرشح الرئيس، حيث أن هناك المزيد من الأدلة على أنها قدمت مدربين آخرين.
تشارك القوات البرية التقليدية من الحرس الثوري أيضاً في هذه المهمة الاستشارية والمساعدات داخل سوريا. لقد كشف البيان المحرر في كانون الثاني/ يناير 2013 عن الرعايا الإيرانيين الـ 48 الذين خطفوا بالقرب من دمشق في آب/ أغسطس 2012 عن أن أفراد قوات القدس التابعين للحرس الثوري كانوا يعملون داخل سوريا منذ ذلك الوقت على الأقل. ومن ضمن المفرج عنهم القائد الحالي والسابق لوحدة شهداء الحرس الثوري الإسلامي (محافظة أذربيجان الغربية) ـ كلاهما من قادة الألوية من الفئة الثانية-  فضلا عن الممثل السابق للقائد الاعلى الايراني علي خامنئي لتلك الوحدة ـ قائد لواء الإمام الصادق 14 ( محافظة بوشهر)؛ وأفراد مرتبطون بلواء المهدي 33 (محافظة فارس). إن الانتشار الأمامي لكبار قادة الوحدات البرية  الحاليين التابعة للحرس الجمهوري أمراً غير معتاد،  حيث أن قوات القدس التابعة للحرس الثوري هي الذراع العسكري الخارجي التقليدي الايراني  بينما القوات البرية التابعة للحرس الثوري هي المسؤولة عن الأمن الداخلي والعمليات التقليدية داخل إيران. إن تطور قدرات التدريب التدخل السريع والاعتماد على القوات البرية للحرس الثوري بالإضافة إلى قوات القدس، داخل البلد، هو توسع ملحوظ  ولافت لقدرة إيران على إبراز نفوذها وقوتها العسكرية ما وراء حدودها وجيرانها المباشرين بالفعل.
قد يكون النظام الإيراني استخدم على الأرجح أفراداً في القوات البرية للحرس الثوري يعملون تحت إمرة قوات القدس التابعة للحرس الثوري في سوريا من أجل الاعتماد على تدريب القوات البرية والخبرة بما يتعلق بالأمن الداخلي والعمليات التقليدية أو عمليات مكافحة التمرد. على الرغم من أن قوات القدس خبيرة في الحرب غير التقليدية، فإنها لم تلعب سابقا دور مكافحة التمرد. في المقابل، إن القوات البرية القطار  مدربة ولديها خبرة في مكافحة التمرد. في الواقع، إن أفراد القوات البرية في الحرس الثوري الذين تم أسرهم في سوريا انحدروا من وحدات مجالس المحافظات التي تتعامل مع حركات التمرد والاضطرابات القبلية والعرقية. قد يكون النظام يختار المدربين عمدا من عناصر القوات البرية المعدين  لمكافحة التمرد.
تعمل القوات البرية  وقوات القدس التابعة للحرس الثوري عادة بشكل منفصل نظرا لمهماتهم المتمايزة  لكن يبدو أنهم يعملون معا في هذه الحالة. لا توجد معلومات متوفرة من مصادر مفتوحة تشير إلى الطبيعة الدقيقة لتعاونهم أو إلى القيادة والسيطرة، لكن على الرغم من تقرير في صدر في أيلول/ سبتمبر 2012  يقول بأن قائد وحدة طهران الكبرى التابعة للحرس الثوري السابق اللواء حسين حمداني يقود بعثة استشارية إيران، فإن المرجح أكثر أن يكون قاسم سليماني هو من يقود جهود إيران بشكل عام في هذا المجال . وبصفته قائد عام من فئة الثلاث نجوم، يتفوق سليماني بالرتبة على حمداني وجميع قادة القوات البرية  الآخرين في الحرس الثوري الإسلامي ، وكانت قوات القدس،تاريخياً، تقود عمليات إيران الخارجية. إذا كان سليماني هو المسؤول عن الجهد، فيبدو بأنه قادر على الاستفادة من وحدات الحرس الثوري من غير قوات القدس ومن الموارد لسد الثغرات والاستفادة من خبرات معينة لدعم جهود قوات القدس التابعة للحرس الثوري.
كانت بعض أنشطة القوات المسلحة السورية منسجمة مع المفاهيم الاستراتيجية التي يروج لها كبار المسؤولين، رغم أنه لا يمكننا  تقييم  نوع النفوذ الخاص الذي كان للمستشارين الإيرانيين على الجيش أو القيادة السورية. إن قرار الأسد بتلزيم غالبية قواته الأمنية ضمان أمن المناطق الحضرية الرئيسة، على سبيل المثال، كان بتأثير المشورة الإيرانية. فقد قال قاسم سليماني في كانون الثاني/ يناير 2012، على سبيل المثال، أن 'الحركة الجماهيرية في سوريا ليست في المدن ولكنها، وإلى حد ما، لا تزال، في القرى ...لذا ، فإن علة سوريا ليست بالعلة التي من شأنها تدمير الحكومة '. وتوصل سليماني إلى استنتاج  بأن بإمكان الأسد احتواء الصراع من خلال منع المعارضة من كسب الأرض في المراكز الحضرية في سوريا. في الواقع، لقد ركز الأسد قواته في المدن في حين ازدهرت المعارضة في المناطق الريفية. ورغم أن قوات الأسد فقدت السيطرة على العديد من الأحياء حتى في المدن الرئيسة، فإنها منعت المعارضة من السيطرة على أية عاصمة من عواصم المحافظات إلى حين استيلاء المتمردين على مدينة  الرقة الصحراوية شرق البلاد في آذار/ مارس 2013.
لقد خدمت عمليات عسكرية محددة مصالح كل من قوات القدس في الحرس الثوري ونظام الأسد على حد سواء، وربما كان بدافع المشورة الإيرانية. وقد شن نظام الأسد سلسلة من الهجمات الكبرى في الربع الأول من عام 2012، بدءاً من الزبداني في ضاحية دمشق ، رغم أنه كان هناك وجود أكبر للمعارضة في حمص. وارتأى النظام البدء في الزبداني لسببين، يكملان بعضهما البعض: أولا، لأنها أقرب إلى العاصمة،  إذ تقع على بعد حوالي أربعين كيلومترا إلى الشمال الغربي من دمشق، وثانيا، بسبب وظيفة الزبداني كخط امداد حرج وحساس  لحزب الله في لبنان.
كانت الزبداني منطقة انطلاق لنشر قوات الحرس الثوري الإيراني في لبنان في عام 1982، حتى أن الحرس الثوري الإيراني نقل رئيس الجامعة الأميركية  في بيروت المختطف  عبر الزبداني في الطريق إلى طهران في العام التالي. بعد أسبوعين فقط من انتفاضة 2011،  حدد تقرير يونايتد برس انترناشونال منطقة الزبداني بأنها 'مرفق الدعم الرئيس  بالنسبة للحرس الثوري الإيراني لحزب الله'. ومن المعروف فقط أن قاسم سليماني  زار الأسد في دمشق مرتين منذ بداية الصراع، وحصلت إحدى الزيارتين قبل بضعة أيام فقط من عملية الزبداني. فمن الممكن أن تكون لزيارة سليماني في يناير/ كانون الثاني 2012 علاقة بمقتضيات إعادة الامساك بالزبداني. لقد عكس قرار الأسد بإعطاء الأولوية للزبداني المشورة أو الضغط  الإيراني بقدر ما تعكس تصوره الخاص لمصلحة النظام الفضلى.
قد تعكس بعض ممارسات النظام السوري لمكافحة التمرد في المناطق الحضرية أيضا المشورة الإيرانية المستمدة من الدروس المستفادة في العراق. وبعد تطهير الزبداني، طوق النظام حمص وحاصرها، مما اضطر الثوار إلى التراجع في بداية آذار/ مارس 2012. ووضع الأسد قوات مرابطة كبيرة  حول المدينة وبدأ ببناء جدار خرساني حول معقل المتمردين السابق. أحد المراسلين الذي زار الجدار وصفه بأنه حاجز اسمنتي ارتفاعه عشرة أقدام، يتجمع حوله الجنود والشرطة السرية لحراسة عدد قليل من الفجوات الضيقة في الجدار واعتقال الذكور في سن الخدمة العسكرية الذين يحاولون المرور من خلالها. ففي عام 2008، شيدت القوات الأمريكية حاجزاً اسمنت مماثل حول جيب شيعي لمدينة الصدر في بغداد لخفض إمدادات المتمردين والحد من تحركاتهم. ولا بد أن المراقبين الإيرانيين العاملين مع الوكلاء في مدينة الصدر في ذلك الوقت قد شهدوا فعالية الحملة الأولى مباشرة وبالتالي  فإنهم ربما يكونوا قدموا النصح لنظام الأسد باعتماد نهج مماثل.
مع ذلك، لم يكن نظام الأسد الشريك المثالي. إذ شعر كبار القادة الإيرانيين بالاحباط في بعض الأحيان بسبب نهج نظام الأسد إزاء المعارضة. وانتقد قائد قوات القدس سليماني ضمنياً الجيش السوري مؤخراً في شباط/ فبراير 2013  وذلك في خطاب تكريم  لقادة الحرس الثوري الإيراني في حقبة الحرب الإيرانية ـ العراقية. فبعد استعراض مطول لشجاعة وتدين، ونكران الذات لدى القادة الإيرانيين الشهداء ، اختتم سليماني كلمته بالقول: ' لو كان لدى سوريا وحكومتها همَّت واحد وخرازي واحد فقط (شهداء حقبة الحرب)، فإن الحال لم يكن ليكون كما هو عليه الآن ولم نكن لنشهد أياً من هذه الأحداث (التي شهدناها) في ذلك البلد. إن الحلقة المفقودة في هذه البلدان هو عدم وجود الأفراد الذين كان لدينا عدد وافر منهم أثناء حرب الدفاع المقدس '. وقد جاء هذا الانتقاد في أعقاب اغتيال الشاطري وربما عكس استياء سليماني من النظام الذي سمحت اخفاقاته بقتل مرؤوسه.
أصدرنائب  قوات القدس العميد اسماعيل جعاني أيضا انتقاداً ضمنيا لنظام الأسد بعد يومين من مجزرة الحولة في 25 أيار/ مايو 2012 ، حيث قتلت قوات الأسد ما يقدر بـ 90 شخصا. وقال جعاني، المحبط على ما يبدو من ميل الأسد على الرد بنحو غير متناسب على الاحتجاجات، لوسائل الإعلام الإيرانية، ' لو لم تكن الجمهورية الإسلامية موجودة في سوريا، فإن عدداً أكبر بكثير من شعبها كان سيُقتل'.  وقيل بأن هذا الاحباط  قد وجد صداه لدى قاسم سليماني الذي ردد مقولة نائبه في شهر أيلول/ سبتمبر 2012. إذ وفقا لمصدر معارض  وطني إيراني، قال سليماني في ذلك الوقت، 'نحن نقول للأسد إرسل الشرطة إلى الشوارع وفجأة يرسل الجيش'!
لقد كان الحرس الثوري الإيراني يقدم المشورة والتنسيق، وهذا واضح، لكن من غير المرجح أن يكون قد أخذ على عاتقه القيام بدور قتالي مباشر. وقد برز الدليل الوحيد على عكس ذلك من جانب المنشقين السوريين وقادة المعارضة، الذين اتهموا إيران بنشر القناصة للمساعدة في قمع الاحتجاجات والقيام بعمليات عسكرية. وبغض النظر عما اذا كانت ايران تشارك في القتال المباشر أم لا، فإن التنسيق الإيراني على أعلى المستويات مع القوات العسكرية للأسد أمر واضح ويثبت حجم  الطاقة والموارد التي تصرفها طهران من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوريا.
الدعم الاستخباراتي
من المرجح أن حاجة الأسد للدعم الاستخباراتي الإيراني كانت قد أصبحت أمراً أكثر إلحاحاً مع سعي النظام لقمع الاحتجاجات في جميع أنحاء سوريا في ربيع عام 2011. وتشير سلسلة تسميات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية (ascii85SDOT) في ذلك الوقت إلى أن مجموعة من المنظمات الإيرانية قد شاركت في هذا الجهد، بما في ذلك قوات انفاذ القانون ، وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، والشركة المتعهدة الكبيرة لصناعة الإلكترونيات الإيرانية (IEI). كما تسلط هذه التسميات بعض الضوء على العلاقة بين مؤسسات الدولة الأمنية السورية والإيرانية.
ارسلت طهران أفراداً من قوات فرض القانون لتقديم المشورة والمساعدة للأسد منذ البداية وذلك في أوائل عام 2011. ووفقاً لتسمية الخزانة الأميركية (ascii85SDOT)، فقد 'سافر نائب القائد العميد أحمد رضا رادان إلى دمشق ( في نيسان 2011) حيث التقى مع الأجهزة الأمنية السورية، وقدم خبراته للمساعدة في حملة القمع التي تشنها الحكومة السورية'.  ويصرح تقرير التسميات الصادر عن الوزارة أيضاً بأن ' قوات فرض القانون قدمت الدعم المادي لدائرة المخابرات العامة السورية وأرسلت موظفين إلى دمشق... لمساعدة الحكومة السورية في قمع الشعب السوري '.
كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد سمَّت سابقا قوات حفظ القانون 'لدورها في الحملة التي شنتها الحكومة على المتظاهرين في أعقاب الانتخابات الإيرانية في حزيران/ يونيو 2009'، والتي اكتسب خلالها قوات حفظ النظام خبرة واسعة في تحييد الاضطرابات الشعبية. منذ تلك الحادثة، أصبحت معالجة الاضطرابات الداخلية المهمة الأساسية لجهاز الأمن في الجمهورية الإسلامية على نطاق أوسع. من المفهوم، إذن، أن يكون الايرانيون قد اعتمدوا على تركيبة التجربة الأخيرة، والتدريب، والمعرفة التكنولوجية لدعم جهود الأسد في وقت مبكر للسيطرة على الاحتجاجات الشعبية.
في كل الأحوال، إن نشر أفراد حفظ القانون دعماً للأسد أمر يستحق الذكر، لأنه يوضح ويثبت بأن الاستراتيجية الإيرانية تجاه سوريا، قد صيغت ويجري تنفيذها من جانب قيادة الجمهورية الاسلامية وعلى أرفع مستوى . إن قوات فرض القانون موجودة تحت سيطرة وزارة الداخلية وليس تحت سيطرة سلسلة القيادة في الحرس الثوري أو القوات المسلحة النظامية. ويرسل  وزير الداخلية، نظرياً، التقارير للرئيس محمود أحمدي نجاد.
مع ذلك، وعملياً، يشرف على قوات حفظ النظام، ككل الأجهزة الأمنية الإيرانية، المجلس الاعلى للامن القومي القومي الايراني، الذي يقدم تقاريره إلى المرشد الأعلى. بالتالي، من المحتمل جدا أن يكون المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني قد وضع خطة لدعم الأسد يكون المرشد الأعلى قد وافق عليها آنذاك، وأنه يجري الآن تنفيذ هذه الخطة. إن وجود ضباط  حفظ القانون في سوريا هو أوضح دليل ممكن على أن استراتيجية الحكومة الإيرانية بكاملها في سوريا يتم التحكم بها مباشرة من جانب خامنئي وليس سليماني، الحرس الثوري الإيراني، أو أي فرد أو كيان آخر في إيران.
إن قوات حفظ القانون ليست المؤسسة الأمنية الإيرانية الوحيدة التي تقدم المعلومات الاستخباراتية والدعم التكنولوجي للنظام السوري. وقد استشهد بمجموعة متنوعة من المنظمات الإيرانية التي توفر مجموعة واسعة من الدعم للأسد:
&bascii117ll; حزيران/ يونيو 2011: فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على رئيس منظمة الاستخبارات للحرس الثوري الإسلامي حجة الإسلام حسين طيب لتورطه في 'توفير المعدات والدعم لمساعدة النظام السوري في قمع الاحتجاجات'.
&bascii117ll; شباط/ فبراير 2012: سمَّت وزارة الخزانة الأمريكية وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية لتقديمها 'مساعدات تقنية كبيرة وأساسية لمديرية المخابرات العامة السورية بغرض مساعدة النظام السوري في حملته العنيفة ضد المتظاهرين'.
&bascii117ll; آذار/ مارس 2012: صرَّح مسؤول أميركي لم يذكر اسمه بأن ايران ' قامت بتقاسم التقنيات المتعلقة بمراقبة الانترنت وتعطيله' مع نظام الأسد، وقدمت ' طائرات بدون طيار غير مسلحة تستخدمها دمشق الآن إلى جانب التكنولوجيا الخاصة بها في مراقبة قوى المعارضة'، فضلا عن 'وسائل مراقبة لمساعدة النظام في قمع المعارضة'.وكان نشطاء سوريون قد قاموا بتصوير طائرات مراقبة إيرانية بدون طيار كانت تحلق فوق حمص في الشهر الفائت.
 &bascii117ll; أيلول/ سبتمبر 2012:  صنفت وزارة الخزانة الأميركية شركة صناعة الإلكترونيات (IEI) على لائحتها السوداء لعلاقتها بدائرة الإمدادات للجيش السوري (SASB)، متهمة شركة  IEI بامتلاكها 'عقوداً دائمة' مع دائرة الامدادات ومحاولة شحن ' معدات اتصال، بما فيها أجهزة تشويش VHF / ascii85HF للمؤسسة بقيمة مليونيْ  دولار '.
تشير الأدلة المتوفرة إلى أن الدعم الاستخباراتي الإيراني قد تم توجيهه أساسا من خلال مديرية المخابرات العامة السورية. ولدى سوريا أربع أجهزة استخبارات متداخلة، وكلها تتمتع بصلاحيات واسعة لرصد وتحييد التهديدات الداخلية والخارجية للنظام، وجميعها تقدم تقاريرها مباشرة إلى الرئيس الأسد. ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران تحتفظ بعلاقات مباشرة مع أجهزة المخابرات السورية الأخرى، أو ما إذا كانت دائرة المخابرات العامة تتصرف باعتبارها القناة الوحيدة للحصول على دعم المخابرات الإيرانية.
على الرغم من أن دائرة المخابرات العامة هي المسؤولة في المقام الأول عن الاستخبارات الخارجية، فإن فرعها القوي للأمن الداخلي كان، ولعقود، برئاسة محمد ناصيف خيربك، المستشار المقرب من حافظ الأسد. إن عائلة خيربك هي واحدة من ثلاث عائلات تشكل النواة الداخلية لنظام الأسد وتمسك بأدوار قيادية على امتداد أجهزة الاستخبارات والأمن. وأصبح محمد ناصيف في وقت لاحق نائب مدير دائرة المخابرات العامة، وشغل منصب مساعد خاص للاستخبارات والأمن للرئيس الأسد في بداية الانتفاضة.
تم تحديد محمد ناصيف خيربك باعتباره المحاور بين الأسد والنظام الإيراني. ووفقا لأحد التقارير، فقد سافر خيربك الى طهران خلال صيف عام 2011  للتفاوض حول المساعدات الإيرانية لإنشاء مجمع عسكري جديد ومستودع للامدادات في مطار اللاذقية. إن تحديد خيربك باعتباره جهة الاتصال الأساسية لعلاقة سوريا مع إيران يعزز التقييم الذي يقول بأن دائرة المخابرات العامة تتصرف باعتبارها القناة الرئيسة للحصول على دعم المخابرات الايرانية للأجهزة الامنية السورية.
إعادة الإمداد العسكري
الجو

إن إعادة الإمداد الجوي هو عنصر الدعم المادي الإيراني الأكثر أهمية إلى سوريا. وقد سلطت تسميات الخزانة الأميركية (ascii85SDOT) الضوء على أهمية الخطوط الجوية التجارية الإيرانية في هذه العمليات. وتشير أدلة أخرى الى أن طائرات سلاح الجو الإيراني قد استكملت هذا الجهد وبأن لإيران قدرة وصول محدودة نسبياً إلى خطوط  التواصل البري والبحري.
فرضت تسمية الخزانة الأميركية (ascii85SDOT) عقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية منذ بداية الصراع لنقلها المعدات العسكرية والأفراد من إيران إلى سوريا. ففي حزيران/ يونيو 2011، سمت الخزانة الأميركية (ascii85SDOT) ' الخطوط الجوية الإيرانية' لنقلها معدات عسكرية شملت 'مكونات صواريخ أو صواريخ لسوريا'.  ووفقا لتسمية الخزانة، يخفي الحرس الثوري الإيراني المعدات العسكرية تحت اسم ' أدوية أو قطع غيار عامة' من أجل نقل البضائع غير المشروعة. وتمت تسمية 'طيران ياس' في آذار/ مارس 2012  لنقلها أفراداً وأسلحة  لقوات القدس التابعة للحرس الثوري ، بما في ذلك الأسلحة الصغيرة ، الذخائر ، الصواريخ ، المدافع المضادة للطائرات، وقذائف هاون. ويصف هذا التعيين للأسماء سلسلة من الرحلات الجوية  المنسقة بين قوات القدس وطيران ياس QF في آذار/ مارس 2011 ، في بداية الصراع، والتي نقلت الأسلحة إلى حزب الله ومسؤولين سوريين.
وذكرت تسميات منفصلة لوزارة الخزانة الأميركية ( ascii85SDOT ) في سبتمبر/ ايلول 2012 117  طائرة شحن وركاب مرتبطة بطيران ياس، الخطوط الجوية الايرانية، وطيران ماهان لاستخدامها في تهريب الأسلحة والأفراد إلى سوريا. وفي حين أن غالبية الطائرات المعينة هي طائرات تجارية، فقد تم تحديد خمس طائرات نقل عسكرية بما في ذلك ثلاثة من طراز أنتونوف-74 وطائرتين من طراز إليوشن 76. وتعتبر كل من طائرتيْ اليوشن وأنتونوف، طائرة متينة للغاية وقادرة على القيام بعمليات اقلاع وهبوط أقصر من الطائرات التجارية الكبيرة. ومن خلال توظيف مجموعة من هياكل الطائرات، فإن لإيران القدرة على الطيران في مطارات سورية أكبر حجماً إضافة إلى القواعد الجوية الصغيرة.
إن الإمدادات الجوية الإيرانية لسوريا تعود بتاريخها إلى ما قبل الانتفاضة، إذ لطالما استخدمت دمشق كمركز إيراني رئيس لتزويد حزب الله اللبناني. وقد سهلت الخطوط الجوية الإيرانية وصول الشحنات لصالح وزارة الدفاع الإيرانية وكذلك العمليات اللوجستية للقوات المسلحة (MODAFL) والحرس الثوري الإيراني منذ عام 2000 على الأقل. ووجد تقرير للأمم المتحدة بشأن عمليات نقل الأسلحة غير المشروعة أن سورية كانت الوجهة الأولى لشحنات الأسلحة غير المشروعة من إيران. وغالباً ما كان يتم بعد ذلك تمرير هذه الأسلحة إلى نشطاء لبنانيين وفلسطينيين.
تنقل الطائرات الإيرانية أيضاً أفراداً لأجل مهمات الاستشارة والمساعدة في سوريا. وفرضت وزارة الخزانة الامريكية عقوبات على خطوط ماهان الجوية في أكتوبر/ تشرين أول عام 2011 لتوفير 'خدمات السفر لأفراد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني جواً من وإلى إيران وسوريا لتلقي تدريبات عسكرية' . وبعد ذلك بخمسة أشهر، سمَّت وزارة الخزانة أيضاً الخطوط الجوية ياس على خلفية نقلها لأفراد من  قوات القدس. وتثبت هذه التسميات استخدام النقل الجوي لنشر مستشارين من قوات القدس في الحرس الثوري في سوريا منذ بدء الانتفاضة على الأقل.
بالإضافة إلى الطائرات التي تملكها الخطوط الجوية التجارية الإيرانية، وظف سلاح الجو الإيراني والسوري طائرات من طراز اليوشن 76 الموجودة ضمن أساطيله. وقد صوَّر نشطاء في المعارضة طائرة من طراز إليوشن 76  عليها إشارة سلاح الجو الإيراني في قاعدة تدمر في أكتوبر/ تشرين أول 2012. كما تم تصوير طائرة تابعة لسلاح الجو السوري من طراز اليوشن 76 وهي تحط في حماة وحلب. وتم تحديد طائرة  اليوشن 76سورية  ( ذات الذيل رقم YK-ATA) على أنها كانت تتنقل ما بين مطارات موسكو وطهران ودمشق في عام 2012. ويشير بيان السجلات غير المصادق عليها إلى أن هذه الطائرة السورية قد استخدمت المجال الجوي العراقي ،الإيراني، والاذربيجاني لتسليم معدات من روسيا. وورد أن الطائرة نقلت أكثر من 200 طنا من الأوراق النقدية السورية المطبوعة في روسيا خلال رحلات متعددة في عام 2012. حاولت الطائرات أيضا نقل مروحيات هجومية  روسية من طراز Mi-25  مجددة بهذه الطريقة، على الرغم من أن السلطات العراقية نفت طلب التحليق في مجالها الجوي.
طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية في دمشق
إن سيطرة الولايات المتحدة على الأجواء العراقية منذ حرب الخليج عام 1991 تطلب من إيران إرسال شحناتها الجوية إلى سوريا عبر تركيا، التي تساهلت مع هذه الحركة كجزء من سياستها 'صفر مشاكل مع الجيران'. وعندما تحولت أنقرة ضد الأسد بعد اندلاع النزاع، بدأت بمنع الشحنات الجوية إلى سوريا. ففي آذار/ مارس 2011، ضبطت تركيا صناديق من الذخيرة والمدافع الرشاشة والبنادق الهجومية، وقذائف هاون على متن طائرة Ilascii117yshin-76 كانت في طريقها إلى سوريا. وتحولت إيران منذ  ذلك الحين إلى استخدام المجال الجوي العراقي لإرسال الشحنات إلى سوريا في ضوء علاقاتها الباردة مع تركيا وانسحاب القوات الأميركية في 2011 من العراق، الأمر الذي سمح لإيران باستخدام المجال الجوي دونما خوف من رد انتقامي أميركي مسلح.
على الرغم من وجود تعهدات مبدئية من جانب المسؤولين العراقيين بتفتيش جميع الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا، فإن العراق لم يقم بتفتيش سوى ست رحلات فقط، ولم يتم العثور في أي منها أنها تحمل مواداً غير مشروعة. ووفقا لتقارير المخابرات الأمريكية، يعتقد بأن المسؤولين العراقيين، بما في ذلك رئيس منظمة بدر المرتبطة بإيران وزير النقل العراقي هادي العامري، متواطئون مع الحرس الثوري الإيراني لتسهيل مرور الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا. لتسهيل هذا الترتيب، أجرى قاسم سليماني ترتيباً لعملية تفتيش عراقية في 27 تشرين أول/ أكتوبر لطائرة إيرانية بأمر من قوات القدس في الحرس الثوري لنقل الإمدادات الإنسانية فقط من أجل تهدئة المخاوف الامريكية. وتجاهلت طلبات التفتيش العراقية طائرة واحدة على الأقل متجهة الى سوريا.
تجدر الإشارة إلى أن ليس لدى العراق القدرة على حماية أو مراقبة مجاله الجوي في أعقاب الانسحاب الأميركي. فإذا ما حلقت طائرة إيرانية فوق العراق دون الحصول على إذن، فإن بغداد ليس أمامها ما تفعله من الناحية العملية لوقف ذلك. وإدراكا منه لنقطة الضعف هذه، وبعدما قام وزير الخارجية الأمريكي كيري بدفع رئيس الوزراء نوري المالكي لاتخاذ خطوات إضافية لمنع الطائرات الإيرانية من إيصال أسلحة إلى نظام الأسد عبر الأجواء العراقية، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، 'لقد شرحنا للجانب الأمريكي بأن قدرات الدفاع الجوي في العراق محدودة، ونحن في مرحلة بناء قواتنا الجوية '.
البر
لا يزال الطريق البري لإعادة الإمداد بين بغداد ودمشق  ممراً قابلاً للحياة لأجل الدعم المادي الإيراني للنظام السوري. وكانت إيران ' تزيد من دعمها للأسدعلى مدى الشهور الثلاثة أو الأربعة الماضية عبر الأجواء العراقية والآن عبر الشاحنات، والعراقيون يبحثون حقاً في الاتجاه الآخر'، قال أحد الدبلوماسيين الغربيين الذي لم يذكر إسمه لوكالة رويترز في منتصف آذار/ مارس. وكما هو مبين على الخريطة، فإن نقاط العبور الحدودية الأربع الرئيسة  بين سوريا والعراق هي ربيعة ـ اليعربية  في الشمال، معبر غير رسمي في سنجار،  حزام نهر الفرات عند معبر القائم ـ البوكمال ، ومعبر الوليد ـ التنف الحدودي قرب الأردن . واعتباراً من أواخر عام 2012 لم يبق سوى خط إمدادات بري واحد قابل للحياة بين بغداد ودمشق ، هو معبر الوليد ـ التنف الحدودي.
أصبحت ثلاثة طرق برية بين سوريا والعراق من أصل أربعة غير صالحة لإعادة الإمداد البري بحلول خريف 2012. أولاً، إن النشاط السني المسلح التاريخي في منطقة سنجار يوحي بأن هذا الطريق لن يكون مفيداً للقوات الحكومية بسبب المخاوف الأمنية. ثانياً، إن انسحاب الأسد من المناطق الكردية شمال شرق سوريا ترك هذا الطريق الشمالي غير صالح كقناة دعم برية رئيسة. ثالثاً، أدى استيلاء المتمردين السوريين على نقطة العبور الحدودية القائم ـ البوكمال في وقت مبكر من شهر سبتمبر/ أيلول 2012 إلى إغلاق حزام نهر الفرات أمام إعادة الإمداد البري من العراق. فحالما استولى المتمردون السوريون على معبر القائم - البو كمال، حتى ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ايران استأنفت شحن معدات عسكرية إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي، وبالتزامن مع التضييق على ممرات الإمداد البرية.
الخريطة 1 : نقاط العبور الحدودية السورية ـ العراقية
إن آخر طريق متاح لإعادة الإمداد البري يقع عبر العراق، أي نقطة عبور الوليد ـ التنف، ويمر عبر  وسط الصحراء السورية والطريق المباشر بين بغداد ودمشق. وبعد شهر من إغلاق المتمردين لمعبر القائم - البو كمال، نشر أحد نشطاء المعارضة السورية خريطة على حسابه على التويتر تصور مسار الامداد براً إلى الأسد عبر معبر الوليد ـ التنف. ونصب مسلحون سنة كمينا لقافلة من الجنود السوريين والعراقيين قرب الوليد داخل العراق في آذار/ مارس عام 2013، ما يؤيد  أهمية هذا الطريق الجنوبي. وكان العراقيون يحاولون اعادة القوات السورية، الذين فروا الى العراق ما أن اجتاح المتمردون مواقعهم عند معبر ربيعة- اليعربية الشمالي. وتبدو الحكومتان العراقية والسورية معدتان بإتقان للحفاظ على السيطرة على هذا طريق الإمدادات البري هذا، على الرغم من أن الكمين الأخير يوضح أيضا قدرة المتشددين على تعطيل خط التواصل الحرج هذا.
البحر
ونشرت إيران سفنها البحرية أيضاً عبر قناة السويس وصولاً إلى موانئ الاستدعاء السورية ، مما يدل على معقولية خط التواصل البحري. وفي شباط/ فبراير 2011، قبيل بدء الانتفاضة، عبرت سفن البحرية الايرانية قناة السويس لأول مرة منذ السبعينات. ثم رست السفينتان، ' ألفاند' و'خارج 'في اللاذقية. وقامت سفينتان من سفن البحرية الايرانية بنفس الرحلة إلى البحر الأبيض المتوسط في شباط/ فبراير 2012، حيث قالت 'قناة برس ' التلفزيونية التي تديرها الدولة الإيرانية بأنهما  قد رستا في ميناء طرطوس بغرض التدريب مع القوات السورية. مع ذلك، نفت وزارة الدفاع الأمريكية أن تكون السفن قد رست او قامت بتسليم شحنات. وتشير الندرة النسبية لهذه الرحلات إلى أن الممرات البحرية الايرانية الى سوريا رمزية أكثر منها عملية.
إن خطاً غير رسمي للتواصل البحري يستخدم  سفناً تجارية أمر أكثر قبولا لكنه مع ذلك محل إشكالية. ففي شباط/ فبراير عام 2013، ذكرت ' فرقة العمل الاقتصادي السوري ' أن ناقلات تابعة لشركات النفط الإيرانية اجتازت ، وتكراراً، قناة السويس بين سوريا وإيران وذلك لشحن النفط. وقد تم تحديد سفينتين على وجه الخصوص، كانتا تعمدان إلى تغيير أعلامهما مرارا في الاشهر الاخيرة. وعرض التقرير إلى أن السفن الإيرانية كانت تنقل، في المقام الأول،  الخام السوري إلى إيران، ربما لتعويض الاستثمارات الإيرانية في نظام الأسد. مع ذلك، وإذا كان المشهد التشغيلي العملياتي يحط ، وبشكل كبير، من قدرة إيران على نقل المعدات والأفراد عبر الأرض والطرق الجوية، فإن بإمكان إيران البحث للاستفادة من هذه نقطة الوصول البديلة الراسخة هذه لنقل الأسلحة، المعدات، والأفراد.
مع ذلك، ونظرا لمحدودية خطوط التواصل البحري، لا تزال الشحنات الجوية الطريقة الإيرانية الأكثر جدوى لتوريد الإمدادات لنظام الأسد. إن شحن الأسلحة براً أقل كلفة بكثير من المحافظة على الجسر الجوي، لكن القيود التي تفرضها البيئة التنفيذية الحالية في شرق سوريا وغرب العراق تفرض أهمية متزايدة على الشحنات الجوية. إن انتشار طائرات النقل الإيرانية الثقيلة والممر الجوي غير المقيد  فوق العراق يمكِّن إيران من الاستمرار بالامدادات الجوية إلى سوريا. وأشار تقرير للمخابرات الامريكية في سبتمبر/ ايلول إلى أن الشحنات الجوية كانت تحدث 'على أساس يومي تقريبا'.
بينما المعركة من أجل سوريا لا تزال مستمرة  وبينما يعزز الأسد قواته حول القواعد الجوية العسكرية جيداً، سيظل استخدام طائرات الشحن العسكرية للشحنات عبر الحدود أمراً حساساً بالنسبة للدعم الإيراني. وحتى لو أصبح مطار دمشق الدولي غير صالح للاستعمال، فإن بإمكان إيران مواصلة إمداد كل من الأسد ووكلائها من خلال عدد من القواعد الجوية العسكرية الصغيرة شمال دمشق. في أي حال، ترتبط قدرة إيران على دعم الأسد بالأفراد والمعدات ارتباطا وثيقا بصيانة هذا الجسر الجوي، مما يجعله نقطة ضعف رئيسة للاستراتيجية الإيرانية في سوريا.
القوات شبه العسكرية والوكلاء
اعتمد بشار الأسد بشكل كبير على الميليشيات الموالية للنظام منذ بداية الصراع، لكن الأهمية النسبية لهذه القوات شبه العسكرية زادت بمرور الوقت. وبينما عانى الجيش السوري من الاستنزاف الشديد والانشقاقات في السنة الأولى من الصراع، بدأ الأسد يتطلع، وبشكل متزايد، إلى وحدات الميليشيات الموالية للنظام لملء فجوة المتطلبات. لقد دعمت إيران بشكل مباشر عدداً من المنظمات شبه العسكرية الموالية للأسد في سوريا. في الوقت نفسه، تولى وكلاء إيران والشركاء الإقليميين ، تحديداً حزب الله اللبناني والجماعات المسلحة الشيعية العراقية، دوراً قتالياً أكثر وضوحا. لقد دعمت هذه العناصر قوات الأسد في محاولة للحفاظ على المصالح المتبادلة بينهما، وكذلك على مصالح إيران.
الدعم للقوات شبه العسكرية السورية
أقر مسؤولون أميركيون بالدعم الإيراني للقوات شبه العسكرية السورية في آب/ أغسطس 2012، عندما شهد وزير الدفاع الأمريكي بانيتا بأن هناك 'مؤشرات على أن إيران تحاول تطوير أو تحاول تدريب ميليشيا داخل سوريا تكون قادرة على القتال نيابة عن النظام '. وأوضح الجنرال ديمبسي كذلك أن إيران سمَّت هذه الميليشيا بـ 'الجيش الشعبي'، وبأنه ' يتكون من السوريين،  من الشيعة وبعض العلويين عموماً '.
وأوضح قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري في الشهر التالي في مؤتمر صحفي أن 'ليس هناك حاجة إلى الدعم الخارجي من أجل الحفاظ على الأمن في سوريا، بما أن هناك 50000 من  القوات الشعبية المسماة  بالجيش الشعبي  يقاتلون جنبا إلى جنب مع الجيش السوري'. في كانون أول/ ديسمبر 2012، فرضت وزارة الخزانة الأميركية (ascii85SDOT) عقوبات على الجيش الشعبي، متهمة قوات القدس التابعة للحرس الثوري بتوفير المشورة التدريب والأسلحة والمعدات و' التمويل المقدر بمئا

موقع الخدمات البحثية