أوراق إستراتيجية » لمَ يجب على الولايات المتحدة نشر الديمقراطية؟

ورقة نقاش تحمل الرقم 98-70 ـ مركز العلوم والشؤون الدولية، جامعة هارفرد
إعداد: شين  م. لين ـ جونز(*)
...

الردود على انتقادات الجهود الأميركية لتعزيز الديمقراطية
أ‌. الجدل حول السلام الديمقراطي
رغم أن كثيراً من الأساتذة في العلوم السياسية يقبلون المقترح القائل بأن الديمقراطيات نادراً ما تذهب للحرب ضد بعضها البعض، هذا إذا ذهبت، فقد اعترض عدد من الناقدين على مزاعم السلام الديمقراطي. ففي أواخر التسعينات، كان المؤيدون والمنتقدون للسلام الديمقراطي منخرطين في جدل قوي ونشيط وأحياناً ساخن بشأن ذلك. وكان المشاركون من الجانبين يزعمون بأن  المعارضين لهم قد أعمتهم الإيديولوجية ورفضوا النظر إلى الدليل  بموضوعية. وبسبب هذا الجدل الشديد والجاري، يتطلب تثبيت قضية السلام الديمقراطي الآن تفنيد بعض أبرز الانتقادات.
لقد قدم المنتقدون اعتراضات هامة عديدة على المنطق المستخلص والأسس التجريبية العملية لمقترح السلام الديمقراطي. وقالوا بأن ليس هناك من تفسير نظري مقنع للغياب الظاهر والواضح للحرب بين البلدان الديمقراطية، وقالوا بأن الديمقراطيات قد حاربت بعضها في الواقع، وبأن غياب الحروب بين الديمقراطيات ليس هاماً إحصائياً وبأن هناك عوامل أخرى عدا القيم أو المؤسسات الديمقراطية المشتركة هي التي تسببت بالسلام الديمقراطي. وقدم المنتقدون للسلام الديمقراطي حججاً قوية أجبرت المؤيدين للمقترح على صقل وتحسين قضية السلام الديمقراطي. وكما أقول أدناه، لا يزال هناك حالة حاسمة إجبارية تجريبية تقول بأن من غير المرجح، وإلى أقصى حد، أن تتحارب الديمقراطيات فيما بينها. فضلاً عن ذلك، إن قضية نشر الديمقراطية لا تستند بالكامل على مقترح السلام- الديمقراطي. ورغم أن أولئك الذين يفضلون تعزيز الديمقراطية غالباً ما يثيرون مسألة السلام الديمقراطي، فإن الجدل عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة نشر الديمقراطية ليس هو نفسه كالجدل حول السلام الديمقراطي.
حتى لو كان المنتقدون قادرين على تقويض مقترح السلام الديمقراطي، فإن حججهم لن تنقص من قدر قضية نشر الديمقراطية، لأن هناك أسباباً أخرى لتعزيز الديمقراطية. أما الأهم، فهو أن قضية نشر الديمقراطية كوسيلة لبناء السلام تظل عميقة وسليمة وكاملة إذا ما كان نشر الديمقراطية يخفض، فحسب، احتمالات الحرب بين الديمقراطيات، بينما يتطلب " إثبات" مقترح السلام الديمقراطي الإظهار بأن احتمالات حروب كهذه تساوي صفراً أو ما يقارب الصفر.
1. الانتقادات للمنطق الاستدلالي للسلام الديمقراطي
كان هناك انتقادات عديدة موجهة لمقترح السلام الديمقراطي وانتقد المنتقدون المنطق الذي تم تعزيزه وتطويره لتفسير الغياب الظاهر والواضح للحرب بين البلدان الديمقراطية. هذه الحجج لا تستند إلى تقييم الدليل التجريبي العملي، وإنما تستند، بدلاً من ذلك، على التحليلات والانتقادات للتماسك الداخلي للتفسيرات النظرية للسلام الديمقراطي وقدرتها على الإقناع. لقد قدم المنتقدون أربع اعتراضات رئيسة على منطق السلام الديمقراطي: (أ) ليس هناك إجماع على الآليات السببية التي تحفظ الديمقراطيات في حالة سلام؛ (ب) إن احتمال أن الديمقراطيات قد تتحول إلى بلدان غير ديمقراطية يعني بأن الديمقراطيات، حتى، تشتغل وفقاً لمبادئ الواقعية؛ (ج) التفسير البنيوي- المؤسساتي للسلام الديمقراطي تشوبه العيوب، ليس أقله أن منطقه يتكهن أيضاً بأن تورط الديمقراطيات في أية حرب، وليس فقط الحروب مع ديمقراطيات أخرى، أمر أقل ترجيحاً؛ و ( د) التفسير المعياري للسلام الديمقراطي غير مقنع.
أ. غياب الإجماع حول ما يفسر السلام الديمقراطي 
الحجة: الانتقاد الأول والأعم للمنطق المستخلص الحاسم لمقترح السلام الديمقراطي  متمسك بأن نقص التوافق حول الأسباب التي جعلت الديمقراطيات تتجنب الحرب مع بعضها يستدعي طرح التساؤل حول المقترح. هذه الحجة تعرض إلى أن الباحثين لا يمكنهم أن يكونوا واثقين بنتيجة تجريبية عندما لا يستطيعون الموافقة على أسبابها.
 الرد: إن واقع تطوير وتعزيز نظريات عديدة لتفسير السلام الديمقراطي لا يعني بأنه لا يمكن أن نكون واثقين من أرجحية عدم محاربة الديمقراطيات لبعضها البعض. ليس هناك سبب للافتراض بأن نظرية واحدة تفسر كل الحالات التي تجنبت فيها الديمقراطيات الحرب مع بعضها. من الممكن أن نكون واثقين بنتيجة تجريبية حتى عندما تقوم تفسيرات مختلفة عديدة بتبيان السبب لها. على سبيل المثال، من الصحيح، تجريبياً، بأن كل البشر يموتون. ( اكتشاف الدليل لتفنيد هذا المقترح سيكون له آثار بيولوجية، فلسفية ودينية عميقة، هذا دون ذكر تأثيراته على تخطيط التقاعد ومستقبل الضمان الاجتماعي). لكن هناك أسباب عديدة للموت، كل سبب يستند إلى منطق تفسير مختلف. فالناس يموتون في الحروب، الحوادث، جرائم العنف، كذلك الأمر هم يموتون من جراء مرض الآيدز، أمراض القلب، أنواع عديدة من السرطان، ومرض الزهايمر، وهذا من بين عوامل أخرى عديدة. وفي بعض الحالات، يكون المنطق السببي لتفسير الموت واضح جداً. فمن المفهوم جيداً كيف تؤدي رصاصة تخترق القلب إلى الموت. وفي حالات أخرى، بما فيها الالتهابات وأمراض مزمنة عديدة ، العلاجات البيولوجية الدقيقة والمضبوطة والمعالجات النفسية التي تسبب الموت تكون غير مفهومة بالكامل. مع ذلك، فإن تنوع واختلاف الآليات السببية وفهمنا الناقص لعدد منها لا يقودنا إلى الاستنتاج بأن بعض البشر لن يموتوا.
إن تفسير غياب الحروب بين الديمقراطيات مشابه نوعاً ما  لتفسير سبب موت الناس. هناك آليات سببية عديدة تفسر غياب الحروب بين الديمقراطيات. ففي بعض الحالات، تتجنب الديمقراطيات الحرب لأن توزيع السلطة في المنظومة الدولية يعطيها حوافز قوية للبقاء في حالة سلام. وفي بعض هذه الحالات على الأقل، قد تجعل عمليات صنع القرار الديمقراطية البلدان الديمقراطية " أذكى" وأكثر قدرة على إدراك الحوافز المنهجية. فعندما تتقاسم الدول القيم الليبرالية فمن غير المرجح أن تمضي إلى الحرب لأن محاربتها لبعضها البعض ستؤدي إلى تقويض القيم الليبرالية، كاحترام الحرية الفردية. وكما قال جون أوين، قد تعزز المؤسسات الديمقراطية الحوافز لأجل السلام الذي توفره مبادئ ليبرالية مشتركة. وربما هناك تفسيرات إضافية عن سبب بقاء بعض الثنائيات الديمقراطية المتكافئة في حالة سلام، على الأقل. إن المؤيدين للسلام الديمقراطي بحاجة لتنقية منطق كل تفسير من التفسيرات من الشوائب وصقله وتحديد الشروط التي تنطبق عليه، إلا أن تعددية التفسيرات لا تعني بأن السلام الديمقراطي باطل وغير صالح.
ب‌. الديمقراطيات قد تعود إلى الأتوقراطية
الحجة: يقول انتقاد ثان لمنطق السلام الديمقراطي بأنه لا يمكن للديمقراطيات أن تتمتع بسلام دائم وأبدي فيما بينها لأن هناك دائماً إمكانية أن تصبح دولة ديمقراطية ما دولة غير ديمقراطية. هذه الإمكانية تعني بأن حتى الديمقراطيات يجب أن تقلق من التهديد المحتمل الذي تشكله ديمقراطيات أخرى. ويقول جون ميرشايمر:  " لذا ينبغي للديمقراطيات الليبرالية أن تقلق بشأن القوة النسبية فيما بينها، الذي يرقى إلى حد القول بأن لدى كل دولة منها الحافز لدرس القيام بعدوان ضد الأخرى لاستباق مشكلة ما مستقبلاً ومنعها". بمعنى آخر، إن منطق واقعية الفوضى، الذي يفترض  بأن الدول تتواجد في عالم الخوف الدموي، الشك والحرب المحتملة، يطبق حتى في العلاقات بين الديمقراطيات.
الرد: هناك أربعة أسباب لرفض المزاعم التي تقول بأن المخاوف من تراجع ديمقراطي يجبر الديمقراطيات على معاملة ديمقراطيات أخرى كتعاملها مع أية دولة غير ديمقراطية. أولاً، يظهر السجل التاريخي بأن الديمقراطيات الناضجة والمستقرة نادراً ما تصبح أتوقراطية.
ثانياً، إن الديمقراطيات قادرة على الإدراك والرد على الدول التي تقوم بتحول من الديمقراطية إلى الأتوقراطية. وبالتالي بإمكان الدول الديمقراطية مواصلة العمل على سياسة التكيف مع ديمقراطيات أخرى، تغطية رهاناتها بسياسات أكثر حذراً تجاه ديمقراطيات غير مستقرة أو غامضة، والتخلي عن التكيف عندما تتحول الديمقراطيات إلى دول غير ديمقراطية. ليس هناك من سبب يدعو للافتراض بأن الديمقراطيات ستصبح أتوقراطية بين عشية وضحاها ومن ثم  القيام، مباشرة، بشن هجمات على بلدان ديمقراطية.
ثالثاً، وكبعض الحجج الواقعية الأخرى، فإن دعوى وجوب أن تعطي الدول الأولوية للاستعداد لتطور مستقبلي خطير غير مرجح يستند إلى منطق خاطئ. فهو يفترض أن على الدول أن تبني سياساتها الخارجية بكاملها تقريباً على أساس أسوأ السيناريوهات. على سبيل المثال، سينطوي منطق مشابه على وجوب تصرف المواطنين في أي بلد على أساس الفرضية القائلة بأن القانون والنظام المحليين قد ينهارا ويسقط البلد في العنف والفوضى.
رابعاً، إن المزاعم بوجوب أن قلق الديمقراطيات من القوة النسبية لديمقراطيات أخرى ( التي قد تصبح اتوقراطية) يستند إلى نفس المنطق المهزوز الذي يتكهن بأنه لا يمكن للدول أن تتعاون لأن من الضروري لها أن تقلق بشأن المكاسب النسبية التي تحققها دول أخرى. وتستند حجة المكاسب النسبية إلى أنه من النادر ما يكون في السياسات الدولية تعاون، لأن هذا التعاون غالباً ما يعطي مكاسب أكبر لإحدى الدولتين، ولأن هذا التفاوت النسبي في المكاسب يمكن تحويله إلى مكاسب في القوة ومن ثم يصبح بالإمكان استخدامه لتهديد الدولة التي تحصل على مكاسب أقل. وتفترض حجة المكاسب النسبية أحياناً بأن لدى الدول هواجس عالية وثابتة بشأن المكاسب النسبية. أما عملياً، في كل الأحوال، فإن هواجس المكاسب النسبية تختلف وتتراوح، وغالباً ما يكون لا وجود لها.
ج‌. الانتقادات للتفسير البنيوي ـ المؤسساتي
الحجة: يقدم المنتقدون للتفسير البنيوي ـ المؤسساتي للسلام الديمقراطي الحجج التالية. أولاً، يخفق النموذج البنيوي ـ المؤسساتي بتفسير سبب مضي البلدان الديمقراطية للحرب ضد بلدان غير ديمقراطية، رغم أنها  لا تحارب ديمقراطيات أخرى. فإذا كان قادة البلدان الديمقراطية مقيدين بالشعب بالنسبة للذهاب إلى الحرب، فإن هذا القيد سيمنع أيضاً الديمقراطيات من محاربة البلدان غير الديمقراطية. في كل الأحوال، تذكر دراسات عديدة في تقاريرها بأن لدى الديمقراطيات نسبة التورط في حرب هي نفسها كتلك التي لدول غير ديمقراطية. ثانياً، يقول المنتقدون بأن الشعب غالباً ما يكون محباً للحرب كالقادة بحيث يفترض تقييده . لقد ترافقت الشوفينية ( الوطنية المفرطة) والحماسة للحرب مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وتسببت بالحرب الإسبانية ـ الأميركية. بالتالي، فإن النموذج البنيوي ـ المؤسساتي يفترض، بصورة خاطئة،  بأن الناس عادة أكثر هدوءاً من قادتهم. وتعرض حجة ذات صلة إلى أن فترات السلام الممتدة الأخيرة قد تكون قادت الشعوب إلى نسيان فظاعات الحروب. إن انتهاء الخدمة العسكرية في عدد من البلدان والتوجه لخوض الحروب بواسطة جيوش احترافية تطوعية قد يجعل المعارضة الشعبية لاستخدام القوة تتآكل أكثر.
الرد: إن الانتقادات الموجهة للتفسير البنيوي – المؤسساتي للسلام الديمقراطي غير مقنعة، لأربعة أسباب هي التالية: أولاً، بإمكان هذا التفسير أن يبين سبب تجنب الديمقراطيات الحروب مع ديمقراطيات أخرى فقط، لأن الديمقراطيات قد تتصرف بشكل مختلف تجاه دول ( ما يعني ديمقراطيات) ذات مؤسسات محلية تقيِّد قدرتها على المضي إلى الحرب بسرعة.
إن الديمقراطيات قد تميِّز بين الدول على أساس مؤسساتها السياسية،  وتواصل سياسات مختلفة تجاه تلك التي تقيدها مؤسسات ديمقراطية.  ويقول كل من بروس بوينو دو ميسكيتا و ديفيد لالمان بأن " بعض المؤسسات السياسية تساعد على تعزيز المعتقدات ... بشأن الميول المؤيدة للسلام لدول معينة. إن المؤسسات الديمقراطية إشارات واضحة للعيان عن أنه يرجح للدولة موضع التساؤل أن تواجه أثماناً سياسية باهظة لاستخدامها القوة في ديبلوماسيتها". وتعرض صيغة لحجة مختلفة قليلاً إلى أن القيود الديمقراطية لاتخاذ القرار تصبح أكثر حدة عندما تحاول حكومة دولة ديمقراطية تعبئة البلد لحرب ضد بلد ديمقراطي مثلها. بالتالي، فإن الحجة المؤسساتية لا تنبئ بالفعل بأن الديمقراطيات ستواصل العمل على سياسات سلمية تجاه كل أنواع الدول. ثانياً، لا يحتاج التفسير المؤسساتي – البنيوي المصاغ بشكل سليم، إلى الاستناد إلى الفرضية القائلة بأن الشعب محب للسلام في حين أن قادته متحمسون للحرب. وقد افترض بعض المؤيدين لمقترح السلام الديمقراطي إلى أن الناس أقل تحمساً لتفضيل خيار الحرب، لأنهم سيكونون في النهاية مجبرين على دفع أثمانها. في كل الأحوال، بالإمكان إعادة صياغة منطق النظرية بما يتعلق بالضوابط والتوازنات. ففي بلد ديمقراطي، يعمل القسم التنفيذي والقسم التشريعي والشعب، كلهم معاً فيها،على تقييد قدرة بعضهم البعض على اتخاذ قرارات متسرعة ومتهورة تتعلق بالحرب.
ثالثاً، يتغاضى المنتقدون عن الكيفية التي تمكِّن فيها القيود المحلية في دولتين ديمقراطيتين ثنائي ديمقراطي من صرف وقت أكثر سعياً لتسوية سلمية لصراع بدلاً من ثنائي أحدهما ديمقراطي أو ثنائي غير ديمقراطي. فإذا كان كلا البلدان الموجودان في أزمة غير قادريْن على التعبئة بسرعة، فسوف يكون لديهما وقت أكبر لحل الأزمة من دون حرب. ويقول بروس روسيت: " إذا ما اعتبر قادة دولة أخرى دولة ما ديمقراطية، فإنهم سيبدؤون عملية صعبة وطويلة قبل أن يصبح محتملاً استخدام البلد الديمقراطي القوة العسكرية الهامة ضدها. إنهم يتوقعون فرصة للتفاوض والتوصل إلى تسوية".
أخيراً، لم يعالج المنتقدون للتفسير البنيوي ـ المؤسساتي الزعم بأن المؤسسات الديمقراطية تمنح الديمقراطيات قدرات على معالجة المعلومات بشكل أفضل والتي تمكنها من الحد من الأساطير التي تسبب الحرب وتجنب حروب عندما تعتبر الظروف الدولية الحرب أمراً غير حكيم.
د‌. الانتقادات للتفسير المعياري 
الحجة: لم ينتقد الباحثون المشككون بمقترح السلام الديمقراطي التفسير المعياري للسلام الديمقراطي بقدر ما جادلوا ضد التفسير البنيوي- المؤسساتي. هناك عدد من المشككين الذين لم يهاجموا منطق التفسير المعياري، مفضلين المجادلة ضد السلام الديمقراطي على خلفية تجريبية. مع ذلك، هناك حجة واحدة بارزة ضد التفسير المعياري. إذ يزعم بعض المنتقدين بأن المعايير الديمقراطية ينبغي أن تمنع استخدام التهديدات أو الأعمال السرية من قبل بلدان ديمقراطية ضد ديمقراطيات أخرى. فمعايير الثقة واحترام استقلالية الأنظمة الليبرالية ستستبعد تصرفات من هذا النوع، تماماً كما تشجب الحرب. لكن البلدان الديمقراطية غالباً ما هددت بحرب أو انخرطت في أعمال سرية ضد ديمقراطيات أخرى. هذه الأعمال العدائية بين الديمقراطيات لم تبلغ الحرب، لكنها تستدعي التساؤل عما إذا كان بإمكان المعايير المشتركة أن تفسر غياب الحروب بين البلدان الديمقراطية.
الرد: يخالف المؤيدون للسلام الديمقراطي القول بأن التورط الأميركي في التشيلي عام 1973 هو المثال الوحيد على التدخل السري من قبل دولة ديمقراطية في ديمقراطية أخرى وبأن انخراط الديمقراطيات، كمجموعة، في تدخلات سرية أو علنية  أمر أقل ترجيحاً في الواقع. عموماً، هم يقولون بأن التفسير المعياري لا تقوضه أعمال عدائية لم تبلغ الحرب. فإذا ما أخفقت الديمقراطيات ( أو الدول الليبرالية) بالاعتراف ببعضها البعض أو تبنت سياسات غير ليبرالية، فإنها قد تجد نفسها على طرفيْ نقيض مع ديمقراطيات أخرى ( أو دول ليبرالية). لكن ما أن تتطور الأزمة بين ديمقراطيات ليبرالية، حتى تميل هذه الدول إلى التصرف على قاعدة معاييرها المشتركة وتتراجع عن حافة الحرب.
2. انتقادات تجريبية عملية
أ‌. الديمقراطيات تتحارب أحيانا
الحجة: يشير المنتقدون للسلام الديمقراطي إلى الحروب الظاهرة بين الديمقراطيات كدليل على أن ليس هناك سلام ديمقراطي. ويستشهدون تكراراً بحرب عام 1812، الحرب الأميركية- الإسبانية، قرار فنلندا  بالانحياز إلى ألمانيا ضد القوى الغربية والاتحاد السوفياتي إبان الحرب العالمية الثانية، الحرب الأهلية الأميركية، الحرب العالمية الأولى، والحروب التي تلت انفصال يوغوسلافيا في التسعينات. وتم ذكر 17 صراعاً على الأقل كحروب محتملة بين الديمقراطيات.
الرد: هناك ثلاثة أسباب لرفض الزعم بأن مقترح السلام الديمقراطي باطل وغير صالح لأن البلدان الديمقراطية قد تكون خاضت بعض الحروب. أولاً، إن مقترح السلام الديمقراطي - المصاغ بشكل صحيح – يرى بأن الديمقراطيات نادراً ما تتحارب فيما بينها، وليس أنها لا تتحارب أبداً. ففي العلوم الاجتماعية، من المستحيل ربما إنتاج قوانين دقيقة 100%. بالتالي، فإن الصيغة الصحيحة لمقترح السلام الديمقراطي هو البيان الذي يقول بأن الديمقراطيات لا تمضي إلى الحرب ضد بعضها البعض أبداً تقريباً. ثانياً، إن عدداً من الحالات التي تم ذكرها لا تصنف " حروباً" بين " الديمقراطيات". إن درساً وتدقيقاً أوفى وأدق للصراعات موضع التساؤل يكشف عن أن التوقعات الظاهرة والجلية لا تدحض مقترح السلام الديمقراطي. وفي بعض الحالات، لم تكن إحدى البلدان المشاركة بلداً ديمقراطياً. ففي العام 1812، لم تكن بريطانياً ديمقراطية. وكانت أوراق الاعتماد الديمقراطية لإسبانيا في العام 1898موضع شك. |أما ألمانيا في العام 1914 فلم تكن تحكمها مبادئ ليبرالية وكانت سياستها الخارجية موجهة من قبل القيصر، وليس  "الرايخستاغ" المنتخب. أما في حالات أخرى، فلم تحدث حرب دولية. فالحرب الأهلية الأميركية لم تكن حرباً دولية. ولم تنخرط فنلندا، عملياً، بأعمال عدائية مباشرة ضد الحلفاء الغربيين في الحرب العالمية الثانية؛ فقد حاربت بالكامل تقريباً ضد روسيا الشيوعية.
ثالثاً، إن النقد المتعلق بكون الديمقراطيات قد حاربت بعضها أمر غير ذي صلة في اتخاذ القرار بوجوب تصدير الولايات المتحدة للديمقراطية أم لا. إن نشر الديمقراطية له معنى طالما أن ذهاب الديمقراطيات إلى الحرب ضد بعضها البعض أمر أقل احتمالاً بشكل هام. إن سياسة نشر الديمقراطية ستكون مبررة لو أن الديمقراطيات، على سبيل المثال، تجنبت حرباً 99.9 % من الوقت؛ بإمكاننا أن نقرر نشر الديمقراطية من دون المجادلة ما إذا كان الرقم هو 99.9 % أو 100% .
ب‌. غياب الحرب غير هام إحصائياً
الحجة: إن الانتقادات الإحصائية للدليل المتعلق بمقترح السلام الديمقراطي تحتج، عموماً، بعدم وجود دليل كاف للاستنتاج بأن غياب الحروب بين الديمقراطيات أمر هام إحصائياً. هناك منطقان محددان خلف معظم هذا الكم من الحجج. الأول يعرض إلى ندرة الحروب، نسبياً بين دولتين معينتين في السياسات الدولية، لذا فإن غياب الحروب بين الديمقراطيات هام إحصائياً فقط بعد الحرب العالمية الثانية، وبأن السلام الديمقراطي منذ العام 1945 كان نتاج انحياز معظم الديمقراطيات ضد الإتحاد السوفياتي.
الرد: يستنتج عدد من كم التحليلات بأن الاعتراضات على الأهمية الإحصائية للسلام الديمقراطي لا تصمد أمام التمحيص الدقيق. وقدم "زيف ماعوز" إحدى التفنيدات الأكثر شمولاً لهذه الحجج. فهو يقول بأن تحليل سبيرو ينبئ بحروب بين الثنائيات المتكافئة الليبرالية أكثر بكثير مما حدث في الواقع. ويقول ماعوز أيضاً أن من التضليل احتساب جميع الأفرقاء في حروب كبيرة ومتعددة الدول على أن هؤلاء في حرب مع بعضهم البعض. ( مثلاً، لم تكن اليابان " في حرب" فعلاً مع بلغاريا في الحرب العالمية الأولى). ويشير إلى أن سبيرو يبدِّل قاعدة العد والفرز بالنسبة للحرب الكورية. وقد ركَّز ماعوز وروسيت على  الثنائيات المتكافئة " ذات الصلة سياسياً"، والتي تتسبب بمعظم الحروب. ويزعم ماعوز أيضاً بأن تشريح  البيانات إلى شرائح العام الواحد يجعل العثور على أي حرب من الحروب أمراً تافهاً إحصائياً. إن تشريحاً كهذا يشبه الاختبار ما إذا كانت قصعة من السكر ستجتذب النمل أم لا عن طريق تقييم الأهمية الإحصائية لعثورك على نملة على حبة سكر واحدة. إن احتمالات أن يكون النمل في قصعة السكر مرتفعة؛ أما فرص أن تكون نملة واحدة على حبة سكر معينة فمتدنية للغاية في كل حال، بحيث أن العثور على واحدة منها على حبة سكر لن يكون أمراً هاماً إحصائياً. وعندما ينظر ماعوز إلى ثنائيات متكافئة ذات صلة سياسياً، فسيجد بأن المرء يتوقع وجود 57.63 % من الثنائيات المتكافئة الليبرالية في حرب ما بين عاميْ 1816 و 1986 ، بينما لن يجد سوى ثنائية واحدة فقط: الحرب الإسبانية- الأميركية. ويقدم ماعوز أرقاماً مشابهة بالنسبة للقرن العشرين والنزاعات المسلحة. وعندما يتبنى ماعوز اقتراح سبيرو بالنظر إلى ثنائيات متكافئة على امتداد تاريخها الكامل، فإنه يجد بأن الصراع قد تراجع بالواقع عندما يصبح البلدان الثنائيان المتكافآن ديمقراطييْن.
الحجة  الثانية غير مقنعة أيضاً، لأن " فاربر" و" غوا" يتخذان قراراً اعتباطياً بتشريح البيانات إلى خانات وفترات زمنية مختلفة. فضلاً عن ذلك، إن ماعوز غير قادر على  تكرار نتائجها. ويظهر بأن " فاربر" و "غوا" قد أخطئا في احتساب العدد الإجمالي للثنائيات المتكافئة.
ج‌. هناك أسباب أخرى تتسبب بالسلام الديمقراطي الظاهر والواضح
تعرض مجموعة إضافية من الحجج إلى أن عوامل أخرى عدا الديمقراطية المشتركة قد جعلت الديمقراطيات تظل في حالة سلام مع بعضها البعض. إن مزاعماً كهذه هي مزاعم ضمنية في بعض انتقادات المنطق والدليل، لكن ليس كل الانتقادات كهذه هي التي تحدد العوامل المزعومة بأنها تتسبب بغياب الحروب بين الديمقراطيات.
1. التحالفات ضد تهديدات مشتركة تسبب السلام الديمقراطي
الحجة:  يزعم عدد من المنتقدين لمقترح السلام الديمقراطي بأن بالإمكان تفسير غياب الحرب بين الديمقراطيات بواقع تحالف الديمقراطيات، غالباً، ضد تهديدات مشتركة. فقد تجنبت الديمقراطيات الحروب مع بعضها ليس بسبب تقاسمها صيغ الحكومات الديمقراطية، وإنما لأن لديها مصلحة مشتركة في هزيمة عدوها المشترك. وبالتالي فإن المنطق الواقعي للتوازن ضد التهديدات يفسر السلام الديمقراطي.
الرد: هناك ثلاثة ردود على الزعم بأن التحالف ضد تهديدات مشتركة سبب أكثر أهمية للسلام بين الديمقراطيات. أولاً، إن أولئك الذين يصنعون هذه الحجة يتغاضون عن واقع أن مفهوم التهديد وخيار التحالف غالباً ما يعكسان قيماً ومبادئ سياسية مشتركة.
هذه الانتقادات تفترض أن صيغة التحالف تقدم في مطابقة دقيقة وصارمة مع المنطق الواقعي وبأن نوع النظام لا يلعب دوراً. في كل الأحوال، إن الديمقراطيات قد تكون وجدت نفسها متحالفة مع بعضها ضد بلدان غير ديمقراطية لأنها تتقاسم الالتزام بقيم ديمقراطية وتريد الدفاع عنها ضد التهديدات التي تتعرض لها من بلدان غير ديمقراطية. بالواقع، وإذا ما كان مقترح السلام الديمقراطي صالحاً جزئياً فقط وإذا ما كان صناع القرار يفهمونه بشكل غامض وباهت، فستجد البلدان الديمقراطية بأن الديمقراطيات الأخرى هي أقل تهديداً وخطراً من البلدان غير الديمقراطية ولذا فهي ستميل للانحياز إليها ضد البلدان غير الديمقراطية. هذه الحجة تتفق مع نظرية " توازن التهديد" لستيفن والت، التي تعرِّف وتحدد النوايا الهجومية كعنصر تهديد. فإذا كانت الديمقراطيات تنظر لنفسها بأن لا نوايا هجومية لديها تجاه الديمقراطيات، فمن المرجح أن تنحاز وتصطف ضد البلدان غير الديمقراطية.
ثانياً، إن توجه الديمقراطيات للتحالف مع بعضها دليل إضافي على الصفات الخاصة للسياسة الخارجية الديمقراطية. إن التفسير المعياري للسلام الديمقراطي ينبئ بأن من الأرجح أن تشكل الديمقراطيات تحالفات. وبدلاً من كونه يشكل دحضاً للسلام الديمقراطي، يشكل توجه الديمقراطيات للتحالف مع بعضها، بالواقع، جزءاً أضافياً على دليل الإثبات .
ثالثاً، يقوم ماعوز باختبار مثير ومهم، بدرسه ما إذا كانت الدول متحالفة قبل أن تصبح ديمقراطية أم أنها تحالفت فقط بعدما أصبحت كذلك. ويجد بأن " محاربة الديمقراطيات غير المنحازة  لبعضها أقل احتمالاً، وبشكل هام، من محاربة البلدان غير الديمقراطية المنحازة لبعضها. هذه النتيجة تعرض إلى أن للديمقراطية المشتركة – وليس الاصطفاف ضد تهديد مشترك- أقوى قوة تفسيرية في تسبب غياب الحروب بين الديمقراطيات.
2. لم يكن لدى الديمقراطيات فرصة قتال كبيرة 
الحجة: يزعم بعض المنتقدين لمقترح السلام الديمقراطي بأن الديمقراطيات لم تحارب بعضها لأنه لم يكن لديها الفرصة لتفعل ذلك. فحتى وقت قريب، كانت هناك ديمقراطيات قليلة نسبياً في المنظومة الدولية. وكان عدد منها، بعيد جغرافياً، عن بعضه البعض.
الرد: إن أكثر التحليلات الإحصائية تعقيداً للدليل على السلام الديمقراطية تأخذ في الاعتبار هذه المتغيرات ومع ذلك تستنتج بأن هناك علاقة قوية بين الديمقراطية والسلام.
3. عملية التقصي لا تكشف عن دليل الديمقراطية كسبب للسلام الديمقراطي
الحجة: يعرض المشككون إلى أنه إذا كان مقترح السلام الديمقراطي صالحاً وصحيحاً، فينبغي علينا أن نجد  ديمقراطيتين تتصرفان في الأزمة بطريقة تكشف عن أن الديمقراطية المشتركة، وليس اعتبارات السلطة والمصلحة، هي التي تجعلهما تتجنبان الحرب. على سبيل المثال، إن تعقب عملية الكيفية التي انتشرت فيها الأحداث ينبغي أن تكشف بأن الشعوب في البلدان الديمقراطية لم تكن تريد  الحرب مع ديمقراطيات أخرى، وبأن القادة لم يطلقوا تهديدات عسكرية ضد ديمقراطيات أخرى، وبأن الديمقراطيات تبنت سلوك التكيف تجاه بلدان ديمقراطية أخرى. في كل الأحوال، إن دراسة الأزمات التاريخية تكشف عن أن صناع القرار الديمقراطيين قد تجنبوا الحرب لأنهم كانوا متخوفين من الهزيمة أو لأن دولهم ستكون ضعيفة في الصراع.
الرد: لا ينكر المؤيدون لمقترح السلام الديمقراطي بأن اعتبارات السلطة والمصلحة غالباً ما تكون الدافع للدول. ففي مجال السياسات الدولية الفوضوي والتنافسي، لا يمكن للديمقراطيات تفادي اتخاذ حسابات كهذه. بالتالي، فإن الدليل على أن الديمقراطيات حساسة إزاء السلطة والمصلحة لا يدحض مقترح السلام الديمقراطي.
إضافة لذلك، إن المنتقدين لمقترح السلام الديمقراطي لم يختبروه تماماً وبإنصاف؛ إذ لم يستنتجوا  مجموعة التوقعات الكاملة التي سيقدمها النموذج المعياري والمؤسساتي بشأن الكيفية التي ستتجنب فيها الديمقراطيات الحرب. كما سيؤدي إجراء عدد أكبر من الاختبارات الشاملة أيضاً إلى استخلاص واختبار  الفرضيات وكم  هناك من الجوانب السياسية والديبلوماسية للأزمات بين الدول الديمقراطية المختلفة عن أزمات أخرى. إن اختبارات كهذه ستؤدي أيضاً إلى مقارنة أزواج من الدول الديمقراطية بأزواج من الدول غير الديمقراطية. وأجرى جون أوين اختبارات كهذه ووجد دليلاً  هاماً يدعم مقترح السلام الديمقراطي.
د‌. عملية الدمقرطة تزيد مخاطر الحرب 
الحجة: إن إحدى أهم الحجج ضد الجهود الأميركية لتعزيز الديمقراطية الزعم بأن البلدان المنخرطة في عمليات تحول إلى الديمقراطية تصبح متورطة في حرب على الأرجح. ويقدم كل من إدوارد مانسفيلد وجاك سنايدر هذه الحجة ويدعمانها بدليل إحصائي يظهر وجود علاقة سببية بين الدمقرطة والحرب. إذ يعرضان إلى أن هناك عدداً من الآليات السببية التي تفسر سبب ميل الدمقرطة للتوجه إلى الحرب. أولاً، تلعب النخب القديمة الورقة القومية في مجهود لإثارة صراع بحيث يكون بإمكانها استعادة السلطة. ثانياً، وفي الديمقراطيات الناشئة من دون وجود مؤسسات ديمقراطية قوية يتنافس الحكام الجدد للحصول على الدعم عن طريق لعب الورقة القومية ( الوطنية) والبحث عن أكباش فداء خارجية لفشلهم. هذا النوع من التنافس الانتخابي يزيد مخاطر حصول صراع داخلي ودولي.
إن الحجة القائلة بأن الدمقرطة تتسبب بالحرب لا تطعن مباشرة الصيغة العادية لمقترح السلام الديمقراطي. ويعترف مانسفيلد وسنايدر بأنه " ربما يكون من الصحيح القول بأن عالماً فيه عدداً أكبر من الديمقراطيات الناضجة والمستقرة سيكون عالماً أفضل وأكثر أمناً بالنسبة للولايات المتحدة.". بدلاً من ذلك، تعرض الحجج إلى أن محاولات نشر الديمقراطية تنطوي على مخاطر هامة ، بما فيها مخاطر الحرب.
الرد: لقد عزز وطوَّر كل من مانسفيلد وسنايدر حجة جديدة هامة، لكن حتى لو كانت صحيحة جزئياً،  فإنها لا تدحض قضية نشر الديمقراطية على الصعيد الدولي. وبتناولنا للنقيضين، تبلغ حجة مانسفيلد/ سنايدر حد معارضة كل التغيير السياسي على خلفية أن ذلك قد يسبب عدم الاستقرار. إن تعزيز الديمقراطية أمر أكثر منطقية من هذا المسار، لأن مخاطر الدمقرطة ليست مرتفعة أو لا يمكن التحكم بها إلى حد التخلي عن محاولات نشر الديمقراطية.
أولاً، هناك أسباب للشك بقوة العلاقة بين الدمقرطة والحرب. ويعرض كم الدراسات الأخرى التي تعترض على الأهمية الإحصائية لنتائج مانسفيلد وسنايدر إلى أن هناك صلة أقوى حتى بين التحركات نحو الأتوقراطية وبين بداية حرب، وتجد بأن التحولات غير المستقرة وانعكاسات الدمقرطة هي التي تزيد، في الواقع، من احتمالات الحرب، وتقول بأن الدمقرطة تقلل من احتمال وجود نزاعات دولية مسلحة. ويرجح أن تستغل الأتوقراطيات، تحديداً، القوميات وتتلاعب بالرأي العام وتحتكره لشن حروب تقسيمية – نفس الآليات السببية التي يزعم مانسفيلد وسنايدر بأنها تعمل في جعل الدول ديمقراطية. ويشير مانسفيلد وسنايدر، أنفسهما، إلى أن " انتكاسات الدمقرطة خطيرة بقدر خطر الدمقرطة نفسها تقريباً"، معززين بذلك قضية المساعدة على تقوية وتمتين الديمقراطيات الجديدة. إضافة لذلك، هناك قلة من البلدان المضافة في الآونة الأخيرة إلى صفوف البلدان الديمقراطية منخرطة في حروب. ففي أوروبا الشرقية ووسطها، على سبيل المثال، تجنبت كل من بلغاريا، الجمهورية التشيكية، إستونيا، هنغاريا، سلوفاكيا، لاتفيا، ليتوانيا، بولندا، رومانيا، وسلوفينيا وقوع صراعات داخلية وخارجية كبرى. ومن بين هذه البلدان، كانت سلوفينيا فقط متورطة في سلسلة مناوشات عسكرية قصيرة مع صربيا. وكانت روسيا متورطة بعدد من الحروب الصغيرة على حدودها أو قربها، لكنها خضعت، حتى الآن، لتحول مثير نحو الديمقراطية من دون أن تصبح بلداً محارباً جداً. وليس هناك من دليل كبير على حرب دولية في أميركا اللاتينية، التي شهدت أيضاً تحولاً إلى الديمقراطية على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. ويبدو بأن بلداناً كمنغوليا، وجنوب أفريقيا قد قامت بالتحول إلى الديمقراطية من دون الذهاب إلى حرب. أما الديمقراطيات الجديدة التي تشهد أقصى حد من العنف، بما فيها بعض جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق وجمهوريات يوغوسلافيا السابقة ، فهي تلك الأقل ديمقراطية والتي قد لا تتأهل كبلدان ديمقراطية على الإطلاق.
هذا الدليل كله يعرض إلى أنه مهما يكون من أمر تزايد تعرُّض الدول ذات الطابع الديمقراطي للحرب ربما في الماضي فقد لا يكون الحال كذلك في الوقت الحاضر في المنظومة الدولية المعاصرة. قد يكون  الأمر هو أن الدول التي تحولت من نظام إقطاعي إلى الديمقراطية قد أصبحت أكثر عرضة للحرب أو أن  الديمقراطيات الناشئة في القرن التاسع عشر كانت قوى عظمى أوروبية باشرت حروب الفتح والغزو الإمبريالية. هذه العوامل لن تقود الديمقراطيات الجديدة اليوم إلى الدخول في حرب. أخيراً، إذا ما كان مقترح السلام الديموقراطي صحيحاً، فإن الحصة الأعلى للديمقراطيات في المنظومة الدولية الحالية قد تقلل أكثر من مخاطر انخراط بلدان ديمقراطية جديدة في حرب، لأنها ستجد نفسها في عالم من الديمقراطيات الكثيرة بدلاً من عالم  فيه عدد من البلدان الديمقراطية المعادية المحتملة.
ثانياً، من الممكن السيطرة على أية مخاطر للحرب تشكلها الدمقرطة. ويحدد مانسفيلد وسنايدر عدداً من السياسات المفيدة للتخفيف من أية مخاطر محتملة للدمقرطة. بالإمكان إعطاء النخب القديمة المهددة بسبب الدمقرطة " مظلات هبوط ذهبية" تمكنها من الاحتفاظ ببعض ثرواتها، على الأقل، والبقاء بعيداً عن السجن. كما أن الديمقراطيات الجديدة بحاجة  إلى مساعدة خارجية لدعم " سوق الأفكار" الذي بإمكانه منع احتكار الرأي العام وتصنيع الأساطير القومية. أخيراً، بإمكان بيئة دولية مفضية للتجارة الحرة المساعدة على نقل الديمقراطيات الجديدة للسير بالاتجاه الحميد.
ه‌. تعزيز الانتخابات قد يكون أمراً مؤذياً أو غير ذي صلة
الحجة: تزعم إحدى أبرز الانتقادات الأخيرة لمحاولات تعزيز الديمقراطية بأن الانتخابات الديمقراطية غالباً ما يكون لها تأثيرات إيجابية ضئيلة، خاصة في بلدان ليس لديها مجتمعات ليبرالية أو ظروف وشروط اجتماعية- اقتصادية أخرى كطبقة وسطى كبيرة ومستوى عال من التنمية الاقتصادية. هذه الحجج تنطوي على القول بأن الديمقراطية الانتخابية قد تكون غير مرغوب بها في عدد من البلدان بحيث أنه لا ينبغي للولايات المتحدة التشجيع على نشرها. إن الحكومات المنتخبة ديمقراطياً قد تتحول إلى أنظمة غير ليبرالية تقمع وتضطهد مواطنيها. إذ يمكن لعملية إجراء انتخابات ديمقراطية في مجتمعات متعددة الإثنيات أن تؤجج نيران الصراع الإثني. إن الديمقراطية لا تضمن النجاح الاقتصادي وقد تعيقه حتى.
الرد:  هذه الانتقادات للديمقراطية الانتخابية تذكير هام بأن الديمقراطية منقوصة وكذلك البلدان الديمقراطية. كما أنها تستدعي الالتفات إلى الحاجة  إلى نشر المبادئ الليبرالية، إضافة إلى الإجراءات الانتخابية الديمقراطية. في كل الأحوال، هي لا تبلغ حد القضية المقنعة ضد الدعم الأميركي للانتخابات في بلدان أخرى، وذلك للأسباب التالية: أولاً، يبالغ زكريا بمدى عدم ليبرالية الديمقراطيات أو بكونها تصبح كذلك. فهو يقول بأن النسب الصادرة عن Freedom House تظهر بأن 50% من البلدان ذات الطابع الديمقراطي هي ديمقراطيات غير ليبرالية. ويصنف البلدان على أنها " ذات طابع ديمقراطي" إذا ما كانت الدرجات المتعلقة بالحقوق السياسية والحريات المدنية تقع ما بين 5 و 10 ( وكل من هذه الحقوق والحريات تقاس على مقياس من 7 نقاط  مع رقم 1 يدل على أكثرها حرية ورقم 7 على أقلها حرية) فهو يعتبر البلدان غير ليبرالية إذا ما كان لديها درجة من الحرية السياسية أكبر من الحريات المدنية. إن دعوى زكريا بأن هناك عدداً متزايداً من الديمقراطيات غير الليبرالية قد تكون صحيحة. فبعد كل شيء، هناك الآن عدد أكبر من الديمقراطيات الناشئة. لكن فيما يخص ما إذا كان لدى الدول حريات مدنية أقل من الحقوق السياسية فتلك طريقة مريبة للتمييز بين الديمقراطيات الليبرالية وغير الليبرالية. ففي 65% من الدول المصنفة ديمقراطيات ليبرالية من قبل زكريا، فإن الفرق بين الحريات المدنية والحقوق السياسية هو نقطة واحدة فقط على مقياس النقاط السبع لـ Freedom House.
فضلاً عن ذلك، إن تصنيف البلدان على أنها غير ليبرالية على قاعدة ما إذا كان لديها حريات مدنية أكثر مما لديها حقوق سياسية يقود إلى بعض التمييز السخيف. على سبيل المثال،  إن معيار زكريا سيصنف فرنسا  كديمقراطية غير ليبرالية لأن درجتها ( 1) في مجال الحقوق السياسية أعلى من  (2) في مجال الحريات الليبرالية، وسيصنف الغابون كديمقراطية ليبرالية لأن درجتها (4) في مجال الحريات المدنية أعلى من درجتها ( 5) في مجال الحقوق السياسية. ويشير زكريا إلى أنه لا يعتمد على Freedom House بالنسبة لتصنيفات الدول الإفرادية، وبأنه يعتمد فقط على المعايير الإحصائية الشاملة. وتظهر نسب 1997 لـ Freedom House بأن الحريات المدنية قد تحسنت في 10 بلدان يحددها زكريا على أنها " ذات طابع ديمقراطي" ووقعت في الخانة ( 4) فقط. إما أحدث النسب لـ Freedom House فتظهر أيضاً بأن 81 بلداً ديمقراطياً من أصل 117 مصنفاً الآن على أنها ديمقراطيات " حرة" بينما لم يكن هناك سوى 76 بلداً ديمقراطياً من أصل 117 مصنفاً حراً في العام 1995. وبالتالي يبدو بأن هناك فعلاً توجهاً ضئيلاً نحو التحرر، حتى في الوقت الذي يظل فيه العدد الكامل للديمقراطيات ثابتاً. وفي ضوء غياب  التقاليد الديمقراطية والليبرالية في عدد من الديمقراطيات الجديدة ( تحديدا ًفي الاتحاد السوفياتي السابق وأفريقيا)، فإن من اللافت أن تكون الحريات مستمرة بالازدهار إلى الحد الذي تزدهر فيه اليوم.
ثانياً، يتغاضى زكريا وكابلان عن المدى الذي يعتبر فيه إجراء الانتخابات (1) طريقة هامة لإزالة  القادة المستبدين، و (2) جزءاً من عملية التشجيع على نمو القيم الليبرالية. إن المبدأ القائم على وجوب اختيار القادة في انتخابات عادلة ونزيهة يمكن أن يصبح معياراً دولياً بالإمكان استخدامه لحث القادة الاستبداديين على التنحي، وبرشاقة أحياناً. فقد تمت إزالة ماركوس في الفيليبين و بينوشيه في التشيلي من السلطة  بسبب الإيمان الدولي المتنامي بالمبدأ الانتخابي، إلى حد كبير. فمن الصعب التصور بأن الانتخابات في بورما، على سبيل المثال،  يمكن أن تخرج بنتيجة أسوأ من نظام SLORC الحالي. في كل الأحوال، الانتخابات لا تزيل فقط السلطويين المقيتين، بل تشجع أيضاً على تطوير المبادئ والعادات الليبرالية  كحرية الكلام وحرية الصحافة. إن إجراء انتخابات عادلة ونزيهة أمر يتطلب إتباع هذه المبادئ. فالانتخابات وحدها لا تضمن تبني الليبرالية الدستورية وسيادة القانون، لكنها تركز اهتمام الشعب الناخب على عملية الانتخاب بحرية لحكوماته.
ثالثاً، من غير الواضح ماهية أشكال الحكومات التي ينبغي للولايات المتحدة دعمها بدلاً من الديمقراطية. إذ يعتقد زكريا بأنه ينبغي على الولايات المتحدة " تشجيع التطور التدريجي لليبرالية الدستورية عبر العالم". إن معظم المؤيدين لتعزيز الديمقراطية سيوافقون على أن هذا الأمر هدف له قيمة، لكن من الصعب تعزيز الليبرالية من دون تعزيز الديمقراطية. هناك بضع أمثلة معاصرة عن بلدان ليبرالية ليست ديمقراطية. ويستشهد زكريا بهونغ كونغ تحت الحكم البريطاني كمثال، لكن هذه التجربة لقوة إمبريالية ليبرالية منخرطة في حكم سلطوي غير خطير على اقتصاد مزدهر لسوق حرة قد انتهى ومن غير المرجح تكراره. وتتضمن الأمثلة التاريخية لبلدان ليبرالية غير ديمقراطية في وقت سابق بريطانيا في القرن التاسع عشر، وربما ملكيات دستورية أوروبية أخرى في ذلك القرن. وكما يشير مارك بلانر وكارل غيرشمان من National Endowment for Democracy ، لا تعتبر أيُّ من هذه الأمثلة " رؤية عملية" بالنسبة للقرن 21. ويثني زكريا على بلدان شرق آسيا على خلفية أنها " منحت مواطنيها مجالاً واسعاً من الحقوق الاقتصادية، المدنية، الدينية والسياسية المحدودة"، ويعرض إلى أنها، كالـ 1900 بلد غربي على طريق الحرية، إلى حد كبير. إلا أن معظم المراقبين -  بمن فيهم بعض الآسيويين الشرقيين- سيقولون بأن هذه البلدان قد كبحت الحريات السياسية ( وأحياناً تباهت بذلك في الجدل الدائر حول " القيم الآسيوية") وبالكاد تكون نموذجاً لليبرالية التي ينبغي للولايات المتحدة تشجيعها. بالتالي من الصعب رؤية الكيفية التي يمكن بها لتحليل زكريا أن يدعم سياسة أميركية قابلة للحياة والتطبيق لدعم الليبرالية من دون دعم الانتخابات الديمقراطية أيضاً.
رابعاً، إن كابلان، وبقدر أقل، زكريا، يبالغان بالدرجة التي يعتبران بها الانتخابات مسؤولة، بحد ذاتها، عن مشاكل الديمقراطيات الجديدة، إذ كان لدى عدد منها نفس المشاكل قبل إجراء الانتخابات. ففي منطقة الصراع الإثني، على سبيل المثال، قد تُحسِّن الانتخابات الديمقراطية من الصراعات الموجودة بدلاً من أن تفاقمها. إن الدليل مختلط، لكن الحاجة لبناء ائتلافات انتخابية وممارسات ليبرالية لحرية الكلام وحرية إنشاء الجمعيات الضرورية لإجراء انتخابات قد تعزز التكيف الإثني، وليس العدائية.
تعرض الحجج إلى أن زكريا، كابلان، وناقدين آخرين للديمقراطية الانتخابية قد تناولوا النقطة المقبولة بأن " الانتخابات غير كافية" وذهبوا بها بعيداً جداً. ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعم الديمقراطية والليبرالية؛ فدعم الأخيرة فقط ( أي الليبرالية) ينطوي على خطر عدم تحقيق الأولى ( الديمقراطية).
و‌. التحدي الآتي من " القيم الآسيوية"
 إن أهم  تحد إيديولوجي معاصر  للديمقراطية يأتي من شرق آسيا وسمي بـ " السلطوية الناعمة" أو حجة   "القيم الآسيوية". تقول مدرسة الفكر هذه بأنه ينبغي حُكم البلدان من قبل نخبة حكيمة سلطوية، وبأن هناك حاجة ، غالباً، للحد من الحقوق الفردية لأجل المجتمع الواسع، وبأنه ينبغي للدولة أن تلعب دوراًَ قيادياً في التنمية الاقتصادية. عملياً، الأمر يقارب النظام السياسي لسنغافورة، إلا أن عناصر هذا الفكر تتبناها ماليزيا، الصين وأندونيسيا. كما أن هناك عدداً من البلدان الإفريقية المنجذبة، على ما قيل، إلى هذا النموذج من الحكومات. ورغم أنه لا زال على هذه الرؤية أن تصبح إيديولوجية سياسية متجانسة وموحدة، فإن الكتابات والتصريحات الأخيرة الصادرة عن قادة من شرق آسيا، مسؤولين حكوميين، ومفكرين تحوي حججاً متكررة عديدة تتعلق بتفوق الأنظمة السياسية لشرق آسيا على الديمقراطية الغربية.
إن " السلطوية الناعمة" الآسيوية مسألة تستحق الاهتمام لسببين. الأول، إنها تبرز بصفتها النقد الأبرز والأكثر تعبيراً وشمولية للديمقراطية الليبرالية. ثانياً، كانت البلدان التي تؤيدها، وحتى النصف الثاني من العام 1997 على الأقل، من بين أكثر الاقتصاديات ديناميكية في العالم. لقد حققت سنغافورة، ماليزيا، الصين، اندونيسيا، و اقتصاديات آسيوية أخرى نمواً سنوياً بنسبة 10% أو أعلى في الثمانينات ومعظم فترة التسعينات. لقد زادت القوة الاقتصادية المتنامية لهذه البلدان من نفوذها في الشؤون والعلاقات الدولية. وإن اضطراباتها الاقتصادية الأخيرة قد تكون مجرد انتكاسة مؤقتة، كما أن واقع تشويشها وتعطيلها للأسواق المالية حول العالم شاهد على الأهمية الاقتصادية المتنامية لهذه البلدان. إن المحاولات الآسيوية للتعبير بوضوح عن " الطريقة الآسيوية" المتمايزة ومحاولات انتقاد المبادئ الديمقراطية الليبرالية قد أثارت جدلاً واسع النطاق حول الفرق ما بين الثقافتين الآسيوية والغربية، وعما إذا كان هناك من مقاربة آسيوية فريدة للسياسة والاقتصاد، وحول الآثار الدولية لصعود شرق آسيا. إن عدداً من هذه التساؤلات تتخطى نطاق هذه الورقة، لذا فإني سأركز على الحجج الآسيوية الشرقية ضد المحاولات الأميركية لنشر الديمقراطية.
الحجج: يقدم الناقدون الآسيويون الشرقيون للديمقراطية الحجج التالية عن سبب كون نشر الديمقراطية أمراً غير مرغوب به – تحديداً بالنسبة لشرق آسيا. أولاً، تتيح الديمقراطية الغربية قدراً كبيراً جداً من الحرية، وهذه الحرية الفردية المفرطة تتسبب بانحدار أخلاقي وانهيار اجتماعي. فنسبة الطلاق الأميركية،  الولادات خارج نطاق الزواج، ومعدلات الجريمة، دليل على أن الحرية تخرج عن السيطرة. ثانياً، يقول بعض الآسيويين بأن نشر الديمقراطية سيؤدي إلى تفاقم التوترات العرقية ويزيد الصراع الإثني بين البلدان الآسيوية. ثالثاًُ، وهو الأعم، يزعم بعض الآسيويين الشرقيين بأن الديمقراطية صيغة حكومية غير مناسبة للبلدان الآسيوية، لأن لدى آسيا مجموعة مختلفة من القيم الثقافية التي تتضمن تشديداً قوياُ على الطائفية.
الردود: إن هذه الحجج بخصوص عدم استصواب الديمقراطية خاطئة بشكل جدي وخطير. إن الحجة الأولى – أي أن الديمقراطية تتسبب بانحدار أخلاقي وتفسخ اجتماعي - غير مقنعة، لأن ليس كل  الديمقراطيات الليبرالية تعاني من هكذا علل. وتثبت كندا ومعظم البلدان الأوروبية بأن الديمقراطية الليبرالية لا تتسبب بانهيار اجتماعي. هذه البلدان ديمقراطية بلا جدال، لكنها أقل عنفاً بكثير من الولايات المتحدة، وليس لديها المشاكل الاجتماعية التي لأميركا. ففي العام 1995، ذكرت " دائرة المرجع السكاني" بأن الأميركيين يقتلون بعضهم بنسبة تفوق بـ 17 مرة النسبة الموجودة في اليابان وإيرلندا، و10 مرات

موقع الخدمات البحثية