أوراق إستراتيجية » في مقابل الانقسامات: صراعات ليبيا الدائمة

المجالس العسكرية
بحلول آب 2011، كان قسم كبير من الجماعات المدنية المسلحة مستعداً لأية حالة طارئة، بما فيه حرب أهلية مطوَّلة. فما أن انتقل المتمردون من العاصمة باتجاه الجنوب، حتى ' حرروا' البلدات والأهالي الذين ليس لديهم ولاء قوي لا للنظام ولا للثورة. وقد سعت الألوية الثورية، غالباُ، إلى الوصول لتسويات وتجنب المعارك. وقال رئيس إحدى أكبر هذه الألوية،' كقادة عسكريين، لم يكن أمامنا سوى خيارين: إما تطهير البلدة أو الاتفاق مع أهلها'؛ وحيث كان الأمر ممكناً كان هؤلاء يميلون للخيار الأخير. ومن نفس المنطلق، ألح المجلس الوطني الانتقالي والألوية الثورية المتحالفة على المجتمعات تأسيس مجالسهم العسكرية الخاصة بغياب جيش فاعل يقوم بوظيفته؛ ولأن كثيراً من هذه المجتمعات كان مسلحاً بشكل جيد، فقد أنجز هذا الأمر بسرعة. وهذا يعني بأنه بالنسبة لعدد من هذه المجتمعات – بما فيها تلك التي ليس لديها تعاطف محدد تجاه النظام – كانت تلك فترة قلق هامة؛ فبروباغندا نظام القذافي والتقارير حول عمليات الاعتقال العشوائية وأشكال الانتقام القضائي  المرتكبة من قبل المتمردين في أجزاء من المنطقة الغربية زرعت الخوف في قلب هذه المجتمعات من الكيفية التي قد تعلمل بها.
ساعدت مسألة إنشاء هذا العدد الضخم من المجالس العسكرية حول البلد في تمهيد الطريق للصراعات المجتمعية التي تلت ذلك. فقد خضعت الجماعات المسلحة، ومعظمها كانت موجودة بشكل ما من الأشكال، لسلطة المجالس الثورية الجديدة وسمت نفسها ثورية؛ لقد استخدموا العلم الثلاثي الألوان الجديد ومنحهم المجلس الوطني الانتقالي الإذن بالعمل كألوية. مع ذلك، ليس هناك الكثير من المعلومات حول هذه الجماعات ودوافعها. وكما قال قائد أحد الألوية الثورية،' لقد وثقنا بالناس الذين كفلوا طابع هذه المجالس والمجموعات وساندوها، من دون التحقق من مصلحتهم بذلك'.
نظرياً، نسقت المجالس العسكرية جهود الجماعات المسلحة المحلية للتحكم بالجريمة، والتعامل مع الاضطرابات والعنف  وضبط العصابات المسلحة. في كل الأحوال، وفي بعض المواقع، انتهى الأمر بالمجالس العسكرية بالترويج لمجموعة من الأجندات المتباينة. وقد اعتبر البعض مهمتهم بأنها حماية لأنفسهم ومجتمعاتهم من انتهاكات محتملة من قبل قوات الثوار، كالاعتقال الاعتباطي والاحتجاز خارج نطاق القضاء؛ وكان هذا هو الحال في بني وليد بالتحديد. واستفاد آخرون من فراغ السلطة للتأكيد على هيمنتهم على مجتمعات مجاورة والسيطرة على طرق التهريب المحلية، المعابر الحدودية، المرافئ البحرية، المطارات، المزارع وصناعات كبرى ورئيسة. وقد حدث هذا في بلدات حدودية مثل سبها، التي سيطرت عليها جماعات مسلحة من جماعة أولاد سليمان؛ الذين ما أن أصبحوا في هذا الموقع، حتى احتلوا المزارع التي كانت تشغلها قبيلة القذافي وطردوا أهاليها.
أما في حالات أخرى، فقد تسللت العصابات والمجموعات الإجرامية أو المجتمعات المسلحة المحلية بأجنداتها الخاصة المحددة إلى المجالس العسكرية أو حتى قامت بتأسيسها.  وتورط آخرون في أعمال النهب والسرقة أو في نشاطات إجرامية كتجارة المخدرات. وسعى عدد أكبر، وببساطة، إلى الحصول على وظائف في الدولة، أو على أشكال أخرى من المكافآت المشابهة من الحكومة الجديدة. وفي بعض الحالات، وفي بعض ضواحي طرابلس الأكثر تحضراً مثل سوق الجمعة، تاجوراء، أو مصراتة، انفصل حوالي 5 إلى 10 بالمئة من الجماعات المسلحة، بحسب ما قيل، عن مجالسهم العسكرية الخاصة وواصلوا العمل على أهدافهم، بما فيها السعي للانتقام من المجتمعات المنافسة.
منذ أيلول 2011 وما بعده، انتشرت الجماعات المسلحة – التي يبلغ تعدادها أحياناً أكثر من 25- 30 شاباً بقليل من المسلحين حديثاً- إلى حد أنه أصبح من المستحيل الاستمرار بالعد. فبالنسبة لأولئك الذين شاركوا في الثورة من البداية، خصوصاً على الجبهة الشرقية في برقة أو جبهتيْ مصراتة والجبال الغربية، كان الانفجار الحاصل بعدد الجماعات المسلحة ذات الاصطفافات المريبة، تحديداً، أمراً مقلقاً . وقد شكا أحد القادة الثوار من ذلك بقوله:
جاءت كل المجالس العسكرية بعد سقوط طرابلس، وعندها بدأت المشكلة. ففي حين أن الثوار الحقيقيون الذين حاربوا من قبل في ذلك الوقت كانوا يعرفون ويثقون ببعضهم البعض، فإننا لم نكن نعرف هؤلاء الذين شكلوا المجالس العسكرية. فالبلدات حُررت، وعينت الحكومة رؤساء المجالس من دون التدقيق بخلفياتهم، لذا لا نعلم من هم هؤلاء الناس وما هي المصالح التي يخدمونها.
لقد أصبح استخدام مصطلح ' ثائر' و ' ثوار' لوصف هذه الألوية والكتائب أمراً مثيراً للجدل بحد ذاته, ' ففي الغرب، تحديداً، ليس سهلاً أن تقول من هو الثائر ومن ليس كذلك'، قال أحد القادة. ووافق قائد زنتاني على ذلك الكلام بقوله:' إن الطريقة التي حدثت بها الأمور، لم تبق سوى قلة قليلة جداً من الثوار الحقيقيين تحت السيطرة. لقد خرجت المجالس المحلية والعسكرية عن سيطرتنا'. وقد ثار غضب البعض من واقع هو أن المقاتلين السابقين المناهضين للثورة  والمتعاطفين مع النظام قد وجدوا طريقهم إلى داخل نظام المجلس العسكري الجديد. وشكا آخرون من أن المجالس العسكرية تشكلت على يد ضباط في الجيش ممن لم يشاركوا في الثورة – بحسب رأيهم.
إن عدم الثقة والعداء الموجوديْن بين ألوية الثورة، الجماعات المسلحة المحلية والمجالس العسكرية  يعني بأن كل منها سيبقى منفصلاً عن الجانب الآخر، ويحافظ على سلاحه واستقلاليته. وقال أحد قادة الثورة الغربيين، ' عندما ذهبنا عبر المناطق المحررة، كان من المفترض بكل لواء تسليم سلاحه للمجلس العسكري ذي الصلة، الأمر الذي كان يقصد منه الحفاظ على كل الأسلحة إلى حين التسليم النهائي لحكومة مركزية. وذلك لم يحصل'.

الدولة الوليدة
عند تشكيل الحكومة الانتقالية للمجلس الوطني الانتقالي في 23 تشرين الثاني 2011، برئاسة رئيس الحكومة عبد الرحيم الكيب، كانت إحدى أولى أولويات الحكومة تأكيد سلطة الدولة على خليط المجالس العسكرية والجماعات المسلحة وفرض الأمن في مناطق مضطربة. أما الحقيقة الصارخة فهي أن قدرتها على القيام  بذلك كانت محدودة، نظراً للانهيار الكامل تقريباًُ لكل من الجيش والشرطة. وشرح نائب وزير الداخلية ذلك بقوله:' لقد حاولنا تفعيل مراكز شرطة طرابلس في البداية وطلبنا منهم العودة إلى العمل. إلا أن المشكلة هي أنه كان ينظر إلى قوات الشرطة على أنها عدو مهزوم'.  إذ ذكرت التقارير بأن هناك أقل من الثلثين يقومون بواجبهم، وهذا أقل بكثير ممن يمكن نشرهم في البلد.
سواء كانوا مهزومين أم لا، أعداء أم لا، لا تزال الشرطة السابقة – والأجهزة والبيروقراطية الأمنية، على نطاق أوسع – هي القلب النابض. وقد واجهت الوزراء المعينين حديثاً والمسؤولين من صفوف المنفيين منذ أمد طويل، والناشطين في المعارضة والمنسقين العسكريين المتمردين مهمة التعامل مع البيروقراطية التي كانت قد خدمت نظام القذافي، قبل أسابيع فحسب. لقد كانوا بحاجة لإنشاء وزارة دفاع من لا شيء؛ ومواجهة القوات المسلحة التي لم تكن معتادة على الإشراف والسلطة المدنية والتنافس مع وزارة الداخلية التي لديها روابط مع قوات الشرطة والأجهزة الأمنية التابعة  للنظام السابق.
كانت النزاعات بين الوزراء والبيروقراطية موجودة عبر اللجنة. وقد اعترف الوزراء بأنه كان لديهم صعوبات أحياناً في تنفيذ القرارات. وقال أحدهم، ' كان لدينا مشكلة الإدارة الوسطى. لا أريد القول تماماً بأنهم موالون، لكنهم لا يقومون بعملهم'. ففي حالات عدة، وبحسب الزعم، كانوا بقايا النظام يبتزون رؤسائهم. أما خلف الكواليس، فقد كانت التحذيرات مريعة مع ذلك. وقال أحد المسؤولين،' نحن لا نزال في حرب'؛ وزعم آخر،' لقد تم اختراقنا. إنهم يشتروننا بالوظائف، بتقديمهم مراكز جيدة لنا لتلويث أيدينا'. وقد باع عدد من كبار الموظفين في الدوائر البيروقراطية ومن الموظفين المتوسطين أملاكهم وانتقلوا إلى الخارج؛ وشعرت الحكومة التنفيذية الانتقالية أحياناً بأن من بقي يسعى إلى حماية مصالحه الخاصة وحماية مصالح زملائه وأقربائه. وتوصل أحد المسؤولين الجدد إلى نتيجة مفادها :' إن الناس المهمين من أصحاب الأموال قد فروا، لكن لا يزال لديهم أناس هنا، في الحكومة، يضغطون لصالحهم. لا يستطيع رئيس الحكومة الكيب والمجلس الوطني الانتقالي التحرك'. ومع تفاقم حالة عدم الثقة، يعتقد الوزراء والمسؤولون بأن العناصر المنفيين من الحكومة القديمة يحاولون، وبقوة ونشاط، زعزعة الحكومة الجديدة.
كانت الألوية الثورية، المدركة للعبة شد الحبل في الحرب، مترددة بالتنازل عن السلطة للوزراء أو لقوى أمن الدولة السابقين. وفي كانون أول 2011، وفي مجهود لفرض السيطرة والتقليل من نفوذ الجماعات المسلحة، أسس المجلس الوطني الانتقالي ' لجنة المحاربين'، وهي هيئة مشتركة بين الوزارات تحت سلطة رئيس الوزراء. كان الهدف تسجيل كل المقاتلين الذين لا زالوا متحركين، وتوجيههم في برامج تدريب وفي نهاية المطاف توجيههم إلى التوظيف في وزارات العمل، الداخلية  والدفاع. وكان الهدف المكمل لذلك هو تقديم فهم أكبر للحكومة التنفيذية حول الألوية العسكرية ونواياها ، لتسد بذلك ثغرة كبيرة في معرفتها، وتوزيع نماذج للألوية من خلال مجالس الوساطة المدنية والعسكرية. ووسط بعض المقاومة والإرباك، وافقت معظم الألوية والمجالس على توزيعهم في نهاية المطاف.
سرعان ما طغى على لجنة المحاربين عروض تقدم بها مئة ألف من الشباب العاطلين عن العمل، الذين زعموا جميعاً بأنهم ثوار. وفي كانون الثاني، هتف مسؤول غاضب في وزارة العمل بسبب طوفان الطلبات المقدمة قائلاً، ' إنهم يرمون الأوراق علينا!' مع ذلك فإن الجهود المبذولة لخداع النظام أو الاستفادة منه وفرت آلية بيروقراطية لتوجيه مئات آلاف المواطنين العاطلين عن العمل باتجاه سوق العمل في الجيش والشرطة. كما أنها وفرت لقادة الألوية تدريباً وتعليماً ضروريين جداً. إلا أن وزارتيْ الداخلية الدفاع لم تثقا بـ ' سيجيزلي'، الذي كان ينظر إليه على أنه يتصرف وكأنه وزير. فبالنسبة لهم، كان الضغط لتكملة وزيادة وتنشيط الشرطة والجيش المنهاريْن عبارة عن ضغط عظيم جداً بحيث أنهم بدؤوا ببرامجهم للتسجيل. وبدأت الوزارتان، وبشكل حاسم، عملية تسجيل كامل للألوية وتفويضها في وقت واحد – قرار كان له عواقب كارثية.
قامت وزارة الداخلية بعمل جريء ومبكر كان يعد بالكثير. فقد أدركت بسرعة حاجة الشرطة إلى إصلاح بالجملة، لكن الشرطة بحاجة مع ذلك، وبشكل أكثر إلحاحاً، إلى إعادة كسب ثقة الشعب. وللقيام بذلك، قال نائب وزير الداخلية، ' نحن بحاجة لزيادة الشرطة واستبدالها بدم جديد من الثوار'. وشكلت الوزارة هيئة مؤقتة هي ' اللجنة الأمنية العليا'، المصمَّمة لاستيعاب الألوية الثورية بسرعة تحت قيادتها وإمرتها. وبالتخطيط للمدى الطويل، وبدعم ثنائي ومن الأمم المتحدة، شرعت فوراً في تنفيذ برنامج تدريب صُمِّم لوضع الليبيين من ' اللجنة الأمنية العليا' ومن جماعات مسلحة أخرى راغبة بالعمل بمهنة الشرطي  من خلال التدريب الأساسي في الأردن.
لدعم جاذبية الشرطة في نظر الثوار المتحفظين على هذه القوة وعلى وزارة الداخلية، أسست اللجنة الأمنية العليا فروعاً محلية بحيث يمكن للشباب الخدمة في بلداتهم؛ كما قدمت للمجندين راتباً سخياً بلغ 1000 دينار ليبي ( 650 يورو) شهرياً. وقد نجحت الحوافز فنمت وكبرت اللجنة الأمنية بنسبة مذهلة. وبحلول أواخر شباط، كانت اللجنة قادرة على نشر موظفيها في مدن رئيسة في الوقت المحدد بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة؛ وبحلول أواخر نيسان، كان 70000 مجند قد تسجلوا؛ وبأواخر أيار  بلغ العدد 85000 مجند.
إلا أن تلك الأرقام المضخمة ناقضت أعداداً متزايدة لدى اللجنة الأمنية العليا مع تسجيل الألوية بالجملة. فعدم الثقة لدى وزارة الداخلية كان لا يزال كبيراً للغاية حيث لم تُمنح الوزارة وضباط الشرطة حق الإشراف أو قيادة اللجنة الأمنية العليا، التي كانت بكاملها بإدارة وقيادة الثوار، وجعلت  المدفوعات المتفاوتة لصالح اللجنة الأمنية العليا العلاقات مع الشرطة ووزارة الداخلية أكثر توتراً. إذن أن معظم المجندين هم من الشبان العاطلين عن العمل الذين شكلوا كتائب وألوية بعد سقوط طرابلس؛ وبتجنيدها هكذا مجموعات بالجملة في اللجنة الأمنية العليا، تكون الأخيرة قد عززت  سلطة قادة الوحدات واستقلاليتهم، مع عدم وجود إشراف عليهم، أو بالكاد. وبحسب أحد الباحثين، فقد زاد عديد لواء في ' الجنزور' من 250 إلى 400 عضو في نيسان 2012 وحده بسبب الرواتب الجيدة المقدمة.
عدم الانضباط أمر منتشر أيضاً. ففي أيار وحزيران 2012،  انتقد صحافيون وجماعات حقوق الإنسان من منظمات غير حكومية وحدات اللجنة الأمنية العليا بسبب ممارستها الضرب والاعتقال العشوائي. وقد ألغت وزارة الداخلية تدريباً للشرطة في الأردن بسبب الشعور بالحرج من جراء استخدام المتدربين للكحول والعبث مع نساء محليات، وفي حادثة أخرى إشعال النار في مركز تدريب. وفي أواخر نيسان، قال نائب الوزير، ' إن العائق الرئيس الذي يبطئ تطور قوات الشرطة ووزارة الداخلية هي الألوية – إنها الألوية فعلاً'. وعدَّل الوزراء البرنامج للتركيز على تجنيد الأفراد بدلاً من الألوية ككل، لكن الضرر كان قد وقع إلى حد كبير. وتم التمديد لصلاحيات اللجنة الأمنية العليا في تموز 2012، إلا أن القضايا الأساسية كفترة التمديد وما سيأتي لاحقاً كلها أمور خاضعة للنقاش.
في وقت تشكيل ' المؤتمر الوطني العام' في آب 2012، كانت اللجنة الأمنية العليا قد عززت دورها داخل الأجهزة الأمنية. وأشعل تدمير السلفيين للمقامات الصوفية المقدسة في طرابلس، زليتن، ومصراته في 24-26 آب جلسة عاصفة في المجلس الوطني العام، مع اتهام عدد من رجال المجلس المنتخبين حديثاً اللجنة الأمنية العليا بالقيام بأعمال ضد المصلحة الوطنية والدعوة لحل اللجنة على قاعدة فشلها بالدفاع بشكل سليم عن المقامات المقدسة. ورغم أن الناطق باسم اللجنة الأمنية العليا أدان التدمير الذي يحدث، فقد كان ينظر إلى الوحدات على أنها توفر الحماية لأولئك الذي دمروا مسجد طرابلس في الوقت الذي كانوا يمنعون فيه ناشطين يعتزمون حماية الموقع من التدخلات. وقد دفعت انتقادات اللجنة الأمنية العليا، التي بثت على الهواء مباشرة عبر أثير التلفزيون الوطني، كبار قادتها إلى إعلان الإضراب ' احتجاجاً على الاتهامات التي ساقها أعضاء المجلس الوطني العام'. ولم يلغ الإضراب إلا بعد أن تواصل رئيس الوزراء مع اللجنة الأمنية العليا طالباً منها رسمياً ـ من خلال بيان مكتوب- الاستمرار ' بحماية البلد'.
عانى الجيش ووزارة الدفاع من توترات مشابهة بين الألوية المدنية الثورية وقادة حقبة القذافي. فقد تم تعيين رئيس هيئة الأركان يوسف منقوش في 2 كانون الثاني 201، بعد مفاوضات عسيرة بين القوى الثورية، الجيش والمجلس الوطني العام. وورث ' جيشاً كلهم رؤساء من دون مقاتلين'. إذا لم يكن هناك سوى قلة من المقاتلين وقد تقدمت السن بالكثير من ضباطه. إذ قاتل عدد هام من فرقه الغربية لصالح القذافي، وهؤلاء إما قتلوا وإما سجنوا لاحقاً؛ أما أفراد الفرق الشرقية ، وبرغم هزيمتهم في البداية، فإنهم ظلوا بعيدين عن الجبهات الأمامية. فالمتمردون فقدوا الثقة، إلى حد كبير، بأولئك الذين ظلوا في الجيش. وتم تنصيب وزير الدفاع أسامة الجويلي مسؤولاً عن وزارة لم تكن موجودة قبل الثورة، وكانت حدود السلطة في مقابل رئيس هيئة الأركان غير واضحة. فقد تنافس الاثنان ضد بعضهما البعض لكنهما تنافسا أيضاً مع سلطة الأمر الواقع من المفوضين والقادة في جيش منقسم ومع الألوية الثورية، المجالس العسكرية والجماعات المسلحة من خارج الجيش.
وكما كان الحال مع وزارة الداخلية واللجنة الأمنية العليا، كانت المقاربة الأولية والمبدئية لوزارة الدفاع – بعد فشل محاولة أولى سابقاً بحل الجماعات المسلحة فشلاً ذريعاً- هي تسجيل الجماعات المسلحة بأسرع وقت ممكن والعمل مع المجالس العسكرية المحلية. لكن على خلاف وزارة الداخلية، لم ينشئ الجيش ولا وزارة الداخلية فيالق وفرقاً منفصلة لاستيعاب الألوية فيها. بدلاً من ذلك، أعطى أسامة الجويلي اعتماداً رسمياً وبطاقات هوية للمجالس العسكرية، الألوية الثورية ولجماعات مسلحة أخرى عبر البلاد. وقام بذلك، بحسب الظاهر، من دون تحقيق كبير في أصول هذه المجموعات أو توجهاتها ومن دون بذل مجهود، أو امتلاك القدرة، بحسب الظاهر أيضاً، لدمجهم بظل قيادة واحدة. وبدأت الوزارة، كحافز، بالتجاوب مع مطالب المقاتلين بخصوص الرواتب، فقدمت مبلغاً لكل من تسجل لديها وفي الجيش بقيمة 2400 دينار ليبي ( أكثر من 1500 يورو) تدفع لمرة واحدة، وهو مبلغ  ارتفع إلى 4000 دينار ليبي ( أكثر من 2500 يورو) لأولئك الذين لديهم عائلات. مجدداً، وكما الحال مع اللجنة الأمنية العليا، كان الإشراف غائباً وكان لدى قادة الوحدات الحرية الكاملة للقيام بما يرغبون به بالأموال. وقال أحد قادة لواء طرابلس:
لم يسجلوا أسلحتنا في العملية. ليس هذا فقط، لقد كان الأمر يعود لقائد اللواء بما يتعلق بتوزيع الأموال وكتابة الفاتورة المتعلقة بها. لقد احتفظت بنسخات في حال حدوث نزاعات لاحقاً. لكن الوزارة لم تطلب إيصالات بالدفعات. 
لقد وصلت المبالغ المدفوعة لأفراد في الألوية إلى ملايين الدولارات أحياناً. وحدث غرْف مضاعف مرتين وثلاث مرات في بعض الأحيان، في الوقت الذي لم تتلق فيه ألوية أخرى أي شيء. هذا الأمر دفع إلى العنف، وإلى هجمات مذلة أحياناً على الحكومة التنفيذية للمجلس الوطني الانتقالي؛ ونصبت الألوية الغير منظمة والغير منضبطة الحواجز على الطرقات ونظمت تظاهرات عنيفة عندما لم يتلق الشبان دفعاتهم المقررة المتوقعة. وفي 10 نيسان، تم تأجيل البرنامج بكامله، ما دفع إلى حصول تظاهرات واحتجاجات أكبر.
أصبح وزير الدفاع محاصراً باتهامات المحاباة الإقليمية. وقد زعم مراقبون محليون ودوليون، على حد سواء، بأنه كان يتصرف لمصلحة مصالح الزنتانيين بدلاً من العمل وفق مصلحة الوطن. فضلاً عن ذلك، شعر ضباط الجيش في وزارته بالاستياء منه، ليس فقط بسبب انحيازه الزنتاني وطبيعة تعيينه السياسية، وإنما لأنهم لم يكونوا معتادين على الخضوع لسلطة مدنية وهم مقتوا ذلك. وبحلول كانون الثاني 2012، وصل الضغط على الجويلي للاستقالة إلى مستويات جديدة؛ ففي 13 شباط 2012، مرر المجلس الوطني الانتقالي القرار رقم 11، الذي وضع قسماً كبيراً من سلطة صنع القرار العملي بيد رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، لتضيق بذلك صلاحيات الجويلي.
شجع المجلس الوطني الانتقالي صدِّيق مبروك أيضا، نائب الجويلي، على تولي المسؤولية عن أمن الحدود والبنى التحتية الوطنية الحساسة بدلاً من الجويلي - وهما مجالان كان تعتبر الألوية الزنتانية بأنها تفرض سيطرة لا ضرورة لها عليهما. وبذل مبروك جهوداً لتنظيم الجماعات المسلحة والمجالس العسكرية المختلفة في حرس حدود لكن بتأثير ملموس، بالحد الأدنى. وكانت الألوية الثورية تعتقد بأن الدولة تفتقر للقدرة على توفير الأمن الحدودي  وبأن محاولتها للقيام بذلك ما هي إلا انتزاع مكشوف للسلطة منها. نتيجة لذلك، هم رفضوا مساعي الدولة بهذا الخصوص.
تم الحد من الفترة المتبقية لمسؤوليات الجويلي في الحكم بشكل هام. وقد سعى للاحتفاظ ببعض سلطاته عن طريق استثمار علاقاته مع ائتلافات مدنية ثورية من حيث أتى. وفي نيسان 2012، أعطى موافقة رسمية على ' قوات درع ليبيا'، البنية العسكرية الموازية التي أسسها الثوار؛ ورغم أنها واقعة ، ظاهرياً، تحت سلطة رئيس هيئة الأركان لاستخدامها كقوة احتياط، قوة تطوع مدنية، فإنها كانت مستقلة عن الجيش في واقع الأمر. وقد مال  الثوار إلى توظيف قوات درع ليبيا لتنفيذ أعمال ووظائف وتنصيب أنفسهم كحماة للبنى التحتية الاستراتيجية ومراقبة مناطق الصراع.
وفي لعبة شد الحبل في هذه الحرب بين منقوش والجويلي، كان ما ساعد رئيس هيئة الأركان هو الافتقار للوضوح في سلطة وزير الدفاع وسلطة الحكومة على الجيش؛ ونتيجة لذلك، فإنه تجاوز الوزير بشكل مؤثر. حتى مع ذلك، كان لا يزال عليه التعامل مع جيش ضعيف ومختل وظيفياً و،مع أخذ ذلك بالاعتبار، تحديد تعديل وزاري جديد ومحاولة جمع بقايا كتائب وألوية الجيش القديم'.وكانت وحدات الجيش في بنغازي في صميم جهوده ، خاصة القوات الخاصة  وسلاح البحرية والجو،  معظمهم ممن انشقوا في الأسبوع الأول من الثورة. ففي أوائل نيسان، أعلنت الحكومة مناطق صراع معينة مناطق عسكرية ووضعتها تحت سيطرة الجيش، مع تعيين منقوش قادة في الجيش  في كل منها.
في كل الأحوال، وبرغم المظاهر والجهود الكبرى التي يبذلها الجيش لتقديم صورة عن السلطة، لم تصبح هذه المناطق أبداً تحت سيطرة قوة واحدة بشكل حقيقي. بدلاً من ذلك، وكما ذكرنا، تنافست جهات فاعلة مختلفة مسلحة بشدة على النفوذ ( مجالس عسكرية إضافة إلى مجموعات مدنية ومسلحة أيضاً). ومن بينها، كان ضباط الجيش الأضعف والأقل تجهيزاً عادة. وكونه فقد الكثير من قدرته، ومع وجود كمية كبيرة من الأسلحة في أيدي الألوية المدنية والثورية، كان على الجيش دعم مخزونه الخاص المستنفد من السلاح من خلال مختلف الوسائل، بما في ذلك شرائه أو استعارته من ألوية التمرد وتجار الأسلحة في السوق السوداء. وظلت البنية التحتية الاستراتيجية، حقول النفط والحدود خارج سيطرته وظلت معنوياته هابطة بصورة واضحة.
نتيجة لذلك، ومتى ما تم فرض مناطق عسكرية ـ الأمر الذي حدث مرة واحدة فقط عندما اندلع الصراع  الطائفي الشامل ـ فإنه كان على منقوش الاعتماد على ألوية ثورية، الفاعلون الوحيدون القادرون، ربما، على كبح جماح المجتمعات المتحاربة. وكوزير الدفاع، نمى منقوش علاقات براغماتية مع أبرز قادة الثورة بحيث يكون بإمكانه الاعتماد على دعمهم في صراعات مجتمعية كبرى أو في اضطرابات عنف أخرى، مع قيام الألوية الثورية، الأفضل من حيث التسليح، بالرد والتجاوب مع بدايات حصول أزمة ما نزولاً عند طلب الجيش. وبظل هذا الترتيب، قبلت الألوية، شكلياً، سلطة منقوش في الوقت الذي احتفظت فيه باستقلالها الواقعي. هذا النظام الذي تم التفاوض حوله تم إضفاء الطابع الرسمي عليه في العلاقة بين الدولة وقوات درع ليبيا. وكما هو الحال مع اللجنة الأمنية العليا، سيكون من الخطأ النظر إلى البنية الموازية عل أنها قد برزت ضد رغبة السلطات المركزية تماماً. بالأحرى، ورغم أنها تأسست على يد الألوية الثورية وخارج مجال واختصاص الجيش والأجهزة الأمنية، فقد شجعت الدولة الاثنين، بطريقة من الطرق، وتقبلتهما، ضمناً، كقوات بديلة من دونهما ليس بإمكان الدولة ضمان أمن البلد ببساطة.

الائتلافات الثورية وقوات درع ليبيا        
لم تتصرف الألوية الثورية كجيش واقعي على الأرض بعد سقوط القذافي فحسب، بل تدخلت أيضاً في الصراعات المجتمعية. وحتى عندما كان المجلس الوطني الانتقالي يسعى لتعزيز قوات الدولة المركزية، فإن إرث الثورة والاصطفافات الملتبسة والغامضة لكثيرين في الدوائر البيروقراطية للدولة ووزارة الداخلية والجيش قوَّضت الثقة الضئيلة بهم لدى الليبيين ـ وبالمجلس الوطني الانتقالي نفسه. وقال أحد المستشارين الرئاسيين،' أنا لا أقول للثوار بأن يسلموا أسلحتهم ـ أنا أقول لهم أن يحتفظوا بها! نحن في مرحلة خطيرة جداً الآن'. وبعيداً عن كونهم على طرفيْ نقيض مع ألوية الثوار، شعر بعض الليبيين الذين هم داخل المجلس الوطني الانتقالي وكذلك المقربين منه بأنهم يتقاسمون مصلحة مشتركة مع تلك الهيئات. وكالسلطات المركزية، كان لدى الائتلافات الرئيسة من  المقاتلين الثوار قلقاً بشأن انتشار الجماعات المسلحة، والولاءات الملتبسة والغامضة للمجالس العسكرية وكذلك البيروقراطية المتمردة. واعتبر البعض أنفسهم بأنهم مستمرين بالكفاح المسلح بوسائل أخرى.
بمرور الوقت، تطور عدد من شبكات الألوية المدنية الرخوة  التي نشأت وظهرت خلال الصراع إلى ائتلافات مؤسساتية رسمية أكثر. وحدث هذا الأمر، بشكل رئيس، في معاقل المتمردين الأساسية في بنغازي وأجدابيا على الجبهة الشرقية من الصراع، كذلك في مصراتة والزنتان في الغرب. أما في الشرق فقد أسس فوزي بوكتاف أولاً ' تجمع سرايا الثوار'؛ كذلك الأمر اتحدت ألوية مصراتة المختلفة في ' اتحاد ثوار 17 فبراير لمصراتة'. وكان الهدف توحيد وتنظيم القوى بشكل أفضل حيث أن المتمردين تحركوا وانتقلوا خارج مدنهم الأصلية إلى طرابلس وسرت. وقال بوكتاف،' في الأيام الأولى، كان المصراتيون يقاتلون لأجل مصراتة  والزنتانيون لأجل الزنتن. وبنهاية أيار 2011، كان واضحاً بأن علينا جمع ائتلافات الألوية معاً. لم يكن بإمكاننا القتال جيداً لو أننا لم ننسق مع بعضنا'.
هذا الدمج للألوية الثورية استمر بعد انتهاء الأعمال العدائية رسمياً في 23 تشرين أول 2011. وبدأ قادة الألوية بالاجتماع بانتظام والارتباط مع ائتلافات أخرى للألوية الثورية. لقد نفذوا أنظمة تدوير  بالواجبات والدوريات، بذلوا الجهود للاحتفاظ بسجلات نشاطاتهم المركزية والمسجلة إضافة إلى تخزين أسلحتهم مركزياً، تطوير البرتوكولات للتمكين من تعبئة ونشر القوات حيث وأينما تدعو الحاجة. وبحلول كانون الثاني 2012، وعندما طرد أهالي بني وليد لواءً موال للمتمردين من بلدتهم، كانت قوات مصراتة قادرة على تعبئة ونقل 10000 مجند بغضون 5 ساعات.
لقد استلزم غرب ليبيا وقتاً لتنظيم ائتلافات أطول من ذاك الذي استلزمه الشرقيون أو المصراتيون ، بما أن المنطقة تندرج ضمن أسلوب مجزأ على مدى 8 سنوات، مما يؤدي بجماعات مسلحة غير منسقة لأن تكون أكثر يأساً وإحباطاً. وفي أواخر عام 2011، نجحت القوات الزنتانية في تشكيل ائتلاف رخو من المجالس العسكرية بالجبال الغربية. أما في طرابلس، فلم يبرز أي ائتلاف. وكان مجلس طرابلس العسكري التابع لعبد الحكيم بلحاج ينوي ضمان أمن العاصمة وتنظيم الجماعات المسلحة الطرابلسية كلواء طرابلس إضافة إلى تنظيم الشبان المعبئين في أحياء مجاورة كسوق الجمعة، لكن الخلافات المجتمعية والسياسية منعت الوحدة. أما مجهوده الأكثر نجاحاً فكان تأسيس ''الحرس الوطني'، بإمرة خالد الشريف، زميل بلحاج من ' مجموعة القتال الإسلامية الليبية'، وكان المقصود من الحرس الوطني حماية الحدود والبنى التحتية الأساسية وأصبحت لاحقاً جزءاً من محاولة الألوية الثورية لإنشاء قوة حرس حدودي.
ما أن وسعت الألوية عملياتها عبر البلاد، حتى ارتفعت الحاجة لتنسيق أفضل وأكبر حتى. وقد ازدادت الحاجة عندما اندلعت صراعات مجتمعية في شباط ـ نيسان 2012، ودعا رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الائتلافات الثورية للتدخل وإنهاء القتال. فالائتلافات الثورية لم تكن منظمة جيداً لتعبئة طويلة الأمد خارج مجتمعاتها الأصلية، كونها مؤلفة من متطوعين مدنيين ( برغم مدفوعات المرة واحدة، التي سلمتها أولاً وزارة الدفاع) والذين كان مورد عيشهم في بلداتهم الأساسية عادة. كما واجهوا  ' مشكلة الشرعية'.  ومع عدم وجود توقعات كبيرة، بذل الثوار جهوداً للحفاظ على الاستقرار بالانسجام والتنسيق مع وجهاء المجتمع المحليين؛ مع ذلك، كان تدخلهم يفتقر لأساس شرعي ودستوري وكان يحمل في طياته خطر اعتباره منحازاً مناطقياً. لم يكن الدمج في الجيش بديلاً حتى الآن كما ظل ناقص التجهيزات وغير موثوق، على نطاق واسع، من قبل الألوية الثورية؛ هذا يعني بأن الألوية كانت تتطلب نظاماً موازياً لتمكين نفسها من التعبئة لمدى طويل.
وكما ينظر للأمر، كان رد الفعل بغرض تأسيس ' قوات درع ليبيا'، المصمَّمة للتعويض عن قصور الجيش وعجزه وللسماح للائتلافات الثورية بالانتشار في مناطق عسكرية لفترات ممددة. ومثلت قوات درع ليبيا، وبشكل أساسي، الألوية نفسها التي شاركت في الائتلافات الثورية المنتشرة في مناطق الصراع المجتمعي؛ أما الآن، في كل الأحوال، فإنها تتمتع بتفويض وزارة الدفاع ومسؤولة، ظاهرياً، أمام رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، الذي تعتبر أوامره مطلباً ضرورياً للانتشار. وتم تعيين المقاتلين في ' قوات درع ليبيا' من الائتلافات الثورية لفترات تقارب الشهر؛ إذ قررت المجالس العسكرية الإقليمية والائتلافات الثورية، معاً، البلدات التي سترسل إليها المتطوعين. بهذا المعنى، كانت قوات درع ليبيا تشبه، من نواح عديدة، المعبر بين قوات الاحتياط ووحدات الجيش الاحتياطية.
تم تشكيل أول وحدة لقوات درع ليبيا في آذار 2012 في كُفرا من قبل وزير الدفاع الجويلي وفوزي بوكتاف، قائد ائتلاف الألوية الثورية، بعد أسابيع من اندلاع القتال في البلدة. وأنشأت وحدات مصراتة ما يسمى أحياناً ' درع الصحراء الليبية'، التي  فرضت هدنة في سبها في أوائل نيسان. وقد تبعتها وحدات أخرى لقوات درع ليبيا، بجمعها الألوية الثورية في الجبال الغربية، سبها ومناطق مركزية. وكشف النقاب علناً عن قوات درع ليبيا من خلال سلسلة من المؤتمرات الوطنية، بداية مع مؤتمر كبير في مصراتة في نيسان 2012 والذي حضره حينها رئيس الوزراء، وزير الدفاع  ورئيس هيئة الأركان. وبحلول أيار، أصبحت قوة دفاع منظمة على مستوى الوطن ـ وموازية بالكامل ـ والتي بدت وعملت كقوة جيش احتياطي تماماً وكوفئت بعقود طويلة الأجل من قبل وزارة الدفاع. وفي أيار أصبحت قيادتها رسمية  بصفتها ' لجنة عليا'.
بذلت الألوية الثورية جهوداً أيضاً ليكون لها صوت سياسي موحد وأكثر فاعلية. أما التجسيد الأخير لذلك فكان في تموز وذلك في إنشاء المجلس الأعلى للثوار، برئاسة عبد المجيد الكيكلي. ورغم مجيئهم من خلفيات مختلفة إلى حد كبير جداً وبرغم الرؤى السياسية المتنوعة والمختلفة، فقد كان هؤلاء القادة موحدين في قناعتهم بأنهم ' الثوار الحقيقيون'، ليميزوا بذلك أنفسهم عن أولئك الذين انضموا إلى المجالس العسكرية ومجموعات مسلحة أخرى بعد سقوط طرابلس. وفي صدىً لمشاعر شاركه بها عدد من زملائه ونظرائه، قال قائد زنتاني،' هؤلاء الذين كانوا موجودين منا على الجبهة الأمامية للثورة يعرفون بعضهم، سواء ممن كانوا يقاتلون أو ممن وفروا الإمدادات اللوجستية. نحن نعرف سجلاتنا الخاصة'. أما هدفهم الذين صوروه ـ والذي جعلته أكثر إلحاحاً الصعوبات التي مر بها المجلس الوطني الانتقالي في مركزية السلطة ـ فكان ' حماية قيم الثورة'. وفي آذار، قال ناطق باسم  'مجلس طرابلس العسكري':
هناك شعور خطير في أوساط الثوار الحقيقيين ـ أولئك الذين شاهدوا أصدقائهم وزملائهم يموتون أمامهم ـ بأن تضحياتهم كانت لا شيء وبأن الثورة لم تحقق أهدافها. دعونا نكن صادقين. إن أكثرية الثوار الحقيقيين في ليبيا يشعرون بأن هذه الثورة على وشك أن تُختطف أو تضيع.
 في كل الأحوال، كان عنصر هذه القيم المستشهد بها غالباً بعيداً عن الوضوح أو البساطة، وتتخطى الولاء الغامض للثورة، الرغبة بإصلاح الدولة والخوف من البقاء في المؤخرة سياسياً. وعندما طلب منه تعريف هذه القيم، انطلق أحد القادة برواية عاطفية في خطاب ألقاه في مؤتمر مصراتة عن شاب بترت ساقيه وكان يتوسل قادته كي يحدثوا في ليبيا الشيء الذي قاتل من أجله. ففي صميم قلبه يكمن شك عميق بمؤسسات الدولة التي كان يحاول المجلس الوطني الانتقالي بناءها. وقال ناطق ياسم مجلس طرابلس العسكري،'  أن يكون لدينا أناس ممن كانوا في السلطة لا زالوا يجلسون على كراسيهم فإن هذا يمثل فشلاً للثورة'.  وبحسب كلمات رئيس مجلس الزنتان العسكري :
الآن، تضع الحكومة أولئك الذين خسروا على قدم المساواة مع الذين انتصروا. إن هؤلاء الذين غيروا ألوانهم عندما سقط القذافي من الصعوبة بمكان التعامل معهم أو الثقة بهم. فأولئك الذين وقفوا مع القذافي حتى النهاية لديهم موقف على الأقل، بينما الآخرون انتقلوا، وببساطة، إلى حيث السلطة أصبحت موجودة.
عبَّرت قيادة ألوية الثورة عن شوق تام لإعادة قولبة أساسية للدولة. والبعض مضى أكثر بذلك، قلقاً من القصور التعليمي على المدى الطويل وتحدث عن الحاجة لـ ' ثورة ثقافية'. وقال أحد أعضاء المجلس:' إن أفضل مثال تتبعه ليبيا هو ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. فقد حلت ألمانيا الغربية كل جزء من أجزاء الدولة كان هتلر قد أنشأه. أما ألمانيا الشرقية فلم تفعل'. 
وفي الجزء الغربي من البلاد تحديداً، أظهر الثوار اشمئزازاً تجاه الجيش وقوات الشرطة لأسباب لم تكن سياسية فحسب وإنما متصلة بتنافس وتوترات مجتمعية متبادلة أعمق بين المدن والبلدات.  وقد أكد أحد قادة الثوار الغربيين وهو ضابط سابق في الجيش على ذلك بقوله:
بصراحة، نحن لا نريد الجيش ولا نثق به. إن رئيس هيئة الأركان منقوش لن يعيد تنظيم الجيش بالطريقة الصحيحة. انه بحاجة لأن يبدأ من الصفر، مع قوة وذهنية جديدتين . لقد نصحت الجويلي ومنقوش مرات عدة وأخبرتهم عما ينبغي القيام به. الخطوة الأولى تكون بإحالة كل شخص لم يكن مع ثورة 17 فبراير إلى التقاعد. ثانياً انتقاء أفضل الضباط من بين المتبقين لاستلام مناصب متخصصة. ثالثاً، البدء بخطة إصلاح شاملة للجيش، إنهاء اعتماده على التكنولوجيا الروسية القديمة، إصلاح وتجديد التعليم والتدريب العسكرييْن.
في نهاية المطاف، كان تأسيس قوات درع ليبيا والمؤتمرات التي دعمتها جزءاً من مشروع سياسي أكبر. بمرور الوقت، شكل قادة الثورة لجان عمل للإشراف على كل جوانب الأنشطة الحكومية. فبحسب ما اعتبروه، لم يكن الهدف تقويض العملية الانتخابية والدستورية وإنما كان، وبحسب تعبير عضو في مجلس طرابلس العسكري، ' مشاهدة ومراقبة الكيفية التي تجري بها الأمور، وإذا ما دعت الضرورة التحرك لحماية هذه الثورة من الضلال'. ومضى البعض بعيداً من حيث محاولة الانضمام إلى النظام السياسي الجديد؛ ففي تجمع نيسان 2012 في مصراته، سأل البعض عما إذا كان ينبغي لهم  التصدي للحصول على منصب سياسي، وتسجل بعض الحاضرين للمؤتمر كمرشحين برلمانيين.

تنفيذ اتفاقيات الهدنة
في الهوة الفاصلة بين سقوط طرابلس وتشكيل الحكومة المؤقتة في 23 تشرين الثاني 2011، برز نموذج قام فيه قادة من إحدى أكبر ائتلافات الألوية الثورية وأكثرها حيادية بالتدخل للفصل بين الأفرقاء المحليين المتحاربين. وبسبب انخراط ألوية ثورية في المفاوضات، غالباً ما كان الحد الفاصل بين الوساطة والعمليات العسكرية ضبابياً. ففي صراع الزوارة، أصبح لواء مرسى مصراتة في الصورة بعد دخول ألوية زوارية واقتحامها لريغدالين والجميل، البلدتين المجاورتين، وذلك في 4 تشرين أول. وقامت القوات الزنتانية بالشيء نفسه عندما اندلع قتال في 14 تشرين الثاني بين مدينة الزاوية الساحلية والبلدات المجاورة لها. وكان الدافع لهذا السلوك التصالحي إمكانية انتكاس هذه البلدات المعسكرة حديثاً ودخولها في صراع مسلح. وقال رئيس جلس الزنتان العسكري:
إن الحرب المقبلة في ليبيا، إذا ما حدثت، لن تكون بين ايديولوجية موالية للقذافي وأخرى ضدها، وإنما ستكون بين المجتمعات. لذا عليك العمل بجد للحفاظ على الانسجام والتجانس. فعبر المنطقة الغربية، الأمر ليس كما لو أننا كزنتانيين سنمضي لنفرض أنفسنا عسكرياً على هذه الأماكن. هم ينادوننا؛هم يعلمون بأنه يمكننا أن نكون قوة توازن في التوسط في القضايا المحلية. هذه أيضاً تقاليد قبلية؛ عندما تجد إخوتك في ضائقة ولديك القوة لمساعدتهم فإنك لا تتجاهلهم.
لقد سمح تشكيل قوات درع ليبيا للائتلافات الثورية، من نواح عدة، الاستمرار بجهودها –  كائتلافات رئيسة حددت دائماً وبصورة لا تتغير، حتى الآن، تشكيلة وحدات قوات درع ليبيا في مناطقها- رغم أن ذلك يتم بأسلوب أكثر تنظيماً، بتأييد من الحكومة ورئيس هيئة الأركان. وبالتالي، فقد ساعدت قوات درع ليبيا على إحداث اتفاقيات هدنة في صراعات مجتمعية عنيفة اندلعت ما بين شهريْ شباط  ونيسان 2012. وبأوامر من رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة، أقحمت قوات درع ليبيا نفسها، فعلياً، بين المجتمعات المتحاربة ووفرت الأمن لوجهاء محليين دخلوا الأحياء المتعاركة للتفاوض مع الجماعات المسلحة.
وكقوة عسكرية، واجهت قوات درع ليبيا عوائق ضخمة، تسببت بها الولاءات المنقسمة والافتقار للانضباط. فجهودها في زوارة، تحديداً، كانت فوضوية؛ وتم تعليق مهام نائب القائد، بما أنه كان أيضاً رئيس مجلس زوارة العسكري الذي كان متورطاً في القتال الدائر؛ وانهارت الاتصالات بين قوات درع ليبيا والمقاتلين الزواريين بما يتعلق بالهدنة؛ ومع عجز رئيس مجلس زوارة العسكري عن السيطرة على ألويته أصبحت قوات درع ليبيا تحت مرمى نيران ثقيلة بحيث كان عليها الانسحاب. نتيجة لذلك، كانت اتفاقيات الهدنة ممكنة بسبب حجم الخسائر المطلق والإجهاد الحربي الذي يعانيه أحد الجانبين أو الآخر. وقال القائد الجنوبي لقوات درع ليبيا عن هدنة سبها،' لقد توقف القتال فقط عندما تعب كل فريق من قتل الفريق الآخر'.
فضلاً عن ذلك، ورغم أن بعض قادة قوات درع ليبيا ينتمون إلى مجتمعات مجاورة محترمة وأصبحوا منخرطين في جهود الوساطة، فإن الحال لم يكن كذلك دوماً، وحتى عندما كان فإنه أنتج نتائج مختلطة. ولهذه الأسباب مالت الألوية الثورية للعمل مع الوجهاء واحداً تلو الآخر. فقد توسط المفتي الأعلى وعضو المجلس المحلي لطرابلس الشيخ صادق الغرياني، في الزاوية. وبأسلوب مماثل، وبعد معركة قصيرة بين لواء سوق الجمعة وبني وليد في 24 تشرين الثاني، انخرط الوجهاء الزنتانيون وقادة الثورة في محادثات تسوية مع بني وليد حول فترة زمنية تمتد شهرين بهدف التوصل إلى اتفاق بخصوص من الذي يتحكم بالمجالس المحلية والعسكرية.
ما أن انتهت الأعمال العدائية حتى تعقدت مسألة استمرار اتفاقيات الهدنة بسبب الجيش والبيئة السياسية المنقسميْن. نظرياً، استدعى رئيس هيئة الأركان قوات درع ليبيا لتنفيذ الهدنة؛ فالجيش، نظرياً، كان ليتدخل عندها ويدير منطقة عسكرية. أما الواقع فكان مختلفاً إلى حد بعيد. أولاً، كان الجيش مجبراً، بشكل دائم تقريباً، على تبني وضع أقل حزماً، تعيقه معنوياته الهابطة، عديده غير الكافي والنقص في الإمدادات. ثانياً، غالباً ما لازمت قوات درع ليبيا الجيش، فالاثنان يتعايشان ضمن المجال التشغيلي نفسه. وقاموا بذلك بأوامر منقوش، ظاهرياً، لكن من دون تعاون كبير أو اتصالات مع وحدات الجيش على الأرض، الذين لم يكونوا يثقون بهم؛ إذ كانت عملياتهم اليومية تتخطى سيطرة رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة. 
كانت النتيجة عدم كفاءة، وغالب الأحيان عجزاً على الحفاظ على السلم. ففي سبها، استولت قوات درع ليبيا – بقيادة سبهاوي محلي محترم- على القاعدة العسكرية للبلدة، تاركة للجيش التعامل مع مدرسة لحفظ القرآن. وشكا قائد منطقة سبها العسكرية بمرارة، ملقياً اللوم على  وزير الدفاع الجويلي لتفويضه قوات درع ليبيا ولعجزه عن السيطرة على وحدات حرس الحدود العاملة في حقول النفط القريبة وعلى الحدود الجنوبية قائلاً:
أنا، وبصدق، لا أعلم ولا أستطيع أن أفسر ما الذي يفعله الجويلي على الأرض. إنه يسمح لهذه القوات بالعمل ولا يبذل جهداً لتركيزهم تحت سلطة واحدة. أنا لا أعلم اللعبة التي يلعبها.
للتعويض عن القصور والعجز الموجود، مال القادة إلى بناء تحالفات مع قوى على الأرض، ما عقد بدوره الصورة أكثر. ففي سبها، على سبيل المثال، كان تنفيذ الهدنة بيد وحدة للجيش مشكلة، بشكل رئيس، من القوات الخاصة ( وحدة مركزها بنغازي). ومع افتقارهم للقوة البشرية فقد طلبوا دعم المتطوعين من الجماعات المسلحة التابعة لقبيلتيْ ورفلة وأولاد سليمان؛ وبسبب نقص التجهيزات، كان عليهم استعارة سيارات وأسلحة من جهات محلية فاعلة حصلت عليها من السوق السوداء إبان ثورة 2011. حتى أن البعض بحث بين القمامة على فضلات معدنية لاستخدامها كأجهزة تثبيت لمدافع من عيار 14.5 ملم.
يمكن للآثار أن تكون أكثر إهلاكاً. فإيمان التيبو بحيادية الجيش كان قد تزعزع بالكامل بسبب مشهد القوى المحلية العاملة معه- بعضهم ممن كانوا قد حاربوهم في أوائل نيسان 2012، بحسب زعمهم. إذ قال أحد المستشارين التيبو المحليين، ' نحن سعداء بأن بنغازي هنا – قاصداً، بصورة مؤثرة، البلد المنشأ للقوات الخاصة-  لكننا نعلم بأنهم هنا بصورة مؤقتة فقط'. وكان خوفه من أن تتولى القوى المحلية المتنافسة زمام المبادرة آنذاك. وأضاف ضابط شرطة من التيبو والنائب في إحدى المجالس المحلية قائلاً،' إن أولاد سليمان يناورون خلف خطوط الهدنة المفروضة من الجيش. نحن نفكر بكيفية موضعة قواتنا رداً على ذلك'. لم يكن التيبو وحدهم في تعبيرهم عن القلق الذي يساورهم؛ فالمقاتلون في قوات درع ليبيا الجنوبية لفتوا الانتباه كذلك الأمر إلى عجز الجيش عن  تنفيذ الهدنة. وقاسمهم قائد الجيش المسؤول عن منطقة سبها العسكرية نقص الثقة قائلاً: ' بحسب ما تبدو الأمور، فإن من المحتمل جداً أن تعيد المجالس العسكرية تأكيد ذاتها لأولاد سليمان بعدما يترك الجيش المنطقة'.
كانت النتائج المعاكسة لمحاولات الجيش وقوات درع ليبيا للحفاظ على أمن المجتمعات بدعم محلي أكثر وضوحاً وتجلياً في كُفرا. فبعدما تفاوض وجهاء محليون حول وقف الأعمال العدائية، وبعدما  فصل ائتلاف الألوية الثورية البنغازية بين الأفرقاء المتحاربين، وصل الجيش بعد ثلاثة أسابيع  لإدارة الهدنة. بعد ذلك بوقت قصير، وفي أوائل آذار، قام وزير الدفاع بترتيب نشر فرقة من ائتلاف الألوية الثورية؛ وأصبحت هذه الفرقة إحدى أولى وحدات قوات درع ليبيا. ومن دون قوات شرطة مستقلة، أصبحت وحدة قوات درع ليبيا منخرطة في مسألة الحفاظ على أمن البلدة بفعالية،  والتدخل في مسائل القذف واللصوصية  بين المجتمعيْن التيبو والزوي واعتقال المسؤولين عنها. ونظر الأهالي التيبو للأمر على أنه تعاون مع الجماعات المسلحة الزاوية، ما أدى بهم إلى فقدان كل الثقة بقوات درع ليبيا. في هذه الأثناء، ظل الجيش، الحَكم الحيادي المحتمل، خارج البلدة.
وُصمت قوات درع ليبيا بوصمة عدم الانضباط وبسمعة قائدها وسام الحميد الذي قيل عنه بأن  'رأسه حامي '. وعندما اعتقلت قوات درع ليبيا رجلاً من التيبو في 20 نيسان في نزاع مع الزوي، طوقت قوات من التيبو مبنى المدرسة الذي تتمركز فيه قوات درع لبيا، وسرعان ما بدأت قوات درع ليبيا بإطلاق النار عليهم مباشرة. ورغم أن الوجهاء تفاوضوا في نهاية المطاف على هدنة أخرى وبرغم استبدال وسام، فإن غياب قوات شرطة مستقلة – لا الشرطة النظامية ولا اللجنة الأمنية العليا كانتا مستعدتيْن للانتشار هناك، ولم يكن لدى أي منهما عدد  كاف من المجندين المحليين – كان يعني بأن المسألة مسألة وقت فقط قبل أن تنجر قوات درع ليبيا إلى قتال مجدداً. وفي 10 حزيران، أثارت محاولة أخرى لقوات درع ليبيا اعتقال رجل من التيبو جولة جديدة من الأعمال العدائية.
أخيراً، وعبر كُفرا، سبها وزارة، كان للمصالح التجارية المتعلقة بالتهريب اليد الطولى في تفاقم الصراع وأعطى تلك المجتمعات الحدودية حافزاً أقل – وسبباً أكبر للشك-  للعمل مع الجيش وقوات درع ليبيا. وكما الحال مع محاولة القائد العسكري للتيبو عبد المجيد عيسى للسيطرة على الحدود قرب كفرا، فإن المبادرات المتنافسة الصادرة عن مجالس عسكرية محلية والائتلافات الثورية ووزارة الدفاع للسيطرة على المعابر الحدودية والمطارات في زوارة وسبها جعلت اتفاقيات الهدنة وقتية وغير ثا

موقع الخدمات البحثية