أوراق إستراتيجية » استكشاف احتمالات التحالف العسكري الروسي ـ الصيني

الجزء الثاني... تتمة المقالة

منظمة تعاون شانغهاي

كل من روسيا والصين عضوان في " منظمة تعاون شانغهاي"، التي تعمل كجهاز أمني، أو حتى كشبه تحالف، لمواجهة التهديدات. ويصرّح ميثاق "منظمة تعاون شنغهاي" عن هدفين من أهداف المنظمة الرئيسة كالتالي: " لتعزيز الثقة المتبادلة، الصداقة وحسن الجوار بين الدول الأعضاء، ولتشجيع التعاون الدفاعي المتبادل من بين مجالات أخرى. ففي البند الثالث من الميثاق، مجالات التعاون مرسومة وفي حين يتم ذكر "مواجهة الإرهاب، حركات الانفصال، والتطرف" وجهود مكافحة المخدرات، فإن الدفاع المتبادل غير مذكور. وبالرغم من عدم ذكره، فإن المادة 3 تترك الباب مفتوحاً أمام هذا الاحتمال بما أن أعضاء منظمة تعاون شانغهاي قد "يوسعون" مجالات التعاون باتفاق متبادل.
الاحتمال موجود بحيث أن ميثاق منظمة تعاون شانغهاي كما هو منصوص عليه غامض بشكل متعمد لإحباط أية جهود لدول أخرى بغرض تشكيل تحالفات مضادة للدول الأعضاء في منظمة تعاون شانغهاي، أو تعكس حدة انخراط هذه الدول فيها. والأمر لا علاقة له بأن منظمة تعاون شانغهاي لا تصرح بشكل خاص بأنها عبارة عن تحالف دفاعي في الواقع؛ بل إنها تعتمد على كيفية عمل وتصرف الدول. فقبل تشكيل منظمة تعاون شانغهاي، عقد بوتين ، الرئيس الروسي آنذاك، والرئيس الصيني جيانغ اجتماع قمة في 18 تموز، 2000 وكان هذا اجتماع الصينيين الأول معبوتين كرئيس، إنما القمة الروسية- الصينية الثامنة بالإجمال منذ العام 1992. وفي اجتماع مع الصحافة الصينية بعد القمة، قال بوتين، " الصين شريك روسيا الاستراتيجي والرقم واحد في أولويات السياسة الخارجية".
شرعت منظمة تعاون شانغهاي بعدد من التدريبات العسكرية على مدى السنوات العديدة الماضية، والتي جمعت جيوشاً من روسيا، الصين وجمهوريات آسيا الوسطى لتحسين الجهوزية والفاعلية العسكرية. وكانت هذه التدريبات دليلاً عملياً على أن منظمة تعاون شانغهاي هي أقرب ما تكون إلى تحالف أمني إقليمي منه إلى منظمة اقتصادية إقليمية. حتى تاريخه، كان للصين وروسيا تدريبات عسكرية بينهما أكثر مما كان لدي أي منهما مع الولايات المتحدة. هذا الأمر هام لأن كلا البلدين يتعلمان كيفية دمج قواتهما، وكيفية التعامل مع قضايا التحكم والسيطرة، الانكباب على معالجة نقاط الضعف عند بعضهما وتكملة نقاط القوة عند بعضهما أيضاً. وقد أصبح جيشهما أقرب لبعضهما ويتعلمان الكيفية التي يحارب فيها كل منهما، في الوقت الذي يبقيان على مسافة من الجيش الأميركي. كما يمكن أن يقود ذلك إلى صداقة حميمة بين الجنود والضباط ما يؤدي إلى أن ينظر كل من الجنود الروس والصينيين نظرة حليف لبعضهم البعض أكثر فأكثر. من جهة أخرى، إن الولايات المتحدة تفوت على نفسها فرصة هامة في غياب التدريبات العسكرية الروسية- الأميركية و الصينية – الأميركية.
إن قدرات القوة الشديدة لمنظمة تعاون شنغهاي مبينة في الرسم البياني أدناه، الذي يرسمويحدد عدد العاملين في الجيش وسلاح الجو لكل دولة عضو في المنظمة. ولدى الصين الأكثرية الساحقة من قوات الجيش المتوفرة والتي تمثل 79% من مجموع القوات. أما روسيا فتأتي بالمرتبة الثانية حيث تشكل 15% من مجموع عدد القوات المسلحة. أما الأعضاء الآخرين فبالكاد مسجلين في الجدول. وهذه الأعداد لا تشمل سلاح الجو بما أن بعض الدول الأصغر حجماً ليس لديها قوات بحرية ثابتة. كما لا تتضمن الترسانة النووية لنفس السبب.

الرسم 1. القوة العسكرية للدول الأعضاء في منظمة تعاون شانغهاي
 
إن إضافة الأسلحة النووية والصواريخ الاستراتيجية إلى القدرات العسكرية للدول الأعضاء في منظمة شانغهايينتج عنه تكافؤ أكبر ضمن منظمة تعاون شانغهاي. فروسيا لديها 430 صاروخ بالستي استراتيجي عابر للقارات ( ICBMs) مقارنة مع الصين التي تملك 46 من هذه الصواريخ الاستراتيجية. إضافة لذلك، لدى روسيا 1605 رأس نووي، في حين أن ترسانة الصين من هذا السلاح أقل من 1000 رأس. أما الدول الأصغر حجماً في منظمة تعاون شنغهاي فلا تملك أسلحة نووية استراتيجية وبالتالي فهي تظهر خصائص الإمعية والالتحاق بالقافلة. فمع وجود قوتين عظمتين مهيمنتين، لم يكن لدى هذه الدول من خيار كبير آخر عدا العمل ضمن إطار عمل التحالف.
الرسم البياني الثاني يبين القوة العسكرية للدول الأعضاء في منظمة CSTO ( بما يتعلق بعدد العاملين في الجيش وسلاح الجو مجدداً).
الرسم 2. القوة العسكرية للدول الأعضاء في منظمة CSTO


بما أن تحالف CSTO يستثني الصين، فإن روسيا هي القوة المهيمنة، لكن مع توازن أكثر مما هو لدى منظمة تعاون شانغهاي. إذ توفر روسيا 60 بالمئة من الطاقة البشرية للتحالف، في حين تعتبر بيلاروسيا الثانية في الترتيب بنسبة 12 بالمئة . وتحتكر روسيا بشكل مطلق الصواريخ الاستراتيجية والرؤوس النووية، كما تحتكر تقريباً القدرات البحرية. إن الفرق بين المنظمتين هو عضوية الصين في منظمة تعاون شانغهاي، وعضويةأميركا وبيلاروسيا في CSTO.
بعد شهر آب 2008، والغزو الروسي لجورجيا البلد المجاور، الأمر الذي لم تدعمه منظمة تعاون شانغهاي، اتخذت روسيا خطوات لعسكرة منظمة CSTO على نحو متزايد. ففي شباط 2009، صاغ رؤساء الدول الأعضاء في منظمة CSTO مسودة اقتراح لـ " قوة تفاعل سريع"RRF)) مؤلفة من 16000 جندي، نصفهم من الروس، في حين توفر كازاخستان ربع الباقي، تاركين الربع الآخر للدول الأعضاء الأخرى كي تملأه.
إن لهذا الترتيب تأثير علىمنظمة تعاون شانغهاي حيث أن عضوية الدول تتداخل، وبالتالي ستكون كازاخستان أو الدول الأصغر المشابهة مضغوطة بشدة لتقديم التزامات مشابهةلمنظمة تعاون شانغهاي تتعلق بالجنود. مع ذلك، فإن مساهمات هذه الدول لا تزال هامة، تحديداً لأنها توفر مناطق عازلة عبر آسيا الوسطى، بين روسيا والصين، وبين أنظمة في الشرق الأوسط. كما توفر هذه الدول مكاسب اقتصادية، تجارية وموارد طبيعية. وفي حين قد تعتبر قواتهم العسكرية المحدودة قوة عسكرية رمزية، فإن بإمكان روسيا والصين، ولغايات ديبلوماسية وسياسية، الزعم بأن هذه الدول حليفه لهما، وبالتالي تدعم نفوذها وقوتها أيا تكن ضمن المجتمع الدولي.
تقوم الدول الأعضاء في منظمة تعاون شانغهاي بالتدريبات العسكرية. وهناك مثال حصل في الآونة الأخيرة في شباط 2010، عندما انضمت الصين وروسيا وكازاخستان إلى تدريبات عسكرية تحت عنوان مناورات ضد الإرهاب. وتشكلت التدريبات من 400 جندي صيني، 400 جندي روسي، و3000 جندي كازاخستاني. ويعكس عدد الجنود الكازاخستانيين، جزئياً، واقع القيام بالتدريبات في كازاخستان، لكنه يعكس أيضاً حاجة منظمة تعاون شانغهاي لتقديم نفسها على أنها أكثر من مجرد منظمة للمصالح الروسية والصينية. إذ يتم إعطاء الدول الأعضاء الأصغر في المنظمة فرصة تلقي المساعدة من خلال تقاسم العبء، في الوقت الذي يتم فيه التقليل من التأثير والنفوذ الروسي والصيني.
في كل الأحوال، الواقع هو أن الصين هي القوة الاقتصادية والعسكرية المهيمنة داخل منظمة تعاون شانغهاي في حين تظل روسيا القوة الرئيسة في منظمة CSTO. بإمكان القوتين التشارك بتحالف طالما أنهما لا يتقاتلان للسيطرة عليه. بإمكان روسيا عرض عضلاتها ضمن منظمة CSTO وأعضائها من دول آسيا الوسطى الصغيرة، لكنها لا تفعل ذلك مع الصين حول بعض القضايا في منظمة تعاون شانغهاي. إذ بإمكان نظرية اللعبة، المطبقة بشكل سليم، أن تحدد كيفية عمل روسيا والصين، صاحبتيْ التاريخ المتقلب، ضمن هيكلية تحالف ما.

المأزق الأمني
المأزق الأمني مفارقة في السياسات الدولية- فكلما حاولت دولة ما زيادة أمنها، فإنها تخفض أمن دول أخرى. ففي المأزق الأمني لدى الدول تخوف من استغلالها الأمر الذي يدفع وبقوة باتجاه المأزق الأمني. فبسبب طبيعة النظام الدولي الفوضوية ( ما يعني عدم وجود سلطة مركزية)، لا تتحمل الدول، ولا يمكنها تحمل، الثقة ببعضها البعض. وبالتالي، فإن المأزق الأمنيأمر من الصعب على الدول تجنبه؛ ما أن تزيد نفس الدول من مستويات أمنها، حتى تشعر دول أخرى بعدم الأمان أكثر وتعمل على زيادة أمنها الخاص وتتكرر الدائرة. فالدول التي ترغب بتشكيل تحالف تواجه مأزقاً أمنياً، المتجسد على أفضل وجه بلعبة مأزق السجين. فقد استخدم "غلين سنايدر" المجموع الايجابي لألعاب N-person ، كمأزق السجين، لتحديد تشكيل وبنية التحالف في القرن التاسع عشر.
 إن مأزق السجين هي لعبة المجموع الايجابي حيث يؤخذ سجينين إلى غرفتيْ استجواب منفصلتين، حيث يتم إعطائهم خيارات مختلفة تقدم العرض والمكافأة. فإذا لم يعترف أحد السجينين، فإنه يخاطر "ببيعه" من قبل حليفه بالغرفة الأخرى. وإذا ما اعترف، والسجين الآخر اعترف أيضاً فإنه يخاطر بالذهاب إلى السجن مع اعترافه. في كل الأحوال، إذا اعترف أحد السجينين والآخر لم يفعل، عندها قد يكافئ السجين المعترف بعقوبة مخفضة. في كل الأحوال، وإذا لم يعترف أي منهما، عندها قد يكافأ كلاهما بالحرية. ولا يعلم أي من السجينين ما الذي سيفعله الآخر، وبالتالي فإن هذا يعتبر مأزقاً. والوضع هنا هو نفسه إلى حد كبير بالنسبة لتشكيل التحالف، لأن " من يصطف مع ما ينتج من عملية المساومة هو غير محدد نظرياً".
هناك جزءان للمأزق الأمني في تشكيل التحالف. يبدأ الجزء الأول عندما تحدد الدول ما إذا كانت ستنضم لتحالف أو لا. ففي نظام متعدد الأقطاب، لدى الدول الخيار بالانضمام إلى تحالفات. فمخاطر ومكاسب الانضمام أو عدمه لأي تحالف مفترض يمكن أن يتوضح في مأزق السجين. إن الجدول أدناه يظهر أربع تحالفات في أوراسيا يمكن لدولة ما في المنطقة الانضمام إليها بشكل محتمل، مع بعض التحذيرات؛ فمنظمة "الأمن الأوروبي والسياسة الدفاعية" (ESDP)، وهي الذراع الأمنية الجماعية للإتحاد الأوروبي، مشروطة بالعضوية في الاتحاد الأوروبي ويتطلب وجود معايير معينة من أعضائها بما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكل تحالف دولة مهيمنة، قوة عظمى، ويتواجد في مناطق تتداخل أحياناً مع تحالفات أخرى. إن أية دولة أخرى عضو في هذه التحالفات سيكون عليها الالتحاق بالقافلة مع دول أكثر هيمنة.

الجدول 2. خيارات التحالف بالنسبة للدول الأوراسية

ESDP
المنطقة: دول الاتحاد الأوروبي
الدول المهيمنة: فرنسا، بريطانيا
SCO
المنطقة: روسيا
الدول المهيمنة: روسيا، الصين
NATO
المنطقة: أوروبا ومنطقة شمال الأطلسي
الدولة المهيمن: الولايات المتحدة الأميركية
CSTO
المنطقة: الإتحاد السوفياتي السابق
الدولة المهيمنة: روسيا

لدولة المهيمنة: روسيا


إذا ما انضمت دولة ما إلى SCO فإنها تنال عندها مكاسب ومكافآت من ذلك التحالف، لكنها تتحمل وتجلب لنفسها أيضاً مخاطر أن يوازنها تحالف مضاد من الـ NATO و ESDP. وبطريقة مماثلة، فإن العكس قد يكون صحيحاً إذا ما انضمت دولة ما إلى الـ NATO أو ESDP. إن تحديد تشكيل أو الانضمام لبنية تحالف ما موجود أم لا يشتمل على عملية مساومة قريبة من لعبة مأزق السجين أو تماثلها. فعلى الدولة أن تزن ثمن الانضمام ومكاسبه من دون معرفة نتيجة قرارات الدول الأخرى بالقيام بالشيء نفسه. إن مخاطر التخلي أو الوقوع في الفخ مخاطر حقيقية، تماما كما هي مكافآت الحماية حقيقية.
الجزء الثاني من مأزق التحالف هو بعد تشكل التحالف، إذ على الدول أن تحدد الكيفية التي تريدها في ثبات التزاماتها وقوتها، إضافة إلى التخلي المحتمل من قبل الحلفاء وقت الحاجة. أما المثال عن التخلي في منظمة CSTO فهو في غزو روسيا لجورجيا. فمع احتمال مواجهتها السقوط في فخ التزامات أكبر في التحالف، رفضت الدول الأخرى في منظمة CSTO تأييد الغزو الروسي. وبالتالي، فقد شعرت روسيا بالتأثير العكسي لهذا العمل ، تخلي الحلفاء عنها.
لا يمكن حل مشكلة المأزق الأمني حقاً أبداً بما أن الحالات الطارئة وأسباب تشكيل التحالفات ديناميكية، إلا أن تشكيلات التحالفات تمنح الدول التخفيف من حدة بعض مخاطر المأزق الأمني، بما أن هناك مكافآت ومكاسب للاضطلاع بالمخاطر. وبالتالي، وعندما يتعلق الموضوع بمنظمة تعاون شانغهاي ( SCO)، فإن على كل دولة من الدول أن تتأكد وتتحقق مما إذا كانت مكاسب الانضمامتفوق كلفته.
إن لعبة مأزق السجناء مرتبطة كأكثر ما يكون، بحسب ما هو شائع، بعاملين ينص عليهما الجدول رقم 3. في كل الأحوال، قد تكون هناك استراتيجيات أخرى موظفة من قبل دول وتشمل: الجبان، البطل، القائد، الحامي، المستأسد، وكبير الفتوة. ومع الغموض المنتشر للغاية ضمن نظام المجتمع الدولي، لا يمكن لدولة أن تكون متأكدة بمن تثق. بالواقع، بإمكان الحلفاء الموثوقين حتى أن يكبحوا أعمال دولة ما، كحالة بريطانيا وهي تكبح الولايات المتحدة في الهند- الصينية في العام 1954. مع ذلك، وإذا ما اعتبر الأمر مفضياً لمصالح دولة في تعاونها مع دولة أخرى في التحالف وبأن مكاسب هكذا ترتيب تفوق كلفته، فلا شك بأن الدولة ستستغل الفرصة وتتحالف مع الدولة الأخرى.
الجدول رقم 3. لعبة التعاون بين لاعبين

CC
التعاون المتبادل
CD
الفاعل B يبلغ هدفه 
 DC
الفاعل A يبلغ هدفه
  DD
انشقاق متبادل

العنوان التفسيري: الفاعل A: C: الاستراتيجية التعاونية، D: الانشقاق ( الاستراتيجية اللا تعاونية)
الفاعل B: C: الاستراتيجية التعاونية، D: استراتيجة الانشقاق.

في تحديد ما إذا كانت الصين وروسيا ستشكلان تحالفاً ما، أو قد شكلتا هذا التحالف، يمكننااستبدال "; البلد A"; بروسيا و"البلد B"; بالصين. إن الغاية من هذه اللعبة ليس فقط تسليط الضوء على المأزق الأمني الذي تواجهه الدول، وإنما للقول أيضاً بأنه في بعض الأحيان وبالرغم من فقدان الثقة، لا تزال الدول بحاجة للاعتماد على بعضها. إذ لا يمكن لأي من الدول أن تكبح وتضبط أعمال لدولة الأخرىباستراتيجة C مع كون استراتيجية CC المزدوجة الأكثر إفادة بالنسبة للاعبين وبشكل متبادل. إن استراتيجية DD ( الانشقاق المتبادل)هي استراتيجية سيتجنبها الفاعلون الحكوميون، إذا ما أراد هؤلاء الاستمرار بكونهم حلفاء، لذا، وبحسب ما هو مفترض، ستجاهد الدول في سعيها للتعاون على حساب التنافس.
الجدول رقم 4. الخيارات الموجودة بالنسبة لروسيا والصين في لعبة التعاون بين لاعبين

 CC
التعاون المتبادل بين روسيا والصين

 CD
الصين تحقق أهدافها 
 DC
روسيا تحقق أهدافها أو تنشق
 DD
انشقاق متبادل



سيكون التحالف قابلاً للحياة فقط إذا ما كانت كلتا الدولتين راضيتين أو لديهما تعاوناً متبادلاً أو إذا ما كانت روسيا أو الصين تحقق هدفها والبلد الآخر لا يعترض. وطالما أن هناك تقاسماً متناسباً للعبء وطالما أن هناك شركاء موثوقين، فينبغي أن يكون هناك مرونة ما بين شركاء التحالف. وهذا يعني بأن لا روسيا ولا الصين ينبغي لهما تحقيق أهدافهما حول كل قضية محددة قد يواجهها التحالف؛ التسوية هي الأساس، وإلا فإن إحدى الدولتين سوف تنشق عن الأخرى.
إن الألعاب التوضيحية التي تم عرضها هنا مؤطرة ، بشكل رئيس، بألعاب من شخصين، وبالتالي تستثني دول آسيا الوسطى الأصغر حجماً. في كل الأحوال، إن دوافع دول آسيا الوسطى للانضمام إلى منظمة تعاون شانغهاي أو الحفاظ عليها قد تكون مختلفة بشكل ضئيل عن تلك التي لقوى عظمى، وسيتم بحثها بالتفصيل في القسم التالي. إن هيمنة القوة والنفوذ تظل بيد روسيا والصين، وبالتالي فإن لعبة الشخصين مناسبة لفهم تفاعلاتهما.
عوامل إضافية
هناك اعتبار آخر ينبغي أخذه بالحسبان وهو التكون الإيديولوجي للتحالف. إذ يصرِّح " والت" قائلاً بأن البلدان التي لديها وجهات نظر إيديولوجية متشابهة تميل للتحالف مع بعضها البعض. وتتقاسم الدول الأعضاء في منظمة تعاون شانغهاي تطلعات إيديولوجية متشابهة وقيماً مشتركة حيث أن حكومات هذه الدول غير ديمقراطية بمعظمها. وتميل منظمة شانغهاي إلى تعزيز معايير غير ديمقراطية بين أعضائها،كما وأنه لم تصبح الدول الديمقراطية أعضاءً كاملين حتى الآن؛ في كل الأحوال، الهند دولة بصفة مراقب في المنظمة، برغم علاقة التوتر التاريخية لها مع الصين.
الهند دولة بصفة مراقب في المنظمة بسبب روابطها الوثيقة من روسيا، ولديها مصالح استراتيجية أساسية في آسيا الوسطى ( مثال على ذلك أفغانستان، قضايا الطاقة). وقد شجعت روسيا الهند على الانضمام إلى المنظمة كعضو كامل. في كل الأحوال، الصين مترددة بدعم الهند كعضو في المنظمة وذلك عائد، جزئياً، إلى العداوة التاريخية بين البلدين، وواقع تفضيل الصين انضمام باكستان كعضو كامل. إن وجود باكستان والهند كعضوين في منظمة أمنية هو موقف يتعذر الدفاع عنه نظراً لأن التوترات بين البلدين لا تزال مرتفعة للغاية.
هناك جانب آخر لتشكيل تحالف منظمة تعاون شانغهاي وهو " التوازن المحيطي"؛نظرية حول اصطفاف العالم الثالث ابتكرها " ستيفن ديفيد" الذي شعر بأن نظرية توازن القوى غير كافية لتفسير سبب اصطفاف بلدان العالم الثالث بالكامل ( ما يعني القوى الغير عظمى). فالتوازن المحيطي يستفيد بالفعل من بعض جوانب نظرية توازن القوى إضافة إلى أنه يعترف بالنزاع الداخلي الذي تمر به بلدان العالم الثالث لتفسير اصطفافاته بشكل كامل أكثر. فقادة دول العالم الثالث ذات الجيوش الصغيرة الحجم والقوة الإجمالية الأقل لن تقرر بالضرورة التوازن ضد قوة أو تهديد ما. بدلاً من ذلك، من الأرجح أن تقرر هذه الدول التوازن مع دول أكثر قوة منها والتي تعتبر" أعداء ثانويين"، مما يسمح لدول العالم الثالث الاستفادة من موارد ضد أعداء رئيسيين.
سوف تسعى دول العالم الثالث إلى تهدئة هذه التهديدات للتركيز على التهديدات الخارجية والداخلية، التي يمكن لكل منها أن تكون مصدر تهديد رئيس لهؤلاء القادة. فلأجل الاستمرار في السلطة سيصطف هؤلاء القادة مع الدول التي تسمح لهم بالتعامل على أفضل نحو مع التهديدات الداخلية. أما في حالة منظمة تعاون شانغهاي، فإن الدول الأعضاء الأخرى عدا روسيا والصين قد تستفيد من عضويتها في التحالف للتوازن محيطياً في مقابل تهديدات مباشرة أكثر.على سبيل المثال، قد تكون أوزبكستان بظل قيادة إسلام كريموف أكثر قلقاً وتوجساً من صعود المقاتلين الإسلاميين داخل أوزبكستان. قد تكون القضية أن القيادة تتخوف بشكل مفرط من النفوذ الروسي أو الصيني، لكن التهديد المباشر والأكبر يأتي من مسلحين إسلاميين أو ربما من حركة ديمقراطية طرية العود. إن موارد أوزبكستان المحدودة تعني بأن ليس بإمكانها التصدي لكل التهديدات المحتملة التي قد تواجهها، لذا فإن التهديد أو التهديدات الرئيسةينبغي التعامل معها في المقام الأول ( أي تلك التي لها عواقب مباشرة على بقاء النظام: خاصة ثورة أو انشقاق داخلي). بالتالي، تبرر أوزبكستان اصطفافها مع روسيا والصين.
إن نموذج السلوك هذا مشابه جداً لمسألة الإمعية، أو الالتحاق بالقافلة، مع اعتبارات أخرىفي المسرحية تشمل القرب الجغرافي لروسيا والصين، التكوين الإيديولوجي المتشابه للأنظمة، والروابط التاريخية. في كل الأحوال، إن تلك العوامل الأخرى قد لا تأخذ بالاعتبار رغبة أوزبكستان بفرض استقلال القوى العظمى أو منها. فالاصطفافات ليست دائمة وتأتي مع محاذير، لذا فإنه عند تحديد شركاء التحالف، قد لا تكون الدول الصغرى مدفوعة بمفهوم التهديد، أو توازن القوى كما يكون حال الدول الأكثر قوة. بدلاً من ذلك، فإن حدثاً تشكيلياً عادة ما يكون المحفز لهذه الدول الأصغر حجماً ، وبالتاليالأضعف، لتشكيل التحالف.
عند درس موضوع التحالفات ينبغي للدول أن تأخذ بالحساب مسألة القطبية ضمن النظام الدولي. إن عدداً من هذه الفرضيات مبني على أساس نظام متعدد الأقطاب، لكن اعتماداً على الكيفية التي يرى فيها المرء الولايات المتحدة فإن فرضية تعدد الأقطاب ضمن النظام الحالي قد لا تكون صالحة. ويشرح " والت" في مقالته حول التحالفات في عالم أحادي القطب فيقول بأن الدول الأضعف لديها بالأساس، ثلاث خيارات: " التحالف مع بعضها البعض ضد قطب أحادي، الاصطفاف مع قطب أحادي كملتحق بالقافلة بشكل أساسي، أو البقاء على الحياد".
في حقبة ما بعد الحرب الباردة، أصبح من الواضح بأن الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة؛ وسواء كان ذلك معادلاً لهيمنة أحادية القطب أو هيمنة عالمية أو لا فإنه كما قال والت أمر محل خلاف وقابل للنقاش. أما ما هو غير قابل للنقاش فهو أن الولايات المتحدة لديها قوة إجمالية ضمن المنظومة الدولية أكبر من تلك التي لروسيا والصين. فقد اتخذت كلتا الدولتين إجراءات لمواجهة القوة والنفوذ الأميركي، وقد أصبحتا أقرب إلى بعضهما نتيجة لذلك. إن منظمة تعاون شانغهاي هي مثال واحد فحسب عن هذا التعاون. إضافة لذلك، وقعت كل من روسيا والصين اتفاقاً في كانون أول 1992 للتعاون حول مسائل عسكرية- تقنية، وذلك بعد عام واحد من انهيار الاتحاد السوفياتي. وقد انتهى الاتفاق بتزويد الفدرالية الروسية الصين بكمية من العتاد العسكري أكبر من تلك التي لدول أخرى مجتمعة، مع وصول مبيعات الأسلحة إلى أكثر من مليار دولار سنوياً. هذه المبيعات كان الدافع إليها الوضع الاقتصادي الروسي في نفس هذه الفترة. فضلاً عن ذلك، أثبتت المبيعات أصبحت العلاقة الصينية- الأميركية متوترة بعد الحرب الباردة مباشرة. وذلك عائد، جزئياً، إلى التوترات بسبب مجزرة ساحة Tiananmen في العام 1989، وإلى انهيار الاتحاد السوفياتي. إضافة لذلك، قد تكون قضية تايوان هي ما سيجعل العلاقة متوترة أكثر في المستقبل. هذا التوتر في العلاقات يعكس التغييرات التي حدثت في المنظومة الدولية بعد انتهاء " الثنائية القطبية". فكل من روسيا والصين تتحدثان عن عالم " متعدد الأقطاب" عندما تجريان حواراً وبالكاد يعترفان بالهيمنة الأميركية. إذ ترغب روسيا والصين، وهذا واضح، بالتوازن مع القوة الأميركية، لكن ما ليس واضحاً هو ما إذا كانت كلتا القوتين تعتبران الولايات المتحدة تهديداً ينبغي القيام بتوازن في مقابله ( والت) أم أنهما تجريان توازناً بالغريزة وكرد فعل طبيعي ضد دولة أكثر قوة منهما ( والتز).
يبدو واضحاً من الأعمال والتصريحات الروسية بأنها لا تزال تعتبر الولايات المتحدة تهديداً وبأن روسيا مستمرة بالقيام بالتوازن ضدها. هذا الأمر سيطيل توجه التوازن الناعم الذي بدأ مباشرة بعد نهاية الحرب الباردة بين قوى الصف الثاني، بما فيها روسيا والصين، بحسب ما قالThazha Varkey Paul, .إن التوازن الناعم يحول دون تشكيل تحالفات عسكرية بنظر بول. فالتوازن الناعم تقوم به الدول غالباً بسبب الطبيعة الليبرالية للهيمنة الأميركية؛ فالدول الغير ليبرالية كالصين أو روسيا لا يمكنها أن تحمل الدول الليبرالية على الانضمام إليهما في عملية التوازن، ومعظم الدول الليبرالية لا ترى بالولايات الأميركية تهديداً.عن عدم استعداد من جانب كل من روسيا والصين للقيام بصفقات ومعاملات مشابهة مع دول غربية، كالولايات المتحدة.
إن غياب مؤسسات إقليمية متعددة الجنسيات في آسيا يشجع أيضاً على التوازن الناعم. هذه المؤسسات غير موجودة كالمؤسسات الموجودة في أوروبا مثلالناتو أو الاتحاد الأوروبي، ما عدا ما يتعلق بتجربة " منظمة معاهدة جنوب شرق آسيا"( SEATO) القصيرة الحياة. فبدلاً من الاعتماد على منظمات متعددة الجنسيات فقط، طورت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية روابط ثنائية أيضاً مع دول في آسيا مثل كوريا الشمالية، اليابان، تايوان، وجنوب فييتنام. وفشلت منظمة SEATO باكتساب الجاذبية بما أن الدول الأعضاء كانت دولاً ضعيفة نسبياً – لقد كان عدم توازن القوى كبيراً جداً بين الولايات المتحدة والدول الأعضاء الآخرين في SEATO.
إذا ما كانت فرضيتا والت ووالتز صحيحتين حول المنظومة الدولية، فإن التوازن القاسي سيحل محل التوازن الناعم بشكل تحالفات عسكرية. بإمكان منظمة تعاون شنغهاي، كتحالف، أن تلعب دورها من جانبها ، لأنها مركبة للأمن الإقليمي في منطقة غياب منظمات كهذه فيها أمر بارز. إن منظمة تعاون شانغهاي تدعم معايير غير ليبرالية، لذا فمن غير المرجح أن تستخدمها أنظمة ليبرالية لتشديد التوازن ضد الولايات المتحدة. مع ذلك، إن منظمة تعاون شانغهاي ناجحة كتحالف بسبب طبيعتها الإقصائية. فهي تعمل كمجتمع أمني أصبح قلعة أمنية بدلاً من أن تكون مصدر دمج، كالاتحاد الأوروبي أو رابطة دول جنوب شرق آسيا ( ASEAN). إن منظمة تعاون شانغهاي تعزز التعاون بين أعضائها فقط إلى الحد الذي توازنفيه ضد تهديدات حقيقية أو متصورة. إذ يتعاون أعضائها في ممارسة التدريبات العسكرية، ظاهرياً ضد الإرهاب، ورغم اختلال التوازن للقوات العسكرية، فإنها تقوم بجهد لتقاسم الأعباء. إضافة لذلك، يحافظ الأعضاء على تشابه إيديولوجي، مقاومة الإصلاح الديمقراطي الذي يخلق أعداء أو تهديدات خارج تلك الدول التي تدفع بتلك الإصلاحات على أعضائها.
إن تصور التهديد عنصر آخر، عنصر هام، يؤثر في المأزق الأمني وفي تشكيل التحالف. وكما أشرنا في الفصل الأول، فإن عنصرين يشكلان التهديد، هما القدرات والنية. فبالنسبة للصين وروسيا كي يتصورا تهديداً ما، ينبغي للدولة المهدِّدة أن تمتلك القدرات لتهديدهما والنية لتفعل ذلك. إن المهيمن في المنظومة الدولية هي الولايات المتحدة، وهي بالتأكيد لديها القدرة لتشكل تهديداً بالنسبة لروسيا والصين.
تعد الولايات المتحدة أكبر دولة من حيث حجم الإنفاق العسكري في العالم. ففي الحسابات الحالية بالدولار الأميركي، يصل حجم الإنفاق إلى 712 مليار دولار بما يتعلق بعام 2009، أو ما نسبته 46.5% من مجموع حجم الإنفاق العسكري العالمي. بالمقابل، يقدر إنفاق الصين بـ 101 مليار دولار أميركي ( 6888.82 مليار يوان) على جيشها بما يتعلق بعام 2009، ومع تقديرات الإنفاق العسكري الروسي بـ 53.5 مليار دولار أميركي( 1.60مليار روبل )، تكون الصين وروسيا في المرتبتين الثانية والخامسة على التوالي في العالم من حيث إنفاقهما العسكري، أي ما مجموعه 5.8 و 4.0 بالمئة من مجموع الإنفاق العالمي، والبعيدان جداً عن الرقم الأميركي.
يوضح الرسم البياني أدناه حصةالبلدان العشر الأوائل بالإنفاق العسكري العالمي. فبالإضافة إلى الولايات المتحدة، يحتل عدد من الدول المهمة الحليفة لأميركاالقائمة ( بما في ذلك الحلفاء في الناتو). هذه البلدان العشرة تشكل ما نسبته 74% من مجموع الإنفاق العسكري العالمي. عند مراقبة القدرات بدقة وملاحظة نظرية والتز التي تقول بأن الدول ستقوم، تلقائياً، بتوازن القوى، يمكنناعندها الاستنتاج بأن لدى الولايات المتحدة قدرة وقوة كافيتين لتحفيز دولاً أخرى على التحالف ضدها.
الرسم 3. النسب المئوية للإنفاق العسكري العالمي للبلدان العشرة الأوائل.
 
في كل الأحوال، هناك حاجة لإظهار النية ليتجلى التهديد الفعلي، وبالتالي فإن الدول ستصطف ضد تهديد متصور بحسب نظرية والت. فغالباً ما يكون من الصعب إثبات النوايا إلى أن يكون قد فات الوقت جداً بالنسبة للدولة المهدَّدة. إن الخط الموجود أدناه يشير إلى مستويات متفاوتة بالعلاقة قد تشعر بها دولة ما تجاه دولة أخرى أو مجموعة من الدول. إن مستوى التهديد يتصاعد تدريجياً كلماتراجعت الدول أكثر عن بناء تحالف.
الرسم 4. طيف العلاقات والتهديدات

حليف ـــــــــ تهديد منخفض ـــــــــ تهديد متواضع ـــــــــ تهديد عالي المستوى ـــــــــ عدو
لا يمكن وصف العلاقات الروسية- الأميركية والصينية – الأميركية الحالية ، على التوالي، بأنها علاقة تحالف، ولا يمكن وصفها أيضاً بالعدائية العلنية والصريحة، لكن ذلك لا يمنعهم جميعاً من التعاون المحدود حول مسائل أمنية محددة أو قضايا معينة في السياسة الخارجية. فللولايات المتحدة أهدافاً سياسية مختلفة عن تلك التي لروسيا والصين؛ فالولايات المتحدة بلد ديمقراطي وترغب، كقضية سياسية، بتعزيز الديمقراطية على امتداد العالم. إن مسألة تعزيز الديمقراطية تتعارض مع الأهداف الروسية والصينية، التي إما هي متناقضة وإما معادية لمسألة تعزيز الديمقراطية. إن أي دفع باتجاه زيادة الأنظمة الديمقراطية، خاصة في مناطق جغرافية قريبة من روسيا والصين ( آسيا الوسطى مثلاً) سيولد مقومة من قبل روسيا والصين.
 إن تعزيز الديمقراطية مثال واحد فقط على التهديد المحتمل الذي تعرضه الولايات المتحدة بالنسبة لكل من الصين وروسيا. فالالتزام الأميركي تجاه تايوان كما بحثنا سابقاً هو مصدر آخر للتهديد ضد الصين بشكل خاص. وهناك مصدر احتكاك محتمل آخر بين الولايات المتحدة والصين وروسيا يتمثل في السعي وراء موارد الطاقة في آسيا الوسطى، أفريقيا، والشرق الأوسط. إن دمج القدرات الأميركية والنوايا الأميركية بالتأثير على أجزاء أخرى من العالم عبر الترويج للديمقراطية أو لضمان الموارد يخلق تهديداً محتملاً بالنسبة لروسيا والصين. فالولايات المتحدة هي بمثابة تهديد كاف لروسيا والصين بحيث أنهما شكلا تحالفاً معاً لكبح القوة الأميركية، برغم التاريخ المتقلب ومصادر الاحتكاك الكامنة المحتملة بينهما.
حالياً، يبدو بأن الصين وروسيا في حالة اتفاق أمني، اتفاق مهتم بتوازن التهديد وتوازن القوى ضمن المنظومة الدولية الفوضوية مع القوة العسكرية. إن احتمال نشوء تحالف صيني- روسي هو احتمال مرتفع جداً كما تحاول هذه الورقة أن تشير. وهذا لا يعني بأن هكذا تحالف بين روسيا والصين سيقود إلى حرب مع الولايات المتحدة أو مع أي من الأعداء المحتملين الآخرين. هذا الاحتمال لا يزال غير مرجحاً. في كل الأحوال، هذا يعني بالفعل بأن على تلك الدول التي يقوم التحالف بالتوازن ضدها أن تأخذ الاتفاق بالاعتبار عند اتخاذ خياراتها الاستراتيجية الخاصة.
إن الصين في موقع فريد الآن، حيث أنها ترى قوتها العسكرية تتصاعد نسبة إلى بعض دول القوى الكبرى والعظمى الأخرى. وبصفتها مركز جاذبية القوى الدولية والتحولات السياسية الجارية ببطء باتجاه آسيا، قد تسعى القيادة الصينية إلى إيجاد شركاء تحالف لتعزيز الأمن الصيني. إن التحالفات جزء لا يتجزأ من بقاء القوى العظمى والأمن، ضمن الطبيعة الفوضوية للمنظومة الدولية، كما تراها نظرية الواقعية البنيوية. وللقيام إما بتوازن التهديد أو بتوازن القوى يبدو من المحتمل أن تسعى الصين للتوازن مع الولايات المتحدة. إن تحالفاً مع روسيا، سيضيف للصين، وهي دولة أضعف قليلاً من روسيا،طبقة إضافية من الأمن ضمن المنظومة الدولية.

الجزء الأول

موقع الخدمات البحثية