أوراق إستراتيجية » حملة أفكار استراتيجية لمكافحة التحديات الإيديولوجية للأمن القومي الأميركي


دوغلاس ج. فيث ( زميل كبير ومدير، مركز دراسات الأمن القومي، معهد هادسون)
وليام أ. غالستون ( رئيس Ezra k. Zilkha وزميل كبير، دراسات الحكم، معهد بروكينغز)
أبرام ن. شولسكي ( زميل كبير، معهد هادسون)
Hascii117dson Institascii117te ( ورقة موجزة / الشؤون الأمنية والخارجية)

 
الحلقة الثالثة والأخيرة

دور الوهابيين
لقد جعلت الإجراءات الناصرية الصارمة ضد الإخوان المسلمين المصريين عدداً من قادتهم ومفكريهم يفرون إلى السعودية، حيث لاقوا الترحيب وتم إدراجهم ودمجهم في النظام التعليمي المتنامي بسرعة في المملكة وبدؤوا تفاعلهم الهام مع التقاليد الوهابية السعودية.
ظهر المذهب الوهابي في منطقة نجد، المعروفة الآن بالسعودية وذلك في منتصف القرن الثامن عشر، وبرزت في البداية عندما عقد محمد بن عبد الوهاب تحالفاً سياسياً- دينياً مع زعيم عشيرة محلية في بلدة درعيا بإسم محمد بن سعود. هذا التحالف عمل كأساس ديني / إيديولوجي لاحتلال وسط شبه الجزيرة العربية ( نجد) من قبل السعوديين وللتوسع أكثر في المنطقة، بما فيه التوسع إلى داخل الحجاز، المنطقة المحيطة بمكة والمدينة.
كان وهاب إصلاحياً دينياً بالأساس، ركز على تطهير الإسلام مما اعتبره تراكمات بمرور السنين. وقد ركز، تحديداً، على أهمية الإيمان بوحدانية الله المطلقة. ففي اعتباره، إن ممارسات من نوع بناء مزار لضريح رجل مقدس يمثل تشويهاً خطيراً لوحدانية الله، لأنه ينطوي على مضمون يقول أن بإمكان العابد أن يصبح أكثر قرباً من الله بوسيلة عبارة عن صفة ما كان يتصف بها رجل مقدس ميت. وكان هذا، باعتقاد وهاب، يمثل إثم عبادة الأصنام أو' الشرك بالله'، ما يعني إشراك شيء ما أو شخص ما بالعبودية لله. وبشكل مشابه، فإن طلب أي شخص المساعدة من غير الله يشكل شركاً بالله، لأن على المرء الاتكال على الله فقط. ووفقاً لديفيد كومينز،مؤرخ مذهب الوهابية، فإن ' قسماً كبيراً من الخطاب الوهابي يركز على وضع قائمة بالأعمال التي تشكل شركاً بالله'.
بسبب انتشار هكذا ممارسات من العبادات الوثنية في العلم الإسلامي في زمنه، بحسب رأيه، فقد اعتقد بأن الإسلام الحقيقي قد أصبح معرضاً للخطر. وأصر على القول بأن ' الإعلان، والفهم، والتأكيد، بأن الله واحد ليس كافياً ليجعل المرء مسلماً'؛ من الضروري أيضاً أن ' ينكر صراحة أي هدف عبادي آخر'. ومن وجهة نظر وهاب، لقد أخفق معظم المسلمين، اسمياً فقط، المعاصرين، لزمنه بالجزء الثاني من الامتحان.
إن ' الحديث' ( النبوي) الحاسم بالنسبة لوهاب يسير هكذا: ' أياً كان الذي يؤكد على أنه لا إله إلا الله وينكر كل أهداف العبادات الأخرى، يحقن دمه، أملاكه ومصيره بالله'. ومن هنا، استنتج وهاب بأن مجرد التأكيد على وحدانية الله ( كما في التأكيد الإسلامي التقليدي على الإيمان) هو غير كاف. وبالتالي، فإن الموقف الوهابيالنمطي السلبي تجاه أي نوع من أنواع التدين الإسلامي لا يعتبر متزمتاً كفاية بما يخص وحدانية الله. إن الصيت الوهابي بخصوص عدم التساهل والتسامح متجذر هنا. فبحسب ما يقول المؤرخ ' كومينز':
إن التأكيد على أن معظم العداء الموجود بين الوهابيين والمسلمين الآخرين يتلخص بهذا التساؤل الوحيد حول ما الذي يحقن حياة المرء ويحفظ أملاكه من الهجوم هو مجرد مبالغة بسيطة.
قدم التحالف السياسي- الديني لوهاب مع محمد بن سعود المبرر الديني لاحتلال ابن سعود وأحفاده معظم شبه الجزيرة العربية. وبعد احتلال السعوديين المدن المقدسة بداية القرن التاسع عشر، كان للإمبراطورية العثمانية رد فعل، فاستعادت الحجاز ودمرت أول نظام سعودي في العام 1818.
 كان للتحالف الوهابي – السعودي حالات صعود وهبوط؛ فالمملكة السعودية الحالية بدأت في أوائل القرن العشرين، عندما أعاد عبد العزيز بن سعود ( والد الملك عبد الله الحالي) احتلال أراضي عائلته الأصلية في نجد وكان قادراً آنذاك، على مر العقود المتتالية، على نشر حكمه على بقية الأراضي المعروفة الآن بالسعودية.
برغم راديكاليتها الدينية، كانت الوهابية تقليدية في جانب هام واحد: لقد احتفظت بالنظرة السنية القديمة بوجوب إطاعة الفرد لأي حاكم، بصرف النظر عن افتقاره للفضيلة والورع، طالما أنه لا يحظر شعائر الإسلام. هذه الرؤية تعززت بسبب طبيعة التحالف الوهابي – السعودي، الذي تعهد فيه الوهابيون بالتحالف السياسي مع العائلة السعودية مقابل الدعم السياسي للأخيرة في نشر عقيدتهم. وكما أشار أحد المراقبين للمشهد الديني السعودي:
كان تجاهل الفكر السياسي الإسلامي سمة المذهب الوهابي منذ بدايته... وبشكل مشابه لحركات القرن الثامن عشر الأخرى، كانت الوهابية مهتمة بالإصلاحات الدينية بدلاً من السياسية.
بظهورها في وسط شبه الجزيرة العربية، وهي منطقة بعيدة عن مراكز الحضارة الإسلامية الكبرى مثل اسطنبول، بغداد، دمشق والقاهرة، ربما كانت الوهابية لتظل تطوراً هامشياً، ما عدا ما خصّّ حدثاً هاماً واحداً: اكتشاف واستغلال حقول النفط في السعودية والبلدان الخليجية المجاورة. لقد مكنت العائدات النفطية من نشر هذه العقيدة على امتداد العالم الإسلامي: تقدر كمية الأموال التي أنفقت على هذا الجهد بـ 70 مليار دولار في العقود الأخيرة من القرن العشرين.

تفاعل الوهابية والإسلاموية
كما أشرنا، إن القمع الذي عانى منه الإخوان المسلمون بظل الحكم العروبي لجمال عبد الناصر في مصر ( وبظل النظام البعثي في سوريا) انتهى بهجرة عدد من أفرادهم إلى السعودية، التي رحبت بهم كحلفاء بما كان ينظر إليه على أنه صراع بين الإسلام التقليدي والأفكار القومية/ العلمانية/ الاشتراكية الشعبية الحديثة. فإلى جانب الإسلام التقليدي جاء مذهبين من مذاهب الفكر معاً – الفاشستية الدينية وعدم التسامح للمذهب الوهابي والرؤية السياسية وطموح الإسلاموية. كان هناك بالواقع نقطتيْ تشابه هامتين: على سبيل المثال، تقاسمت الوهابية وإسلاموية قطب الإعتقاد الراديكالي بأن 'مسلمي اليوم يعيشون ظروف الجاهلية وبذلك فإنهم عبدة أوثان،...'
في كل الأحوال، كان هناك نقطتيْ اختلاف هامتين أيضاً: لقد جعل طموح الإسلاميين السياسي لتحريك العالم الإسلامي ضد التوغل السياسي والثقافي الغربي هؤلاء أكثر تساهلاً وتسامحاً مع المعتقدات والممارسات الإسلامية التقليدية: فمن وجهة نظرهم، إن الإنكار الصريح للعقيدة الإسلامية فقط كاف لجعل المرء مرتداً. فضلاً عن ذلك، وفي عملية بناء القوة السياسية الإسلامية لأجل هذا المجهود، بالإمكان استعارة أشكال أخرى من المعرفة بكل حرية.
من جهة أخرى، لقد اعتبرت الوهابية ممارسات ومعتقدات المسلمين الآخرين ' النجسة'(خاصة العثمانيين) بمثابة التهديد الرئيس للسداد الديني. وكونهم أقل اهتماماً بخصوص تحريك المسلمين ضد الغرب، فإنهم لا لم يروا حاجة كبيرة إلى استغلال التكنولوجيا الغربية؛ بالواقع، وفي أواخر عام 1965، خلقت مسألة تقديم التلفزيون للسعودية جدلاً هائلاً، جدل أدى، وبشكل غير مباشر، إلى اغتيال الملك فيصل في العام 1975.
في جميع الأحوال، احتفظ العلماء الوهابيون الرسميون ( هيئة الباحثين الإسلاميين المعترف بهم على أن لديهم المعرفة المتخصصة بالقانون والدين الإسلامي) بولائهم للملكية السعودية، ولا يميل هؤلاء لإغفال انحرافات العائلة المالكة عن ناموس السلوك الإسلامي فحسب ( على سبيل المثال، أسلوب حياتهم المسرف والمبذر، خاصة ما هو واضح خلال زياراتهم المتكررة إلى أوروبا وأميركا)، بل استعدادهم أيضاً للاعتماد على قوى كافرة للحفاظ على أمنها ( أولاً بريطانيا ثن الولايات المتحدة).
أصبح استعداد الملكية للسماح للجيش الأميركي الموجود على الأرض السعودية بحماية المملكة من العراق، في أعقاب غزو صدام حسين للكويت في آب 1990، المحفز الرئيس بالنسبة لأسامة بن لادن وقراره بتركيز نشاطه الإرهابي على ' العدو البعيد'، ما يعني، الولايات المتحدة، بدلاً من التركيز على الحكومات الغير إسلامية ( من وجهة نظره) في البلدان الإسلامية. وفي هذا الصدد، عكس بن لادن نية الإسلاميين العدائية ضد الغرب وشغفهم السياسي أكثر مما عكس هاجس الوهابيين بالتطهير العقائدي، رغم أن العرفيْن حاضريْن في عقيدته.
 لقد بلور أيضاً تمركز الجيش الأميركي على الأرض السعودية تحدياً بالنسبة للعلماء الوهابيين الرسميين الذين ظهروا في الثمانينات من مجموعة رجال دين سعوديينتعرف بـ ' الصحوة'. وكما يشرح ستيفان لاكروا، طالب فرنسي، عن السعودية:
إيديولوجياً، بالإمكان وصف الصحوة بأنها هجين الوهابية وإيديولوجية الإخوان. فبخصوص التساؤلات الدينية المتصلة بأسس العقيدة وبالجوانب الرئيسة للفقه الإسلامي، كانت الصحوة تتبع السنة الوهابية وتعتبر نفسها وريثتها المخلصة. لكن بما يخص التساؤلات السياسية والثقافية، تميل رؤية الصحوة للعالم إلى نظرة الإخوان المسلمين إليه، برغمأنها رؤية أعيدت صياغتها جزئياً بمصطلحات مستمدة من السنة الوهابية.
رغم أن هذه الحركة تم قمعها في التسعينات، يبدو بأن نموها يعكس نقصاً معيناً في السلطة المعنوية من جانب العلماء الوهابيين التقليديين في أوساط الجماهير السعودية، ربما نتيجة تحديد هويتها بالنظام السياسي. وفي حين أخمدت هجمات القاعدة الإرهابية في شهر 4 ، 2003 على الأرض السعودية حماسة بعض التابعين للصحوة، فإنهم، مع ذلك، يطرحون احتمال تحدي الموقف السياسي التقليدي لرجال الدين الوهابيين في المستقبل. وحدث تطور مواز في العالم الشيعي، حيث الحدث الأساسي كان الثورة الإيرانية عام 1979-1978، التي قادت إلى تشكيل جمهورية إيران الإسلامية.
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على أساس ابتكار نظرية كبيرة فيالمذهب الشيعي، ما يعني،نظرية ولاية الفقيه، التي بحسب هذه النظرية يصبح رجال الدين الشيعة البارزين القوة البارزة في المجتمع، يحكمون، بمعنى من المعاني، كبديل عن الإمام الغائب.
يمكن القول جدلاً بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت المشروع السياسي الإسلامي الأكثر نجاحاً، رغم أن الاضطرابات المحيطة بالانتخابات الرئاسية في حزيران 2009 المتنازع عليها والصدع الحالي الموجود بين القائد الأعلى آية الله الخامنئي والرئيس أحمدي نجاد أمور استدعت التساؤل حول استقرارها على المدى الطويل.
في أي حال من الأحوال، كان تأثير الثورة الإسلامية على العالم الإسلامي كبيراً، وباشرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بظل قائدها الأول آية الله الخميني، برنامج ' تصدير' ثورتها. كان نجاحها الكبير في أوساط الشيعة اللبنانيين، حيث تطور صنيعتها حزب الله ليصبح حركة عسكرية وحركة سياسية مندمجة في المجتمع. والمنظمة الآن قوة سياسية كبرى ( ويمكن القول القوة البارزة) في البلد وتقود أقوى قوة عسكرية ( تتفوق على الجيش اللبناني ).
أطلق مجيء حكم إسلامي فيإيران جرس الإنذار على امتداد الشرق الأوسط، حيث شعرت الأنظمة الاستبدادية، سواء الملكية منها أو ' الجمهورية'، بالقلق من مواجهة نفس مصير شاه إيران السابق. وعلى الأخص السعودية التي تفاعلت وردت بصقل وتلميع أوراق اعتمادها عن طريقزيادة جهودها بنشر العقيدة الوهابية في أوساط المسلمين في العالم.

الإسلاموية والربيع العربي
تفتح الانتصارات الانتخابيةللأحزاب الإسلامية في كل من تونس ومصر بداية الربيع العربي فصلاً جديداً في تاريخ الإسلاموية. فالتحول والانتقال من معارضة مضطهدة إلى التمكين والمسؤولية يمثل ' موعداً مع الواقع' بالنسبة للإسلاموية. ومن المبكر جداً قياس مدى الفعالية التي ستكون عليها الأحزاب الإسلامية في ممارسة السلطة السياسية والكيفية التي ستؤثر بها تجربتها على إيديولوجيتها. على سبيل المثال، تطرح العلاقة المتوترة بين الإخوان المسلمين والسلفيين الأكثر تشدداً في مصر احتمال الميوعة والتغيير في موقف الإخوان من الديمقراطية. وسيعتبر صناع السياسة الأميركيين والغربيين الآخرين، وبلا شك، العلاقات الديبلوماسية مع أنظمة بقيادة إسلاميين في هذه البلدان بمثابة فرص لتشجيع الإسلاميين على فتح طرق لتعاون أكبر مع الولايات المتحدة وللتخلص من النظرة القائلة بأن أميركا والغرب هما في نهاية المطاف معاديان للإسلام. ويبقى أن نرى ما إذا كانت التفاعلات من هذا النوع ستجعل وجهة نظر الإسلاميين عن الغرب أو وجهة نظر الغربيين عن الإسلاموية لينة.

التهديدات التي يشكلها التطرف الإسلامي للأمن القومي
ينبغي للمسؤولين الأميركيين أن يهتموا ويشغلوا أنفسهم بتطور الإسلاموية بسبب التهديدات التي يشكلها التطرف الإسلاميللأمن القومي الأميركي. ويمكننا البدء مع البيان التالي الصادر عن ''إستراتيجية الأمن القومي' في 2010:
...ليس هناك من تهديد للشعب الأميركي أكبر من خطر أسلحة الدمار الشامل، تحديداً الخطر الذي تشكله مواصلة السعي للحصول على السلاح النووي من قبل متطرفين يمارسون العنف وانتشار هذه الأسلحة إلى دول إضافية.
وفي حين أن الإرهاب النووي هو المثال الأكبر عن التهديد الذي تشكله الإسلاموية الراديكالية،فإنه ليس التهديد الوحيد على الإطلاق. فالإسلاموية المتطرفة تشكل سلسلة من التحديات الهامة لمصالح الأمن القومي الأميركي.
إن العنصر الرئيس لهذا التحدي هو الإرهاب. ولا يزال الحكم التالي في ' الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب' الصادر عن إدارة بوش صحيحاً اليوم:
...إن العدو الإرهابي الرئيس الذي تواجهه الولايات المتحدة هي الحركة العابرة للحدود للأفراد والتنظيمات والشبكات المتطرفة – والداعمين لها من الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية-والتي تملك شيئاً مشتركاً فيما بينها هو استغلال الإسلام واستخدام الإرهاب لغايات إيديولوجية.
إن مفهوم ارتباط ' حركة' ما بأفراد وتنظيمات مختلفة، تابعة لدولة أو جهات فاعلة غير حكومية، أمر هام.كما أن رؤية إدارة أوباما ' بأننا في حرب مع شبكة محددة، القاعدة، والتابعين الإرهابيين لها الذين يدعمون جهود مهاجمة الولايات المتحدة ، حلفائنا، وشركائنا'، هي رؤية ضيقة جداً لا تغطي كامل التهديد الإرهابي الذي تشكله الإسلاموية المتطرفة.
خذ بالاعتبار، مثلاً، قضية المايجور نضال حسن، الطبيب في الجيش الذي قتل 30 شخصاً، بمن فيهم زملائه من الجنود في Fort Hood في تشرين الثاني 2009. ولا يبدو بأن هناك أي دليل يربط المايجور حسن،' تنظيمياً '، بالقاعدة. مع ذلك، هو جزء من ' حركة عابرة للحدود' كنا أشرنا لها آنفاً، وهذا واضح.
تلك الحركة لا تتضمن القاعدة والمنظمات المرتبطة بها فحسب وإنما تتضمن أيضاً مجموعات إرهابية سنية أخرى ( عسكر طيبة مثلاً) وجماعات إرهابية شيعية ( حزب الله مثلاً). بالإمكان اعتبار الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة كـ' مركز جاذبية' للحركة، وهذا صحيح، لأنها تمكن الحركة من اجتذاب المجندين والدعم المادي وتحث أعضائها على شن هجمات إرهابية من دون روابط ' قيادة وتحكم ' واضحة حتى مع أقسام أخرى للحركة.
أما العنصر الثانوي للتحدي فهو الإضعاف المحتمل للمجتمعات الديمقراطية الليبرالية الموجودة ذات الجماهير الإسلامية الكبيرة، إذا ما قاومت تلك الجماهير – المتأثرة بالإسلاموية المتطرفة – تبني القيم الديمقراطية. هذا الأمر يبدو بأنه يشكل تهديداً لحلفائنا الأوروبيين الغربيين أكثر مما يشكل تهديداً للولايات المتحدة. وبذلك فإن هذا يمكن أن يضعف، وبشكل جدي، قدرة الولايات المتحدة والناتو على الشراكة مع الإتحاد الأوروبي. كما يمكن أن يضعف قدرتنا على التعاون إستراتيجياً مع شركاء أساسيين في الشرق وجنوب آسيا كأندونيسيا والهند.
أما العنصر الثالث للتحدي فهو الخطر الكامن في إمكانية تأثير الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة على بلدان ذات أكثرية إسلامية لإتباع سياسات خارجية معادية للغرب. وفي حين أن التهديد الإرهابي اليوم يأتي ، وبشكل رئيس، من ' الحركة العابرة للحدود' كما وصفنا آنفاً، فإن هناك خطراً كامناً في دولة إسلامية راديكالية تستخدم قواتها شبه العسكرية تكتيكات لا متماثلة ضدنا (كقوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني). هذا التهديد يمكن أن يكون مركباً إذا ما أصبحت إيران دولة تملك السلاح النووي أو إذا ما حصل إسلاميون متطرفون على السيطرة في دول أخرى ( بما في ذلك دول نووية ربما). ( وفي حين أنه سيكون لدولة أو دولاً كهذه أصول وموجودات غير إيديولوجية يمكن أن نخاطر بها أو نهاجمها، فإنه سيظل من الضروري التركيز على إضعاف أسسهم الإيديولوجية أيضاً).
هذه التحديات ذات صلة بالمصالح الأمنية الأميركية إضافة إلى المصالح السياسية. كما أن أعمال الولايات المتحدة التي قد تتخذ كرد يمكن أن تشتمل على وسائل عسكرية، تطبيق القانون،والأنظمة المالية. هذا البيان العقائدي يهتم بحد ذاته بمكافحة الإسلاموية الراديكالية على المستوى الإيديولوجي. وبذلك، فإن تعريفها للإيديولوجية كي تتم محاربتها قد يكون أوسع من تعريف خطر العدو الذي قد تكون الولايات المتحدة تريد محاربته بوسائل العمل العسكري، فرض القانون، والأنظمة المالية. قد نكون نريد مواجهة فاعلين معينين إيديولوجياً من دون أي تفكير باستخدام وسائل أخرى ضدهم.

استراتيجية لمعالجة المشكلة
إن استراتيجية مكافحة الإيديولوجيات العدائية تختلف عن تلك التي للديبلوماسية والاتصالات الاستراتيجية. إن هدف الاستراتيجية هو إضعاف جاذبية الإيديولوجية العدائية. بالمقابل، إن الأهداف التقليدية للديبلوماسية العامة والاتصالات الاستراتيجية تكون مفهومة عادة بمصطلحات مستعارة من صناعة الإعلان: تحسين ' الشعار' الأميركي –أي، ترويج فهم المبادئ والسياسات الأميركية وزيادة الدعم لها ومكافحة معاداة الأمركة.
عموماً، بالإمكان مواصلة العمل على إضعاف جاذبية التطرف الإسلامي بطريقتين: بزيادة جاذبية فهمآخر ('معتدل') للإسلام ينافسه، وبالتشكيك بالإسلاموية الراديكالية والناطقين بإسمها.
وفي حين أن الإسلاموية هي إيديولوجية سياسية، كما ناقشنا آنفاً، فإنها مع ذلك، تدعي بأنها التفسير الصحيح لدين الإسلام. وبالتالي فإن أي بدائل لها – سواء كانت مزايا سياسية، اجتماعية، أو اقتصادية قد توفرها لأتباعها – يجب أن تنافس زعمها بأنها التفسير الصحيح للإسلام. وإلا فإن الفهم البديل سيبدو انتهازياً في أفضل الأحوال أو ملحداً حتى. سيبدو هذا البديل في موقف العرض على المؤمنين التخلي عن إيمانهم مقابل جوائز مادية – وليس الفوز باستراتيجية.
سيكون الأمر محرجاً، وقد يأتي بنتائج عكسية بالنسبة للحكومة الأميركية لو انخرطت مباشرة في جدل بين المفاهيم المتنافسة للإسلام. فالتحدي الإيديولوجي الفاعل للتطرف الإسلامي ينبغي أن يأتي من مسلمين آخرين. قد يكون هناك خيارات مختلفة لزيادة هذا التحدي، كما أن الحكومة الأميركية ليست بحاجة للاختيار من بينها. بالأحرى، سيكون دور الولايات المتحدة دعم مجموعة متنوعة من الأصوات اللا أصولية داخل المجتمع الإسلامي لتسهيل تقديم حججهم بشكل فاعل ومؤثر. إن التعبير عن هذه الحجج، تحديداً، أمر مهم لأن الإسلاموية كان لديها الميدان الإيديولوجي الذي تسرح فيه وحدها منذ ثلاثة عقود على الأقل ، كما أشرنا آنفاً.

دعم الرؤى البديلة للمجتمعات الإسلامية، ' الطريق إلى الأمام'
وفي حين أن بإمكان أعضاء الديبلوماسية العامة الأميركية التقليديين الاستمرار بنشر رسالة إيجابية مبنية على أساس المبادئ الأميركية، فإن هذه الرسالة قد لا تحمل بحد ذاتها ثقلاً كبيراً لدى الشعوب التي يرجح أن تعتبر ' القيم الغربية' بمثابة اهانة وإساءة لثقافتهم هم، ما يعني،اعتبارها استمرارية للمشروع الاستعماري/ الإمبريالي. إن مؤسسة مصمَّمة لمكافحة إيديولوجيات عدائية ينبغي لها أن تركز على مساعدة أولئك المسلمين الذين يختلفون مع الرؤية الإسلامية الراديكالية على نشر رؤاهم هم حول الكيفية التي يجب أن تتطور فيها المجتمعات الإسلامية، بما في ذلك الدور الذي ينبغي للإسلام أن يلعبه في المجتمع والكيفية التي ينبغي بها فهم الإسلام.
إذا كان هذا التحليل صحيحاً، عندها ينبغي أن يكون إضعاف جاذبية الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة الهدف الرئيس لأي مجهود في الاتصالات الإستراتيجية. ومن هذا المنظور ، فإن فهم الهدف ' كتحسين الشعار الأميركي' أمر غير كاف وربما طريقة ذات نتائج عكسية لا ينبغي مواصلتها.
إنها طريقة غير فعالة وتأتي بنتائج عكسية لأن إقناع المسلمين بأن ' يحبوا' أميركا ليس أمراً ضرورياً لأمننا القومي. فما نريده منهم حقاً هو رفض إيديولوجية تجعل من مهاجمة أميركا مسألة جائزة وحتى مطلوبة. قد نكون نرغب بألا يكون هناك من المسلمين المتدينين من لا يحب سمات معينة في الحياة والسياسات الأميركية، لكن تغيير نظرتهم أم لا ليس بتلك الأهمية الكبيرة بالنسبة لنا.
فضلاً عن ذلك، إن استراتيجية ما تتطلب إقناع الناس كي ينظروا بإيجابية واستحسان لطريقة حياة تبدو لهم غريبة ومنفرة حتى أمر يخلق نزاعاً شاقاً وعسيراً. فلا أحد يود أن يقال له بأنه يجب عليه التضحية بجزء هام من هويته، حتى ولو كان ذلك من أجل الحصول على أمور أخرى يدرك أنها جيدة.
بدلاً من ذلك، ينبغي لحملة الأفكار الاستراتيجية التركيز على ما يعتبر، في نهاية المطاف، هدفها الأساسي: إضعاف التطرف الإسلامي، إيديولوجية تبرر وتحفز على العنف ضدنا وتسعى لإقناع الجماهير المسلمة بأن العدائية تجاهنا واجبهم الديني. ويمكن القيام بذلك بالطريقة الأكثر فاعلية لو أن الحجج المضادة جاءت من داخل العالم الإسلامي نفسه، بحيث أن تبنيها لا يتطلب من المسلمين الموافقة على أمر 'غريب' عن تقاليدهم ويهدد هويتهم. ينبغي أن يكون الهدف مساعدة المسلمين على التطور ونشر رؤى بديلة بما يتعلق بالسبل الواجب إتباعها من قبل البلدان الإسلامية، ولضمان أن يكون هناك نقاش وجدل قوي وناشط وبأن تكون الآراء الأخرى ممثلة بشكل جيد. ينبغي لنا المساعدة على تضخيم الأصوات البديلة والقيام بكل ما يمكننا لإضعاف الأصوات المتطرفة أو التشكيك بها.
أما كيف يمكن تنفيذ استراتيجية كهذه فأمر نناقشه أدناه.

التشكيك بالمتطرفين الإسلاميين
إضافة إلى دعم نشر الرؤى اللا أصولية لمستقبل المسلمين، ينبغي لحملة الأفكار الاستراتيجية أن تسعى أيضاً للتشكيك بالمتطرفين الإسلاميين أنفسهم. لقد كان هناك حالات عديدة أدت بها الأعمال الإرهابية إلى الإضرار بمصالح المسلمين وقيمهم. إن الإضاءة على هذه القضايا قد تصنع منها نقاطاً مفيدة من دون أن يكون المسؤولين الأميركيين ملزمين بانتقاد العمل مباشرة. على سبيل المثال، إن جهود تقديم المساعدة لضحايا الأعمال الإرهابية المسلمين المرتكبة من قبل مسلمين آخرين يمكن الإعلان عنها، كما يمكن الترويج لمسلمين يتحولون ضد العنف والتطرف الإسلامي.
أما الطريقة الأخرى للتشكيك بالمتطرفين الإسلاميين فتتعلق ببرامج الديبلوماسية العامة التقليدية لجهة تقديم برامج ثقافية تعرض جوانب الثقافة الإسلامية التقليدية التي تتعرض لهجوم المتطرفين (وتتضمن الموسيقى، الشاعر الصوفي، وحتى المدارس التقليدية للشرع الإسلامي). على سبيل المثال، وفي آذار 2009، وعندما دمرت حركة طالبان الباكستانية مزار الشاعر البشتوني رحمان بابا، كان يمكن لإذاعة صوت أميركا ومنصات إعلامية أخرى أن تدير برامج حول هذا الشاعر، وبالتالي الإضاءة على مدى انفصال الإرهابيين عن مختلف جوانب الثقافة الإسلامية التقليدية، وتهديدهم لها.

التقليل من ' وصمة' تورط الحكومة الأميركية
إن إحدى مضامين الإستراتيجية التي نناقشها هي أن العمل من قبل القطاع الخاص، في عدد من الميادين، وليس الحكومة الأميركية، قد يكون أكثر فاعلية. ينبغي للمسؤولين الأميركيين إيجاد طرق لجعل تشكيك الحكومة الأميركية وتورطها غير مباشرين قدر الإمكان. إن القضية تتجاوز الحساسيات العادية حول 'التدخل الأجنبي'؛ فالمسؤولون الأميركيون، على هذا النحو، لا يستطيعون التحدث بمصداقية عن المسائل الدينية، خاصة بما يتعلق بدين ليس لديه سوى عدد ضئيل من الأتباعداخل الولايات المتحدة.
بصرف النظر عن بنية المؤسسة المسؤولة عن حملة الأفكار الاستراتيجية،فإنه ينبغي الدفع بالنشاط العملي من خارجالحكومة الأميركية، وينبغي الاستفادة من المؤسسات الخاصةوالمؤسسات الحكومية غير السياسية ( كـ ascii85nited States Institascii117te of Peace، National Endowment for Democracy، أو Wilson Center)حيث يكون الأمر ممكناً. إضافة لذلك، ينبغي تشجيع مؤسسات خاصة أخرى ( الممولة فيدرالياً وخلافها) لدعم برامج تدفع بالإستراتيجية الشاملة إلى الأمام، كعقد المؤتمرات، دعم المنشورات ووسائل البث الإعلامية، توفير المنح الدراسية، الخ.
لم يبذل كبار المسؤولين الأميركيين ، عموماً، جهوداً كبرى لتوفير تشجيع من هذا النوع. إن المؤسسات الخاصة تمتلك القدرة للعمل بشكل أكثر فاعلية ومصداقية مما يمكن للوكالات الرسمية أن تفعل، ولديها موارد ماليةهائلة في متناول يدها والتي يمكن أن تفوق، وبشكل هام، التمويل المتوفر المخصص من قبل مجلس الشيوخلهذا الغرض. أما التحدي في هذا المجال بالنسبة للمسؤولين الأميركيين فهو الحث على نشاط خاص مفيد من دون المحاولة بأي طريقة من الطرق ممارسة سيطرة تقوض استقلالية المؤسسات الخاصة.
إضافة لذلك، ينبغي للمؤسسة أن تؤسس، دولياً لعلاقات بين ضباط إرتباط ، مع الحكومات الأجنبية وكذلك المؤسسات والمنظمات الخاصة. إن الارتباط مع المجموعات والحكومات الأجنبية يمكن أن يقلل من ' وصمة' تورط الحكومة الأميركية، وستجلب الحكومة معها كنزاً من التجربة والخبرة التي اكتسبتها في بلدان أخرى في حربها ضد العنف والتطرف الإسلامي وفي ' نزع صفة الراديكالية' عن الأعضاء السابقين في الجماعات الإرهابية.

أساليب خاصة ومحددة لتنفيذ الاستراتيجية
هذا القسم يدرس أنواع الأنشطة، ذات الصلة أكثر من غيرها بالنزاع الإيديولوجي، والتي ستشكل بؤرة عمل أية مؤسسة تأسست لمكافحة الإيديولوجيات العدائية. هذه القائمة تتضمن أنشطة يتم تنفيذها حالياً لمكافحة الإسلاموية المتطرفة من قبل حكومات ومنظمات غير حكومية، لكنها تتضمن أيضاً نشاطات أخرى محتملة يبدو أنها تستحق الدرس.
هذه القائمة تركز، بشكل خاص، على مشكلة مكافحة الإيديولوجيات العدائية. وهي ليست قائمة شاملة بالنشاطات التي ينبغي للحكومة الأميركية الشروع بها في مجال الاتصالات الاستراتيجية. بالمقابل، إنها تفترض أن تكون هناك جهود أخرى جاري العمل بها تتعلق ' بالديبلوماسية العامة' النمطية أيضاً – كالترويج للديمقراطية الليبرالية ومكافحة معاداة الأمركة بوسائل برامج التبادل، الأمسيات الثقافية التي تقدم فنانين أميركيين، الخ. رسمياً، سيكون عليها تجاوز مختلف المفاهيم المعادية للأمركة للقيام بهذه النشاطات بنجاح. وسوف تشتمل معظم الأنشطة لمكافحة الإيديولوجية العدائية للإسلاموية المتطرفة على دعم المسلمين الغير متطرفين، الذين هم في موقع أفضل لتقديم حجج معادية للتطرف لأمثالهم من المسلمين. في كل الأحوال، بالإمكان الشروع ببعض الأنشطة من قبل الوكالات الحكومية الأميركية كجزء من ديبلوماسيتها العامة أو جهود أخرى تتعلق بالاتصالات الاستراتيجية.
بالإمكان إيصال الدعم للمسلمين غير المتطرفين عبر آليات مختلفة:

منظمة خاصة ممولة فيدرالياً. بالإمكان إنشاء منظمة خاصة ممولة فيدرالياً على نموذج National Endowment for Democracy، منظمة معفية من الضرائب (c) (3) مع مجلس إدارة مستديم، تتلقى الجزء الأكبر من تمويلها من الكونغرس الأميركي عبر وزارة الخارجية.

منظمة دولية خاصة لها فروع في الولايات المتحدة وبلدان أخرى. المقاربة الأخرى ستكون إنشاء منظمة دولية من قبل مجموعة مواطنين أميركيين وأجانب بارزين. خاصة إذا كان بإمكانها الحصول على التمويل من حكومات أجنبية أو من مصادر خارجية أخرى إضافة إلى الولايات المتحدة، منظمة دولية قد يكون لديها مصداقية أكبر مما قد يكون لمنظمة أميركية.

مؤسسات، جامعات، أو منظمات خاصة أخرى، تعمل بشكل مستقل عن الحكومة الأميركية. بالإمكان تشجيع مؤسسات، جامعات، أو منظمات خاصة أخرى مشابهة من قبل مسؤولي الحكومة الأميركية للشروع بنشاطات من هذا النوع، مع الفهم بأنها ستعمل على أساس أهدافها ووفقاً لإجراءاتها الخاصة فقط. إضافة إلى التشجيع، بإمكان المسؤولين الأميركيين تقديم مقترحات لنشاطات محتملة، إلا أن القرارات الفعلية ستتخذ من قبل المؤسسات والمنظمات بشكل مستقل.

كيانات حكومية أميركية. أخيراً، بإمكان كيانات حكومية أميركية ذات مسؤوليات في مجالات الديبلوماسية العامة ( بشكل رئيس، وكيل وزارة الخارجية للديبلوماسية العامةوالشؤون العامة ) والاتصالات الاستراتيجية ( بشكل رئيس، القيادات الإقليمية والوظيفية في وزارة الدفاع) الشروع ببعض هذه النشاطات أيضاً.

إن القصد من القائمة التالية للنشاطات المحتملة تبيان عدد المقاربات الواسع التي يمكن تبنيها. أما الأفراد المبدعون فلا شك أنهم سيطورون أساليب أخرى أيضاً.

التسلية والترفيه
هناك أشكال مختلفة ومتنوعة من التسلية والترفيه التي يمكن أن يكون لها تأثيرات على الرأي العام حول سلسلة من القضايا الاجتماعية والسياسية. ففي عدد من البلدان، تعتبر السينما والتلفزيون وسيلة بارزة للتأثير على الرأي العام. ونتيجة لبحث عالمي عن الإعلام الترفيهي الأميركي، فإن التأثير الأميركي مستشعر أساساً، لكن غالباً جداً ما يكون بأسلوب غير إيجابي – على سبيل المثال، إن نظرة كثير من الأجانب للولايات المتحدةمشوهة بسبب العنف والانحلال الجنسي في الثقافة الشعبية.
في كل الأحوال، بالإمكان استخدام نفس صيغ وأشكال التسلية والترفيه لنقل رسائل إيجابية تفند رواية المتطرفين الإسلاميين. على سبيل المثال، بإمكان أفلامومسلسلات الدراما التعامل مع مواضيع هامة: حقوق المرأة، التأثيرات السلبية للعنف الإرهاب، الفرق بين الخطباء الدينيين الأتقياء والمتدينين وبين خطباء الكراهية والبغضاء، وهكذا.
إن البرامج من هذا النوع موجودة أساساً في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، وخلال شهر رمضان في العام 2008، بثت محطة MBC السعودية مسلسلاً درامياً يدعى ' نور'، وهو برنامج تركي مدبلج إلى العربية العامية. ونال البرنامج، الذي كسر محرمات كثيرة ( على سبيل المثال،انخراط الشخصيات في ممارسة الجنس قبل الزواج وشرب النبيذ مع العشاء)، شعبية هائلة؛فبحسب مسح أجرته محطة MBC، شاهد الحلقة الأخيرة 85 مليون مشاهد، بمن فيهم، بحسب التقديرات، نصف النساء البالغات في العالم العربي. أما بالنسبة لأهدافنا، فإن من مصلحتنا الكبرى إبراز الأفلام للرجل وهو يعامل زوجته بشكل مساو له ويدعم سعيها لتحقيق أهدافها في مهنتها. ورغم أن العالم العربي يشاهد الكثير من البرامج التلفزيونية الغربية، يبدو أن لهذا البرنامج وقع وتأثير أكبر، ربما لأنه أخذ حيزاً في سياق إسلامي.
بإمكان الفكاهة والسخرية أن تكونا وسيلتين فعالتين في إيصال الأفكار، نظراً، وبشكل خاص،إلى إمكانيات السخرية من غطرسة ونفاق وعجز الكثير من الإسلاميين المتطرفين. إن الناس المغرورين دائماً ما يكونوا أهدافاً جيدة لهذا النوع من المعاملة، والخطباء الإسلاميون المتطرفون ليسوا استثناء.
إن إمكانيات الكوميديا قد تكون أوسع مما هو معترف به عادة. على سبيل المثال، لقد أنتج مؤخراً برنامج كوميدي يبث في السعودية خلال شهر رمضان يدعى ' طاش ما طاش' ( لا شيء يهم) حلقة سخرت من ممارسات تعدد الزوجات في ذلك البلد عن طريق تقديم إمرأة، متزوجة أساساً من 4 رجال وتريد الزواج من خامس.
للموسيقى دور أيضاً تلعبه في التأثير على الرأي العام. إذ بإمكان برامج الموسيقى الشعبية اجتذاب الجماهير لوسائل الإعلام التي يمكنها نقل رسائل أخرى أيضاً. كانت هذه الفرضية هي التي قام عليها ' راديو سوا' ( بالعربية) و' راديو فاردا' ( بالفارسية). أما الأمر الأهم، فهو أن جعلالموسيقى الشعبية متوفرة يمكن أن يساعد على تقويض سلطة نسَخ الإسلاموية التي تحاول حظر معظم أو كل أشكال الموسيقى على خلفيات دينية، كما حدث في أفغانستان بظل حكم طالبان. وبرغم وجود أشكال أخرى تقليدية من الموسيقى في عدد من البلدان الإسلامية، يعتبر بعض الإسلاميينالموسيقى غير إسلامية. ويبدو بأن هذا الأمر لا يعبر عن نظرة شعبية؛ وبالتالي، فإن دعم الموسيقى التقليدية والموسيقيين في بلدان إسلامية يمكن أن يساعد على تقويض الدعم للإسلاموية.
إضافة لذلك ، بإمكان الأغاني، بالطبع، نقل رسائل من خلال كلماتها. وبحسب ما يقول الصحافي الذي يغطي مشهد الموسيقى الشعبية لصحيفة ' لوموند' الفرنسية، فإنه في أعقاب 11/9 رفض كثير من المسلمين الفرنسيين رؤية القاعدة للإسلام لصالح فهم أكثر تسامحاً للدين. ومن غير الواضح ما إذا كانت رؤاهم قد أثرت في أي وقت من الأوقات على موسيقاهم، إلا أن كلمات أغاني ' الراب' ستكون طريقة للوصول إلى عدد هام من السكان قد لا يكون من الممكن الوصول إليهم بخلاف ذلك.
بالإمكان دعم تطوير برامج التسلية والترفيه من قبل الحكومة الأميركية، أو، ببساطة، بتشجيع منها كما وصفنا أعلاه. ويُثبت برنامجان تلفزيونان مدعومان من قبل بعثة ' الوكالة الأميركية للتنمية الدولية' ( ascii85SAID) في كابول يُبثان على التلفزيون الأفغاني وجود بعض الإمكانيات، رغم أن أياً من البرنامجين لم يكن مستهدفاًموضوع التطرف مباشرة. فالبرنامج الأول، الذي بث على الهواء في العام 2009، يدعى ' على الطريق' ويقدم ضيفاً يسافر عبر أفغانستان متحدثاً مع الأفغان العاديين حول مشاريع تنمية في منطقتهم. إن هدف البرنامج، بحسب نائب مدير مكتب البنى التحتية الأفغاني التابع لـ ascii85SAID، من عام 2004 وحتى 2010 هو ' تعزيز الوحدة الوطنية وتسهيل شراكة التنمية للحكومة المركزية مع المجتمع الدولي والشعب الأفغاني'. أما البرنامج الثاني، الذي بدأ في العام 2010 بدعم من ascii85SAID: فيدعى' النسر الرابع'، وهو برنامج دراما عن الشرطة يظهر وحدة شرطة أفغانية خاصة ضد الإرهاب ( ناجحة بشدة إنما وهمية لسوء الحظ).
هذا البرنامجان أنتجتهما محطة تلفزيون أفغانية محلية، أُسست، بحد ذاتها، بدعم مفتوح من ascii85SAID، بعقد معها. وفي حالات أخرى، بالإمكان تقديم المال بشكل هبات لمنتجين محليين أو أجانب أو لفنانين آخرين.
أخيراًقد يكون من الممكن بالنسبة لمسؤولي الحكومة الأميركية ( أو مسؤولي منظمة خاصة ممولة فيدرالياً أسست لمكافحة إيديولوجيات عدائية) الاقتراح على مؤسسات خاصة أو رجال أعمال وجوب السعي لإيجاد طرق دعم أو الاستثمار في تطوير هذا النوع من النشاط الإعلامي. وبينما يحترم المسؤولون الحكوميون استقلالية المنظمات الخاصة المنخرطة في هذا النشاط، فإن بإمكانهم تشجيعها على درس خطوات من هذا النوع.

التعليم
في بعض أجزاء العالم الإسلامي ( ريف باكستان على سبيل المثال) تعتبر الجماعات الإسلامية الأصولية الوحيدة التي توفر التعليم الابتدائي لمعظم الأطفال الفقراء أو من ذوي الدخل المتوسط. فإذا ما توفر هكذا تعليم بظل رعاية الدولة، أو برعاية مجموعات خاصة غير متطرفة، فسيكون لذلك تأثير هام وبارز على النظرة الإيديولوجية للجيل المقبل. ويمكن للتعليم غير المتطرف على المستويين الثانوي والجامعي أن يكون له تأثير مشابه، خاصة إذا ما تم تقديم الطلاب وتعريفهم على التقاليد الليبرالية.
بإمكان منظمة أميركية توفير الموارد المالية إضافة إلى موارد أخرى لحكومات أو لمنظمات غير حكومية محلية لتحسين فرص التعليم غير المتطرف. وبإمكانها، من بين أمور أخرى، العمل مع جامعات أميركية أو جامعات أخرى لتوفير الكتب المدرسية ومواد تعليمية أخرى، تسهيل برامج التبادل مع مؤسسات تعليمية في بلدان إسلامية أخرى وأماكن أخرى، وتقديم مواد برامج عبر المحطات التلفزيونية الفضائية.
أخيراً، هناك نشاطات تعليمية متصورة على نطاق واسع، كترجمة ونشر أعمال أدبية غربية، بما فيها تلك التي تحمل تقاليد سياسية ليبرالية، اقتصادية ودينية، والتي يمكن البدء بها. أما'المكتبات الأميركية' على الإنترنت والمواقع الإلكترونية التي توفر هذه المصادر فستكون من ضمنالجهود المبذولة التقليدية للديبلوماسية العامة التي يمكن أن يكون لها تأثير واسع على الإيديولوجية. كما أن بالإمكان دعم رغبة الناس حول العالم بتعلم الإنكليزية وذلك عن طريق تقديم التدريب اللغوي الذي ينقل رسالة ذات محتوى مناسب.

إحداث بنى اجتماعية بديلة
إحدى التكتيكات التي استخدمتها الجماعات الإسلامية المتطرفة ( حزب الله وحماس على سبيل المثال)، لكسب النفوذ هو خلق شبكة من المؤسسات ذات القاعدة الشعبية التي تعالج مختلف المشاكل الاجتماعية. وبأسلوب يشبه نوعاً ما أسلوب أسياد المافيات في أحياء المهاجرين الفقيرة أو أرباب العمل السياسي في مدينة كبيرة ما قديماً، استطاعت هذه الجماعات كسب الدعم الشعبي بمساعيها الخيِّرة التي كانت تحظى بدعاية وتغطية إعلامية جيدة.
لمحاربة هذا التكتيك، بإمكان منظمة أميركية خاصة تقديم التمويل لإنشاء مؤسسات اجتماعية مدنية لا إسلامية مماثلة. فبتقديم البديل لتلك التي للإسلاميين، يمكن لهذه المؤسسات أن تبني على نشاطات أخرى تنفذها بواسطة إدارات ووكالات حكومية أميركية، كأنشطة ascii85SAID المؤيدة للتنمية أو جهود الإغاثة عند الكوارث لـ ascii85SAIDوالقوات المسلحة. إن قدرة القوات المسلحة الأميركية على التفاعل بسرعة وبفعالية إزاء كوارث من نوع تسونامي جنوب شرق آسيا في عام 2004 وزلزال باكستان عام 2005 كان له وقع إيجابي، إنما عابر، على المفاهيم والتصورات عن الولايات المتحدة. هذه التأثيرات الإيجابية ربما كان تم تكبيرها وتضخيمها لو أن هذه الجهود كانت مدعومة لخلق منظمات مجتمع مدني مستمرة يمكنها معالجة المشاكل المستمرة في المناطق المتأثرة والمنكوبة.

التحريض السياسي
أما الطريقة الأخرى لإضعاف وتقويض الإسلاموية المتطرفة فستكون بالتأثير على الجدل الدائر حول القضايا السياسية، الاجتماعية والاقتصادية في بلد ما أو منطقة ما. على سبيل المثال، قد يكون هناك فرص لإعطاء الأهمية لقضايا وإبرازها مثل حقوق المرأة، حرية التعبير والصحافة، والحرية السياسية عموماً، والتي من المرجح أن تجد صدى لدى قسم كبير من الناس والتي يتقوض روايات التطرف.
هناك منظمات عديدة على امتداد العالم مناسبة للشروع بهذا الجهد ولذا فإنها مرشحة لنيل الدعم المالي أو دعم مادي آخر. قد يكون مجدياً وممكناً أيضاً دعم تأسيس مجموعات جديدة. ( إن المؤسسة الجديدة المكلفة بمهمة مكافحة الايديولوجيات العدائية لن يكون لديها دور، بحسب ما هو مفترض، في توفير الدعم لجماعات مؤيدة للديمقراطية وذات صلة بالسياسة، حيث أن بالإمكان دعم تلك المجموعات من قبل National Endownment for Democracy والفروع التابعة لها).
ينبغي للمؤسسة الجديدة أيضاً أن تطور وتنشر المعلومات التي تقوض رواية المتطرفين. يمكنها السعي لتقويض مصداقية الشخصيات الإسلامية المتطرفة القيادية، على سبيل المثال، عن طريق نشر أمثلة على الملأ عن حياتهم الشخصية التي لا تنسجم والتقيد الديني. إضافة لذلك، بالإمكان الالتفات إلى أعمال إرهابية محددة ( على سبيل المثال، الهجوم على حفل الزفاف الفلسطيني في عمان، الأردن، في 2007 أو إلى تدمير المساجد والمزارات المقدسة الإسلامية) التي أثارت غضباً عارماً وواسعاً في ذلك الحين والتي يمكن أن توفر فرصة لتعزيز المشاعر المعادية للإرهاب، بما في ذلك تعزيز روح التسامح. وبشكل مشابه، بالإمكان الإعلان عن أمثلة عدة تتعلق بالقسوة وبظواهر سلبية أخرى (العقوبات القاسية لمسائل تافهة مثل الاستماع إلى الموسيقى) التي تحصل في إيران، السودان، المناطق التي يسيطر عليها الطالبان في أفغانستان أو باكستان أو في مناطق أخرى تقع تحت حكم إسلاميين متطرفين.
يمكن القيام بنشر معلومات كهذه عن طريق قنوات مختلفة، بما في ذلك وسائل إعلام برعاية الحكومة الأميركية، حيث يكون الأمر ممكناً. على سبيل المثال، وعقب تدمير طالبان لمقام رحمان بابا، كان بإمكان إذاعة صوت أميركا أو أية إذاعة أو محطة تلفزيونأخرىترعاها الحكومة الأميركية بث برامج تحيي فيها ذكرى حياة الشاعر وعمله وتلفت الانتباه إلى أن تدمير هذا المقام هو عمل مناف للإسلام.
إضافة لذلك، بالإمكان جعل معلومات من هذا النوع متوفرة لوسائل إعلام غير أميركية للنشر العام ( من دون إخفاء أصلها في أي حال). هذا النوع من النشاطات مشابه لـ' أبحاث المعارضة' التي تنفذها الحملات السياسية، التي غالباً ما تسعىإلى استخدام الإعلام الغير مرتبط بها لنشر معلومات سلبية عن المعارضين لهم.

الجدل الديني / اللاهوتي
على قدر أهمية النشاطات المذكورة أعلاه، فسيكون من الضروري في مرحلة ما التعامل مع جوهر المشكلة الدينية / اللاهوتية. فرغم أن الإسلاموية مصنفة ، وبشكل صحيح، كإيديولوجية سياسية، فإنها مع ذلك تستمد جاذبيتها من إدعائها بأنها التفسير الصحيح للإسلام. بالواقع، إنها تحيد عن الإسلام التقليدي في عدد من الجوانب الهامة. في كل الأحوال، لقد استطاعت الإسلاموية في العقود الأخيرة بأن تصبح تفسيراً مهيمناً ( وربما التفسير ' المهيمن') للإسلام في العالم الإسلامي، والسبب يعود في جزء كبير منه إلى أن أولئك الذين يحملون رؤى مختلفة بقوا صامتين نسبياً، إما بسبب الخوف وإما لافتقارهم لمصادر الجدال وإما لأسباب أخرى.
بالتالي، ينبغي توجيه مجموعة من النشاطات نحو الجدل الناشط داخل المجتمعات الإسلامية بما يتعلق بالتفسير الصحيح للإسلام بظل الظروف الحالية. ينبغي دعم مجموعة واسعة من الأصوات الغير أصولية – بما فيه الأصوات التقليدية وكذلك ' التحديثية' أو الليبرالية. يجب أن يكون الهدف إقناع الجماهير الإسلامية ، خاصة تلك الشرائح المعرضة أكثر من غيرها لخطر التطرف، بأن الفهم الغير متطرف للإسلام أفضل وأكثر ايجابية من الإسلاموية المتطرفة عموماً،لكن الأهم أنه مبني على خلفيات إسلامية بشكل خاص.
هذا الجهد سيشتمل على شرح ونقاش ديني تقليدي. بالإمكان دعم مجموعة واسعة من الأصوات الغير متطرفة؛ لا يكون الهدف الترويج لفهم محدد للإسلام، وإنما لكسر ما يشبه الاحتكار الذي يتمسك به الإسلاميون في المناقشات العامة. سيكون الهدف أيضاً طرح مواضيع هامة معينة في هذا النقاش. وستتضمن هذه المواضيع:

توافق الإسلام مع الديمقراطية ودحض الفكرة التي تقول بأن الديمقراطية منافية للدين في استبدالها سيادة الإنسان بسيادة الله.

عدم جواز الإرهاب، قتل مسلمين آخرين، وقتل الناس العاديين عموماً.


المؤهلات الدينية المناسبة لإصدار ' الفتاوى' ( لإثبات أن كثير من الراديكاليين الذين يدعون إصدارها يفتقرون إلى التعليم الديني المناسب وبالتالي فإنهم غير مؤهلين لإصدارها).

المؤهلات الدينية/ السياسية المناسبة لإعلان الجهاد ( لإثبات أن القادة الإرهابيين كبن لادن ليسوا مؤهلين لذلك).

صحة التقليد الشيعي لنموذج التصوف لآية الله السيستاني والطبيعة المبتدعة للعقيدة الإيرانية ' ولاية الفقيه'.

رغم أهمية مكافحة الإيديولوجية العدائية للتطرف الإسلامي، فإنه لم يكن هناك إلا تقدم ضئيل جداً في هذا المجال. وما كان قد أشار له شارلز آلن، وكيل الأمن الداخلي للاستخبارات والتحليل، في أيار 2008 لا يزال صحيحاً اليوم: ' رغم أن لدى الولايات المتحدة والبلدان الغربية مبا

موقع الخدمات البحثية