أوراق إستراتيجية » ثورة في وزارة الخارجية الأميركية: انتشار الـ ediplomacy

التخطيط السياسي

يسمح بالإشراف الفعال والتنسيق وتخطيط السياسة الدولية عبر الحكومة، استجابة لتدويل البيروقراطية.
لقد جلبت العولمة التغيير إلى الحكومة. فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات التي أجراها مؤخراً معهد Lowy بأن لدى 18 من أصل 19 دائرة فيدرالية أسترالية مساحة مخصصة للسياسة الدولية. هذا التدويل للبيروقراطية والكلفة المتدنية للاتصالات الدولية أزال مسألة الاحتكار السابق لوزارات الخارجية للاتصالات الحكومية. في كل الأحوال، إن مسؤولية وزارات الخارجية بخصوص تنسيق السياسة الدولية عبر الحكومة لا تزال موجودة. وفي هذه البيئة الجديدة هناك دور واعد للـ ediplomacy لتلعبه.
فمن كل برامج عمل الـ ediplomacy، يعتبر التخطيط السياسي الأقل تطوراً في هذه المرحلة.
وتعمل بعض هذه البرامج المناقشة آنفاً كوظيفة مزدوجة تتعلق بـ "إدارة المعرفة" و" التخطيط السياسي". والمثال على ذلك Communities@State وهو عبارة عن برنامج بين الوكالات يسمح بالتنسيق وتبادل المعلومات والاتصالات عبر الحكومة على سبيل المثال من خلال " Mission Mexico" الذي عقده نائب رئيس البعثة لكل المشاركين الناخبين في المكسيك. في كل الأحوال، لقد كان استخدام التنسيق الحكومي الكامل محدوداً.
مخاطر الإعلام الاجتماعي


إن إحدى أولى الأمور التي تريد معرفتها الحكومات الأجنبية المهتمة في استكشاف الـ ediplomacy هي مخاطر استخدام الإعلام الاجتماعي. إذن ما هي مخاطر إطلاق العنان لـ 600 برنامج للإعلام الاجتماعي في العالم؟
للوهلة الأولى، سيبدو بأن امتلاك كل هذه الأصوات الزائدة التي تتواصل علناً يزيد، وبشكل كبير، من فرص حصول فضيحة. إلا أن عدة سنوات في مبنى إمبراطوريتها الإعلامية الاجتماعية، جعلت  الجدل في وزارة الخارجية الذي تسبب به الإعلام الاجتماعي مسألة استثنائية نادرة جداً. هذا ما يثير الدهشة أكثر نظراً إلى افتقار وزارة الخارجية لإرشاد سياسي واضح حول استخدام الإعلام الاجتماعي ومقاربته العامة المتعلقة بسياسة عدم التدخل.
في برنامج تويتر الدراسي لموظفي وزارة الخارجية الذي حضره كاتب التقرير، تم حض حوالي 50 مسؤول تقريباً على ترك الموضوع يأخذ مجراه – بعضهم كان ممن اعترف بأنه لم يسبق له أبداً أن استخدم الإعلام الاجتماعي .وبالكاد ذُكر موضوع الإرشاد السياسي فيه.
ويكشف فحص أدق عن السبب الذي لم يؤد ذلك إلى كارثة. بداية، أنت تتعامل مع موظفين متعلمين ومثقفين جداً ولديهم رغبة قوية بالاحتفاظ بوظائفهم. فالديبلوماسيون تتوفر لديهم، دائماً، الفرص  لكشف أسرار حكومية، لكنهم نادراً ما يختارون القيام بذلك. التويتر لا يغير ذلك. هذا أيضاً ليس علم صواريخ. إن كتابة جملة واحدة على التويتر ترويجاً لبرنامج أو لمبادرة حكومية ليس بالأمر الصعب. هناك الآلاف من الخطابات والوثائق المسجلة يمكن الاستخلاص منها والاعتماد عليها وهناك خبراء الاتصالات الداخلية الذين يعدون مادة للإعلام الاجتماعي تكون جاهزة للاستعمال. ورغم أن الأمر غير رسمي، فإن هناك أيضا وظيفة إشراف ومراقبة أيضاً: أرباب العمل يراقبون نشاط المسؤولين الصغار لديهم على الانترنت ويتدخلون إذا ما بدؤوا بالتحرك متجاوزين الحدود المقبولة. هناك أيضاً حروب نفوذ تقليدية تبقي الإعلام الاجتماعي قيد التدقيق: من المرجح تقديم النصيحة للمسؤولين إذا ما شردوا ودخلوا في مجالات هي من مسؤوليات مسؤولين آخرين ( حيث خبرتهم تعتبر أقل). هناك أيضاً حساسية واسعة بخصوص مضامين ما يقال على الانترنت وميل الموظفين لمقاربة استخدام الإعلام الاجتماعي بنفس الطريقة التي يقاربون بها إجراء مقابلة مع وسيلة إعلامية. أخيراً، لا يستخدم الجميع في وزارة الخارجية الإعلام الاجتماعي. وغالباً ما تدار الحسابات من قبل مراكز اتصالات مركزية مجهزة بطاقم من خبراء الاتصالات وكبار المسؤولين، ممن لديهم بالأساس خبرة تواصل علناً.
هناك بالتأكيد جهود لتدريب طاقم العاملين على استخدام الإعلام الاجتماعي وتقديم المشورة لهم، لكن هناك دفع موازٍ أيضاً للتقليل من القوانين والقواعد المنظمة بحيث تزيد الفرصة أكثر أمام القدرة على الخلق والإبتكار. هذا الأمر له ثمن بالتأكيد. ويذكر بعض العاملين شعورهم بالخطر عند استخدامهم الإعلام الاجتماعي. وقد وضعت مقالة عن مناقشة التدوين نشرت مؤخراً في مجلة  "فورين سرفيس جورنال" الأمر على هذا النحو:
بإمكان أي شخص تمت دعوته بغرض التدوين – خاصة أولئك الذين تم استدعائهم أكثر من مرة – أن يخبروكم بأن الجانب الثابت الوحيد لردود فعل وملاحظات الدائرة هو التناقض والتضارب... لقد تم تحذير بعض الأفراد من تعرضهم للضرر في مهنتهم بسبب مدونة أزواجهم – لكن عندما يضغطون على هذا الأمر في اجتماعات لاحقة، فإن شعرهم كان يقف بسبب قوة التهديدات.
في كل الأحوال، لا يزال الدعم على أعلى المستويات للانخراط علناً وابتكار تكنولوجيات جديدة مستمراً بالدفع عكس تيار الرؤى التقليدية الموجودة. فعندما جلبت مدونة DiploPundit " الضيق والإزعاج والوهن لمدوني وزارة الخارجية" لفت ذلك اهتمام كبير مستشاري الوزيرة كلينتون لشؤون الإبداع آليك روس الذي رد قائلاً: " لو أن أسماء الناس الذين يقومون بالتثبيط تقدم لي فإني سأتناول الموضوع مع هؤلاء الأفراد ( أو أرباب عملهم أو أرباب أرباب عملهم) مباشرة". وكانت الرسالة من رب عمل السيد روس، هيلاري كلينتون، في المجالس الخاصة والعامة، جلية لا لبس فيها: كونوا القرن 21.

الاستنتاج

كانت وزارة الخارجية الأميركية أول وزارة خارجية تدرك إمكانات الوسائل الرقمية الجديدة. ورغم أن التبني لا يزال أمر إتمامه بعيداً ولا يزال نشر تلك البرامج الجديدة في مرحلة مبكرة أيضاً، فإنها تعتبرأكثر تقدماً من أية وزارة خارجية أخرى.
لقد كشفت الخرائط بأن الـ ediplomacy قد انتشرت بعض الشيء، عضوياً، عبر وزارة الخارجية من بيتها المبدئي في TaskForce on eDiplomacy. وكما وصف المسألة أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية: لقد كان نمو الـ ediplomacy نموذجياً بالنسبة لمقاربة أميركية؛ القيام بالفعل والقلق بشأن النظرية لاحقاً.
إن الـ ediplomacy ظاهرة جديدة للغاية بحيث كانت فترة حرية الحركة للاختبار والإبتكار مبررة بالكاملة. في كل الأحوال، لقد مضت عشرة أعوام منذ تأسيس Taskforce on eDiplomacy وينبغي أن يكون من الممكن الآن البدء بإرساء إطار مفاهيمي أكثر صلابة للبدء بتوجيه التنفيذ المستقبلي للـ ediplomacy في وزارة الخارجية.
في الوقت الحاضر، لدى كل نقطة من نقاط الـ ediplomacy رؤية لما تقوم به، لكن ما يظهر في معظم المجالات هو أن هناك افتقاراً للوضوح حول كيفية تناسب هذه الرؤية في مجهود الـ ediplomacy على المستوى الواسع لوزارة الخارجية. نتيجة لذلك هناك تداخل هام بين نقاط الـ ediplomacy ومن الصعب لإدارة رفيعة تحديد كيفية توزيع موارد الـ ediplomacy.
 لقد اقترحت هذه الورقة امكانية هيكلة جهود الـ ediplomacy  في وزارة الخارجية في حوالي ثمان برامج عمل مختلفة. وباستخدام الإطار المفاهيمي هذا، تكون الديبلوماسية العامة  حالياً أكبر عنصر موجود في جهود الـ ediplomacy هذه إذا ما قيس الأمر بمصطلحات المصادر والموارد، بالرغم من أنه قد يكون أنفق مقدار أكبر من الأموال على برنامج " حرية الإنترنت"، مع الاستعانة بمصادر خارجية لانجاز قسم كبير من  العمل في هذا المجال.
كما تعرض برامج العمل الثماني أيضاً مجالات أخرى حيث بالإمكان تضخيم عمل الـ ediplomacy المستقبلي، مع " التخطيط السياسي" و" الاستجابة للكوارث"، اللذان يعتبران، بالتأكيد، مجالين لهما أولوية عالية.
أما بالنسبة لوزارات خارجية أخرى كانت مهتمة بتطوير النظرية قبل الانتقال إلى الفعل، فإن الرسالة واضحة. الـ Ediplomacy وصلت. إن الخيار بالنسبة لهذه الوزارات هو إما تبني الخيارات والمكاسب التي تقدمها الـ ediplomacy وإما أن تكون سلبية حيالها لتقوم أحدث هذه الثورات التكنولوجية بتشكيلها ( وتهميشها).
شكر

تم الاضطلاع بهذا المشروع كجزء من Professional Fulbright Anniversery Alliance Scholarship برعاية وزارة الشؤون الخارجية والتجارية الاسترالية وأود أن أخصها بالامتنان والشكر على هذا الدعم، الذي من دونه ما كان هذا المشروع ليكون ممكناً.
كما أود أن أخص بالشكر الصادق " مكتب الـ eDiplomacy"، وقيادته الرفيعة وطاقم العمل المرحب والديناميكي لكرمهم معي بمنحي الوقت والمعارف. كما أود أن أشكر عشرات المسؤولين أيضاً في وزارة الخارجية الذين أعطوني من وقتهم للاجتماع بي في مناسبات عديدة غالب الأحيان، والذين كانت سمتهم الصراحة والصدق في الحديث.
أريد أن أتقدم بجزيل الشكر لرئيسي في العمل، مايكل ويسلي، لسماحه لي بالابتعاد عن مكتبي لإتمام هذا البحث.
جو بوتشر قدم ، كما هو حاله دائماً، تحريراً وبحثاً لا يقدران بثمن.
(*) الصور مقدمة بإذن من وزارة الخارجية.
الكاتب في سطور


فيرغس هانسون  منتدب حالياً إلى " معهد بروكينغز" في واشنطن كزميل زائر في مجال الـ Ediplomacy.
فيرغس هو مدير برامج الاستطلاع في " معهد Lowy" وقد أصدر " استطلاع Lowy " الرائد للمعهد منذ العام 2008.
كان الباحث في Fulbright Professionalالتابع لوزارة الشؤون الخارجية والتجارة ( DFAT) في جامعة جورج تاون.
عمل في DFAT من العام 2004 حتى العام 2007 وخدم في السفارة الأسترالية في لاهاي من العام 2005 وحتى العام 2007 حيث كان مسؤولاً عن العلاقات الاسترالية مع خمس منظمات دولية قانونية.
قبيل الانضمام إلى DFAT كان فيرغس زميلاً في مركز أبحاث Lauterpacht للقانون الدولي في جامعة كامبريدج. ودرس فيرغس أيضاً في جامعتيْ سيدني و Uppsala.
كان فيرغس زميلاً ( Vasey Fellow) في " مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، والمنتدى الباسيفيكي ( Pacific Forum) وذلك من تشرين الثاني 2010 وحتى كانون الثاني 2011.
ـ العودة الى الجزء الاول

ـ العودة إلى الجزء الثاني

موقع الخدمات البحثية