قراءات إعلامية » الخوذ البيضاء تستمر بفركة فيديوهات البطولة حتى في زمن المأساة

عبير بسّام
البارحة تم تداول خبر على وسائل التواصل الإجتماعي مفاده، أن خلافاً نشأ ما بين العصابات الإرهابية المسلحة في إدلب بسبب الخلاف على الإستيلاء على المساعدات المقدمة لمتضرري الزلزال. الخبر لم يكن الأول من نوعه منذ بداية الحرب على سوريا، وإهمال الوضع الإنساني القائم بسبب الزلزال والذهاب نحو اقتسام الحصص ليس مفاجئاً إلا بقدر المفاجأة التي يحملها الخبر بإنعدام الإنسانية في قلوب هؤلاء.

بالطبع الخبر ليس مفاجأً فما أراده هؤلاء انجازه خلال السنين الماضية هو إخضاع سوريا عبر القتل والحصار، ولكن المفاجئ والمؤلم في القضية أمران، الأول هو النداءات التي أطلقتها "المعارضة" السورية بعدم تسليم الغرب المساعدات أو إعطائها للدولة السورية، وهذا موضوع بحد ذاته. والأمر الثاني، هو عودة الفبركات التي عادت لنشرها الخوذ البيضاء، مستغلة الوضع الإنساني في إدلب.

من منًا سينسى العدوان الثلاثي الأميركي ــ البريطاني ــ الفرنسي على سوريا في 14 نيسان/ ابريل من العام 2018. يومها نشرت الخوذ البيضاء فيديوهات مفبركة عن قصف الدولة السورية لقصف كيمائي لخان شيخون ومناطق عدة في محافظة إدلب. يومها تقرر معاقبة الدولة السورية، التي كانت تسجل الإنتصارات تلو الإنتصارات وتحرر أراضها من الإرهاب. وفي الحقيقة كان يومها الرئيس الأميركي دونالد ترامب  يحتاج إلى ما يلتهي به الأميركيون عن الفضائح المالية وغيرها مما ينشر ضده. في هذه الأجواء حيث جاء العدوان كسبب لقصف المناطق التي يتم فيها انتاج السلاح الكيماوي في سوريا، ادعاء كذب نشر روج له من خلال فيديوهات مفبركة انتجتها الخوذ البيضاء في مناطق متعددة في مناطق تواجدها. وكان المطلوب، اذا ما استطاع الأميركي تحقيق أهدافه من العدوان على سوريا، استمرار العدوان في إيران، لأن المعارضين حملوا مسؤولية الهجومات الكيماوية لإيران كما سوريا.

تم انشاء منظمة الخوذ البيضاء وتدريبها على يد رجل المخابرات البريطاني جيمس لو ميسورير ما بين الأعوام 2012- 2013. وخلال العام 2019 وصل منهم 800 عضو إلى بريطانيا وألمانيا بعد تحرير درعا عبر فلسطين ليلجؤوا لدى الكيان الصهيوني الكيان، الذي درب عدد من اعضائهم. تستغل هذه الجماعة المأساة التي تسبب بها الزلزال في كل من سوريا وتركيا، وتستمر اليوم بنشر الفيديوهات والصور المفبركة، التي تننشرها حول انتشال الضحايا، وأكثر هذه الفيديوهات رواجاً كان نشر فيديو عن انقاذ طفل في اليوم الأول للمأساة الكارثية اسمه كرم، حيث خرج الطفل من تحت الأنقاض وهو يضحك ويلاعب منقذيه وثيابه نظيفة وخالية حتى من حبة رمل أو جرح قد يتسبب به حبسه ما بين الأنقاض. طفل كان من المفترض أن يكون نائماً بملابس النوم وليس بكامل لباسه الدافئ. https://www.youtube.com/watch?v=6O5yoqe4_i4

كما نشرت المجموعة صور إنقاذ أحد أعضائها بعد أن أخرجه رفاقه ثم ظهر بينهم في صورة وهو سليم معافى. لا أحد يعلم كيف استطاع هؤلاء اخراج زميلهم وهو لم يصب حتى بجرح واحد، حتى يخيل للمرء ان العناية الإلهية تحمي هؤلاء دون أذى دوناً عن غيرهم من أبناء الشعب السوري الذي تم انقاذهم في حلب وخرجوا محمولين على الحمالات إلى المستشفيات بسبب الإصابات وكانوا منهكي القوى بسبب حجزهم ما بين الجدران المنهارة فوقهم وقد تضرروا بسبب البرد والصقيع، والجروح والرمال تملأ وجوههم.
 
هناك العديد من القصص المنتشرة على اليوتيوب والتي بكل صراحة تعد مهينة للذكاء الإنساني، ولا يعرف إذا ما كانت هذه القصص المنتشرة من قبلهم هي فيديوهات قديمة أم حديثة، أم أنها من مناطق مختلفة. هذا مع العلم أن الأخبار من إدلب تقول، وبحسب شهادة أحد سكان إدلب لموقع "العهد"، وأن من ساعد الناس هم  انفسهم، وأن الكثيرين ماتوا تحت الأنقاض منذ الأيام الأولى لأن أحداً لم يتحرك للمساعدة لأن السلطات التركية كانت أولويتها ومشغولة تماماً بإنقاذ مواطنيها في الأماكن التي ضربها الزلزال وليس لمن من هم في أماكن مختلفة في المناطق المحتلة في الداخل السوري. كما أن الأضرار الكبيرة لم تكن في مدينة إدلب بل في ريفها والذي تهدمت فيه مدن وأحياء بأكملها وزالت عن بكرة أبيها ومعظم البيوت المتهدمة كانت قد أنشأتها المنظمات الدولية خلال سنين الحرب الإثنا عشر كأماكن سكن للمهجرين فيي أرمناز وسلقين وحارم والدانة وسرمدا وجنديرس.

لقد تم ويتم استغلال المأساة في سوريا بأبشع الطرق، إن كان من أجل حصار الدولة في سوريا أو من أجل الترويج لهؤلاء الذين خانوا شعبهم لإثنتا عشة عاماً أذاقوا فيها المناطق التي شغلها الإرهابيون أهالي حمص ودرعا وحلب وشرق الجزيرة السورية وغربها، وهم يستمرون في ذلك في محافظة إدلب وريف حلب، والهدف من وراء ذلك مايزال هو هو: إخضاع سوريا وحماية استمرارية الكيان الصهيوني، والذي لابد أنه زائل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية