مقالات » ماذا تعرف عن السياحة الإسرائيلية في مصر؟

يقصد آلاف الإسرائيليين مصر بهدف السياحة، ويزور أغلبهم أماكن قريبة منهم، وسط إجراءاتٍ أمنية ازدادت شدتها مؤخرًا، بعد عددٍ من الهجمات الدموية التي استهدفتهم خلال العقدين الماضيين، وأثرّت تلك الهجمات بالطبع على أعداد السياح الإسرائيلين الوافدين إلى مصر.

1- طبيعة السياحة الإسرائيلية إلى مصر

بدأ دخول السياح الإسرائيليين إلى مصر عقب اتفاقية السلام «كامب ديفيد» والتي أبرمت بين مصر وإسرائيل برعايةٍ أمريكية عام 1979، والتي تسمح للسياح الإسرائيلين بدخول مصر دون الحاجة إلى تأشيرة سفر، ودائمًا ما يصل الإسرائيليون إلى مصر عبر المنافذ البرية في سيناء، وبالأخص معبر طابا.

ترتكز أغلبية السياحة الإسرائيلية إلى مصر، من خلال أولئك السُياح الإسرائيليين الذين يصلون إلى شبه جزيرة سيناء عن طريق الحدود البرية، بالأوتوبيسات أو وسائل النقل الخاصة كالسيارات والدراجات النارية، خلال عطلة نهاية الأسبوع أو الأعياد الخاصة بهم وبالأخص عيد الفصح، ويحملون أحيانًا الطعام والشراب ليقيموا في بعض البيوت والأماكن البدوية في مناطق كـ«دهب ونويبع وطابا» بالإضافة إلى الإقامة في فنادق شرم الشيخ، بالرغم من التحذيرات التي تطلقها الحكومة الإسرائيلية بين الحين والآخر لمواطنيها لعدم الذهاب لتلك المناطق لأسبابٍ أمنية و«زيادة المخاطر الإرهابية».

وتعتبر تلك المناطق مصدر جذب للإسرائيليين «لأن السياحة أرخص في سيناء عن إيلات، وفي الوقت نفسه طبيعة سيناء تفوق الطبيعة في الشواطئ الإسرائيلية» بحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي عمرو زكريا، الذي يوضح في تصريحاتٍ صحافية «أن التكاليف التي يمكن للإسرائيلي أن ينفقها في فندق ثلاث نجوم في إسرائيل، من الممكن أن يقيم بها في فندق خمس نجوم في سيناء» ولفت زكريا إلى أن أغلب السياح يكونون من الشباب ويفضل معظمهم «الكامبات» عن الفنادق لأنها أرخص.

وبالإضافة إلى ذلك النوع من السياحة فإن الإسرائيليين أيضًا يقصدون محافظة البحيرة للاحتفال بمولد أبو حصيرة باعتباره نوعًا من السياحة الدينية المرتبطة باليهود عمومًا وليس الإسرائيلين بشكل خاص، وكان يعقد هذا المولد نهاية ديسمبر (كانون الأول) من كلّ عام، قبل أن تحكم محكمة القضاء الإداري المصرية بإلغاء الاحتفال بـ«مولد أبو حصيرة» وحظر الاحتفالات به لـ«مخالفتها للنظام العام والآداب»، في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2014.

كما تضمّن الحكم أيضًا، إلغاء قرار فاروق حسني وزير الثقافة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بأثريّة ضريح أبو حصيرة. وشطب الضريح من سجلّات الآثار المصرية، وهو ما أثار حينها انتقاد إسرائيل، ووسائل الإعلام العبرية التي لفتت إلى أن زيارات الضريح تقلصت خلال الأعوام الماضية بعدما بلغت ذروتها في عهد مبارك.

يضاف إلى تلك المقاصد السياحية للإسرائيلين في مصر، زيارة المناطق الأثرية في عددٍ من المحافظات المصرية كالقاهرة والجيزة والأقصر وأسوان، وغيرها من المقاصد الأثرية الشهيرة في مصر، والتي تستلزم أحيانًا الكثير من النفقات المالية لتأمينها، ويلفت المحلل الاقتصادي ممدوح الولي إلى أن الإنفاق الإسرائيلي ليس كبيرًا، ودائمًا ما يستخدمون المواصلات العامة، ويتناولون الأكلات الشعبية في عموم المدن المصرية، ويأتون بسياراتهم الخاصة في سيناء.

اقرأ أيضًا: في البحث عن ماضي الراحلين (1): سُليمان خاطر .. الكرامة مرَّت من هُنا

2- تصعيد الإجراءات الأمنية مؤخرًا

«سوف يفصلونني عن العمل إذا ما سقطت شعرة من شعرات رؤوسكم» هكذا ردّ النقيب المصري محمود، المسؤول الميداني عن تأمين رحلة سياحية إسرائيلية، للصحيفة الإسرائيلية «يديعوت أحرونوت» في إطار حديثه عن شدة الإجراءات الأمنية المتخذة من الجانب المصري لتأمين الرحلة الإسرائيلية إلى مصر.

وشاركت الصحفية الإسرائيلية بالجريدة العبرية سمادار بيري، في الرحلة التي وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي وكانت الأولى من نوعها منذ عامٍ ونصف، بحسب بيري التي زارت مصر مئات المرات، وأكدت زيادة التأمين في تلك الرحلة التي جرت وسط«إجراءات أمنية مشددة لحماية السياح الإسرائيليين على مدار الساعة».

ولفتت إلى أن الحرّاس المصريين كانوا يصرون على رفض الطلبات الإسرائيلية المتكررة بـ«جسّ نبض مصر مشيًا على الأقدام»، وتوضّح «كانت هناك سيارة أمن واحدة تسير دائمًا أمام حافلة السياح الإسرائيليين لتشق لها الطريق وسط الاختناقات المرورية فيما كانت هناك سيارة أمن أخرى تسير خلف الحافلة تحسبًا من أي هجومٍ مباغت أو محاولة اختطاف، ناهيك عن دراجتيْن كانتا تسيران بمحاذاة جانبيْ الحافلة وتطلقان باستمرار صفارات الإنذار».

3- أبرز الهجمات التي استهدفت السياح الإسرائيليين في مصر

وقعت العديد من الهجمات التي استهدفت السيّاح الإسرائيلين في مصر خلال العقدين الماضيين، وآخر هذه الهجمات، ذلك الذي وقع في السابع من يناير (كانون الثاني) 2016، عندما استهدف مسلحون حافلة كانت تُقلّ سياحًا من عرب إسرائيل بالخرطوش والألعاب النارية أمام فندق الأهرامات الثلاثة، ولم يخلّف الهجوم أي إصابات، وتبنّى الهجوم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».

وفي منتصف فبراير (شباط) 2014، وقع انفجار في حافلة عند معبر طابا البري على الحدود المصرية الإسرائيلية، وأدى لمقتل سائق الحافلة المصري، ومقتل ثلاثة سياح كوريين، دون وقوع ضحايا إسرائيليين، وتبنت جماعة أنصار بيت المقدس (التابعة لتنيظم الدولة حاليًا) الهجوم «بتفجير الحافلة السياحية المتجهة إلى الكيان الصهيوني» على حد تعبير البيان.

وفي مارس (آذار) 2013، اختطفت مجموعة من بدو سيناء، سائحًا من عرب إسرائيل يدعى أمير عمر حسن وصديقته النرويجية، لمدة ثلاثة أيام قبل أن يتوسط زعماء العشائر البدوية لتحريره، وقال حسن بعد وصوله إلى منزله إنه «عاش تجربة مخيفة» ولكنه أكد في الوقت ذاته «حسن تعامل الخاطفين» نافيًا «تعرضه للعنف».

وفي السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2004، وقع الهجوم الأكثر دموية على السياح الإسرائيليين في مصر، عندما تعرض منتجع رأس الشيطان، و فندق هيلتون بطابا إلى تفجيرات أسفرت عن مقتل 12 إسرائيليًا، فيما نجى سياح إسرائيليون آخرون من قنبلة انفجرت في اليوم ذاته دون وقوع إصابات، وتبنى الهجوم جماعة تابعة لتنظيم القاعدة.

4- أرقام عن أعداد السيّاح الإسرائيلين في مصر خلال العقدين الماضيين

شهدت أعداد السياح الإسرائيلين الوافدين إلى مصر تباينًا، خلال العقدين الماضيين، فبلغت ذروتها في عهد مبارك فيما تقلَّصت أعدادهم عقب ثورة 25 يناير 2011، ودائمًا ما ارتبط حجم أعداد السياح الإسرائيلين بالمخاطر الأمنية والهجمات التي قد تحيط بهم في مصر.

وفي أحد أكثر الأعوام كثافة في وصول السياح الإسرائيلين إلى مصر كان عام 2004، عندما دخل إلى مصر نحو 389 ألف سائح إسرائيلي، ولكن هذا الرقم انحدر كثيرًا في عام 2005ـ، بعد الهجوم الذي وقع في آخر ثلاثة أشهر من عام 2004، وأسفر عن مقتل 12 سائحًا إسرائيليًا، ليبلغ عدد السياح الإسرائيلين في مصر، لعام 2005، نحو 256 ألف سائح، بتقلُّص أكثر من 130 ألف سائح عن عام 2004.

وتقلص هذا العدد ليبلغ 171 ألف سائح في 2006 وهو ما يمثل نحو 1.9% من حجم السياحة الواصلة إلى مصر بحسب البيانات المصرية، أما في 2007 فقد بلغ العدد 2700 سائح فقط، مما يمثل 0.1% من السياحة الأجنبية الوافدة إلى مصر بحسب البيانات الإسرائيلية.

وفي السنة قبل الأخيرة لحكم الرئيس المخلوع مبارك تدهورت السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر، في عام 2009 ذلك العام الذي شهد اعتداء إسرائيل على أسطول الحرية، وهو اعتداء أبعد السياح الإسرائيليين عن مصر وأثار غضب الخارجية المصرية التي استدعت السفير الإسرائيلي بالقاهرة لإبلاغه رسالة احتجاج مصرية شديدة.

ولكن في عام 2010، بلغ عدد السائحين الإسرائيليين الذين زاروا مصر 226 ألفا و456 سائحًا، وتدهورت حركة السياحة الإسرائيلية إلى مصر نسبيًا بعد ثورة 25 يناير 2011، ومع اقتراب نهاية العام الذي حكم فيه الرئيس المعزول محمد مرسي مصر، تحديدًا في نهاية أبريل (نيسان) 2013، أعلنت وزارة السياحة في دراسة لها عن 38 سوقًا أجنبيًا يصدر السياحة إلى مصر، وعن تحقيق السوق الإسرائيلي زيادة قدرها 95.73% في عدد السائحين الإسرائيليين الوافدين إلى مصر، وزيادة قدرها 53.46% خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) 2013 مقارنة بنفس الفترة من عام 2012.

وفي عام 2016، كشف وزارة السياحة المصرية أن عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا مصر في في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، 148 ألف و336 سائحًا، بزيادة قدرها 8% من نفس الفترة من عام 2014، التي وصل فيها العدد 140 ألفا و425 سائحًا.

وفي نهاية مارس (آذار) 2017، ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن أكثر من 20 ألف سائح إسرائيلي سيتجهون إلى سيناء لقضاء عطلة عيد الفصح على شواطئها بالرغم من تحذيرات الحكومة الإسرائيلية من السفر إلى هناك خوفًا من هجمات محتملة لـ«تنظيم الدولة» تستهدفهم.

وفي 10 أبريل (نيسان) أغلقت السلطات الإسرائيلية معبر طابا حتى 18 من نفس الشهر (الذي يتزامن مع الانتهاء من احتفالات عيد الفصح) لاتخاذ خطوات أكثر جدية لمنع الإسرائيلين من الوصول إلى سيناء، مع فتح المعبر لمن يريرد العودة من سيناء إلى إسرائيل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية